الصفحات

الخميس، 12 مارس 2009

تضامناً مع المعتقلين السياسيين في المغرب

تضامن المجلس الاسلامي للحوار والعدالة والديمقراطية مع المعتقلين السياسيين في المغرب

انطلقت في المغرب بتاريخ 16 أكتوبر 2008 محاكمة المعتقلين السياسيين مصطفى المعتصم أمين عام حزب البديل الحضاري، ومحمد أمين الركالة الناطق الرسمي لحزب البديل الحضاري، و محمد المرواني الأمين العام للحركة من أجل الأمة، والعبادلة ماء العينين عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية والمكلف بلجنة الصحراء،و حميد ناجيبي عضو الحزب الاشتراكي الموحد ، وعبد الحفيظ السريتي مراسل قناة المنار اللبنانية، في إطار ما أصبح يعرف بـ"شبكة بلعيرج" الارهابية المزعومة...

يهمنا ونحن نتابع بقلق بالغ هذه القضية وما عرفته من تجاوزات قانونية خطيرة قبل إحالة الملف على القضاء، وما انتهت إليه من قرار الإحالة على المحكمة، أن نوضح أن هذه المحاكمة تتم في سياق عام يتميز بـردة حقوقية تجسدت في خنق الصحافة الجادة والتضييق على الحق في التنظيم وقمع الحق في الاحتجاج الاجتماعي المدني والسلمي، كما تجسدت في استمرار الاختطافات والاعتقال السياسي.
و في هذا السياق نلفت انتباه الاصدقاء الى أن اعتقال هؤلاء الشباب جاء على إثر تقدم مطالبتهم وجهادهم على طريق تنظيم استقلالية المجتمع عن الدولة والحرص على بناء عقد اجتماعي بروح الإصلاح السياسي والدستوري وبآلية المقاومة المدنية السلمية والقانونية. وبالتالي فإن اعتقال هؤلاء ليؤكد أن الجيوب المقاومة للديمقراطية والمصداقية السياسية قد أرادت من هذا الاعتقال إسكات صوت من أصوات الممانعة في بلادنا، متناقضة بذلك مع كل الشعارات الداعية إلى الديمقراطية والمشاركة في العمل السياسي؛
ـ غير ان المعتقلين ما زالوا يعلنون التزامهم وتمسكهم الثابت والراسخ بالخيار السلمي ونبذهم للعنف في كافة أشكاله وتمظهراته كمبدأ ومنهاج جامع في خطهم العام، وهو الخيار الذي لم يكن تكتيكا أملته مقتضيات الواقع وضغوطاته ، بل هو اختيار طوعي وإرادي يعبر عن قناعة راسخة وإرادة صادقة، وهو الخيار الذي ساهم المعتقلون في ترسيخه ،وبذلك فإننا نعيد تأكيد تمسكنا وتشبثنا ببراءة كل المعتقلين السياسيين مما نسب إليهم من تهم وندعو إلى الافراج الفوري عنهم...
ـ وهنا لا بد من اعادة التذكير بافتقاد المحاكمة لشروط ومقومات المحاكمة العادلة لما شاب هذه القضية من خروقات واضحة منذ الاعتقال ، وانتهاك قرينة البراءة بفعل تصريحات مسؤولين حكوميين ووسائل اعلام أدانت المتابعين، وما كان لذلك من تأثير سلبي على مسار التحقيق في مختلف مراحله؛
ـ ونحيي إجماع الإرادة السياسية الوطنية المغربية على طي صفحة سوداء من تاريخ المغرب وتدشين مرحلة جديدة تقطع مع انتهاكات حقوق الإنسان وتؤسس لسمو القانون وسيادة دولة المواطنة والكرامة الإنسانية على قاعدة الحقيقة والإنصاف والمصالحة (وفي هذا درس للبنان واللبنانيين)، وقد مثلت المصالحة ركنا أساسيا في هذا الإجماع السياسي الوطني المغربي.. وبناء عليه، فإن محاكمة قادة وفاعلين سياسيين معروفين باعتدالهم ووسطيتهم وانفتاحهم متناقض تماما مع روح المصالحة، وهو نكوص مذموم عن ما تم تقديمه من التزامات سياسية وحقوقية من قبل الدولة وعما أعلنته الهيئة الوطنية للإنصاف والمصالحة في تقريرها الختامي.. وخاصة أنه ليس في ماضي هؤلاء المعتقلين السياسيين الستة ما يمكن الاستناد إليه في متابعتهم ومحاكمتهم.
كما أن هذه المحاكمة لا يمكن إلا أن تعطي إشارات سلبية تسيء إساءة بليغة ليس فقط لقادة وفاعلين سياسيين معتدلين وايجابيين، بل أيضا لقيم الاعتدال وأهله، وتشكك في جدية التوجه المغربي الرسمي (الملكي والحكومي)المعلن نحو توسيع دائرة الاعتدال في المجتمع ومحاصرة فكر وثقافة الغلو والتطرف والعنف؛
ـ أن الرجوع إلى أساليب الماضي لحسم الخلاف السياسي بعد الإجماع على المصالحة أمر مضر بما تريد المغرب التوجه إليه وبالمستقبل الديمقراطي والتنموي الذي تنشده، فاستعمال تلك الأساليب لتصفية حساب سياسي أو غيره مع قادة وفاعلين سياسيين منخرطين بايجابية في العملية السياسية الجارية، نقض لروح المصالحة وللإرادة السياسية الوطنية الإجماعية التي ساهم الجميع في بلورتها: السلطة العليا للبلاد، المجتمع السياسي والمجتمع المدني ومختلف الهيئات والفعاليات الوطنية. كما أنه نقض للتدبير الديمقراطي للاختلاف السياسي الذي أقرته وثيقة التقرير الختامي للجنة الوطنية للحقيقة والإنصاف والمصالحة؛
وبناء على ما تقدم، :
أ ـ ندعو إلى إعمال وتغليب العقل والحكمة وذلك بوضع حد لهذه الوضعية غير السليمة، واتخاذ قرار سياسي تاريخي وشجاع يصون عقد المصالحة من التبديد وينصف المعتقلين السياسيين الستة وكافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وذلك بالإفراج الفوري عنهم؛
ب ـ نحيي كل القوى والهيئات والمنظمات والفعاليات العربية والمغربية التي وقفت ولا تزال تقف إلى جانب المعتقلين السياسيين الستة دفاعا عن الحق والعدل مجسدة بذلك خط الوفاء للدفاع عن الحرية والكرامة والديمقراطية والحق والمواطنة الكاملة، وفي نصرة قضايا حقوق الإنسان وحقوق أمتنا في الانعتاق من كل أشكال الظلم والحيف السياسي والاجتماعي، كما نحيي الهيئات الحقوقية الدولية التي تقف بجانب المعتقلين السياسيين الستة...


الدكتور سعود المولى
رئيس المجلس الاسلامي للحوار والعدالة والديمقراطية