الصفحات

الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

رسالة سحر بعاصيري الى زملائها وزميلاتها في النهار

الزملاء والزميلات

بداية، أريد أن أؤكد ان قرار الادارة الجديدة لـ "النهار" انهاء عقد عملي لن يغيّرمن كون "النهار" التي عشتها نحو 30 عاما ستبقى جزءًا من عقلي وقلبي وضميري. هي المدرسة التي تعلّمت فيها أصول المهنة وأخلاقها. هي مساحة الحرية والإنفتاح التي تربيّت عليها وكبرت فيها. هي "نهار" غسان تويني ورفاقه الكبار التي اعطتني الكثير وأغنتني والتي، بتواضع اقول، انني أيضاً أعطيتها وأغنيتها في أكثر من زاوية.

لا أكتب اليوم انتقاصاً من حق "النهار" في إعادة هيكلة وضعها بالشكل الذي يناسبها بما في ذلك الإستغناء عن خدمات من ترى انه بات يشكل عبئا اقتصادياً (او حتى غير اقتصادي!؟) عليها، بل أكتب لاقول انه كان حرياً بهذه المؤسسة التي طالما تغنّت بحداثتها وليبيراليتها أن تبدأ، ولو وفاء لصورتها، إعادة الهيكلة عن غير طريق الصرف الجماعي والتعسّفي.

كان يمكنها مثلا إعادة التفاوض مع من تعتبرهم أصحاب رواتب مرتفعة على تخفيض رواتبهم.

اوكان يمكنها الطلب الى المحررين والموظفين التي ترغب في إنهاء خدماتهم ان يتقدموا باستقالاتهم طوعا مقابل تعويضات مناسبة.

هذا ما فعلته مؤسسات اعلامية في السابق وهذا ما بات نمطا سائدا اليوم في المؤسسات الحريصة على سمعتها.

بل كان يمكنها، وقد اتخذت قرارها بالصرف، ولو التعسفي، أن تقرنه بقليل من الوفاء، كأن تنوّه علناً بما قدّمه المصروفون الى "النهار" على اختلاف مواقعهم المهنية.

لكنها لم تفعل. وبذلك انتقصت من كرامة المعنيين واستخفّت بماضيهم ومهنيّتهم، غير مدركة انها في الوقت نفسه تنكر على نفسها جزءًا من تاريخها وماضيها.

هذه "النهار" لم تعد تشبهني او أشبهها.

اما فيما يتعلق بي شخصياً، فما أسمعه من كلام لتبرير قرار صرفي، فيه من التشويه والمبالغة ما يكفي لانتفاء صدقيته. وهذا يعفيني من الحاجة الى اي رد او توضيح. فما يهمني الان هو طي هذه الصفحة من دون تشويه صورة "النهار" التي عشت وأحببت. "نهار" الكلمة الصادقة والقيَم. "نهار" الكلمة الحرة ومن استشهد دفاعاً عنها، "نهار" سمير قصير وجبران تويني.

ذه "النهار" افتقدها وسيفتقدها كثيرون غيري. لكن، ذكراها ستبقى معي وانا أتابع حياتي المهنية في مجالات جديدة وفي رحاب أوسع.



سحر بعاصيري

6 تشرين الاول 2009