الصفحات

الثلاثاء، 12 يناير 2010

سعيد منتظري يتحدث من "قم" عن إيران المستقبل

سعيد منتظري يتحدث من "قم"عن إيران المستقبل !
تحدّث سعيد منتظري، إبن آية الله الراحل حسين علي
منتظري، لمجلة "دير شبيغل" حول المسؤولين عن وفاة والده قبل أيام، وعن فرص نجاح الإصلاحيين، وعن الأسباب التي تجعل أحمدي نجاد غير مؤهّل للرئاسة. وقال أن والده كان ثابتاً في اعتقاده بأن خامنئي لا يملك المؤهلات لمنصب القائد الأعلى.
شبيغل: حجة الإٍسلام منتظري، لقد اتصلنا بك على هاتفك النقال. أين أنت الآن؟ وهل تخضع للإقامة الجبرية؟
سعيد منتظري: أنا في منزلي بـ"قم". رسمياً، تحركاتي غير مقيدة. ولكن مصاريع النوافذ تهتزّ بين حين آخر. إن رعاع النظام يريدون إستفزازي في ما يبدو. إن رجال الأمن يسيطرون على مكتب والدى. أما "حسينيّته" فقد أقفلت قبل 12 عاماً واحتلها الرعاع.
شبيغل: هل أتيح لك على الأقل أن تقيم مأتماً لائقاً لوالدك الذي كان رجل دين يحظى باحترام كبير جدا وأحد رعاة حركة المعارضة؟
سعيد منتظري: أظهرت قوى الأمن ضبطاً للنفس في الساعة الـ24 الأولى بعد وفاته فقط. وفور انتهاء الجنازة، بدأت أعمال الشغب أمام منزل والدي وبدأوا يردّدون شعارات مهينة بحقّه.
شبيغل: من هم؟ هل هم جنود أو رجال شرطة؟
سعيد منتظري: كلا، القوات النظامية اكتفت بالتفرّج على ما يجري. إن ميليشيا "الباسيج"، التي كان واضحاً أن النظام قد أرسلها، هي التي أصبحت عنيفة. ولكن، وللمرة الأولى في "قم"، فقد وقعت مظاهرات مضادة كانت تهتف "ليسقط الديكتاتور"! الوضع الراهن غير قابل للإستمرار.
.
شبيغل: صادف "أسبوع" والدك إحتفالات عاشوراء. وفي طهران ومدن كبرى أخرى، تصاعد العنف وسقط 8 قتلى على الأقل....؟
سعيد منتظري: .. والحكومة هي التي تتحمّل مسؤولية تصاعد العنف.
شبيغل: ولكن ظهر أن هنالك استعداداً جديداً لدى المحتجين لاستخدام العنف. لقد أحرقوا سيارات الشرطة، وهاجموا ميليشيا "الباسيج"؟
سعيد منتظري: الناس العاديون لا يملكون مصلحة في إحراق ممتلكات الآخرين. كانوا يريدون التظاهر دفاعاً عن حقوقهم المشروعة، والدولة هي التي استفزّتهم.
شبيغل: هل كان والدك، الذي طالما دعا في فتاواه إلى معارضة غير عنيفة، سيوافق على آرائك هذه؟
سعيد منتظري: بدون أدنى شك. لقد دأب والدي على التنديد بوحشية الدولة وأكّد أن هنالك حقاً دينياً، بل وواجباً دينياً، في الوقوف ضد الحكام الذين يسيئون استخدام سلطتهم. إن التزامه بهذه القضية قد أنقص سنوات من عمره. ومع أن سبب موته كان أزمة قلبية، فإن النظام مسؤول جزئياً عن موته، وذلك ليس فقط بسبب إصطهادهم له. كان والدي مكتبئاً جداً بسبب ما قام به النظام ضد الشعب في الأشهر الأخيرة.
شبيغل: هل كان والدك، في آخر أيامه، يشعر بأن الجمهورية الإسلامية ما تزال تملك حظاً بالبقاء؟ وهل تؤمن أنت شخصياً بمستقبل حكم رجال الدين؟
سعيد منتظري: حتى النهاية، كان والدي يأمل أن أصحاب السلطة سيعودون إلى وعيهم وسيوفّروا على الشعب الأضرار الجسيمة. أنا شخصياً أعتقد أن الشكل الذي سيتّخذه مجتمعنا في المستقبل ليس مهماً جداً. إن إيران يمكن أن تكون جمهورية إسلامية، أو جمهورية علمانية، أو حتى، في ما يتعلق بي شخصياً، نظاماً ملكياً. المهم هو أن يكون باستطاعة الناس أن يعيشوا في حرية وبحبوحة، وأن تُتاح لهم حرية الحركة، وأن تكون أصواتهم مسموعة.
شبيغل: هل مثل هذا الإنفتاح ممكن في ظل القائد الأعلى آية الله علي خامنئي؟
سعيد منتظري: تصعب الإجابة على هذا السؤال. إن على المسؤولين أن يعتذروا عن الأعمال الشريرة والإجراءات القمعية التي اتخذوها بحق الشعب في الأشهر الماضية. إن اعتذارهم سيكون أحد شروط بقاء الجمهورية الإٍسلامية. كما ينبغي أن تذهب الرئاسة، بعد استقالة أحمدي نجاد، إلى المرشّح الذي أحرز أكبر عددٍ من الأًصوات: مير حسين موسوي.
موسوي وكرّوبي يتحدثان بلغة قسم من المعارضة فحسب
شبيغل: هل تعتقد أن موسوي هو الرجل المناسب لرئاسة إيران؟ أليس رئيس الحكومة الأسبق سياسياً من الماضي؟
سعيد منتظري: لم يزعم موسوي يوماً أنه زعيم الحركة. وفي ما يتعلق بمستقبل إيران، فلا بد من الدعوة لانعقاد مجلس يضمّ كلاً من موسوي ومهدي كروبي، والرئيس الإصلاحي السابق الذي يحظى باحترام كبير، محمد خاتمي. كذلك، ينبغي أن يشارك فيه الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني. إن هؤلاء جميعاً أصدقائي، وأنا أشاركهم في مواقفهم. لقد حضر موسوي وكرّوبي مأتم والدي وقاما بزيارة- غير سياسية- إلى منزلي لتقديم التعازي. أنا لا أتصوّر أن أقوم بدور إستشاري. أنا أرى نفسي كناشط دفاعاً عن حقوق الإنسان، وليس كشخص منخرط في السياسة.
شبيغل: هل يمكن الفصل بين هذين الدورين في الوضع الراهن؟
سعيد منتظري: معك حق، ذلك صعب في إيران حالياً. في هذه الأيام، فإن كل ضابط شرطة عادي، وكل تاجر في "البازار"، وكل معلّم مدرسة، بات ناشطاً سياسياً. حينما تتصاعد الأمور، فإن الذين يحتلون الصفوف الأولى يكونون عادة من الشبان، من بين الطلاب والعمال. ولكن المظاهرات السلمية الآن باتت تضم أفراداً من كل فئات المجتمع ومن جميع الأعمار- رجالاً، ونساءً، نساءً متدينات جداً ومحجّبات بالكامل، ونساء ممن يحملون أفكاراً أكثر علمانية وممن ينبذن الحجاب. إن موسوي وكرّوبي يتحدّثان بلغة قسم من المعارضة فقط...
شبيغل: ... ومع ذلك، يشعر المرء أحياناً أنهما يلهثان خلف الحركة. ألم يصبحا، في الواقع، مجرّد رمزين للمعارضين، في حين أن الأشخاص المستعدين للمواجهة هم الذين يقرّرون كيفية تطوّر الوضع؟
سعيد منتظري: لقد شدّد موسوي وكرّوبي باستمرار على أنهما لا يمثّلان كل الناس الذين يشعرون بخيبة أمل. كما أنهما لا يؤيدان العنف. لقد طلبنا، أنا وأصدقائي، من المتظاهرين باستمرار أن يحافظوا على هدوئهم، وأن يتحلّوا بالصبر. إن مشكلة مثل مشكلة مجتمعنا لا يمكن أن تجد حلاً في يوم واحد. ولكن، إذا ما ووجه الشبّان بوضع يرون فيه أصدقائهم وهم عرضة للضرب، أو الإعتقال، أو حتى للقتل في الشوارع، فإن أية مساعي لإقناعهم بممارسة الإعتدال سوف تفشل. ولأكون صادقاً معك فإنني أفهم رد فعلهم ، ولو أنني لا أوافق عليه.
شبيغل: لقد قُتِل إبن شقيق موسوي أثناء إحتجاجات عاشوراء. هل تعرف تفاصيل إضافية حول الحادثة؟
سعيد منتظري: لم يُقتَل بطريق الصدفة. لقد كان مقتله عملية إغتيال لا شك فيها. وقد سمعنا من عدة مصادر أن السلطات خطّطت لاغتياله قبل مدة طويلة، وأنها هي التي نفّذتها. ويمكن أن يكون هذا الإغتيال بمثابة تحذير لموسوي نفسه. أنا لا أملك مواهب لمعرفة الغيب، ولذلك فأنا لا أعرف إذا كان موسوي سيُقتَل في يومٍ ما، أو ما إذا كان النظام سيعتقله. إن نتائج قتله أو اعتقاله ستكون وخيمة جداً.
شبيغل: ماذا يمكن أن تكون النتائج؟
سعيد منتظري: لقد ثبت مرة بعد الأخرى أن الآلام والضحايا جزء من المسارات التاريخية، حيث يتم إعتقال وتعذيب وإعدام أعداد من الناس. وكثيرون يفقدون عائلاتهم كلها. ولا يمكن تقييم الحصيلة سوى بعد وصول هذه المسارات التاريخية إلى مآلها. إن زعيم الثورة آية الله الخميني قال يوماً: "إن آباءنا ليسوا أوصياء علينا، فمن أعطاهم الحق في أن يقرّروا عنّا شكل الحكومة التي نخضع لها نحن؟"
شبيغل: هل تتوقّع أن تشهد تطرّفاً ثورياً، مع حمّامات دماء؟
سعيد منتظري: آمل ألا تحدث الأمور على ذلك النحو. فما زلت آمل في أن يعي المسؤولون واقع الحال، وأن يقبلوا بالمساومات وأن يختاروا طريق المصالحة الوطنية. أما إذا لم يفعلوا، فإن إيران ستكون بعد عام واحد في وضع أسوأ مما هي عليه الآن.
شبيغل: بعد عامٍ من الآن سيظل أحمدي نجاد رئيساً، وسيظل خامنئي القائد الديني الأعلى؟
سعيد منتظري: أحمد نجاد ليس مؤهلاً لمنصب الرئاسة.
شبيغل: إذا، ما هو المنصب الذي يمكن أن يكون أحمدي نجاد مؤهلاً له؟
سعيد منتظري: ربما يكون مؤهلاً لمنصب محافظ مدينة صغيرة. أما بالنسبة لخامنئي، فأنا لا أرغب في التعليق. أما والدي فقد ظل ثابتاً على قناعته بأن خامنئي لا يملك المؤهلات لمنصبه الحالي.
شبيغل: بالإدلاء بمثل هذه التصريحات، فإنك تعرّض نفسك للإعتقال. ألا تخشى على نفسك وعلى سلامة أسرتك؟
سعيد منتظري: لقد دخلت السجن عدة مرات. وقبل مدة قريبة، أمضيت 325 يوماً في الحجز الإنفرادي. لست خائفاً. يمكنهم أن يعتقلونني إذا أرادوا. أنا مستعد".