الصفحات

الخميس، 8 ديسمبر 2011

الشعائر الحسينية بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي

عصام الطائي
يوجد هناك نمطين من المرجعية حيث ان الشيعة الامامية لها مرجعيتين وليس مرجعية واحدة ونفس القضية في الشعائر الحسينية ينطبق عليها نفس الحالة اذ هي تتراوح بين تشيعين التشيع العلوي والتشيع الصفوي ويتضح هذا الكلام من خلال وجود مجموعة من المنطلقات والتصرفات التي تجعلنا نميز كلا النوعين.
أولا : ففي مجال الشعائر يركز التشيع الصفوي على احياء الشعائر الحسينية من منطلق الشكل وليس المضمون من خلال اقتباسه مجموعة من الشعائر لا تنسجم مع منطلقات العقيدة الإسلامية منها التطيير والضرب بالسلاسل وكثير من الممارسات الأخرى المقتبسة في كثير من الأحيان من مصادر غير إسلامية لذلك من الصعوبة ان تكتسب المشروعية وخصوصا اذ ما نظرنا اليها من ناحية العناوين الثانوية التي قد تكتسب هذه الشعائر الحرمة خصوصا مع الإساءة الى الإسلام من خلال بناء صورة سلبية للإسلام.
ثانيا : نظرنا الى نوعية الخطاب من قبل التشيع الصفوي فلا يعير هؤلاء أهمية لقيمة الكلمة ومدى فاعليتها في التأثير على النفس باعتبار ان نوع الكلام يعبر عما يعتقد صاحبه فالتشيع الصفوي لا يعير أهمية للمضمون بل مجرد أي كلام شكلي حتى لو لم يكن له محتوى فكري اما أصحاب الاتجاه العلوي حينما يحيون تلك المجالس يركزون على المضمون الفكري مما يجعل نوع من التفاعل الواقعي مع الأحداث فتكون هناك تفاعل الكثير مع أصحاب هذا الاتجاه بخلاف التشيع الصفوي فيظهر صورة سلبية وبالتالي يؤدي الى النظر الى تلك الشعائر بصورة تظهر التشيع يحمل أفق ضيق.
ثالثا : أسلوب الخطاب في التشيع الصفوي يتسم الاهتمام بالأمور الثانوية وليس الجوهرية في ثورة الامام الحسين ع لذلك يذكر الخطباء كل من يجول بخاطرهم حتى بدون النظر الى الأفكار التي تطرح من حيث مصداقيتها او عدم مصداقيتها لذلك نلاحظ في كثير من الأحيان ينسبوا أمورا ليس لها واقعية وقد ذكر جملة من المفكرين بعض تلك الممارسات السلبية وأثره السلبي على التشيع وبالتالي على الإسلام منها كتاب مرتضى مطهري في الملحمة الحسينية والسيد من محمد الصدر في كتاب شذرات من فلسفة تاريخ الحسين وكذلك كتابه أضواء على الثورة الحسينية وعلي شريعتي في جملة من كتابته خصوصا كتابه التشيع الصفوي والتشيع العلوي والعلامة محسن الأمين في رسالته المعروفة والمشهورة رسالة التنزيه للشعائر الحسينية الا ان البعض وقف ضده متهمن إياه بشتى الاتهامات مع علميته الواسعة والاحترام الكبير له من قبل الفقهاء اما بالنسبة الى كتاب الملحمة الحسينية للمطهري حاول البعض من إظهار جمل من الادعاءات الواهية ان الكتاب ليس لمرتضى مطهري وبعض الفقهاء تعرضوا الى الإعدام المعنوي من خلال الإساءة اليهم من خلال اتهامهم بشتى الاتهامات كل ذلك بسبب سيطرة اتجاه التشيع الصفوي على كثير من الفعاليات في الساحة الشيعية اما محمد الصدر فتهم كذلك بشتى الاتهامات الا ان كل هذه الأمور لا تطفئ النور الساطع للتشيع العلوي .
رابعا : اما بالنسبة الى الجمهور قد تلاحظ جملة من التصرفات التي قد تسيء الى الآخرين من جراء تعاملهم مع الآخرين بينما لو لاحظنا أخلاق الامام الحسين ع وأصحابه لرأينا تلك الأخلاق السامية والمثل العليا ومدى تحلي هؤلاء بالروح الإسلامية والتي من خلالها نلاحظ تفاعل هؤلاء مع معطيات الرسالة بصورة يجسدون فيها من خلال مضامين الرسالة بكل ما تحمل من قيم ومثل ومبادئ الا ان البعض نتيجة لاهتمامه بالشكل أي مجرد تأدية الشعائر حتى لو جرح الآخرين بكلام او سلوك لذلك نرى أصحاب التشيع العلوي يركزون على المضمون لأنهم يشعرون ان الأساس هي تلك القيم العليا التي لا بد من الذي يحي تلك الشعائر ان يتحلى بها بخلاف أصحاب التشيع الصفوي الذي ترى قد يكون بعض الناس ليس له أي التزام ديني او أخلاقي لذلك نلاحظ تركيز هؤلاء على تأدية تلك الشعائر بدون النظر الى المضمون الفكري والأخلاقي والعقائدي.
خامسا يوجد صراع فكري بين هذين المنهجين لان كل اتجاه يحاول او يقدم أجندته ومن خلال رؤيتنا للفكر نلاحظ عظمة المباني الفكرية والعقائدية لمدرسة أهل البيت ع من حيث وصولها الى أفاق عليا في النضوج الفكري الا ان المرجعية التقليدية لم تمارس دورها المطلوب في توجيه الناس باعتبار لها فهم ساذج للأمور لأنها تتصور ان دورها يقتصر على ابداء الفتاوى كحكم كلي فليس من وظيفتها التدخل في الموضوعات علما ان الموضوعات لها درجات مختلفة فهناك أمور يتوجب على الفقيه التدخل بها وهناك أمور أخرى يمكن إرجاعها للمكلف نفسه وليس بالضرورة ان يتدخل الفقيه كما في تشخيص النجاسة الخارجية والشعائر الحسينية من الأمور الجوهرية التي يتطلب موقف حاسم من قبل المرجعية منها عدم تصوير التطيير عبر القنوات الفضائية وحصره كمرحلة أولى في اماكن مغلقة الى ان تتوفر الظروف لمنعه نهائيا .
سادسا : المشكلة الأخرى لدى البعض هو المبالغة في تصورهم للأحداث بصورة تتسم بالمبالغة وسوء الفهم مما يجعل ان يستعمل البعض الرمزية أكثر مما هو متعارف مما يخلق حصول ضبابية في الأحداث وبالتالي تصورهم الخاطئ للواقع الخارجي مما يسبب سوء معالجة للأمور وبالتالي الى زيادة المشاكل والأزمات لذلك نلاحظ من قبل البعض انه لا يركز الا على نقل الروايات التي بها نوع من المبالغة من دون التأكيد من صحتها.
ثامنا ان مشكلة التشيع اليوم تكمن في التشيع الصفوي فله شبكة واسعة من وسائل الاعلام لا يعرف من أين مصادرها وكثير ومن وسائل التأثير على الجمهور وبالتالي نتيجة ذلك لا تظهر تلك الممارسات السلبية الصورة الايجابية للتشيع علما ان الفكر الشيعي وصل الى أفاق عليا في شتى المجالات في الفقه والأصول والعقائد والمنطق والفلسفة وعلم الكلام والتفسير وشتى العلوم بفضل ما يتصف التشيع من وجود إمكانيات هائلة له لقد وقف الكثير من رموز التشيع الصفوي حجر عثرة بوجه التشيع العلوي لذا المطلوب اليوم زيادة فعالية الفرز بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي لتتبين للناس حقائق الإسلام الناصعة وذلك يحتاج التركيز على هذا الفرز لأنه عنصر مهم في الإصلاح والتغير والبناء وبالتالي الى بناء كتلة تعمل على جعل تلك الشعائر تنطلق من تصورات ومفاهيم صحيحة لا لبس فيها . ملاحظ : التشيع الصفوي وان كان ينسب للصفويين ان كل من يتصف بأمور معينة يحسب على هذا الاتجاه حتى لو كان عربيا او كرديا او تركمانيا او غيرهم..