الصفحات

الثلاثاء، 1 مارس 2011

القبائل..عامل الحسم في إسقاط القذافي

(خريطة معلوماتية)

موقع أون إسلام
تتوالى الأنباء عن انضمام قبائل ليبية كبرى للثورة الشعبية في ليبيا بشكل يقلب موازين القوى على الأرض لصالح الثورة مما قد يسرع بسقوط النظام الليبي في وقت قياسي. هذه التحولات على الأرض أربكت حسابات النظام الليبي لتضعه في موقف ضعيف للغاية.
ومما لا شك فيه أن العامل القبلي الذي يميز ليبيا عن ثورتي تونس ومصر سيكون له الكلمة الفصل في حسم المواجهة بين القذافي والمحتجين . فعلى عكس مصر وتونس يغلب على المجتمع الليبي الطابع القبلي مثله تماماً مثل المجتمع اليمني، حيث يلعب هذا العامل دوراً كبيراً في نجاح الثورة أو فشلها، في بقاء النظام أو سقوطه.
وتزيد أهمية دور القبائل الليبية في حسم الصراع بسبب عدم وجود جيش قوي في ليبيا على غرار مصر وبدرجة أقل تونس. فالزعيم الليبي كان يخشى الجيش، ولا يثق به، ويعتبره خطراً على نظامه، ولهذا قرر حله تحت مسمى 'الشعب المسلح' كبديل. هذا لا ينفي ان هناك بقايا للجيش في ليبيا، ولكنه ضعيف التسليح، ومشكوك في ولائه، وهذا ما يفسر لجوء الزعيم الليبي الى تعزيز دور الميليشيات وكتائب الأمن الخاصة التي يرأسها أبناؤه أو أفراد قبيلته.
وعلى الرغم من سياسة النظام الليبي المعتادة في الإيقاع بين القبائل المختلفة لضمان عدم توحدهم ضده، إلا أن هناك عاملين رئيسيين دفعا القبائل لتناسي خلافاتهم والاتفاق على مناهضة النظام وهما فداحة المجازر التي قام بها النظام لسحق الاحتجاجات، مما دعا العديد من القبائل إلى أن تنوء بنفسها عن تلك الجريمة التي يصعب نسيانها ودعوة أبنائها المنضوية في الكتائب الأمنية التابعة للقذافي لترك الخدمة والانضمام للمتظاهرين، أما العامل الثاني فهو استعانة النظام ببلطجية من دول إفريقية... فقيام أجانب بقتل ليبيين حتى وإن كانوا من قبائل أخرى أو على خلاف معهم، أمر غير مقبول لدى القبائل العربية الأصيلة.
للمجتمع الليبي نسيج متشابك من الجماعات والقبائل التي لا يمكن حصرها، وتمثل القبائل العربية نسبة (97%)، بينما لا تتجاوز نسبة قبائل البربر (3%).
وفيما يلي استعراض لأهم وأكبر القبائل الليبية ومواقفها من حركة الإحتجاجات الشعبية المنتشرة عبر أرجاء ليبيا:
قبيلة القذاذفة...معقل رأس النظام
ينحدر الزعيم الليبي معمر القذافى من قبيلة القذاذفة والتى تسيطر على أجهزة الأمن والمليشيات التابعة للنظام، وهناك أتهامات لهم بالضلوع فى إطلاق نار على المتظاهرين، وتتركز قبيلة القذاذفه في سرت وسبها وينتشرون في طرابلس وبنغازي.
وهناك أنباء عن وجود مظاهرات منددة بالقذافي في مدينة سبها والتي ينحدر منها الزعيم الليبي.
قبيلة ورفلة.....تقلب الموازين
أعلنت قبيلة ورفلة أكبر قبائل ليبيا ويقدر عددها مليون نسمه مساء الأحد الموافق 20 فبراير الانضمام إلى الاحتجاجات المناهضة للنظام. وتنتشر قبيلة ورفلة فى مدن بني وليد وسرت وطرابلس وبنغازي.
انتفضت قبيلة ورفلة أكبر قبائل المنطقة الغربية وانضمت للثوار مما يقلب الموازين لصالح الثورة، ويعجل بسقوط نظام القذافى لما لهذه القبيلة من تأثير لكثرة عددها وتاريخها السابق فى محاولة الثورة والانقلاب على نظام القذافى بمساعدة أبنائها الضباط الذين كانوا منتشرين في الجيش وقتها وتعرضوا للقتل والسجن والتضييق عليهم من وقتها.أكد مراقبون وسياسيون إن موقف القذافى بعد انضمام هذه القبيلة إلى الاحتجاجات، قد ضعف لدرجة كبيرة، لما لهذه القبيلة من أصول عرقية متجذرة فى كافة المناطق الليبية.
قبيلة ترهونة ...تنضم إلى الثورة
انضمت قبيلة ترهونة إلى ورفلة، وهما أكبر قبيلتين في ليبيا ويناهز عددهم مليونين، إلى المتظاهرين ضد نظام معمر القذافي. وتنحدر ترهونة من قبيلة هوارة والتى تنتشر من تاورغاء حتى مدينة طرابلس.
في الوقت نفسه، صرح المتحدث باسم قبيلة ترهونة عبد الحكيم أبوزويدة أن شيوخ قبيلته، التي تشكل ثلث سكان العاصمة طرابلس، أعلنوا تبرؤهم من النظام وانضمام القبيلة للمتظاهرين ضد "الطاغية" ودعوا أبناء القبيلة للانضمام إلى الثورة.
وأضاف أن شيوخ القبيلة التي ينتسب إليها معظم جنود الجيش سعوا إلى توعية أبنائها خاصة الجنود بتاريخ قبيلتهم وعدم الانسياق وراء الفتنة التي دعا إليها سيف الإسلام بعد أن قام النظام بتسليح العديدين.
قبيلة الزوية...تهدد بوقف تدفق النفط
انضمت قبيلة زوية، والتي تقطن جنوب ليبيا في المناطق النفطية، إلى الثوار وهددت بوقف تدفق النفط إلى البلدان الغربية في حال عدم وقف قوات الأمن إطلاق النار على المتظاهرين.
وقال فرج الله الزوي أحد مشايخ قبيلة الزوي إن القبيلة "توجه إنذارا" إلى القذافي ومهلة 24 ساعة لحقن الدماء وقمع المتظاهرين، وإلا فستضطر القبيلة إلى وقف تدفق النفط إلى البلدان الغربية.
قبائل الطوارق...تهاجم مقرات النظام
قامت قبائل الطوارق في الجنوب بالانضمام للثورة ومهاجمة مقرات تابعة للنظام، يعيش الطوارق والملقبين بـرجال الصحراء الزرق في الجنوب الليبي حول غدامس وفي غات وجانيت وسهول ادرار، ولهم امتداد في دول الجوار- وخاصة الجزائر و النيجر و مالي - ويشتهرون بزيهم واللثام، والطوارق مسلمون سنيون مالكيون ، ولهم نفس هوية سكان شمال افريقيا ويتحدثون اللغة الأمزيغية بلهجتها الطوارقية.
وبدورها أكدت قبائل الطوارق جنوب ليبيا -في اتصال هاتفي لأحد أبنائها آكلي الشيخا مع الجزيرة من بروكسل- تأييدها للمطالبين بإسقاط نظام القذافي.
قبيلة الزنتان ....وقوة الجيش
وكانت قبيلة الزنتان قد سبقت بالانضمام للثورة، إضافة إلى حدوث انشقاقات واسعة بالكتائب الأمنية وانضمام كثير منها للثوار والتصدي للمرتزقة وبعض حرس القذافى الذين يشنون حربا على الشعب مستخدمين الأسلحة العسكرية الخفيفة والثقيلة، وقبيلة الزنتان من كبريات القبائل الليبية العربية وتقتن في منطقة جبال نفوسة.
قبيلة بنى وليد...ترفع راية العصيان
بادرت بنى وليد بسحب أبناءها من القوات الأمنية، عندما علم المواطنون في بني وليد بأن العميد عبدالله السنوسي صهر القذافي المكلف بالسيطرة على مصراته يستخدم أبناء بني وليد في الكتائب الأمنية مع المرتزقة الأفارقة لقمع المتظاهرين في المدن الأخرى.
اتصلت العائلات من بني وليد بالجنود وطالبوهم بالرجوع و عدم التعرض لأي متظاهر في مصراته أو أي مدينة أخرى و الرجوع إن أمكنهم ذلك. فعندما وصلت بعض الحافلات الناقلة لهم الى مصراته تركوا مواقعهم و التحقوا بالمتظاهرين. أما الذين لازالوا في بني وليد فعلموا هم أيضا بالأمر فتمردوا وفروا من المعسكر. فمن المعلوم أن مصراته و بني وليد تعتبران مدينتان مترابطتان إداريا و اجتماعيا.
قبيلة العبيدات...تحدث إنشقاقات فى قوات الأمن
مارست قبيلة العبيدات الضغط على أبنائها للانسحاب من القوات الأمنية الموالية للنظام. وتواردت أنباء تفيد أن اللواء عبد الفتاح يونس العبيدي، وزير الأمن العام قد انشق على القذافي، بضغط من قبيلته العبيدات، وهي أحد أكبر القبائل الليبية. كما نشرت أخبار عن انشقاق اللواء سليمان محمود العبيدي، بضغط من قبيلته والتي وعدته بتناسي كل ما فعله منذ انقلاب سبتمبر 1969. كل هذا أسهم في زيادة وتيرة الإنشقاقات فى صفوف القوات الموالية لعبد السلام جلود وتفتيتها.
قبيلة المقارحة...لم تحسم موقفها بعد
ويرى بعض الليبيين أنه يبقى الأمل في انضمام قبيلة المقارحة بالمنطقة الغربية المنتمي إليها رجل القذافي عبد السلام جلود، والتي ستعجل بسقوط النظام، ومن المتوقع انضمامها للثوار في أي لحظة بعدما تأكد الجميع أن الثورة في طريقها للنجاح. وتعد قبيلة المقارحة من أهم القبائل الليبية.
وفى النهاية، التحول في مواقف كبريات القبائل الليبية نحو خيار الثورة قد يدفع باقى القبائل الأخرى إلى حسم موقفها فى القريب العاجل لصالح الثورة، ويحاول العقيد معمر القذافى تدارك الموقف بأى طريقة عبر عقد اجتماعات موسعة مع شيوخ القبائل لدعوتهم لوقف الاحتجاجات. ولكن يبدوا أن الانتفاضة الشعبية الليبية قد وصلت لمرحلة اللاعودة!.

شيخ الأزهر: لا يجوز للجيش الليبي إطاعة القذافي

شيخ الأزهر: لا يجوز للجيش الليبي إطاعة القذافي

القاهرة - أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ان النظام الليبي بقيادة العقيد معمر القذافي فقد شرعيته نهائيا ولا يجوز للجيش الليبي أطاعة اومره فيما يتعلق بمواجهة مظاهرات الشعب، وإلا أصبحوا شركاء له في الجرم .
وقال شيخ الأزهر في بيان له:"لقد تابعت بقلب مثقل بالألم الأحداث الدموية في ليبيا الشقيقة، وسبق أن أصدرت بيانا صريحا بأن ثوار ليبيا الأبطال هم شهداء قتلوا دون حقهم، وأوضحت فيه بجلاء أنه لا يجوز لحاكم أن يريق دماء شعبه للحفاظ على سلطان زائل".واستطرد قائلا :" إلا أنني وإزاء الجرائم الشنعاء التي ارتكبها ولا يزال معمر القذافي وأعوانه، أجد لزاما علي دينا وعروبة وإنسانية، أن أصدع بكلمة الحق وبحكم الإسلام الحنيف صريحا قاطعا، حيث أن إن النظام الليبي قد استحل الدماء التي حرمها الله تعالى، وغلا في تكبره وعدوانه واعتزازه بالإثم، ففقد كل شرعية وحكمه الآن حكم الغاصب المعتدي المتسلط على الناس ظلما وعدوانا".
وأوضح البيان أن "الأزهر الشريف وبحكم مسؤوليته الشرعية والقومية والإنسانية يدعو كل المسؤولين الليبيين وضباط الجيش الليبي وجنوده أن يرفضوا طاعة النظام في إراقة دماء الشعب الليبي واستحلال حرماته، وإلا أصبحوا شركاء له في الجرم، يؤخذون به في الدنيا والآخرة".
وناشد البيان بأسم الأزهر المجتمع الغربي من واقع مسؤوليته الأخلاقية بأن يكون اهتمامه بالدماء التي تسيل من الشعوب المطالبة بحقها في الحرية أكثر حرمة من اهتمامه بحقول البترول وكيفية تأمين إمداداتها.
كما ناشد الأزهر الشريف العرب والمسلمين والشرفاء في مشارق الأرض ومغاربها أن يهبوا إلى نصرة الشعب الليبي الشقيق بتقديم الدعم الإنساني والطبي وكل ما يمكن من أسباب النصرة والدعم.
ودعا البيان أيضا السلطات المصرية المعنية إلى "المبادرة بتقديم الغوث الإنساني وإلى بذل كل ما يمكن لإجلاء المصريين الذين يعانون من عسف النظام الليبي وعدوانه، وضمان سلامتهم وصيانة حقوقهم".

المفاوضات الإسرائيلية السورية

المفاوضات الإسرائيلية السورية
يعود تاريخ المفاوضات بين اسرائيل وسوريا إلى العام 1991، مع انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، فيما بدأت فعليا في واشنطن عقب المؤتمر بين الوفدين الإسرائيلي والسوري في إطار صيغة مدريد.
عام 1994، جرت مفاوضات إسرائيلية سورية على مستوى السفيرين في واشنطن، وأدت إلى إجراء مداولات تركّزت على الترتيبات الأمنية وعن عقد اجتماعين لرئيسي هيئتي الأركان الإسرائيلي والسوري في كانون الأول/ ديسمبر 1994 وحزيران/ يونيو 1995. بدعم وبمشاركة مسؤولين أميركيين كبار، وشملت اجتماعين بين الرئيس كلينتون والرئيس الأسد وسلسلة جولات لوزير الخارجية وورن كريستوفر في المنطقة.
وقد وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك يتسحاك رابين على مبدأ الانسحاب من هضبة الجولان في إطار تسوية سلمية تتعامل في الوقت نفسه مع أربع قضايا جوهرية:
عُمق الانسحاب، الجدول الزمني لعملية الانسحاب ومدتها، ومراحل الانسحاب والصلة بينها وبين تطبيع العلاقات واتفاق على الترتيبات الأمنية.
في كانون الأول/ ديسمبر 1995، وافقت سوريا على استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة وبعد عرضها نقاط المرونة بالنسبة لشكل المفاوضات، وقام وزير الخارجية السوري سفير دمشق في واشنطن آنذاك وليد المعلم بقيادة المفاوضات، حيث وافق السوريون في تلك المرحلة على التعامل مع الأمور التي تتضمّنها فكرة السلام الكامل: نوعية السلام وتطبيع العلاقات والمياه. وجرت جولتان من محادثات السلام الإسرائيلية السورية تحت رعاية الولايات المتحدة في مركز المؤتمرات "واي ريفر" في معهد أسبن في كانون الأول/ ديسمبر 1995 وكانون الثاني /يناير 1996، تركّزت على قضايا أمنية وغيرها وكانت مفصّلة للغاية وشاملة.
في كانون الأول/ ديسمبر 1999 أعلن الرئيس كلينتون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك والرئيس الأسد وافقا على استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل وسوريا من النقطة حيث توقّفت في كانون الثاني/ يناير 1996، وانتهت بدون نتيجة المحادثات التي استضافها الرئيس كلينتون في كانون الأول/ ديسمبر بين رئيس الوزراء باراك ووزير الخارجية السوري آنذاك فاروق الشرع، والتي أعقبتها جولة محادثات في شيبردستاون بفيرجينيا الغربية في كانون الثاني/ يناير 2000
في نيسان/ إبريل 2007 أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه إيهود أولمرت أنه رغم أن إسرائيل معنية بتحقيق السلام مع سوريا، فإن سوريا لا تزال تشكّل جزءًا من محور الشر وقوة تشجّع الإرهاب في الشرق الأوسط بأسره، وعلى سوريا التوقّف عن دعم "الإرهاب" وعن تمويل حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" والامتناع عن تزويد "حزب الله" اللبناني بالأسلحة وكذلك الامتناع عن التسبب في زعزعة الاستقرار في لبنان ودعم الإرهاب في العراق. وعليها التخلي عن علاقاتها الإستراتيجية التي تقوم ببنائها مع النظام المتطرّف في إيران، وفي أيار/مايو 2008 انطلقت المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل وسوريا برعاية تركية بصورة متزامنة في كل من تل-أبيب ودمشق وأنقرة، إلا أنها توقفت عشية حملة "الرصاص المصبوب" الإسرائيلية على قطاع غزة، واستقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت من منصبه في أيلول/سبتمبر 2009.
ويشار في هذا السياق إلى أن نتانياهو، وخلال ولايته الأولى (1996-1999) أجرى مفاوضات مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عن طريق صديقه رجل الأعمال الأميركي رون لاودر، ووافق نتانياهو على الانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل، وأكد ذلك وزير الأمن في حينه يتسحاك مردخاي، بيد أن نتانياهو ومستشاره أراد ادعيا أنه وافق على الانسحاب الجزئي. ومنذ تسلم نتانياهو منصب رئيس الحكومة مجددا امتنع عن الدفع بـ"المسار السوري"، واكتفى بتصريحات عامة أعلن فيها استعداده لإجراء مفاوضات، ولكن بدون شروط مسبقة.

The Great Arab Revolt

Juan Cole
This article appeared in the March 7-14, 2011 edition
of The Nation.
February 17, 2011
http://www.thenation.com/article/158682/great-arab-revolt

Under European colonialism the Middle East had a few
decades of classic liberal rule in the first half of the
twentieth century. Egypt, Iraq and Iran had elected
parliaments, prime ministers and popular parties.
However, liberal rule was eventually discredited insofar
as it proved to be largely a game played by big
landlords overly open to the influence and bribery of
grasping Western powers.

From about the 1950s, the modern one-party states of the
Middle East justified themselves through the struggle
for independence from those Western colonial empires and
the corrupt parliamentary regimes. They undertook land
reform, developed big public sectors and promoted state-
led industrialization. In recent decades, however, each
ruling party, backed by a nationalist officer corps,
increasingly became little more than an appendage of the
president for life and his extended clan. The massive
networks of informers and secret police worked for the
interests of the central executive.

These governments took steps in recent decades toward
neoliberal policies of privatization and a smaller
public sector under pressure from Washington and allied
institutions?€?and the process was often corrupt. The
ruling families used their prior knowledge of important
economic policy initiatives to engage in a kind of
insider trading, advantaging their relatives and
buddies.

The wife of Tunisian dictator Zine El-Abidine Ben Ali,
the notorious former hairdresser Leila Ben Ali, placed
her relatives in key business positions enabled by
insider government knowledge and licenses that allowed
them to dominate the country. The US Embassy in Tunis
estimated in 2006 that half the major entrepreneurs in
the country were related by blood or marriage to the
president. In Egypt, Ahmed Ezz, for example, benefited
from his high position in the ruling National Democratic
Party and his friendship with Hosni Mubarak?€?s son Gamal.
Ezz has been formally charged with usurping control of a
government-owned steel concern and of rerouting its
products to his own, privately owned Ezz Steel company.
In the past decade, Ezz went from controlling 35 percent
of the Egyptian steel market to over 60 percent, raising
a chorus of accusations of monopoly practices. Since the
Mubaraks rigged the elections so that the NDP always
won, and the party officials favored by the president
prospered, Egypt was ruled by a closed elite.

The policies of these one-party states created
widespread anxiety among workers, the unemployed and
even entrepreneurs outside the charmed circle, seeming
to create an insuperable obstacle to the advancement of
the ordinary person. Everyone could be taken advantage
of or even expropriated at will by corrupt state elites,
who had the backing of the secret police. Workers?€?
strikes were crushed by security police. The presidents
even began putting on regal airs and grooming their sons
as successors, ensuring that the family cartels and
cronyism would continue into the next generation.

The one-party states also pursued distorted development
goals. Among their few achievements was the reduction of
infant mortality. They put tremendous sums into
universities and higher education but inexplicably
neglected K?€?12 education for the rural and urban poor.
The result was large numbers of young villagers, slum
dwellers and workers with limited opportunities for
advancement, and phalanxes of unemployed college
graduates.

Fear of the perpetuation of a closed economic and power
elite drove Tunisians and Egyptians to focus on driving
the Ben Alis and Mubaraks from power. The narrowness of
the dominant cliques had disgusted even the regular army
officer corps, who in any case were close to the people
because they commanded conscript armies. When the crowds
came out so determinedly, they declared their
neutrality.

Other regional mafia states have scrambled to mollify
their publics. Ali Abdullah Saleh, the strongman who has
ruled Yemen since 1978, announced that he would not run
for yet another term in 2013, and that no attempt would
be made to install his son after him. He was trying to
deflect the severe criticisms of his nepotism (his half-
brother is head of the air force, and nephews are highly
placed in the security apparatus). These pledges were
code for ending the dominance of the state and economy
by relatives and friends of Saleh.

The nepotism and corruption of the ruling clique in
Yemen is all the more explosive because the country is
already deeply divided. The tribal north has a different
history from the south, which had a lively worker
movement and even, briefly, a communist government
before Saleh forcibly unified the two in 1990. Religious
and tribal rebellions, as with the Zaydi Shiite Houthis
in the north and a radical Islamist tendency in the
rural south, make Yemen anything but stable. The
country?€?s declining petroleum revenues and its
increasing water crisis make the economic pie even
smaller, increasing public disgust with the Saleh
cartel. Having the government and the economy in the
hands of an unrepresentative and greedy clique is a
recipe for further unrest.

Likewise, Iraqi Prime Minister Nuri Kamal al-Maliki said
he would not seek another term; his opponents have
charged him with operating secret torture cells and a
private army, and aspiring to become another corrupt
strongman. Since Iraq?€?s petroleum riches are in
government hands, it would be easy for a few key cabinet
members to use them for sectional and even private
purposes, a source of constant anxiety among Iraq?€?s
suffering populace, which lacks electricity and even,
often, potable water.

Algeria?€?s corrupt state petroleum elite, represented by
President Abdelaziz Bouteflika, is also being targeted
by street crowds. The country?€?s ruling generals had
allowed a Muslim fundamentalist party, the Islamic
Salvation Front, to run in the 1991 parliamentary
elections, on the theory that it would not win. When the
fundamentalists took a two-thirds majority, the generals
canceled the runoff and threw the country into a vicious
civil war between secular urban elites and lower-middle-
class or rural fundamentalists that took an estimated
150,000 lives. Because the generals won the civil war,
and the army stands behind the regime, it is harder for
the urban crowds to gain traction. In Tunisia and Egypt,
there was no similar history of rancor between people
and army, and no fear on the part of the officer corps
that they would be tried and executed if the government
was overthrown. In addition, the Algerian petroleum
state, like the Gulf oil monarchies, has the resources
to bribe much of the public into quiescence or to deploy
well-paid and loyal security forces when the bribe does
not work (as seems to be the case in Bahrain, where the
Sunni monarchy has chosen violent repression of the
restive Shiite majority).

In Egypt and Tunisia, once the ruling families were
gone, the interim governments promptly froze the
accounts of regime cronies and in many instances
initiated legal proceedings against them. Seeing the
writing on the wall, the ambitious resigned en masse
from the now notorious former ruling party; the RCD in
Tunisia was dissolved altogether.

Many among the demonstrators, whether union organizers,
villagers or college graduates, seem to believe that
once the lead log in the logjam is removed, the economy
will return to normal and opportunities for advancement
will open up to all. Somewhat touchingly, they have put
their hopes in free and fair parliamentary elections, so
that the Middle East may be swinging back to a new
liberal period, formally resembling that of the 1930s
and ?€?40s. If these aspirations for open politics and
economic opportunity are blocked again, as they were by
the hacienda owners and Western proconsuls of the mid-
twentieth century, the Arab masses may turn to more
desperate, and dangerous, alternatives.

المثقّفون الفرنسيون في مواجهة الثورات العربية

آلان تورين- عالم اجتماع فرنسي- جريدة لوموند
لا بد بادئ ذي بدء من رفض اللوم الذي يُوجَّه إلى المثقّفين بأنهم يلتزمون الصمت أمام الانتفاضة الشعبية التي تشهدها بلدان عربية عدّة، لا سيما تونس ومصر. ما الذي يريدونه من يوجّهون هذا اللوم؟ هل يريدون كتباً ونصوصاً على غرار تلك التي أغدقت المدائح على فيديل كاسترو أو ماو أو الخميني؟ وأحاذر أيضاً من الأحكام السلبية على الانتفاضات الحالية التي تستند إلى ثقافوية مناهضة للعرب أكثر إثارة للنفور من إفراطات العالم الثالث. لا أفهم لماذا يمنح لقب فيلسوف أو كاتب صاحبه الحق في، أو يفرض عليه واجب قول أي شيء عن أي كان وكأنّه كاهن يبشّر بعقيدة خلاصية.
لكن إذا بدأت بالتعبير عن هذا الانطباع السيّئ الذي تولّده لدي الادّعاءات النخبوية لبعض المثقّفين الفرنسيين، فهذا لأنني سأنتقل سريعاً للمجازفة بأن أقول بنفسي لماذا أعتقد أن التجربة الإيرانية وضعت غمامة على عيون كثيرة. بدلاً من "استذكار السوابق"، ينبغي على المفكّرين البحث عن كل ما يساهم في تعزيز حركات التحرّر الراهنة وتشجيعها في أوضاع يمكن أن تكون لها بكل وضوح نهايات أخرى تصل حتى إلى حد الانقلاب على فكرة الحرية. ما يجب أن ننتظره من "المثقّفين" هو أن يوجّهوا أسئلة، باسم من يحرصون على الديموقراطية، إلى الاختصاصيين الذين تمنعهم معارفهم من ارتكاب أخطاء فادحة لكنّهم لا يقدّمون وحدهم كل الأجوبة.
إليكم سؤالي الذي يحمل في طيّاته الرغبة في تسليط الضوء على فرص التحرير الموجودة فعلياً في أحداث تتضمّن، على غرار كل حالات التغيير التاريخية، الكثير من المعاني المختلفة لا بل المتناقضة في ما بينها. دورنا هو التأثير في الأحداث من خلال التحليل كي نعزّز تلك التي تحمل في طيّاتها مستقبل التحرّرات والديموقراطية، وكذلك التأثير في الحكومات الأوروبية التي تبدي ارتياباً حزبياً حيال الحركات الشعبية.
الفكرة التي أقترحها في البداية هي أن العالم عاش طوال نصف قرن في ظل نزاع دولي، نزاع الحرب الباردة، والساخنة أحياناً، كما في كوريا أو خلال أزمة الصواريخ في كوبا، بين المعسكرَين الأميركي والسوفياتي. شعر الأوروبيون في غالبيتهم الساحقة بأنهم ينتمون إلى المعسكر الغربي من دون التخلّي عن انتقاداتهم واعتراضاتهم. وقد تعزّزت الحركات الفكرية والاجتماعية في الولايات المتحدة وكندا كما في أوروبا الغربية في تلك المرحلة من خلال الحركات الشعبية والوطنية والديموقراطية في أوروبا الخاضعة للتأثير السوفياتي، من برلين إلى غدانسك مروراً ببودابست وبوزنان وبراغ، من دون أن ننسى موسكو. أما المعسكر الثاني فكان يضم كوبا ومنطقة نفوذها والصين في عهد ماو تسي تونغ، وهو ما يجب التحلّي بالشجاعة للتذكير به.
صراع الطبقات
في هذه المرحلة الطويلة، وعلى الرغم من أفكارنا وتفضيلاتنا، وقعت المواجهة بين الغرب مع أنانيّاته وفضائحه من جهة وتوتاليتارية العالم اللينيني الذي دمّر كل شيء من جهة أخرى. وعلى الرغم من المفردات التي غالباً كانت تُستعمَل، لم تحتل "المشكلات الاجتماعية" سوى مرتبة ثانوية في تلك الحقبة. وأنا أحقّ من أيّ كان في قول ذلك بما أنني كرّست الجزء الأكبر من حياتي لدراسة الهيمنات الاجتماعية والتيارات الاجتماعية التي تكافحها. طوال نصف قرن، كان التفكير السائد في كل مكان ينطلق من منظار تقسيم الآخرين إلى أصدقاء أو أعداء أكثر منه من منظار صراع الطبقات. وكان هذا الواقع واضحاً للغاية في العالم العربي كما في أميركا اللاتينية مثلاً، لا بل أكثر. وذلك لسبَبين أساسيين: عنف الحرب التي خاضتها فرنسا ضد الاستقلال الجزائري، والنزاع حتى الموت بين إسرائيل والفلسطينيين الذين يقاتلون من أجل إنشاء دولة مستقلة. لم تسيطر المشكلات الاجتماعية في أي مكان على المشهد السياسي. وهذا ما وقعت ضحيّته الأحزاب الاشتراكية الديموقراطية الأوروبية التي اتُّهِمت بأنها قبل كل شيء حليفة للولايات المتحدة، وهذا ما أصبحت عليه بدرجات تختلف بحسب البلد، ولا سيما عندما بات التهديد السوفياتي يتجسّد في أحزاب شيوعية على صلة واسعة بموسكو. وكان اليسار الثاني في فرنسا قبل كل شيء مجهوداً شجاعاً إنما أقلّي جداً لإعطاء الأولوية من جديد لأهداف اقتصادية واجتماعية. من الواضح أن فرنسوا ميتران هو الذي انتصر عبر فرض برنامج منبثق عن الحركة الشيوعية مع السعي إلى انتزاع المكانة الأولى في اليسار من الحزب الشيوعي لمنحها للحزب الاشتراكي، وقد تم ذلك إنما مقابل ثمن هو الانغلاق في رؤية قولبَتْها الحرب الباردة.
انطبعت القوميات العربية، تحت إدارة عبد الناصر، بمناهضتها للإمبريالية في شكل خاص. وكان هذا محتوماً بعد الحملة العسكرية الفرنسية – البريطانية التي دعمتها إسرائيل عام 1956. وكذلك انطبعت إيران في ظل مصدق والتي دعمها الحزب الشيوعي قبل وقت طويل من سيطرة الخميني على السلطة، بمناهضة الإمبريالية ومناهضة إسرائيل، في حين أن إسرائيل الهستدروت والكيبوتز سحقتها سياسة اكتسبت تأييداً كبيراً في أوساط الرأي العام لأنها بدت وكأنها رد على تهديد قاتل.
ينطبق هذا التفسير على أميركا اللاتينية حيث تسبّبت نظرية التبعية التي ألهمتها كوبا وحملت لواءها غالبية المثقّفين، ولا سيما في بوينس أيرس، بإنهاك التيارات الاجتماعية التي حلّت مكانها ميليشيات راحت تبتعد أكثر فأكثر عن العالم، الريفي أولاً ثم المديني، الذي كانت تدّعي التحرّك باسمه.
لفترة معيّنة، أدّى شبه اختفاء العالم السوفياتي إلى تعزيز الأنظمة السلطوية في العالم العربي كما في أميركا اللاتينية. كان يمكن أن تُستبدَل الحرب الباردة بالمواجهة بين الصين والولايات المتحدة، لكن في حين أن العالم السوفياتي أعطى دوماً الأولوية للسياسة على الاقتصاد، اتّخذت الصين القرار المعاكس. يربط بين الدولار واليوان والبلدَين رابط البلد المدين بالبلد الدائن. لا شيء يستثني في المستقبل إمكان حدوث مواجهة أكثر سياسية أو حتى عسكرية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، لكن في المرحلة الراهنة، وعلى الرغم من عنف القمع في الصين، ولا سيما بعد أحداث تيان آن مين، بدأت المشكلات الاقتصادية في ذلك البلد تتحوّل مشكلات اجتماعية، مع تزايد الضغوط لتطوير السوق الداخلية، أي لزيادة الأجور، مما أتاح مساحة أقل محدودية أمام المطالبات والنشاطات الثقافية غير الخاضعة للرقابة، من دون أن يولّد بالضرورة تحريراً للنظام. صحيح أنه لا شيء يجيز الكلام عن ديموقراطية محتومة في الصين نتيجة نموّها الاقتصادي، إلا أنه يمكننا التأكيد أن المشكلات والفاعلين الاجتماعيين بدأوا في هذا البلد، كما في بلدان أخرى كثيرة، يتحرّرون من التعبئات التي كانت إلزامية خلال الحرب الباردة.
وهذا ما يقودني إلى طرح الفرضية الآتية: الخوف من التشدّد الإسلامي الذي بلغ ذروته بعد أحداث 11 أيلول 2001، وانتشر في صفوف الرأي العام في مختلف أنحاء أوروبا في شكل رهاب الإسلام الذي وصل حتى إلى بعض أوساط اليسار، لم يعد يتناسب تماماً مع وضعٍ يعطي، على العكس، الأولوية للدفاع عن ظروف العيش وحريات الناس، تحت وطأة السلطوية التي تمنع التنمية الاقتصادية، وفساد المسؤولين المدنيين والعسكريين، وهروب المثقّفين والمهندسين من مصر كما من هايتي. الواقع هو أن التحرّكات الحالية انطلقت من الشارع، وقبل كل شيء من شبكات المدوِّنين وليس من أحزاب منظَّمة.
والواقع أيضاً هو أن المطلب الأقوى كان التخلّص من ديكتاتور، وأن الشبّان الحائزين على شهادات جامعية الذين يرزحون تحت وطأة البطالة، أدّوا دوراً أساسياً في التظاهرات التي تتضاعف، كما حصل في الجزائر التي لا بد من أن نتذكّر بأنها كانت أوّل بلد يشهد تحرّكات شعبية كبرى حتى لو سحقها الجيش. هناك اعتراضات محقّة على هذه الفكرة تعتبر أن حركة ضد الديكتاتورية والفساد وعدم المساواة الاجتماعية لا تحمل بالضرورة الديموقراطية في طياتها كما تحمل البذرة الزهرة. في تونس، أدّى عدم التوازن بين مستوى التعليم المرتفع واحترام حقوق المرأة منذ عهد بورقيبة من جهة ووضع الشباب من جهة أخرى إلى إطاحة بن علي بصورة أسهل من المتوقَّع. ولكن السبب أيضاً هو أن الأخير كان يتّكل على الشرطة أكثر منه على الجيش، وأن الجيش دُفِع نحو تنظيم الرحيل العاجل للرئيس التونسي.
يُجمع الكل على أن الوضع في مصر يختلف إلى حد كبير. وليس عامل الاختلاف مساحة البلاد وحسب إنما أيضاً التنظيم القوي جداً لجماعة "الإخوان المسلمين" التي تسيطر على النقابات المهنية – المحامين، الأطباء – كما على المؤسسات الخيرية، ناهيك عن هيمنة القطاع العام في بلد يتكوّن فيه الناتج الوطني من موارد خارجية – عائدات قناة السويس، الهبات الأميركية، التحويلات المالية من المصريين في الخليج، السياحة – أكثر منه من إنتاج داخلي سواء كان زراعياً أو صناعياً. ويتفاقم هذا الخلل في التوازن أكثر فأكثر جرّاء التخلّي عن مشاريع كبرى للتنمية الاقتصادية. كان الجيش دائماً في سدّة السلطة، من عبد الناصر إلى السادات ومن السادات إلى مبارك الذي انتقل جزء من سلطته إلى الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة النافذ. الجمع بين نظام ديني ونظام عسكري، كما هو حال النظام الشيعي الإيراني، ممكن أيضاً في مصر، على الرغم من ملاحقة النظام العسكري المستمرة للإخوان المسلمين. لكن إذا كان صحيحاً أنه لا يمكن التوصّل إلى حل من دون موافقة الجيش وقبول "الإخوان المسلمين" به، مما أدّى منذ الآن إلى إقصاء حرّاس الحداثة الشباب في النظام الذين كان يقودهم جمال، ابن مبارك الذي أراده خلفاً له، لا شيء يُظهر منذ البداية أن الحل على الطريقة الإيرانية هو الوحيد المرجَّح. ولا في المقابل حلٌّ على الطريقة التركية كما يديره "حزب العدالة والتنمية" وأردوغان، والذي يجمع بين تثبيت إسلاموي والحفاظ على جزء من الإرث العلماني لكمال أتاتورك. عدم وجود اتّجاه مسيطر بوضوح هو الذي فرض حدوداً على تحرّك المتظاهرين الذين لم يحصلوا على الرحيل الفوري لمبارك لكنهم جعلوه ممكناً لا بل مرجَّحاً بعد حين؛ وهو أيضاً ما دفع أوباما على ما يبدو، مع العلم بأنه أكثر إدراكاً بكثير من الأوروبيين، ولا سيما الفرنسيين، لضرورة سقوط مبارك، إلى القبول ببقاء الأخير في السلطة خلال المرحلة الانتقالية التي كان من شأنها أن تؤدّي إلى رحيله في مهلة أقصاها أيلول المقبل.
ربيع الشعوب
فيما تُهيّئ الاضطرابات الاجتماعية الساحة لسقوط الديكتاتورية في اليمن ويبدو مستقبل الديكتاتورية في الجزائر هشاً، لا يشير هذا إلى أننا نشهد "ربيع الشعوب" كما في أوروبا الوسطى عام 1848، بل إننا على أعتاب تغيير عام في المرحلة التاريخية. في الحقبة الجديدة التي انطلقت، تتفوّق المشكلات والخيارات الداخلية أكثر فأكثر على منطق المواجهات الدولية في الحياة الجماعية للبلدان. وقد رأينا ذلك في الولايات المتحدة نفسها مع فوز باراك أوباما بالرئاسة عام 2008.
لكن لا يكفي القول بأن أنظمة سلطوية عدّة ستحلّ مكان الأنظمة القديمة في هذه المرحلة الجديدة، وبأن إيران هي التي ستمارس الدور المسيطر في المنطقة، بواسطة "حزب الله" في لبنان و"حماس" في غزة. يذكّرنا هذان المثلان بأن تطوّر الأوضاع في المنطقة يتوقّف أيضاً وقبل كل شيء تقريباً على المسار الذي تسلكه إسرائيل والمشكلة الفلسطينية. تخشى إسرائيل وعدد كبير من أصدقائها الأميركيين والأوروبيين سقوط مبارك ووصول "الإخوان المسلمين"، والذين من شأنهم أن يحصلوا على الدعم من السلفيين.
لكن يمكننا أن نتساءل عن طبيعة هذه العداوة التي يكنّها الإسرائيليون للتغييرات السياسية التي تحصل في السياسة المصرية. أليس هذا مثلاً متأخّراً عن سيطرة المشكلات الدولية على المشكلات الداخلية؟ أليست لإسرائيل مصلحة حيوية بكل معنى الكلمة في أن ينتصر منطق التحوّل الاجتماعي في المنطقة بدلاً من تأثيرات النزاعات التي تتسبّب بها الخصومات الدولية المصبوغة بالألوان القومية؟ من السهل أن نفهم قوّة ومنطق رفض الآخر اللذين يسيطران على إسرائيل كما على جيرانها وأعدائها؛ لكن ليس مستحيلاً التفكير في أن المنطق الجديد قد يجتاح إسرائيل أيضاً فتفهم أنه يتيح لها بصورة أفضل من المنطق السابق حل المشكلة التي تُهدّد وجودها. أليس غياب الدولة الفلسطينية التهديد الأساسي لوجود إسرائيل؟ لكن ربما كانت المشكلات الأصعب تكمن في هذه النقطة بالذات، ولا سيما في السؤال الآتي، ما السبيل لتستعيد السلطة الفلسطينية، التي تُستضعَف وتتعرّض للتحدّي أكثر فأكثر، القدرة على فرض سياسة وطنية على حركة "حماس"؟ ما السبيل لإقناع إيران بأنه من شأن التحالف الموجَّه ضدها أن يحدّ من عداوته لها إذا شعر أولاً بتراجع التهديدات التي تطرحها على وجود إسرائيل؟
يستحيل التفكير في أن الخير محتوم، وأنه ستتمّ تلبية مطالب العدالة الاجتماعية والتجاوب مع العداء للحكومات والدول الفاسدة والسلطوية. خطر ظهور دول سلطوية جديدة أكثر قمعية من نظام مبارك أو بن علي، حقيقي، لكن ينبغي على الحكومات والرأي العام في الغرب أن تقتنع أن ذلك ليس حتمياً على الإطلاق، لا بل إن إعطاء الأولوية للمشكلات الاجتماعية الداخلية أكثر مؤاتاة في المبدأ للديموقراطية من إعطاء الأولوية للمواجهات الدولية التي سمحت لأنظمة سلطوية عدّة، مناوئة للغرب أو موالية له، بأن تزدهر، من دون أن ننسى اللعبة المزدوجة للسعودية. رهاب العرب ورهاب الإسلام موجودان في أوروبا وخطيران، ليس في ذاتهما وحسب إنما لأنهما يغذّيان أيضاً سياسات كره الأجانب التي تُقدِّم الجبهة الوطنية الفرنسية مثلاً مخيفاً عنها منذ وقت طويل.
لا يجوز أن نطلب من المثقّفين قول كلام عشوائي باسم قيم كونية لأن هذه القيم ليست ملكاً لهم. لكن يجب أن نطلب منهم تعريف قضية الحرية التي هي أيضاً قضية العدالة الاجتماعية، والدفاع عنها. ويبدو لي أن الحكومات، على غرار الرأي العام، تنجرف كثيراً وراء تشاؤم موروث من الحرب الباردة وما أعقبها. يجب أن يقودنا التحليل إلى حكم إيجابي أولاً حيال الاضطرابات الجارية. حتى لو كان محتوماً على دورنا أن يكون محدوداً، يجب أن تنصبّ تحاليلنا وخياراتنا السياسية بالكامل على الاعتراف بالحضور القوي للمطلب الديموقراطي في الانتفاضات الشعبية التي تطيح ديكتاتوريات في العالم العربي.
أليست الحكمة، بعيداً من تحليل جدّي للأحداث، أن نتحمّل مسؤولياتنا عبر محاربة مختلف النزعات التي تعزّز على كل المستويات عدم الثقة بالحركات الشعبية في العالم العربي وفي مجمل العالم الإسلامي؟ دعمت الحكومة الفرنسية في شكل خاص بن علي حتى اللحظة الأخيرة، ولم تقدّم الدعم للتحرّك المصري. ليس هذا الصمت محايداً، وعلاوةً على ذلك يُعرِّضنا للمخاطر الحقيقية عبر ترسيخ الأنظمة السلطوية التي لا يمكن محاربتها وتدميرها إلا على يد الأشخاص الذين يعرفون كيف يرفضونها عبر رفض مبدئها في ذاته.

الجنرال الطاغية المجنون والشعب المحروم العاقل

بقلم سعود المولى
في مقالة له نشرتها مجلة الشراع اللبنانية في 19 آذار 1995 كتب محمد حسنين هيكل أن اليكسي كوسيغين رئيس الوزراء السوفياتي، في زمن مضى، سأله مرة ماذا يفعل القذافي ببتروله؟ ثم أمسك كوسيغين ورقة وقلماً وراح يحسب حجم دخل ليبيا من البترول ويوزعه على عدد سكانها ثم ينظر إلى هيكل ويقول له "في غضون عشرين سنة سيكون كل مواطن ليبي مليونيراً"..
فوفقاً لأكثر التقديرات تحفظاً بلغ إجمالي عائدات ليبيا النفطية حتى عام 2009 ما لا يقل عن ألف مليار دولار..في حين أن الزيادة السنوية لعدد الليبيين بقيت في معدلاتها الطبيعية: فإرتفع عدد السكان من 2 ونصف مليون عام 1974 إلى 3 ونصف مليون عام 1984 فإلى 5 ونصف مليون عام 2006..وهو اليوم يُقارب ال6 مليون..فماذا جرى لهذه الثروات الهائلة ؟؟ طبعاً الجواب عند أسرة القذافي..كماعند أسرة مبارك وأسرة بن علي..وأسرغيرهم من حكام العرب..الذين يخبئون حساباتهم وعقاراتهم في أميركا وأوروبا..
ماذا فعل هؤلاء الطغاة ببلاد العرب وقد إستلموها في النصف الثاني من القرن الماضي وهي تذخر بالإمكانات والطاقات والثروات..فحولوها خلال أربعة عقود إلى خراب ودمار وتوحش؟؟
طبعاً سيقول لنا قائل "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"..فهذه الأنظمة القمعية الديكتاتورية الفاسدة وصلت إلى الحكم بإسم فلسطين وحكمتنا بالنار والحديد وبالسجون والتشريد بإسم المعركة (المؤجلة دوماً) مع العدو الصهيوني..وفي الحقيقة هي لم تطلق طلقة واحدة ضد العدو ولم تبذل أي جهد حقيقي لنصرة شعب فلسطين ومجاهديه..بل أن نظاماً مثل نظام القذافي لم يترك جريمة إلا وإرتكبها بحق الثورة الفلسطينية وقادتها ومنظماتها..وستكشف لنا المحاكمات في مقبل الأيام كيف خطف العقيد القذافي الإمام موسى الصدر ورفيقيه.. وكيف نظم عمليات إغتيال العشرات من قادة وثوار فلسطين..وكيف دّبر تفجير الطائرات (لوكربي والأفريقية كمثال) وإختطاف الرهائن وإغتيال وتصفية المعارضين العرب في أربعة أطراف الدنيا...
بلغ حجم الإنفاق العسكري الليبي خلال عقد الثمانينات وحده ضعف المعدل العالمي..فهل كان ذلك للدفاع عن فلسطين؟؟ لا بالطبع..بل كان هذا لتمويل حروب القذافي مع مصر (1977) وأوغندا (1979) وتشاد (منذ 1980) وفي تمويل حرب الصحراء الغربية ضد المغرب.. والحرب الأهلية في لبنان.. والميليشيات الإنفصالية في جنوب السودان.. ناهيك عن دعمه لحلفائه في حروبهم ضد الشعوب مثل حرب السفاح المقبور منغستوهايلي مريام ضد الشعبين الأثيوبي والأريتري..
وبعد.. كتب الدكتور عبد الوهاب الأفندي أنه "لا بد أن نشهد لليبيين بأنهم أشجع العرب، بل أشجع الناس طراً لأنهم حين خرجوا وهم عزل لتحدي القذافي ورجاله كانوا أعلم الناس بطبيعة ذلك النظام، خاصة حين إختاروا السابع عشر من شباط (فبراير) تاريخاً لهذا الخروج". والحال أن هذا اليوم صادف ذكرى مجزرة أرتكبت في حق مظاهرة سلمية شهدتها مدينة بنغازي عام 2005، وقتل خلالها أكثر من ستمائة متظاهر أعزل. ومظاهرة بنغازي تلك كانت تحيي ذكرى مجزرة رهيبة أخرى إرتكبتها السلطات الليبية في سجن أبوسليم قرب بنغازي وراح ضحيتها أكثر من 1200 سجين في عام 1996. وهكذا.. من مجزرة إلى مجزرة.. إعتقد القذافي وأولاده أنهم بمنأى عن غضب الشعب وثورته وبمنأى عن يوم الحساب..وهكذا معظم الحكام العرب الذين بدأت عروشهم تتهاوى مع نسائم ربيع العرب الذي إنطلق من بيروت في مثل هذه الأيام من العام 2005...
لا بد لنا في الختام من أن نحيي شعب ليبيا العظيم ، لأنه لا أحد يستحق الحرية اليوم أكثر منهم، إذ دفعوا مهرها مسبقاً أغلى الدماء والتضحيات..على طريق الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية لأمتنا العربية..نعم: يحسبونه بعيداً ونراه قريباً..إن غداً لناظره قريب..

نداء من مثقفين سعوديين إلى القيادة السياسية

إعلان وطني للإصلاح
الأحد 27 شباط (فبراير) 2011
________________________________________
لا يخفى على أحد ما ترتب على الثورتين التونسية والمصرية من تفاعلات ، وما ظهر بسببهما من تأزمات وحراك سياسي في العديد من الأقطار العربية – وبلادنا في القلب منها - ، الأمر الذي أوجد ظروفا تفرض علينا جميعا مراجعة أوضاعنا ، وبذل أقصى الجد في إصلاحها قبل أن تزداد تفاقما ، ونجد أنفسنا أمام تطورات لا يمكن درؤها ولا التنبؤ بعواقبها.
وقد سبق لنخبة من المثقفين السعوديين أن قدموا لخادم الحرمين الشريفين في يناير 2003 مقترحات محددة ضمن وثيقة "رؤية لحاضر الوطن ومستقبله". وقد رحب بها سلمه الله ووعد بالنظر فيها. كما أعلن عدد من كبار المسئولين في أوقات لاحقة بان الحكومة عازمة على تبني سياسات إصلاح واسع النطاق في جهاز الدولة ، وفي علاقتها مع المجتمع السعودي.
الآن، وبعد مرور عقد على تلك الوعود ، فان الإصلاحات الموعودة لم يتحقق منها إلا النزر اليسير، ونعتقد آن المشكلات التي أشير إليها في وثيقة الرؤية وما تبعها من خطابات مطلبية ، قد تفاقمت بسبب تأخر الإصلاح السياسي.
إن الوضع الراهن مليء بالمحاذير و أسباب القلق. و إننا نشهد مع سائر أبناء الشعب السعودي انحسار الدور الإقليمي البارز الذي عرفت به بلادنا ، وترهل الجهاز الحكومي ، وتدهور كفاءة الإدارة ، وشيوع الفساد و المحسوبيات ، وتفاقم العصبيات ، واتساع الفجوة بين الدولة والمجتمع ، ولا سيما الأجيال الجديدة من شباب الوطن ، الأمر الذي يُخشى أن يؤدي إلى نتائج كارثية على البلاد والعباد ، وهذا ما لا نرضاه لوطننا و أبنائنا.
إن معالجة هذه الأوضاع تستوجب مراجعة جادة ، و الإعلان الفوري عن تبني الدولة والمجتمع معا لبرنامج إصلاحي واسع النطاق ، يركز على معالجة العيوب الجوهرية في نظامنا السياسي ، ويقود البلاد نحو نظام ملكي دستوري راسخ البنيان.
إن رضا الشعب هو الأساس لشرعية السلطة ، وهو الضمان الوحيد للوحدة والاستقرار وفاعلية الإدارة الرسمية ، وصون البلاد من التدخلات الأجنبية . وهذا يتطلب إعادة صياغة العلاقة بين المجتمع والدولة ، بحيث يكون الشعب مصدرا للسلطة ، وشريكا كاملا في تقرير السياسات العامة عبر ممثليه المنتخبين في مجلس الشورى ، وأن يكون غرض الدولة هو خدمة المجتمع وصيانة مصالحه والارتقاء بمستوى معيشته ، وضمان كرامة أفراده وعزتهم ومستقبل أبنائهم.
لهذا فإننا نتطلع إلى إعلان ملكي يؤكد بوضوح على التزام الدولة بالتحول إلى " ملكية دستورية" ، ووضع برنامج زمني يحدد تاريخ البدء بالإصلاحات المنشودة والشروع في تطبيقها وتاريخ الانتهاء منها. كما يؤكد تبنيها للأهداف الكبرى للإصلاح ، أي : سيادة القانون ، والمساواة التامة بين أفراد الشعب ، والضمان القانوني للحريات الفردية والمدنية ، والمشاركة الشعبية في القرار ، والتنمية المتوازنة ، واجتثاث الفقر ، والاستخدام الأمثل للموارد العامة.
ومما نراه في هذا الصدد أن يتضمن البرنامج الإصلاحي العناصر التالية:
أولاً : تطوير النظام الأساسي للحكم إلى دستور متكامل يكون بمثابة عقد اجتماعي بين الشعب والدولة. بحيث ينص على أن الشعب هو مصدر السلطة ، والفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية والقضائية والتشريعية ، وكون السلطات محددة ، وربط الصلاحيات بالمسؤولية والمحاسبة ، وعلى المساواة بين المواطنين كافة ، والحماية القانونية للحريات الفردية والمدنية ، وضمان العدالة ، وتكافؤ الفرص. والتأكيد على مسؤولية الدولة في ضمان حقوق الإنسان ، وكفالة حق التعبير السلمي عن الرأي ، وتعزيز الحريات العامة ، بما فيها الحق في تكوين الجمعيات السياسية والمهنية.
ثانيا: التأكيد على مبدأ سيادة القانون ووحدته ، وخضوع الجميع - رجال الدولة وعامة المواطنين - له ، على نحو متساو ومن دون تمييز، وتحريم التصرفات الشخصية في موارد الدولة أو استعمالها خارج إطار القانون.
ثالثا: اعتماد الانتخاب العام والمباشر وسيلة لتشكيل المجالس البلدية ومجالس المناطق ومجلس الشورى ، ومشاركة النساء في الترشيح والانتخاب.
رابعا: إقرار مبدأ اللامركزية الإدارية ، وتخويل الإدارات المحلية في المناطق والمحافظات جميع الصلاحيات اللازمة لإقامة حكم محلي فعال ومتفاعل مع مطالب المواطنين في كل منطقة.
خامسا: تفعيل مبدأ استقلال السلطة القضائية، بإلغاء جميع الهيئات التي تقوم بادوار موازية خارج إطار النظام القضائي، وإشراف المحاكم على التحقيق مع المتهمين و أوضاع المساجين، وعلى هيئة الادعاء العام، و إلغاء التعليمات و الأنظمة التي تحد من استقلال القضاء وفعاليته، أو تحد من حصانة القضاة، أو تفتح الباب للتدخل في اختصاصات القضاء. كما يجب الإسراع بتدوين الأحكام وتوحيدها. وتقنين التعزيرات، واعتبار ما وقعت عليه حكومتنا من عهود ومواثيق دولية لحقوق الإنسان جزءاً من منظومة الأحكام القضائية.
فكل ذلك يضمن العدل والمساواة والانضباط في تطبيق الأحكام. كما يجب تفعيل نظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات لتحقيق ما ذكر، ومنع أي إجراء أو تصرف خارج إطارهما، أو انتهاك لحدودهما.
سادسا: التعجيل بإصدار نظام الجمعيات الأهلية الذي اقره مجلس الشو رى ، وفتح الباب أمام إقامة مؤسسات المجتمع المدني بكل إشكالها و إغراضها ، باعتبارها قناة لترشيد و تأطير الرأي العام ، وتفعيل المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار.
سابعا: رغم اتساع النقاش حول حقوق المرأة السعودية ، إلا أن الحكومة لم تتخذ ما يكفي من إجراءات للوفاء بمتطلبات هذا الملف المقلق ، لأن إهمال حقوق النساء أو تأجيلها يساهم في تعميق مشكلة الفقر والعنف ، كما يضعف من مساهمة الأسرة في الارتقاء بمستوى التعليم. والمطلوب اتخاذ الإجراءات القانونية والمؤسسية الكفيلة بتمكين النساء من نيل حقوقهن في التعلم والتملك والعمل والمشاركة في الشأن العام دون تمييز.
ثامنا: إصدار قانون يحرم التمييز بين المواطنين ، لأي سبب وتحت أي مبرر ، ويجرم أي ممارسة تنطوي على تمييز طائفي أو قبلي أو مناطقي أو عرقي أو غيره ، كما يجرم الدعوة إلى الكراهية لأسباب دينية أو غيرها. ووضع إستراتيجية اندماج وطني ، تقر صراحة بالتعدد الثقافي والاجتماعي القائم في المجتمع السعودي ، وتؤكد على احترامه ، وتعتبره مصدر إثراء للوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي . نحن بحاجة إلى إستراتيجية فعالة للاندماج الوطني تعالج وضع الشرائح التي تتعرض للإقصاء والتهميش أو انتقاص الحقوق لأي من الأسباب المذكورة أعلاه ، وتعويضها عما تعرضت له في الماضي.
تاسعا: لقد كان قرار خادم الحرمين الشريفين تشكيل هيئة لحقوق الإنسان ، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ، من الخطوات المبشرة التي علقت عليها الآمال. لكننا نجد الآن أن كلا من الهيئة والجمعية قد تحولتا إلى ما يشبه دائرة بيروقراطية تقوم بدور محدود في الدفاع عن حقوق المواطنين، وتغفل الكثير. ومن أسباب هذا التراجع تدخل الحكومة في تعيين أعضائهما ، فضلا عن رفض الكثير من الأجهزة الحكومية للتعامل معهما.
لذلك يجب أن تكون صيانة حقوق المواطن والمقيم وحمايتهم من العسف و الإذلال في رأس الأولويات لأي حكومة ومجتمع. ولهذا نطالب بإلغاء القيود الحكومية المفروضة على الهيئة والجمعية ، وضمان استقلالهما في إطار القانون، كما نطالب بتشريع حق تكوين جمعيات أهلية أخرى للدفاع عن حقوق الإنسان.
عاشرا: لا كرامة من دون عيش كريم . لقد انعم الله على بلادنا بخير كثير ، لكن شريحة كبيرة من مواطنينا تشكو الفقر وضيق ذات اليد. وشهدنا تأخر الحكومة في علاج مشكلة البطالة والسكن ، وتحسين مستوى المعيشة، ولا سيما في المناطق القروية وحواشي المدن، وبين المتقاعدين وكبار السن، ولا نرى مبرراً للفشل في وضع حلول لهذه المشكلات. ونعتقد إن عدم طرح هذه القضايا للنقاش العام، و إغفال دور القطاع الخاص والمجتمع المدني عند التفكير في مثل هذه المشكلات ، والنظر إليها بمنظار تجاري بحت ، قد حولها من مشكلات إلى معضلات ، و أصبحت من ثم أسباباً لإذلال المواطنين والتضييق عليهم.
حادي عشر: كشفت السنوات الماضية عن تفاقم العبث بالمال العام ، وسوء إدارته ، الأمر الذي يستوجب قيام مجلس الشورى المنتخب باستخدام صلاحياته في مراقبة ومحاسبة كافة الأجهزة الحكومية. وله أن ينشئ الهياكل والأجهزة الإدارية المستقلة والقادرة على تأدية مهامها الرقابية، وإعلان ما تتوصل إليه للشعب، وخاصة ما يتعلق منها بالفساد الإداري وسوء استخدام السلطة و العبث بالمال العام من قبل الأجهزة الحكومية.
ونؤكد في هذا المجال على ضرورة اعتماد مبدأ الشفافية والمحاسبة، و إقامة إطار مؤسسي لضمان هذين المبدأين ، يتمثل في:
أ) إقامة هيئة وطنية للنزاهة ، تتمتع باستقلالية وحصانة في المراقبة ، و إعلان نتائج التحقيق إمام الرأي العام.
ب) تمكين المواطنين من الاطلاع على استخدامات المال العام من جانب الأجهزة الحكومية ، و إلغاء القيود التي تمنع الصحافة من كشف المعاملات التي يشتبه في كونها تنطوي على فساد.
ثاني عشر: لقد قفزت عائدات البترول خلال الأعوام الخمسة الماضية إلى مستويات عالية، وتوفرت للحكومة أموال طائلة، كان ينبغي الاستفادة منها، وترشيد إنفاقها ، بدلاً من تبذيرها في مشاريع باهظة الكلفة وقليلة الجدوى. لهذا نطالب بضرورة إعادة النظر في الأسس التي توضع على أساسها خطط التنمية الخمسية ، وتبني إستراتيجية طويلة الأمد للتنمية الشاملة ، تركز على توسيع قاعدة الإنتاج الوطني ، ووضع الأساس لمصادر اقتصادية بديلة ، وتوفير الوظائف، وتعميق مشاركة القطاع الخاص في تقرير السياسات الاقتصادية.
في الختام نؤكد على دعوتنا للقيادة السياسية ، لتبني برنامج الإصلاح المقترح. ولكي يثق الجميع في صدق النية والعزم على الإصلاح فانه يتوجب البدء بأربع خطوات فورية :
1- صدور إعلان ملكي يؤكد عزم الحكومة على الأخذ ببرنامج الإصلاح السياسي، ووضع برنامج زمني محدد للشروع فيه وتطبيقه.
2- الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين ، وتقديم من ثبت ارتكابهم لجنايات إلى المحاكمة دون تأخير ، مع تامين الضمانات القضائية الضرورية لكل متهم.
3- إلغاء أوامر حظر السفر التي فرضت على عدد كبير من أصحاب الرأي .
4- رفع القيود المفروضة على حرية النشر والتعبير ، وتمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم بصورة علنية وسلمية. ووقف الملاحقات التي يتعرض لها أولئك الذين يعبرون عن رأيهم بصورة سلمية .
إننا إذ نوجه هذا الخطاب لقيادتنا السياسية و مواطني بلادنا ، فإننا نؤكد على تضامن الجميع ، الشعب والحكومة ، في مواجهة الإخطار المحدقة بنا ، وتلافي أي مفاجآت غير متوقعة . ونثق في استيعاب الجميع للدروس المستفادة مما جرى في الدول العربية الشقيقة .
إن مواجهة التحديات لا تتم إلا بإصلاح جدي وشامل وفوري، يجسد المشاركة الشعبية في القرار ، ويعزز اللحمة الوطنية، ويحقق آمال الشعب في وطن مجيد وجدير بكل خير.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
يلي ذلك أسماء الموقعين على النداء وعددهم 133 من المثقفين والمثقفات والناشطين والناشطات في العمل العام وفي النهوض الديمقراطي المدني