ملخص كلمة الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان في مهرجان:
قرية البلاد القديم - الجمعة : 15 يوليو 2011
وقفة شكر :
1- لأهالي منطقة بلاد القديم على حسن الضيافة والاستقبال
2- للعاملين بصمت خلف الكواليس حتى يعدوا لمثل هذه اللقاءات
3- للجمهور الواعي الحاضر للمطالبة بحقوقه
4- للمرأة الحاضرة والداعمة للحركة المطلبية
ترحيب :
نرحب بجميع المفرج عنهم في الأيام والأسابيع القليلة الماضية , هؤلاء مواطنون طالبوا بحقوقهم بطريقة سلمية ومن المفترض الا يكونوا خلف القضبان أصلا وهم ليسوا خونة .
الكثير من الافراجات هي مؤقتة وهناك محاكم تنتظر المفرج عنهم مثل الأطباء والأخت آيات القرمزي .
في الوقت الذي نؤكد ونشدد على أهمية وضرورة الإفراج عن كل المعتقلين إلا أن حجر الزاوية في الحل هو الاستجابة للمطالب الديمقراطية لشعب البحرين
وندعو إلى الإفراج عن جميع المعتقلين وتبييض السجون وبالخصوص أول معتقل محمد البوفلاسة .
وقفة تضامن :
1- مع أسر الشهداء والجرحى والمعتقلين جميعا
2- مع المعتقلات وفي مقدمتهم فضيلة المبارك ، ورولا الصفار وجليلة السلمان .
3- مع المفصولين في القطاعين العام والخاص
4- مع سواق سيارات الأجرة والشاحنات
وندعو إلى إنهاء هذا العقاب الجماعي بكل أشكاله
الدعوة إلى توثيق الانتهاكات :
1- أدعوكم إلى الانخراط في فرق العمل الحقوقية في الوفاق والمركز والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ولجنة رصد جمعية وعد
2- أدعوكم إلى توثيق كافة الانتهاكات الصغيرة والكبيرة
3- الدقة في التوثيق بعيدا عن أي مبالغات
مطالبنا إصلاح جذري
لنكون واضحين إن مطالبنا إصلاح جذري ديمقراطي يتمثل في :
1- حكومة منتخبة بإرادة شعبية
2- مجلس منتخب يتفرد بالصلاحية التشريعية والرقابية الكاملة
3- دوائر عادلة ونظام انتخابي شفاف ونزيه
4- قضاء مستقل
5- أمن من حيف وتعسف الأجهزة الأمنية
وهذه مطالب لا تتحدث عن إسقاط النظام.
النصر للجميع :
أيها الأحبة العودة للدوار ليست نصرا ، وقتل الناس وسجنهم وفصلهم من أعمالهم ومعاقبتهم عقابا جماعيا ليست نصرا للسلطة .
النصر الحقيقي هو الوصول إلى توافق وطني على إصلاحات ديمقراطية جذرية تحقق المطالب الشعبية العادلة وتثمر أمن واستقرار وتنمية وحرية وكرامة وعزة للبحرين بجميع أهلها .
وغير ذلك خسران للوطن وأهله .
واقع مسمى الحوار والموقف منه :
1- دخلنا الحوار جادين على إنجاحه ما أمكن
2- عملنا على إصلاح :
أ-مقدمات الحوار
ب- إجراءات الحوار
ج- نتائج الحوار
وبعثنا بتلك الرسائل وقدمنا المرئيات ووجدنا أذن من طين وأذن من عجين .
3- وقد رفع وفد الوفاق مذكرة للأمانة يشرح فيها الموقف وسوف تنظر الأمانة في هذه الرسالة يوم الأحد القادم ثم نرفع رأيها إلى شورى الوفاق .إننا مع حوار جدي شامل ، ينتج حلا سياسيا طويل الأمد يحقق للبحرين التحول للديمقراطية ويبني دولة المؤسسات والقانون ، دولة الحرية والكرامة وصيانة حقوق الإنسان .
واقع تقسيم الدوائر الحالية :
1- تقسيم يقوم على الطائفية بدلا من المواطنة ، يكرس التمييز بدل أن يزيل التمييز في الحقوق السياسية
2- تقسيم يقوم على أساس الموالاة السياسية بدل الحيادية من السلطة
3- تقسيم يقسم المجتمع ويخلق طبقات بدل أن يوحده فمواطن الجنوبية يساوي 25مواطن في المناطق الأخرى
4- تقسيم يتحكم في الإرادة الشعبية ويتلاعب بها بدل ان يحترمها ويستمع لها
5- تقسيم يفرغ الانتخابات من مضمونها
6- ان الدوائر الحالية تمثل اضطهاد سياسي مبرمج للمعارضة
نريد دوائر عادلة :
1- تحقق المبدأ العالمي صوت لكل مواطن وبذلك تتحقق المساواة السياسية بين المواطنين في التصويت
لماذا اخترنا نظام الدائرة الواحدة والتمثيل النسبي :
1- البحرين صغيرة ، وعدد الناخبين فيها يقارب دائرة واحدة في الديمقراطيات الكبيرة
2- نعتقد أن نظام الدائرة الواحدة سوف يقلل عدد نواب الوفاق لكنه يعطي الجميع فرصة في المشاركة والتمثيل في البرلمان للمرأة ، وللقوى الصغيرة ولأنه أكثر عدالة في التمثيل اخترناه
الديمقراطية حل ناجح للمجتمعات المتعددة:
1- اليوم معظم المجتمعات متعددة في الديانات والطوائف والأعراق والتوجهات السياسية في كل بدان العالم .
أمريكا، مصر، المغرب، الأردن ، الهند ، تركيا ، وأفضل نظام جلب الاستقرار والتنمية لهذه المجتمعات هو الديمقراطية
2- حديث الخصوصية البحرينية المانعة من الديمقراطية هي كذبة ديكتاتورية مصلحية ، فالديمقراطية الكاملة هي الأفضل للبحرين المكونة من مسلمين ، مسيحيين ومن سنة وشيعة وعرب وعجم ومن أسود وأبيض ، كفوا عن الكذب فقد أصبحت مكشوفة وغير ذات معنى في نظر العالم .
التأكيد على العمل السلمي :
1- أحد عناصر القوة في تحرك شعب البحرين هو السلمية بعد الحق والتوكل على الله .
2- عدم الانجرار إلى أي أساليب عنيفة والتمسك بمبدأ (اللاعنف في التحرك ) والحفاظ على أرواح الجميع وعلى الممتلكات العامة والخاصة وحرية الجميع ومصالحهم .
التجنيس :
1- إن الأخبار التي ذكرتها صحف كويتية ويمنية وباكستانية ، والمشاهدات للازدحامات عند دائرة الجنسية لا تنبئ عن رغبة حل سياسي ومصالحة وطنية .
2- لتكن هناك لجنة محايدة للنظر في موضوع التجنيس منذ بدايته حتى نغلق هذا الملف ولا يكون حجر عثر في وجه أي مصالحة يمكن أن تتولد .
نظرة للمستقبل :
تعالوا معا نبني وطننا على أساس قيم إنشائية متقدمة، تعالوا معا نبني وطننا على قيمة المواطنة حيث ينظر إليك على أنك مواطن بحريني بدل وطن ينظر إليك فيه على أساس الأعراق والقبائل والطوائف ...
تعالوا معا نبني وطننا على أساس سيادة القانون حيث الجميع تحت القانون ولا أحد فوقه بدل وطن المتنفدين اللذين يستطيعون أن يستولوا على الأراضي والمال العام ويتصرفون بلا ضوابط أو قانون ولا احد يستطيع سؤالهم آو محاسبتهم وإيقافهم عن عبثهم في المال العام .
تعالوا معا نبني وطنا على أساس قيمة المساواة حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات بدل وطن التمييز على أساس تقسيمات جاهلية نبذها الإسلام ونبذتها الإنسانية
تعالوا معا نبني وطننا على أساس قيمة الديمقراطية تحت المبدأ الدستوري (الشعب مصدر السلطات) بدل وطن الاستفراد والديكتاتورية
تعالوا معا نبني وطننا في دولة مدنية حديثة متطورة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بدل الانتماء إلى عالم القرون الوسطى أو في أحسن التقييمات بلد من العالم الثالث .
تعالوا معا نبني وطنا يضمن لأبنائنا التعليم المتطور ، والرعاية الصحية والرفاهية في الحياة بدل وطن الأزمة المستعصية ابتداء من أزمة الرمل والماء والكهرباء والأراضي والإسكان وتراجع الجودة في التعليم و الصحة و الطرق وغيرها .
تعالوا معا نبني وطنا على قيمة الحرية والكرامة للجميع بدل وطن الاسياد والعبيد .
إن اختلاف درجة العبودية بين عبد البيت وعبد المزرعة وبين عبد بيده سوط وبين عبد يجلد ظهره لا يخرج العبد الذي بيده سوط عن العبودية .
تعالوا معا شيعه وسنة حاكمين ومحكومين إسلاميين وعلمانيين نبني وطن الكرامة والعزة والتحضر والاستقرار والتنمية لنا ولأبنائنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
اللهم اجعل هذا البلد امنا وارزق أهله من الثمرات وآمن أهله من كل خوف
والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته،،،
الصفحات
▼
السبت، 16 يوليو 2011
ما هو الجديد في ربيع الشعوب العربية؟
سعود المولى
يتفق المحللون والكتاب والباحثون المنصفون على أن ثورات الشباب في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين، وقبلها ثوراتنا المجهضة في لبنان وايران، هذه الثورات كسرت حواجز الخوف والرعب والعزلة التي عاشها الناس طيلة عقود من القهر والذل والقمع..
تمثلت الثورة على روتين الخضوع اليومي المستدام خصوصاً في اندفاع الناس للنزول الى الشوارع والساحات العامة بدل البقاء في العزلة الفردية في المنزل أو مكان العمل أو في الحارة أو القرية.. ويأتي في طليعة وسائل الخروج العام للناس على قواعد وضوابط الاستكانة والخضوع والمهانة دور شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت والفايسبوك والتويتر وغيرها..
خرج الناس شارعاً شارعاً وزنقة زنقة وحارة حارة وبيتاً بيتاً يقضون مضاجع الجلادين ويصرخون في وجه الظلمة الفاجرين..
والقيمة الأساس لكل ما جرى ويجري في البلاد العربية تتمثل في انطلاق مارد الحرية والكرامة من قمقمه الذي حُبس فيه منذ تسلط على رقاب هذه الأمة وشعوبها ظباط انقلابات آخر الليل، فرسان الهزائم والنكسات في وجه العدو المحتل ..
انطلقت الحناجر وتعالت الأصوات تنادي بحرية الرأي والتعبير..ومارس الناس هذا الحق عبر البيانات والشعارات واليافطات والمناقشات وعبر أصوات الهتافات تصرخ وتشدو بلابلها بأجمل ألحان الحرية في الشوارع والحارات وفي القرى وعلى الطرقات...
ومارس الناس الحرية في الانتظام والتنظيم وفي تشكيل التكتلات والتيارات والتحالفات..
ومارسوها في تبنيهم وهضمهم وتوطينهم لمفاهيم الديمقراطية والمساواة والمواطنة والعدالة وهي المفاهيم التي قال المستشرقون وقالت أحزاب الهزيمة والنكسة والانقلابات والاغتيالات انها مفاهيم ومعايير حديثة غربية بعيدة عن عقلية وذهنية شعوبنا القبلية الطائفية العشائرية..
وطرح الناس شعارلا للفساد وحولوه الى هم جماهيري والى أداة تحشيد وتعبئة في وجه الذين كدسوا مليارات الدولارات في بنوك الغرب مسحوبة من دماء شباب الوطن وشاباتها الذين قضوا في السجون الرهيبة أو على الحدود مع العدو..
اكتشفت شعوبنا معنى الكرامة البشرية ومعنى الحقوق المسلوبة منذ عقود ومعنى وضرورة المطالبة باستعادتها ولو بثمن الموت.. نعم طاب الموت والله طاب... وعزت الروح.. ولم تبخل الشعوب بها..
اكتشف الناس معنى المسؤولية الفردية والجمعية ومعنى المبادرة الى تحملها..وقاموا بذلك بكل اقتدار وعنفوان ..
واكتشف الناس معنى الوعي واليقظة في الدفاع عن المنجزات والمكتسبات وعدم الغفلة أو التهاون في وجه المتسلقين والانتهازيين ..فحشروا الاحزاب والشخصيات السياسية في الزاوية..
ومن واقع وحقيقة حداثة وعفوية وسائل التعبير والتنظيم، وواقع وحقيقة كون المطالبة سلمية ديمقراطية جماهيرية، كانت المعركة مع الأنظمة معركة شعبية لا عنفية ولا حزبية ولا نخبوية.. وقد رفضت الجماهير كل الزعامات المسقطة على الناس فجأة أو القادمة اليهم من الخارج ..
أما الجديد الرائع والخطير في آن معاً فيتمثل في ذلك الشعار البسيط الذي صار اليوم موضة العصر من المحيط الى الخليج: الشعب يريد... تلك الكلمة السحرية: الشعب يريد تؤذن بتبلور الارادة الشعبية للناس باعتبارها المقدمة الضرورية لكل اجتماع سياسي مدني يقوم على قواعد ثابتة من العدالة والمساواة ومن الحرية والكرامة ... وبالتالي فإنه يؤذن بولادة الرأي العام العربي بدل الغوغاء والجموع والحشود التي تهتف لجلادها الحزب الواحد والقائد الأوحد والزعيم المعصوم...صار الرأي العام هو وحده القائد وهو وحده المعصوم..
أما المنعطف السياسي الأهم والأخطر فتمثل في طرح مطلب وشعار إقامة الدولة المدنية.. لا دولة دينية ولا دولة علمانية، لا دولة فاشية أو شيوعية أو بعثية أو قومية عربية أو سورية... الدولة المدنية.. ولنتذكر أنه كان شعار المرحومين كمال جنبلاط ومحمد مهدي شمس الدين.
الدولة المدنية هذه هي المسألة والقضية الأساس التي ستحكم الحوارات والمجادلات والسياسات للعقود القادمة... وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
يتفق المحللون والكتاب والباحثون المنصفون على أن ثورات الشباب في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين، وقبلها ثوراتنا المجهضة في لبنان وايران، هذه الثورات كسرت حواجز الخوف والرعب والعزلة التي عاشها الناس طيلة عقود من القهر والذل والقمع..
تمثلت الثورة على روتين الخضوع اليومي المستدام خصوصاً في اندفاع الناس للنزول الى الشوارع والساحات العامة بدل البقاء في العزلة الفردية في المنزل أو مكان العمل أو في الحارة أو القرية.. ويأتي في طليعة وسائل الخروج العام للناس على قواعد وضوابط الاستكانة والخضوع والمهانة دور شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت والفايسبوك والتويتر وغيرها..
خرج الناس شارعاً شارعاً وزنقة زنقة وحارة حارة وبيتاً بيتاً يقضون مضاجع الجلادين ويصرخون في وجه الظلمة الفاجرين..
والقيمة الأساس لكل ما جرى ويجري في البلاد العربية تتمثل في انطلاق مارد الحرية والكرامة من قمقمه الذي حُبس فيه منذ تسلط على رقاب هذه الأمة وشعوبها ظباط انقلابات آخر الليل، فرسان الهزائم والنكسات في وجه العدو المحتل ..
انطلقت الحناجر وتعالت الأصوات تنادي بحرية الرأي والتعبير..ومارس الناس هذا الحق عبر البيانات والشعارات واليافطات والمناقشات وعبر أصوات الهتافات تصرخ وتشدو بلابلها بأجمل ألحان الحرية في الشوارع والحارات وفي القرى وعلى الطرقات...
ومارس الناس الحرية في الانتظام والتنظيم وفي تشكيل التكتلات والتيارات والتحالفات..
ومارسوها في تبنيهم وهضمهم وتوطينهم لمفاهيم الديمقراطية والمساواة والمواطنة والعدالة وهي المفاهيم التي قال المستشرقون وقالت أحزاب الهزيمة والنكسة والانقلابات والاغتيالات انها مفاهيم ومعايير حديثة غربية بعيدة عن عقلية وذهنية شعوبنا القبلية الطائفية العشائرية..
وطرح الناس شعارلا للفساد وحولوه الى هم جماهيري والى أداة تحشيد وتعبئة في وجه الذين كدسوا مليارات الدولارات في بنوك الغرب مسحوبة من دماء شباب الوطن وشاباتها الذين قضوا في السجون الرهيبة أو على الحدود مع العدو..
اكتشفت شعوبنا معنى الكرامة البشرية ومعنى الحقوق المسلوبة منذ عقود ومعنى وضرورة المطالبة باستعادتها ولو بثمن الموت.. نعم طاب الموت والله طاب... وعزت الروح.. ولم تبخل الشعوب بها..
اكتشف الناس معنى المسؤولية الفردية والجمعية ومعنى المبادرة الى تحملها..وقاموا بذلك بكل اقتدار وعنفوان ..
واكتشف الناس معنى الوعي واليقظة في الدفاع عن المنجزات والمكتسبات وعدم الغفلة أو التهاون في وجه المتسلقين والانتهازيين ..فحشروا الاحزاب والشخصيات السياسية في الزاوية..
ومن واقع وحقيقة حداثة وعفوية وسائل التعبير والتنظيم، وواقع وحقيقة كون المطالبة سلمية ديمقراطية جماهيرية، كانت المعركة مع الأنظمة معركة شعبية لا عنفية ولا حزبية ولا نخبوية.. وقد رفضت الجماهير كل الزعامات المسقطة على الناس فجأة أو القادمة اليهم من الخارج ..
أما الجديد الرائع والخطير في آن معاً فيتمثل في ذلك الشعار البسيط الذي صار اليوم موضة العصر من المحيط الى الخليج: الشعب يريد... تلك الكلمة السحرية: الشعب يريد تؤذن بتبلور الارادة الشعبية للناس باعتبارها المقدمة الضرورية لكل اجتماع سياسي مدني يقوم على قواعد ثابتة من العدالة والمساواة ومن الحرية والكرامة ... وبالتالي فإنه يؤذن بولادة الرأي العام العربي بدل الغوغاء والجموع والحشود التي تهتف لجلادها الحزب الواحد والقائد الأوحد والزعيم المعصوم...صار الرأي العام هو وحده القائد وهو وحده المعصوم..
أما المنعطف السياسي الأهم والأخطر فتمثل في طرح مطلب وشعار إقامة الدولة المدنية.. لا دولة دينية ولا دولة علمانية، لا دولة فاشية أو شيوعية أو بعثية أو قومية عربية أو سورية... الدولة المدنية.. ولنتذكر أنه كان شعار المرحومين كمال جنبلاط ومحمد مهدي شمس الدين.
الدولة المدنية هذه هي المسألة والقضية الأساس التي ستحكم الحوارات والمجادلات والسياسات للعقود القادمة... وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
متى ستضمد سورية جراحها ..
ميس الكريدي
كاتبة سورية
سورية تنزف أطفالا...
الشعب يتحلق حول طيف الحرية المتخم بالدم..
النزيف مستمر....
الضجيج يعبر الشوارع نيرانا وصراخا...
لك الله يا شعبا أبيا ينوح على ابواب الموت, ويشرق هتافات و نداءات..
وأنا القتيل الذي ما قتل .......أندفع وسط الجنازات لأتعمد بالوفاء ....لأتعلم انتصار الفكرة....زئير الموت...أغنية الخلود .......وعلى أبواب المقابر..نسيت عيوني..
الخوف...دفق الروح, بعض من صدى الوجدان يناجي الشهيد , يتطلع نحو الصباح.....الليل ينهمر سوادا وموتا..
يا قاتلي...استقم اجلالا لموتي..امسح فوهة البندقية..ابتعد عن دمي حتى لا تتلمس الأرض رائحة جريمتك, وبعض نتف روحي..فتشتعل ثأرا ولو مؤجلا لحين..
الوطن يتدلى على هامش الدمار..الله يحلق بين عينيه...ينام على سفح الخراب متوجا بالتضحية...وبلادي ترحل للسماء...ولو على أنقاض الموت...لكنها وسط مجمع الآلهة ...تقسم أن لا طفل سيبكي بدون أن نحاسب من نهب قلبه, وعينيه..
سينتصر البقاء في صراع الوجود...سيعلن الوطن خرائطه الجديدة من الإنسان للإنسان..وأكبر بالضحايا!!.. سنرمي على بوابات الزمن عظام الأحرار وقود الشعاع المتغلغل فينا..
يا ربيع العالم المولود فينا
يا ربيع الوطن المفقود فينا
يا سنين الذل ألا ارحلي.....ويا حرية على بوابات جهنم تئن رعبا انتظرينا...
قفي سورية على المذبح....فهذا اعترافك الأخير..
اغسلي الخطيئة بالدم...فالماء المقدس لا ينفع عندما تكفنين أبناءك..
اغسلي الخطيئة فقد انهمر القتل سفاحا على بوابة ابليس..
انشري التراب...اعجنيه بالدم.....نشفيه تحت الشمس فهذا قربان الثورة..
ضميني يا بلادي...وبالعشب المخضب ببقايانا البشرية اغمريني
ليمسح الوجدان ويلبس الجراح..ويجلل جبهة الوطن كلما شيع بعضا من أولاده..
إني أختنق بالغدر.......فيا أيتها الأم الباكية ببعض الدمع ارشقيني..
قررت أن أعتصم على عتبة طفل زار الخوف..لعل شموعي تعيد الله لمعبده المغلق برسم القهر..برسم أجهزة أمنية ترى في صرخة الوطن الذي مزق سكوك الإذعان..عدوا..ترى في شباب على أعتاب التاريخ يهدمون الليل والصمت..تمردا وعصيانا..
نعم هذا زمن العصيان..حيث لا أحد بعد سيكتب على دفاتري سواي.....لا أحد سيسرق قدري..لا أحد سيختار خطواتي..ولا أحد سيرمي علي ثقل القيود فأسجد بلا حراك.....لقد حطمت إلى الأبد قيودي..
يا صوتي المنطلق من عتق النواح ونحيبي....ارتسم على هامش القدر شهادة موقعة من سجن ضاق على الأحرار..
إني أنذر للحرية قلبي..فهل ستكون نذوري وفية لسعار الموت في وطني..
إني أنذر للمستقبل لحمي المتفسخ أمام البارود الهائج..فهل أنفاسي الأخيرة تخترق جبين الآثام يا بلاد الألم.. لقد قتلوني اليوم......قتلوني أمس....وغدا سيقتلوني....فمتى يا نداء الوطن ستشق الصواعق رقاب من قتلوني.. يا موت...لم يعد رهابك يعدم الصرخة...لم يعد لهاث الإجرام يسد الحدود في وجه من يقتحمون الأفق بصدر عار..
أنا الحق..أنا العدل..أنا حامل الأغلال في نفسي أصب على الجدران بقايا النذور....وأحرق الجثث لعل الكون يضج برائحة اللحم البشري المحترق..
سأدعو لحملة وطنية لدعم الأطفال في بلدي......برسم اليتم ..برسم الاعتقال..برسم القتل...برسم المستشفيات التي انتفخت من هول ما روعها الوطن رعبا وهدرا ونزيفا بشريا..
سأرسم على جدار وجه أمي....سأمحوه ...ثم أعيد رسمه إلى أن يتطابق مع خرائطي من بانياس ..إلى درعا......من حدود لبنان .....لحدود العراق..من حدود تركية للجولان....وأنا لا أفرط..ولا أسامح .....ولا أصالح...
سترتدي على الرأس يا أمي العلم.....ولن نختلف على الحجاب وأحكام الدين فيه..عندما تكون صورة سورية عباءتي وملاءتي......
سأصلي في الشوارع ركعاتي التي ما تعلمت أداءها عمري....لكني اشتعلت إيمانا يوم سمعت صداها على الأرض..
سأختارك يا صبحا يموج على أكتاف المودعين برتبة شهيد.....إمامي..
سأختارك يا عالي الجبين ......على هامات الشوارع مشروع شهيد لتكون وليا في الفقه...و ربما بركتك تحل علي وعلى الوطن فتهديني..
لم يعد يا قلب طهر الروح بصلاة أو بدون....كلنا في الوطن سواء ..كلنا في العطاء سواء....عندما نقايض عيون الأرض بآخر شهقات الروح.....فلنسجد للبطولة ....
سنشعل الشموع ...فكل حارة في سورية معبد......سنخلع النعال و نصلي طهرا فكل سورية مسجد....سنحمي الطفولة, ما استطعنا فكل سورية جنة من نور سنفتحها على الحب يوما.........سنرفع الجباه ..ونزغرد خلف مواكب الشباب ...ونشيعهم بعرس الحرية فكل الوطن صار مقبرة...
كاتبة سورية
سورية تنزف أطفالا...
الشعب يتحلق حول طيف الحرية المتخم بالدم..
النزيف مستمر....
الضجيج يعبر الشوارع نيرانا وصراخا...
لك الله يا شعبا أبيا ينوح على ابواب الموت, ويشرق هتافات و نداءات..
وأنا القتيل الذي ما قتل .......أندفع وسط الجنازات لأتعمد بالوفاء ....لأتعلم انتصار الفكرة....زئير الموت...أغنية الخلود .......وعلى أبواب المقابر..نسيت عيوني..
الخوف...دفق الروح, بعض من صدى الوجدان يناجي الشهيد , يتطلع نحو الصباح.....الليل ينهمر سوادا وموتا..
يا قاتلي...استقم اجلالا لموتي..امسح فوهة البندقية..ابتعد عن دمي حتى لا تتلمس الأرض رائحة جريمتك, وبعض نتف روحي..فتشتعل ثأرا ولو مؤجلا لحين..
الوطن يتدلى على هامش الدمار..الله يحلق بين عينيه...ينام على سفح الخراب متوجا بالتضحية...وبلادي ترحل للسماء...ولو على أنقاض الموت...لكنها وسط مجمع الآلهة ...تقسم أن لا طفل سيبكي بدون أن نحاسب من نهب قلبه, وعينيه..
سينتصر البقاء في صراع الوجود...سيعلن الوطن خرائطه الجديدة من الإنسان للإنسان..وأكبر بالضحايا!!.. سنرمي على بوابات الزمن عظام الأحرار وقود الشعاع المتغلغل فينا..
يا ربيع العالم المولود فينا
يا ربيع الوطن المفقود فينا
يا سنين الذل ألا ارحلي.....ويا حرية على بوابات جهنم تئن رعبا انتظرينا...
قفي سورية على المذبح....فهذا اعترافك الأخير..
اغسلي الخطيئة بالدم...فالماء المقدس لا ينفع عندما تكفنين أبناءك..
اغسلي الخطيئة فقد انهمر القتل سفاحا على بوابة ابليس..
انشري التراب...اعجنيه بالدم.....نشفيه تحت الشمس فهذا قربان الثورة..
ضميني يا بلادي...وبالعشب المخضب ببقايانا البشرية اغمريني
ليمسح الوجدان ويلبس الجراح..ويجلل جبهة الوطن كلما شيع بعضا من أولاده..
إني أختنق بالغدر.......فيا أيتها الأم الباكية ببعض الدمع ارشقيني..
قررت أن أعتصم على عتبة طفل زار الخوف..لعل شموعي تعيد الله لمعبده المغلق برسم القهر..برسم أجهزة أمنية ترى في صرخة الوطن الذي مزق سكوك الإذعان..عدوا..ترى في شباب على أعتاب التاريخ يهدمون الليل والصمت..تمردا وعصيانا..
نعم هذا زمن العصيان..حيث لا أحد بعد سيكتب على دفاتري سواي.....لا أحد سيسرق قدري..لا أحد سيختار خطواتي..ولا أحد سيرمي علي ثقل القيود فأسجد بلا حراك.....لقد حطمت إلى الأبد قيودي..
يا صوتي المنطلق من عتق النواح ونحيبي....ارتسم على هامش القدر شهادة موقعة من سجن ضاق على الأحرار..
إني أنذر للحرية قلبي..فهل ستكون نذوري وفية لسعار الموت في وطني..
إني أنذر للمستقبل لحمي المتفسخ أمام البارود الهائج..فهل أنفاسي الأخيرة تخترق جبين الآثام يا بلاد الألم.. لقد قتلوني اليوم......قتلوني أمس....وغدا سيقتلوني....فمتى يا نداء الوطن ستشق الصواعق رقاب من قتلوني.. يا موت...لم يعد رهابك يعدم الصرخة...لم يعد لهاث الإجرام يسد الحدود في وجه من يقتحمون الأفق بصدر عار..
أنا الحق..أنا العدل..أنا حامل الأغلال في نفسي أصب على الجدران بقايا النذور....وأحرق الجثث لعل الكون يضج برائحة اللحم البشري المحترق..
سأدعو لحملة وطنية لدعم الأطفال في بلدي......برسم اليتم ..برسم الاعتقال..برسم القتل...برسم المستشفيات التي انتفخت من هول ما روعها الوطن رعبا وهدرا ونزيفا بشريا..
سأرسم على جدار وجه أمي....سأمحوه ...ثم أعيد رسمه إلى أن يتطابق مع خرائطي من بانياس ..إلى درعا......من حدود لبنان .....لحدود العراق..من حدود تركية للجولان....وأنا لا أفرط..ولا أسامح .....ولا أصالح...
سترتدي على الرأس يا أمي العلم.....ولن نختلف على الحجاب وأحكام الدين فيه..عندما تكون صورة سورية عباءتي وملاءتي......
سأصلي في الشوارع ركعاتي التي ما تعلمت أداءها عمري....لكني اشتعلت إيمانا يوم سمعت صداها على الأرض..
سأختارك يا صبحا يموج على أكتاف المودعين برتبة شهيد.....إمامي..
سأختارك يا عالي الجبين ......على هامات الشوارع مشروع شهيد لتكون وليا في الفقه...و ربما بركتك تحل علي وعلى الوطن فتهديني..
لم يعد يا قلب طهر الروح بصلاة أو بدون....كلنا في الوطن سواء ..كلنا في العطاء سواء....عندما نقايض عيون الأرض بآخر شهقات الروح.....فلنسجد للبطولة ....
سنشعل الشموع ...فكل حارة في سورية معبد......سنخلع النعال و نصلي طهرا فكل سورية مسجد....سنحمي الطفولة, ما استطعنا فكل سورية جنة من نور سنفتحها على الحب يوما.........سنرفع الجباه ..ونزغرد خلف مواكب الشباب ...ونشيعهم بعرس الحرية فكل الوطن صار مقبرة...
رزان زيتونة: «النظام السوري يرتكب جرائم ضد الإنسانية
أكدت الناشطة الحقوقية رزان زيتونة أن عدد «الشهداء» في سورية وصل حتى صباح امس الى 1970 شخصاً بينهم 53 معتقلاً ماتوا بسبب التعذيب.ولفتت زيتونة الى «جهود حثيثة لايصال قضية ابراهيم قاشوش (مغني الثورة السورية) الى المحاكم الدولية»، مشيرة الى ان المعتقلين يتعرضون للضرب بالعصي المكهربة. واذ شددت على «ضرورة تفكيك النظام»، رأت «أن المجتمع الدولي لا يتعامل مع الملف السوري بشكل واضح».
«الرأي» الكويتية اتصلت بـ رزان زيتونة وأجرت معها الحوار الآتي:
• التقارير حول أوضاع حقوق الإنسان في سورية متضاربة وتحديداً ما يتعلق بعدد الضحايا والمعتقلين. ما المعلومات التي لديك حول عدد الضحايا والمعتقلين؟
فيما يتعلق بعدد الشهداء، فقد وثق مركز توثيق الانتهاكات في سورية بالتعاون مع لجان التنسيق المحلية 1970 شهيداً حتى صباح الجمعة 15 يوليو 2011.
بالتأكيد هذا الرقم ليس نهائياً، وهناك قلق كبير من احتمال ارتفاعه وخصوصاً مع وجود أعداد كبيرة من المختفين قسرياً خلال الثورة، الذين ثبت مقتل بعضهم تحت التعذيب لاحقاً، بالإضافة إلى المقابر الجماعية التي يحتمل اكتشافها في المستقبل.
اما فيما يتعلق بالأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال منذ بداية الثورة، فيقدَّر عددهم بعشرات الآلاف، لا يزال بينهم نحو خمسة عشر ألفاً قيد الاعتقال في مختلف المدن السورية.
• تفيد التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية الدولية بوقوع حالات تعذيب يتعرض لها المعتقلون. هل لديك معطيات حول وسائل التعذيب؟ وكم يبلغ عدد الأشخاص الذين توفوا تحت التعذيب؟
الاعتقالات العشوائية بأعداد كبيرة جداً، وتشمل غالباً عدة أفراد من العائلة الواحدة، يتمّ إخضاعهم لشتى أنواع التعذيب وإساءة المعاملة. النظام يتبع سياسة ممنهجة بهدف الترويع والترهيب وكسر إرادة السوريين. وأكثر وسائل التعذيب المستخدمة حالياً وفق شهادات معتقلين سابقين، هي الضرب المستمر بالكبلات والعصي المكهربة والركل بالأرجل، على مختلف أنحاء الجسم وخاصة الرأس والظهر، والكهرباء على الأصابع والمناطق الحساسة، والحرق بالسجائر، الشبح، المنع من شرب الماء وقضاء الحاجة.
وفقا للمصادر المذكورة سابقاً بلغ عدد مَن قتلوا تحت التعذيب حتى اللحظة 53 معتقلاً.
• شكل قتل ابراهيم قاشوش صدمة للرأي العام. ما معلوماتك حول ظروف قتله؟ وهل ثمة اتجاه من منظمات حقوق الانسان السورية لرفع هذا الملف الى الهيئات الدولية؟
مقتل ابراهيم هو جريمة من مئات الجرائم التي ارتُكبت بحق السوريين وأدت إلى استشهاد نحو ألفي شخص حتى الآن. هناك جهود حثيثة حالياً وخطوات قد اتُخذت بالفعل من أجل تحريك هذا الملف أمام محكمة الجنايات الدولية.
• لماذا يبقي النظام السوري على الخيار الأمني حتى اللحظة؟
بعد نحو ألفي شهيد وعشرات آلاف المعتقلين، الشعب لم يعد يقبل بأقل من إسقاط النظام وتغييره. والنظام يعي تماماً أن فرصة القيام بإصلاحات شكلية قد ولّى زمانها. حاول النظام تخفيف القبضة الأمنية عن بعض المناطق تحت الضغط الدولي، فما كان إلاّ أن زادت أعداد المتظاهرين بشكل هائل كما حصل في حماة أو دير الزور، ومطلبها الوحيد إسقاط النظام.
• بعد غياب أبرز أقطاب المعارضة عن مؤتمر الحوار الذي دعا اليه النظام ما الذي ينتظر سورية؟
ما ينتظر سورية لا يرتبط بغياب أبرز أقطاب المعارضة عمّا يسمى «مؤتمر الحوار» الذي عقد في الوقت نفسه الذي كانت الدبابات تدكّ أحياء في حمص وتحاصر قرى وبلدات في ادلب، بل هو مرتبط بسلوك النظام في الأيام المقبلة، سواء لجهة توسع الاحتجاجات وامتداداتها أو لجهة الضغوط الدولية المتصاعدة وشكل ردود أفعال النظام عليها.
• البيان الصادر عن اللقاء التشاوري وصفه البعض بالمحبط. لماذا لم يخرج اللقاء بنتائج ايجابية؟
لم يتطرق اللقاء التشاوري ثم البيان الصادر عنه لجوهر الأزمة، واكتفى بالدوران حولها أو بتناول مسائل إجرائية كانت تشكل مطالب للسوريين قبل الثورة. وحتى إجراء تعديلات حقيقية فيما يتعلق بقانون الأحزاب أو الدستور لن يُرضي المحتجين. المطلوب تفكيك بنية النظام الأمني الاستبدادي والانتقال بسورية إلى نظام ديموقراطي تعددي ودولة مدنية تُحترم فيها حقوق الجميع.
• هيلاري كلينتون قالت «ان الرئيس الأسد فقد شرعيته» للمرة الأولى منذ بداية الحركة الاحتجاجية في سورية. هل ثمة تحول في الموقف الاميركي تجاه سورية؟
اقتضى من الولايات المتحدة اربعة أشهر لبدء الحديث عن فقدان شرعية النظام. وهذا تحوّل بطيء ويؤشر بشكل عام إلى تقاعس المجتمع الدولي في تعامله مع جرائم النظام.
• يسعى بعض المعارضين السوريين في الخارج الى ايصال ملف حقوق الانسان في سورية لمجلس الأمن. ما رأيك بهذه المحاولات؟
ارتكب النظام جرائم ضد الانسانية وُثقت من نشطاء سوريين ومنظمات حقوقية دولية، ولا يجوز أن تمضي هذه الجرائم بغير محاسبة كما سبق وحصل في عقد الثمانينات.
النظام لا يصدّق أن الزمن تغيّر، وأن قتل الأبرياء والتنكيل بهم ليس فعلة يمكن أن ينجو بها من جديد.
«الرأي» الكويتية اتصلت بـ رزان زيتونة وأجرت معها الحوار الآتي:
• التقارير حول أوضاع حقوق الإنسان في سورية متضاربة وتحديداً ما يتعلق بعدد الضحايا والمعتقلين. ما المعلومات التي لديك حول عدد الضحايا والمعتقلين؟
فيما يتعلق بعدد الشهداء، فقد وثق مركز توثيق الانتهاكات في سورية بالتعاون مع لجان التنسيق المحلية 1970 شهيداً حتى صباح الجمعة 15 يوليو 2011.
بالتأكيد هذا الرقم ليس نهائياً، وهناك قلق كبير من احتمال ارتفاعه وخصوصاً مع وجود أعداد كبيرة من المختفين قسرياً خلال الثورة، الذين ثبت مقتل بعضهم تحت التعذيب لاحقاً، بالإضافة إلى المقابر الجماعية التي يحتمل اكتشافها في المستقبل.
اما فيما يتعلق بالأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال منذ بداية الثورة، فيقدَّر عددهم بعشرات الآلاف، لا يزال بينهم نحو خمسة عشر ألفاً قيد الاعتقال في مختلف المدن السورية.
• تفيد التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية الدولية بوقوع حالات تعذيب يتعرض لها المعتقلون. هل لديك معطيات حول وسائل التعذيب؟ وكم يبلغ عدد الأشخاص الذين توفوا تحت التعذيب؟
الاعتقالات العشوائية بأعداد كبيرة جداً، وتشمل غالباً عدة أفراد من العائلة الواحدة، يتمّ إخضاعهم لشتى أنواع التعذيب وإساءة المعاملة. النظام يتبع سياسة ممنهجة بهدف الترويع والترهيب وكسر إرادة السوريين. وأكثر وسائل التعذيب المستخدمة حالياً وفق شهادات معتقلين سابقين، هي الضرب المستمر بالكبلات والعصي المكهربة والركل بالأرجل، على مختلف أنحاء الجسم وخاصة الرأس والظهر، والكهرباء على الأصابع والمناطق الحساسة، والحرق بالسجائر، الشبح، المنع من شرب الماء وقضاء الحاجة.
وفقا للمصادر المذكورة سابقاً بلغ عدد مَن قتلوا تحت التعذيب حتى اللحظة 53 معتقلاً.
• شكل قتل ابراهيم قاشوش صدمة للرأي العام. ما معلوماتك حول ظروف قتله؟ وهل ثمة اتجاه من منظمات حقوق الانسان السورية لرفع هذا الملف الى الهيئات الدولية؟
مقتل ابراهيم هو جريمة من مئات الجرائم التي ارتُكبت بحق السوريين وأدت إلى استشهاد نحو ألفي شخص حتى الآن. هناك جهود حثيثة حالياً وخطوات قد اتُخذت بالفعل من أجل تحريك هذا الملف أمام محكمة الجنايات الدولية.
• لماذا يبقي النظام السوري على الخيار الأمني حتى اللحظة؟
بعد نحو ألفي شهيد وعشرات آلاف المعتقلين، الشعب لم يعد يقبل بأقل من إسقاط النظام وتغييره. والنظام يعي تماماً أن فرصة القيام بإصلاحات شكلية قد ولّى زمانها. حاول النظام تخفيف القبضة الأمنية عن بعض المناطق تحت الضغط الدولي، فما كان إلاّ أن زادت أعداد المتظاهرين بشكل هائل كما حصل في حماة أو دير الزور، ومطلبها الوحيد إسقاط النظام.
• بعد غياب أبرز أقطاب المعارضة عن مؤتمر الحوار الذي دعا اليه النظام ما الذي ينتظر سورية؟
ما ينتظر سورية لا يرتبط بغياب أبرز أقطاب المعارضة عمّا يسمى «مؤتمر الحوار» الذي عقد في الوقت نفسه الذي كانت الدبابات تدكّ أحياء في حمص وتحاصر قرى وبلدات في ادلب، بل هو مرتبط بسلوك النظام في الأيام المقبلة، سواء لجهة توسع الاحتجاجات وامتداداتها أو لجهة الضغوط الدولية المتصاعدة وشكل ردود أفعال النظام عليها.
• البيان الصادر عن اللقاء التشاوري وصفه البعض بالمحبط. لماذا لم يخرج اللقاء بنتائج ايجابية؟
لم يتطرق اللقاء التشاوري ثم البيان الصادر عنه لجوهر الأزمة، واكتفى بالدوران حولها أو بتناول مسائل إجرائية كانت تشكل مطالب للسوريين قبل الثورة. وحتى إجراء تعديلات حقيقية فيما يتعلق بقانون الأحزاب أو الدستور لن يُرضي المحتجين. المطلوب تفكيك بنية النظام الأمني الاستبدادي والانتقال بسورية إلى نظام ديموقراطي تعددي ودولة مدنية تُحترم فيها حقوق الجميع.
• هيلاري كلينتون قالت «ان الرئيس الأسد فقد شرعيته» للمرة الأولى منذ بداية الحركة الاحتجاجية في سورية. هل ثمة تحول في الموقف الاميركي تجاه سورية؟
اقتضى من الولايات المتحدة اربعة أشهر لبدء الحديث عن فقدان شرعية النظام. وهذا تحوّل بطيء ويؤشر بشكل عام إلى تقاعس المجتمع الدولي في تعامله مع جرائم النظام.
• يسعى بعض المعارضين السوريين في الخارج الى ايصال ملف حقوق الانسان في سورية لمجلس الأمن. ما رأيك بهذه المحاولات؟
ارتكب النظام جرائم ضد الانسانية وُثقت من نشطاء سوريين ومنظمات حقوقية دولية، ولا يجوز أن تمضي هذه الجرائم بغير محاسبة كما سبق وحصل في عقد الثمانينات.
النظام لا يصدّق أن الزمن تغيّر، وأن قتل الأبرياء والتنكيل بهم ليس فعلة يمكن أن ينجو بها من جديد.
سهير الأتاسي لبشّار الأسد: كفاك سفكاً للدماء، إرحل!
رفضت سهير الأتاسي، الناشطة السياسية السورية ورئيسة منتدى الأتاسي للحوار، إجراء أي حوار مع السلطات السورية، وأكدت أنه «لا حوار مع سلطة يدها ملطخة بقتل الشعب السوري». وقالت الأتاسي التي اعتقلت في 17 مارس (آذار) الماضي لنحو شهر تقريبا، بعد تصريحات أدلت بها لقنوات فضائية حول مظاهرات في دمشق كانت بداية الانتفاضة السورية، إن «النظام السوري بالتشاور مع أجهزته الأمنية قرر وضع الجيش في مواجهة أبناء بلده». وكانت الأتاسي اعتقلت أيضا لمدة أسبوع عام 2005 على خلفية تأسيسها لـ«منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي». وأشارت الناشطة الموجودة داخل سوريا، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إلى أن «الثورة تحمل رسالة واضحة للنظام هي أن السوريين ليسوا رعايا وأن سوريا ليست مزرعة لآل الأسد»، لافتة إلى أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد استخدم «وسائله القمعية كلها لكن الإجابة كانت اتساع رقعة الثورة، وتجسيد روح الوحدة الوطنية».وقالت الناشطة السورية «إن خطايا نظام الأسد تتمثل في قضية توريث السلطة في بلد جمهوري، واستخدام القضاء العادي في محاكمات الرأي وهو ما جعل من (القصر العدلي) مسرحا لقضايا معتقلي الرأي والضمير»، حيث وضع نظام بشار «القضاة تحت إمرة الأجهزة الأمنية»، وهنا نص الحوار:
* كناشطة سياسية في المقام الأول، كيف تحللين ما يحدث على الأرض في سوريا؟
هي ثورة.. شرارتها بدأت لتقول إننا مواطنون ولسنا رعايا.. وإن أرض سوريا لكل مواطنيها وليست مزرعة لآل الأسد.. ليس للوطن سيد.. هي ثورة الشباب الذين صدحوا للحرية فتمّت مواجهتهم بالاعتقال والتنكيل والقتل بالرصاص الحيّ، كل أجهزة النظام السوري استنفرت بما فيها الإعلام الرسمي الذي دأب على تأليف السيناريوهات عن المندسين والمخرّبين والعصابات المسلحة، لم يتمكّن نظام بشار الأسد ولا أدواته القمعية من إخماد تلك الثورة، وسرعان ما أعلن حربا وحشية تهدف إلى إبادة السوريين المطالبين بالحرية.. استخدم كل أوراقه: اقتحام المدن الآمنة بالدبابات، استخدم المروحيات، ورقة الجولان، الطائفية، الدفع إلى حمل السلاح، تلويث المياه، التهجير، التجويع، العزل، وكان الرد يأتي سريعا باتساع رقعة الثورة، وامتدادها على مدى أيام الأسبوع، ويأتي أيضا بسلميتها حيث واجه الثوار الرصاص الحي بالصدور العارية وبأغصان الزيتون والورود.. كما يأتي بتجسيد روح الوحدة الوطنية أكثر فأكثر.. حتى الشروخ التي عمل عليها النظام عبر سياسة التمييز التي اعتمدها للتفريق بين أطياف المجتمع، أتت الثورة لتعالجها ولتنادي باسم كل الشعب السوري: واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد.
* لكن البعض يتحدث عن عناصر مسلحة ضمن المحتجين؟
عناصر مسلحة؟! اليوم على الأراضي السورية نشهد معركة الحرية، معركة بين مواطنين عزّل باتوا يطالبون بإسقاط نظام استخدم آلة قمع وحشية لا يمكن أن تكون من صنع البشر، وقتل وهجّر وخان الشعب السوري، وبين ثوار سلاحهم وأدواتهم الحنجرة وغصن الزيتون والكلمة الحرة.
* لماذا كل هذا الغضب من قبل السوريين؟
قلناها مرارا، تعرضنا للقمع والتنكيل عندما كنا نطالب بالحرية والديمقراطية وإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق الحريات العامة، وإطلاق سراح كل معتقلي الرأي والضمير، والعمل على عودة المنفيين دون قيد أو شرط، حينها قلنا إن هذا القمع سيولّد البركان، كنا نعلم في قرارة أنفسنا أننا نعمل بشكل تراكمي ولكنه دؤوب باتجاه الحرية.. ولكننا لم نكن نحلم بهذه الثورة.. الشباب السوري جعل من الحلم حقيقة..
* وبرأيك ما الذي أجج الغضب ليصل لحد الثورة؟
كيف لا ينفجر الغضب بعد سنوات طويلة من القمع والخوف والظلم والقهر واحتكار ثروات البلاد والعباد، كيف لا تنفجر الثورة بعد حادثة أطفال درعا الذين اعتقلوهم من فراشهم لأنهم كتبوا على حيطان المدارس: «الشعب يريد إسقاط النظام».. المارد خرج من القمقم.. وجدار الخوف سقط، والحرية باتت قريبة.
* برأيك، ما هي أخطاء النظام السوري في عهد بشار الأسد؟
خطيئة النظام الأولى كانت في نشأته أساسا عبر خطأ التوريث، وراثة السلطة في جمهورية بتنا نسمّيها «جمهوراثية الأسد» ثم الانقضاض على ربيع دمشق الذي أرادوا منه أن يكتسبوا شرعية غير موجودة بالأصل، ولكنهم لم يحتملوا كلمة حرة ولو قيلت ضمن جدران منزل في منتدى، عاد بشار الأسد بسوريا إلى عهد أبيه ولكنه استخدم هذه المرة القضاء العادي وجعل من القصر العدلي مسرحا لقضايا معتقلي الرأي والضمير، ووضع القضاة تحت إمرة الأجهزة الأمنية لتنزل على المحكمة بالباراشوت تهم جاهزة وأحكام معدة مسبقا، لا يمكن أن ننسى كيف أنه استمر في سياسة أبيه بلبنان، بل وفاقم الأزمات الواحدة تلو الأخرى.. عزل سوريا عن محيطها الطبيعي واستخدم للكثير من الأوراق فقط للحفاظ على حكمه.. جرائمه كثيرة ومتعددة ومنها مجزرة صيدنايا التي ستكون علامة سوداء في عهد بشار الأسد.
* لكن النظام السوري يفتح يده للحوار الآن ورغم ذلك تصر قوى معارضة على مقاطعة الحوار، برأيك هل انعدمت جدوى الحوار؟
يد ملوثة بدماء أهلنا.. كيف لنا أن نقبل بها؟! فات الأوان، إضافة إلى أزمة الثقة الموجودة أساسا بين السلطة والمجتمع. وأكبر دليل الاعتقالات التي حدثت للفنانين والمثقفين الذين قرروا النزول للشارع للاصطفاف مع المطالب الشرعية لأحرار سوريا.. وكان رد النظام السوري أصدق في انسجامه مع نفسه من كل ادعاءات الحوار التي أراد منها كسب الوقت وفقط.
* لكن البعض يقول إن المعارضة خسرت بعدم المشاركة، هل هذا صحيح؟
على العكس تماما، برأيي أن المعارضة ربحت الشارع السوري واحترام الرأي العام لأنها أصغت إلى حناجر السوريين الأحرار، ولا بد أن يدرك العالم كله أن مطالب الثوار واضحة: الحرية وإسقاط النظام السوري ورحيل بشار الأسد وأركان حكمه.
* هل ترين جدوى من حوارات المعارضة بالخارج؟ وأي ضغط تشكله على النظام السوري؟
عملية الفصل بين معارضة الداخل والخارج هي من تأليف النظام السوري فقط. وباعتقادي أن كل الحوارات مفيدة شرط أن تلتف حول وليس على مطالب الثورة والثوار، وأن تتبناها دون فرض أي وصاية عليها، لأن الثورة قامت أيضا في مواجهة عهد الوصاية، حرية الحركة لدى معارضة الخارج تمكّنها من شرح قضيتنا لأحرار العالم، وكشف الجرائم التي تُرتكب بحق الإنسانية في سوريا.
* لكن البعض يقول إن هناك مشكلة في تنظيم المعارضة السورية، وإنها لم تقدم بديلا قويا حتى الآن؟
الثورة ستفرز البديل القادر على قيادة سوريا المستقبل، وعلى الجميع أن يدرك أن سوريا قامت من تحت الصفر، وتحولت بسرعة فائقة وبطريقة نوعية بفضل وعي شبابنا من كونها «مملكة الصمت» إلى بلد حيّ، شوارعه الآن مختلفة تماما عما كانت عليه منذ شهور، والمعارضة تعمل على تنظيم الصفوف، وهي على العموم متقاطعة في الخطوط العريضة الضرورية والحتمية، ودليل ذلك موقفها المشترك من مقاطعة ما يسمى بالحوار مع السلطة التي قتلت شعبها.
* البعض يقول إن الكل يحاول أن يحتكر تمثيل الشارع السوري، برأيك من يمثل الشارع السوري؟
الثوار، والثوار فقط هم من يمثلون الشارع السوري، وبرأيي التمثيل الحقيقي والفعلي سيتضّح أكثر وأكثر مع اتساع رقعة الثورة وانخراط الأكثرية الصامتة فيها، الأمر الذي لا أعتقد أنه سيتأخّر كثيرا.
* البعض يرى أن موقف المثقفين السوريين جاء متأخرا وكان خجولا ولم يرتق لمستوى الحدث، هل تتفقين مع هذا الرأي؟
- لا.. على العكس، أنا لمست لدى الكثير من السوريين الذين تواصلت معهم فرحة عارمة لأن الوجه الحقيقي للثقافة السورية والفن السوري تجلّى، لا يمكن أن نستهين بمن ينزل للشارع اليوم، لأنه ينزل وهو يضع أمام عينيه مصير الاعتقال أو الموت برصاص حي على أيدي أبناء جلدتنا للأسف.
* بعد أن اتسعت نطاق الاحتجاجات في سوريا، هل فقد النظام سيطرته على زمام الأمور؟
نعم ولذلك هو الآن يبطش ويتصرف بطريقة هستيرية لأنه يعلم تماما مصيره وأنها معركته الأخيرة.
* ومتى برأيك ستحدث نقطة النهاية لنظام بشار؟
- سنحددها عندما تدخل كل أحياء دمشق وحلب إلى قلب الثورة السورية ولن يكون ذلك ببعيد.
* كيف ستنتهي الاحتجاجات في سوريا، وهل يمكن أن تنتهي دون إسقاط النظام؟
ستنتهي في يوم احتفالنا بالحرية وسقوط نظام بشار الأسد بكل أركانه. وستبقى الأيادي متشابكة لبناء سوريا جديدة.. سوريا حرة مدنية.
* كيف تتخيلين شكل سوريا لو انتهت الأحداث دون سقوط النظام؟
ثورة تتأجج من جديد.
* كيف تنظرين لمزاعم مساندة إيران وحزب الله لنظام بشار لقمع الاحتجاجات؟
سمعنا من مصادر متعددة بخصوص مساندة النظام الإيراني لنظام الأسد في قمع الثورة، وكذلك حزب الله. لا أستبعد لأن نظاما يقمع شعبه كالنظام الإيراني، يمكن أن يساهم مع حليفه في قمع ثورة حرية، الأطراف الثلاثة متحالفة من أجل المصالح، وغالبا ما تكون المصالح على حساب المبادئ، ولكن الشعوب لا تغفر، وإن غفرت فلا يمكن أن تنسى.
* توليت رئاسة منتدى الأتاسي للحوار، كيف يمكن أن تصفي تعامل النظام السوري مع المعارضة قبيل الاحتجاجات؟
في كلمتين فقط، نظام استبدادي، ارتدى قناعا في بداية شهور حكمه. القصة طويلة مع المنتدى، من الصعب لضيق الوقت والمساحة سردها هنا.. ولكن القمع وإغلاق المنتديات يشهد على استبدادية النظام الحاكم، اعتقالات ربيع دمشق، إغلاق منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي بالقوة وحصار مقرّه، الذي هو منزلي، لشهور تلت اعتقال كل أعضاء مجلس إدارته، كان رسالة أن النظام لا يريد أن يسمع صوتا غير صوته.
* في رأيك إلى أي مدى أفسد الأمن السوري التسوية السلمية للاحتجاجات؟
أرفض هذا الفصل بين تصرفات الأمن والعمليات العسكرية التي تمارس بحق مدننا وأهلنا، وبين النظام السياسي الحاكم، نظام بشار الأسد قرر منذ البداية القضاء على الثورة عبر أجهزته الأمنية، ووضع الجيش السوري في مواجهة أبناء البلد، لكن الأحرار من الجيش قرروا الانشقاق ومنهم من لقي حتفه لأنه رفض إطلاق النار على مدني أعزل ينادي بالحرية.
* وزيرة الخارجية الأميركية قالت إن الأسد فقد الشرعية، هل فقد بشار شرعيته فعلا؟
الرئيس السوري أساسا لم يأخذ شرعيته من المواطنين قط، هو ورث الشرعية.. وحتى الشرعية المزعومة سقطت عنه مع أول شهيد ومع أول رصاصة قتل بها حرّ من أبناء بلدنا.
* ما هي الرسالة التي ترغبين في توجيهها لبشار الأسد؟
قلتها له مكتوبة وأعيدها: احذر.. أنت الآن في حضرة الشعب السوري الحر.. شعب واضح في مطالبه.. كفاك سفكا للدماء وارحل.
* كناشطة سياسية في المقام الأول، كيف تحللين ما يحدث على الأرض في سوريا؟
هي ثورة.. شرارتها بدأت لتقول إننا مواطنون ولسنا رعايا.. وإن أرض سوريا لكل مواطنيها وليست مزرعة لآل الأسد.. ليس للوطن سيد.. هي ثورة الشباب الذين صدحوا للحرية فتمّت مواجهتهم بالاعتقال والتنكيل والقتل بالرصاص الحيّ، كل أجهزة النظام السوري استنفرت بما فيها الإعلام الرسمي الذي دأب على تأليف السيناريوهات عن المندسين والمخرّبين والعصابات المسلحة، لم يتمكّن نظام بشار الأسد ولا أدواته القمعية من إخماد تلك الثورة، وسرعان ما أعلن حربا وحشية تهدف إلى إبادة السوريين المطالبين بالحرية.. استخدم كل أوراقه: اقتحام المدن الآمنة بالدبابات، استخدم المروحيات، ورقة الجولان، الطائفية، الدفع إلى حمل السلاح، تلويث المياه، التهجير، التجويع، العزل، وكان الرد يأتي سريعا باتساع رقعة الثورة، وامتدادها على مدى أيام الأسبوع، ويأتي أيضا بسلميتها حيث واجه الثوار الرصاص الحي بالصدور العارية وبأغصان الزيتون والورود.. كما يأتي بتجسيد روح الوحدة الوطنية أكثر فأكثر.. حتى الشروخ التي عمل عليها النظام عبر سياسة التمييز التي اعتمدها للتفريق بين أطياف المجتمع، أتت الثورة لتعالجها ولتنادي باسم كل الشعب السوري: واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد.
* لكن البعض يتحدث عن عناصر مسلحة ضمن المحتجين؟
عناصر مسلحة؟! اليوم على الأراضي السورية نشهد معركة الحرية، معركة بين مواطنين عزّل باتوا يطالبون بإسقاط نظام استخدم آلة قمع وحشية لا يمكن أن تكون من صنع البشر، وقتل وهجّر وخان الشعب السوري، وبين ثوار سلاحهم وأدواتهم الحنجرة وغصن الزيتون والكلمة الحرة.
* لماذا كل هذا الغضب من قبل السوريين؟
قلناها مرارا، تعرضنا للقمع والتنكيل عندما كنا نطالب بالحرية والديمقراطية وإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق الحريات العامة، وإطلاق سراح كل معتقلي الرأي والضمير، والعمل على عودة المنفيين دون قيد أو شرط، حينها قلنا إن هذا القمع سيولّد البركان، كنا نعلم في قرارة أنفسنا أننا نعمل بشكل تراكمي ولكنه دؤوب باتجاه الحرية.. ولكننا لم نكن نحلم بهذه الثورة.. الشباب السوري جعل من الحلم حقيقة..
* وبرأيك ما الذي أجج الغضب ليصل لحد الثورة؟
كيف لا ينفجر الغضب بعد سنوات طويلة من القمع والخوف والظلم والقهر واحتكار ثروات البلاد والعباد، كيف لا تنفجر الثورة بعد حادثة أطفال درعا الذين اعتقلوهم من فراشهم لأنهم كتبوا على حيطان المدارس: «الشعب يريد إسقاط النظام».. المارد خرج من القمقم.. وجدار الخوف سقط، والحرية باتت قريبة.
* برأيك، ما هي أخطاء النظام السوري في عهد بشار الأسد؟
خطيئة النظام الأولى كانت في نشأته أساسا عبر خطأ التوريث، وراثة السلطة في جمهورية بتنا نسمّيها «جمهوراثية الأسد» ثم الانقضاض على ربيع دمشق الذي أرادوا منه أن يكتسبوا شرعية غير موجودة بالأصل، ولكنهم لم يحتملوا كلمة حرة ولو قيلت ضمن جدران منزل في منتدى، عاد بشار الأسد بسوريا إلى عهد أبيه ولكنه استخدم هذه المرة القضاء العادي وجعل من القصر العدلي مسرحا لقضايا معتقلي الرأي والضمير، ووضع القضاة تحت إمرة الأجهزة الأمنية لتنزل على المحكمة بالباراشوت تهم جاهزة وأحكام معدة مسبقا، لا يمكن أن ننسى كيف أنه استمر في سياسة أبيه بلبنان، بل وفاقم الأزمات الواحدة تلو الأخرى.. عزل سوريا عن محيطها الطبيعي واستخدم للكثير من الأوراق فقط للحفاظ على حكمه.. جرائمه كثيرة ومتعددة ومنها مجزرة صيدنايا التي ستكون علامة سوداء في عهد بشار الأسد.
* لكن النظام السوري يفتح يده للحوار الآن ورغم ذلك تصر قوى معارضة على مقاطعة الحوار، برأيك هل انعدمت جدوى الحوار؟
يد ملوثة بدماء أهلنا.. كيف لنا أن نقبل بها؟! فات الأوان، إضافة إلى أزمة الثقة الموجودة أساسا بين السلطة والمجتمع. وأكبر دليل الاعتقالات التي حدثت للفنانين والمثقفين الذين قرروا النزول للشارع للاصطفاف مع المطالب الشرعية لأحرار سوريا.. وكان رد النظام السوري أصدق في انسجامه مع نفسه من كل ادعاءات الحوار التي أراد منها كسب الوقت وفقط.
* لكن البعض يقول إن المعارضة خسرت بعدم المشاركة، هل هذا صحيح؟
على العكس تماما، برأيي أن المعارضة ربحت الشارع السوري واحترام الرأي العام لأنها أصغت إلى حناجر السوريين الأحرار، ولا بد أن يدرك العالم كله أن مطالب الثوار واضحة: الحرية وإسقاط النظام السوري ورحيل بشار الأسد وأركان حكمه.
* هل ترين جدوى من حوارات المعارضة بالخارج؟ وأي ضغط تشكله على النظام السوري؟
عملية الفصل بين معارضة الداخل والخارج هي من تأليف النظام السوري فقط. وباعتقادي أن كل الحوارات مفيدة شرط أن تلتف حول وليس على مطالب الثورة والثوار، وأن تتبناها دون فرض أي وصاية عليها، لأن الثورة قامت أيضا في مواجهة عهد الوصاية، حرية الحركة لدى معارضة الخارج تمكّنها من شرح قضيتنا لأحرار العالم، وكشف الجرائم التي تُرتكب بحق الإنسانية في سوريا.
* لكن البعض يقول إن هناك مشكلة في تنظيم المعارضة السورية، وإنها لم تقدم بديلا قويا حتى الآن؟
الثورة ستفرز البديل القادر على قيادة سوريا المستقبل، وعلى الجميع أن يدرك أن سوريا قامت من تحت الصفر، وتحولت بسرعة فائقة وبطريقة نوعية بفضل وعي شبابنا من كونها «مملكة الصمت» إلى بلد حيّ، شوارعه الآن مختلفة تماما عما كانت عليه منذ شهور، والمعارضة تعمل على تنظيم الصفوف، وهي على العموم متقاطعة في الخطوط العريضة الضرورية والحتمية، ودليل ذلك موقفها المشترك من مقاطعة ما يسمى بالحوار مع السلطة التي قتلت شعبها.
* البعض يقول إن الكل يحاول أن يحتكر تمثيل الشارع السوري، برأيك من يمثل الشارع السوري؟
الثوار، والثوار فقط هم من يمثلون الشارع السوري، وبرأيي التمثيل الحقيقي والفعلي سيتضّح أكثر وأكثر مع اتساع رقعة الثورة وانخراط الأكثرية الصامتة فيها، الأمر الذي لا أعتقد أنه سيتأخّر كثيرا.
* البعض يرى أن موقف المثقفين السوريين جاء متأخرا وكان خجولا ولم يرتق لمستوى الحدث، هل تتفقين مع هذا الرأي؟
- لا.. على العكس، أنا لمست لدى الكثير من السوريين الذين تواصلت معهم فرحة عارمة لأن الوجه الحقيقي للثقافة السورية والفن السوري تجلّى، لا يمكن أن نستهين بمن ينزل للشارع اليوم، لأنه ينزل وهو يضع أمام عينيه مصير الاعتقال أو الموت برصاص حي على أيدي أبناء جلدتنا للأسف.
* بعد أن اتسعت نطاق الاحتجاجات في سوريا، هل فقد النظام سيطرته على زمام الأمور؟
نعم ولذلك هو الآن يبطش ويتصرف بطريقة هستيرية لأنه يعلم تماما مصيره وأنها معركته الأخيرة.
* ومتى برأيك ستحدث نقطة النهاية لنظام بشار؟
- سنحددها عندما تدخل كل أحياء دمشق وحلب إلى قلب الثورة السورية ولن يكون ذلك ببعيد.
* كيف ستنتهي الاحتجاجات في سوريا، وهل يمكن أن تنتهي دون إسقاط النظام؟
ستنتهي في يوم احتفالنا بالحرية وسقوط نظام بشار الأسد بكل أركانه. وستبقى الأيادي متشابكة لبناء سوريا جديدة.. سوريا حرة مدنية.
* كيف تتخيلين شكل سوريا لو انتهت الأحداث دون سقوط النظام؟
ثورة تتأجج من جديد.
* كيف تنظرين لمزاعم مساندة إيران وحزب الله لنظام بشار لقمع الاحتجاجات؟
سمعنا من مصادر متعددة بخصوص مساندة النظام الإيراني لنظام الأسد في قمع الثورة، وكذلك حزب الله. لا أستبعد لأن نظاما يقمع شعبه كالنظام الإيراني، يمكن أن يساهم مع حليفه في قمع ثورة حرية، الأطراف الثلاثة متحالفة من أجل المصالح، وغالبا ما تكون المصالح على حساب المبادئ، ولكن الشعوب لا تغفر، وإن غفرت فلا يمكن أن تنسى.
* توليت رئاسة منتدى الأتاسي للحوار، كيف يمكن أن تصفي تعامل النظام السوري مع المعارضة قبيل الاحتجاجات؟
في كلمتين فقط، نظام استبدادي، ارتدى قناعا في بداية شهور حكمه. القصة طويلة مع المنتدى، من الصعب لضيق الوقت والمساحة سردها هنا.. ولكن القمع وإغلاق المنتديات يشهد على استبدادية النظام الحاكم، اعتقالات ربيع دمشق، إغلاق منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي بالقوة وحصار مقرّه، الذي هو منزلي، لشهور تلت اعتقال كل أعضاء مجلس إدارته، كان رسالة أن النظام لا يريد أن يسمع صوتا غير صوته.
* في رأيك إلى أي مدى أفسد الأمن السوري التسوية السلمية للاحتجاجات؟
أرفض هذا الفصل بين تصرفات الأمن والعمليات العسكرية التي تمارس بحق مدننا وأهلنا، وبين النظام السياسي الحاكم، نظام بشار الأسد قرر منذ البداية القضاء على الثورة عبر أجهزته الأمنية، ووضع الجيش السوري في مواجهة أبناء البلد، لكن الأحرار من الجيش قرروا الانشقاق ومنهم من لقي حتفه لأنه رفض إطلاق النار على مدني أعزل ينادي بالحرية.
* وزيرة الخارجية الأميركية قالت إن الأسد فقد الشرعية، هل فقد بشار شرعيته فعلا؟
الرئيس السوري أساسا لم يأخذ شرعيته من المواطنين قط، هو ورث الشرعية.. وحتى الشرعية المزعومة سقطت عنه مع أول شهيد ومع أول رصاصة قتل بها حرّ من أبناء بلدنا.
* ما هي الرسالة التي ترغبين في توجيهها لبشار الأسد؟
قلتها له مكتوبة وأعيدها: احذر.. أنت الآن في حضرة الشعب السوري الحر.. شعب واضح في مطالبه.. كفاك سفكا للدماء وارحل.