الصفحات

السبت، 2 فبراير 2013

عن قانون الانتخابات والزواج المدني


معركتان نجح النظام السوري وحلفاؤه في فرضهما على خصومه وارباكهم بها الى حد كبير، وكان بالامكان عدم الوقوع فيهما والمبادرة الى طرح مشاريع واضحة وجريئة تغلق الباب أمام الفتنة الموصوفة لهذه المعارك الوهمية: 1-قانون ايلي الفرزلي السيء السمعة (أقصد القانون) وقد انزلق البعض على قشرة الموز هذه بعنوان وحدة الصف المسيحي أولاً وضرورة التمثيل الصحيح للمسيحيين في البرلمان ثانياً... متناسين أن باقي الطوائف ستطالب أيضاً بوحدة الصف (لا صوت يعلو فوق صوت وحدة الطائفة) وبالتمثيل الصحيح العادل المناسب لحجمها (أي المثالثة وليس المناصفة)... ومتناسين أن وجود المسيحيين والمسلمين هو أصلاً على المحك ولا خلاص لهم الا معاً وبالدولة الديموقراطية المدنية... يعني ننهض معاً أو نسقط فرادى... والأنكى من ذلك أن الجميع يدرك ويعلم علم اليقين بانه لا انتخابات ولا من يحزنون.. يعني ذلك ان مصير المسيحيين اللبنانيين غير متعلق أصلاً بانتخابات لن تحصل اليوم ولا غداً ... فلماذا التضحية بما في اليد من اجل 10 عصافير على الشجرة... أي في عالم الغيب..لأن السادة الكرام لا يعرفون ما سيصير عليه الوضع بعد يومين ... برغم لجوئهم الى نبؤات ليلى عبد اللطيف وميشال حايك ومن لف لفهما... ألم يكن بالامكان بدل ذلك الدعوة لمؤتمرات وطنية وورش عمل لبحث سبل حماية السلم الأهلي والعدالة والمصالحة وكيفية تطبيق الطائف فعلياً، وضرورات الاستعداد لزلزال المحكمة الدولية وزلزال سوريا المتفاقم؟؟؟ والعاقل والمدرك للامور يعرف ان ما يجري مناورات سياسية رخيصة للحشر والمغالبة.. لذا كان من الأنسب عدم الانجرار خلف صراع حول جنس الملائكة... والنأي بالنفس عن هذا الهراء غير الارثوذكسي وغير الكاثوليكي... 2- الزواج المدني وهو موضوع قديم جديد يتم طرحه دائماً لاستثارة الفتنة الطائفية واظهار السنّة بمظهر غير المدنيين .. حصل هذا زمن الرئيس الياس الهراوي بطلب سوري لحشر الرئيس الحريري ... يومها وافق وزراء حركة أمل على القانون المدني بطلب سوري مباشر وأيضاً لحشر الرئيس الحريري في الزاوية نظراً لما لهذا الأمر من حساسية دينية اسلامية... ولا أظن أن الرئيسين الهراوي وبري ، ومعهما الوزراء الأشاوس، كانوا من المهتمين بالحقوق المدنية للمواطن اللبناني...كما لا أظن أن من كان يطرح في كل فترة مشروع الغاء الطائفية السياسية كان بريئاً من الغرضية براءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب... أما اليوم فقد شارك المفتي قباني (ولحقه المجلس الشيعي) في عملية التحريض ضد الزواج المدني وبصورة غير مقبولة بكل المعايير... وهدف المفتي قباني واضح للعيان إذ يتعلق الأمر بالدعوة الى انتخاب المجلس الشرعي وبالتالي تطييره من منصبه المختلف حول شرعيته أصلاً، وهو باستثارته تعبئة دينية تعطيه مصداقية شعبية يحشر تيار المستقبل في الزاوية ويربك الرئيس ميقاتي ويخلط الأوراق ويكسب وقتاً... وقد نجح في ذلك للأسف... مؤقتاً...وما تأييد المجلس الشيعي له سوى من باب التضامن السياسي ونحن نعلم أن وزراء حركة أمل صوتوا بالاجماع لصالح مشروع الرئيس الهراوي للزواج المدني في شباط 1998.. وفي هذا السياق يتوجب التنويه بقوة بأنه لا يحق لأحد (من الناحية الدينية الشرعية أولاً ومن الناحية السياسية الوطنية ثانياً) التصريح بتكفير وتهديد بحد الردة واخراج مسلمين (بينهم نواب ووزراء ورؤساء وزراء وقضاة ومفكرون ..الخ..) من دينهم والتهديد بعدم الصلاة عليهم أو دفنهم في مدافن المسلمين...هذا لم يحصل من قبل في تاريخ المسلمين في لبنان... ولا يجوز أن يمر مرور الكرام. وقد تعلمنا في ديننا أن الرسول صلى بنفسه على رئيس المنافقين الذين كانوا يستهزئون به ويكفرون برسالته... وتعلمنا أن الحكم الأخير بين الناس هو لله يوم القيامة.. كما تعلمنا في ديننا أن الفتوى هي رأي (قد يكون مصيباً وقد يكون مخطئاً) وليست حكماً قضائياً ... وتعلمنا في ديننا انه لا كهنوت في الاسلام .. المقصود بالإفتاء: الإفتاء في اللغة معناه الكشف والبيان والإيضاح. أما المقصود بالإفتاء شرعا فهو بيان الأحكام الشرعية فيما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات والآدب، وغير ذلك من المسائل التى لها أحكامها المستقرة فى شريعة الإسلام. وبناء على ذلك، فإن وظيفة المفتى الشرعى هي بيان الحكم الديني فى مسألة من المسائل من حيث كونها من الأمور المباحة، أو المندوبة، أو المكروهة، أو الواجبة، أو المحرمة...أي من دون تكفير وتهديد ووعيد..فالمفتي يجتهد رأيه ولا يملك فرضه.. والإفتاء أمانة كبيرة وتبعة عظيمة لأن المفتى فى مسألة ما مسؤول أمام الله تعالى عما أفتى به ، فإن أفتى بالحق والصواب كان له أجره، وإن أفتى بالخطأ والجهل والهوى كان أمره فرطا، وكان عقابه لا يعلم شدته إلا الله. الفرق بين القاضي والمفتي: إن حكم القاضي ملزم لمن تحاكم إليه ينفذ قهرًا، أما فتوى المفتي فغير ملزمة في المنازعات بين الخصوم، إذ ليس من شأنه طلب البيانات واستشهاد الشهود واستحلاف أطراف النـزاع، وليس مجلسه مجلس إقرار، بخلاف القاضي في كل ذلك، ويترتب على هذا: 1. إنه لا يفتى فيما ينظر فيه القاضي إلا على جهة المشورة وإبداء الرأي، فإذا كانت الدعوى معروضة أمام المحاكم للنظر فيها فلا يستفتى فيما كان النظر فيه من شأن القاضي، وليكن السؤال عاما لا علاقة له بحق لأحد أو على أحد. 2. إن فتواه لا تعارض حكم القاضي إلا إذا خالف نصا صريحا أو إجماعا صحيحا، فإن حكمه يكون باطلا حينئذ. 3. إنه لا يملك تغيير المحررات الرسمية التي يصدرها القاضي أوالمأذون كما في الزواج والطلاق، فإذا أراد من حررت له وثيقة طلاق رسمية مثلا أن يطعن فيها فالطريق الصحيح له أن يلجأ إلى المحكمة طلبا للتصحيح، ثم إذا أراد القاضي بعد ذلك أن يستشير المفتي فإنه يخاطبه بمحرر رسمي. 4. قد يطلب الزوج – أو الزوجة التي حضر زوجها للاستفتاء – من المفتي ما يفيد وقوع الطلاق من عـدم وقوعه، وحينئذ فإفادة دار الإفتاء بذلك إنما هي على سبيل الشهادة لا القضاء. وللمفتي صفات علمية، من أهمها أن يكون حافظا للقرآن الكريم مع فهمه السديد لمعاني ألفاظه ولسمو هداياته، وأن يكون واسع الاطلاع على السنة النبوية الشريفة وشروحها، ولديه الإحاطة الواعية بروح التشريع، واختلاف الآراء، وتطور الزمن والعادات، إلى غير ذلك من العلوم التى لا غنى لكل راسخ فى العلم منها. فقد روى عن الإمام الشافعي – رضى الله عنه – أنه قال: "لا يحل لأحد أن يفتى فى دين الله، إلا رجلا عارفا بكتاب الله تعالى بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصيرا باللغة الفصحى والشعر الجيد وما يحتاج إليه منهما فى فهم القرآن والسنة، ويكون مع هذا مشرفا على اختلاف علماء الأمصار، وتكون له فى ذلك قريحة وقادة، فإذا بلغ هذه الدرجة فله أن يفتي". وعلى المفتي أيضا ألا يتحرج من الرجوع عن فتواه إذا تبين له خطؤه. الزواج في الاسلام كما تعلمنا في فقهنا الاسلامي أنّ الأصل الأولي، العقلي والنقلي، في قضية السلطة على البشر، من قبل أي شخص كان، هو عدم المشروعية، فلا ولاية لأحد على أحد، ولا ولاية لأحد على جماعة، أو مجتمع، ولا ولاية لجماعة أو مجتمع على أحد، طالما أنّ الولاية الوحيدة الثابتة بحكم العقل والنقل، هي ولاية الله تعالى وحده دون غيره... وهذا يعني أنه بعد انقطاع الوحي بوفاة الرسول (عند السنة)، وبعد انقطاع العصمة بغيبة الامام المهدي (عند الشيعة)، عادت الولاية الى الأمة على نفسها.. أي أنّ الأمة يجب أن تشرّع لنفسها بواسطة أهل الخبرة والاختصاص، في كل مجال في حدود حاجاتها التنظيمية، وذلك في مناطق الفراغ التشريعي على حد قول شمس الدين، ومنها الشأن الإداري والتنظيمي... والصحيح أن الزواج في الاسلام هو عقد مدني أصلاً (شأن اداري تنظيمي) فهو ليس سراً مقدساً، وأساس هذا العقد المدني وجود الشهود عند أهل السنة (شاهداك زوجاك) وبلا شهود عند الشيعة، بل اتفاق وتراض بين الزوجين، إذ هو عقد مكتوب يحدد الحقوق والواجبات والمسؤوليات المتبادلة، أي ككل عقد مدني إداري أصلاً... ولكن هناك اشكالية أساسية في العقد الاسلامي وهي أنه لا يجوز لمسلمة أن تتزوج من غير مسلم.. وهذا له أسبابه السوسيولوجية المعروفة التي جعلت المرحوم الشيخ عبدالله العلايلي يطلق صرخته الشهيرة : أطوطميون أنتم؟.. وهذا الاشكال هو الداعي الوحيد لعدم قبول الزواج المدني لدى المسلمين لما لذلك من تداعيات ومفاعيل على مسائل أخرى في أساس تكوين الاسرة مثل البنوة والابوة (النسب) والامومة والحضانة والطلاق والإرث والوصية الخ....ومجتمعاتنا مجتمعات ذكورية وتشريعاتها تخدم ذلك... وبالتالي فليست المسألة مجرد زواج مدني بل كيفية اعادة تنظيم حقل الأسرة والاحوال الشخصية برمته في مجتمع ديني أولاً وذكوري أساساً.. أما القول بالاعتبار بالنموذج التونسي والماليزي والاندونيسي والتركي فهو صحيح مبدئياً ولكنه يتناسى أن هذه البلدان اسلامية صافية وعلى مذهب واحد غالباً، أو أن السلطات فيها مسلمة ودستورها ينص على دين الدولة، تماماً كما أن العلمانية الغربية قامت على مجتمعات مسيحية ثقافتها وروحها ودستورها وقوانينها مستمدة من تراثها المسيحي ولم تأخذ بالتعددية الدينية حين صاغت علمانيتها...المهم هنا القول بأن المطلوب اجتراح اجتهاد اسلامي مناسب للعصر والمكان والزمان وهذا ما حاول القيام به العلايلي وبعض علماء الشيعة مثل السيد محمد حسن الأمين والسيد علي الأمين والسيد هاني فحص.. وخلاصة القول إن الزواج المدني ينعقد عندنا في لبنان منذ أجيال (ولو في خارج البلاد) وتسجله المحاكم اللبنانية شرعياً وتنعقد مفاعيله حتمياً .. ولم يصدر عن أي مفتي سابقاً ما يلغي هذه الزيجات أو يجعل أصحابها كفرة مرتدين... فلنشتغل على ورش عمل تناقش وتصوغ اشكاليات الاحوال الشخصية وقوانينها في لبنان في ظل دعوتنا لدولة مدنية.. ولنشتغل على ورش عمل تناقش كيفية تطبيق اتفاق الطائف، وتصوغ حلولاً لمشكلة التمثيل الصحيح ومبدأ المناصفة والتقسيمات الادارية المناسبة واللامركزية الادارية وسلطات وصلاحيات مجلس الشيوخ والسلطة القضائية المستقلة فعلاً، وكيفية تحقيق ذلك.. ولنشتغل على ورش عمل وهيئات تعمل على حماية السلم الأهلي وحفظ الأمن والأمان للبنان في هذا المنعطف الخطر. أما الحل الآني (خطة خمسية) لمسألة السجال الحاصل اليوم فبسيط يا شباب... تطبيق اتفاق الطائف عبر المهمات التالية: 1- تشكيل مجلس شيوخ طائفي على أساس أن كل طائفة تنتخب شيوخها وعلى قاعدة المناصفة والنسبية . 2- تشكيل مجلس نواب محرر من القيد الطائفي على أساس المحافظة دائرة انتخابية واحدة، والاكثرية المطلقة مع وجود لوائح لكتل سياسية (أو أحزاب) لا طائفية.. نعم لا طائفية مثل الكتلة الدستورية والكتلة الوطنية والجبهة الاشتراكية.. 3- إعادة تشكيل المحافظات وجعلها 34 على أساس مشروع ناجي البستاني أو أي اقتراح غيره يناسب المناطق. 4- البدء الفعلي بتطبيق اللامركزية الادارية الموسعة بعد اعادة تشكيل المحافظات.وهذا يعني على سبيل المثال استقلالية الجامعة اللبنانية في المناطق كجامعات مستقلة وليس كفروع، وتعيين رؤساء لكل منها بدل الرئيس الواحد.. 5- البدء الفعلي بالانماء المتوازن من خلال تأهيل وتشغيل مطاري القليعات ورياق ومرفأ طرابلس (وغيره) ومصافي النفط في طرابلس والزهراني والمعارض العربية والدولية في طرابلس وشتوره وبعلبك والاوتوستراد العربي والجامعة اللامركزية والمناطق الصناعية في البقاع وتأهيل وتفعيل المستشفيات الحكومية والمستوصفات النقالة والزراعات البديلة... ومن خلال تسهيل عمليات فرز وضم وتسجيل الأراضي (خصوصاً في البقاع والشمال) وغير ذلك من مشاريع.. 6- تشكيل مجلس قضاء أعلى جديد مستقل يرشح أعضاءه الرؤساء الثلاثة ورؤساء الكتل النيابية من كل الطوائف ويتم لاحقاً انتخاب عشرة من بين المرشحين وعلى أساس الكفاءة والأقدمية.. فقط .. ويناط به وحده اعادة النظر في وضع القضاء برمته لضرب الفساد واعادة تشكيل الهيئات والمحاكم باتجاه تحقيق استقلالية السلطة القضائية نهائياً.. 7- تدريس الزامي للتربية الوطنية وللتنشئة المدنية في التعليم الرسمي والخاص للمرحلتين الابتدائية والتكميلية. 8- تدريس الزامي لتاريخ الاديان والثقافات المقارن، وعناوين وبنود من القانون المدني، في المرحلتين الثانوية والجامعية. 9- تكليف الجيش بأعمال الخدمة الاجتماعية المجانية في المناطق الريفية المتخلفة كاستصلاح الأراضي وشق الطرق وتزفيتها وبناء المدارس والمستوصفات أو اصلاحها..الخ.. والغاء السخرة المطبقة على الجنود في منازل الظباط. 10- تشكيل هيئة من القضاة المدنيين والدينيين (والمحامين) لاقتراح مشروع قانون مدني اختياري للاحوال الشخصية ..