مرة جديدة عن حقوق الفلسطينيين في لبنان
لكي تكتسب زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس معناها التاريخي يتوجب على الحكومة اللبنانية إنجاز كل خطوات وموجبات الاعتراف الرسمي الكامل بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.. ومن باب أولى فإنه يتعيّن علينا دعم الجهود الفلسطينية والعربية لنيل اعتراف العالم بعضوية فلسطين الكاملة في هيئة الأمم المتحدة وذلك من خلال دور رائد يقوم به لبنان في مجلس الأمن إذ هو يمثل الآن المجموعة العربية فيه ويتولى رئاسة المجلس لشهر أيلول الحاسم (موعد تقديم الطلب الفلسطيني)..
ومن باب التأكيد على دعم القضية الفلسطينية بكل مكوناتها باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية والاسلامية وخصوصاً دعم حق عودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم وممتلكاتهم، وفي سياق تعزيز العلاقات الأخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، فإننا ندعو الحكومة اللبنانية إلى التعاطي بجدية ومسؤولية وبشفافية وبالتزام إنساني أخلاقي مبدئي مع هموم الفلسطينيين اللاجئين في لبنان..
في شهر آب 2010 أصدرت حكومة الرئيس سعد الحريري قانوناً جديداً للعمل اعتبرناه في حينه خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية...فقد أبقى القانون الجديد على الحالة التمييزية تجاه العامل الفلسطيني من خلال اجازة العمل. فهي عدا عن شروطها القانونية المعقدة جدا فإنها لم تقدم أية مكتسبات جديدة للعمال الفلسطينيين ناهيك عن أن القانون الجديد يشجع أرباب العمل على التهرب من التصريح عن العمال الفلسطينيين بما يمكنهم من التنصل من أية مسؤوليات مادية تجاههم.
إن قيام الحكومة اللبنانية الجديدة بدعم القضية الفلسطينية بكل مكوناتها وخصوصا حق العودة ورفض مشاريع التوطين والتهجير والوطن البديل يستوجب اقرار الحقوق الإنسانية والإجتماعية للفلسطيني اللاجئ على أرض لبنان وخصوصا حق العمل في المجالات كافة باستثناء القطاع العام، والإستفادة من جميع المكتسبات التي يحصل عليها العامل اللبناني، أي تقديمات صندوق الضمان الإجتماعي في المجالين الصحي والإجتماعي،مع العلم أن العامل الفلسطيني غير مستثنى من إلزامية تسديد اشتراكاته السنوية لإدارة الصندوق.
على مستوى آخر أشد إيلاماً وعبثية فإن إقرار حق التملك وحق التوريث للفلسطينيين في لبنان، وحسب المحاكم الشرعية اللبنانية، لا علاقة له بأي تهويل سخيف بالتوطين فهو من الحقوق الأساسية لأي إنسان وأينما كان..ونحن لا نفهم أبداً ولا نقبل بتاتاً مبررات تلك الحملة العنصرية التي تشنها بعض القوى السياسية اللبنانية ولا صمت بعض الحلفاء عليها بله التواطؤ معها، وهم المفترض أنهم من داعمي شعب فلسطين.
إن رفع الغبن القائم عن المخيمات التي ترزخ تحت وطأة مجموعة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والامنية، والسماح بإدخال مواد البناء الى المخيمات، وإنهاء حالة الحصار العسكري حول كافة المخيمات في لبنان، والاسراع في محاكمة الموقوفين الفلسطينين وإغلاق ملف مذكرات التوقيف، وتسهيل معاملات الفلسطينين في مديرية شؤون اللاجئين، ومعالجة مشكلة فاقدي الاوراق الثبوتية، والحريات السياسية والنقابية والاعلامية، فضلا عن المطالبة باعادة اعمار مخيم نهر البارد، لا يمكن الا أن تكون خير مساعد للدولة اللبنانية على بسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية وعلى الوفاء بالتزاماتها في محاربة التوطين والتجنيس والتهجير والتمييز..
من هنا ضرورة إلغاء مبدأ المعاملة بالمثل الذي تحججت وتتحجج به الحكومات اللبنانية المتعاقبة لرفض الاعتراف بحقوق للفلسطينيين في لبنان.. إن الإفراج عن الحقوق الإنسانية والإجتماعية والاقتصادية والثقافية يكمن في استثناء الفلسطينيين من مبدأ المعاملة بالمثل لانتفاء موجباته الموضوعية.
ختاماً فإن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عبّروا ويعبرون عن تطلعهم إلى علاقة فلسطينية – لبنانية وطيدة قائمة على الإحترام المتبادل للحقوق والواجبات، وإننا نجدد الدعوة للحكومة اللبنانية للتعاطي العادل والموضوعي مع حقوقهم الانسانية والاجتماعية ومعالجة كل الملفات العالقة التي تتعلق بشؤونهم، فالإستقرار الإجتماعي للفلسطينيين يؤدي حتما إلى الإستقرار الأمني.. مع التأكيد على ما قالته وكررته القيادات الفلسطينية مراراً وهو أن أمن المخيمات الفلسطينية واستقرارها من أمن لبنان واستقراره.
الصفحات
▼
الاثنين، 15 أغسطس 2011
رسالة نلسون مانديلا إلى الثوار العرب
نلسون مانديلا
أعتذر أولاً عن الخوض في شؤونكم الخاصة، وسامحوني إن كنت دسست أنفي فيما لا ينبغي أن تقحم فيه.
لكني أحسست أن واجب النصح أولاً، والوفاء ثانيًا لما أوليتمونا إياه من مساندة أيام قراع الفصل العنصري يحتمان عليَّ رد الجميل وإن بإبداء رأي محَّصته التجارب وعجمتْه الأيامُ وأنضجته السجون.
أحبتي ثوار العرب؛ لا زلت أذكر ذلك اليوم بوضوح. كان يومًا مشمسًا من أيام كيب تاون. خرجت من السجن بعد أن سلخت بين جدرانه عشرة آلاف عام.
خرجت إلى الدنيا بعدما وُورِيتُ عنها سبعًا وعشرين عامًا لأني حلمت أن أرى بلادي خالية من الظلم والقهر والاستبداد، ورغم أن اللحظة أمام سجن فكتور فستر كانت كثيفة على المستوى الشخصي إذ سأرى وجوه أطفالي وأمهم بعد كل هذا الزمن، إلا أن السؤال الذي ملأ جوانحي حينها هو: كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عدلاً؟
أكاد أحس أن هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم. لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبير، وهو سؤال قد تحُدِّد الإجابة عليه طبيعة الاتجاه الذي ستنتهي إليه ثوراتكم.
إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم.
فالهدم فعل سلبي والبناء فعل إيجابي.
أو على لغة أحد مفكريكم – حسن الترابي – فإن إحقاق الحق أصعب بكثير من إبطال الباطل.
أنا لا أتحدث العربية للأسف، لكن ما أفهمه من الترجمات التي تصلني عن تفاصيل الجدل السياسي اليومي في مصر وتونس تشي بأن معظم الوقت هناك مهدر في سب وشتم كل من كانت له صلة تعاون مع النظامين البائدين وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفي والإقصاء، كما يبدو لي أن الاتجاه العام عندكم يميل إلى استثناء وتبكيت كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالأنظمة السابقة.
ذاك أمر خاطئ في نظري.
أنا أتفهم الأسى الذي يعتصر قلوبكم وأعرف أن مرارات الظلم ماثلة، إلا أنني أرى أن استهداف هذا القطاع الواسع من مجتمعكم قد يسبب للثورة متاعب خطيرة، فمؤيدو النظام السابق كانوا يسيطرون على المال العام وعلى مفاصل الأمن والدولة وعلاقات البلد مع الخارج. فاستهدافهم قد يدفعهم إلى أن يكون إجهاض الثورة أهم هدف لهم في هذه المرحلة التي تتميز عادة بالهشاشة الأمنية وغياب التوازن. أنتم في غنى عن ذلك، أحبتي.
إن أنصار النظام السابق ممسكون بمعظم المؤسسات الاقتصادية التي قد يشكل استهدافها أو غيابها أو تحييدها كارثة اقتصادية أو عدم توازن أنتم في غنى عنه الآن.
عليكم أن تتذكروا أن أتباع النظام السابق في النهاية مواطنون ينتمون إلى هذا البلد، فاحتواؤهم ومسامحتهم هي أكبر هدية للبلاد في هذه المرحلة، ثم إنه لا يمكن جمعهم ورميهم في البحر أو تحييدهم نهائياً، ثم إن لهم الحق في التعبير عن أنفسهم وهو حق ينبغي أن يكون احترامه من أبجديات ما بعد الثورة.
أعلم أن مما يزعجكم أن تروا ذات الوجوه التي كانت تنافق للنظام السابق تتحدث اليوم ممجدة الثورة، لكن الأسلم أن لا تواجهوهم بالتبكيت إذا مجدوا الثورة، بل شجعوهم على ذلك حتى تحيدوهم، وثقوا أن المجتمع في النهاية لن ينتخب إلا من ساهم في ميلاد حريته.
إن النظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي المرير.
أذكر جيدًا أني عندما خرجت من السجن كان أكبر تحد واجهني هو أن قطاعًا واسعًا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق، لكنني وقفت دون ذلك، وبرهنتْ الأيام أن هذا كان الخيار الأمثل ولولاه لانجرفت جنوب إفريقيا إما إلى الحرب الأهلية أو إلى الديكتاتورية من جديد. لذلك شكلت "لجنة الحقيقة والمصالحة" التي جلس فيها المعتدي والمعتدى عليه وتصارحا وسامح كل منهما الآخر.
إنها سياسة مرة لكنها ناجحة.
أرى أنكم بهذه الطريقة – وأنتم أدرى في النهاية – سترسلون رسائل اطمئنان إلى المجتمع الملتف حول الديكتاتوريات الأخرى أن لا خوف على مستقبلهم في ظل الديمقراطية والثورة، مما قد يجعل الكثير من المنتفعين يميلون إلى التغيير، كما قد تحجمون خوف وهلع الدكتاتوريات القائمة من طبيعة وحجم ما ينتظرها.
تخيلوا أننا في جنوب إفريقيا ركزنا – كما تمنى الكثيرون – على السخرية من البيض وتبكيتهم واستثنائهم وتقليم أظافرهم؟ لو حصل ذلك لما كانت قصة جنوب إفريقيا واحدة من أروع قصص النجاح الإنساني اليوم.
أتمنى أن تستحضروا قول نبيكم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
هوانتون، جوهانزبيرغ
أعتذر أولاً عن الخوض في شؤونكم الخاصة، وسامحوني إن كنت دسست أنفي فيما لا ينبغي أن تقحم فيه.
لكني أحسست أن واجب النصح أولاً، والوفاء ثانيًا لما أوليتمونا إياه من مساندة أيام قراع الفصل العنصري يحتمان عليَّ رد الجميل وإن بإبداء رأي محَّصته التجارب وعجمتْه الأيامُ وأنضجته السجون.
أحبتي ثوار العرب؛ لا زلت أذكر ذلك اليوم بوضوح. كان يومًا مشمسًا من أيام كيب تاون. خرجت من السجن بعد أن سلخت بين جدرانه عشرة آلاف عام.
خرجت إلى الدنيا بعدما وُورِيتُ عنها سبعًا وعشرين عامًا لأني حلمت أن أرى بلادي خالية من الظلم والقهر والاستبداد، ورغم أن اللحظة أمام سجن فكتور فستر كانت كثيفة على المستوى الشخصي إذ سأرى وجوه أطفالي وأمهم بعد كل هذا الزمن، إلا أن السؤال الذي ملأ جوانحي حينها هو: كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عدلاً؟
أكاد أحس أن هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم. لقد خرجتم لتوكم من سجنكم الكبير، وهو سؤال قد تحُدِّد الإجابة عليه طبيعة الاتجاه الذي ستنتهي إليه ثوراتكم.
إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم.
فالهدم فعل سلبي والبناء فعل إيجابي.
أو على لغة أحد مفكريكم – حسن الترابي – فإن إحقاق الحق أصعب بكثير من إبطال الباطل.
أنا لا أتحدث العربية للأسف، لكن ما أفهمه من الترجمات التي تصلني عن تفاصيل الجدل السياسي اليومي في مصر وتونس تشي بأن معظم الوقت هناك مهدر في سب وشتم كل من كانت له صلة تعاون مع النظامين البائدين وكأن الثورة لا يمكن أن تكتمل إلا بالتشفي والإقصاء، كما يبدو لي أن الاتجاه العام عندكم يميل إلى استثناء وتبكيت كل من كانت له صلة قريبة أو بعيدة بالأنظمة السابقة.
ذاك أمر خاطئ في نظري.
أنا أتفهم الأسى الذي يعتصر قلوبكم وأعرف أن مرارات الظلم ماثلة، إلا أنني أرى أن استهداف هذا القطاع الواسع من مجتمعكم قد يسبب للثورة متاعب خطيرة، فمؤيدو النظام السابق كانوا يسيطرون على المال العام وعلى مفاصل الأمن والدولة وعلاقات البلد مع الخارج. فاستهدافهم قد يدفعهم إلى أن يكون إجهاض الثورة أهم هدف لهم في هذه المرحلة التي تتميز عادة بالهشاشة الأمنية وغياب التوازن. أنتم في غنى عن ذلك، أحبتي.
إن أنصار النظام السابق ممسكون بمعظم المؤسسات الاقتصادية التي قد يشكل استهدافها أو غيابها أو تحييدها كارثة اقتصادية أو عدم توازن أنتم في غنى عنه الآن.
عليكم أن تتذكروا أن أتباع النظام السابق في النهاية مواطنون ينتمون إلى هذا البلد، فاحتواؤهم ومسامحتهم هي أكبر هدية للبلاد في هذه المرحلة، ثم إنه لا يمكن جمعهم ورميهم في البحر أو تحييدهم نهائياً، ثم إن لهم الحق في التعبير عن أنفسهم وهو حق ينبغي أن يكون احترامه من أبجديات ما بعد الثورة.
أعلم أن مما يزعجكم أن تروا ذات الوجوه التي كانت تنافق للنظام السابق تتحدث اليوم ممجدة الثورة، لكن الأسلم أن لا تواجهوهم بالتبكيت إذا مجدوا الثورة، بل شجعوهم على ذلك حتى تحيدوهم، وثقوا أن المجتمع في النهاية لن ينتخب إلا من ساهم في ميلاد حريته.
إن النظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضي المرير.
أذكر جيدًا أني عندما خرجت من السجن كان أكبر تحد واجهني هو أن قطاعًا واسعًا من السود كانوا يريدون أن يحاكموا كل من كانت له صلة بالنظام السابق، لكنني وقفت دون ذلك، وبرهنتْ الأيام أن هذا كان الخيار الأمثل ولولاه لانجرفت جنوب إفريقيا إما إلى الحرب الأهلية أو إلى الديكتاتورية من جديد. لذلك شكلت "لجنة الحقيقة والمصالحة" التي جلس فيها المعتدي والمعتدى عليه وتصارحا وسامح كل منهما الآخر.
إنها سياسة مرة لكنها ناجحة.
أرى أنكم بهذه الطريقة – وأنتم أدرى في النهاية – سترسلون رسائل اطمئنان إلى المجتمع الملتف حول الديكتاتوريات الأخرى أن لا خوف على مستقبلهم في ظل الديمقراطية والثورة، مما قد يجعل الكثير من المنتفعين يميلون إلى التغيير، كما قد تحجمون خوف وهلع الدكتاتوريات القائمة من طبيعة وحجم ما ينتظرها.
تخيلوا أننا في جنوب إفريقيا ركزنا – كما تمنى الكثيرون – على السخرية من البيض وتبكيتهم واستثنائهم وتقليم أظافرهم؟ لو حصل ذلك لما كانت قصة جنوب إفريقيا واحدة من أروع قصص النجاح الإنساني اليوم.
أتمنى أن تستحضروا قول نبيكم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
هوانتون، جوهانزبيرغ
استراتيجية الشبيحة
ديانا مقلد
منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا اعتمد النظام نهج المجابهة بالقوة والردع لقمع المحتجين مهما كانت تكلفة هذه القوة مرتفعة إنسانيا وسياسيا. أحد أركان سياسة القوة المفرطة هذه ما يمكن تعريفه باستراتيجية «الشبيحة»، أي استخدام طرف ثالث غير نظامي للبطش والقتل باسم الولاء للنظام من دون أن يكون النظام نفسه مباشرة.
ويبدو أننا كنا سذجا حين لم نقدر الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة أو لمدى اعتماد النظام في سوريا عليها ميدانيا من خلال القمع المباشر ومن خلال تطبيق «التشبيح» في الخطاب السياسي وفي المقاربة الإعلامية للاحتجاجات.
وظاهرة التشبيح هذه قائمة على القتل الجسدي والقمع فيما يتعلق بالداخل السوري، كما تقوم على عرقلة الاحتجاجات التضامنية، أو على خلق لغة ورأي عام مضاد لأولئك المنادين بالحرية وبسقوط النظام.. قوام الرأي العام «الشبيحي» إذا جاز التعبير قائم على السب والشتم والتحريض، وليس على أي منطق عقلي وإنساني قابل للاحتواء أو النقاش..
تطور التشبيح الإعلامي منذ بداية الاحتجاجات من خلال الإعلام السوري (الخاص) ومن خلال وسائل إعلام لبنانية موالية للنظام السوري مارست تشبيحها الإعلامي من خلال استضافة وجوه سياسية وإعلامية لا منطق لديها سوى الشتم والتحريض والدعوة الصريحة أحيانا للقضاء على المعارضة، أو من خلال الاستخفاف بحقيقة معاناة الشعب السوري واعتبار الدماء التي تسيل أنها ماء سكب على الطريق..
إلكترونيا، الحرب مستعرة بين مواقع وصفحات داعمة للثورة السورية وتلك التي يمكن إدراجها تحت مسمى الشبيحة الإلكترونيين، أو من يعرفون باسم «الجيش السوري الإلكتروني» الذين ينحصر دورهم في ملاحقة أخبار المعارضة للنظام والتعليق عليها أو شتمها ومحاولة تعطيلها..
لا يسع هؤلاء الشبيحة الإلكترونيون سوى السب والشتم أو إعادة نشر الروايات الرسمية للنظام..
ومنذ بداية الاحتجاجات اعتمد الشبيحة استراتيجية اعتراض منفر وقمعي وعنيف أحيانا لمواجهة مظاهرات أو اعتصامات تضامنية مع الشعب السوري في محنته، وقد اعتمد في ذلك على امتداداته البعثية والقومية..
حدث ذلك خلال اجتماع المعارضة في تركيا في أنطاليا وقبل أسبوعين في الأردن حين اعترض بضعة موالين للنظام السوري على مظاهرة في عمان تضامنا مع الشعب السوري..
أما المظهر الأكثر فظاظة لهذا التشبيح فيظهر جليا في لبنان حيث تكرر استهداف اعتصامات متضامنة مع الشعب السوري، وفي أحدها تعرض المعتصمون لضرب مبرح في غفلة من سلطة لبنانية تريد أن «تنأى» بنفسها عما يجري في سوريا. وحتى حين اعتصم ناشطون لبنانيون قبل أيام في وسط بيروت لدعم الحراك السوري حاول بضعة «شبيحة» الاعتراض وخلق مشكلة معهم..
هذا يظهر كم أن للنظام السوري امتدادات يستعين بها وهي الامتدادات والأدوات نفسها التي استعملت لتظهير خطاب ممانع ومقاوم بات ممجوجا..
يبدو جليا أن المهمة المطلوبة من هؤلاء «الشبيحة» الموجودين خارج سوريا ليست جزءا من مزاج محلي بل هي مهمة أمنية المطلوب عبرها إشعار المتضامنين مع الشعب السوري أن مهمتهم ستواجه بحلول أمنية موازية للحلول الأمنية التي يعتمدها النظام في سوريا.
منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا اعتمد النظام نهج المجابهة بالقوة والردع لقمع المحتجين مهما كانت تكلفة هذه القوة مرتفعة إنسانيا وسياسيا. أحد أركان سياسة القوة المفرطة هذه ما يمكن تعريفه باستراتيجية «الشبيحة»، أي استخدام طرف ثالث غير نظامي للبطش والقتل باسم الولاء للنظام من دون أن يكون النظام نفسه مباشرة.
ويبدو أننا كنا سذجا حين لم نقدر الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة أو لمدى اعتماد النظام في سوريا عليها ميدانيا من خلال القمع المباشر ومن خلال تطبيق «التشبيح» في الخطاب السياسي وفي المقاربة الإعلامية للاحتجاجات.
وظاهرة التشبيح هذه قائمة على القتل الجسدي والقمع فيما يتعلق بالداخل السوري، كما تقوم على عرقلة الاحتجاجات التضامنية، أو على خلق لغة ورأي عام مضاد لأولئك المنادين بالحرية وبسقوط النظام.. قوام الرأي العام «الشبيحي» إذا جاز التعبير قائم على السب والشتم والتحريض، وليس على أي منطق عقلي وإنساني قابل للاحتواء أو النقاش..
تطور التشبيح الإعلامي منذ بداية الاحتجاجات من خلال الإعلام السوري (الخاص) ومن خلال وسائل إعلام لبنانية موالية للنظام السوري مارست تشبيحها الإعلامي من خلال استضافة وجوه سياسية وإعلامية لا منطق لديها سوى الشتم والتحريض والدعوة الصريحة أحيانا للقضاء على المعارضة، أو من خلال الاستخفاف بحقيقة معاناة الشعب السوري واعتبار الدماء التي تسيل أنها ماء سكب على الطريق..
إلكترونيا، الحرب مستعرة بين مواقع وصفحات داعمة للثورة السورية وتلك التي يمكن إدراجها تحت مسمى الشبيحة الإلكترونيين، أو من يعرفون باسم «الجيش السوري الإلكتروني» الذين ينحصر دورهم في ملاحقة أخبار المعارضة للنظام والتعليق عليها أو شتمها ومحاولة تعطيلها..
لا يسع هؤلاء الشبيحة الإلكترونيون سوى السب والشتم أو إعادة نشر الروايات الرسمية للنظام..
ومنذ بداية الاحتجاجات اعتمد الشبيحة استراتيجية اعتراض منفر وقمعي وعنيف أحيانا لمواجهة مظاهرات أو اعتصامات تضامنية مع الشعب السوري في محنته، وقد اعتمد في ذلك على امتداداته البعثية والقومية..
حدث ذلك خلال اجتماع المعارضة في تركيا في أنطاليا وقبل أسبوعين في الأردن حين اعترض بضعة موالين للنظام السوري على مظاهرة في عمان تضامنا مع الشعب السوري..
أما المظهر الأكثر فظاظة لهذا التشبيح فيظهر جليا في لبنان حيث تكرر استهداف اعتصامات متضامنة مع الشعب السوري، وفي أحدها تعرض المعتصمون لضرب مبرح في غفلة من سلطة لبنانية تريد أن «تنأى» بنفسها عما يجري في سوريا. وحتى حين اعتصم ناشطون لبنانيون قبل أيام في وسط بيروت لدعم الحراك السوري حاول بضعة «شبيحة» الاعتراض وخلق مشكلة معهم..
هذا يظهر كم أن للنظام السوري امتدادات يستعين بها وهي الامتدادات والأدوات نفسها التي استعملت لتظهير خطاب ممانع ومقاوم بات ممجوجا..
يبدو جليا أن المهمة المطلوبة من هؤلاء «الشبيحة» الموجودين خارج سوريا ليست جزءا من مزاج محلي بل هي مهمة أمنية المطلوب عبرها إشعار المتضامنين مع الشعب السوري أن مهمتهم ستواجه بحلول أمنية موازية للحلول الأمنية التي يعتمدها النظام في سوريا.