الصفحات

السبت، 2 فبراير 2013

عفيف أبي فراج : في ذكراه يضيء قنديل المعرفة كلمة الدكتور سعود المولى في ندوة تكريم المرحوم الدكتور عفيف فراج- بعلشميه 25/11/2012


التحية الأولى أوجهها قوية من القلب والعقل معاً إلى السيدة عائدة وإلى عائلة عفيف الذين لولاهم لما كان هذا اللقاء حول كتاب جديد هو السادس منذ وفاته التي كانت مؤلمة لنا جميعاً. والتحية الثانية أوجهها قوية من القلب والعقل معاً إلى أصدقاء وزملاء ورفاق عفيف الذين يلتقون هنا اليوم حول كتابه كما كانوا يلتقون في السنوات الثماني الماضية منذ وفاته. في الحديث النبوي الشريف أنه "إذا مات الانسان ينقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية (وهي الوقف بحسب أغلب المفسرين) وعلم ينتفع به ، وولد صالح يدعو له"... وقد حقق عفيف هذه الثلاث من خلال السيدة عائدة خداج أبي فراج، وأولادهما، وقد وقفوا أنفسهم ومالهم ووقتهم وعلاقاتهم على نشر وتعميم علمه النافع ما جعلنا جميعاً ندعو له بالحسنى والثواب وندعو لهم بطول البقاء.. واليوم يتجدد هذا العطاء صدقة جارية وعلماً نافعاً ودعاء له وللعائلة، يتجدد بكتاب جديد (القمع السياسي، دار الآداب، بيروت، 2012) هو بحد ذاته مَعلم من معالم وعينا وفكرنا ونضالنا ولو أنه جاء بعد 30 سنة على كتابته...والكتاب هو أطروحته لنيل الدكتوراه عام 1982 وقد قامت السيدة عائدة وابنهما طارق بترجمتها الى العربية.. وأنا سأحاول في هذه العجالة أن أموضع الكتاب الجديد في سياقه التاريخي الذي حمل تحولات وتطلعات عاشها عفيف وعشناها معه وواكبناها سوية وشكلت زاداً له ولنا في فهمه وفهمنا المتجدد للواقع وفي جهاده وجهادنا الدائم من أجل المستضعفين والفقراء الكادحين، ومن أجل المعرفة المفيدة والعلم النافع، وهذا ما ميزه كمثقف مناضل ملتزم، أي كمجاهد، شاهد وشهيد... عفيف الزميل والصديق والأخ والزوج والأب ورفيق النضال والمعاناة في سبيل الحق والعدل، هو مجاهد حر، بالعلم والعمل، من أجل وطن أفضل، من أجل لقمة عيش حلال، من أجل حرية وكرامة، ومواطنة ومساواة.. وهو شاهد على عصره، وشهيد على ما قاله وكتبه.. وهذا أيضاً من الحديث النبوي الشريف: من مات دون أهله فهو شهيد، من مات دون أرضه فهو شهيد... ومن الحديث النبوي أيضاً: أن مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء.. وعفيف الشاهد الشهيد كان أولنا وأسبقنا في كل شيء.. بعد نكسة حزيران 67 وكان يومها في مصر ومنتمياً الى حركة القوميين العرب ذات الهوى الناصري الاشتراكي، كان عفيف من الذين شاركوا في نقد التجربة المريرة وفي بلورة طروحات التحول اليساري لحركة القوميين العرب الى جانب محسن ابراهيم ومحمد كشلي ورفاقهما.. وكان كتاب لماذا منظمة الاشتراكيين اللبنانيين (دار الطليعة، بيروت، 1970) باكورة انتاج هذا التطور اليساري في الحركة القومية العريقة... وأولى ثمار تحول عفيف كانت كتابه الأول ( دراسات يسارية في الفكر اليميني) (دار الطليعة 1970)، وفيه انتقد الفكر اليميني اللبناني بتجلياته المارونية الكتائبية كما القومية السورية، وصولاً الى التحريفية الماركسية للحزب الشيوعي اللبناني الموسكوبي، الى مثالية المعلم كمال جنبلاط، "ذات الفكر العتيق" (على حد وصفه لها)... كان سلاح النقد الثوري الجذري هو زاده الأول في تمّيزه بين اقرانه ، وهو سلاح ماركسي أساسي ولكننا امتطيناه على صهوة ربيع طلاب أوروبا الغربية في أيار 1968، وربيع براغ التي دمرتها الدبابات الروسية في آب 1968، الى ربيع الثورة الفيتنامية (هجوم الربيع 1968) ، فربيع الثورة الثقافية الصينية... وقد أسهم كتابه الأول ذاك في استثارة الحوارات والنقاشات داخل يسار الحزب القومي السوري الخارج من السجون، وأثمر انشقاق عشرات الشباب المتمركس من الحزب العتيق.. كما كان للكتاب دور كبير في النقاش الماركسي بين منظمة الاشتراكيين اللبنانيين (وريثة حركة القوميين العرب) وجماعة لبنان الاشتراكي (وضاح شرارة، أحمد بيضون، حسن قبيسي، وجيه كوثراني، محمود سويد، فواز طرابلسي).. ولكن الأثر الأكبر كان في الوسط الطلابي حيث أنه ساعدنا على بلورة صيغة (لجان العمل الطلابي) في المدارس والجامعات، كصيغة نضال مشترك تجمع قوى اليسار الجديد غير المتشكل بعد في إطار تنظيمي محدد.. الا ان الأهم في ذلك الكتاب أنه حمل مبكراً مقاربتين لم يسبقه اليهما أحد من ابناء جيله ورفاقه في اليسار.. المقاربة الأولى تتمثل في تشخيصه البنيوي لتمزق المواطن اللبناني والمجتمع اللبناني ما بين ثقافتين وهويتين ، ما بين "جذوره الحضارية والطبقية وحمى احتراق الحضارة الغربية الأخلاقي والمعنوي"، ما بين مجتمعه والمجتمعات العصرية، وما بين الطائفية السياسية والمواطنة المتساوية، وما بين مناهج التعليم المتعددة وضرورات الوحدة الثقافية الوطنية، وما بين كلنا للوطن وكلنا للطائفة والعائلة والطبقة الحاكمة... وقد أشار عفيف بعمق يومها الى ذلك الاغتراب والاقتلاع الذي يعانيه المواطن اللبناني.. ولكن الشيء الجديد يومها، بالنسبة ليساري ماركسي، لم يكن فقط في فهمه لمعنى المواطنة والدولة المدنية، وانما فهمه للتناقض الحضاري بين شرق وغرب، وللمسألة الثقافية تحديداً، ومسألة الهوية بالتالي، وهو الموضوع الذي سيستأثر بتفكيره وأبحائه وعناوين كتبه اللاحقة.. أما المقاربة الثانية المبدعة والمبكرة لعفيف فتمثلت في فهمه الماركسي الجديد للمسألة الدينية في بلادنا. وبرغم أنه لم يكن قد قرأ غرامشي يومها (على ما يبدو) إلا أنه استطاع مبكراً أن يقدم قراءة جديدة نراها تتكرر وتتطور لاحقاً في فهمه للشرق وللاسلام، ثم في فهمه للمسألة اليهودية وللصهيونية وحاضنتهما الحضارية والثقافية، على ما نراه في إثنين من كتبه اللاحقة على الأقل (اليهودية بين حضانة الشرق الثقافية وحضانة الغرب السياسية) و (رؤية آينشتين لليهودية ودولة اليهود).. ناهيك عن حضور هذه المقاربة في كتابيه (ثنائية شرق غرب) و(إشكالية النهضة). وقد استخدم عفيف في مقاربته للمسألة الدينية عدة نظرية وثقافية وفكرية كانت جديدة بالنسبة الى أبناء جيله وتياره السياسي والفكري تمثلت بكتابات ماكس فيبر واللاهوتي بولتمان (وهما غير ماركسيين بل ملعونان عند الماركسيين) إضافة الى كتاب كارل ماركس الرائع حول المسألة اليهودية (وهو كتاب يتم تجهيله ونفيه من تراث ماركس)، وكتابات الماركسيين اليهود أمثال أبراهام ليون ومكسيم رودنسون..ناهيك عن استشهاده بكتاب لكاوتسكي (الأمر الخطير يومها لأننا درجنا على تجاهل "المرتد كاوتسكي"، بحسب تصنيف لينين له). وقد عالج عفيف المسألة الدينية من زاوية المادية الجدلية الفلسفية (علاقة الفكر بالكائن، الإنسان بالطبيعة، وأيهما الأسبق)، كما من زاوية المادية التاريخية والسوسيولوجيا الماركسية الجديدة (لويس آلتوسير كمثال، وكان في بداية اكتشاف الماركسيين العرب له) .. فتكشّف عفيف فراج منذ ذلك التاريخ المبكر عن عالِم موسوعي مفكر مثقف مطلع وعن باحث سوسيولوجي واعد.. وفي كتابه الثاني (كمال جنبلاط المثالي الواقعي 1976) تميّز عفيف أيضاً عنا جميعاً وقد سبقنا الى التقاط خصوصية المسألة اللبنانية، والى فهم الأشخاص والأدوار خارج إطار التنصيف الطبقي الماركسوي التبسيطي .. عفيف الذي كان انتقد بشدة كمال جنبلاط ( في الكتاب الأول فصل بعنوان: الأستاذ جنبلاط مثالي يتجاوز الماركسية بفكر عتيق)، أجرى مراجعة نقدية شجاعة (أشبه بنقد ذاتي لفكرنا اليساري الراديكالي "الطفولي" آنذاك) شفافة وأخلاقية في آن، ولكن أيضاً وأساساً علمية وبحثية عميقة... وكنا جميعاً نترنح يومذاك تحت وطأة هول الواقع الذي اكتشفناه بصدمة 13 نيسان 1975 ، وكنا جميعاً من ضحاياه... في مقال له بعنوان "عمومية المثال الثقافي النضهوي، خصوصية الواقع اللبناني الطائفي" (منشور في كتابه إشكالية النهضة 2006) يستعيد عفيف فراج جملة كتبها الياس خوري في روايته (رحلة غاندي الصغير): "الرجال الحقيقيون باتوا أول من مات ، ليبقى الأنذال سرّاق الثورات، وهي ستقتل أول من تقتل، كل الذين يتفلسفون ويتحدثون عن حرب الشعب والجماهير، والحرب ستستمر من دونهم"... وقد استمرت الحرب من دوننا... وهي لم تكن طبعاً حرب تحرير شعبية... بل حرباً أهلية مدمّرة ... في لحظة الحرب الأهلية تلك، فارق عفيف فراج تراث "الجماهيرية" أو "الشعبوية اليسارية"، وانكفأ الى موقعه ووضعه كمثقف شاهد وشهيد.. ولعل في انتمائه الأصلي (الأهلي الدرزي، ولو العلماني الماركسي مدنياً) واضطراره للانقطاع الى الجبل في حياة عائلية واجتماعية وتعليمية وثقافية، بسبب الحرب وابان الحرب، ما يفسر تلك العزلة الثقافية، القدَرية، التي تظهر لنا بوضوح اذا عرفنا أنه لم ينشر أي كتاب بعد العام 1976 وحتى العام 2002 حيث كان كتاباه السابق ذكرهما: (اليهودية بين حضارة الشرق الثقافية وحضارية الغرب السياسية)، و (رؤية آينشاتن لليهودية ودولة اليهود)... وما ينبغي قوله هنا أنه بين 1976 (كتابه عن جنبلاط) و2002 (عودته للكتابة) كانت أطروحته/المرجع التي أنجزها إبان الإجتياح الاسرائيلي 1982 (وهي هذا الكتاب الذي بين أيدينا).. وبالتالي فان كتاب القمع السياسي هو المحطة الثالثة في تطور فكر وأدب عفيف السياسي ولو أنه التاسع إصداراً ونشراً.. واسمحوا لي هنا بالعودة والتوقف عند كمال جنبلاط.. عام 76 اذن عاد عفيف ليطل اطلالة جديدة، أكثر عمقاً وأكثر تسامحاً على شخصية وفكر كمال جنبلاط ، المثالي الواقعي.. يبدأ عفيف كتابه بجملة لجنبلاط تقول "واعلمي أن الانسان لم يخلق لمعنى من المعاني ألا للعلم والعمل به".. وبجملة أخرى : "الكشف عن الحقيقة وتحقيقها هو الهدف الذي يستحق وحده أن نعيش له ونسعى اليه في هذا الوجود".. ولم يكن عفيف ليكتب أو ينطق علماً الا ليعمل به ويطبقه على نفسه وفي حياته أولاً... وفي بحثه عن الحقيقة لا يخجل عفيف من تقديم نص جديد فيه تقويم عميق وسياسي وسوسيولوجي لفكر وممارسة كمال جنبلاط، ينطلق من موقف فلسفي وفكري جديد نجده مبثوثاً بقوة في هذا الكتاب، ومن نقد ذاتي جذري لمسلماتنا "وأساطيرنا" المؤسِّسَة حول المسألة الطائفية والطوائف والواقع اللبناني... في العام 75 كان اليسار الجديد قد توزع اتجاهات عدة ما بين ملتحق بالثورة الفلسطينية أو مشارك معها، وما بين ملتحق بالخط السوفياتي التحريفي الدولي، أو بالتيارات اليسارية الثورية العالمية (ماوية- تروتسكية- فوضوية- مجالسية)... أما نحن فكنا نخوض تجربة مميزة من داخل العلاقة المتوترة بين 3 مكونات رئيسة: موسى الصدر وكمال جنبلاط وحركة فتح... فقد قادتنا ماويتنا الى الارتباط مبكراً بالإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين من جهة، وتمتين العلاقة مع الشهيدين الكبيرين كمال جنبلاط وأبو جهاد خليل الوزير من جهة ثانية... وهكذا بدأنا نقاشات مطولة حول الماركسية والدين، والاشتراكية والانسان، انطلاقاً من كتابات كمال جنبلاط وعلي شريعتي ومالك بن نبي وروجيه غارودي ومن محاوراتنا مع موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين.. وكان عفيف أبرز من اشتغلوا خلال تلك السنوات 1975-1977 على اكتشاف العلاقة ما بين الفلسفة والسياسة، بين المثال والواقع، بين الماركسية والصوفية، وذلك على قاعدة اكتشافه لأولوية ومحورية الانسان، حياته، وحريته، وكرامته، وحقوقه، قبل أي شيء وفوق كل شيء... وقد صاغ عفيف فهمه الفلسفي الجديد بقوله إن الفلسفة هي الإمكان، والسياسة هي وسيلة تحقيقة، والانسان هو الغاية، والحزب هو هيئة معنوية توحد غايتها مع غايات التحقق المعنوي للانسان ... وهنا اكتشف عفيف أهمية كمال جنبلاط والاشتراكية الانسانية، ناقداً بقوة لا انسانية الماركسية وقد تكشفت وانهار اندهاشنا بها منذ اندلاع الحرب الأهلية... أعاد عفيف اكتشاف كمال جنبلاط في السياسة والاقتصاد، في الفلسفة والدين، في التصوف والأخلاق، فأعاد اكتشاف ذاته وهدفه في هذه الحياة... ولعل أهم ما اكتشفه عفيف في ذاته وهو المثالي الأخلاقي الانساني، هو أن وسائل بلوغ الأهداف السياسية يجب أن تكون موصولة بالغايات الأخلاقية، وأن النضال في الدنيا يهدف الى تحقيق غايات الدين ومضمونه الأخلاقي بوسائل لا تجافي تلك الغايات.. فالطريق هو ذاته الهدف.. واذا كان الطريق ملتوياً فإن الهدف نفسه يفسد... وما قيمة أن تربح الدنيا وتخسر روحك، معناك، ذاتك... وفي هذه المقدمات الفلسفية الأخلاقية صاغ عفيف فهمه لجنبلاط السياسي (المثالي الذي يخاطب الواقع الطائفي).. فأمام ما يبدو للناس انه مساومات وصفقات وتنازلات وقفزات جعلت الكثير من المثقفين والمفكرين يقولون بأن جنبلاط براغماتي في ألأصل والمتن فيلسوف وصوفي على الهامش، وبأنه توقف عند المنحى السكوني المحافظ من معادلة هيفل: كل ما هو واقعي، معقول.. اكتشف عفيف الوجه الآخر وهو أن جنبلاط كان يقف على الضفة التقدمية من معادلة هيغل: كل ما هو معقول، يجب أن يصبح واقعاً... وبحسب عفيف فإن جنبلاط كان يجيد التقاط علامات واشارات ومعطيات الواقع، ويحسن التعامل معه، واصطياد الفرص فيه، أو اللحظة المناسبة، لا لغاية ذاتية مادية او كسب مادي شخصي، (ومعلوم كم كان جنبلاط زاهداً عفيف النفس ما أشاد له سماء لا يطالها متطاول ، ويشهد لها، العدو قبل الصديق) ولكن هذا الاستغلال او الانتهاز للفرص والذي كان واقعهن الطائفي يتيحها كان دائماً لدفع قضية التقدم على شتى الأصعدة والمستويات... كان جنبلاط على حد وصف عفيف ينساب بليونة بين تعاريج مجرى الواقع الخدماتي المفسد، والواقع الطائفي المعطل، ليُحول الزيادة الكمية في عدد الانجازات البسيطة الى وعي اجتماعي نوعي جديد.. ومن ثىائية المثال والواقع، عالج عفيف عدة تنائيات تشطر وعينا الوطني وفكرنا السياسي : ثنائية العنف الثوري التغييري والسلم الأهلي المحافظ، ثنائية الطائفية السياسية واللاوعي الطائفي (ويسميها جوزيف مغيزل الحاسة السادسة عند اللبنانيين)، ثنائية التنافي والتدمير المتبادل في صيغة الكيان اللبناني (ويسميها عفيف الصليبية الهلالية)، ثنائية العلمانية والاسلام (وهنا ابتدأ أو عاد اهتمام عفيف بدراسة الاسلام الحضاري والثقافي والسياسي) ثنائية الوطنية اللبنانية والعروبة.. ومن خلال غوصه في عمق فكر وممارسة كمال جنبلاط أطل عفيف على القضايا التي ستشكل مفاتيح وعيه ونقده اللاحق للفكر السائد.. فقد عالج مسألة القومية بحسب الفهم الجنبلاطي الانساني وقارن بين القوميات المختلفة (بما فيها المارونية والسورية والعربية) وبين الصهيونية، متوقفاً عند خلو مساهمة جنبلاط في تعريف القومية من أي كلام عن التكوّن الطبقي والمصلحة الاقتصادية الخاصة بالفئات الحاكمة.. وقارن بينه وبين كلام فرانز فانون عن تخلف بورجوازية العالم الثالث دوراً وفكراً وامكانات، أي تشديد جنبلاط على الجانب المعنوي على حساب الجانب الاقتصادي... وهو في تلك المرحلة المبكرة كان يناقش المفكر الفلسطيني منير شفيق المسيحي الماركسي الماوي (المتحول لاحقاً الى الاسلام) الذي كان يومها يحاول بلورة أطروحة ماركسية قومية عربية جديدة لقيت رواجاً في أوساطنا التقى مع تيار درزي سوري تمثل بالحزب الشيوعي العربي ومؤسسه المرحوم هلال رسلان.. وقد تحدث عفيف في كتابه عن جنبلاط، عن القمع السياسي الناصري كسبب إضافي داخلي لفشل الوحدة العربية وفشل المواجهة مع الصهيونية.. فبذور فهمه لمركزية مسألة القمع في تطور النظام السياسي العربي بدأت مع فهمه المتجدد لكمال جنبلاط. في تلك المرحلة 1975-1977 كنا نخوض جدالات ونقاشات وحوارات واسعة وعميقة حول حركة التحرر الوطني العربية، وحول النموذج الفيتنامي والكمبودي في حرب الشعب القومية بقيادة ماركسية، وحول الوحدة العربية والتجزئة الاستعمارية والتخلف ومركزية القضية الفلسطينية في حركة التحرر الوطني العربية ، وحول الماركسيات السوفياتية والصينية في بناء الاشتراكية... وحول تجارب كوبا وفيتنام وكمبوديا وحركات المقاومة في فلسطين وافريقيا الخ..وانضاف الى نقاشاتنا التاريخية تلك حضور الاسلام الثقافي والسياسي... وكانت المناقشات تدور حول اشكاليتين: الاولى هي الهوية الحضارية الخاصة وهل تشكل قاعدة لصياغة وبلورة نظريات ثورية وفكر سياسي خاص مستقل عن الماركسيات التقليدية التي كنا نتبناها؟. وفي هذا الاطار كانت الماوية قد شكلت لفترة ما منقذاً لنا سرعان ما انهار في أعوام 76-77 بعد وفاة ماو ونشوب الصراع على السلطة في الصين ، ثم اندلاع الحروب بين فيتنام وكمبوديا، وبين الصين وفيتنام ... فكان بحثنا عن أدوات وأطر نظرية جديدة على قاعدة التجربة الفلسطينية من جهة، وتجربة الحركة الوطنية الللبنانية بقيادة كمال جنبلاط من جهة ثانية، هو ما ميّز فكرنا وممارستنا، حتى كان استشهاد كمال جنبلاط في آذار 77، ثم انهيار التضامن العربي وبدء الانقسام بعد زيارة السادات للقدس وكمب دايفيد، ثم انطلاق الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني... وبين هذه وتلك كانت عملية الاجتياح الكبير لجنوب لبنان في آذار 1978 (وكنا يومها في خندق القتال الأول في منطقة بنت جبيل وتلالها وسقط لنا كوكبة من الشهداء كانوا من كل طوائف لبنان). والاشكالية الثانية تعلقت بمسألة النهضة ، والوعي الحضاري، وبناء الذات الحضارية، والاستقلال السياسي والاقتصادي، ومواجهة الآخر.. وكنا قد بدأنا نقرأ مالك بن نبي وفرانر فانون وعلي شريعتي وأنور عبد الملك ونتفاعل مع موسى الصدر وأحمد بن بللا، ونعيد النظر في الاطروحات الماركسية اللينينية، التروتسكية والماوية والفيتنامية على حد سواء، باتجاه البحث عن ماركسية عربية جديدة.. وهنا أيضاً كان كمال جنبلاط مفيداً لنا الى جانب أنور عبد الملك في اكتشاف رؤية حضارية بديلة لا تكون مقلدة للغرب ولا تكون خاضعة للشيوعية المادية، وانما تنبني على تراثات حضارات الشرق الغنية، كالصين والهند والاسلام.. وقد أعاد عفيف فراج موضعة فكر جنبلاط الانساني هذا في إطار الموقف من الماركسية من جهة، ومن العرفان الصوفي من جهة ثانية، وصولاً الى صياغة تجمع بين الحكمة القديمة والعلم الحديث، وتجعل الحدس الصوفي يستكمل نظرية المعرفة الماركسية... في تلك السنوات المفصلية كانت الصين وروسيا وفيتنام وكمبوديا وكوبا ( وكل الدول الاشتراكية) قد تحولت بالنسبة الينا الى دول قمعية سلطوية استبدادية يموت فيها الانسان ويذبل فيها الضمير الحر والوجدان... لا بل أننا كنا نتبنى التسمية الماوية للاتحاد السوفياتي على أنه "امبريالية اشتراكية" وليس فقط مجرد "تحريفية"... وحين انطلقت ثورة ايران الاسلامية (آخر عام 77- مطلع عام 78) كنا نعيش جدالات وحوارات ونقاشات أفضت بالكثيرين منا الى الالتحاق بالاسلام الصاعد يومذاك كتعبير عن حالة حضارية نهضوية مقاومة وممانعة.. ويمكن القول هنا ان كتابات أنور عبد الملك ومنير شفيق ومحجوب عمر ومحمد عمارة وعادل حسين وطارق البشري وعادل عبد المهدي وفاضل رسول وحسن حنفي وأحمد عباس صالح (وهم من الماركسيين اللينينيين والماويين الذين انتقلوا الى أرض الاسلام انطلاقاً من مقولة تأسيس يسار اسلامي أو وجود يسار في الاسلام)، ثم كتاب ادوارد سعيد (الاستشراق) قد لعبت الدور الأهم في تحديد سياقات وأطر التحولات التي عصفت بجيلنا وجيل عفيف اليساري المناضل.. وفي كتاب (القمع السياسي) يبدو واضحاً كم كان لهذه الكتابات من وزن ومن دور في صياغة توجهات ومحاججات عفيف.. تلازم صعود الثورة الاسلامية الايرانية وعودة الاسلام السياسي الى ساحة الفعل العربي، مع تصاعد حدة الصراع العربي الاسرائيلي، وتصاعد حدة الأحادية الثقافية الامبريالية الغربية في شيطنتها للآخر، المسلم أو الشرقي، مع تصاعد الأزمة العميقة التي ضربت الماركسية وأقعدتها عن أن تكون أداة نظرية لفهم الواقع وممارسة التغيير ، وذلك قبل سقوطها الأخير مع سقوط الاتحاد السوفياتي وكل المنظومة الاشتراكية... في تلك الفترة كنت من بين الذين أعادوا اكتشاف الأمير شكيب أرسلان، ومن خلاله كل فكر النهضة الاسلامية وخصوصاً محمد عبده وجمال الدين الافغاني ورفاعة رافع الطهطاوي وعبد الرحمن الكواكبي.. وشهدت تلك الفترة كتابات لوجيه كوثراني (الاتجاهات السياسية الاجتماعية في جبل لبنان) وسهيل القش (في البدء كانت الممانعة) ومنير شفيق (الاسلام في معركة الحضارة) وادوارد سعيد ( الاستشراق، و: تغطية الاسلام) وحسن الضيقة ( في نقد الماركسية ، ونقد سمير أمين) ونظير جاهل (في انتروبولوجيا الاسلام) ورضوان السيد (في الجماعة والسلطة والأمة) والياس خوري وحازم صاغية ووليد نويهض (في نقد التجارب اليسارية، وفي مسألة المثقف والسلطة، ومسألة الدولة والحزب الخ..).. وقد صدرت مجلة الوحدة (1980-1981) تحمل هذه الكتابات وغيرها، ومنها مقالة لعفيف في العدد الأول من المجلة (15 كانون الثاني 1980) بعنوان (جنبلاط: حين نتكلم عنه يضيء قنديل المعرفة ). فتحت مجلة الوحدة نقاشات وجدالات كان لها أثر كبير في فكر ووعي عفيف فراج كما يظهر من استشهاده بها في كتابيه: القمع السياسي، واشكالية النهضة.. ناهيك عن استشهاده بأنور عبد الملك ومحمد عابد الجابري ومحمد عمارة وهشام جعيط وكمال عبد اللطيف وغالي شكري وعبد الله العروي وادوارد سعيد ومنير شفيق.. لكن المهم في مقاربة عفيف لهذه الإشكاليات هو إطلالاته النقدية التي تربط ماضي هذا الفكر الاسلامي التجديدي بحاضره.. فيقارن ما بين عبده والطهطاوي والعقاد وطه حسين والرافعي والزيات من جهة وما بين ادوارد سعيد ومنير شفيق وأنور عبد الملك وبقية مؤسسي ما سماه عفيف (الاستشراق معكوساً) من جهة أخرى.. ولا ينسى أن يتوقف وقفة خاصة عند أدونيس الذي كتب في مدح الخميني مقالته الشهيرة: "شمس الحقيقة وسيف الغضب" (وهي عبارة يستخدمها بعض الشيعة لوصف الامام المهدي)، وقد استشهد عفيف بما كتب أدونيس في مجلته مواقف ( العدد 34-1979) من أنه " وفي المجتمع العربي القائم كلياً على الدين والذي لم تتطور فيه وسائل وأشكال الانتاج لتشكل وعياً طبقياً، يبقى الدين المرتكز الأساس".... تلك هي الأطر والسياقات التي واكبت اشتغال عفيف على أطروحته للدكتوراه (القمع السياسي) والتي انطلقت من ظاهرة (النظرة الغربية الاستعمارية الانتقاصية للشرق) ، وهي ظاهرة جرى لفت الانتباه اليها مع كتابات المفكرين المشار اليهم سابقاً والذين قدموا قراءة اعتبرها عفيف فراج اسشتراقاً معكوساً حين اعترف أمثال ادوارد سعيد وأنور عبد الملك ومنير شفيف (وحتى أدونيس الذي كتب أن انقسام العالم الى قطبين شرق/غرب هو حقيقة قائمة وأن الغرب تميّز بالتكنولوجيا وليس بالابداع، وأن الشرق ابداعي خيالي، الخ.).. وبحسب عفيف فإن هؤلاء المفكرين الذين اندفعوا يومها في تبني الخيار الحضاري الاسلامي اعترفوا فعلياً بالثنائية العرقية القومية وأقروا بها "فتساوى القامع والمقموع مع تعديل وهو أن المقموع قد عكس هوية من هو الأرفع ومن هو الأدنى فيدعي المسلم تفوقه الروحي على الغرب الطامع بالسلطة والربح المادي ويصبح الاسلام شعاراً للتحرير"... وهنا تبرز استثائية عفيف وسبقه لنا في مضمار استخلاص الدروس والتنائج من ذلك التحول الفكري والنظري الذي دخلنا فيه بعد عام 1980... فهو قد ماهى بيننا نحن (أي هذا الجيل من المثقفين اليساريين العرب المنفتحين على الاسلام الحضاري والسياسي) وبين فرانز فانون من حيث الكلام عن (ردة فعل) وعن انقسام العالم الى جنسين مختلفين (أبيض مستوطن وأسمر ملون) يقطنان في مدينتين مختلفتين .. الخ؟.. هذا التقسيم الى عالمين، شرق وغرب ، نحن وهم، هو أساس التقسيم اللاحق الذي أجراه بن لادن الى فسطاطين ، وأسماه جورج دبليوبوش محور الشر ومحور الخير، وهو ينطلق من نظرية توينبي في أن التاريخ هو (تحدي وردّ على التحدي)... ولكن عفيف يتميز أيضاً في قراءته لتلك المرحلة ومفكريها عن الموقف الأصولي العلماني الذي عبرّ عنه أفضل تعبير كتاب مهدي عامل (نقد الفكر اليومي) والذي تناول نفس المفكرين والأفكار وانما بنظرة احتقارية تدميرية نزقة، على عكس عفيف فراج الذي تناولهم بنظرة مُحِبّة ونقدية في آن مع الاعتراف لهم بفضل في أمور كثيرة خصوصاً تقديره لدور هذه الكتابات وهؤلاء المفكرين في إغناء عملية الانبعاث الاسلامي الجديد بمعطيات تنويرية هائلة.. وعلى الرغم من كون هذه الحركة الاستشراقية المعكوسة متطرفة في عدائها للغرب "بحيث تقفز فوق حقيقة أن الغرب في موقفه من الاسلام ليس واحداً متجانساً وان الثقافة الغربية ليست كلها متهمة بالمشاركة في العداء للاسلام والشرق"، إلا أن هذه الحركة "تبقى في المحصلة النهائية ردة فعل مناهضة للغزو البورحوازي الغريب لبلاد وعقول المسلمين"... ويحاول عفيف فراج أن يأخذ موقفاً وسطياً ما بين هؤلاء ومنتقديهم من غلاة العلمانيين الذين يتهمهم عفيف بتغربهم عن الثقافة الوطنية وعجزهم عن الانخراط مع الجماهير العريضة واغترابهم الاجتماعي الثقافي وعجز الماركسيين من بينهم عن انجاز أيديولوجية ثورية تتلاءم مع العصر دون القطع مع الماضي، أي دون التضحية بالاستمراية الثقافية التاريخية... وبرغم الاعتراف بصحة وعمق النقاشات التقدمية التي طرحها ماركسيون وعلمانيون تقدميون (صادق جلال العظم مثالاً) إلا أن عفيف لا ينسى أن يختم باستعارة مقولة غالي شكري: "يجب أن نهدم ثم نعيد بناء تراثنا الثقافي من منظور ثوري مقتبسين من تراثنا ومن الغرب ما يتناسب وحاجتنا الموضوعية"... وهذا الاستنتاج الخلاصة هو الذي جمع بيني وبين عفيف في المرحلة الأخيرة من حياته حين كنت أعمل مع سماحة الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين على مقولة استنباط وصياغة حداتثنا الخاصة بنا وعلمانيتنا النابعة من سياقاتنا التاريخية والحضارية الخاصة، وهو ما أسماه عفيف في مقولة أتبناها بالكامل وأدعو الى تعميمها والعمل بموجبها حين يقول: "إننا نحتاج الى فلسفة جديدة للنهضة.. وهذه قضية ملحة دائماً".. نعم فلسفة جديدة لنهضتنا المعوقة والناقصة..تستعيد تراثنا الحضاري ولا تموت غرقاً فيه، وتأخذ من الحضارة الغربية ولا تكون تابعة ذيلية لها..إنها اليوم (وكما كانت بالأمس) أكثر من قضية ملحة.. إنها هي القضية! وبعد فإن عفيف فراج أعطى في أطروحته عن القمع السياسي بين الشرق والغرب، قراءة علمية ناقدة حول المصادر المعرفية لتلك النظرة الغربية الاستعمارية للشرق والتي لخصها في مقولتي: الهمجية الشرقية والاستبداد الشرقي، دون أن يقع في فخ المصادرة والتعميم ... وقد حاول الدفاع عن بعض المواقف الماركسية واللينينية تجاه الشرق وتمييزها عن المنحى الانتقاصي والاحتقاري للغرب البورجوازي، وكان ذلك منه آخر سهام محاولة الجمع بين الاسلام والماركسية، وهي المحاولة التي عشنا تجربتها معاً خلال تلك المرحلة (1977-1980) قبل أن تطغى علينا فكرة المفاصلة الكاملة مع الغرب بشقيه الرأسمالي والاشتراكي، والتي كانت على ما يبدو من منبع ماوي صيني وليس من منبع إسلامي تقليدي.. ذلك أن الاسلاميين من جيل عبده والافغاني والطهطاوي وأرسلان، ثم من جيل العقاد والرافعي وطه حسين، كانوا قد حاولوا الجمع والتأليف ما بين شرق وغرب على قاعدة الخصوصية الحضارية السمحة المنفتحة التي تأخذ الحكمة والعلم أنى وجدتهما... غير أن الإشكالية في عصرنا الراهن وفي حاضرنا المعيش هي أعمق وأبعد من ذلك... وعفيف حاول مقاربتها من خلال استعادة أسئلة عبد الله العروي دون أصولية العلمانيين اليساريين، وخارج أصولية الاسلاميين الجدد المبهورين بالصعود النضالي للحركة الاسلامية الجديدة بعد 1980.. فقدّم عفيف قراءة مميّزة في الفكر الغربي القديم والحديث من منظار (فكرة وممارسة القمع السياسي) وأعاد سبب تخلفّنا وتراجعنا أو عدم تقدمنا الى قوة الاستبداد والقمع السياسي في حضارتنا وثقافتنا وسياستنا.. فاستعاد بذلك موقف الافغاني التاريخي الذي وجد أن الاستبداد هو علة هذا الشرق، دون أن يغرق في التأبيد الذي اصطنعه الغرب والذي جعل من الاستبداد الشرقي جوهراً أزلياً ثابتاً يسم الشرق ، ودون أن يغرق في الاستشراق المعكوس الذي يجعل الاحتقار والانتقاص الغربي جوهراً أزلياً ثابتاً.. إن محاولة عفيف فراج بناء أسس فلسفة جديدة للنهضة العربية كانت المدماك الأول في ما صار لاحقاً يعرف باسم حوار الحضارات والتعددية الثقافية.. فعلاً كان عفيف هنا أيضاً سباقاً ومبكراً في استشراف ما ستصل اليه تجربتنا الفكرية والسياسية، وما سيتكشف عنه الاسلام السياسي: الثوري في كفاحه ضد الاستعمار، والقمعي حين وصوله الى السلطة.. وهذا من أبلغ دورس تجربتنا الثورية الماضية، ومن أوضح وصايا الربيع العربي الراهن..

محمد مهدي شمس الدين: حول الخدمة المنزلية


إن قصة الخدمة المنزلية ذات أهميةقصوى في الحياة الزوجية للغالبية الكبرى من الأزواج والزوجات (الأسر) عند المسلمين وغيرهم من البشر. ومثل ذلك في الأهمية رعاية الأطفال والعناية بهم مادياً ومعنوياً. وفي بعض الفئات الاجتماعية تحتل قضية العمل في مجال الكسب الاقتصادي في الزراعةوالحرف الأخرى، أهمية كبيرة في العلاقات الزوجية عند إرادة تكوين الأسرة. وقدجرى عرف أغلب البشر على قيام الزوجة بالأعمال المنزلية المألوفة من إعداد الطعام،وترتيب المنزل، ورعاية الأطفال، وغير ذلك مما يتصل به ويناسبه. كما جرى عرف كثيرمن البشر ـ في بعض الفئات الاجتماعية (الفلاحين مثالاً) ـ على مشاركة الزوجة لزوجهافي العمل لكسب المال والثروة، كالعمل الزراعي في الحقول، أو تولى بيع السلع فيالدكان، أو القيام بأعمال مأجورة في المنزل الزوجي، من قبيل الغزل والنسج والخياطةوالتطريز وغيرها من الأعمال الحرفية، وذلك لأجل المساهمة في نفقة الأسرة. ولدىغالبية الناس ارتكاز ذهني بأن هذه الأمور من واجبات الزوجة (خاصة العمل المنزلي) ومن حقوق الزوج عليها، بحيث لو طرحت قضية أن الزوجة لا تجب عليها الخدمة في بيتالزوجية، ولا رضاعة الأطفال ولا خدمتهم وحضانتهم، لامتنع كثير من الرجال ـ بل لعلأكثرهم ـ من الزواج بامرأة لن تقوم بهذه المهمات (وخاصة الخدمة المنزلية ورعايةالأطفال) أو يشكون بذلك منها. ولصرحوا ـ في حالة زواجهم ـ بها باشتراط قيام الزوجةطوعاً ومجاناً. ولو علمت النساء بأنه ليس عليهن مسؤوليات من هذا القبيل لفاجئهن ذلكواعترتهن الدهشة والتعجب منه. ولعل روايتي تقسيم العلم بين الإمام علي (ع) والسيدة فاطمة (ع) تعبران عن هذا الارتكاز العرفي عند الناس، بقطع النظر عن صحةوعدم صحة سندهما، فهذا يتوقف عليه حجيتهما في الدلالة على الحكم الشرعي، ولسنا بصدداستفادة ذلك منهما هنا، بل بصدد استفادة وجود هذا الارتكاز، وهما تدلان عليه وإنكانتا موضوعتين، إذ إنهما تعبران عن واقع حياتي موجود وراسخ في حياة الناس العائليةوالاجتماعية، وإلا فمن غير الممكن أن يخترع الواضع أمراً غير مألوف عند الناس ويدعيحكماً شرعياً له، لأنه سيبين كذبه بوضوح، فلا بد أن يكون المورد من الأمور المألوففي حياة الناس في المجال المدعى ورود الحكم الشرعي فيه. وقد بينا أن الرواياتغير الواجدة لشرائط الحجية يمكن الاستفادة منها في مقام الاستنباط في باب السيرةالمتشرعية والعرف العام والأعراف الخاصة. وهذا الارتكاز لا يتنافى مع حصر حق الزوج في الاستمتاع والمساكنة على النحو الذي تقدم بيانه، حيث أن ذلك لا يقتضي حصرالمشروعية به، وعدم مشروعية قيام الزوجة بأية خدمة لزوجها ولأسرتها، بل غاية مايقتضي عدم إلزامها بذلك بدعوى أنه من مقتضيات عقد الزوجية بمقتضى طبعه وأصل تشريعه،وهذا لا ينافي قيامها بذلك أو ببعضه تبرعاً أو لسبب من عقد أو شرط. إن هذاالواقع الحياتي العرفي المرتكز في الأذهان على نحو ارتكاز البديهيات والمسلمات التيلا يلتفت العرف إلى لزوم ذكرها في العقود، يجعل من (الخدمة المنزلية ـ في الجملة ـورعاية الأطفال ـ في الجملة ـ ) من الشروط الارتكازية الضمنية التي يبنى عليهاالعقد، من قبيل الصحة في المبيع، والتسليم في بلد العقد، كون الثمن بنقد البلد، وماإلى ذلك. ولكن متعلق هذا الارتكاز مجهول المقدار من حيث الكثرة، ولذا فلا بد منالاقتصار في مقام استيفائه على القدر المتيقن، وهو الحد الأدنى الذي ليس منه رضاعةالأطفال وحضانتهم الذي نصّ القرآن على أنه عمل تستحق الزوجة ـ الأم عليهالأجرة. ولذا فإنه في حالة وجود هذا الارتكاز، واعتبار العقد مبنياً عليه عندالالتفات إلى قضية الخدمة، لا يجوز للزوج أن يطلب أية خدمة يشك كفي كونها داخلة فيالقدر المتيقن، وللزوجة الامتناع عن القيام بها أو المطالبة بالعوض عليها. هذا،ولكن المعروف السائد في المجتمعات الإسلامية هو غلو الأزواج في استيفاء الخدمةالمنزلية ورعاية الأطفال من الزوجة، بل يتعدى بعضهم ـ جهلاً وظلماً ـ في الأرياف والبيئات الجاهلة، إلى مطالبة الزوجة أن تشارك في أعباء العمل الزراعي والحرفي الذييقوم به الزوج، إضافة إلى الأعمال المنزلية ولوم الزوجة وتعنيفها إذا تراخت في ذلكأو امتنعت من القيام به. وهذا واقع في الأسرة المسلمة لا يقره الشارع الإسلاميتكابد منه الزوجة قساوة أوضاع مفروضة عليها في حياتها الزوجية العائلية تحولها إلىخادم بلا كرامة ولا حقوق. وهذا وضع يجب على المهتمين بتصحيح حياة المسلمين وترشيدها على هدى الإسلام، أن يولوه اهتمامهم على مستوى التعلم والإرشاد والتثقيفمن جهة، وعلى مستوى تنظيم تشريع عقود الزواج وتفصيلها على نحو حفظ الزوجة من أنتكون ضحية استغلال ناشئ من جهل الزوج أو ظلمه استناداً إلى أعراف وعادات مخالفة لنصالشريعة، وأخلاقيات الإسلام، وحقوق الإنسان في الإسلام.

VOLKER PERTHES : Looking Past Assad


AFTER almost two years of civil war, there are no longer two options for Syria, political or military. Both sides now rely on force. The opposition activists who try to maintain the originally peaceful character of their uprising are still there, but the armed rebels are calling the shots. Those in the regime who wanted to engage the opposition in some form of dialogue were marginalized early on, when Bashar al-Assad chose to respond to the protests with force. Eventually there will have to be a political process. But the conditions under which such a process will come about now largely depend on military developments on the ground — plus, to some extent, on the signals and actions of international players. But if both sides are now using military means for political ends, the ends differ. For the opposition, the military struggle is a means to support the initially civilian uprising. It considers the civilian population, even in regime-controlled territory, as its base, and it aims to depose the regime by gaining military and political ground. Many government officials are aware that the regime cannot win militarily — Vice President Farouk al-Sharaa said so much in a recent interview. But territorial losses and political setbacks have not made the regime core around Bashar al-Assad and his brother Maher more inclined to negotiate. Power sharing is simply not a concept in the Baathist world view. Nor does Assad seem any more willing than a year ago to negotiate a safe exit from Syria. His political strategy is to stay, but it is no longer about the whole of Syria. Assad believes he can concentrate on retaining a few strategic areas — Damascus; the coastal mountains, which are mainly inhabited by members of his Alawite minority; the port of Tartus; and the land connections between these areas — while inflicting scorched-earth punishments on rebel-held territory. Militarily, Assad is now relying almost totally on loyalists from his Alawite sect who dominate the senior officer corps. The mainly Alawite elite battalions and the air force are still largely intact, and supported on the ground by hastily recruited militias — the so-called shabiha — which have been responsible for most of the atrocities against civilians. With the rising brutality, the war has increasingly turned into a sectarian conflict. Propaganda depicting the Alawites as the enemy has been on the increase among the majority Sunnis, and some extremist groups have targeted Alawites. As a result, many Alawites are now prepared to fight on Assad’s side not out of conviction, but out of fear that if he falls they and their families will be slaughtered. Without assurances for their future, the elite battalions, air force, intelligence services and shabiha will fight on simply to secure the survival of their community, possibly in an Alawite enclave in the coastal mountains. Certainly the regime is to blame for the destruction of Syria’s social fabric, but this does not help to repair the damage. The more the opposition advances, the more it also becomes responsible for rescuing and rebuilding the state. The opposition has taken an important step by forming the National Coalition of Syrian Revolutionary and Opposition Forces. It now has a credible leadership with better contacts to the Local Coordination Committees and other civilian groups inside Syria, and it has made progress toward unifying the diverse forces of the Free Syrian Army and other armed groups under one military command. Parallel with the military struggle, though, the opposition has to present itself as a credible alternative to the regime. Among other things, the Coalition needs to start providing services in liberated areas, particularly by distributing relief aid to residents and refugees. At the same time, the Free Syrian Army needs to distance itself from extremist forces. Opposition leaders obviously appreciate the fighting power of these groups. Politically, however, the opposition cannot win with forces whose actions and propaganda exacerbate the fears of those Syrians who oppose the regime but fear that its fall will lead to more bloodshed and repression. Thanks to their personal histories, leaders of the Coalition such as Ahmad Moaz al-Khatib, Riad Seif and Suhair al-Atassi are well placed to offer a vision of coexistence to those, particularly Alawites, who have so far stuck with the regime. The appointment of an Alawite as ambassador to Paris was a good signal, but it is not enough to reassure the community that it will have a place in a post-Assad Syria. International actors do have an impact in Syria, even in the opposition. The main means of strengthening those who want to build a democratic and inclusive post-Assad Syria is to unify the flow of money and material support. The better the Coalition and the Free Syrian Army are able to pay their soldiers and dispense the necessary equipment, other militias and groups will submit to their leadership. This would increase civilian control over the military component of the rebellion, weaken extremist groups and improve chances for a political transition. Volker Perthes is director of the German Institute for International and Security Affairs (SWP), Berlin.

منى فياض: هل يمكن حماية الثورات؟


بداية أود التعليق على تعبير "نحن كمثقفين". من نحن هذه؟ في ظل التغيرات الجذرية الحاصلة هل يشكل المثقفون جسماً واحداً متجانساً ينفعل ويتخذ مبادرات او مواقف متماثلة تجاه حدث او قضية او ما شابه؟ للمثقفين اتجاهات ومواقف وآراء متباينة ومتناقضة ومتعارضة، فهم ليسوا كتلة متراصة على غرار الاحزاب الدينية الفاشية السائدة. لكن يظل للتساؤل مبرره، إذ إن سؤالاً فرض نفسه تجاه الاحداث الاخيرة في مصر: ما هو موقف الجسم القضائي من قرارات الرئيس المصري؟ هنا قد لا ننتظر اجابة واحدة من هذا الجسم بل متعددة وقراءتنا لها هي التي تسمح ببلورة موقف او بتوضيح الصورة. من هذا المنظار يحق طرح السؤال نفسه عن المثقفين. الطبيعي في الحالتين، وفي غيرهما، بروز التعدد في الاتجاهات أو حتى تناقضها. غالباً ما كان المثقفون - ويكونون- مع السلطة. من هنا صفة "مثقفي السلطان". المثقفون الذين كانوا مع الضعفاء في التاريخ قلة. برهنت الثورات العربية أن المثقف العربي بشكل عام، ما عدا قلة قليلة، لم يكن في الطليعة؛ ونجوم الثقافة وابطالها لم يتوقعوها. على الأقل في ما يخص المثقف - النجم التقليدي. بيّن الحراك الحاصل منذ بدايات العام 2011 ان الفئات الشابة المتعلمة والمعولمة من الطبقة الوسطى هي الوسيط المحرك الذي ساعد على تفجير الثورات وليس المثقف التقليدي، الذي ربما أخّر أو حتى أعاق تطوير آليات مساعدة على التغيير. الكثير منهم كان قد التحق بالأنظمة البائدة واستفاد من فنادقها وجوائزها ودافع عنها. بلغ تزيين الاستبداد والدفاع عنه حد اختراع صفات للتخفيف من بؤس العيش تحت سلطانه الغاشم، من مثل القبول بالمستبد لعلمانيته هرباً من الاصوليات (المضحك المبكي أن من يدافع عن علمانية مثل هذه الأنظمة هو نفسه من يدافع عن حركات أصولية في سياق آخر مقاوم!). أو اللجوء الى الشعار المخاتل مثل الممانعة وما شابه. المرحلة الراهنة لم تعد مرحلة "المثقف النجم" التي يمثلها بامتياز أدونيس وكلنا يعلم مواقفه ومهادنته الطويلة للنظام "العلماني"، "العلوي" للمناسبة، واستسهال انتقاد الله والدين لسهولة النجاة من القصاص (الدنيوي مثلا!) والامتناع عن توجيه أي نقد علني للنظام المستبد. إذاً هذه المرحلة ليست مرحلة "المثقفين النجوم" الذين فقدوا دورهم وبريقهم مع ذهاب الأنظمة الحاكمة. لا دور للمثقفين الآن إلا بمقدار انتمائهم الى التحرك الثوري الجاري في العالم العربي والمساعدة على التخلص من آثار المرحلة الماضية والنضال المتواصل ضد المستبدين الجدد المختبئين تحت عمامة الدين، وتحمل تبعات ذلك. الانحياز الى الشعوب التي برهنت عن طفرة من الوعي غير المسبوق، يفرض نفسه هنا، بعدما اعتبرت طويلاً ميؤوساً منها وبعدما برزت تنظيرات سادت لبرهة من الزمن عن "العقل العربي" الجامد بتكوينه. والانحياز الى الجيل الشاب الذي استوعب معنى الحق في المطلق، الحق في الحرية والحق في الكرامة بمعناها الانساني الشامل، أي الحق في التمتع بالحقوق الانسانية الأساسية بحسب ما تنص عليها شرعة حقوق الانسان. والحق في الحرية بمعناها الرمزي والفعلي. الأرجح أن يبلور هذا الجيل الأمور بطريقة خلاقة تتخطى القيم التقليدية المعيقة في الثقافة العربية. الجديد المهم على الصعيد الثقافي أن حركات الاحتجاج الشعبية اثبتت الشرعية الاخلاقية والاستراتيجية للنضال غير العنفي. الجماهير استفادت من تجارب الشعوب. ففي وقت نجد الكثير من "مثقفينا" يدافعون عن النظام الوحشي الدموي في سوريا ومن خلفه حليفته إيران لمصالح غالباً ما تكون مادية ضيقة، نجد أن الشعوب العربية استفادت من تجربتها مع حكامها الذين امتهنوا كرامتها ووجودها من خلال قوانين "طوارئ" دامت لعقود وعقود! لذا نجد أن الشعب المصري العظيم الذي على أكتافه سوف يتحدد مصير الثورة المصرية ومستقبل الثورات العربية، لم تنطل عليه حيل الرئيس "الإخواني" في أنه يطلب السلطات شبه الإلهية لفترة آنية. سلطت قرارات الرئيس مرسي المفاجئة وإعلاناته الدستورية الضوء على مدى هيمنة جماعة "الإخوان" على آلية صنع القرار السياسي في البلاد، وتسبب إصرار الجماعة على إجراء الاستفتاء على مسوّدة دستور غير توافقية، موجة رفض عارمة خوفاً من أجندة الجماعة الضمنية وانعدام الثقة في مدى قبولها بدولة مدنية ديموقراطية تستوعب تنوع المجتمع المصري بكل مكوناته، ما يهدد بتغيير هوية مصر التعددية فتصبح دولة دينية تخفي تحكم "ولاية المرشد" على شكل "ولاية الفقيه" في النموذج الشيعي الإيراني. يبدو إن هذا أكثر ما يخيف المصريين، أن يغمضوا أعينهم ويفتحوها ليجدوا أنفسهم تحت نظام إسلامي متطرف من النوع الذي شكله آية الله الخميني في إيران منذ 33 سنة. والذي لم ينتخبه الشعب الإيراني رئيسا أو مرشدا أعلى. كان قد وعد الناس أنه سيترك السلطة للشعب بعد نجاح الثورة وسيذهب إلى قم لمتابعة مهنته في التدريس هناك. لكن ما حدث أنه بقي في السلطة ومنح نفسه صفة "الولي الفقيه". الثورة الإيرانية لم تنفذ وعودها. وعلى غرار ما يفعل "الاخوان" في مصر، تم إعداد الدستور في إيران بسرعة ولم يجد الناس المتحمسون فرصة كافية لقراءته بعناية، والذين قرأوه وأرادوا أن يعبّروا عن آرائهم المختلفة كانوا يعتبرون معادين للثورة. الدستور الإيراني بعد الثورة كتبه أنصار الخميني، وكان الخيار الوحيد المتاح للناس أن يصوتوا بـ"نعم" أو "لا" على الدستور. لم يكن هناك مجال لاقتراح أي تغييرات. وبعدما نجح الدستور في الاستفتاء بنسبة 99 في المئة أمر الخميني باعتقالات وإعدامات على نطاق واسع بهدف تصفية وتشتيت المعارضين للثورة الذين تجرأوا على النزول إلى الشارع للاحتجاج على زيادته لسلطاته. كانت الثورة في إيران إنجازا حققته جماعات مختلفة اتحدت على هدف واحد، كما حدث في مصر، وهو إطاحة الاستبداد. لكن سرعان ما اختُطفت الثورة واستغل الخميني محبة الناس له للتخلص من معارضيه وتأسيس أول حكومة إسلامية متطرفة في المنطقة. وهذا ما يحاول تكراره الرئيس مرسي. ثم ما قيمة دستور لا يؤمن استقرارا للبلاد؟ وما قيمة دستور يقسم المصريين؟ والأخطر ماذا سينتج من الاستفتاء من عدم استقرار وعنف؟ لكن المصريين تعلموا الدرس وهم واعون تماماً أن ثورتهم لم تنته بمجرد إجراء انتخابات رئاسية ديموقراطية. وهم يرفضون الادعاء بأن الصلاحيات المطلقة التي يطلبها "آنية" فقط، لأنهم صاروا يعرفون تماماً أنه لا يوجد ديكتاتور موقت. كل الحكام المستبدين زعموا أنهم مضطرون الى إجراءات استثنائية بشكل موقت ثم استبدوا بالسلطة الى الأبد. من إيجابيات الانقضاض السريع والشراهة الاخوانية للهيمنة على مصر، أن هذه الممارسات تقدم نموذجاً لما يمكن أن تسفر عنه ممارسات القوى الإسلاموية في دول الربيع العربي في مرحلة التحول الديموقراطي وبناء مؤسسات الدولة، التي تعني لهم عملية بناء دولة تسلطية باسم الدين الاسلامي، تؤمن بالانتخابات وتحترم نتائج الصندوق من دون أن تحترم بقدر مماثل حقوق الأقليات، والفصل بين السلطات. إنها ممارسة شكلية للديموقراطية جوهرها فرض الإذعان والقبول بدستور هو محل خلاف لكنه يؤسس لدولة إسلامية على غرار دولة "ولاية الفقيه"، من خلال استخدام براغماتي لأدوات ديموقراطية، ولغة مزدوجة، ووعود فارغة وفهم مغلوط لمفهوم الأغلبية نفسه بحيث يساء تفسيره. من حق الأغلبية إدارة الحكومة إذا فازت، لكن لا يحق لها أن تفرض أحكامها على الجميع. هناك فارق شاسع بين الحكم والحكومة. تستطيع الأغلبية إدارة الشؤون العامة المتغيرة وفق أنظمة ثابتة. وهنا الفارق بين الجماعات الفاشية والديموقراطية. الأغلبية في نظام ديموقراطي تدير شؤون الدولة في إطار نظام يقوم على توازن السلطات، ووفق الدستور الذي يفترض أنه توافقي ويمنح الجميع الحقوق نفسها ويحمي الأقليات وكل القوى التي يتشكل منها المجتمع. أمام ممارسات "الاخوان" يصبح من الطبيعي ان ينقسم المجتمع المصري حول نزعة الانفراد والهيمنة للإسلامويين، وان تتضخم مخاوف القوى المدنية والمسيحيين من احتمال أن تكون الانتخابات التي أتت بالرئيس مرسي هي الأخيرة. لكن مناخ الربيع العربي وانطلاق سيرورة التغيير العميقة يمنعان تكرار تلك النماذج. إن الطبقة الوسطى العريضة والقوى الشبابية النشطة التي راكمت خبرات نضالية خلال معاركها خلال العامين المنصرمين، يضاف إليها إعلام قوي مستقل عن الدولة، ونظام قانوني وقضائي مستقر ونخبة قضائية ذات تكوين مهني عريق، قادرة على النضال الطويل من أجل حماية الثورة. غلطة "الإخوان" تأتي من عدم إدراكهم أن مصر قد تغيرت وانتقلت خطوات بعد الثورة في اتجاه الحرية والكرامة الإنسانية على مستوى الإحساس الداخلي عند كل فرد. انها معركة مستقبل مصر بين "الإخوان" وبقية الوطن. ومن ينتصر في هذه المعركة سيرسم ملامح مصر المستقبل. وهذا ما سوف يؤثر في مختلف أنحاء العالم العربي. على كل حال يبدو أن لممارسات "الاخوان" في مصر إيجابية الدفع نحو استيلاد الكتلة المدنية الليبيرالية في وجه ممارسات الاستبداد العائدة باسم الدين. وإظهار أن قوة هذه الكتلة لا تأتي من تنظيمها، بل من قوة تمثيلها الفعلي لأكثر من نصف الشعب الذي ما عاد يرضى لا بالديكتاتورية العسكرية ولا بالديكتاتورية الدينية. هذا النصف يتضمن أيضاً المتدينين الاسلاميين المنفتحين والمعتدلين الذين يريدون إسلاما ليبيراليا يعتمد الفكر المتسامح والمنفتح. وكلما تبلور وعي هذه الفئات بنفسها ككتلة تاريخية ذات وزن وحاولت تنظيم نفسها وبلورة برامجها السياسية الموحدة ورؤيتها المشتركة، نجحت في تغيير التاريخ والتعجيل في بلوغ أهداف الثورات التي اندفعت مثل طوفان في العالم العربي، والتي ستنتصر على المديين المتوسط والطويل مهما تكن الأكلاف. النموذج البطولي السوري النادر ماثل أمام أعيننا.

د. بشير موسى نافع: والعراق أيضاً لن يتغيّر بدون ثورة وطنيّة


http://www.al-aman.com/subpage.asp?cid=17065 ربما كانت الحركة الشعبية المتسعة، التي تشهدها منذ أسابيع مدن الأنبار وديالى وصلاح الدين ونينوى، مفاجأة على نحو ما. روّج بعض العراقيين، من أنصار رئيس الوزراء المالكي، طوال العامين الماضيين، لفكرة أن العراق لا يحتاج ربيعاً عربياً، لأنه كان السباق إلى ربيع الديمقراطية والحرية. وظن آخرون، من المشفقين على العراق وأهله، إن العراقيين منقسمون، طائفياً وإثنياً، وإن أي حراك سياسي معارض لنظام الحكم التمييزي الطائفي الفاسد، الذي يقوده المالكي، سيجر البلاد من جديد إلى هوة الصراع الأهلي - الطائفي. فئة ثالثة من مراقبي الشأن العراقي حسبت أن استمرار الجماعات الإرهابية، مثل، «القاعدة»، في ارتكاب الهجمات الدموية على عموم العراقيين، أغلق الباب، ولو إلى حين، على التحاق العراق بالنهضة الشعبية التي تعيد منذ أكثر من عامين رسم ملامح هذا المشرق العربي القديم. ولكن العراق أيضاً في حاجة ملحة للثورة، بعد أن أغلقت أمام قطاعات واسعة من شعبه طرق التغيير والإصلاح بالتفاوض المعتاد في الديمقراطيات الحرة. يدرك المالكي وحفنة المستفيدين الملتفين حوله حجم التحدي الذي يواجههم، وكما من سبقهم من حكام دول الثورة العربية، يحاولون اليوم إغراق الحراك الشعبي في دعاية سوداء من الاتهامات بالعمالة للخارج والميول البعثية والنزعة الطائفية. مئات الآلاف من العراقيين، الذين شهدناهم في جمعتي العزة والكرامة 28 كانون الأول والصمود 4 كانون الثاني، متهمون بالعمالة والبعثية والطائفية! في البداية، عندما خرجت مظاهرة مدينة الرمادي الأولى، قال المالكي ان حركة الشعب ليست سوى فقاعة (وهو الوصف المجيد الذي سيستعيره بشار الأسد بعد أسبوعين فقط، لينعت به كل حركة الثورة العربية). ولكن العراقيين، كما السوريون والمصريون والتونسيون واليمنيون والليبيون والأردنيون، من قبلهم، كانوا على موعد مع أنفسهم، وظلوا يخرجون كما لم يخرجوا إلى شوارع وساحات مدنهم منذ زمن الحركة الوطنية العراقية في نهاية الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. وما إن استفاق المالكي إلى حقيقة ما يواجهه حتى انطلقت آلته الدعائية في محاولة لمحاصرة الحركة الشعبية وتقسيم العراقيين من جديد. كل أنظمة الاستبداد لا تستطيع العيش باطمئنان دون تقسيم الشعب وزرع الخوف والشك بين أبنائه. والمالكي لم يكن له أن يأتي للحكم أصلاً، ولا أن يستمر في الحكم كل هذه السنوات المظلمة، دون تغذية أمراض ما بعد الغزو والاحتلال، التي أنهكت العراق وأثقلت كاهله. رفع العراقيون في تظاهراتهم مطالب تتعلق بإلغاء قوانين التمييز والاعتداء، التي يستخدمها المالكي لخدمة أهدافه الطائفية والسياسية، فاتهمهم رئيس الوزراء بمحاولة اقتلاع النظام. رفعوا علم الثورة السورية، في استعراض لا يخفى لانحيازهم إلى حركة الثورة العربية، فاتهموا بتنفيذ أجندات «إقليمية وخليجية». ورحبوا بمقتدى الصدر في مسجد عبد القادر الكيلاني ببغداد، وبوفود العشائر الجنوبية في مدن الحراك الشعبي الرئيسة، ورفعوا شعار «كلنا حسينيون من الأنبار إلى كربلاء»، فقال المالكي ان هذه ليست سوى حركة طائفية. والمدهش، أن وكالة مهر للأنباء الإيرانية، تردد في تقرير لها حول الشأن العراقي اتهامات المالكي لشعبه، وتعيد إلى الأذهان بؤس وضيق أفق السياسة الإيرانية تجاه ثورة الشعب السوري. انطلقت شرارة الحركة الشعبية العراقية في الأسبوع الأخير من العام المنصرم بفعل خطوة المالكي الخرقاء ضد د. رافع العيساوي، أحد زعماء القائمة العراقية، وزير المالية في حكومة المالكي، وابن محافظة الأنبار. كرر المالكي الهجمة التي قادها قبل عام ضد نائب رئيس الجمهورية، والقيادي البارز الآخر في القائمة العراقية، طارق الهاشمي، فأصدر أمراً باعتقال عدد من الضباط والجنود المرافقين لعيساوي بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية. تهديدات المالكي لعيساوي ليست جديدة؛ وكان رئيس الوزراء أكد خلال فترة التوتر القصوى التي واكبت الهجمة ضد الهاشمي، أن ملف العيساوي جاهز هو الآخر. وتقول مصادر عراقية ان عناصر حماية العيساوي تعرّضوا، كما سبق مع عناصر حماية الهاشمي لتعذيب بشع، وأن المالكي أصدر بالفعل قرار اعتقال للعيساوي بتهمة المساعدة على الإرهاب. ولكن اندلاع المظاهرات الاحتجاجية، وشجاعة العيساوي في مواجهة الخطر الذي كان يتربص به، جعل رئيس الوزراء يتراجع عن قراره. مشكلة المالكي مع العيساوي هي ذاتها مشكلته مع الهاشمي، ومع موقع العراق في حقبة الثورة التي تجتاح العالم العربي من مغربه إلى مشرقه. وهي أيضاً السبب الرئيس خلف انطلاق الحركة الشعبية العراقية، واصطفاف القطاع الأوسع من القوى السياسية العربية، السنية والشيعية، كما الكردية، خلف هذه الحركة. بدأ المالكي حكمه، قبل أكثر من ست سنوات، بإظهار صورة وطنية لسياساته؛ ولكن الحقيقة، التي تطلبت بعض الوقت لتتضح، أنه كان يعمل فقط على تأكيد سلطته وإحكام قبضته على مقدرات الدولة. وما ان حسب أنه نجح بالفعل، حتى انطلق في سياسة الاستحواذ والتحكم الطائفي دون تردّد. انتهج المالكي سياسة إطاحة من يستطيع إطاحته به من ضباط الجيش السنة ومسؤولي أجهزة الدولة، وصنع لنفسه قوة سياسية شيعية في مواجهة شركائه من حزب الدعوة ومن القوى السياسية الشيعية الأخرى. في ولايته الثانية، أصبحت توجهات المالكي الاستحواذية والطائفية أكثر سفوراً؛ بينما تعلق شركاؤه في الحكم بأمل أن يدرك رئيس الوزراء أن سياسة الاستحواذ لن تحقق استقراراً ولا ازدهاراً. ولكن المالكي سرعان ما تفاجأ برياح الثورة العربية. ولكن مشكلة المالكي وإيران بدأت عندما اجتاحت رياح الثورة سورية، الحليف العربي الحيوي لإيران. هنا، لم تعد الثورة العربية مسألة جدل حول مصدر إلهام شبانها، أو حول قواها وتوجهاتها السياسية، بل مسألة مصالح جيوسياسية مصيرية. خاضت قوى المقاومة العربية معركة إفشال المشروع الأمريكي في العراق، ولكن لأسباب تتعلق بسياسات الأمريكيين وبتوازنات القوة العراقية والإقليمية، انتهى العراق إلى منطقة نفوذ إيراني. وفي وقت تواجه فيه إيران مخاطر وتهديدات دولية متصاعدة، لم يكن ثمة جهة في إيران على استعداد للتفريط بهذا المكسب الاستراتيجي الكبير. ولأن المخاطر أحاطت بمصير الحليف السوري، تضاعفت أهمية العراق وحيويته. كان من الممكن، قبل انطلاق حركة الثورة العربية، أن يمضي مخطط السيطرة الشاملة على العراق بصورة تدريجية ومرحلية. لكن بعد انطلاق الثورة العربية، أصبح من الضروري أن يحسم الوضع في العراق بصورة متسارعة، حتى إن بدا الحسم فجاً في بعض الأحيان. لم يعد ثمة ضابط، سنّي أو غير سني، تحوم الشكوك حول ولائه للمالكي، في قيادة فرقة أو لواء من ألوية الجيش الهامة؛ في الوقت الذي يجري فيه بناء سلاح الجو العراقي الجديد من لون سياسي وطائفي واحد. مئات أساتذة الجامعات العرب السنّة تم طردهم من وظائفهم بتهم اجتثاث البعث الجاهزة؛ ولا يكاد يوجد مدير دائرة سنّي واحد في وزارة يقودها وزير شيعي. وباعتراف الأمريكيين أنفسهم، أصبحت بعثات طلاب الدراسات العليا وبعثات التدريب العسكري إلى الخارج شأناً طائفياً بحتاً. وإلى جانب هذا كله، يقبع آلاف من أبناء المناطق العربية السنية، بما في ذلك مئات النساء، في السجون والمعتقلات، بمحاكمات صورية وبدون محاكمات. الشركاء الشيعة في الإئتلاف الوطني، الذي جاء بالمالكي الى الحكم من جديد، جرى تهميشهم، سواء على مستوى الحكم المركزي أو الإدارات المحلية. أما الشركاء في التحالف الكردستاني، فأخذ المالكي ينتهج سياسة تحجيمهم، وربما حتى إشعال مواجهة عسكرية معهم، بعد أن اختاروا الانفلات من المحور الإيراني وإبداء التعاطف مع ثورة الشعب السوري. في لهاثه المتسارع لتحقيق السيطرة الشاملة في العراق، مدعوماً من إيران، نسي المالكي حجمه الحقيقي في الساحة السياسية العراقية، الوطنية والطائفية، ونسي الظروف التي أعادته لحكم العراق. هذه إذن نهاية الطريق لحكم أسس على الطغيان ودولة أقيمت على قواعد غريبة على العراق وتقاليده. لم تكن قضية رافع العيساوي، سوى شرارة أشعلت النار في مخزون متراكم من الخطأ والخراب ومحاولة السيطرة بقوة السلاح والخوف وعصا أجهزة الأمن والعبث بالقضاء. قد يستطيع المالكي إثارة المخاوف الطائفية لدى قطاع من العراقيين. وقد يستطيع محاصرة تعاطف القوى السياسية الشيعية مع أشقائهم في محافظات الأكثرية السنيّة. ولكن ما تعيد الحركة الشعبية العراقية التوكيد عليه أن عراق المحاصصة، والمكونات، والإقصاء، والهيمنة السياسية والطائفية، لا يمكن أن يستقر.

عادل عبد المهدي :الازمة.. عراق الشعب والمؤسسات.. أم عراق الطوائف ورجالاتها؟


"العراق صدام، وصدام العراق".. مقولة تصبح حاكمة عندما يتمكن فرد من البلاد مرتكزاً لطائفته، وتصبح مقدراتها بيده، ويحتكر الحقوق والمصالح.. ولا يرى بديلاً الا نفسه.. فلا مؤسسات دستورية.. او مرجعيات عليا واهل حل وعقد، يطاع رأيها.. ولا التزام بشرعة اقليمية او دولية، فتدخل البلاد في طريق مسدود، مآلاته الاستبداد والسجون والقتل والتعسف.. والطائفية والتخريب والاقتتال والتقسيم.. والتدخل الاجنبي. وهذا ما عاشه العراق في حربه مع ايران والكويت.. واعمال حربية في مناطق البلاد المختلفة، لنصل للانتفاضة والحصار والعقوبات واحتمالات سقوط النظام، لولا الموقفين الامريكي والخليجي. ورغم فرض الاحتلال (2003) والعقد القديمة والجديدة، لكن ما قبله الجميع بقناعات ابتدائية ولاحقة، هو ان لا مخرج للاعمار وإعادة اللحمة الوطنية وانسحاب القوات الاجنبية الا ببناء الشرعية التمثيلية بانتخابات حرة.. ومؤسسات دستورية وفق مبادىء وحقوق اساسية للجميع.. وتوزيع الاختصاصات اتحادياً ومناطقياً، وتوازن السلطات والفصل بينها وضمان استقلال القضاء، ومهنية القوات المسلحة وعدم تدخلها في السياسة، ومحورية النظام البرلماني كقطب الرحى لحكم البلاد.. والتأسيس لهيئات مستقلة لامور اختصاصية مفصلية يحكمها قانونها كالانتخابات والعملة بعيداً عن التأثيرات الظرفية.. واقرار هيئات واجراءات انتقالية لتصفية موروثات الماضي وانصاف المظلومين كالشهداء والسجناء والمهجرين والمستلبة املاكهم والاجتثاث والمناطق المتنازع عليها، كل ذلك لتأسيس مجتمع مدني حر بعيد عن العسكرة والسيطرات الفردية والحزبية والمناطقية والطائفية، ولتقيم العدل لا لتؤسس لظلم جديد. ورغم الارهاب ومخلفات النظم السابقة والتعقيدات الداخلية والاجنبية، لكنه تفتحت امام البلاد فرص هائلة للانتقال نهائياً لعراق جديد متصالح مع نفسه ومحيطه وعالمه.. شرط التقيد بكل المواد الدستورية وليس بمادة واحدة.. وتفعيل كل السلطات وصلاحياتها وليس سلطة واحدة.. وزيادة الشركاء والحلفاء والاصدقاء وليس الاعداء.. وحل الازمات واحتوائها لا تصعيدها او صناعتها والتعيش عليها.. بذلك نفتح طريق التغيير حقيقة، ونقترب من حكم الشعب بكل اطيافه.. ونعزز وحدة البلاد بكل ابعادها.. ونحصن البلاد من معادلة "لا بديل للحاكم الا الحاكم نفسه".. وانه الدولة والشعب.. يجلس فوقهما ويمتلك ارادتهما وقرارتهما.. يراقِب ولا يراقَب.. ويحكم ولا يحاكم، لنمنع خياري.. استخدام العنف المتبادل والشحن الطائفي، او استمرار الازمات والعسكرة وتسييس القضاء والسجون والقوانين الاستثنائية والاقتتال.. وفي الحالتين سنستمر بتغذية الارهاب والنهج "الصدامي"، وكشف البلاد للتقسيم والتدخلات الاجنبية.

سمير فرنجية:: السقوط الوشيك للنظام السوري يفرض علينا إعادة الاعتبار للدولة


نظمت منسقية طرابلس في "تيار المستقبل" ندوة سياسية لعضو الأمانة العامة لقوى "14 آذار" سمير فرنجية تحت عنوان "خيارات لبنان بعد سقوط النظام السوري"، حضرها النائبان سمير الجسر وبدر ونوس، عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" مصطفى علوش، وأعضاء مجلس ومكتب المنسقية وحشد من كوادر التيار. بعد النشيد الوطني وكلمة ترحيبية من منسق التثقيف السياسي في طرابلس أحمد الرافعي، كانت كلمة لفرنجية قال فيها: "للمرة الأولى منذ عقود طوال، ها ان لبنان أمام فرصة حقيقية لانكسار القيد الذي كبل حياته الوطنية وحرمه حقه في الاستقرار ومواكبة التطور. فالنظام البعثي السوري الذي عمل كل ما في وسعه منذ سبعينيات القرن الماضي لوضع يده على لبنان، بدعوى "الغاء مفاعيل سايكس - بيكو وإقامة سوريا الكبرى "هو اليوم على حافة السقوط. انه يواجه حركة احتجاج شعبية عارمة، غير مسبوقة في تاريخ سوريا الحديث، وتشكل معلما بارزا من معالم "ربيع العرب" الطالع من آلام الناس ومن آمالهم المروعة في الحرية والكرامة" . أضاف: "هذا النظام (السوري) لعب دورا حاسما في تأجيج الحروب التي دمرت بلدنا على مدى عقود. لقد استغل التباينات القائمة في مجتمعنا الشديد التنوع، كما استغل ضعف دولتنا المشلولة بالصراعات الطائفية المقيتة، فأزكى العنف بكل أشكاله، وشمله برعايته الدائمة، وسد أبواب أي تفاهم داخلي، ما استطاع الى ذلك سبيلا". وتابع: "في 14 آذار 2005، وعلى اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كسر اللبنانيون حاجز الخوف، تماما مثلما تكسره الشعوب العربية اليوم، فتجاوزوا انقساماتهم وتوحدوا في ثورة حقيقية، سلمية ديموقراطية، أخرجت الى ساحة الحرية ثلث اللبنانيين في يوم واحد، فأجبرت النظام السوري على سحب قواته من لبنان، كما دفعت المجتمع الدولي الى تشكيل محكمة خاصة لكشف الحقيقة في قضية الاغتيال وإجراء حكم العدالة. غير أن تلك الثورة لم تتمكن من بلوغ كل غاياتها، إذ سرعان ما قاد النظام السوري "ثورة مضادة"، فأطلق حملة اغتيالات منظمة لم يسبق لها مثيل في تاريخ لبنان وربما في تاريخ المنطقة وأشعل حربا فعلية لإسقاط الدولة بواسطة عصاباته المسلحة في مخيم نهر البارد (2007)، كما حاول تعطيل مؤسسات الدولة باقفال المجلس النيابي (2006-2008)، وسعى الى إسقاط الحكومة وإلغاء المحكمة الدولية تحت ضغط السلاح الميليشياوي (كانون الثاني 2007 وأيار 2008). ورغم انتصار التيار الاستقلالي في انتخابات 2009 التشريعية، تمكن النظام السوري من اسقاط الحكومة في 11 كانون الثاني 2011 واعادة الامساك بالسلطة في لبنان، من خلال حكومة موالية له" . وأكد فرنجية ان "السقوط الوشيك لهذا النظام يضعنا جميعا أمام قرار مصيري: إما مواصلة حروبنا الصغيرة، أو التحلي بدرجة عالية من الفضيلة الوطنية والعمل الجاد لإرساء القواعد الثابتة لسلام دائم في ما بيننا"، مشددا على أن "خيارنا هو خيار السلام لأن السلام بات شرطا لبقائنا في وطننا، شرطا لمنع الانهيار، انهيار الدولة وانهيار اقتصادنا، شرطا لحماية بلدنا من تداعيات السقوط المحتوم للنظام السوري". وأردف: "السلام هو أيضا شرط لتأمين دور فاعل للبنان في الجهود المبذولة لبناء عالم عربي جديد، ديموقراطي وتعددي على أساس المواطنة وحقوق الانسان، عالم عربي يشبهنا ونشبهه، وشرط لإقامة وئام حقيقي وثابت بين لبنان اليوم وسوريا الغد، بعد نصف قرن من التوترات المتواصلة، وشرط لتجديد الدور الذي لعبه المشرق العربي في عصر النهضة، خصوصا لجهة تحديد "طريق عربية" نحو الحداثة والديموقراطية" . وأشار الى أن "سقوط النظام السوري يشكل من دون أي شك هزيمة للفريق الذي ربط مصيره بمصيره وتوهم أنه قادر بفعل الدعم الخارجي على تحقيق ما لم يتمكن من تحقيقه كل الذين من قبله حملوا السلاح باسم مقاومة ما، مقاومة "لبنانية" ضد الفلسطينيين، ومقاومة "وطنية" دفاعا عنهم. وصولا الى الاعتقاد بامكانية إعادة تأسيس لبنان بشروط طائفة بعينها واستبدال "المارونية السياسية" التي سقطت مع حرب العام 1975 بـ"شيعية سياسية" تدين بالولاء للنظامين الايراني والسوري"، جازما بأن "أحدا لا يستطيع توظيف هذه الهزيمة الموصوفة لصالحه، وذلك بسبب طبيعة مجتمعنا الذي لا يحتمل غالبا ومغلوبا" . وأوضح أن "حرب لبنان لم تنته في العام 1990 بغالب ومغلوب، وإنما بعودة الجميع الى الدولة وإزالة الدويلات التي بنتها الميليشيات. واليوم، مع سقوط النظام السوري علينا أن نعود الى الدولة وأن نبني حياتنا المشتركة بشروط الدولة، لا بشروط طائفة أو حزب سياسي أو ميليشيا مسلحة". وختم: "لهذه الغاية علينا أولا أن نعيد الاعتبار الى الدولة، بوصفها صاحبة الحق الحصري في امتلاك القوة المسلحة واستخدامها، وأن نضع حدا لهذا التمييز المهين بين اللبنانيين، بين من هم خاضعون للقانون وبين من هم فوق القانون والمحاسبة. وعلينا ثانيا أن نحرر الدولة من الارتهان لشروط المجموعات الطائفية من خارج منطق الدستور واتفاق الطائف، هذا الارتهان الذي يعطل قيامها بواجباتها الأساسية، وأن نعمل على إقامة دولة محررة من الاكراهات الطائفية والمذهبية، دولة مدنية ديموقراطية حديثة تعيد للمواطن حقه في اختيار سلطته ومحاسبتها. وعلينا ثالثا أن نعيد الاعتبار الى السياسة، فنحررها من الاختزال بالطائفية والمذهبية، وأن نعمل من أجل ذلك على إنشاء كتلة مدنية عابرة للطوائف تستطيع وضع ما جاء في اتفاق الطائف موضع التطبيق خصوصا لجهة تجاوز الطائفية وصياغة قانون حديث للأحزاب يحول دون التطابق بين الحزب والطائف، وقانون جديد للانتخابات يفسح في المجال أمام تجديد النخب السياسية بعيدا بالتحديد عن منطق المشروع الأرثوذكسي الذي تبناه البعض منا، إضافة الى تفعيل المجالات غير المحكومة بالاعتبارات الطائفية من خلال إعادة الحياة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي وإقرار اللامركزية الإدارية، وتأمين استقلالية القضاء، وإصلاح الادارة. وعلينا رابعا أن نعمل على "تنقية الذاكرة" من خلال مراجعة شجاعة ونزيهة لتجربة الحرب، والمساهمة في تجاوز ما سببته أحداث السنوات الأخيرة من تناحر خطر بين المذاهب الاسلامية، ووضع حد لنظرية تحالف الأقليات ضد الأكثرية" التي ساهمت في تأجيج العنف الذي شهدته البلاد".

سمير فرنجية: القانون الأرثوذكسي يلغي كل تجربة لبنان منذ العام 1920 حتى اليوم


الأربعاء 09 كانون الثاني 2013 اعتبر عضو الأمانة العامة لقوى "14 آذار" النائب السابق سمير فرنجية لـصحيفة "المستقبل" إن القانون الأرثوذكسي "يلغي كل تجربة لبنان منذ العام 1920 حتى اليوم، أي تجربة العيش المشترك، هذا الإنجاز المسيحي الكبير والأساسي في قيام لبنان. هذا القانون يلغي العيش المشترك ويرد البلد إلى ما قبل لبنان الكبير". أضاف "أما من جهة ثانية، فهذا القانون ينهي الإنجاز الأساسي الذي حققته 14 آذار وهو الوحدة الإسلامية- المسيحية، وثالثاً، يهمّش المسيحيين في اللحظة التاريخية التي يتجه فيها العالم العربي مع الربيع، نحو الديموقراطية والدولة المدنية، ونحن كنا ندّعي أننا طليعيون في هذا المجال، فنظهر أنفسنا اليوم اننا أكثر تخلّفاً من الآخرين". وشدّد فرنجية "انا ضد هذا القانون، وإذا أقرّ فلن انتخب، لأني كمواطن يحقّ لي انتخاب من أريد بمعزل عن طائفته. وإذا اقّر القانون، سأعلن الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات وسنقود معركة شرسة ضده، وأدعو المواطنين لكي يشكّلوا مجلساً للشيوخ محرّراً من القيد الطائفي لأن المجلس النيابي سيتحوّل إلى مجلس طوائف". وختم "أستغرب كيف أن كل الذين طالبوا بإلغاء الطائفية السياسية في أيام الوصاية، وأعني بذلك تحديداً حزب الله وحركة أمل، يوافقون اليوم على هذا القانون، فهذا دليل على إفلاسهم".

فهمي هويدي : السؤال الفضيحة


هل يعقل أن يتساءل أحد فى هذا الزمان عما إذا كان يجوز تهنئة الأقباط بعيدهم أم لا؟ لست أستهجن الذين أفتوا بكراهية تهنئتهم أو حرمتها، لكننى أستهجن مبدأ طرح السؤال، لأنه يفضح المدى الذى بلغه التردى العقلى والفكرى الذى وصل إليه البعض، ممن اعتبروا أن بغض الآخر والارتياب فيه هو الأصل. فى الوقت ذاته فإننى أزعم أن الفتوى التى ذاع أمرها فى الآونة الأخيرة تعد فضيحة أكبر. ذلك أن السائل إذا كان من عوام الناس الذين اختل وعيهم الدينى، فإن المجيب يفترض فيه أنه من أهل العلم، وهو ما يصدمنا حقا ويفزعنا. لأنه إذا كان ذلك شأن بعض أهل العلم فما بالك ببسطاء الناس وقليلى البضاعة من العلم. ولا تقف الكارثة عند ذلك الحد، لأننى وجدت أن الأمر أخذ على محمل الجد، وتحول إلى موضوع للمناقشة بين من يؤيدون الفتوى ويعارضونها، كأننا بصدد نازلة استجدت فى هذا العصر، فحيرت (المجتهدين) الذين تراوحت آراؤهم بين الحظر والإباحة. فى حين أن المشهد كله ينطبق عليه قول الجاحظ. من حيث إنه يعبر عن (سقم فى العقل وسخف فى الرأى، لا يتأتيان إلا بخذلان من الله سبحانه وتعالى). إننى لا أستطيع أن أفصل بين تلك الفتوى وحملة (تسميم الأجواء) الراهنة، التى نبهت إليها فى مرة سابقة. إذ لا أجد فرقا بين اصطياد بعض الصحف لنماذج المعتوهين والمختلين عقليا وإفراد الصفحات لآرائهم فى أمور الدين والدنيا، وبين أولئك الذين يروجون لأكثر الآراء شذوذا وتعارضا مع تعاليم الإسلام ومقاصده. وهؤلاء وهؤلاء لا يهينون الآخرين وينفرون الناس من الإسلام فحسب، لكنهم يهينون الإسلام ذاته من حيث إنهم يشوهون تعاليمه. وحين يحدث ذلك والإسلاميون فى السلطة، وثمة تعبئة ضدهم تطل من كل صوب وثمة انتخابات برلمانية آتية بعد أشهر معدودة، فإن سيناريو تسميم الأجواء يصبح واردا إن لم يكن مرجحا. قبل نحو ثلاثين عاما دعا أحد خطباء الجمعة فى حى الدقى بالقاهرة إلى عدم مصافحة المسيحيين أو إلقاء السلام عليهم. وهو ما انتقدته على صفحات جريدة الأهرام. وحينذاك اتصل بى هاتفيا الشيخ محمد الغزالى رحمه الله، وقال ضاحكا إن الرجل ينهى عن مصافحة المسيحى فى حين أن الإسلام أباح للمسلم أن يتزوج من مسيحيه، وأن يعيش الاثنان تحت سقف واحد، وينجبا أطفالا أخوالهم من المسيحيين. لكن أمثال أولئك «الجهال» يستكثرون على المسلم أن يصافح غير المسلم، ويستكثرون على المسلمين أن يعيشوا مع غير المسلمين فى وطن واحد. وختم كلامه قائلا: لا تضيع وقتك مع أمثال هؤلاء، لأنك لو تتبعت كلامهم فسوف تجد عجبا وسيشغلك ذلك عن الكثير مما ينفع الناس، وخير لك أن تخاطب العقلاء ولا تلق بالا لخطاب الحمقى. من جانبى اعتبرت الموضوع منتهيا وتصورت أننا تجاوزناه. لكننى أشرت إليه لاحقا فى كتابى الذى صدر فى عام 1985 تحت عنوان (مواطنون لا ذميون). إذ خصصت فصلا كان عنوانه (شبهات وأباطيل) تطرقت فيه لبعض الأفكار السلبية والملتبسة التى شاعت فى التعامل مع غير المسلمين. وكان منها الحديث النبوى، الذى رواه أبوهريرة ونقل فيه عن رسول الله قوله: (لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام. وإذا لقيتموهم فى طريق فاضطروهم إلى أضيقها). وهو الحديث الذى أثار جدلا بين الفقهاء عرضت خلاصة له فى الكتاب. وقد ناقشت الموضوع فى بضع صفحات كان عنوانها: إجراء استثنائى فى ظروف استثنائية. وقلت إن كلام النبى عليه الصلاة والسلام كان بمثابة تحذير للمسلمين صدر فى وقت اشتد فيه التآمر عليهم من جانب هؤلاء. ولعب المنافقون دورهم فى الوقيعة بين الطرفين. وخلصت إلى أن التوجيه النبوى (كان إجراءً مؤقتا أقرب إلى فكرة المقاطعة فى أعراف زماننا، لمواجهة سلوك محدد تعالت فيه البغضاء من بعض اليهود والنصارى). وفى غير ذلك فالأصل فى علاقة المسلمين بأصحاب الديانات الأخرى هو (البر والقسط) طبقا للنص القرآنى. علما بأن الرسول ذاته الذى أصدر ذلك التوجيه قد مات ودرعه مرهونة عند يهودى. وكنت قد أشرت فى السياق إلى النص القرآنى الذى يكفل الكرامة لكل بنى آدم بصرف النظر عن عقائدهم، وإلى واقعة قيام النبى عليه السلام ووقوفه حين مرت جنازة لميت أمامه. وحين نبهه أحد صحابته إلى أن الميت يهودى، فكان رده: أليست نفسا؟ من قراءتى للتاريخ وجدت أن الآراء التى تدعو إلى مخاصمة الآخرين وبغضهم تجد رواجها فى عصور البلبلة والانحطاط. ولاحظت أنها شاعت فى أواخر سنوات الامبراطورية العثمانية، التى منع فيها اليهود والمسيحيون من السير فى عرض الطرق (أطلق عليها نظام التطريق). وقد طبق فى لبنان حتى بدايات القرن الماضى. وقد أخافتنى تلك الملاحظة، لأننى فهمت أن تتردد الدعوة إلى عدم تهنئة المسيحيين فى أجواء البلبلة الراهنة، لكنى خشيت أن تكون تلك بداية لانجرارنا إلى مرحلة الانحطاط.

Syrie : le silence des intellectuels français


Jean-Pierre Filiu Universitaire Publié le 23/01/2013 http://blogs.rue89.com/jean-pierre-filiu/2011/12/04/la-poussee-islamiste-dans-les-urnes-nannonce-pas-un-automne-integrist-0 Les mouvements révolutionnaires dans le monde arabe n’ont jamais suscité un enthousiasme débordant dans les milieux intellectuels de France. L’ombre de Michel Foucault, succombant en 1979 aux mirages khomeynistes, a pu inhiber bien des élans de solidarité. Mais qu’on était loin du lyrisme suscité par la chute du mur de Berlin. Une révolution dépréciée On s’enflammait alors pour nos « frères » européens, tandis que les Arabes étaient irrémédiablement « autres ». Il ne restait qu’à réduire leur combat collectif aux variations saisonnières d’un « printemps » pour déjà anticiper « l’automne » islamiste et « l’hiver » intégriste. Et leur « thawra », leur « révolution » dans tous les sens du terme, était ravalée au rang de « révolte » sans lendemain, de « contestation » condamnée à la récupération. La manipulation s’aggrava, dans la cas syrien, de la conjonction de courants disparates : • les « experts » en (contre) terrorisme, pour qui Al Qaeda représente moins une réalité physique que la garantie d’une rémunération stable de leur « expertise » ; • les tenants de la « protection » des chrétiens d’Orient (mission censée être historiquement assignée à notre pays), aveugles au point de lier le sort de ces minorités au destin des despotes ; • les « anti-impérialistes », égarés dans un Orient trop complexe pour leur bipolarisme ravageur. Si on ajoute à cela le très tricolore « on nous cache tout, on nous dit rien », les ingrédients étaient réunis pour une querelle bien française, où la Syrie n’était que prétexte à vider nos rancœurs nationales. Le fait que la dictature syrienne traque avec constance toute forme d’information indépendante aboutissait à jeter le doute sur les sources alternatives et engagées. Cette censure, passive ou active, permet de renvoyer dos à dos les protagonistes d’une « guerre civile » culturalisée, voire folklorisée. Silence médiatique Durant un dimanche d’août 2012, le silence médiatique sur le massacre de Daraya m’amena à lancer un cri d’alarme sur le carnage en cours depuis plusieurs jours. Je me gardais bien de diffuser les images (atroces) des charniers découverts et je précisais que les chiffres avancés par l’opposition (de 320 à 633 victimes) étaient « absolument invérifiables ». Mais ces précautions de forme comme de fond ne m’épargnèrent pas une rafale de réactions d’une agressivité inouïe. Je passe sur les amabilités du genre « BHL au petit pied », « porte-parole de l’Otan » et « agent du Qatar ». Le commentaire au fond le plus révélateur m’accusait de mettre en scène « les cow-boys et les Indiens ». Alors que je n’ai cessé de rapporter et de dénoncer les exactions perpétrées par la guérilla syrienne, j’étais suspecté de travestir les faits, pourtant aussi têtus en Syrie qu’ailleurs. Comme si la dégradation de la réflexion critique conduisait fatalement à idéaliser des « gentils » révolutionnaires contre des « méchants » agents de la dictature. De tels procès d’intention sont une insulte à la pensée libre. En ce sens, la tragédie syrienne révèle le degré de provincialisation d’une partie de notre classe intellectuelle, accaparée par ses polémiques hexagonales. Le peuple syrien saura se libérer par ses propres forces et c’est bien là toute sa grandeur. La révolution vaincra, à Damas et à Alep, non pas contre ses détracteurs français, mais sans eux. Espérons qu’ils émergeront de leur impasse narcissique avant la prochaine révolution arabe.

La poussée islamiste dans les urnes n'annonce pas un « automne intégriste »


Jean-Pierre Filiu Universitaire Publié le 04/12/2011 http://blogs.rue89.com/jean-pierre-filiu/2011/12/04/la-poussee-islamiste-dans-les-urnes-nannonce-pas-un-automne-integrist-0 La Révolution arabe ne fait que commencer et elle va encore se déployer durant de longues années d’un bout à l’autre de cette région. Les succès électoraux remportés par les formations islamistes en Tunisie, au Maroc et en Egypte amènent pourtant certains à considérer que cet épisode est clos et qu’un automne islamiste a déjà succédé au printemps arabe. Rien ne serait plus erroné que de tomber dans ce piège intellectuel, car le soulèvement démocratique a enterré l’alternative entre dictature et islamisme, après des décennies où Ben Ali et Moubarak l’ont martelée pour justifier leur despotisme. Quant aux islamistes, ils savent qu’ils disposent d’une fenêtre d’opportunité, et ils vont tenter d’en tirer le maximum de bénéfices, avant que cette conjoncture favorable n’évolue, peut-être à leur détriment. Ennahda en Tunisie a remporté 89 sièges sur 217 pour l’Assemblée constituante (pour 36% des suffrages exprimés) et elle décroche ainsi la présidence du gouvernement, laissant celle de l’Assemblée à un social-démocrate et celle de la République à un nationaliste. Au Maroc, le Parti de la Justice et du Développement (PJD), avec 29% des votes pour 107 des 385 députés, obtient aussi le poste de Premier ministre. Les Frères musulmans égyptiens gagneraient 40% des voix à la première des trois séquences électorales, sans préjuger du résultat final des législatives, qui ne sera connu qu’en janvier 2012. Vers des coalitions de compromis On s’achemine dans tous les cas vers des gouvernements de coalition, où les islamistes devront nouer des compromis avec des formations laïques, nationalistes ou libérales. Il ne faut jamais oublier que les Frères musulmans jordaniens avaient obtenu 40% des voix en 1989, lors des premières élections libres en un quart de siècle, mais que leur médiocre performance gouvernementale leur avait fait perdre le scrutin suivant. Dans ces trois pays, les partis islamistes n’ont pas fait campagne sur un programme islamique, mais sur des thèmes de moralisation de la vie politique et d’affirmation nationaliste. Ils profitent d’un vote hétérogène, où la composante islamiste n’est pas forcément majoritaire, mais où deux aspirations contradictoires peuvent se retrouver : • la volonté de rupture avec l’ancien régime, d’une part, qui a bénéficié à des formations ciblées par la répression des dictatures en place ; • le désir de normalisation rapide, d’autre part, qui a profité à un « parti de l’ordre », surtout en Egypte, où les Frères musulmans se sont détournés de la contestation de la place Tahrir. L’hétérogénéité de ce vote correspond à la grande diversité de tendances à l’intérieur de ces partis, que la discipline interne, de type léniniste, a jusqu’à présent contenue. Mais Ennahda se révèle incapable de tenir un congrès depuis sa légalisation et les tensions sont multiples au sein des Frères musulmans égyptiens. Les formations islamistes vont partout être obligées de faire l’apprentissage accéléré du pluralisme externe et interne, alors que des années de répression, voire de clandestinité, ont ancré en elles une culture et une pratique du monolithisme. Surenchère salafiste Elles sont en outre contestées sur le même registre par des organisations avec lesquelles elles refusent de collaborer : • la Proposition populaire (populiste), en Tunisie ; • Justice et bienfaisance (alliée des contestataires du Mouvement du 20 Février), au Maroc ; • les salafistes (très conservateurs sur les questions de société), en Egypte. Le jeu est ouvert sur une scène politique structurée, pour la première fois clairement, entre une majorité et une opposition. Les vainqueurs des élections de cet automne vont devoir prouver leur capacité à gérer les affaires du pays. La pente naturelle sera plutôt à la rhétorique patriotique qu’à la surenchère religieuse. Et l’acuité de la crise sociale pourrait, à défaut d’écourter ce moment islamiste, dissiper très vite pour ces formations leur actuel état de grâce.

رسالة الى الله


في كتابه الصغير الشهير (خالد)(بالانكليزية) كتب أمين الريحاني رسالته هذه "الى الله": عبثًا طلبتك في أديان الناس، عبثًا بحثت عنك في سراديب عقائد الناس، ولكنّي لقيتُ في كتب العالم المقدّسة بعض آثار سماويّة طامسة، فلقد توضّح لي حرف ساكن من اسمك في “الفيدا”، وحرف في “الزّند آفِستا”، وحرف في الإنجيل، وحرفّ في القرآن، أجل—وفي كتاب الجمعيّة العلميّة الملكيّة وسجلاّت جمعيّة المباحث النفسيّة بعض الحركات التي لا يحسن الطفل البشريّ أن يحرك بها الأحرف الساكنة من اسمك. وانّى لأمم الأرض وهي في طفولة الحياة ان تحسن النطقَ به! من يهدينا إلى تلك الهمزات، همزات الوصل الإلهيّة التي تجمعُ بين الكواكبِ البعيدةِ المتقابلة في أطراف الأفلاك السماويّة؟ فلقد خطّت على نقاب السرّ الأبدي كلماتٌ، وامّحت، ثم خطّت وامّحت. كل أمة من أمم الأرض أدركت حرفًا من هذا الطلسم العظيم، لكن الحركات وهمزات الوصل لا بد أن يأتي بها علماء المستقبل لتحيي جمودا في أحرف الكتب المقدّسة الساكنة، وتبعث فيها سلاسة الماء والهواء، وتزيل اللكنة من لسان هذا البشري الطفلِ ومن قلبه.

من كشكول خواطر أمين الريحاني في مجلة الهدى النيويوركية (صاحبها صهره نعوم مكرزل)


ليس أقبح من كلام السوء أن يخرج من فم مطالب بحق. الضرير الواقف على شفير الهاوية لا يحتاج إلى من يدفعه للسقوط. المطر لا يضر بالقبور. والصاعقة لا تقتل البعوض. والبرق لا يزيل الظلمة. الترف والفخفخة في الهيئة الاجتماعية يوجدان المؤلفات اللطيفة الدقيقة الزائلة. أما الفقر فهو أبو الكتب الموحاة الخالدة. عزم مرة كارل ماركس زعيم الاشتراكيين على السفر إلى أميركا بعد أن نفي من وطنه، وكان في ذاك الوقت ساكناً في لوندرا مكتفياً بالفقر وراضياً عن الاضطهاد. ثم عدل عن السفر قائلاً: إذا سافرت إلى أميركا أتعاطى التجارة هناك وأغتني وتكون هذه آخرة كارل ماركس؛ ولذلك بقي في لوندرا وألف كتابه الشهير «رأس المال» وهو أساس تعليم الاشتراكيين. خدم كارل ماركس علم الاقتصاد والعمران كما خدم داروين علمي النبات والحيوان. حين تضع اللحم على الثلج تحفظه من النتانة، هل يخطر في بالك أن الذي اكتشف هذا الناموس مات بسببه. كان الفيلسوف الشهير باكون ذات يوم ماراً في عربته في أحد شوارع لندره تحت الثلج المتساقط، فخطر في باله أن يحشو الطير ثلجاً ليرى ما إذا كان الثلج يحفظ اللحم مع النتانة، فخرج من عربته ليفعل ذلك فتعرض للريح الذي أورثه نزلة صدرية فمرض منها ومات. أُذكرْ ذلك حين تأكل لحم عجل طرياً ذُبح منذ أسبوعين أم أكثر ولا تشمئز من رائحته. وكرِّمْ الفلاسفة كما تكرم القديسين. قد اكتشف الأطباء على مكروب مرض جديد في الإنسان. فأي شيء يا ترى يكتشفون على مكروب الصحة الدائمة؟. الهدى ـ 25 شباط 1904 كن بشوشاً ولا تبخل على نفسك بالضحك. ضحكة من عمق الفؤاد هي أنجع من كل الأدوية التي يصفها لك الطبيب. فالضحك يوسع الرئتين ويقويهما وينبه الأعصاب ويشدها؛ وبرهاناً على ذلك هو ما لاحظناه وما يلاحظه كل متأمل من القوة والنشاط والصحة في الذين يكثرون من الضحك. الكئيب السوداوي هو غالباً ضعيف نحيل، والبشوش الضاحك هو غالباً قوي نشيط ذو صدر متين ورئتين كبيرتين. فاضحك إذاً في الصباح، واضحك في المساء قبل النوم، واضحك مع أهلك وأصحابك وخلانك، ولكن لا تصرف كل وقتك بالضحك. فهذا الدواء مثل كل الأدوية يضر إن لم يؤخذ بحكمة وترتيب؛ وإذا كانت السويداء ضاربة أطنابها وأنت لا تستطيع الضحك فخذ «الهدى» واقرأ القصص الصينية فيه. الرجل الذي يخرج للتنزه مع امرأته أم خطيبته أم صديقة له يجتهد أن يكون لطيفاً ظريفاً ويجب ان يعرف الناس ذلك. ولكن متى بالغ في اللطف وحمل للمرأة مظلتها (شمسيتها) النحيفة الخفيفة يصبح أبله خالياً من روح الرجولية. والامرأة التي تطلب من زوجها أم صديقها حمل المظلة هي بليدة فيها من الرقة والغنج ما يشمئز منهما كل ذي ذوق سليم وعقل صحيح. لماذا لا تحمل المرأة مظلتها؟ ألأنها ثقيلة؟ كلا فذيل فستانها الذي تحمله بيدها اليسرى هو أثقل من دست(دزينة) مظلات نسائية نحيفة. لماذا إذاً لا تحملها؟. أتضطر أن تبقي يدها اليمنى فارغة لترفع قبعتها للذين يحيونها؟ كل امرأة صحيحة العقل سليمة الذوق ترفع بيدها اليسرى فستانها وتحمل مظلتها بيدها اليمنى إذا كانت ماشية مع رجل أم لا. كل عاقلة من النساء لا تكلف الرجل عمل شيء تستطيع أن تعمله بنفسها دون عناء. ونحن نحتقر الرجل الذي يجاري بعض النساء والبنات على ذوقهن الفاسد ويعجب برقتهن القتالة وبغنجهن المتطرف فيحمل لهن المظلات ويربط لهن شريط الأحذية وغير ذلك من الأعمال البليدة. نعم الرجل يحب في المرأة الغنج، ولكن متى أكثرت المرأة منه وتطرفت فيه يصبح الغنج للرجل كزيت الخروع، ونحن نفضل أن نشرب زيت السمك أو زيت الخروع من أن نجالس فتاة «مخروعة» أم نمشي مع امرأة مغنّجة للغاية. إذا مشى المجنون كثيراً فهو لا يشعر بتعب ولذلك سبب فيزيولوجي نتركه لأرباب هذا العلم، ولكن نريد أن نذكر هنا رأي الخرافيين في المسألة وهو هذا: إن المجنون لا يشعر بالتعب من كثرة المشي لأنه بالحقيقة لا يمشي إذ إن الشيطان ما زال ساكناً فيه يحمله، وحبذا لو حمل بعضَ العاقلين الذين يعتقدون هذا الاعتقاد. المجانين على نوعين: أولهما محبوس في «البيمارستان» والثاني مطلوب في العالم، وعدد النوع الثاني يفوق بدرجات عدد النوع الأول. الهدى ـ 27 تشرين الأول 1902. يقال إن الهر كروب الذي مات في ألمانيا مؤخراً كان من الرجال الذين يكرهون الحرب ويعشقون السلم. وكروب هذا كان صاحب أكبر معمل للمدافع في العالم. فماذا تنفع الإنسانيةَ عاطفتُه الشريفة ما زالت ملايينه تستخدم لاصطناع أدوات الحرب وموادها. فلو مال إلى الحرب لكان خلص من المناقضة التي أوقعه بها الأصدقاء الغيورون الذين ينشرون له مآثر نرتاب فيها. إذا كان المساعد على تعزيز الحرب يكره الحرب فمن يا ترى يحبها. الهر كروب الذي نرجو له النجاة من كل كرب في الآخرة أحيى في هذا العالم مكروب الحرب ونشّطه ثم تظاهر بالبغض له. فهل الذي يكره خليقته يعد فاضلاً؟ نكره سفك الدماء ولكننا نمجد من جعل الحرب صنعته والقتل مهنته. نحن أبطال التاريخ ونرضى أن تكون فينا نقائصهم وعيوبهم. إذا شئت أن تعرف من هو عدوك الألد فتش عليه في نفسك. نفتخر بنابليون وبالقيصر وبهانيبال ونحتقر مارا وروبسبير ودانتون. ولماذا؟ لأن الأولين قتلوا وسبوا بإذن من التقاليد، والأخيرين أذنوا بالقتل أو تغاضوا عنه حباً بقتل تلك التقاليد. فأي أفضل؟ وبمن يجب أن نفتخر؟ الرجل الذي تبتدئ حياته بالتقوى والتدين تنتهي غالباً بالمكر والاحتيال. الراهب هو أكبر سياسي والسياسي هو العالم بأساليب الكذب والمتمهر في فن الاحتيال والتدليس والتمويه. الطريق السهلة هي غالباً طريق الضلال والغرور. الحكيم يشتغل في سفينته كل يوم ويظل متأهباً. والجاهل ينتظر الطوفان ويصرخ إذ ذاك «نجوني من الغرق». الامرأة التي ترى ثيابها على الأرض تستحق أن ترمى من الشباك. لا تأذن لنفسك التعمق في درس أطباع صديقك إذا كنت تحب دوام صداقتك له. الحجار الكريمة توجد أحياناً في الوحل والأقذار. أي أكثر؟ الجوازات الشعرية أم المقفّون؟ سؤال نطرحه على شعرائنا الذين ينامون وهم ماشون ويمشون وهم نائمون. قد يستغني الذكي عن معرفة قواعد الجدل وقوانين المنطق. ما لقيصر لقيصر وما لله لبني البشر. قال سبنسر: «إن الإنشاء الطلي هو نتيجة للممارسة والاستعداد أكثر مما هو نتيجة معرفة الكاتب قواعد الكتابة». وقال أيضاً «قد يستغني عن علمَي المعاني والبيان من كان متوقد الذهن، سريع الفهم، حاد التصور، ذا أذن حساسة ونظر دقيق».إذا وقعت بين شرين فابتعد عن الاثنين. نكرر مثلنا هذا لأن بعض إخواننا وأصدقائنا يميلون إلى التمثل بالمثل القديم الذي هو: «إذا وقعت بين شرين فاختر لنفسك الأصغر» أي إذا وقعت بين بغل وحمار فاختر لنفسك الأقل ضرراً من الاثنين. ولكن البغل قابل أن يحرن والحمار قابل أن يتهور. الهدى ـ 28 كانون الثاني 1903

تحية كبيرة الى الرجل الطيب والامام الأكبر الشيخ أحمد الطيب... هكذا تكون العمائم...


نص وثيقة الأزهر الشريف لنبذ العنف، التي اتفق عليها الحاضرون في لقاء الخميس 31 كانون الثاني/يناير 2013، عقب اجتماع القوى السياسية مع شيخ الأزهر الامام أحمد الطيب. باسمِ جَمهرةٍ من شبابِ الثورة، وفي رِحابِ مَشيَخةِ الأزهرِ، وباسمِ الأزهرِ الشَّريفِ المؤسَّسةِ العلميَّةِ الوَطَنيَّةِ العريقةِ، وبمُشاركةِ طائفةٍ من هَيْئةِ كِبارِ العُلَماءِ وممثلي الكنائس المصرية، نُعلِنُ التِزامَنا بالمبادِئِ الوَطَنيَّةِ والقِيَمِ العُليَا لثَوْرةِ الخامس والعِشرين من يَناير، التي يحرِصُ عليها كلُّ المشتغِلينَ بالسياسةِ والشأنِ الوَطَنِيِّ من السِّياسيِّينَ وقادَةِ الفِكرِ ورُؤَساءِ الأحزابِ والائتِلافاتِ، وسائر الأطيافِ الوَطَنيَّةِ كافَّةً، دُونَ تمييزٍ. الموَقِّعونَ على هذه الوثيقةِ يلتَزِمونَ بما يلي: ١) حقُّ الإنسان في الحياةِ مقصدٌ من أسمَى المقاصِدِ في جميعِ الشَّرائِعِ والأديانِ والقَوانينِ، ولا خَيْرَ في أُمَّةٍ أو مجتمعٍ يُهدَرُ أو يُرَاقُ فيه دَمُ المواطنِ، أو تُبتَذَلُ فيه كَرامةُ الإنسانِ، أو يضيع فيه القصاص العادل وفق القانون. ٢) التأكيدُ على حُرمَةِ الدِّماءِ والمُمتَلكاتِ الوَطَنيَّةِ العامَّةِ والخاصَّةِ، والتَّفرِقةُ الحاسمةُ بين العمَلِ السِّياسيِّ والعملِ التخريبيِّ. ٣) التأكيدُ على واجبِ الدولةِ ومُؤسَّساتِها الأمنيَّةِ في حِمايةِ أمنِ المواطنينَ وسَلامتِهم وصِيانةِ حُقوقِهم وحُريَّاتِهم الدُّستوريَّةِ، والحِفاظِ على المُمتَلكاتِ العامَّةِ والخاصَّةِ، وضَرورةِ أنْ يَتِمَّ ذلك في إطارِ احترامِ القانونِ وحُقوقِ الإنسانِ دُونَ تجاوزٍ. ٤) نبذُ العُنفِ بكلِّ صُوَرِه وأشكالِه، وإدانتُه الصَّريحةُ القاطعةُ، وتجريمُه وطنيًّا، وتحريمُه دِينيًّا. ٥) إدانة التحريضِ على العُنفِ، أو تسويغِه أو تبريرِه، أو التَّرويجِ له، أو الدِّفاعِ عنه، أو استغلالِه بأي صُورةٍ. 6) إنَّ اللُّجوءَ إلى العُنفِ، والتَّحريضَ عليه، والسكوتَ عنه، وتشويهَ كلِّ طرفٍ للآخَر، وتَرْوِيجَ الشائعاتِ، وكل صُوَرِ الاغتيالِ المعنويِّ للأفرادِ والكياناتِ الفاعلةِ في العمَلِ العامِّ، كلُّها جرائمُ أخلاقيَّةٌ يجبُ أنْ يَنأَى الجميعُ بأنفُسِهم عن الوُقوعِ فيها. ٧) الالتِزامُ بالوسائلِ السِّياسيَّةِ السِّلميَّةِ في العمَلِ الوطنيِّ العامِّ، وتربيةُ الكوادرِ الناشطةِ على هذه المبادئِ، وترسيخُ هذه الثَّقافةِ ونشرِها. ٨) الالتِزامُ بأسلوبِ الحوارِ الجادِّ بين أطرافِ الجماعةِ الوطنيَّةِ، خاصَّةٍ في ظُروفِ التَّأزُّمِ والخلافِ، والعملُ على تَرْسيخِ ثقافةِ وأدبِ الاختلافِ، واحترامُ التعدُّديَّةِ، والبحثُ عن التَّوافُقِ من أجلِ مَصلحةِ الوطَنِ، فالأوطانُ تتَّسِعُ بالتَّسامُحِ وتضيقُ بالتعصُّبِ والانقِسامِ. ٩) حمايةُ النَّسيجِ الوَطَنِيِّ الواحدِ من الفِتَنِ الطائفيَّةِ المصنوعةِ والحقيقيَّةِ، ومن الدَّعواتِ العُنصُريَّةِ، ومن المجموعاتِ المسَلَّحةِ الخارجةِ على القانونِ، ومن الاختِراقِ الأجنبيِّ غيرِ القانونيِّ، ومن كُلِّ ما يُهدِّدُ سَلامةَ الوطَنِ، وتضامُنَ أبنائِه، ووحدةَ تُرابِه. ١٠) حمايةُ كيانِ الدَّوْلةِ المصريَّةِ مَسؤوليَّةُ جميعِ الأطرافِ، حكومةً وشعبًا ومعارضةً، وشَبابًا وكهولاً، أحزابًا وجماعاتٍ وحركاتٍ ومُؤسَّساتٍ، ولا عُذْرَ لأحدٍ إنْ تسبَّبت حالاتُ الخِلافِ والشِّقاقِ السِّياسيِّ في تَفكيكِ مُؤسَّسات الدولةِ أو إضعافِها. ونحنُ إذ نُعلِنُ إيمانَنا بهذه المبادِئِ، وما تُعبِّرُ عنه من أُصولٍ فَرعيَّةٍ، وثَقافةٍ دِيمقراطيَّةٍ، ووحدةٍ وطنيَّةٍ، وتجربةٍ ثوريَّةٍ - ندعو كلَّ السِّياسيِّينَ، قادةً أو ناشطينَ، إلى الالتِزامِ بها، وتطهيرِ حياتِنا السياسيَّةِ من مَخاطِرِ وأشكالِ العُنفِ، أيًّا كانت مُبرِّراتُها أو شعاراتُها، وندعو كلَّ أبناءِ الوطنِ، حُكَّامًا ومحكومينَ، في أقصى الصَّعيدِ والواحاتِ، وفي أعماقِ الدِّلتا والباديةِ، وفي مُدُنِ القناةِ وسَيْناء، إلى المصالحةِ، ونبذِ العنفِ، وتَفعيلِ الحوارِ - والحوار الجادّ وحدَه - في أمورِ الخِلافِ، وتَرْكِ الحُقوقِ للقَضاءِ العادِلِ، واحتِرامِ إرادةِ الشَّعبِ، وإعلاءِ سِيادةِ القانونِ، سَعْيًا إلى استِكمالِ أَهْدافِ ثَوْرةِ الخامس والعشرين كاملةً - بإذْن الله.

عن قانون الانتخابات والزواج المدني


معركتان نجح النظام السوري وحلفاؤه في فرضهما على خصومه وارباكهم بها الى حد كبير، وكان بالامكان عدم الوقوع فيهما والمبادرة الى طرح مشاريع واضحة وجريئة تغلق الباب أمام الفتنة الموصوفة لهذه المعارك الوهمية: 1-قانون ايلي الفرزلي السيء السمعة (أقصد القانون) وقد انزلق البعض على قشرة الموز هذه بعنوان وحدة الصف المسيحي أولاً وضرورة التمثيل الصحيح للمسيحيين في البرلمان ثانياً... متناسين أن باقي الطوائف ستطالب أيضاً بوحدة الصف (لا صوت يعلو فوق صوت وحدة الطائفة) وبالتمثيل الصحيح العادل المناسب لحجمها (أي المثالثة وليس المناصفة)... ومتناسين أن وجود المسيحيين والمسلمين هو أصلاً على المحك ولا خلاص لهم الا معاً وبالدولة الديموقراطية المدنية... يعني ننهض معاً أو نسقط فرادى... والأنكى من ذلك أن الجميع يدرك ويعلم علم اليقين بانه لا انتخابات ولا من يحزنون.. يعني ذلك ان مصير المسيحيين اللبنانيين غير متعلق أصلاً بانتخابات لن تحصل اليوم ولا غداً ... فلماذا التضحية بما في اليد من اجل 10 عصافير على الشجرة... أي في عالم الغيب..لأن السادة الكرام لا يعرفون ما سيصير عليه الوضع بعد يومين ... برغم لجوئهم الى نبؤات ليلى عبد اللطيف وميشال حايك ومن لف لفهما... ألم يكن بالامكان بدل ذلك الدعوة لمؤتمرات وطنية وورش عمل لبحث سبل حماية السلم الأهلي والعدالة والمصالحة وكيفية تطبيق الطائف فعلياً، وضرورات الاستعداد لزلزال المحكمة الدولية وزلزال سوريا المتفاقم؟؟؟ والعاقل والمدرك للامور يعرف ان ما يجري مناورات سياسية رخيصة للحشر والمغالبة.. لذا كان من الأنسب عدم الانجرار خلف صراع حول جنس الملائكة... والنأي بالنفس عن هذا الهراء غير الارثوذكسي وغير الكاثوليكي... 2- الزواج المدني وهو موضوع قديم جديد يتم طرحه دائماً لاستثارة الفتنة الطائفية واظهار السنّة بمظهر غير المدنيين .. حصل هذا زمن الرئيس الياس الهراوي بطلب سوري لحشر الرئيس الحريري ... يومها وافق وزراء حركة أمل على القانون المدني بطلب سوري مباشر وأيضاً لحشر الرئيس الحريري في الزاوية نظراً لما لهذا الأمر من حساسية دينية اسلامية... ولا أظن أن الرئيسين الهراوي وبري ، ومعهما الوزراء الأشاوس، كانوا من المهتمين بالحقوق المدنية للمواطن اللبناني...كما لا أظن أن من كان يطرح في كل فترة مشروع الغاء الطائفية السياسية كان بريئاً من الغرضية براءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب... أما اليوم فقد شارك المفتي قباني (ولحقه المجلس الشيعي) في عملية التحريض ضد الزواج المدني وبصورة غير مقبولة بكل المعايير... وهدف المفتي قباني واضح للعيان إذ يتعلق الأمر بالدعوة الى انتخاب المجلس الشرعي وبالتالي تطييره من منصبه المختلف حول شرعيته أصلاً، وهو باستثارته تعبئة دينية تعطيه مصداقية شعبية يحشر تيار المستقبل في الزاوية ويربك الرئيس ميقاتي ويخلط الأوراق ويكسب وقتاً... وقد نجح في ذلك للأسف... مؤقتاً...وما تأييد المجلس الشيعي له سوى من باب التضامن السياسي ونحن نعلم أن وزراء حركة أمل صوتوا بالاجماع لصالح مشروع الرئيس الهراوي للزواج المدني في شباط 1998.. وفي هذا السياق يتوجب التنويه بقوة بأنه لا يحق لأحد (من الناحية الدينية الشرعية أولاً ومن الناحية السياسية الوطنية ثانياً) التصريح بتكفير وتهديد بحد الردة واخراج مسلمين (بينهم نواب ووزراء ورؤساء وزراء وقضاة ومفكرون ..الخ..) من دينهم والتهديد بعدم الصلاة عليهم أو دفنهم في مدافن المسلمين...هذا لم يحصل من قبل في تاريخ المسلمين في لبنان... ولا يجوز أن يمر مرور الكرام. وقد تعلمنا في ديننا أن الرسول صلى بنفسه على رئيس المنافقين الذين كانوا يستهزئون به ويكفرون برسالته... وتعلمنا أن الحكم الأخير بين الناس هو لله يوم القيامة.. كما تعلمنا في ديننا أن الفتوى هي رأي (قد يكون مصيباً وقد يكون مخطئاً) وليست حكماً قضائياً ... وتعلمنا في ديننا انه لا كهنوت في الاسلام .. المقصود بالإفتاء: الإفتاء في اللغة معناه الكشف والبيان والإيضاح. أما المقصود بالإفتاء شرعا فهو بيان الأحكام الشرعية فيما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات والآدب، وغير ذلك من المسائل التى لها أحكامها المستقرة فى شريعة الإسلام. وبناء على ذلك، فإن وظيفة المفتى الشرعى هي بيان الحكم الديني فى مسألة من المسائل من حيث كونها من الأمور المباحة، أو المندوبة، أو المكروهة، أو الواجبة، أو المحرمة...أي من دون تكفير وتهديد ووعيد..فالمفتي يجتهد رأيه ولا يملك فرضه.. والإفتاء أمانة كبيرة وتبعة عظيمة لأن المفتى فى مسألة ما مسؤول أمام الله تعالى عما أفتى به ، فإن أفتى بالحق والصواب كان له أجره، وإن أفتى بالخطأ والجهل والهوى كان أمره فرطا، وكان عقابه لا يعلم شدته إلا الله. الفرق بين القاضي والمفتي: إن حكم القاضي ملزم لمن تحاكم إليه ينفذ قهرًا، أما فتوى المفتي فغير ملزمة في المنازعات بين الخصوم، إذ ليس من شأنه طلب البيانات واستشهاد الشهود واستحلاف أطراف النـزاع، وليس مجلسه مجلس إقرار، بخلاف القاضي في كل ذلك، ويترتب على هذا: 1. إنه لا يفتى فيما ينظر فيه القاضي إلا على جهة المشورة وإبداء الرأي، فإذا كانت الدعوى معروضة أمام المحاكم للنظر فيها فلا يستفتى فيما كان النظر فيه من شأن القاضي، وليكن السؤال عاما لا علاقة له بحق لأحد أو على أحد. 2. إن فتواه لا تعارض حكم القاضي إلا إذا خالف نصا صريحا أو إجماعا صحيحا، فإن حكمه يكون باطلا حينئذ. 3. إنه لا يملك تغيير المحررات الرسمية التي يصدرها القاضي أوالمأذون كما في الزواج والطلاق، فإذا أراد من حررت له وثيقة طلاق رسمية مثلا أن يطعن فيها فالطريق الصحيح له أن يلجأ إلى المحكمة طلبا للتصحيح، ثم إذا أراد القاضي بعد ذلك أن يستشير المفتي فإنه يخاطبه بمحرر رسمي. 4. قد يطلب الزوج – أو الزوجة التي حضر زوجها للاستفتاء – من المفتي ما يفيد وقوع الطلاق من عـدم وقوعه، وحينئذ فإفادة دار الإفتاء بذلك إنما هي على سبيل الشهادة لا القضاء. وللمفتي صفات علمية، من أهمها أن يكون حافظا للقرآن الكريم مع فهمه السديد لمعاني ألفاظه ولسمو هداياته، وأن يكون واسع الاطلاع على السنة النبوية الشريفة وشروحها، ولديه الإحاطة الواعية بروح التشريع، واختلاف الآراء، وتطور الزمن والعادات، إلى غير ذلك من العلوم التى لا غنى لكل راسخ فى العلم منها. فقد روى عن الإمام الشافعي – رضى الله عنه – أنه قال: "لا يحل لأحد أن يفتى فى دين الله، إلا رجلا عارفا بكتاب الله تعالى بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصيرا باللغة الفصحى والشعر الجيد وما يحتاج إليه منهما فى فهم القرآن والسنة، ويكون مع هذا مشرفا على اختلاف علماء الأمصار، وتكون له فى ذلك قريحة وقادة، فإذا بلغ هذه الدرجة فله أن يفتي". وعلى المفتي أيضا ألا يتحرج من الرجوع عن فتواه إذا تبين له خطؤه. الزواج في الاسلام كما تعلمنا في فقهنا الاسلامي أنّ الأصل الأولي، العقلي والنقلي، في قضية السلطة على البشر، من قبل أي شخص كان، هو عدم المشروعية، فلا ولاية لأحد على أحد، ولا ولاية لأحد على جماعة، أو مجتمع، ولا ولاية لجماعة أو مجتمع على أحد، طالما أنّ الولاية الوحيدة الثابتة بحكم العقل والنقل، هي ولاية الله تعالى وحده دون غيره... وهذا يعني أنه بعد انقطاع الوحي بوفاة الرسول (عند السنة)، وبعد انقطاع العصمة بغيبة الامام المهدي (عند الشيعة)، عادت الولاية الى الأمة على نفسها.. أي أنّ الأمة يجب أن تشرّع لنفسها بواسطة أهل الخبرة والاختصاص، في كل مجال في حدود حاجاتها التنظيمية، وذلك في مناطق الفراغ التشريعي على حد قول شمس الدين، ومنها الشأن الإداري والتنظيمي... والصحيح أن الزواج في الاسلام هو عقد مدني أصلاً (شأن اداري تنظيمي) فهو ليس سراً مقدساً، وأساس هذا العقد المدني وجود الشهود عند أهل السنة (شاهداك زوجاك) وبلا شهود عند الشيعة، بل اتفاق وتراض بين الزوجين، إذ هو عقد مكتوب يحدد الحقوق والواجبات والمسؤوليات المتبادلة، أي ككل عقد مدني إداري أصلاً... ولكن هناك اشكالية أساسية في العقد الاسلامي وهي أنه لا يجوز لمسلمة أن تتزوج من غير مسلم.. وهذا له أسبابه السوسيولوجية المعروفة التي جعلت المرحوم الشيخ عبدالله العلايلي يطلق صرخته الشهيرة : أطوطميون أنتم؟.. وهذا الاشكال هو الداعي الوحيد لعدم قبول الزواج المدني لدى المسلمين لما لذلك من تداعيات ومفاعيل على مسائل أخرى في أساس تكوين الاسرة مثل البنوة والابوة (النسب) والامومة والحضانة والطلاق والإرث والوصية الخ....ومجتمعاتنا مجتمعات ذكورية وتشريعاتها تخدم ذلك... وبالتالي فليست المسألة مجرد زواج مدني بل كيفية اعادة تنظيم حقل الأسرة والاحوال الشخصية برمته في مجتمع ديني أولاً وذكوري أساساً.. أما القول بالاعتبار بالنموذج التونسي والماليزي والاندونيسي والتركي فهو صحيح مبدئياً ولكنه يتناسى أن هذه البلدان اسلامية صافية وعلى مذهب واحد غالباً، أو أن السلطات فيها مسلمة ودستورها ينص على دين الدولة، تماماً كما أن العلمانية الغربية قامت على مجتمعات مسيحية ثقافتها وروحها ودستورها وقوانينها مستمدة من تراثها المسيحي ولم تأخذ بالتعددية الدينية حين صاغت علمانيتها...المهم هنا القول بأن المطلوب اجتراح اجتهاد اسلامي مناسب للعصر والمكان والزمان وهذا ما حاول القيام به العلايلي وبعض علماء الشيعة مثل السيد محمد حسن الأمين والسيد علي الأمين والسيد هاني فحص.. وخلاصة القول إن الزواج المدني ينعقد عندنا في لبنان منذ أجيال (ولو في خارج البلاد) وتسجله المحاكم اللبنانية شرعياً وتنعقد مفاعيله حتمياً .. ولم يصدر عن أي مفتي سابقاً ما يلغي هذه الزيجات أو يجعل أصحابها كفرة مرتدين... فلنشتغل على ورش عمل تناقش وتصوغ اشكاليات الاحوال الشخصية وقوانينها في لبنان في ظل دعوتنا لدولة مدنية.. ولنشتغل على ورش عمل تناقش كيفية تطبيق اتفاق الطائف، وتصوغ حلولاً لمشكلة التمثيل الصحيح ومبدأ المناصفة والتقسيمات الادارية المناسبة واللامركزية الادارية وسلطات وصلاحيات مجلس الشيوخ والسلطة القضائية المستقلة فعلاً، وكيفية تحقيق ذلك.. ولنشتغل على ورش عمل وهيئات تعمل على حماية السلم الأهلي وحفظ الأمن والأمان للبنان في هذا المنعطف الخطر. أما الحل الآني (خطة خمسية) لمسألة السجال الحاصل اليوم فبسيط يا شباب... تطبيق اتفاق الطائف عبر المهمات التالية: 1- تشكيل مجلس شيوخ طائفي على أساس أن كل طائفة تنتخب شيوخها وعلى قاعدة المناصفة والنسبية . 2- تشكيل مجلس نواب محرر من القيد الطائفي على أساس المحافظة دائرة انتخابية واحدة، والاكثرية المطلقة مع وجود لوائح لكتل سياسية (أو أحزاب) لا طائفية.. نعم لا طائفية مثل الكتلة الدستورية والكتلة الوطنية والجبهة الاشتراكية.. 3- إعادة تشكيل المحافظات وجعلها 34 على أساس مشروع ناجي البستاني أو أي اقتراح غيره يناسب المناطق. 4- البدء الفعلي بتطبيق اللامركزية الادارية الموسعة بعد اعادة تشكيل المحافظات.وهذا يعني على سبيل المثال استقلالية الجامعة اللبنانية في المناطق كجامعات مستقلة وليس كفروع، وتعيين رؤساء لكل منها بدل الرئيس الواحد.. 5- البدء الفعلي بالانماء المتوازن من خلال تأهيل وتشغيل مطاري القليعات ورياق ومرفأ طرابلس (وغيره) ومصافي النفط في طرابلس والزهراني والمعارض العربية والدولية في طرابلس وشتوره وبعلبك والاوتوستراد العربي والجامعة اللامركزية والمناطق الصناعية في البقاع وتأهيل وتفعيل المستشفيات الحكومية والمستوصفات النقالة والزراعات البديلة... ومن خلال تسهيل عمليات فرز وضم وتسجيل الأراضي (خصوصاً في البقاع والشمال) وغير ذلك من مشاريع.. 6- تشكيل مجلس قضاء أعلى جديد مستقل يرشح أعضاءه الرؤساء الثلاثة ورؤساء الكتل النيابية من كل الطوائف ويتم لاحقاً انتخاب عشرة من بين المرشحين وعلى أساس الكفاءة والأقدمية.. فقط .. ويناط به وحده اعادة النظر في وضع القضاء برمته لضرب الفساد واعادة تشكيل الهيئات والمحاكم باتجاه تحقيق استقلالية السلطة القضائية نهائياً.. 7- تدريس الزامي للتربية الوطنية وللتنشئة المدنية في التعليم الرسمي والخاص للمرحلتين الابتدائية والتكميلية. 8- تدريس الزامي لتاريخ الاديان والثقافات المقارن، وعناوين وبنود من القانون المدني، في المرحلتين الثانوية والجامعية. 9- تكليف الجيش بأعمال الخدمة الاجتماعية المجانية في المناطق الريفية المتخلفة كاستصلاح الأراضي وشق الطرق وتزفيتها وبناء المدارس والمستوصفات أو اصلاحها..الخ.. والغاء السخرة المطبقة على الجنود في منازل الظباط. 10- تشكيل هيئة من القضاة المدنيين والدينيين (والمحامين) لاقتراح مشروع قانون مدني اختياري للاحوال الشخصية ..

حازم نهار


31كانون الثاني/يناير 2013 نظام حكم جمهوري ظاهرياً، لكنه عائلي في الواقع والعمق، تعبِّر عنه عائلة حاكمة تسيطر على كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية. نظام يرفع شعار "الاشتراكية" مع إدارة مافيوية للاقتصاد واقعياً. ويرفع شعار "الحرية"، لكنه يناهز كل دول العالم في عدد السجون والمعتقلات المفتوحة لكل صاحب رأي. ويعلي من شأن الوحدة العربية، بينما لم يدخر جهداً في الدخول بعداوة سياسية مع كل الأنظمة العربية، وكانت ديماغوجيته تطلب من السوريين على الدوام التصفيق له عندما يعادي دولة عربية ما، على اعتبار أن ذلك "وطنية"، والتصفيق أيضاً عندما يصادق الدولة ذاتها، على اعتبار أن ذلك "حكمة"، بل الأنكى أنه نظام شتّام لدول الخليج في الوقت الذي يبني فيه الشراكات المالية مع أمرائها. نظام الحزب القومي (حزب البعث) في الوقت الذي يدخل فيه فرعا الحزب في سورية والعراق في عداوة أبدية. نظام حريص على الأمن القومي العربي، وفي الوقت ذاته يرسل قواته للمشاركة مع قوات التحالف لاجتياح العراق. إنه يعلن دائماً أنه ضد التدخل الأجنبي في المنطقة، لكنه لم يتردَّد في تغطية العدوان على العراق في عام 1991. نظام مناصر للمقاومة، ويختزل المقاومة في حزب محدَّد، ويرى عملياً أن مزارع شبعا أهم من الجولان الذي ما يزال محتلاً منذ خمسة وأربعين عاماً. وهو أيضاً نظام ممانع وصاحب صوت عالٍ، لكنه لا يفعل شيئاً عندما تعتدي إسرائيل على البلد ثلاث مرات. نظام يعلن عداء ظاهرياً للأميركان والغرب، وهو أكثر المتعاونين أمنياً معهم، وأكثر اللاهثين لرضاهم. وللمفارقة يقيم صداقة تاريخية مع روسية وصداقة في الخفاء مع أمريكا. نظام يبجِّل "الجيش المغوار" و"حماة الديار"، لكنه يحوِّل الحماة إلى مدمرين وقتلة ولصوص، ويقوم أساساً على أجهزة أمن هي الطرف الأساس في انتهاك أمن الوطن والمواطن. نظام "علماني"، وأبرز صداقاته مع دول دينية (إيران) وأحزاب دينية (حزب الله)، ويسمح تحت قشرة العلمانية للقبيسيات بالعمل، ويبني معاهد الأسد لتحفيظ القرآن، وينشئ جماعات متطرفة للاستخدام المحلي والخارجي، بينما يمنع المثقفين ويسجنهم. ويرفع شعار "الوطنية" لكنه لا يتردد في استخدام الطائفية والعشائرية من أجل البقاء. نظام "تحديث وتطوير"، لكنه أدار البلد بعقلية شبيحة السومرية. إنه يحتوي كل هياكل الدول الحديثة (مجلس شعب، وزارات...) لكنها لا تهش ولا تنش، ولا تساوي قشرة بصلة. نظام "السياسة الحكيمة"، ولولا الغباء والغرور لما وصلنا اليوم إلى هذا الوضع. إن مفارقات النظام وفصاماته لا تنتهي. بالتالي ليس مستغرباً، بعد رحلة نصف قرن من الفصام، أن ترتفع أنغام سمفونية "شبيحة للأبد" في دار الأوبرا، إذ إن جمع المتناقضات واحدٌ من أهم ركائز النظام...

جمال البنا: الحجاب غير شرعي والزواج صحيح دون شهود وولي


فصل الجنسين عملية وحشية وإمامة المرأة جائزة طرح المفكر الاسلامي جمال البنا وهو الشقيق الاصغر لمؤسس حركة الاخوان المسلمين حسن البنا، آراء حول الحجاب والمرأة والزواج قد تثير جدلا كبيرا لتصادمها مع معظم الاجتهادات الفقية القديمة والمعاصرة. وقال في حوار مع "العربية.نت" أنه لا حاجة الآن للحجاب لأنه يعوق المرأة عن حياتها العملية، وأنه لا يوجد في الاسلام ما يؤكد فرضيته.وأضاف: الحجاب فرض علىالاسلام ولم يفرض الاسلام الحجاب، فشعر المرأة ليس عورة، بل يمكنها ان تؤدي صلاتها بمفردها وهي كاشفة الشعر.واعتبر شعر المرأة ليس عورة قائلا "مطلقا لا أرى ذلك".. مشيرا إلى أن المجتمعات الذكورية التي تخصص المرأة للبيت فقط هي التي تلح على هذه النقطة.واستطرد بأن الاختلاط ضرورة، حتى لو حدثت بعض الاخطاء، فالانسان عندما تصدمه سيارة في الشارع، لا يكون ذلك مدعاة لالغاء السير فيه. أوضح البنا أنه لا يستسيغ عزل النساء عن الرجال، بينما التطورات الحالية تفرض لهن حقوقا سياسية واجتماعية واقتصادية مساوية للرجال، متسائلا: كيف نعزل وزيرة عن بقية الوزراء لأنها انثى.ويفجر مفاجاة جديدة خاصة بالزواج قائلا إن مسألة الشهود توثيقية فقط، فيكفي رضا وتوافق الرجل والمرأة على الزواج وحصول توافق بينهما لتصبح علاقتهما صحيحة، بشرط وجود النية باستمرار هذا الزواج وقبول نتائجه المتمثلة في الانجاب والاقامة في بيت واحد.ولكنه حرص على استثناء العلاقات داخل المدارس والجامعات من هذا الحكم بقوله: تبقى علاقاتهم التي يسمونها زواجا غير شرعية، لأنه ليس هناك بيت يجمع الزوجين والعلاقة بينهما يغلفها السرية، ولا ضمان لديمومتها فالقلوب تتغير وقد يخطف قلب الرجل أو الفتاة طرف آخر.وأكد جمال البنا أن الحجاب أبدا لم يكن عقيدة أو شريعة بل مجرد عادات، إنه موجود من قبل الاسلام بألفي عام، نراه في كتاب حمورابي، وفي أثينا في عهد أفلاطون وارسطو حيث كان ينظر إلى المرأة على أنها من الحريم، كذلك ركزت اليهودية على الحجاب بشكل مكثف وأيدته المسيحية أيضا.وقال: كان الحجاب موجودا في العالم كله على أساس أنها مجتمعات ذكورية خصصت المرأة للبيت والرجل للعمل وكسب الرزق، ولم يكن ذلك مزعجا للمرأة لأنها وجدت في الامومة ما يعوضها، لكن مع تطور الحياة في العصر الحديث ونمو فكرة الانسان وان المرأة انسان ايضا، تغيرت مشاعرها وبدأت تطالب بحقها كانسان، واقتضى ذلك دخول المرأة مجال العمل ومشاركتها في العمل السياسي مثل الرجل تماما، ومن ثم أصبح لا ضرورة للحجاب الذي يحمل معنيين، أن تحتجب في البيت، أو أن تغطي شعرها فقط أو شعرها ووجهها وهو ما يسمى في هذه الحالة بالنقاب. لا لزوم للحجاب وشعر المرأة ليس عورة وأضاف أن الحجاب يحول عمليا دون مشاركتها في الحياة العملية، فما دامت الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد غيرت من وضع المرأة، مما يستدعي تغيير المفاهيم بشأنها وما يستتبعها من حجاب أو غير حجاب.وأوضح أن شعر المرأة ليس عورة ولا يوجد أبدا في الكتاب والسنة ما يقول ذلك، وهناك حديث في صحيح البخاري بأن الرجال والنساء كانوا يتوضأون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من حوض واحد في وقت واحد، فكيف اذن تتوضأ المرأة وهي مقنعة مرتدية ذلك اللباس الذي يجعلها شبحا أسود. كيف تغسل وجهها وقدميها ويديها إلى المرفقين، وكيف تمسح على شعرها.لقد استمر هذا الوضع طيلة حياة الرسول وفي جزء من خلاقة أبي بكر الصديق وجزء من خلافة عمر الذي فصل بين الرجال والنساء في الوضوء من مكان واحد. ليس في القرآن والسنة أمر بالحجاب السنة ليست كما يتصورون أبدا. ليس في القرآن الكريم أو السنة الشريفة ما يأمر بالحجاب مطلقا. القرآن عندما قال "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" كان ذلك في اطار الحديث عن لباس اجتماعي سائد في ذلك الوقت، فالرجال يلبسون العمائم والنساء تختمر لتقي نفسها من التراب أو من الشمس، وبالتالي فالمسألة لا علاقة لها بالدين، ومن هنا امر القرآن أن تسد المرأة فتحة الصدر بالخمار الذي كانت ترتديه كعادة اجتماعية، لكنه لم يأمرها بان ترتدي الخمار ولم يقل إنه من الضروري أن يغطي الرأس.القرآن ليس فيه آية واحدة تحث على الحجاب إلا بالنسبة لزوجات الرسول، وهو ليس زيا وانما باب أو ستار.وأضاف: الاسلام لا يطلب من المرأة أن تغطي شعرها أو تنزع ذلك الغطاء، هذا ليس شأنه، وإنما يدخل في اطار حقوقها الشخصية.وقال لا أجد حرجا مطلقا في أن تصلي المرأة بشعرها، ومع ذلك لابد أن نفرق بين كونها في الشارع، فلا نرى ضرورة لأن تلبس غطاء على رأسها، وبين أن تكون في الصلاة فترتديه، وإن كنت لا أرى حرجا في أن تصلي بدونه. ارتداء المرأة للبنطلون أكثر حشمة وسترة ويرى جمال البنا أن البنطلون الذي ترتديه بعض النساء أكثر سترة وحشمة من الفستان، خصوصا أنها تركب مواصلات عامة وقد تجري وتؤدي أعمالا تناسب البنطلون الذي يستر في هذه الحالة أكثر من أي ملابس أخرى.وقال: لا أجد داعيا لاثارة موضوع الحجاب مع الغرب بين الحين والآخر، انها منتهى الحماقة، فضلا عن ان ذلك يتنافى مع أهمية أن يتعايش المسلمون مع المجتمعات التي يقيمون فيها، وإلا فما الداعي لمعيشتهم فيها، عليهم أن يعودوا لبلادهم الأصلية.وشرح ذلك مستطردا: إن أول أبجديات هذا التعايش ألا يوجدوا فروقا بينهم وبين باقي المجتمع. لقد قلت في كتاب "مسؤولية الدولة الاسلامية في العصر الحديث" والذي حاول الأزهر مصادرته، إذا وجدت المرأة المسلمة في المجتمع الأوروبي حرجا من كشف شعرها، وهذا طبعا ليس له أساس اسلامي كما قلت، ولكن إذا كان عندها هذا الحرج فلتلبس "برنيطة" (قبعة) ولا تلبس ما يسمى بالحجاب الاسلامي الذي سيعزل بينها وبين المجتمع.وأضاف أن الحكمة من الحجاب هي "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" أي يعرف الناس انهن محتشمات فلا يتعرضن للأذى، الآن المحجبات يتعرضن للأذى. الاختلاط ضروري ومن الطبيعة والفطرة ووصف جمال البنا الاختلاط بأنه ضروري، ومن الطبيعة والفطرة لأن الفصل بين الجنسين عملية وحشية، فقد عشنا في الثلاثينيات من القرن الماضي مرحلة كان يتمنى فيها أي شاب أن يجلس ولو على البعد مع امرأة، لا يريد أن يفعل شيئا سيئا، ولكن لمجرد أن يتعرف على هذا الكائن الذي كان مجرد الجلوس إليه مستحيل.وقال: ليس حدوث أشياء خاطئة مبررا لأن نمنع بسببها الاختلاط، الشخص يمشي في الشارع مثلا فتصدمه سيارة فهل نحرم المشي في الشارع؟هناك نوع من التوجيهات يراد بها اتقاء ثغرات معينة في أعماق النفس البشرية، فعندما نجد حضا على عدم الخلوة فلا يعني ذلك منع الاختلاط، فالخلوة المقصودة هنا هو المكان الذي يغلق بابه على رجل وامرأة. رضاء الطرفين وتوافقهما كاف لصحة الزواج وقال: لا يتم الزواج إلا برضاء المرأة، وهي نفسها التي توقع العقد ولا يوجد شئ اسمه ولي عليها فهي ليست قاصرا، المرأة حرة في اختيار زوجها مهما كان عمرها. ما دامت تتصرف في أموالها واشيائها، فكيف لا تتصرف في عقد الزوجية الذي يقرر مصير حياتها كله.وأضاف أن مسألة الشهود في الزواج ليست مطلوبة تماما، فالغرض منها التوثيق والتأكيد على أن العملية جادة حرصا على الحقوق والواجبات في حالة الطلاق أو الموت كالميراث مثلا او نسبة الأولاد. الشهود لتثبيت ذلك، ولم يكن في العصور الاسلامية الأولى لا توثيق ولا شهود، فقد ذهبت امرأة ورجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا له زوجنا يا رسول الله، فقال للمرأة: هل تقبلين هذا الرجل زوجا لك، فردت: قبلت يا رسول الله، وسأل السؤال نفسه للرجل فأجابه بالايجاب، فتم الزواج. لا شهود ولا مهر ولا ولي واستطرد: اذن هو عقد رضائي من الدرجة الأولى، فلا شهود ولا مهر ولا ولي، وما حصل في الزواج من هذه الأمور عملية تنظيمية لجأ إليها الفقهاء لاحقا. علينا أن نرى أن هناك فرقا بين الاسلام الحر المفتوح وبين لزوم التطورات الاجتماعية التي تجعل اهل الفقه يقومون بتفسير لخطوط عريضة وضعها القرآن الكريم والسنة النبوية يناسب مقتضى الحال والوقت، لكن لا علاقة لهذا بالحلال والحرام، هي اجراءات رأوا وجاهتها لسلامة العقل.وردا على سؤال لـ"العربية.نت" أجاب: لو أن رجلا وامرأة ليسا في حالة موانع شرعية، توافقا على الزواج فانه يصح ، وتجوز علاقتهما، هذا ما أراه، لكن عليهما ان يثبتا ذلك بالشهود والعقد. العامل الأساسي في صحة الزواج هو الرضا من الاثنين وأن ينويا حياة زوجية مستقرة وليست علاقة جنسية لمدة معينة. لا يقع طلاق الرجل منفردا بدون موافقة زوجته وبخصوص الطلاق قال البنا: لا يجوز مطلقا للرجل أن يطلق منفردا، لأنه تزوج بصفة رضائية، ولذلك تقتضي صحة الطلاق رضا الاثنين واتفاقهما على الانفصال، ولكن أن يقوم بتخريب بيتها وتدمير حياتها ويحرمها من أولادها فهذا منتهى الاجرام والظلم، وبالتالي مهما حلف بالطلاق من الصباح حتى المساء فهذا لا يعد طلاقا. الطلاق يتم باتفاق تتقبله المرأة.زيجات المدارس والجامعات علاقات جنسية غير شرعيةويستثني جمال البنا ما يحدث في المدارس والجامعات من علاقات طلاب وطالبات على أساس زواج عرفي من صحة الزواج بمجرد الرضا بين الاثنين قائلا: هنا يوجد فارق، فما يحدث بين الطلاب والطالبات ليس نيته الاستمرار، لأن الأساس هنا أن يعيشا مع بعضهما ولو في غرفة وان يتقبلا نتائج الزواج المتمثلة في الانجاب، لكن ما يحدث هو نوع من خطف العلاقات الجنسية.وحتى لو تحجج البعض منهم بانهم ينوون الاستمرار في الزواج بعد التخرج والحصول على العمل، فاننا علينا ان نتوقع أن القلوب قد تتغير، وبالتالي يصبح كل ما مضى من علاقات عاطفية بينهما هي علاقات جنسية عابرة ليست شرعية.الزواج الذي اتحدث عنه بصيغة الرضا بين الطرفين هو ان يكون لهما بيت يعيشان فيه، حتى لو غرفة، وان يحدث استقرار ثم اولاد. وقال إن المرأة تساوي الرجل (شقائق الرجال.. ولهن مثل الذي عليهن وللرجال عليهن درجة) وهذه الدرجة موجودة الآن في امريكا فلا يوجد هناك مساواة كاملة في الوظائف وقيادة الجيش، وتقريبا هذه الدرجة خاصة بالنواحي البدنية. المرأة الأكثر علما تؤم الرجال في الصلاة وأضاف يجوز للمرأة أن تؤم الرجال في الصلاة إذا كانت اكثر علما بالقرآن، ولقد ألفت كتاب (جواز امامة المرأة الرجال) وهو يتضمن ذلك. فالامامة عملية تحتاج الى مؤهل وليست حقا فطريا، وقد وضع الرسول (ص) هذا المؤهل وهو العلم بالقرآن، فجعل صبيا يؤم قومه بمن فيهم الشيوخ لأنه كان أعلمهم بالقرآن، وجعل مولى (أي عبداً) يؤم الصحابة كلهم وكان من بينهم أبي بكر وعمر.فإذا كانت المرأة أعلم ممن تؤمهم فهي أحق بالامامة، ولكنها تغطي شعرها، فهي هنا في صلاة جماعة، وبالتالي فان الأمر بالنسبة لغطاء الشعر يختلف فيما لوكانت تصلي بمفردها، فصلاة الجماعة تحتاج الى الضوابط وبالطبع لا توجد من ستصلي اماما بالناس وشعرها مكشوف.وأضاف: قابلت في قطر الدكتورة امينة ودود التي فجرت موضوع قيام المرأة بامامة المصلين، وهي سيدة محتشمة جدا وتغطي رأسها وعلى علم، وأعطيتها نسخا من كتابي حول هذه القضية.

رحم الله المفكر المناضل جمال البنا


وفاة المفكر المصري جمال البنا.. صاحب الأفكار الجدلية هو الشقيق الأصغر لحسن البنا مؤسس "جماعة الإخوان" إلا أنه يختلف مع فكره توفي المفكر المصري جمال البنا، اليوم الأربعاء 30/1/2013 ، عن عمر ناهز 93 عاماً، بعد معاناة مع المرض حيث كان يخضع للعلاج من التهاب رئوي في أحد مستشفيات القاهرة. ويعتبر المفكر الإسلامي صاحب كتابات جدلية في قضايا إسلامية، وهو من مواليد 1920، والشقيق الأصغر لحسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه يختلف كلياً مع فكر هذه الجماعة. أكثر من 150 كتاباً صدر أول كتاب له بعنوان "ثلاث عقبات في الطريق إلى المجد" سنة 1945م، وفي العام التالي 1946 أصدر كتابه الثاني "ديمقراطية جديدة"، ثم توالت مؤلفاته في الصدور حتى تجاوزت مع ترجماته الـ150 كتاباً. وعمل محاضرًا في الجامعة العمالية والمعاهد المتخصصة منذ سنة 1963م، وحتى سنة 1993م. كما عمل خبيراً بمنظمة العمل العربية. ولجمال البنا العديد من الآراء الفقهية التي يعتبرها بعض العلماء مخالفة؛ فهو يرى أن المرأة أحق بالإمامة من الرجال إذا كانت أعلم بالقرآن كما يرى أن الحجاب ليس فرضاً على المرأة. كما يذكر جمال البنا بأنه لا يجوز للرجل أن يطلق زوجته منفردا، وذلك كونه تزوج منها بصفة رضائية وبالتالي يتوجب الطلاق رضا الطرفين واتفاقهما لكي يتم الانفصال.