الصفحات

الأحد، 23 أغسطس 2009

آل المولى... صلابة لبنان

آل المولى... صلابة لبنان
جريدة البلد في 23 آب 2009-

علي حلاوي
alihalawi@albaladonline.com

واحـــــــدة مــــن الـــعـــائـــلات اللبنانية "أباً عن جد"، اتخذت من قساوة أرض البقاع وبعلبك- الهرمل مقراً لاقامتها. فحجزت لها مقعداً ثابتاً وفاعلاً في الــوقــت ذاتـــه ضــمــن شريحة الــعــائــلات العريقة فــي هذا الوطن. تعلمت من ارض البقاع كيف لا تسكت على ظلم ومذلة، فــحــارب ابــنــاؤهــا الاحــتــلالات المختلفة من الفرنسي وصولاً الى الاسرائيلي، قدمت ابناﺀها شهداﺀها ليعيشوا بعد ذلك في عز الانــتــصــار... انهم "آل المولى".
كما كان لآل المولى الحظ الواسع في مشاركتهم في فتح البلدان، بعد انطلاقتهم من شبه الجزيرة العربية، كان لهم النصيب الاكبر من نيل العلم والثقافة في لبنان، حيث لا تدخل منزلا من منازلهم الا وتجد بين ابنائهم رجــلا من رجـــالات العلم، بــل هناك منازل مأهولة بالمتعلمين، وقــد تبوأ العديد من ابنائهم مناصب هامة على مستوى الــوطــن ســواﺀ اكــان في مؤسسات الدولة ام مؤسسات المجتمع المدني ام المؤسسات الــديــنــيــة، نــذكــر منهم: محافظ النبطية القاضي محمود المولى، وعضو فريق الــحــوار الاســلامــي ـ المسيحي الدكتور سعود المولى، والــقــاضــي الشرعي علي المولى، والبطل اللبناني السابق الممثل محمد المولى، وشخصيات اخرى علمية وثقافية.
تحمل لفظة المولى في اللغة معاني عديدة منها: القريب والسيد والعبد. وقد عرف العرب نوعين من الموالي: العبيد، والامراﺀ فاما العبيد فهم من اصــول غير عربية. واما الامراﺀ فهم من اصول عربية والذين من ضمنهم آل المولى في لبنان كما اشرنا في بحثنا هذا وفقا لاهل الرواية المولوية. ومن المتعارف عليه، في علم الانساب، ان كبريات العائلات الاسلامية الشيعية في لبنان، تنتهي انسابها الى قبائل شبه الجزيرة العربية، ومنها: آل المولى، الذين وفدوا الى لبنان عبر محطات تاريخية متتالية، من خلال ما حصلنا عليه من معلومات من اهل الشأن لدى عائلة آل المولى.
بعد وفـــاة النبي محمد (ص)، عرفت الــدعــوة الاسلامية، مرحلة جديدة من انطلاقتها، هي مرحلة الفتوحات الاسلامية، حيث افتتح المسلمون في البداية، بلاد العراق، ثــم بـــلاد الـــشـــام، الــتــي كـــان من ضمنها لبنان، حيث انتقل الكثير من عرب الجزيرة، للعيش في البلاد المفتتحة، فــكــان مــن ضمنهم الكثير من آل المولى، فتنازعتهم بلدان ثلاثة للاقامة فيها. قسم اقام في العراق، وقسم آخر سكن ســوريــة وهــو الــيــوم مــن كبريات العشائر في سورية، حيث اتخذت هذه العشيرة من السنة مذهبا لها، اما الباقي فقد وصل لبنان واقام في بلاد جبيل، التي اتخذها الشيعة معقلا لهم آنذاك.
لو قرأنا تاريخ الشعوب لوجدنا معظمها، اما مهاجرا او مهجّرا او غازيا، لكن الشعب الرسالي، اينما حل يتخذ من ارضه الجديدة وطنا لــه، يبنيه ويــزرعــه ويــدافــع عنه، ويشارك اهله افراحهم واتراحهم، حتى يتفوق في المواطنية فيبلغ الدرجة الاولى والمقام الرفيع، وهذا ما ينطبق على عائلة آل المولى.
وفي بلاد جبيل، فلكثرة حبها العمل في الارض لاسيما في غابات اشجار السنديان التي تحمل حبا يسمى بلوط، لقبت هذه العائلة بـ (بلوط)، لكن قدر هذه العائلة ان تعيش الترحال، فجاﺀ ت فتن لبنان في اواخر القرن التاسع عشر لتدفع الكثير من ابناﺀ آل المولى، للانتقال الى البقاع الشمالي في قضاﺀ بعلبك، وآخرين للذهاب الى الجنوب ليكون لهم وطــن جديد داخل الوطن الجديد.
يتوزع آل المولى بين مناطق جبيل وقضاﺀ بعلبك الهرمل، حيث تستحوذ بلدة حربتا البقاعية على النسبة الكبيرة منهم، كما يقطنون بلدات بقاعية اخــرى كـ (صبوبا) و (زبود) و(اللبوة)، اما جنوبا فيسكنون مناطق عدة كحومين التحتا حيث يعرفون بآل بلوط.
لهذه العائلة صفحات مشرقة فــي الــتــاريــخ، فقد واجــه ابناؤها الانــتــداب الفرنسي وكانت لهم صــولات وجـــولات فــي البقاع وقد اودع العديد منهم في السجون الفرنسية فــي لبنان، كما عرف عن هذه العائلة حبها للكرم الذي ذاع صيته في لبنان وخارجه فقد اطعمت فرقة من الجيش الفرنسي كاملة من خيرات ضيعتها عندما ارادت هـــذه الــفــرقــة استباحة الضيعة (حربتا) بحثا عن مطلوبين فما كان من زعيمها الا دعوتهم الى تناول طعام الغداﺀ فعندها قال قائد الفرقة اتستطيعون انتم اطعام هــذا الجيش؟ فكان ذلك بالفعل، مفخرة تاريخية لهم تزين التاريخ اللبناني على مر العصور.
رغم تصنيف عائلة آل المولى في المجموعة العشائرية من حيث النسب، الا ان ابناﺀها لا يحبذون العمل في اطار عائلي او عشائري معين، لذا لا ترى اي وجود لجمعية عا ئلية معينة ا وحتى خير ية والسبب في ذلك توجههم للعمل فــي اطـــار جــمــاعــي واســـع يخدم المصلحة الوطنية اكثر وهــذا ما تمليه عليهم ثقافتهم الفكرية الواسعة التي اكتسبوها من خلال انتمائهم الى الاحزاب اللبنانية او مناصرتها او عملهم في اجهزة الدولة اللبنانية اضف الى ذلك ان ادبياتهم السياسية والاجتماعية والثقافية لا تعرف الا حب الآخر والعيش الواحد في الوطن ودعم المقاومة ومواجهة الظالمين بكل اشكالهم، وقــد نسجوا على هذا الاساس شبكة واسعة من العلاقات الاجتماعية في لبنان, والملفت في هذا السياق وجود علاقة مصاهرة قوية مع الكثير من العائلات على مستوى الوطن قد لاتجدها في اي عائلة اخرى.
هناك في لبنان من يحمل لقب المولى من العرب المجنسين ولانعلم حقيقة ما صلتهم بعائلة آل المولى.
يعود نسب آل المولى الى قبيلة بني عنيزة في شبه العربية، حيث بايع ثلاثة من امرائها الرسول محمد (ص) على ان يكون الاسلام دينا لهم ولقومهم. كما جاﺀ في كتاب (اصول الشيعة - اسماعيل بغدادي) وغيره من المراجع التاريخية الموثقة.