الصفحات
▼
الخميس، 21 يونيو 2012
الثورة لن تتوقّف": "اليسوعي باولو مشمئز من "بعض الكهنوت".. ومن المجتمع الدولي!
مبادرة الاتحاد العامّ التونسي للشغل لحماية الثورة وانقاذ البلاد
Understanding the Egyptian revolution
MAHMOUD HUSSEIN
Tarek El-Bishry
Driven by hope: Adel Hussein (1932-2001)
دعوة إلى إطلاق سراح المدافعين عن حرية التعبير المحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي
21 حزيران/يونيو 2012
نحن الموقعون أدناه مجموعات حقوق انسان من مختلف أنحاء العالم لدينا بواعث قلق جدية حول المدافعين عن حقوق الإنسان وحول الصحفيين والمدونين والكتّاب الذين تعرضوا للاختفاء القسري. ولقد ساهم اختفائهم في عدم توفر معلومات موثوقة حول انتهاكات حقوق الإنسان على الأرض. وندعو الحكومة السورية الى تقديم معلومات عن مصير كل المعتقلين في انتهاك لحقهم في حرية التعبير وإلى الإفراج الفوري عنهم. كما نطالب كافة الأطراف المعنية خصوصا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا كوفي عنان بالسعي إلى ضمان السماح للجميع بالكتابة بحرية وأمان من انتهاكات حقوق الانسان خلال النزاع المستمر.
المدافع عن حقوق الإنسان والصحافي مازن درويش مدير المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير (SCM)، اعتقل في 16 فبراير\شباط 2012 من قبل الاستخبارات الجوية. وخلال هذه الفترة من الاعتقال، لم تحصل عائلته على أية معلومات عن حالته الصحية ولا عن مكان اعتقاله. كما كان من المستحيل الحصول على معلومات تتعلق بمصير بقية أعضاء المركز، والمدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين بما في ذلك عبد الرحمن حمادة وحسين غرير ومنصور حميد العمري، وهاني زيتاني، الذين اعتقلوا جنبا إلى جنب مع مازن درويش واحتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي في مركز احتجاز الاستخبارات الجوية.
وهناك أيضا سبعة موظفين وموظفات أخريات في المركز وزائر واحد يواجهون محاكمة عسكرية بتهمة 'حيازة مواد محظورة بقصد نشرها'. ومن المتوقع أن تنعقد جلسة محاكمتهم بمحكمة في دمشق بتاريخ في 25 حزيران/يونيو 2012، بعد أن تم تأجيل الجلسة السابقة لأن الاستخبارات الجوية فشلت في اعلام المحكمة ان كان مازن درويش سيحضر كشاهد. المتهمون هم المدونون بسام الأحمد وجوان فارس و وأيهم غزول ويارا بدر ورزان غزاوي وميادة الخليل وسناء زيتاني وهنادي زحلوط.
وهناك حالات أخرى لاعتقالات طالت المدافعين عن حقوق الإنسان في العام الماضي ولاتزال أمكنة احتجازهم غير معروفة. فلقد تم اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان براء بكيراتي من دمشق في 30 سبتمبر/أيلول 2011 بعد مداهمة منزله ومصادرة جهاز الكمبيوتر الخاص به من قبل الاستخبارات الجوية. ومنذ إلقاء القبض عليه لم يمكن الحصول على أية معلومات عنه أو عن مكان احتجازه، وأسرته لا تعرف فيما إذا كان حيا أو ميتا.
وبالمثل، اعتقل الناشط السلمي يحيى الـشربجي، ومعروف عنه أنه من دعاة اللاعنف، يوم 6 سبتمبر/ أيلول 2011 من قبل المخابرات الجوية. ولا تعرف عائلته لاتعرف مكان احتجازه أو فيما إذا كان حيا أو ميتا.
منذ أكثر من سنة، ألقي القبض على المدافع عن حقوق الإنسان أنس الـشغري وذلك في يوم 16 مايو/إيار 2011 بعد أن نقلت عنه وسائل الإعلام الدولية بعض الأخبار. ولا توجد أي معلومات مؤكدة بشأن ما إذا كان حيا أو ميتا، أو عن مكان وجوده.
وبالإضافة إلى ذلك، مايزال هناك عدد من الكتاب والشعراء والمدونين رهن الاحتجاز في سوريا، بعضهم محتجز بمعزل عن العالم الخارجي. ففي العام الماضي، اعتقل مهيب النواثي، وهو صحفي فلسطيني، وذلك في يوم 5 يناير/ كانون الثاني 2011 تسعة أيام بعد وصوله إلى دمشق للقيام بأبحاث لكتاب كان يعده عن حركة حماس (الجماعة الإسلامية الفلسطينية). ومايزال مكان احتجازه مجهولا.
طل الملوحي، شاعرة شابة ومدونة اعتقلت يوم 27 ديسمبر/ كانون الأول 2009، وحكم عليها بخمس سنوات في السجن بعد استدعائها للاستجواب حول كتابات على مدونتها. ويقال أنها محتجزة في الحبس الانفرادي ويخشى أن تكون عرضة لسوء المعاملة.
إننا نعرب عن قلقنا الشديد بخصوص الأمن والسلامة البدنية والنفسية للمدافعين عن حقوق الإنسان والكتاب والمدونين المشار إليهم أعلاه، وإننا نعتقد أن اختفاءهم القسري مرتبط بشكل مباشر بأنشطتهم السلمية والمشروعة لحقوق الإنسان في سوريا. ونعتقد أن هذا الاختفاء القسري المفترض أيضا يشكل جزءا من حملة أوسع من التهديدات والمضايقات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا من أجل منعهم من القيام بعملهم المشروع.
لذلك نحن الموقعون أدناه، ندعوا الى مايلي:
• على السلطات السورية فورا الكشف عن أماكن احتجاز جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والكتّاب والمدونين المحتجزين، وضمان حصولهم على التواصل غير المقيد مع أسرهم ومع المحامين، وضمان حمايتهم من أي تعذيب أو غيره من صنوف المعاملة السيئة؛
• ندعو الحكومة السورية لاحترام التزاماتها الدولية بما فيها تلك الواردة في إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً والحريات الأساسية؛
• نداء إلى الأمم المتحدة للضغط من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع هؤلاء المحتجزين والمحتجزات في انتهاك لحقهم في حرية التعبير، والمكفولة بموجب المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية (ICCPR)، والتي تشكل سوريا دولة طرفاً فيها.
الموقعون
المنظمات الشريكة :
مؤسسة سمير قصير - مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية
مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR)- المصدر
مركز العدالة لحقوق الانسان
مجموعة الكرامة
رابطة المرأة العربية
مركز وسائل الإتصال الملائمة من أجل التنمية
المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان
المعهد العربي للتنمية والمواطنة (لندن)
المجموعة العربية لرصد الإعلام
اسودا لمتاهضة العنف ضد المرأة
الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان
المنظمة البحرينية لإعادة التأهيل و مناهضة العنف
منظمة شباب البحرين لحقوق الانسان
مركز القاهرة للتنمية وحقوق الانسان
مؤسسة قضايا المراة المصرية
Citizens for Global Solutions
مركز دمشق لدراسات حقوق الانسان
مركز دمشق للدراسات الديمقراطية وحقوق الانسان في سوريا
مركز الدوحة لحرية الإعلام
الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
مركز النديم للعلاج والتاهيل النفسي لضحايا العنف
الشبكة الأوروبيةالمتوسطية لحقوق الانسان
منظمة حريات السورية
مركز الخليج لحقوق الإنسان
المنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني
مركز لاهاي لملاحقة المجرمين ضد الإنسانية
Hivos
منظمة حقوق الانسان والديمقراطية في العراق
منظمة حقوق الانسان في سوريا (ماف)
International Institute for Nonviolent Action (NOVACT)
International Media Support (IMS)
المؤسسة العراقية للتنمية
الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين
الشبكة العراقية للإعلام الإجتماعي
الجمعية العراقية لحقوق الانسان
مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعزيب
اللجنة الكردية لحقوق الانسان في سوريا (الراصد)
اسم التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني
مركز الحماية القانونية للصحفيين في العراق
L'Instance Marocain des Droits Humains
جمعية أمى للحقوق والتنمية
الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان في العراق
نظرة للدراسات النسوية
مؤسسة المرأة الجديدة
شبكة سلمى الإقليمية لمناهضة العنف ضد النساء
المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية
الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان
مركز تونس لحرية الصحافة
منظمة اوروك الاعلامية المستقلة
Witness
مركز الدراسات النسوية في فلسطين
منظمة يمن للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية
Call to release freedom of expression defenders held incommunicado
The following is an appeal from over 80 groups, initiated by the Bahrain Centre for Human Rights (BCHR), the Gulf Centre for Human Rights (GCHR) and PEN International's Writers in Prison Committee (WiPC), calling on the authorities to free human rights defenders, journalists, bloggers and writers in Syria, some of whom have been detained incommunicado:
21 June 2012
Call to release freedom of expression defenders, held incommunicado
The undersigned rights groups from around the world are seriously concerned about human rights defenders, journalists, writers and bloggers in Syria who have been subjected to enforced disappearance, which has contributed to the lack of credible information available about human rights violations on the ground. We call on the Syrian government to provide information about the whereabouts of all those detained in violation of their right to free expression and to release them immediately. We further call on all interested parties, specifically United Nations Special Envoy to Syria Kofi Annan, to seek assurances that everyone will be allowed to safely and freely report on human rights violations during the ongoing conflict.
Human rights defender and journalist Mazen Darwish, Director of the Syrian Center for Media and Freedom of Expression (SCM), was arrested on 16 February 2012by the Air Force Intelligence (AFI) Service. At this time, his family has no information about his health and whereabouts.
It has also been impossible to obtain information regarding the whereabouts of other members of SCM, human rights defenders and bloggers including Abdelrahman Hamada, Hussein Ghareer, Mansour Hamid Al -Omari, and Hani Zetani, who were arrested together with Darwish and detained incommunicado at the AFI detention centre.
Seven other SCM employees and one visitor to the office face a military trial on charges of “possessing prohibited materials with the intent to disseminate them.” They are due in court in Damascus on 25 June 25, after the trial was postponed because the AFI had failed to notify it whether Darwish would appear as a witness. Those charged are bloggers Bassam Al-Ahmad, Joan Farso, Ayham Ghazzoul, Yara Bader, Razan Ghazzawi, Mayadah Al-Khaleel, Sana Zetani and Hanadi Zahlout.
There have been other cases of human rights defenders arrested last year, whose whereabouts are also unknown. Human rights defender Barraa Bukairati from Damascus was arrested on 30 September 2011 by the AFI after they raided his home and confiscated his computer. Since his arrest, there has been no information about Bukairati or his whereabouts, and his family does not know whether he is alive or dead.
Similarly, peace activist Yahya Al-Sharbaji, a well-known advocate of non-violence, was arrested on 6 September 2011 by the AFI. His family does not know where he is, or if he is alive or dead.
Over a year ago, human rights defender Anas Al-Shaghri was arrested on 16 May 2011. He had been quoted by international media prior to his arrest. There is no confirmed information about whether he is alive or dead, or of his whereabouts.
In addition, writers, poets and bloggers remain in detention in Syria, some held incommunicado. Last year, Muheeb Al-Nawathy, a Palestinian journalist was arrested in Syria on 5 January 2011 nine days after arriving in Damascus to do research for a book he is writing about Hamas (the Palestinian Islamic group). Al-Nawathy's whereabouts are still unknown.
Tal Al-Mallouhi, a young poet and blogger who was arrested on 27 December 2009, was sentenced to five years in prison after being summoned for questioning about her blog entries. She is reportedly held in solitary confinement and feared to be at risk of ill-treatment.
We express serious concern for the security and physical and psychological integrity of the above-mentioned human rights defenders, writers and bloggers and we believe that their presumed forced disappearance is directly related to their peaceful and legitimate human rights activities in Syria. We believe that this presumed forced disappearance also forms part of a wider campaign of threats and harassment against human rights defenders in Syria in order to prevent them from carrying out their legitimate work.
We, the undersigned groups, therefore:
• Call on the Syrian authorities to immediately reveal the whereabouts of all detained human rights defenders, journalists, writers and bloggers, and to ensure they have unrestricted access to their family, lawyers; and guarantee that they are protected from any torture or other ill-treatment;
• Call on the Syrian government to respect its international obligations including those outlined in the UN Declaration on the Right and Responsibility of Individuals, Groups and Organs of Society to Promote and Protect Universally Recognized Human Rights and Fundamental Freedoms;
• Call for the UN to press for the immediate and unconditional release of all those currently detained in violation of their right to freedom of expression, guaranteed under Article 19 of the International Covenant on Civil and Political Rights (ICCPR), to which Syria is a state party.
Signed,
Samir Kassir Eyes Center for Media and Cultural Freedom (SKeyes) - Samir Kassir Foundation
Bahrain Center for Human Rights
Writers in Prison Committee, PEN International
Andean Foundation for Media Observation & Study (FUNDAMEDIOS)
Arabic Network for Human Rights Information
ARTICLE 19
Association of Independent Electronic Media (ANEM)
Cairo Institute for Human Rights Studies
Canadian Journalists for Free Expression
Cartoonists Rights Network International
Center for Media Freedom and Responsibility
Center for Media Studies & Peace Building (CEMESP)
Centre for Independent Journalism
Committee to Protect Journalists
Egyptian Organization for Human Rights
Freedom Forum
Freedom House
Globe International
Human Rights Network for Journalists - Uganda
Index on Censorship
Initiative for Freedom of Expression
Instituto Prensa y Sociedad de Venezuela
International Press Institute
Maharat Foundation (Skills Foundation)
Media, Entertainment and Arts Alliance
Norwegian PEN
Observatorio Latinoamericano para la Libertad de Expresión (OLA)
Pakistan Press Foundation
Palestinian Center for Development and Media Freedoms (MADA)
PEN American Center
Reporters Without Borders (RSF)
World Association of Newspapers and News Publishers (WAN-IFRA)
World Press Freedom Committee
Gulf Centre for Human Rights (GCHR)-Co-initiator
Al-Adala Centre for Human Rights (Saudi Arabia)
Alkarama (Dignity)
Alliance for Arab Women
Appropriate Communication Techniques for Development (ACT)
Arab Foundation for Civil Society
Arab Foundation for Development and Citizenship
Arab Working group for Media Monitoring (AWG-MM)
Asuda for Combating Violence against Women
Bahrain Human Rights Society
Bahrain Rehabilitation and Anti Violence Organization (BRAVO)
Bahrain Youth Society for Human Rights
Cairo Center for Development (CCD)
Center for Egyptian Women's Legal Assistance (CEWLA)
Citizens for Global Solutions
Damascus Centre for Human Rights
Damascus Center for Human Rights Studies
Doha Centre for Media Freedom
Egyptian Association for Community Participation Enhancement
El Nadim Center for the Management and Rehabilitation of victims of violence
Euro-Mediterranean Human Rights Network (EMHRN)
Freedoms Organization in Syria
Gulf Centre for Human Rights
Gulf Civil Society Associations Forum
Hague Center for the persecution of Criminals against Humanity in Syria
Hivos
Human Rights and Democracy Organization in Iraq
Human Rights Organization in Syria (MAF)
International Institute for Nonviolent Action (NOVACT)
International Media Support (IMS)
Iraqi Institution for Development
Iraqi Journalists Rights Defense Association
Iraqi Network for Social Media (INSM)
Iraqi Society for Human Rights
Khiam Rehabilitation Center for Victims of Torture
Kurdish Committee for Human Rights in Syria
Lebanese Women Democratic Gathering (RDFL)
Legal Protection Center for Journalists in Iraq
L'Instance Marocain des Droits Humains
Mother Association for Rights & Development (MARD)
National Association for the Defense of Human Rights in Iraq
Nazra for Feminist Studies
New Woman Foundation
Salma Network against Violence against Women in the Arab World
Syrian Center for Legal Studies and Research
Syrian Human Rights League
Tunisian Centre for Freedom of the Press (CTPJ)
Uruk Independent Organization for Media
Witness
Women's Study Center
Yemen Organization for Defending Rights and Democratic Freedoms
الربيع العربي ثورة بـ"عمق ديني" يتجاوز "التيار الديني"
وسام سعادة
لا يكون "الربيع" ربيعاً إلا عندما يكون هذا الربيع "في خطر". الثورة التي تجد كل طريق مفتوحاً أمامها لا تعود ثورة. والثورة، حتى لو زُيّنَ للقائمين بها، أو المنخرطين فيها، أو المتصدّين لها، أنّ الأوضاع التي يجتازونها قد سبقت لهم رؤيتها، لكنها لا تتكشّف كثورة الا في قدرتها على مخادعة الجميع.
كما أن الثورة ليست "فرزاً" بين أنصارها وأعدائها فقط، بل هي أيضاً ثورة بمعنى خلط الحابل بالنابل. من لا قدرة لديه للتفاعل مع هذين البعدين المتناقضين، الثورة كفرز والثورة كخلط، والتنقل بينهما بسرعة الزمن الثوري نفسه، خيرٌ له انتظار حركة الزمن الثوري نفسه بين الفرز والخلط. الانتظار هو أيضاً من تقنيات الزمن الثوري، أو من أساليب التحايل عليه.
الربيع العربي هو ثورة بمعنى من المعاني. فرز وخلط، وسخرية لا آخر لها من كل معتصم بحبل "قانون الثورات"، الذي يستأمنه الممانعون مثلاً على أنفسهم، ويقاتلون به الثورات الجارية التي من لحم ودم. كذلك، فالربيع العربي ثورة لأنه يسخر أيضاً من أوهام المثاليين، الليبراليين النمطيين، الذين ينتظرون "ثورة في حدود القانون". أما الأهم من كل ذلك، أن الربيع العربي شكّل النافذة التي عادت من خلالها الثورة، اصطلاحاً ومفهوماً وأفقاً، الى مساحة التداول في مطلع هذا القرن، مثلما كانت الثورة "من تحت" الروسية والايرانية لعام مدخلاً ل"عودة المفهوم" في بدايات القرن الماضي..
والنظرة الى هذا الربيع تظلّ قاصرة أو طائشة بالضرورة، ما لم يجر الانطلاق من سياقه العام: أزمة آليات السيطرة الغربية، السياسية والاقتصادية والثقافية والامنية، القائمة منذ نهايات الحرب الباردة، وأزمة المتفلتين من هذه السيطرة، سواء في شكلها العام أو في وجه من وجوهها، ما يضطرّهم وفي اللحظة نفسها التي يظهرون تعطّلها، الى الاحتكام اليها، على ما يظهر في جميع وقائع الربيع العربي، من مناجاة ميدان التحرير في القاهرة لباراك اوباما، الى مناشدة ثوار ليبيا لحلف شمال الاطلسي في اللحظة الحرجة، الى مفارقات الوضع السوري الكثيرة في هذا الاطار، بين من يرفض التدخل الدولي قبل ان يطرحه احد، وبين من يستعجله بساعة ليست ساعة "العالم".
واذا كان الانتفاض الشعبي لإطاحة نظام مومياقراطي قد بدأ في تونس، وسبقته عملية اهتزاز النظام العربي الاجمالي من خلال استقلال جنوب السودان عنه، الا ان الربيع العربي بحد ذاته بدأ في مصر، والثورة المصرية لا تزال محوره، وفيها اكثر من سواها يظهر الزمن الثوري بتعقيداته وصعوباته، خصوصاً الآن، حين يظهر ان هذا الربيع في خطر.
في المجتمعات العربية الاخرى، وفي السنوات الماضية، كان الاحتقان من ظلم الحكام يجد التعبير عن نفسه بالهمس وفي نطاق ضيق. فقط في مصر كان هذا التعبير يترجم نفسه على نطاق اجتماعي واسع رغم سطوة الفرعونية الامنية. في المجال الخاص فقط، كان يمكن لكل تونسي او ليبي او سوري أن يفتح لك صدره. أما في مصر، فالنقمة الشعبية على حسني مبارك والحزب الوطني والمؤسسة القمعية كانت قد انتشرت بشكل هائل في المجال العام، وهذا فارق اساسي بين مصر والمجتمعات الاخرى. المجتمعات الاخرى كانت محكومة بطغاة، بعضهم غير فئوي وغير ايديولوجي ومتواضع في عنفيته (بن علي)، وبعضهم الآخر فئوي وايديولوجي وسفّاح بالوراثة (بشار الاسد). أما حسني مبارك الديكتاتور، فلم يكن طاغية، تحديداً لأنه كان على رأس دولة الاستبداد، الاستبداد الشرقي الذي يجعل شرعيته بديهية تماماً، بحكم كونه عريقاً في مصر، "منذ أيام الفراعنة".
بإزاء هذا النموذج، استدعى سيد قطب في ظلمات سجنه في الخمسينيات والستينيات، ثنائية "موسى ضد فرعون"، في مواجهة نظام ثورة يوليو، التي سبق له ان اندفع لتأييدها بشدة، وشكل حلقة وصل بين ضباطها الاحرار وجماعة "الإخوان"، قبل الاصطدام النهائي وحادثة المنشية.
اليوم، هذه الثنائية تتخذ لنفسها في مصر اشكالاً عدّة، وتشكّل العمق الديني للثورة المصرية، الامر الذي لا يختزل في هيمنة "التيار الديني" بالمعنى السياسي للكلمة. انه السؤال عن مصدر الشرعية. الفرعونية الامنية تقول ان صك توليتها امر وادي النيل هو منذ بدء التاريخ، وان خلع حاكم من الحكام ليس الا تجديدا لحيوية النموذج الفرعوني نفسه. في المقابل، في كل لحظة من لحظات احتدام الثورة المصرية، السؤال المفتاحي المباغت والمثابر يبقى: موسى أم فرعون؟