السبت، 14 مايو 2011

رسالة مفتوحة من علماء سوريا

بسم الله الرحمن الرحيم
انطلاقاً من تقديرنا للظرف الاستثنائي الذي تمر به بلادنا، وانطلاقاً من إدراكنا أن الوطن موئل جميع المواطنين على اختلاف مللهم و نحلهم، وأن الحفاظ على أمنه وكرامته منوط بكل سوري حر، ومع اتساع حجم الأزمة المريرة التي نمر بها، وانطلاقاً من إدراكنا أن الخروج من الأزمة لم يعد حكراً على أجهزة الأمن ومؤسسات الدولة اللتين زادتا الأمر تعقيداً، وحرصاً منا على الدماء الزكية أن تُراق ظلماً وعدواناً ثمناً للكلمة، انطلاقاً من كل ما سبق، فإننا نبين ما يلي:
1. ندعو الله سبحانه و تعالى أن يرحم الشهداء الذين سقطوا في هذه الأحداث، وأن يفرغ على أهلهم و ذويهم الصبر والسلوان، وأن يتقبلهم في الصالحين.
2. التأكيد على أن سوريا هي بيت واحد لجميع أبنائها على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية، وينبغي العمل على جعل هذا التنوع مصدر ثراء لثقافة المجتمع السوري، وأن لا كرامة لأحد فوق أحد إلا بالعمل الصالح.
3. نؤكد على مطالب وحقوق الشعب باختلاف أطيافه، وأبرزها:
أ‌. الرفع الفعلي لحالة الطوارئ باختلاف صورها و مسمياتها وسلوكياتها، وذلك بعدما بدت مظاهر عدم تطبيق المرسوم الصادر برفعها بالدماء والاعتقالات التي ازدادت في الأيام الأخيرة.
ب‌. البعد عن التعرض لحرية المواطن وكرامته، وعدّ المواطنة اساساً للحقوق والواجبات، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، والحد من صلاحيات الأجهزة الأمنية وكف أيديهم عن التدخل في كل صغيرة وكبيرة.
ت‌. إطلاق سراح معتقلي الكلمة والرأي، ممن أوقفوا قديماً أو حديثاً، والسماح للمبعدين بالعودة إلى الوطن، وللممنوعين بغير مذكرة قضائية بالسفر متى شاؤوا.
ث‌. تعديل كل فقرة تشريعية تقف عائقاً في وجه الشعب وحقوقه، كإلغاء المادة الثامنة من الدستور.
ج‌. عدم التعرض للتظاهر السلمي بضمانة الدستور، والاكتفاء بإبلاغ وزارة الداخلية عن التظاهر السلمي دون ربطه بموافقتها.
ح‌. إدانة المتورطين بالعنف ضد المواطنين، ومحاسبتهم بصورة علنية تهدئ من غضب ذوي الشهداء المقتولين برصاصهم، وتحميل المسؤولية لكل الجهات الأمنية التي تتحرك في البلد من أقصاها إلى أقصاها، والمسؤولية عن حماية أرواح المواطنين وحقن دمائهم.
خ‌. تحقيق مبدأ استقلالية القضاء وسيادة القانون، وبسط سلطة القضاء على الأجهزة الأمنية كافة، وإلغاء القوانين والمراسيم التي تخالف ذلك.
د‌. على الجهات الإعلامية تحري الدقة والموضوعية في نشر الأخبار.
ذ‌. إطلاق حرية التعبير والصحافة والنشر والإعلام.
4. في ظرفنا العصيب هناك خطوط حمراء يسعى أعداء الشعب والأمّة إلى إجهاض مطالباته من خلالها، ويكيدون للأمة عن طريقها، لذلك نؤكد على ضرورة الانتباه إلى تلك الخطوط وعدم التعرض لأي منها، وهي:
أ‌. الدماء: قال تعالى: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
ب‌. التخريب للمال العام أو الخاص: لقوله صلى الله عليه وسلم: كلّ المسلم على المسلم حرام: دمُه ومالهُ وعِرضٌه.
ت‌. إثارة النعرات الطائفية: وهي أشد ما يفتك بالأمة على اختلاف فئاتها.
إننا ننبه إلى عدم الاقتراب من هذه الخطوط من جانب شرعي من جهة، وتمتيناً لجبهتنا الداخلية، ودفعاً لفتنة يُسعى إلى إيقاع البلد فيها من جهة أخرى.
نأمل أن تقع كلماتنا موقع الجديّة التي تستحقها، لنستطيع الخروج من هذه الأزمة بسلام، فالدماء التي نزفت، والاحتقان المتراكم في الصدور، لا تذهبه وعود وتأجيلات، بل سعي حقيقي وفوري، وسنكون لذلك سنداً وعوناً بإذن الله تعالى.

بيان لمثقفين عرب حول أحداث سوريا

انطلقت في سورية منذ 15 مارس 2011 مسيرات سلمية تطالب بالحرية في معظم المدن والنواحي السورية. وقد قابلت السلطات السورية هذا الحراك الشعبي السلمي بحملة قمع لا مثيل لها، فتصدت للمحتجين بالرصاص الحي وقتلت المئات وشردت الآلاف واعتقلت كل من تشك في مشاركته أو تعاطفه مع مطالب المحتجين.

وبعد مرور ستة أسابيع على هذه الحملة، صعدت السلطات السورية من سياستها القمعية فحاصرت المدن وعزلتها عن العالم من أجل ترويع المواطنين وإجبارهم على الخضوع. هذا في الوقت الذي لم يُظهر النظام السوري أي إرادة واضحة في الاستجابة ولو للحد الأدنى من مطالب المحتجين السلميين.

إن الموقعين على هذا البيان، إذ يدينون الحملة القمعية التي تواجه بها السلطة المواطنين السوريين المحتجين، وينددون بالممارسات غير الإنسانية للأجهزة الأمنية التي سممت الحياة المدنية والسياسية العربية، يؤكدون تأييدهم وتضامنهم مع إخوتهم أبطال الحرية، ويعلنون:
ضرورة وقف كل عمليات القمع فورًا، وفي مقدمتها إطلاق الرصاص الحي على المحتجين السلميين، والسماح للشعب بالتعبير عن نفسه من خلال مسيرات شعبية سلمية وحماية هذه المسيرات.الإصلاح الحقيقي يبدأ من الاعتراف بالشعب السوري كمصدر للسلطة وحقه في المشاركة في حياة سياسية طبيعية واختيار ممثليه بحرية ومن خلال انتخابات دورية ونزيهة وشفافة. الدعوة إلى بدء الحوار الوطني بمشاركة جميع الأطراف، في السلطة والمعارضة، خاصة مع ممثلي حركة الاحتجاج الديمقراطي، من أجل التوصل إلى اتفاق يسمح بالانتقال السلمي إلى نظام ديمقراطي يضمن حقوق الجميع في الحرية والعدالة والمساواة ويجنب سورية الحبيبة مخاطر الصراعات الدامية والحروب الأهلية.الحفاظ على دور سورية الطليعي في مقاومة السيطرة الأجنبية وسياسات التدخل الخارجية يستدعي اليوم أكثر من أي وقت سابق ضمان وحدة الشعب وكرامته وحرياته. والبدء بإصلاحات جذرية تزيل أسباب الانقسام والتوتر والنزاع التي تهدد مكتسبات الشعب السوري وتهيئ للتدخلات لخارجية التي سيكون النظام وحده مسؤولاً عنها.الكف عن العزف على وتر الطائفية وعن توظيفها في خدمة أغراض السلطة، والتأكيد على أن التنوع الطائفي والمذهبي هو جزء لا يتجزأ من هوية سورية، وأن وجودها حتى اليوم هو البرهان على عمق الروح المدنية التي تميز أبناءها وتجعل من التعدد الاثني والطائفي ثروة وطنية.
ويدعو الموقعون على هذا البيان جامعة الدول العربية والمنظمات الحقوقية إلى ممارسة مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية وأخذ المبادرة من أجل حقن الدماء ووقف الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، وحث الحكومة السورية على احترام حقوق الشعب وأمنه .

9-5-2011

الموقعون:

د. برهان غليون (مفكر سوري)- د. محمد عمارة (مفكر مصري)- د. بشير نافع (مؤرخ فلسطيني)
د. حسن حنفي (مفكر مصري)-د. رضوان السيد (مفكر لبناني)-د. سعيد بن سعيد العلوي (مفكر مغربي)-
د. جلال أمين (مفكر مصري)-ياسين الحاج صالح (كاتب سوري)-إبراهيم نصر الله (روائي فلسطيني – الأردن)-
د. معتز الخطيب (أستاذ الدراسات الإسلامية - سورية)-د. رياض الشعيبي (أستاذ فلسفة تونس)-
د. طارق الكحلاوي، (جامعي تونسي مقيم في الولايات المتحدة)-د. مصطفى اللباد (مدير مركز الشرق- مصر)-
د. مازن النجار (كاتب فلسطيني)-د. سمير مرقص (كاتب مصري)-جمال سلطان (مدير صحيقة المصريون الالكترونية)- تقادم الخطيب (مدرس جامعي مصري وأحد نشطاء ثورة 25 يناير) د. باسم خفاجي (وكيل مؤسسي حزب التنمية المصري)- د. احميدة النيفر (أكاديمي تونسي – جامعة الزيتونة)- هشام جعفر (كاتب مصري)-
نبيل شبيب (كاتب فلسطيني – ألمانيا)- لطفي زيتون (إعلامي تونسي)