الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

23 عاماً على انتفاضة الحجارة

يوافق هذا الشهر (ديسمبر) الذكرى الثالثة والعشرون لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في ظل تشديد الحصار الصهيوني على قطاع غزة والانقسام الفلسطيني، مما يستدعي استرجاع تلك الذكرى المؤثرة والمشرقة في تاريخ النضال الفلسطيني، كي نستلهم دروسها ونجدد الثقة في خيار المقاومة باعتبارها الطريق الوحيد لتحرير الأرض من النهر إلى البحر.

مقدمات الانتفاضة:
لم يكن اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987 مصادفة أو نتيجة حادث عرضي، بل كانت محصلة لعشرين عاماً من الاحتلال وقوانين الطواريء والمخططات الاستيطانية ومحاولات التهويد ونسف البيوت واعتقال الآلاف من المواطنين ظلما وبهتانا وفرض العقوبات الجماعية والسيطرة على مرافق الحياة ومصادرة الأراضي، ونهب الموارد المائية والحرب الاقتصادية وإقفال المؤسسات العلمية والنقابية والمهنية، وحرمان الشعب الفلسطيني من هويته الوطنية.
كما أن الأعوام العشرة السابقة على الانتفاضة بما فيها من قنوط وجمود وشعور بالهزيمة قضت على ما كان متبقياً من أمل في أن يأتي التحرير من الخارج ورسخت الاعتقاد بأن المقاومة من الداخل هي الخيار الوحيد المتاح أمام الشعب الفلسطيني. فقد وافقت الانتفاضة مرور عشرة أعوام على زيارة السادات "التاريخية" إلى القدس، والتي كانت نتيجتها خروج أكبر دولة عربية من الصراع مع الكيان الغاصب .
من ناحية أخرى، كشف العدوان الصهيوني على لبنان في صيف 1982، وخروج المقاومة الفلسطينية منه—بعد أن خرجت من الأردن قبل ذلك بـ 12 عاما— مدى عجز النظام الرسمي العربي الذي لم يحرك ساكناً أمام احتلال عاصمة عربية جديدة، وتعرض شعبين عربيين لكل صور القتل والإفناء، ومع خروج المقاومة الفلسطينية من آخر معقل لها على الحدود مع العدو الصهيوني، باتت مقولة التحرير من عبر الحدود موقع شك.
من ناحية أخرى، بعد مرور عشرين عاماً على الاحتلال، تغير وضع السكان، حيث أصبح أكثر من نصفهم ينتمون للجيل الجديد الذي ولد وعاش في ظل قيود الاحتلال، وأصبح يتوق إلى الثورة والحرية. وشهد الأعوام التي سبقت الانتفاضة سلسلة من الهبات الصغيرة والمواجهات داخل الأراضي المحتلة جعلتها مثل بركان على وشك الانفجار، وخصوصاً عامي 1985 و1986.

انطلاق الانتفاضة
كانت الشرارة التي أشعلت فتيل الانتفاضة الأولى هي تعمد شاحنة صهيونية بصدم سيارة عمال فلسطينيين ( داخل الخط الخضر) مما أدى الى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة آخرين من سكان مخيم جباليا في قطاع غزة وذلك مساء يوم الثلاثاء 8-12-1987م . ولاذ سائق الشاحنة الصهيونية بالفرار.
وعلى أثر ذلك اندلع بركان الغضب الشعبي صباح اليوم التالي 9 من ديسمبر 1987 م من مخيم جباليا حيث يقطن أهالي الضحايا ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداءه بعنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لدى تشييع الشهداء الأربعة. بل اتجه ذلك البركان إلى مقر الحاكم العسكري، ورجمته الجماهير بالحجارة، كما رجموا مركز الشرطة، وتصدى لهم الجنود الصهاينة بالرصاص، والغازات المسيلة للدموع فسقط شهيد جديد وجرح سبعة وعشرون، وفرضت سلطات الاحتلال حينها حظر التجول على بلدة ومخيم جباليا وبعض الأحياء في قطاع غزة.
وكلما سقط شهيد خرجت مظاهرات أشد غضبا وغليان، ولتمتد إلى أكثر من مدينة وقرية ومخيم، وما بدا أنها مجرد مظاهرات غاضبة وردة فعل عابرة أصبحت انتفاضة عارمة في وجه المحتل الصهيوني لتقول له أن الشعب الفلسطيني ما زال حياً وقادراً على انتزاع حقه بالرغم من سنوات الاحتلال ومحاولات التدجين البائسة.
كانت الانتفاضة هي الرد الابداعي للشعب الفلسطيني على الانسداد السياسي الذي وصلت إليه قضيتهم، والرد العملي على عجز قيادته في الخارج في حماية أهل الداخل وتوفير حياة كريمة لهم ينعمون بها بالحرية ، بل كان لفشل الأنظمة العربية دورا كبيرا في ذلك ، حيث لم تكن القيادة الفلسطينية في المنفى على علم كامل بأوضاع الفلسطينيين في الداخل ولا بمعاناتهم ولم تكن تطرح الحلول لمساعدتهم. وكانت منظمة التحرير في تونس تعمل على إنشاء محور عمان-القاهرة لحماية ياسر عرفات عوض العمل على إيجاد حل لقضية اللاجئين أو الفلسطينيين .

وبعد أن ظن قادة الكيان الصهيوني بكل غطرسة وغرور أن الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع قد تم تدجينه، محاولين الترويج لفكرة "الاحتلال الليبرالي" الذي يعيش فيه الناس بفرح وسرور تحت الاحتلال، تبين لهم أنه ليس مرحباً بهم ولا باحتلالهم، مع ذلك أخطأوا مرة أخرى عندما ظنوا أنه يمكن قمع الانتفاضة بالقوة، فاعتقل الالاف وأصدر وزير الحرب الصهيوني رابين أوامر بتكسير أيدي راشقي الحجارة.
فكان الرد على ذلك تصاعد المقاومة الشعبية بأشكالها المختلفة، كما استخدمت المقاومة المسلحة وخصوصاً بعد عام 1992 ضد المحتل الصهيوني، مما أدى لاستنزافه بشكل مستمر ومتواصل أوصله إلى قناعة أنه لا يمكن الاستمرار بالاحتلال بالطريقة المعهودة فبدأ يفكر بحلول جديدة، فتفاوض مع قيادة منظمة التحرير وتوصل إلى اتفاقية أوسلو التي أدت لتخلصه من العبء الملقى عليه وفي نفس الوقت بقي متحكماً بالحدود والمعابر والسماء والموارد الطبيعية.
بعد توقيع اتفاقية أوسلو (في الثالث عشر من أيلول 1993) بدأت الانتفاضة بالخفوت التدريجي على أمل التوصل للسلام الحقيقي وانتزاع الحرية والكرامة للشعب الفلسطيني إلى أن توقفت الانتفاضة عملياً بعد قدوم السلطة الفلسطينية (في الخامس من آيار 1994)، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة في حياة الشعب الفلسطيني، لكنها لم تكن نهايته مع المقاومة، بل تجددت المقاومة وفي أشكال ومناسبات أخرى إلا أن الفضل كله يعود للانتفاضة الأولى، التي رسخت مبدأ المقاومة من داخل فلسطين ورفع الراية من تحت حراب الاحتلال، كطائر العنقاء الذي يخرج من تحت الرماد متحدياً الدمار والخراب.
أساليب المقاومة خلال الانتفاضةالأولى:
استطاع الشعب الفلسطيني أن يبتكر العديد من الوسائل القتالية لمواجهة جيش الاحتلال منها: -
1-الإضرابات والعصيان المدني: كان الاقتصاد الإسرائيلي وقت الانتفاضة الأولى يعتمد بشكل أساسي على العمالة الفلسطينية سواء لرخص العمالة، أو لقيامها بالعمل في مجالات لا يفضلها الإسرائيليون. لذلك كان سلاح الإضراب الأول عبر الامتناع عن الذهاب إلى إسرائيل للعمل قادراً على تكبيد الاقتصاد الصهيوني خسائر فادحة، بالإضافة لمظاهر الاضراب الشامل في مدن وقرى ومخيمات الضفة والقطاع واغلاق المحلات التجارية والمؤسسات العامة.
وكانت الفصائل الفلسطينية تعلن عن يوم اضراب شامل كل شهر، وكان يوم التاسع من كل شهر هو الاضراب الذي تعلن عنه القيادة الموحدة للانتفاضة (الجسم الذي يمثل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية)، واليوم الثامن من كل شهر هو الاضراب الخاص بحركة حماس، واليوم السادس من كل شهر هو الاضراب الخاص بحركة الجهاد الاسلامي.
هذا فضلاً عن أيام الحداد والاضراب في المناسبات المختلفة، فكان كل فصيل يصدر بيانات دورية فيه جدول للإضرابات وأيام التصعيد والمواجهة مع قوات الاحتلال، وحاول الصهاينة استخدام القوة لإجبار المحلات على عدم الاغلاق ومن أجل كسر الاضرابات إلا أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً، كما تمثل العصيان المدني بأشكال أخرى مثل رفض دفع الضرائب للاحتلال الصهيوني.
2-الحجارة: احتلت الانتفاضة مكانها في ثورات العالم الحديث باسم "ثورة الحجارة". وكان أكثر أسلحة الانتفاضة شهرة واستخداما في المصادمات أثناء التظاهرات مع قوات الاحتلال، وفي قذف سيارات الجيش والمستوطنين الإسرائيليين، واستخدمت أيضا لإقامة الحواجز وإغلاق الطرق وبناء والمتاريس والكمائن.
3-السلاح الأبيض: أكثر أسلحة المقاومة الشعبية استعمالا بسبب وجوده في كل بيت وكان له تأثيره النفسي على المواطن الإسرائيلي الذي يرى أو يعرف أن العسكري الإسرائيلي قد قتل بسكين فيما هو يحمل بندقية آلية متطورة. وكان الأسير عامر أبو سرحان هو مفجر ثورة السكاكين في 21/10/1990 عندما قتل ثلاث صهاينة رداً على مذبحة المسجد الأقصى التي ارتكبها جنود الاحتلال في 8/10/1990 عندما قتلوا أكثر من عشرين مصلياً داخل الحرم القدسي وأصابوا المئات بجراح.
4-الزجاجات الحارقة: استخدام الزجاجات الفارغة بعد تجهيزها بمواد أولية متفجرة ومشتعلة.
5- الحرائق : مع بداية شهر يونيو 1988، ابتدعت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة أسلوبا جديداً للرد على طريقة التدمير المتعمد التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي للاقتصاد المحلي الفلسطيني، وهو حرق المرافق والمنشآت الزراعية والصناعية الإسرائيلية بما في ذلك الغابات والمراعي.
6- سلاح العوائق: وهو استخدام المسامير ضد حركة السيارات الإسرائيلية ليلاً. حيث كان يتم غرسها في الطرق مباشرة، أو من خلال زرعه في حبات البطاطا ونشرها على الطرق أو دق المسامير الكبيرة في قطع خشبية وتوزيعها على مسافات متفاوتة من الطريق.
7-اللجان المحلية: هي لجان عملت على تنظيم الغضب غير المسلح للشارع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي المسلح، مع توفير المؤونة والتعليم والأدوية وباقي الخدمات الضرورية.

8-العمليات المسلحة، وكان أبرزها: اختطاف حماس للجندي الإسرائيلي (آفي ساسبورقس) في شباط (1989م) من العمق الإسرائيلي، ثم اختطاف الجندي (إيلان سعدون) في أيار (1989م)، واختطاف الجندي (نسيم توليدانو) في كانون الأول (1992م)، وكان لهذا الحدث الأخير وغيره وقع أليم على السلطات الإسرائيلية، فاتخذت إسرائيل قراراً بإبعاد جماعي للمسؤولين في حركة حماس في الضفة والقطاع وبعض قادة حركة الجهاد الإسلامي، فأبعدت في يوم 17-12-1992م (415) معتقلاً وألقت بهم عبر الحدود إلى لبنان في مكان نال شهرة بعد ذلك هو: مرج الزهور؛ حيث أصر المبعدون على البقاء فيه، ودخلت قضية إبعادهم المحافل الدولية، وناقشها مجلس الأمن الدولي، واستعملت أمريكا كعادتها، حق الفيتو بعد أن أعلنت إسرائيل موافقتها على إعادتهم بعد سنة، كما توقفت المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين خمسة أشهر.
وتمت باكورة العمليات الاستشهادية عندما فجر المجاهد (ساهر حمد الله التمام) سيارته بين حافلتين عسكريتين تقلان جنوداً صهاينة في مستوطنة ميحولا بغور الأردن في 16/4/1993، كما نفذت عمليات اطلاق نار عديدة في الضفة والقطاع، بينها عمليات الشهيد عماد عقل التي دوخت الصهاينة في القطاع وجنوب الضفة الغربية، ومن بينها قتل جنود دورية صهيونية وتصوير العملية بالفيديو أواخر عام 1992م، حيث كانت هذه العمليات أحد الدوافع الرئيسية التي دفعت الصهاينة للتفكير بترك قطاع غزة.

دورنساء فلسطين خلال الانتفاضة الاولى :
لعبت النساء الفلسطينيات دورًا بارزًا خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى؛ إذ لم يكنَّ يخشين مواجهة الجيش الصهيوني أو دعم القضية الفلسطينية، كان هذا الدعم ملموسًا في الواقع؛ إذ كُنَّ يُمثِّلن ثلث ضحايا وشهداء الانتفاضة المباركة، وقد كانت النسوة يُسهِمن في مساعدة المقاومين في نقل الحجارة والعتاد العسكري من أجل مواصلة المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، وجيشه الذي يمارس العربدة بحق الفلسطينيين.
كما عملت المرأة الفلسطينية على تحرير العديد من شباب وأبطال الانتفاضة وأفراد مجموعات المقاومة من أيدي جنود الاحتلال حينما كان يلقي القبض عليهم. وكذلك قامت بإنقاذ أعداد كبيرة من الاعتقال وتهريبهم وتوفير كمائن لهم داخل البيوت أو الحقول.
وساهمت بإنجاح برامج نداءات القيادة الموحدة للانتفاضة حينما طلب مثلاً رفع الأعلام الفلسطينية في معظم أيام الانتفاضة، حيث لجأت النساء إلى توفير القماش بألوانه الأربعة ووقفت ساعات طويلة وهي تصنع الراية الفلسطينية. وشاركت المرأة في الاعتصامات والمظاهرات واصطدمت مع قوات الاحتلال متحدية الغازات السامة والدبابات والرصاص.

احصائيات متعلقة:
مارست قوات الاحتلال أعنف وسائل القمع ضد الانتفاضة، من استخدام الذخيرة الحية، إلى سياسة تكسير عظام الفلسطينيين التي ابتدعها اسحق رابين —الذي اعتبره الحكام العرب شهيد السلام السلام— إلى استخدام الغازات المسيلة للدموع.
-استشهاد 1550 فلسطينياً خلال الانتفاضة .
-اعتقال 100000 فلسطيني خلال الانتفاضة .
- عدد الجرحى يزيد عن 70 ألف جريح.
- 40 فلسطينياً سقطوا خلال الانتفاضة داخل السجون ومراكز الاعتقال الاسرائيلية بعد ان استخدم المحققون معهم اساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات .
- مقتل أكثر من 130 صهيونياً واصابة المئات الاخرين. ومقتل عدة مئات من عملاء الاحتلال على أيدي المقاومين.

دي دي واه

بقلم أحلام مستغانمي
وصلتُ إلى بيروت في بداية التسعينات في توقيت وصول الشاب خالد إلى النجوميّة العالميّة أُغنية واحدة قذفت به إلى المجد كانت أغنية دي دي واه شاغلة الناس ليلاً ونهاراً على موسيقاها تُقام الأعراس وتُقدَّم عروض الأزياء وعلى إيقاعها ترقص بيروت ليلاً وتذهب إلى مشاغلها صباحاً كنت قادمة لتوِّي من باريس ، وفي حوزتي مخطوط الجسد أربعمائة صفحة قضيت أربع سنوات في نحتها جملة جملة محاوِلة ما استطعت تضمينها نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر ، إنقاذاً لماضينا ، ورغبة في تعريف العالم العربي إلى أمجادنا وأوجاعنا لكنني ما كنت أُعلن عن هويتي إلاّ ويُجاملني أحدهم قائلاً !!آه ، أنتِ من بلاد الشاب خالد واجداً في هذا الرجل الذي يضع قرطاً في أذنه ويظهر في التلفزيون الفرنسي برفقة كلبه ولا جواب له عن أي سؤال سوى الضحك الغبيّ وفوراً يصبح السؤال ، ما معنى عِبَارة دي دي واه ؟ وعندما أعترف بعدم فهمي أنا أيضاً معناها يتحسَّر سائلي على قَدَر الجزائر ، التي بسبب الاستعمار لا تفهم اللغة العربية وبعد أن أتعبني الجواب عن فزّورة دي دي واه ، وقضيت زمناً طويلاً أعتذر للأصدقاء والغرباء وسائقي التاكسي وعامل محطة البنزين المصري ، ومصففة شعري عن جهلي وأُميتي قررت ألاّ أفصح عن هويتي الجزائرية ، كي أرتاح لم يحزنّي أن مطرباً بكلمتين ، أو بالأحرى بأغنية من حرفين حقق مجداً ومكاسب ، لا يحققها أي كاتب عربي نذر عمره للكلمات ، بقدر ما أحزنني أنني جئت المشرق في الزمن الخطأ ففي الخمسينات ، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأمير عبد القادر وفي الستينات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد وفي السبعينات إلى بلد هواري بومدين والمليون شهيد اليوم يُنسب العربي إلى مطربيه ، وإلى الْمُغنِّي الذي يمثله في ستار أكاديمي وهكذا ، حتى وقت قريب ، كنت أتلقّى المدح كجزائرية من قِبَل الذين أحبُّوا الفتاة التي مثلت الجزائر في ستار أكاديمي وأُواسَى نيابة عنها هذا عندما لا يخالني البعض مغربية ، ويُبدي لي تعاطفه مع صوفيا وقبل حرب إسرائيل الأخيرة على لبنان ، كنت أتابع بقهر ذات مساء ، تلك الرسائل الهابطة المحبطة التي تُبث على قنوات الغناء عندما حضرني قول ستالين وهو ينادي ، من خلال المذياع الشعب الروسي للمقاومة ، والنازيون على أبواب موسكو صائحاً : دافعوا عن وطن بوشكين وتولستوي وقلت لنفسي مازحة ، لو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح لبنان أو غزو مصر ، لَمَا وجدنا أمامنا من سبيل لتعبئة الشباب واستنفار مشاعرهم الوطنية ، سوى بث نداءات ورسائل على الفضائيات الغنائية ، أن دافعوا عن وطن هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم ومروى وروبي وأخواتهن فلا أرى أسماء غير هذه لشحذ الهمم ولمّ الحشود وليس واللّه في الأمر نكتة فمنذ أربع سنوات خرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية ، التي قضى فيها اثنتين وعشرين سنة ، حتى استحق لقب أقدم أسير مصري ، ولم يجد الرجل أحداً في انتظاره من الجماهير التي ناضل من أجلها ، ولا استحق خبر إطلاق سراحه أكثر من مربّع في جريدة بينما اضطر مسئولو الأمن في مطار القاهرة إلى تهريب نجم ستار أكاديمي محمد عطيّة بعد وقوع جرحى جرّاء تَدَافُع مئات الشبّان والشابّات ، الذين ظلُّوا يترددون على المطار مع كل موعد لوصول طائرة من بيروت في أوطان كانت تُنسب إلى الأبطال ، وغَدَت تُنسب إلى الصبيان ، قرأنا أنّ محمد خلاوي ، الطالب السابق في ستار أكاديمي ، ظلَّ لأسابيع لا يمشي إلاّ محاطاً بخمسة حراس لا يفارقونه أبداً ، ربما أخذ الولد مأخذ الجد لقب الزعيم الذي أطلقه زملاؤه عليه ولقد تعرّفت إلى الغالية المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد في رحلة بين الجزائر وفرنسا ، وكانت تسافر على الدرجة الاقتصادية ، مُحمَّلة بما تحمله أُمٌّ من مؤونة غذائية لابنها الوحيد ، وشعرت بالخجل ، لأن مثلها لا يسافر على الدرجة الأُولى ، بينما يفاخر فرخ وُلد لتوّه على بلاتوهات ستار أكاديمي ، بأنه لا يتنقّل إلاّ بطائرة حكوميّة خاصة وُضِعَت تحت تصرّفه ، لأنه رفع اسم بلده عالياً ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه ، أوّاه.. ثم أوّاه مازال ثمَّة مَن يسألني عن معنى دي دي واه

العالم يتجه نحو تعددية قطبية تكثر فيها مراكز القوى

باسكال بونيفاس
في كتابه «فهم العالم»، يرى باسكال بونيفاس أن أول درس بدأنا نستخلصه هو أن العالم الذي كان مهيمنا عليه من قبل الغربيين منذ خمسة قرون (ثم الولايات المتحدة الأميركية) صار بصدد التلاشي والاختفاء من أمام أعيننا. ويضيف أنه إذا كان من الصعب علينا في المرحلة الراهنة أن نجزم بشكل مطلق بأن العالم يتجه نحو مفهوم «تعدد القطبية» لأن القوة الأميركية ما زالت متفوقة على بقية القوى، إلا أننا ـ مع ذلك ـ لا نستطيع القول بأن هناك منظومة واحدة تحكم العالم تحت شعار القطبية الواحدة (unipolaire)، لأن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد وحدها قادرة على قيادة العالم ولا تحديد أجندة التغييرات العالمية، ولا حل المشاكل المطروحة لوحدها. وبالتالي "فنحن أمام وضعية جديدة وعالم يتجه نحو تعددية قطبية تتعدد فيها مراكز القوى".
وحول ما إذا كان ذلك يمثل بداية النهاية «للعصر الأميركي» في قيادة العالم، يؤكد بونيفاس في مقابلات صحفية أنها ليست بداية النهاية للعصر الأميركي في قيادة العالم فحسب، ولكنها بداية نهاية منظومة سيطرة الغرب بمفهومه الواسع بحد ذاته ممثلا في الولايات المتحدة الأميركية مضافا إليها أوروبا، مشيرا إلى أن هذا الغرب، لم يعد قادرا بالقوة وحدها على فرض إرادته على بقية أنحاء العالم مثلما كان عليه الأمر منذ بدايات القرن التاسع عشر.فالقوة العسكرية لوحدها لم تعد كافية برأيه لإدارة العالم وإلا لكان الأميركيون انتصروا في العراق، ومثال العراق بالذات، والفشل الأميركي فيه، كشفا عن أن القوة العسكرية ما زالت تمثل عاملا مهما إلا أنه عامل أصبح غير كاف لحل المشاكل الموجودة. ولكن يجب أن تترافق معه عوامل ووسائل أخرى ولهذا السبب فإن القوة أصبحت في حد ذاتها متعددة الأشكال.
تأثير الصورة
ويشدد بونيفاس على أن الهيمنة العسكرية لم تعد محددة لمستقبل موازين القوى بل اتخذت أبعادا أخرى اقتصادية وفكرية، واتخذت قيمة وبشكل خاص معلوماتية، لافتا في هذا الجانب إلى أن التنافس أصبح على أشده من أجل الهيمنة على العالم انطلاقا من تأثير الصورة.وذلك عندما برزت قناة «سي أن أن» لتظهر بعدها قنوات أخرى كبديل جديد ينتمي إلى مجال ثقافي مغاير تماما للثقافة الغربية الإعلامية المهيمنة. وتلا ذلك دخول الصينيين والروس بدوهم إلى هذا الميدان عبر إطلاقهم لقنواتهم الدولية، وفي أميركا اللاتينية أطلقت قناة دولية من أجل هذا الغرض.فاليوم أصبحت القوة عسكرية واقتصادية وتقنية وبالخصوص معلوماتية وهي قوة مرتبطة بعالم الأفكار ونشرها عبر الصورة التي ربما تلخص بشكل أكثر مجالات القدرة على التأثير.
الملف الفلسطيني-الإسرائيلي
ويرى بونيفاس أن قضية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين تمثل الملف الأكثر أولوية في المرحلة الجديدة، موضحا أن الهدف هو تحقيق سلام عادل ومبني على قرارات الشرعية الدولية. ويقول إن السلام لا يجب أن يكون مفروضا بالقوة، كما أنه ليس رهين واقع عسكري معين أملاه المنتصر على المنهزم. وهذا الأمر يمثل الرهان الأكبر في المرحلة المقبلة؛ لأن هذا الصراع طال أكثر من اللازم وبالرغم من كونه جغرافيا فإنه يبقى ذا آثار محدودة، لكنه يلقي بظلاله السياسية والنفسية على الوطن العربي والإسلامي وحتى على المستوى العالمي. ويؤكد أن القضية الفلسطينية أصبحت في هذا العالم رمز الظلم وغياب العدالة ضد العالم العربي. كما أنها تكشف أيضا عن ازدواجية المعايير الغربية التي تتحدث عن الديمقراطية وعن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والتي لا تطبق إلا عندما يتعلق الأمر بمصالح دولية وسياسية معينة، وهي المبادئ التي يقع تجاهلها عندما يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني.
ذريعة أيديولوجية
ويضيف أن القضية الفلسطينية استند إليها الكثير لتبرير سلوكاته، فكانت حجة العديد من الحركات العنيفة مثلما هي حجة بعض الأنظمة في إدامة الوضعية التسلطية على شعوبها. وفي هذا السياق فإن الإرهاب، وإن استند على دوافع عديدة، فإن القضية الفلسطينية مثلت له حجة من أجل بث إيديولوجيته في العالمين العربي والإسلامي. فابن لادن ومن ورائه القاعدة، وإن لم يكونا معنيين بدرجة أولى بمصير الفلسطينيين، فإنهما اتخذا هذه القضية وسيلة للتجنيد والتشكيك في سعي الأنظمة العربية لأجل المصالح العربية وللتضامن مع الفلسطينيين.القضية الفلسطينية كانت ذريعة للقاعدة من أجل بث أفكارها وبالتالي فإن إيجاد حل لهذه القضية هو في رأيي سحب هذه الذريعة من إيديولوجيا القاعدة، وبالتالي إضعافها، مثلما هي الحال بالنسبة للعديد من الأنظمة العربية حيث يكون إيجاد حل للقضية الفلسطينية اذنا بسحب الذريعة منها في إدامة حالة التسلط السياسي، فكثيرا ما جعلت من القضية الفلسطينية ذريعتها.
الملف الإيراني
ويعرب بونيفاس عن رأيه بأن الملف النووي الإيراني غطى في عالم الإعلام الغربي على غيره، وأخذ أهمية أكبر من الملف الفلسطيني، مشيرا إلى أن هناك توجها سياسيا/إيديولوجيا في أوروبا يقول إنه يجب الحديث عن إيران، إذ كلما تحدثنا عن إيران فإننا نتحدث بشكل أقل عن معاناة الفلسطينيين. ويضيف أن أصحاب هذا التوجه يقولون إنه عندما يقع التركيز على أن إيران تمثل الخطر رقم واحد فإنه سيتم التطرق للمشكل الفلسطيني من زاوية نظر أخرى غير متعاطفة مع الفلسطينيين وبالتالي أكثر راحة بالنسبة لإسرائيل عن طريق إظهارها في مظهر المهدد والخائف. ولكن هذا التوجه الإيديولوجي يجب ألا يحجب عنا أن إيران تمثل مشكلا حقيقيا، وقدرة «الجمهورية الإسلامية» على امتلاك الأسلحة النووية سيكون بمثابة الكارثة الاستراتيجية في المنطقة. وهو أمر لا يعني فقط أمن دول المنطقة ولكن يعني أمن العالم بشكل عام.ومن هذا المنطلق، فإن وراء الحديث عن إيران عوامل ودوافع حقيقية، ووراءه أيضا دوافع مصطنعة وإيديولوجية. فالبعض يستعمل إيران كعلة عن طريق تضخيم خطرها حتى يخف الحديث عن معاناة الفلسطينيين ولكن هذا لا يجب أن يمنعنا من القول إن هناك مشكلا إيرانيا.
المنتصر.. والمستفيد
في تقرير صدر في مارس 2008 ألمح بونيفاس إلى قدرة ودهاء الإيرانيين على استغلال الوضع الإقليمي لصالحهم، وبالتالي الالتفاف على الضغط العالمي الموجه إليهم، وقال إن «المنتصر الوحيد من الحرب على العراق هو إيران»، واليوم ما زال يرى أن المنتصر الإقليمي من الحرب على العراق كان إيران والمستفيد الرئيسي على الصعيد العالمي كان الصين. ويبرر تحليله هذا لأن الولايات المتحدة ضعفت قوتها خلال الحرب على العراق فضلا عن النكسة الأخلاقية التي سادت فيها نتيجة هذه الحرب. ويرى بالمقابل أن الصين التي لم تشارك في الحرب على العراق واصلت نموها وواصلت عملية انفتاحها الخارجي على العالم، مشيرا إلى أن معرض «شنغهاي العالمي» ما هو إلا أحد رموز التطور والقوة الصينية الحالية، وقبل ذلك تنظيمها للألعاب الاولمبية مؤكدة على هذا النجاح. مع التأكيد أيضا أن الصين هي الدولة الوحيدة التي استطاعت حتى الآن الخروج من الأزمة المالية العالمية بسلام.أما على المستوى الإقليمي، فيرى ان إيران استطاعت أن تتخلص من منافسها الإقليمي الممثل في العراق، فضلا عن كونها أصبحت ذات تأثير سياسي كبير في البلد في الوقت الحالي عن طريق تأثيرها على الرصيد الأكبر من الناخبين الذين يبادلونها الإيدولوجيا المذهبية الشيعية نفسها، وبالتالي أصبحت تقريبا اللاعب الإقليمي الرئيسي في هذا البلد في السنوات الأخيرة.
الملف العراقي
أما في الملف العراقي الذي كان يرى فيه بونيفاس أن «الأميركيين دخلوا في حلقة مفرغة»، فهو يعتقد اليوم أن الدائرة المفرغة بدأت في الانفتاح مع قرار أوباما الانسحاب من العراق على الرغم من أن الأميركيين كانوا قادرين على الخروج من هذه الحلقة المفرغة قبل ذلك بكثير. ويقول: «لو قرر الأميركيون الانسحاب من العراق بعد مايو 2003 مباشرة، أي بعد انتصارهم عسكريا وإطاحتهم بنظام صدام حسين، لما كان هناك مأزق أميركي في العراق كما هو الأمر عليه في الوقت الحالي، ولكان من الممكن النظر إليهم كمحررين لا كمحتلين كما ينظر إليهم اليوم.
سيناريو كارثي
ويعتقد بونيفاس أن وجود الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض يحول دون الخوض بسهولة في مغامرة عسكرية جديدة، ويرى أي سيناريو للهجوم على إيران لن يكون سوى سيناريو كارثي، لأن عملية عسكرية ضد إيران ولو كانت محدودة وممثلة في ضربات جوية على المنشآت النووية الإيرانية من دون الحديث عن عملية غزو، هي لوجستيا عملية شبه مستحيلة وسوف تؤدي إلى خلق فوضى عارمة في منطقة الخليج ومنطقة الشرق الوسط بشكل عام وهو ما سيؤدي إلى وضع استراتيجي غير آمن في المنطقة، مشيرا إلى إن خطر احتمال مثل هذا السيناريو أقل بكثير مما كان عليه في عهد الرئيس جورج بوش الابن.
أي ديمقراطية؟
وردا على من يقول إن التدخل الأميركي في العراق أوجد تنافسا انتخابيا وديمقراطية ولو نسبية، يجزم بونيفاس بأن ديمقراطية تحت الاحتلال ليست ديمقراطية حقيقية، مشيرا إلى واقع تواصل العمليات الانتحارية والأبعاد الطائفية للقائمات الانتخابية، ويقول إن هذا لا يقطع الأمل بأن يكون في العراق ديمقراطية حقيقية بعد الاحتلال. ويوضح أن نسبة العنف في الانتخابات الأخيرة أقل مقارنة بالسنوات الماضية، والحضور الأميركي في المدن، والتدخل في العملية الانتخابية أقل مقارنة مع السابق. وأن العراقيين في هذا الوقت بدأوا يسترجعون جزءا من سيادتهم ولكنهم لم يصبحوا بعد بلدا ذا سيادة كاملة والذي هو أحد شروط تحقيق الديمقراطية في بلد ما.
الديمقراطية في العالم العربي
وحول رأيه في ما إذا بالإمكان استخدام مصطلح الديمقراطية في العالم العربي، يرى بونيفاس أن الديمقراطية مشروع للإنجاز لأن الأمر غير واقع فعليا، مؤكدا أنه يجب الحديث عن الديمقراطية في العالم العربي، وهذا يجب ألا يحجب الرؤية والقول إن هناك هوامش مهمة من الحرية في العالم العربي بالرغم من سيطرة الأنظمة التسلطية. ولكن في الوقت نفسه لا يعتقد أنه يمكن إحلال الديمقراطية في هذه المنطقة بفعل التدخل الخارجي وبشكل أقل ديمقراطية مفروضة نتيجة تدخل عسكري لأن الديمقراطية كانت وستظل نتيجة تفاعلات داخلية. ويضيف من المهم أيضا القول إن السياق الجغرا/سياسي وتواصل الصراع العربي الإسرائيلي تتخذه بعض الأنظمة في أحيان كثيرة ذريعة لعدم التقدم نحو عملية «الدمقرطة»، وهي الذريعة نفسها التي تتخذها بعض الأنظمة عندما يتعلق الأمر بالحصار والضغوطات الخارجية. ولكن عندما ننظر إلى بقية العالم وخصوصا أميركا اللاتينية مثلا التي تحولت بشكل كبير إلى نظم ديمقراطية، وإلى إفريقيا التي تتطور فيها الديمقراطية، وآسيا التي تشهد دفعة قوية نحو الديمقراطية فإن الديمقراطية في العالم العربي هي بشكل عام في تأخر عن بقية هذه الدول.
عوائق الديمقراطية
وعن رأيه في السبب الذي يحول بين العالم العربي وبين التوجه نحو الديمقراطية يقول بونيفاس إن هناك عدة عوائق تتمثل بالصراع العربي – الإسرائيلي الذي يمثل ذريعة من أجل الحد من الديمقراطية. وبنفوذ القوى الكبرى، مشيرا إلى أن هناك توجها عاما في الأنظمة التي ليست ملكية إلى نظام الوراثة في الحكم، وإلى أن الحرب على «الإرهاب الإسلامي» قد اتخذت أيضا كحجة جديدة من أجل الحد من الحريات والتقدم نحو الديمقراطية، وهو أمر كان شبيها في سنوات خلت في العديد من البلدان عندما كانت مقاومة الشيوعية ذريعة للحد من الديمقراطية وهو الأمر الذي يحدث اليوم.
مقاومة الإرهاب
وعن رؤيته للتطرف الإسلامي المرتبط بالعنف وتنظيم القاعدة والنظرة المستقبلية التي يحملها لهذا التنظيم تحديدا، يقول إنه في الوقت الحالي الملاحظ أن القاعدة في حالة انحسار وأن قدرتها على الضرب أصبحت محدودة، مستدركا أن هذا لا يعني أنها انتهت وأن ليس لها من قدرة في المستقبل على القيام بعمليات، موضحا أن قدرتها على التحرك أصبحت محدودة، لكنه لا يستبعد أن نسمع غدا عن عملية تفجير هنا أو هناك.وعلى المدى البعيد، يقول إنه إذا تمكنا من غلق الملف الفلسطيني نهائيا وإذا تمكن المجتمع العربي من «دمقرطة» نفسه وتحرير المجتمع المدني داخله، فإن هذا أفضل باب يمكن أن نقاوم من خلاله الإرهاب.

البحث عن مكانة: الفلسطينيون في لبنان 260 ألفاً: فقر وبطالة وأمراض

مسح اقتصادي واجتماعي أجرته "الأونروا" و"الأميركية"
الفلسطينيون في لبنان 260 ألفاً: فقر وبطالة وأمراض
bahs3anmakana.blogspot.com

أظهر مسح أجرته الجامعة الأميركية و"الأونروا" على عينة من 2600 لاجئ فلسطيني في لبنان، وأعلن عنه خلال ندوة في الجامعة الأميركية، أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الموجودين حاليا في لبنان يراوح بين 260 ألفا و280 ألفا، وليس أكثر من 500 ألف كما يتداول، وأن 66,4% منهم فقراء فيما 6,6% معدمون.
الدراسة التي أشرف عليها الأستاذ في الجامعة الأميركية والباحث الدكتور جاد شعبان، وعرض لها خلال الندوة، شارك فيها مجموعة من أساتذة "الأميركية" وموظفون من "الأونروا" وأكثر من 80 شخصا معظمهم من المخيمات، كما قال شعبان.
استهلت الندوة بكلمات لكل من الدكتورة نهلة حولا عميدة كلية الزراعة (الجهة المشرفة على المسح)، ووكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الدكتور أحمد دلال، ورئيس قسم العمليات في الإتحاد الأوروربي دييغو أسكالونا، ورئيسة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني مايا مجذوب التي أكدت أن وضع الفلسطينيين في لبنان محط اهتمام رئيس الحكومة سعد الحريري، والسفير الفلسطيني عبدالله عبدالله، ومدير "الأونروا" في لبنان سلفاتوري لومباردو. وقد أجمعت الكلمات على أهمية المسح الذي أجري على قاعدة علمية عالية ودقيقة، وبالتالي ضرورة البناء على نتائج المسح هذا.
ثم تولى شعبان تقديم ملخص عن المسح، الذي قال إنه سيصدر نهاية الشهر الجاري في إطار تقرير يتضمن تحليلا للنتائج. وتضمن 7 أبواب: معلومات ديموغرافية، معدلات الفقر، العمل، التعليم، الأمن الغذائي، الصحة، والسكن وظروف العيش.
في المعلومات الديموغرافية، أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين حاليا في لبنان، المسجلين في سجلات "الأونروا" و/أو سجلات دائرة الشؤون السياسية واللاجئين التابعة لوزارة الداخلية اللبنانية أو فاقدي الأوراق، هم بين 260 ألفا و280 ألفا، وليس كما يشاع أنهم بين 550 ألفا و750 ألفا، وهو أمر بات يلزم السياسيين والذين يتداولون في الشأن الفلسطيني في لبنان أن يكونوا دقيقين في تناوله.
ويظهر المسح أن مجتمع اللاجئين في لبنان هو مجتمع شاب، إذ إن نصفهم دون الـ25 من العمر، المعدل العمري العام هو 30 سنة، ونسبة النساء 53%، ومتوسط عدد افراد الأسرة 4,5 أشخاص. كما يظهر المسح، ديموغرافيا، أن نحو ثلثي اللاجئين يعيشون في المخيمات، فيما أكثر من الثلث يعيشون خارجها، نصفهم في جنوب لبنان وخمسهم في بيروت وخمسهم في الشمال و4% في البقاع.
وتبين الدراسة أن نسبة الفقر عالية بين اللاجئين، اذ ان 66,4% منهم عاجزون عن تلبية الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية وغير الغذائية (أقل من دولارين أميركيين للفرد يوميا) مقارنة بـ35% في أوساط اللبنانيين. وهناك 6,6% من اللاجئين الفلسطينيين (نحو 16 ألفا) معدمون وغير قادرين على تلبية الحاجات الغذائية الأساسية اليومية (أقل من دولار واحد للفرد، أي أنهم قد يتناولون وجبة واحدة في اليوم).
وفيما يعيش 81% من فقراء اللاجئين في الجنوب (صيدا وصور) فإن ثلثهم موجودون في منطقة صور. ونسبة الفقراء والمعدمين أكبر داخل المخيمات. وعلى الرغم من أن النسبة أقل خارج المخيمات، إلا أن حالات العوز الأشد هي في تجمعات تقع خارج المخيمات.
تحت عنوان "العمل"، يظهر المسح ان 56% عاطلون من العمل، و38% هم في سن العمل، وثلثاهم يعملون في وظائف بسيطة (بائعين متجولين وعمال بناء ومزارعين)، فيما النسبة الأقل يعملون في وظائف أخرى أعلى مستوى. ومجمل عدد من هم في سن العمل لا يتجاوز 120 ألفا، الناشطون منهم لا يتعدون 52 ألفا، وما لا يتعدى 8 آلاف من الناشطين فقط يملكون مؤهلات عالية، الأمر الذي ينقض تماما مقولة أن السماح للاجئين في العمل يؤثرون سلبا في توظيف اللبنانيين، كون هذا العدد بالكاد يمكن ان يكون ملحوظا في سوق العمل، وفق رأي شعبان.
ويظهر باب التعليم في المسح، ان نصف الشباب الفلسطينيين (16 سنة و18 سنة ) يرتادون المدرسة أو معاهد التدريب المهني. والمعدلات المرتفعة من التسرب المدرسي والمهارات غير الكافية فضلا عن القيود في سوق العمل، تعوق قدرتهم على إيجاد عمل مناسب. كما يظهر المسح أن 8% ممن هم في سن الذهاب الى المدرسة (7 سنوات و15 سنة) لم يرتادوا أي مدرسة في العام 2010، وأن نسبة حملة الشهادات الجامعية من اللاجئين الفلسطينيين هي 6%، في مقابل 20% من اللبنانيين.
وفي باب الأمن الغذائي، يشير المسح الى ان 15% يعانون فقدانا حادا للأمن الغذائي ويحتاجون الى مساعدة ملحة، وأكثر من 63% يعانون فقدان الأمن الغذائي "إلى حد ما".
صحيا: يعاني نحو ثلث اللاجئين أمراضا مزمنة، وغالبية الأسر التي فيها مرضى مزمنون تنحدر بالتالي الى مستوى تحت خط الفقر. و21% ممن شمهلم الإستطلاع يعانون انهيارا عصبيا وقلقا أو كآبة. و95% لا يملكون تأمينا صحيا، علما أن "الأونرا" تؤمن رعاية صحية أولية وثانوية مجانا.
وفي مجال السكن، فإن 66% يعيشون في مساكن تعاني مشاكل الرطوبة والنش ما ينجم عنها من أمراض نفسية وامراض مزمنة، ومعظم المساكن من النوعية هذه موجودة في جنوب لبنان. 8% من الأسر تعيش في مساكن سقفها و/أو جدرانها مصنوعة من الزينكو أو الخشب أو الإترنيت، و8% من الأسر في مساكن مكتظة (اكثر من 3 أفراد في الغرفة).
وكانت أسئلة ونقاش، واجابات تولاها شعبان ولومباردو. وأجمع المتحدثون على خطورة النتائج التي أظهرها المسح، وسط دعوات الى تدارك الأمر من قبل كل الجهات المعنية، حكومة لبنانية ومؤسسات فلسطينية ومجتمع دولي ممثلا بوكالة "الأونروا".