الثلاثاء، 12 يناير 2010

الاشتراكية ذات الخصائص الصينية

دعا الرئيس الصيني هو جين تاو كافة أعضاء الحزب الشيوعى الصينى والشعب الصينى الى رفع "الراية العظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية" عالياً فى سعيهم لبناء "مجتمع مزدهر متوسط فى كافة المجالات"...
وجه هو جين تاو هذه الدعوة فى خطابه بالمؤتمر الوطنى السابع عشر للحزب الشيوعى الصينى الذي حدد موضوعه كالتالي : " لنرفع عاليا الراية العظيمة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية ، ولنتبع ارشاد نظرية دنغ شياو بينغ والافكار الهامة للتمثيلات الثلاثة، ولنطبق بشكل تام وجهة النظر العلمية للتنمية ، ولنواصل تحرير العقول والاصرار على الاصلاح والانفتاح وانتهاج التنمية بشكل علمى ودفع الانسجام الاجتماعى ، ولتبذل الجهود لتحقيق انتصارات جديدة فى بناء مجتمع مزدهر معتدل فى كافة المجالات" ...
في ما يلي موجز للخطة السياسية التي اعتمدها الحزب الشيوعي الصيني منذ المؤتمر السابع (2007) لتعزيز "الاشتراكية ذات الخصائص الصينية"
شهدت الصين فترة غير عادية في السنوات الماضية حينما قاد الحزب الشعب في التغلب على الصعوبات وحقق المنجزات. ..كانت هذه السنوات منذ المؤتمر الوطني السادس (2002) فترة غير عادية ... ومن اجل انجاز المهمات الشاقة للاصلاح والتنمية في وضع دولي معقد ومتقلب فقد قاد الحزب الشعب بشكل قوي في التغلب على الصعوبات والمخاطر في ظل ارشاد نظرية دنغ شياو بينغ وافكار التمثيلات الثلاثة مما خلق وضعا جديدا في قضية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وحقق مجالا جديدا في انتهاج الماركسية طبقا للأحوال في الصين.
ما هي أفكار التمثيلات الثلاثة
يمثل الحزب الشيوعي الصيني دائما متطلبات التنمية للقوى الانتاجية الاجتماعية المتقدمة الصينية، وكذلك المسار التقدمى للثقافة المتقدمة الصينية، والمصالح الاساسية للاغلبية الساحقة للشعب الصيني، الأمر الذي يعتبر أصولا لحياة الحزب الشيوعي الصيني وأساس حكمه ومصدر قوته.
ويقصد بتمثيل متطلبات التنمية للقوى الانتاجية الاجتماعية المتقدمة الصينية أن تتفق نظرية الحزب وخطه ومنهاجه وسياسته ومبدأه وكل أعماله مع قانون تطور قوة الإنتاج، وتجسد متطلبات الدفع المستمر لإطلاق العنان لقوة الإنتاج الاجتماعي وتطورها، خاصة تجسيد متطلبات التنمية للقوى الانتاجية الاجتماعية المتقدمة، ورفع مستوى معيشة الجماهير باستمرار من خلال تطوير قوة الإنتاج؛ ويقصد بتمثيل المسار التقدمى للثقافة المتقدمة الصينية، أن تجسد نظرية الحزب وخطه ومنهاجه وسياسته ومبدأه وكل أعماله متطلبات تطوير الثقافة الاشتراكية القومية والعلمية والجماهيرية التي تواجه التحديث والعالم والمستقبل، ودفع الارتفاع المستمر للنوعية الفكرية والأخلاقية والعملية والثقافية لكل الأمة الصينية لتقديم قوة محركة معنوية وأفكار للتنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي الصيني؛ ويقصد بتمثيل المصالح الاساسية للاغلبية الساحقة للشعب الصيني أن نظرية الحزب وخطه ومنهاجه وسياسته ومبدأه وكل أعماله أن تنطلق من مصلحة الشعب الأساسية وتعود إليها، وإظهار مبادرة الجماهير وقدرتها علي الإبتكار والإبداع بصورة كاملة، لتحصل على المصالح الاقتصادية والسياسية والثقافية الفعلية وباستمرار على أساس التطور والتقدم الاجتماعي المستمر.

وقد ازدادت القوة الاقتصادية بشكل ملموس مع توسع مجمل الناتج الوطني بمعدل يزيد عن 10% سنويا في السنوات السبع السابقة.. وحصلت اختراقات كبرى في الاصلاح والانفتاح، وتحسنت مستويات معيشة الشعب بشكل ملحوظ وتم من حيث الأساس تطبيق نظام علاوات المعيشة لمواطني المدن والريف، مما يضمن الظروف الحياتية الرئيسية للفقراء.
وتم تسجيل تقدم جديد في تحسين الديمقراطية والنظام القانوني، كما تم خلق وضع جديد في التنمية الثقافية وتقدمت التنمية الاجتماعية بشكل شامل، وحققت المهمة الجديدة لبناء الحزب تقدما متينا، ، وتحققت منجزات تاريخية في تنمية الدفاع الوطني..

في نفس الوقت، أعلن قادة الحزب ان المنجزات ما زالت اقل من توقعات وانه ما زالت توجد صعوبات ومشكلات غير قليلة في طريقنا الى الامام.
المشكلات والصعوبات البارزة تشمل:
- النمو الاقتصادي تحقق بتكلفة مفرطة للغاية في الموارد والبيئة.
- ما زال يوجد عدم توازن في التنمية بين مناطق المدن والريف وبين الأقاليم وبين الاقتصاد والمجتمع.
- ازدادت الصعوبة لتحقيق نمو مطرد للزراعة ومواصلة زيادة دخل المزارعين.
- ما زالت توجد مشكلات عديدة تؤثر على المصالح الآنية في مجالات مثل التشغيل والضمان الاجتماعي وتوزيع الدخل والتعليم والصحة العامة والإسكان وسلامة العمل وادارة العدالة والنظام العام وان بعض ذوي الدخل المنخفض يعيشون حياة صعبة نوعا ما.

- ثمة حاجة الى المزيد من الجهود لدفع التقدم الايديولوجي والقومي.
- قدرات الحكم للحزب لا تلبي نوعا ما حاجات التعامل مع الوضع الجديد والمهمات الجديدة.
- بعض منظمات الحزب القاعدية ضعيفة ومتراخية. ان عددا قليلا من كوادر الحزب ليسوا امناء ولا مستقيمين وان الشكليات والبيروقراطية التي يتصفون بها واضحة جلية، وما زال البذخ والتبديد والفساد وسلوكيات غير مرغوبة اخرى تشكل مشكلات خطيرة معهم.

ويؤكد قادة الحزب من جهة أخرى على انه قد تحققت تغيرات تاريخية في مظاهر الشعب الصيني والصين الاشتراكية والحزب الشيوعي الصيني منذ العام 1978 ، حين فتح الحزب العهد التاريخي الجديد للاصلاح والانفتاح . وطريق الاصلاح والانفتاح هذا تم على اساس وضعه الجيل الاول للحزب من القيادة الجماعية المركزية ونواتها ماو تسي تونغ . وبادر الجيل الثاني للحزب ورأس قيادته الجماعية المركزية دنغ شياو بينغ الى الطريق العظيم الذي تواصل وتطور ونفذ بنجاح في القرن 21 على يد الجيل الثالث للحزب ونواة القيادة الجماعية المركزية جيانغ تسه مين كما قال الرئيس الصيني والأمين العام للحزب السيد هو جين تاو الذي أضاف بانه منذ المؤتمر الوطني السادس عشر للحزب ، تقدم الاصلاح والانفتاح الى العالم في بناء مجتمع مزدهر معتدل في كافة المجلات ، متبعا توجيه نظرية دنغ شياو بينغ وأفكار التمثيلات الثلاثة...
وجهة النظر العلمية حول التنمية جزء من نظريات الاشتراكية ذات الخصائص الصينية
ويعتبر الشيوعيون الصينيون ان وجهة النظر العلمية حول التنمية التى بادرت بها اللجنة المركزية السادسة عشرة للحزب الشيوعي الصيني عام 2003 لهي جزء من نظريات الاشتراكية ذات الخصائص الصينية الى جانب نظرية دنغ شياو بينغ وأفكار التمثيلات الثلاثة.وهذه المنظومة تمثل تمسك وتطوير الحزب للماركسية-اللينينية وافكار ماو تسي تونغ، وتجسد الحكمة والعمل الشاق لعدة اجيال من الشيوعيين الصينيين يقودون الشعب في اجراء استكشافات وممارسات بلا كلل ولا ملل. وهي أحدث إنجاز في تطبيق الماركسية حسب الأحوال الصينية وهي الرصيد السياسي والثقافي عظيم القيمة للحزب وهي الأساس الايديولوجي المشترك للأعمال الملموسة للشعب بكافة قومياته ، وهي منظومة منفتحة تحافظ على التطور.
ويرى الشيوعيون الصينيون ان على شعوب كافة البلدان ان تتعاون وتبذل الجهود لبناء عالم منسجم يسوده السلام والازدهار المشترك..ويظل السلام والتنمية هما الموضوعان الرئيسيان للعهد الراهن وان السعي من اجل السلام والتنمية والتعاون اصبح تيارا لزماننا لا يقاوم ..وفى نفس الوقت فان العالم يبقى بعيدا عن الهدوء وان السلام والتنمية فى العالم يواجهان صعوبات وتحديات كثيرة .

ان المشاركة فى الفرص للتنمية والنهوض لمواجهة التحديات معا لتعزيز قضية السلام وتنمية البشرية لهما المصالح الجوهرية لشعوب كافة البلدان وتلبية طموحاتها المشتركة.
لتحقيق هذا الهدف اقترح الحزب الشيوعي الصيني ان تتمسك جميع البلدان بأهداف ومبادىء ميثاق الامم المتحدة وتراعي القانون الدولي والاعراف المعترف بها دوليا للعلاقات الدولية ودفع الديمقراطية والانسجام والتعاون والحلول المشتركة فى العلاقات الدولية.
- سياسيا: ينبغى لجميع البلدان ان تحترم بعضها بعضا وان تجرى مشاورات على قدم المساواة فى عمل مشترك لدفع الديمقراطية فى العلاقات الدولية

- اقتصاديا: ينبغى لها ان تتعاون مع بعضها بعضا وان تقترب قوة كل منها الاخرى وان تعمل معا لاجل تحقيق تقدم فى العولمة الاقتصادية باتجاه التنمية المتوازنة والمشاركة فى المنافع والتقدم المشترك.
- ثقافيا: ينبغى لها ان تتعلم من بعضها بعضا بروح السعى لارضية مشتركة فيما تنحى الخلافات جانبا وان تحترم تنوع العالم وتبذل جهودا مشتركة لتحقيق تقدم الحضارة الانسانية.
- فى مجال الامن: ينبغى لها ان تثق ببعضها بعضا وان توطد التعاون وان تحل المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وليس بالحرب وان تعمل معا لحماية السلام والاستقرار بالعالم.

- حول مسائل البيئة: ينبغى لها ان تساعد بعضها بعضا وان تتعاون مع بعض فى جهود المحافظة لرعاية الارض الموطن الوحيد للبشر على نحو جيد.

شواهد حرية الفكر والعقيدة من القرآن الكريم

شواهد حرية الفكر والعقيدة من القرآن الكريم
تضمن القرآن الكريم عشرات الآيات التي تتحدث صراحة عن حرية الفكر والعقيدة، والإيمان والكفر.
ولا يتسع المجال لإدراج هذه الآيات كلها، ولهذا فسنكتفي بإيراد بعضها....
أ=الإيمان والكفر قضية شخصية لا تهم إلا صاحبها، بمعنى أنها ليست من قضايا النظام العام وبالتالي فلا تدّخل ولا إكراه عليها من أي جهة.
-" لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاعوت ويؤمن بالله فقد أستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم"[256 البقرة ].
-"قل يأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن أهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل"[108 يونس].
-" من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً"[15 الأسراء].
-"وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظلمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً [ا29 الكهف].
-" إنما أمرت أن أعبد رب هذا البلد الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين(91) وأن أتلو القرآن فمن أهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين(92) وقل الحمد لله سيريكم آيته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون (93) [النمل ].
-" من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون [44 الروم].
-" وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتاً ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خساراً " [39 فاطر].
-" إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن أهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليه وما أنت عليهم بوكيل" [41 الزمر].
(ب) الرسل ليسوا إلا مبشرين ومنذرين ومبلغين دون أي سلطة لإكراه أو جبر
-" ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون" [99 المائدة].
-" قل لأ أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون" [188 الأعراف].
-" وان كذبوك فقل لى عملى، ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برىء مما تعملون[41 يونس].
-" فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شىء وكيل" [12 هود].
-" وان ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاع وعلينا الحساب" [40 الرعد].
-" فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين" [94 الحجر].
-" فإن تولوا فإنما عليك البلاع المبين" [82 النحل].
-" وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً (56) قل ما أسئلكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً(57) وتوكل على الحى الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذبوب عباده خبيرا" [58 الفرقان].
-" نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" [45 ق].
-" كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون(52) أتواصوا به بل هم قوم طاغون(53) فتول عنهم فما أنت بملوم(54) وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" [55 الذاريات].
-" والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل" [6 الشورى].
-" أما من استغنى" (5) فأنت له تصدى(6) وما عليك ألا يزكى" [7عبس].
-" فذكر إنما أنت مذكر (21) لست عليهم بمصيطر" [22 الغاشية].
(ج) الهداية إنما هي من الله، وطبقا لمشيئته
-" ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء" [البقرة 272].
-" فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً" [88النساء].
-" ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين(99) وما كان انفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون" [99-100 يونس].
-" انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين" [56 القصص].
-" أفمن زين له سوء عمله فراءه حسنا فإن الله بضل من يشاء ويهدى من يشاء فلا تذهب نفسك عليم حسرات إن الله عليم بما تصنعون[8 فاطر].
(د) الاختلاف في العقائد بين البشر هو مما أراده الله تعالى وما يفصل فيه يوم القيامة
-" إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالح فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" [62 البقرة].
-" وقالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" [113 البقرة].
-" قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون(136) فإن آمنوا بمثل ما أمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم" [137 البقرة].
-" ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شيء قدير" [148 البقرة ].
-" قل آمنا بالله ةما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم ولا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" [48 آل عمران].
-" ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين (118) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملان جهنم من الجنة والناس أجمعين" [118- 119 هود].
-" اتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاوة إن الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون(45) ولا تجادلوا أهل الكتب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ضلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" [46 العنكبوت].
-" قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهدة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون" [46 الزمر].
-" وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى اله ذالكم الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب" [10 الشورى].
-" قل يأيها الكفرون(1) لا أعبد ما تعبدون(2) ولا أنتم عابدون ما أعبد(3) ولا أنا عابد ما عبدتم (4) ولا أنتم عابدون ما أعبد(5) لكم دينكم ولى دين" [6/الكافرون].
(هـ) لا يوجد حد دنيوي عن الردة
-" أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل" [108 البقرة].
-" ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والأخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [217 البقرة].
-" إن الذين كفروا بعد إيمنهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون" [90 آل عمران].
-" إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً"[137 النساء].
-" يأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم" [54 المائدة]
-" يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن اغناه الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا بك خيراً لهم وان يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدينا والآخرة وما لهم في الأرض من ولى ولا نصير" [74 التوبة].
-" من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم" [106 النخل].
-" إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول له وأملى لهم" [25 محمد].

عن التعصب والجهل المتبادل بين المسلمين---- محمد مهدي شمس الدين

عن التعصب والجهل المتبادل بين المسلمين
إن من أهم عوامل الصراع وسوء التفاهم بين أتباع المذاهب الإسلامية هو الجهل المتبادل وعدم الانفتاح الفكري فيما بينهم حتى على مستوى العلماء والقيادات، حيث يحتفظ كل طرف لنفسه بانطباع وموقف سلبي تجاه الطرف الآخر، دون أن يكلف نفسه عناء البحث والتأكد من صحة انطباعه وموقفه وكأنه ليس مسؤولاً أمام الله عن سوء ظنه بالآخرين وخطأ حكمه عليهم، أو غير مدرك لما ينتجه هذا الموقف الجاهلي من أخطار وتبعات على وحدة الأمة وتماسك صفوفها. يقول أحد العلماء اللبنانيين وهو يتحدث عن دور الجهل في تعميق الخلاف الطائفي بين السنة والشيعة ما يلي: (وظني أن الكثير من المسلمين لو اطلعوا على ما عليه الشيعة لم يكن منهم إلا المودة والإخاء... حدثني بعض أهل العراق فقال ما مضمونه: لما جاء الترك بجيشهم لمقابلة الإنكليز محاماة عن العراق من جهة البصرة في الحرب الكبرى وكان في جيشهم من ديار بكر والموصل من لا يعرف الشيعة فلما رأوا من علماء الشيعة ورجالها ما رأوا من التزامهم بالصلاة وغيرها من العبادات وإخلاصهم في المدافعة عن بيضة الإسلام وكيان المسلمين، وتفانيهم في المحاباة عن دينهم أخذ يقول بعضهم لبعض العراقيين:(إنا ما كنا نعرف الشيعة، فإن كان أنتم شيعة فنحن كلنا شيعة). وأعجب من ذلك ما حدثني به بعض الفضلاء عن أحد أعلام الشيعة عن رجل من علماء نابلس انه قال له: (كنا نتقرب إلى الله بدم الشيعي والآن صرنا نتقرب إلى الله بحب الشيعي)..ويبدو أن هناك إشكالا عميقا يكمن في مناهج الدراسة في الحوزات والجامعات والمعاهد الدينية، حيث تقتصر كل مؤسسة على تدريس اتجاه معين في العقائد والفقه والعلوم الدينية متجاهلة سائر الاتجاهات والمذاهب، والأخطر من ذلك هو تعبئة الطلاب في كل معهد ديني ضد ما يخالف مذهبه ومنهجه عبر أسلوب التهريج والإسقاط والدعاية السوداء، فيتخرج طلاب العلوم الدينية بفكر منغلق وعقلية ضيقة جاهلين بالرأي الآخر منحازين بتعصب ضده.
ولقد حدثنا التاريخ أن الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رأى- قبل أخذه شهادة التدريس- أن يطالع مع بعض الطلاب كتباً منها (شرح العقائد النسفية) للتفتازاني مع حواشيه، وسوغ لنفسه في أثناء ذلك أن يرجح مذهب المعتزلة في بعض المسائل الكلامية، على مذهب الأشعرية، فقامت لذلك ضجة كبرى في الأزهر ووصل الأمر إلى المرحوم الشيخ عليش الكبير، وكان رجلاً حاد المزاج، سريع الغضب، شديد الغيرة على ما يعتقد، فهاج وماج، وأرسل إلى الشيخ محمد عبده، وكلمه في ذلك كلاماً شديداً ، وتعصب للشيخ عليش في ذلك طلاب من الأزهر وعلماء، حتى كان الشيخ عبده يضطر إلي اصطحاب عصا معه وهو يقرأ الدرس خوفا على نفسه من اعتداء ذوي العصبية . ويشير العلامة الشيخ محمد جواد مغنية إلى هذه الملاحظة الهامة في مقالة نشرتها مجلة (رسالة الإسلام) المصرية عدد تشرين 1952 م بقوله. (إن الشريعة الإسلامية لم تستخرج من الوهم والخيال بل لها أصول مقررة لا يختلف عليها مسلمان مهما كان مذهبهما وانما الخلاف والجدال بين المذاهب حصل فيما يتفرع عن تلك الأصول، وما يستخرج منها. فالعلاقة بين أقوال المذاهب الإسلامية هي العلاقة بين الفرعين المنبثقين عن أصل واحد. ونحن إذا أردنا معرفة إن هذا المذهب على حق في أسلوبه واستخراج الحكم من مصدره في متون سائر المذاهب فعلينا أن نلاحظ جميع الأقوال المتضاربة حول الحكم وندرسها بطريقة حيادية بصرف النظر عن كل قائل وعن منزلته العلمية والدينية، ثم نحكم بما يؤدي إليه الأصل والمنطق على نحو لو اطلع عليه أجنبي لاقتنع بأنه نتيجة حتمية للأصل المقرر، وبهذا نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. أما من يطلع على قول مذهب من المذاهب، يؤمن به ويتعصب له، لا لشيء إلا لأنه مذهب آبائه ويحكم على سائر المذاهب بأنه بدعة وضلالة فهو مصداق للآية الكريمـــــة ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه أباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون).. وأي فرق بين رجل أفنى العمر في حفظ معتقدات أبيه ودرسها، لا يتجاوزها قيد أنملة، ورجل لم يقرأ ولم يكتب ولم يدرس شيئا ولكن تكونت له من بيته وبيئته عادات ومعتقدات؟ أي فرق بين الرجلين حتى يقال: ذاك عالم، وهذا جاهل؟ وليس العالم من وثق برأيه ومعتقدات آبائه ، وكانت له المقدرة التامة على المحاورة والمداورة، وإنما العالم من فصل الواقع عن ذاته وعاطفته، وفكر تفكيرا حرا مطلقا، لم يتعصب لرأي على رأي، بل يقف من كل قول موقف الشك والتساؤل وان كثر به القائلون وآمن به الأقدمون. إن احترام العالم يقاس باحترامه للحقيقة، فهي ضالته أينما وجدت.. ولقد أثبتت التجارب إن الاختصاص بعلم من العلوم يحتاج إلى ثقافة عامة ومعرفة نظريات ومبادئ علوم شتى، فكيف يكون الإنسان متخصصا بعلم وهو لا يعرف عنه إلا قول عالم يخالفه فيه كثير من العلماء؟ وأستطيع التأكيد إن من الأجانب من يعرف عن الإسلام وتاريخه وشريحته ورجاله وعقائدهم ما لم يعرفه كثير من متخرجي الأزهر أو النجف. وانه لغريب إن تقوم جامعتان لهما تاريخهما وعظمتهما، احداهما في العراق والثانية في مصر، يبحثان في موضوع واحد، ويهدفان إلي شيء واحد: إلى نشر الشريعة الإسلامية ثم لا يكون بينهما أي نوع من أنواع التعارف والتعاون. إن في كتب الشيعة الإمامية اجتهادات لا يعرفها الخواص من علماء السنة، ولو اطلعوا عليها لقويت ثقتهم بالشيعة وتفكيرهم، وكذا الشأن بالقياس إلى كتب السنة وعلماء الشيعة، إن اطلاع كل فريق على ما عند الآخر من أقوى البواعث على تمهيد السبيل للتقريب بين الأخوة، من حيث يريدون أو لا يريدون) . وقبل الشيخ مغنية بعدة قرون كان العلامة الشاطبي المتوفي سنة 795 هـ يقرع جرس الإنذار هذا بقوله: (إن تعويد الطلاب على أن لا يطلعوا إلا على مذهب واحد ربما يكسبه ذلك نفورا وإنكارا لكل مذهـب غير مذهبه ما دام لم يطلع على أدلته، فيورثه ذلك حزازة في الاعتقاد في فضل أئمة أجمع الناس على فضلهم).
ووصل الجهل بين المسلمين ببعضهم البعض إلى حد اعتقد فيه بعض الناصبين أن هناك فوارق تكوينية بين الشيعة وباقي المسلمين وان للشيعة ذنبا في سفل أجسامهم؟ فهل يضحك الإنسان أم يبكي لهذا الجهل المفرط والتعصب الحاقد. وهناك طريفة ينقلها الاصفهاني في كتابه (المحاضرات) إذ يقول : سئل رجل كان يشهد على آخر بالكفر عند جعفر بن سليمان، فقال: انه معتزلي ناصبي حروري جبري رافضي ، يشتم علي بن الخطاب، وعمر بن أبي قحافة، وعثمان بن أبي طالب، وأبا بكر بن عفان، ويشتم الحجاج الذي هدم الكوفة على أبي سفيان، وحارب الحسين بن معاوية، يوم القطائف!! فقال له جعفر بن سليمان: قاتلك الله. ما أدري على أي شيء أحسدك؟ أعلى علمك بالأنساب؟ أم بالأديان؟ أم بالمقالات؟
وقد لعب بعض الكتاب والمفكرين دورا مثيرا في تكريس حالة الجهل والتضليل الإعلامي لدى كل مذهب تجاه سائر المذاهب، حيث يقدم أولئك الكتاب صورة خاطئة تنطوي على الجهل والمغالطات عن هذا المذهب أو تلك الطائفة، اما لغرض في نفس الكاتب أو لاعتماده على المصادر المعادية والمناوئة للجهة التي يكتب عنها، أو لتقصيره في البحث والمراجعة. فمثلا : حينما يطلع القارئ على كتاب (كشف الظنون على أسامي الكتب والفنون) لمؤلفه الشيخ مصطفى بن عبد الله الحنفي (1017 هـ- 1067 هـ) والمعروف بالحاج خليفة فانه سيعتبره مرجعا ومصدرا في موضوعه، لما فيه من دلالة على سعة اطلاع المؤلف وتقصيه للكتب وفنون المعارف، ولكن القارئ سيصاب بالدهشة حينما يقرأ ما كتبه المؤلف عن المذهبين الامامي الشيعي والشافعي حيث مزج بينهما بشكل غريب ولننقل جزءا من نصه: قال: (والكتب المؤلفة على مذهب الإمامية الذين ينسبون إلى مذهب ابن إدريس، أعني الشافعي رحمه الله ، كثيرة، منها شرائع الإسلام، والذكرى والقواعد، والنهاية… الخ). وقال عند تفسير الشيخ الطوسي، فقيه الشيعة: (هو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي فقيه الشيعة الشافعي، كان ينتمي إلى مذهب الشافعي المتوفى سنة 460 هـ سماه مجمع البيان لعلوم القران)..
إننا نعيش الآن عصر العلم والمعرفة، وازدياد حالة الفضول لدى الإنسان للاطلاع على خبايا الكون والحياة، والتعرف على أوضاع الشعوب والقبائل النائية والبعيدة، فهل يصح لنا أن نجهل بعضنا البعض وينغلق كل منا على مذهبه ومعتقداته دون أن يوسع أفق معلوماته بدراسة سائر الآراء والمذاهب والاطلاع على مختلف التيارات والمدارس الإسلامية!.؟.
وكما ينبغي لكل قادر واع أن يسعى للمعرفة والاطلاع، فان على اتباع المذاهب إن يعملوا لتعريف مذاهبهم وتبيين وجهات نظرهم دفعا للتهم والشبهات، فالناس أعداء ما جهلوا.
إن ساحتنا الفكرية تعاني من الجمود والتقوقع والإرهاب فلا بد لنا من نهضة ثقافية فكرية نرتفع بها إلى مستوى الانفتاح العلمي والتحرر الفكري والتنافس المعرفي الهادف، حتى تتفجر الطاقات والمواهب وتتبلور الأفكار والآراء، ونستفيد من إيجابيات كل المذاهب الإسلامية لتقديم صورة مشرقة عن الإسلام العظيم للعالم، ولبناء أسس حضارة إسلامية جديدة ترتقبها كل جماهير أمتنا بشوق ورجاء.
إننا بحاجة إلى مؤسسات علمية فكرية تدرس قضايا الدين والحياة على ضوء مختلف المذاهب الإسلامية، وإلى معاهد ومؤتمرات وندوات تخصصية لمناقشة موارد الاتفاق والاختلاف بين طوائف المسلمين بروح موضوعية أخوية.
الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين (بيروت- 1994)

سعيد منتظري يتحدث من "قم" عن إيران المستقبل

سعيد منتظري يتحدث من "قم"عن إيران المستقبل !
تحدّث سعيد منتظري، إبن آية الله الراحل حسين علي
منتظري، لمجلة "دير شبيغل" حول المسؤولين عن وفاة والده قبل أيام، وعن فرص نجاح الإصلاحيين، وعن الأسباب التي تجعل أحمدي نجاد غير مؤهّل للرئاسة. وقال أن والده كان ثابتاً في اعتقاده بأن خامنئي لا يملك المؤهلات لمنصب القائد الأعلى.
شبيغل: حجة الإٍسلام منتظري، لقد اتصلنا بك على هاتفك النقال. أين أنت الآن؟ وهل تخضع للإقامة الجبرية؟
سعيد منتظري: أنا في منزلي بـ"قم". رسمياً، تحركاتي غير مقيدة. ولكن مصاريع النوافذ تهتزّ بين حين آخر. إن رعاع النظام يريدون إستفزازي في ما يبدو. إن رجال الأمن يسيطرون على مكتب والدى. أما "حسينيّته" فقد أقفلت قبل 12 عاماً واحتلها الرعاع.
شبيغل: هل أتيح لك على الأقل أن تقيم مأتماً لائقاً لوالدك الذي كان رجل دين يحظى باحترام كبير جدا وأحد رعاة حركة المعارضة؟
سعيد منتظري: أظهرت قوى الأمن ضبطاً للنفس في الساعة الـ24 الأولى بعد وفاته فقط. وفور انتهاء الجنازة، بدأت أعمال الشغب أمام منزل والدي وبدأوا يردّدون شعارات مهينة بحقّه.
شبيغل: من هم؟ هل هم جنود أو رجال شرطة؟
سعيد منتظري: كلا، القوات النظامية اكتفت بالتفرّج على ما يجري. إن ميليشيا "الباسيج"، التي كان واضحاً أن النظام قد أرسلها، هي التي أصبحت عنيفة. ولكن، وللمرة الأولى في "قم"، فقد وقعت مظاهرات مضادة كانت تهتف "ليسقط الديكتاتور"! الوضع الراهن غير قابل للإستمرار.
.
شبيغل: صادف "أسبوع" والدك إحتفالات عاشوراء. وفي طهران ومدن كبرى أخرى، تصاعد العنف وسقط 8 قتلى على الأقل....؟
سعيد منتظري: .. والحكومة هي التي تتحمّل مسؤولية تصاعد العنف.
شبيغل: ولكن ظهر أن هنالك استعداداً جديداً لدى المحتجين لاستخدام العنف. لقد أحرقوا سيارات الشرطة، وهاجموا ميليشيا "الباسيج"؟
سعيد منتظري: الناس العاديون لا يملكون مصلحة في إحراق ممتلكات الآخرين. كانوا يريدون التظاهر دفاعاً عن حقوقهم المشروعة، والدولة هي التي استفزّتهم.
شبيغل: هل كان والدك، الذي طالما دعا في فتاواه إلى معارضة غير عنيفة، سيوافق على آرائك هذه؟
سعيد منتظري: بدون أدنى شك. لقد دأب والدي على التنديد بوحشية الدولة وأكّد أن هنالك حقاً دينياً، بل وواجباً دينياً، في الوقوف ضد الحكام الذين يسيئون استخدام سلطتهم. إن التزامه بهذه القضية قد أنقص سنوات من عمره. ومع أن سبب موته كان أزمة قلبية، فإن النظام مسؤول جزئياً عن موته، وذلك ليس فقط بسبب إصطهادهم له. كان والدي مكتبئاً جداً بسبب ما قام به النظام ضد الشعب في الأشهر الأخيرة.
شبيغل: هل كان والدك، في آخر أيامه، يشعر بأن الجمهورية الإسلامية ما تزال تملك حظاً بالبقاء؟ وهل تؤمن أنت شخصياً بمستقبل حكم رجال الدين؟
سعيد منتظري: حتى النهاية، كان والدي يأمل أن أصحاب السلطة سيعودون إلى وعيهم وسيوفّروا على الشعب الأضرار الجسيمة. أنا شخصياً أعتقد أن الشكل الذي سيتّخذه مجتمعنا في المستقبل ليس مهماً جداً. إن إيران يمكن أن تكون جمهورية إسلامية، أو جمهورية علمانية، أو حتى، في ما يتعلق بي شخصياً، نظاماً ملكياً. المهم هو أن يكون باستطاعة الناس أن يعيشوا في حرية وبحبوحة، وأن تُتاح لهم حرية الحركة، وأن تكون أصواتهم مسموعة.
شبيغل: هل مثل هذا الإنفتاح ممكن في ظل القائد الأعلى آية الله علي خامنئي؟
سعيد منتظري: تصعب الإجابة على هذا السؤال. إن على المسؤولين أن يعتذروا عن الأعمال الشريرة والإجراءات القمعية التي اتخذوها بحق الشعب في الأشهر الماضية. إن اعتذارهم سيكون أحد شروط بقاء الجمهورية الإٍسلامية. كما ينبغي أن تذهب الرئاسة، بعد استقالة أحمدي نجاد، إلى المرشّح الذي أحرز أكبر عددٍ من الأًصوات: مير حسين موسوي.
موسوي وكرّوبي يتحدثان بلغة قسم من المعارضة فحسب
شبيغل: هل تعتقد أن موسوي هو الرجل المناسب لرئاسة إيران؟ أليس رئيس الحكومة الأسبق سياسياً من الماضي؟
سعيد منتظري: لم يزعم موسوي يوماً أنه زعيم الحركة. وفي ما يتعلق بمستقبل إيران، فلا بد من الدعوة لانعقاد مجلس يضمّ كلاً من موسوي ومهدي كروبي، والرئيس الإصلاحي السابق الذي يحظى باحترام كبير، محمد خاتمي. كذلك، ينبغي أن يشارك فيه الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني. إن هؤلاء جميعاً أصدقائي، وأنا أشاركهم في مواقفهم. لقد حضر موسوي وكرّوبي مأتم والدي وقاما بزيارة- غير سياسية- إلى منزلي لتقديم التعازي. أنا لا أتصوّر أن أقوم بدور إستشاري. أنا أرى نفسي كناشط دفاعاً عن حقوق الإنسان، وليس كشخص منخرط في السياسة.
شبيغل: هل يمكن الفصل بين هذين الدورين في الوضع الراهن؟
سعيد منتظري: معك حق، ذلك صعب في إيران حالياً. في هذه الأيام، فإن كل ضابط شرطة عادي، وكل تاجر في "البازار"، وكل معلّم مدرسة، بات ناشطاً سياسياً. حينما تتصاعد الأمور، فإن الذين يحتلون الصفوف الأولى يكونون عادة من الشبان، من بين الطلاب والعمال. ولكن المظاهرات السلمية الآن باتت تضم أفراداً من كل فئات المجتمع ومن جميع الأعمار- رجالاً، ونساءً، نساءً متدينات جداً ومحجّبات بالكامل، ونساء ممن يحملون أفكاراً أكثر علمانية وممن ينبذن الحجاب. إن موسوي وكرّوبي يتحدّثان بلغة قسم من المعارضة فقط...
شبيغل: ... ومع ذلك، يشعر المرء أحياناً أنهما يلهثان خلف الحركة. ألم يصبحا، في الواقع، مجرّد رمزين للمعارضين، في حين أن الأشخاص المستعدين للمواجهة هم الذين يقرّرون كيفية تطوّر الوضع؟
سعيد منتظري: لقد شدّد موسوي وكرّوبي باستمرار على أنهما لا يمثّلان كل الناس الذين يشعرون بخيبة أمل. كما أنهما لا يؤيدان العنف. لقد طلبنا، أنا وأصدقائي، من المتظاهرين باستمرار أن يحافظوا على هدوئهم، وأن يتحلّوا بالصبر. إن مشكلة مثل مشكلة مجتمعنا لا يمكن أن تجد حلاً في يوم واحد. ولكن، إذا ما ووجه الشبّان بوضع يرون فيه أصدقائهم وهم عرضة للضرب، أو الإعتقال، أو حتى للقتل في الشوارع، فإن أية مساعي لإقناعهم بممارسة الإعتدال سوف تفشل. ولأكون صادقاً معك فإنني أفهم رد فعلهم ، ولو أنني لا أوافق عليه.
شبيغل: لقد قُتِل إبن شقيق موسوي أثناء إحتجاجات عاشوراء. هل تعرف تفاصيل إضافية حول الحادثة؟
سعيد منتظري: لم يُقتَل بطريق الصدفة. لقد كان مقتله عملية إغتيال لا شك فيها. وقد سمعنا من عدة مصادر أن السلطات خطّطت لاغتياله قبل مدة طويلة، وأنها هي التي نفّذتها. ويمكن أن يكون هذا الإغتيال بمثابة تحذير لموسوي نفسه. أنا لا أملك مواهب لمعرفة الغيب، ولذلك فأنا لا أعرف إذا كان موسوي سيُقتَل في يومٍ ما، أو ما إذا كان النظام سيعتقله. إن نتائج قتله أو اعتقاله ستكون وخيمة جداً.
شبيغل: ماذا يمكن أن تكون النتائج؟
سعيد منتظري: لقد ثبت مرة بعد الأخرى أن الآلام والضحايا جزء من المسارات التاريخية، حيث يتم إعتقال وتعذيب وإعدام أعداد من الناس. وكثيرون يفقدون عائلاتهم كلها. ولا يمكن تقييم الحصيلة سوى بعد وصول هذه المسارات التاريخية إلى مآلها. إن زعيم الثورة آية الله الخميني قال يوماً: "إن آباءنا ليسوا أوصياء علينا، فمن أعطاهم الحق في أن يقرّروا عنّا شكل الحكومة التي نخضع لها نحن؟"
شبيغل: هل تتوقّع أن تشهد تطرّفاً ثورياً، مع حمّامات دماء؟
سعيد منتظري: آمل ألا تحدث الأمور على ذلك النحو. فما زلت آمل في أن يعي المسؤولون واقع الحال، وأن يقبلوا بالمساومات وأن يختاروا طريق المصالحة الوطنية. أما إذا لم يفعلوا، فإن إيران ستكون بعد عام واحد في وضع أسوأ مما هي عليه الآن.
شبيغل: بعد عامٍ من الآن سيظل أحمدي نجاد رئيساً، وسيظل خامنئي القائد الديني الأعلى؟
سعيد منتظري: أحمد نجاد ليس مؤهلاً لمنصب الرئاسة.
شبيغل: إذا، ما هو المنصب الذي يمكن أن يكون أحمدي نجاد مؤهلاً له؟
سعيد منتظري: ربما يكون مؤهلاً لمنصب محافظ مدينة صغيرة. أما بالنسبة لخامنئي، فأنا لا أرغب في التعليق. أما والدي فقد ظل ثابتاً على قناعته بأن خامنئي لا يملك المؤهلات لمنصبه الحالي.
شبيغل: بالإدلاء بمثل هذه التصريحات، فإنك تعرّض نفسك للإعتقال. ألا تخشى على نفسك وعلى سلامة أسرتك؟
سعيد منتظري: لقد دخلت السجن عدة مرات. وقبل مدة قريبة، أمضيت 325 يوماً في الحجز الإنفرادي. لست خائفاً. يمكنهم أن يعتقلونني إذا أرادوا. أنا مستعد".

هذا الجيش ليس جيشي وهذا العارُ ليس عاري

هذا الجيش ليس جيشي وهذا العارُ ليس عاري

محمد كناعنة – أبو أسعد
أمين عام حركة أبناء البلد في فلسطين المحتلة 1948



إلى رافضي الخدمة الاجبارية في جيش الاحتلال الصهيوني، هؤلاء الشبان من أبناء الطائفة العربية الدرزية الذين لم يُذعنوا لقانون ما يُسمى "بالخدمة العسكرية" ورفضوا مزاعم "حلف الدم"، هذا القانون لم يكن برضى من الطائفة العربية الدرزية، لا بل كان هناك معارضة كبيرة جدًا لهذا القانون في حينه حيث وقّع على وثيقة رفضه عام 1953 حوالي ألف وخمسمائة رجل دين وسياسة وأكاديميين من أبناء الطائفة الدرزية، ووقع عليه فقط خمسة عشر شخصية درزية، في مؤامرة على إرادة هذه الطائفة العربية الأصيلة، وأصبح القانون إجباريًا جائرًا. وخلال سنوات هذا الجيش الاحتلالي وهذه المؤسسة العنصرية الفاشية لم تتوقف سياسة "فرّق تسد" بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني في الداخل، ورغم كل هذه السياسة الجائرة إلاّ أنَّ صرخة المقاومة ضد سلخ هذا الجزء الحي عن شعبه تنامت وتصاعدت وما زالت، وصوت الشباب العربي الدرزي وكل القوى الوطنية ما زالت ترفع صوتها وتصرخ: "هذا الجيش ليس جيشي، هذا الثوب ليس ثوبي، هذا العار ليس عاري".
مئات الشبان العرب الدروز يرفضون الخدمة في جيش الاحتلال ويدفعون هم وعائلاتهم ثمن هذا الموقف القومي والأخلاقي، سنوات من السجن والمطاردة والملاحقة ولكنَّهم بهذا إنَّما يساهمون في اعادة ما سُلب من هذه الطائفة عُنوةً من انتماء وتاريخ وثقافة الصمود والمقاومة. هذه الفئة من الشبان تستحق منّا ليس التقدير والاحترام فقط، بل كل الحب والدعم والمساندة وصولاً إلى مرحلة يكون فيها رفض تام للخدمة والوقوف معًا جنبًا إلى جنب لمحاربة كل ظواهر الخدمة الطوعية والمدنية.
وهذا يتطلب من كل الهيئات الفاعلة في الموضوع العمل على رفع هذا الصوت، صوت رفض الخدمة الاجبارية وإلغاء القانون الارهابي الذي يحرق زهرة الشبان العرب الدروز في محرقة الاحتلال البغيض، والعمل على رفض الخدمة الطوعية في هذا الجيش، فهذا النوع هو الأخطر كونهُ يأتي من دوافع ذاتية خدمة لكذبة المصلحة الشخصية وهي في الحقيقة خدمة لجيش الاحتلال.
خلال سني الاحتلال الطويلة مورست سياسة التفرقة عبر غسيل الدماغ في المناهج التدريسية وفي نمط الحياة واعلان عن مناسبات لا تمت بصلة للعرب الدروز مثل "يوم الجندي الدرزي" ويوم "المحارب البدوي"، وإلغاء مناسبات وطنية قومية دينية، مثل عيد الفطر السعيد الذي سُلب من الطائفة العربية الدرزية الإسلامية، وعليه بات التعامل معنا كطوائف ومُلل أمرًا "طبيعيًا" وغَدت الخدمة العسكرية مفخرة لدى البعض والتطوع في الجيش وجهة نظر وما يُسمى بالخدمة المدنية – حَدّث ولا حرج- حُرية شخصية.

هذه الحالة المزعجة والمقلقة تتطلب توحيد الجهود ليس في مواجهة الظاهرة فحسب، أو محاربة للخدمة الاجبارية والطوعية فقط، وإنّما في تعزيز العمل على قاعدة أنّنا شعب واحد ولسنا طوائف، وترسيخ الوعي الوطني والقومي ونشره وبثه في صفوف المجتمع وخاصة الشباب يأتي في سياق اعادة تشكيل النسيج الاجتماعي الوطني والقومي المفقود.

هذا المشروع ليس جديدًا، وكما ذكرنا سابقًا فإنّهُ قائم منذ بداية وجود هذا الجيش، ولكن الجديد في الأمر إلى حدٍ ما أنّهُ يأخُذ منحى الرفض والمقاومة، رفض التجنيد الاجباري والتجنّد الطوعي، والمقاومة لكل محاولات الطمس والسلخ والتجزئة والشرذمة القادمة من باب "المواطنة والمساواة" مقابل الولوج في عالم المؤسسة الصهيونية وخاصة الأمنية على مختلف مسمياتها. وهنا صعوبة وخطورة هذا المشروع فهو بطبيعة الحال سوف يواجه من قبل أجهزة المؤسسة الصهيونية وأعوانها، فهذا المشروع من أهم المشاريع التي تحمل وزرها اليوم لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد كونه يحمل في طياته بذور العودة إلى ما قبل الانهيار الكبير "النكبة"، إلى التصرف على قاعدة أننا شعب واحد جزء من أمة واحدة.

بين القاعدة وأوباما

عصام دربالة يكتب عن محاولة تفجير طائرة ديترويت..

(عصام دربالة هو المنظّر الأول والفقيه الأبرز لتنظيم الجماعة الاسلامية الجهادي المصري الذي خطط ونفذ اغتيال الرئيس السادات عام 1981... ومنذ 1997 وقيادات وكوادر الجماعة يجرون مراجعات فكرية وفقهية لكل موضوع العنف المسلح والحركات الجهادية التكفيرية في العالم العربي... وهذه آخر مقالات الشيخ عصام حفظه الله= د.سعود)

لا ينبغي أن تمر محاولة الشاب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب لتفجير الطائرة المتجهة إلى ديترويت بأميركا مرور الكرام دون تعقيب أو تحليل خاصة وأن تنظيم القاعدة أعلن مسئوليته عن تلك المحاولة مبرراً ذلك بأنها رداً على التدخل الأميركي في أحداث اليمن.
وتخيل نفسك أنت وأطفالك وزوجتك بين ركاب هذه الطائرة وتخيل أنك صرت أشلاءً أنت وأطفالك وزوجتك وبعض النسوة والمسنين حولك.. فإن تخيلت ذلك فلابد أن تتفق معي على أن هذه المحاولة الفاشلة تشير إلى وجود خلل كبير يحتاج إلى علاج في أكثر من قضية:
الخلل في الرأي الشرعي الذي يستند إليه أصحاب هذه المحاولة.
الخلل في الإستراتيجية التي يتبناها تنظيم القاعدة.
إستراتيجية أوباما الكلامية تجاه العالم الإسلامي.
وكل هذه الأمور تحتاج إلى توضيح وتبيين نوجزها فيما يلي.
أولاً: خطأ الرأي القائل بجواز تفجير الطائرات المدنية:
وقبل أن نبين أوجه خطأ القول بجواز تفجير الطائرات المدنية نشير إلى عدة أمور تسهم في توصيف هذه العمليات بشكل يساعد على تحديد الحكم الشرعي المناسب لها:
نحن بصدد تقييم خطف وتفجير الطائرات المدنية من الناحية الشرعية وهو ما يختلف عن تقييم ذلك بالنسبة للطائرات العسكرية في حالة قيام حرب مع الدولة التابعة لها هذه الطائرات والتي يكون كل ركابها من العسكريين.
فمثل هذه الطائرات العسكرية لاشك في جواز خطفها وتدميرها في ظل وجود حالة الحرب، حتى لو تم تفجيرها في أماكن قد يصاب فيها مدنيون، فالخطأ هنا ليس في خطفها أو تفجيرها إنما في قصد تفجيرها في أحد الأهداف المدنية التي يبيح الشرع قصدها بذلك.
إن ركاب الطائرة المدنية المخطوفة يتوزعون على جنسيات مختلفة وينتمون إلى أديان متباينة ويضمون بين صفوفهم الأطفال والنساء والرجال والشيوخ بالإضافة إلى طاقم الطائرة.
إن ركاب الطائرة في الغالب الأعم لا تكون لهم أي علاقة بالقضية التي يدافع عنها الخاطفون أو المطالب التي يريدون تحقيقها.
إن تفجير الطائرة ينطوي على قتل الخاطفين لأنفسهم.
ويمكن القول بعد هذا التوصيف أن الإقدام على اختطاف وتفجير الطائرات المدنية لا يجوز شرعاً للآتي:
لأن هذا الخطف والتفجير ينطوي على ترويع وقتل من لا يجوز ترويعه أو قتله؛ وذلك لوجود ركاب من المسلمين بالطائرة أو وجود أطفال أو نساء أو شيوخ من غير المسلمين، لا يجوز قتلهم حتى في حالة الحرب بالإضافة إلى احتمال قتل من لا يصح قتله إذا ما ارتطمت الطائرة بهدف مدني لا يعرف الخاطف من فيه.
إن خطف وتفجير الطائرة ينطوي على غدر بالشركة المالكة للطائرة وبالركاب، وبيان ذلك كالآتي:
فالشركة أعطت الخاطف تذكرة لاستخدام طائرتها بشرط عدم تعريض سلامتها وسلامة ركابها للخطر، وعندما يقوم الخاطف بخطف وتفجير الطائرة يكون قد أخل بتعهده ذلك.
أما الركاب فكل منهم يعتقد أن الآخرين لا يريدون إصابته بسوء ولا يضمرون شراً له، وذلك جرياً على العرف والعادة المستقرة بين المتعاملين مع شركات الطيران، وهو ما يمثل أماناً أو شبهة أمان تمنع من إلحاق الأذى بهم.
ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية أمرت بالوفاء بالعهود فقد قال الله تعالى : "وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً"
وقال النبي: "لكل غادر لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان" أ. هـ
إن خطف الطائرة والمساومة بركابها لتحقيق بعض المطالب، وتعريضهم للترويع، وربما للقتل للضغط على حكومات بلدانهم أو المحتلين لها لا يجوز شرعاً، لأنه بمثابة معاقبة البرئ "وهم الركاب" من أجل إرغام المحتل أو الجاني على الاستجابة لمطالب الخاطف.. ولأن هؤلاء الركاب في الغالب ليس لهم علاقة بقضية الخاطفين، وربما يكونون من المتعاطفين معهم، لكن لا يدرك الخاطفون ذلك.
وكل هذا ينافي العدل، وهذا الصنيع منهي عنه لقوله تعالي: "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا" فلا يصح الاعتداء على هؤلاء الأبرياء من أجل بغضنا للمستعمرين ورغبتنا في إجبارهم على الاستجابة لمطالبنا منهم.
إن تفجير الطائرة بفعل الخاطفين يؤدي إلى تدمير ممتلكات لا يجوز إتلافها شرعاً، فالطائرة وأمتعة الركاب والخسائر المادية التي تنجم عن ارتطام الطائرة بهدف أرضي.. كل هذه الأشياء لا يجوز إتلافها في الغالب.
إن قيام الخاطفين بتفجير الطائرة المدنية سيؤدي إلى قتلهم بفعلهم هذا، وهو ما قد يعده بعض العلماء المعاصرين من قبيل الانتحار المنهي عنه شرعاً.
ولا شك في أن استهداف طائرة ديترويت بالتفجير سينطوي على تلك المخالفات الشرعية التي تجعلها محاولة خاطئة، ويكفي أن نعلم أن الذي يقوم بالتفجير سيقتل من لا يعرف مدي استحقاقه للقتل من عدمه، ولا يدري هل هناك معصوم الدم موجود بين ركابها أم غير موجود.
وكل هذا يبين أوجه الخطأ التي تكتنف مثل هذه العمليات.
ثانياً: الخلل في إستراتيجية تنظيم القاعدة:-
تعكس هذه المحاولة الخاطئة لتفجير طائرة ديترويت قضية هامة تتعلق بإستراتيجية تنظيم القاعدة لتحقيق أهدافه سواء على مستوي العالم أو على مستوي بعض الدول مثل: العراق – اليمن – أفغانستان – السعودية – الولايات المتحدة الأمريكية.
فالناظر في إستراتيجية تنظيم القاعدة تجاه هذه الدول يجد أنها تتسم بقدر كبير من الغموض وعدم التحديد، ولعل هذا يظهر من جملة الأسئلة الآتية:
هل تهدف إستراتيجية القاعدة تجاه العراق إلى طرد الولايات المتحدة الأمريكية منه فحسب.. أم أنها تسعي لإقامة دولة إسلامية في العراق؟!!
وإذا كان الأمر كذلك فعلى أي جزء من الأراضي العراقية سيتم ذلك: الجنوب الشيعي أم الوسط السني أم الشمال الكردي ؟
وهل سيتم ذلك بأيدي المنتمين لتنظيم القاعدة أم بأيدي العراقيين ؟
وما هي فرص نجاح ذلك ؟
هل يستهدف تنظيم القاعدة في اليمن دعم الحوثيين في صراعهم ضد حكومة الفريق على عبد الله صالح أم يستهدف دعم انفصال الجنوب عن الشمال؟
وهل سيتم ذلك بأيدي يمنية أم بأيدي أبناء التنظيم.. وما فرص نجاح أي من ذلك؟
هل يستهدف تنظيم القاعدة في أفغانستان طرد قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا منها ودعم سيطرة طالبان عليها.. أم يستهدف ملاحقة أميركا في باكستان؟
وإن كان الهدف دعم سيطرة طالبان فهل إستراتيجية التنظيم ستتجه لدعم بقائها كدولة ناشئة تبني نفسها.. أم أنه سيواصل إقحامها في معركته اللانهائية ضد الولايات المتحدة الأمريكية؟
وهل تقبل القاعدة الوصول لهدف طرد المحتل من أفغانستان عبر التفاوض السلمي؟
هل يستهدف تنظيم القاعدة في السعودية إسقاط الحكم الملكي فيها والحلول محله.. أم يسعي لملاحقة الأمريكيين بها فحسب؟!!
أم أن المعركة في السعودية تحولت إلي مواجهة السعوديين بدلاً من الأمريكان؟!!
هل يستهدف تنظيم القاعدة في إستراتيجيته الموجهة لأميركا أن ينهي التفوق الأميركي كقوة عظمي على مستوي العالم؟!!
وإن كان الأمر كذلك فهل سيصير تنظيم القاعدة القوي العظمي الأولي!!؟
وإن كان هذا غير ممكن فهل ستصعد دولة أخرى غير إسلامية لتحل محل أميركا؟!!
وهل كتب على الحركات الإسلامية الجهادية أن تسهم في إسقاط القوي العظمي القائمة لحساب قوي عظمي أخري لا تنتمي إلى عالمنا الإسلامي؟!!
هذه بعض الأسئلة التي توضح ضرورة قيام تنظيم القاعدة بإعادة النظر في إستراتجيته الحالية التي جعلته في صراع قائم مع أغلب حكومات دول العالم الإسلامي ودفعتها إلى انتهاج بعض الأساليب القتالية غير الجائزة شرعاً.
إذا كنا تعرضنا - نحن وغيرنا - كثيراً لبيان أوجه الخلل الذي يكتنف إستراتجية تنظيم القاعدة.. فإننا نري أنه يجب علينا وعلى غيرنا أن نتوجه إليهم بعرض استراتيجيات بديلة صحيحة لربما تسهم في إعادة نظر قادة تنظيم القاعدة في تلك الإستراتيجية القائمة حالياً.
ثالثاً: إستراتيجية أوباما الكلامية تجاه العالم الإسلامي:
لا نستبعد أن محاولة تفجير طائرة ديترويت قد جاءت كرد فعل على الدور الأميركي في أحداث اليمن الأخيرة.. ولكن أيضاً هناك ملاحظة هامة يجب أن يلتفت إليها وهي تتعلق بتاريخ هذه المحاولة.
فالناظر إلى هذا التاريخ يدرك أنه يأتي قبل مرور عام تقريباً على تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وهذا قد يعني أن الآمال التي أنعشها خطاب أوباما الإيجابي تجاه العالم الإسلامي قد بدأت في التبخر.. وبدأ شعور عام ينمو بأن إستراتيجية أوباما تجاه العالم الإسلامي هي إستراتيجية كلامية أكثر منها فعلية.. وأن الظلم الأميركي المتعلق بقضايا العالم الإسلامي سوف يستمر.. ولكن من خلال ارتداء قفاز حريري وهذا ما سيؤدي إلى ردود أفعالٍ غاضبة تجاه كل ما هو أميركي.
وإن كنا لا نجيز أي رد فعل غاضب ينطوي على ظلم أي أحد سواء كان أمريكياً أو غير أمريكي فإننا نري أن هناك معضلة حقيقية أمام براك أوباما يجب أن يتصدي لها بالحل الصحيح.
وإذا كنا نحكم على محاولة تفجير طائرة ديترويت بالخطأ.. فإننا أيضاً نؤكد على أن السياسات الأمريكية الظالمة تجاه قضايا العالم الإسلامي في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها تعد سبباً رئيسا ً محركاً لهذه المحاولات.
ونؤكد أيضاً أن مثل هذه السياسات الظالمة الخاطئة لا تجيز دفع الظلم بظلم.. أو الخطأ بخطأ مثله.

ثقافات من دون امتياز

نحوَ سياسة جديدة للتنوع الثقافي في العراق

د. حيـدر سعيـد


ربما لم يُتَح لنا بعد أن ندرس كيف تعاملت الدولةُ العراقية الحديثة مع فكرة (التنوع الثقافي)، وما السياسات التي تبنّتها بإزاء تعدد الثقافات في العراق. غير أننا يمكن أن نستنتج، من سيرورة الدولة، النموذجَ العام الذي حكم طريقةَ تعاملها مع هذه المسألة.
لقد اختارت الكولونياليةُ البريطانية أن يُبنى العراق على نموذج (الدولة ـ الأمة). ولكن هذا النموذج من الأنظمة السياسية كان نموذجا إشكاليا في حالة كحالة العراق، إذ لم تكن ثمة أمة تتأسس عليها الدولةُ. أعني أنه لم تكن (في اللحظة التي بُنيت فيها الدولة العراقية الحديثة في الربع الأول من القرن العشرين) ثمة أمة موحّدة، أنتجت إرادةَ عيش مشترك، وذات هوية واحدة، وثقافة واحدة، ومصير واحد، وتكون الدولة تعبيرا عن هذه الأمة. يقول الملك فيصل الأول، مؤسس الدولة: "لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خالية من أية فكرة وطنية، متشبّعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة". ولذلك، كان المشروعُ الأول أمام الدولة العراقية الناشئة هو بناء (أمة عراقية)، وهو المشروع الذي أطلقه الملك فيصل، والذي يتمثل بـ "أن نشكِّل من هذه الكتل شعبا"، بحسب ما يقول، ومن ثم "إزالة الفوارق وتكوين وطنية صادقة تحل محل التعصب المذهبي والديني".
لقد كان هذا المشروعُ شكلا من أشكال المطابقة اللاتأريخية بين (الأمة) و(الدولة)، ولذلك، لم يسر بطرق سلسة، بل لقد أصابته تعثرات عميقة، كشف عنها انفجارُ الخطاب والسياسات القائمة على الهويات الإثنية والدينية والطائفية مع سقوط آخر نسخة من (الدولة ـ الأمة) في 9/ 4/ 2003.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الفشل في مشروع بناء أمة عراقية، ظلت فكرةُ (الهوية الوطنية الواحدة) هاجسا مسيطِرا على الدولة العراقية، بأنظمتها كافة، وظل مشروعُها المستمر بناءَ دولة ذات هوية واحدة، أو بأمة واحدة، سواء حقّقت (أو أرادت أن تحقّق) ذلك بالصهر الثقافي السلس، أو بالدمج القسري العنيف.
لقد بُنيت هويةُ البلاد وأمتها بوصفهما هوية وأمة عربية مسلمة. وحين كانت الدولةُ تسمح بالحديث عن هوية ثقافية أخرى، كان يُنظَر إلى هذه الهوية بأنها هامش، أو تابع، أو ملحق ثانوي.
لقد كان واحدا من المشاهد المألوفة في الأدبيات الثقافية للدولة العراقية استعراضُ الثقافات المكوِّنة للبلاد، ولا سيما ثقافات الأقليات، فكانت الصورُ والمشاهد التي تقدِّم العراق تتقصّد أن تظهر صورا من التعبيرات الثقافية للأقليات، من أزياء، وطقوس دينية، وفنون، وفلكلور، وثقافة شعبية، وعادات، وتقاليد، وما إلى ذلك. ولم يكن هذا يعبِّر عن شعور من الدولة بالتعددية الثقافية، بقدر ما كان تكريسا للثقافة الأحادية.
لقد كانت الدولةُ تستعمل نزعة أنثروبولوجية، تعمد من خلالها إلى الإشارة إلى الاستثناء من حيث هو استثناء، وهو ما أدّى ـ فعليا ـ إلى تعميق الشعور بالهامشية لدى أبناء الثقافات الأخرى. وعلى نحو عام، تتجه أيةُ نزعة أنثروبولوجية إلى (التنويع اللامعياري) في الثقافة بوصفه موضوعا وهدفا، وهو التقليد الذي رسّخه تعريف الأنثروبولوجيا لـ (الثقافة) ونمط المقاربة التي اعتمدتها منذ أواسط القرن التاسع عشر. ومن ثم، كانت هذه الصورُ والمشاهد تشير إلى (تنويع لامعياري)، في حين أن المعيار هو الثقافة الأحادية السائدة.
غير أن التغيير السياسي الذي حدث سنة 2003 قلب المنظورَ بالكامل، وأسّس نموذجا جديدا. لقد وعى العراق، في هذه اللحظة، تعدديتَه، وحاول أن يبني نظاما سياسيا يعبِّر عن هذه التعددية وينطلق منها، نظاما يعبِّر عن تعدد ثقافات وهويات، لا عن هوية واحدة وأمة واحدة. وهكذا، تمّ الانتقال، بشكل منهجي، من (الدولة ـ الأمة) إلى دولة التعددية الثقافية، من دولة تجاوزِ الهويات الثقافية إلى دولة الاعتراف بها، من دولة تقوم وطنيتُها على صهر المكوِّنات الثقافية وتذويبها إلى دولة تمثَِّل وطنيتُها تجميعا لهذه المكوِّنات.
لقد سار العراق، منذ تلك اللحظة، في طريق شاق لاختيار نظام من التقنيات السياسية مقتبس من الأنظمة التي توصَف في الأدبيات الأساسية بأنها (الأنظمة الملائمة للمجتمعات التعددية) أو (أنظمة التعددية الثقافية)، وهو ناتج طبيعي لوعي التنوع الثقافي والاعتراف به. جاء في (الإعلان العالمي عن التنوع الثقافي)، الذي أصدرته منظمةُ اليونسكو سنة 2001: "إن التعددية الثقافية هي الرد السياسي على واقع التنوع الثقافي".
ومع ذلك، يبدو أن المدى الذي تأسّست فيه هذه الحريةُ الثقافية هو الفراغ الذي تركه غيابُ (الدولة ـ الأمة)، وليس نظاما ممؤسسا. ولذلك، ظلت مسألة التنوع الثقافي تصعد وتهبط مع صعود وهبوط الحديث عن إعادة بناء دولة مركزية قوية.
لقد وضعت الطريقةُ التي سارت بها الأوضاع في البلاد منذ سنة 2003 (العنف القاسي الذي مارسته تنظيمات أصولية أجنبية ومحلية ضد المدنيين وأوقع عشرات الآلاف من الضحايا، وضعف الدولة الذي سمح بصعود ونفوذ قوى ما قبل الدولة، والنزاع الأهلي العنيف الذي عاشته البلاد سنتي 2006 و2007) العراقيين أمام تصوّر أن الحل هو بناء دولة مركزية قوية. وقد فُهِم هذا النمطُ من الدولة بأنه استعادة للنموذج الكلاسيكي لـ (الدولة ـ الأمة)، ومن ثم، استعادة للشكل الأحادي لهوية البلاد وثقافتها، وهو ما يعيد تعريف وفهم التنوع الثقافي بوصفه هامشا على المتن الثقافي المركزي للبلاد.
ولذلك، يبدو أن سياسة التنوع الثقافي في العراق مرتبطة برهانين أساسيين متداخلين:
1 ـ الفصل بين طبيعة الدولة، مركزية أو لامركزية، وبين التعددية الثقافية، أو ـ على نحو أشمل ـ الفصل بين مسألة التنوع الثقافي ومدى التمثيل السياسي أو حجمه.
إن مؤسسات السلطة الرئيسة، لا الدولة، هي ـ بلا شك ـ المجال السياسي الذي يضمن تمثيلا متكافئا وشراكة بين الجماعات المكوِّنة للبلاد وعدم احتكار جماعة ما للسلطة، ويضمن ـ أيضا ـ قرارَ الجماعة في شؤونها وعدمَ الانتقاص من حقوقها. إن هذا يعني أنه، في الوقت نفسه، ينبغي لـ (الدولة) أن تبقى بعيدة عن فكرة (التمثيل). غير أن تجربة العراق ما بعد 2003 جعلت (الدولة)، إلى جانب مؤسسات السلطة والتشريع وصناعة القرار، مجالا للتمثيل الإثني والديني والطائفي، وهو ما جعل النظامَ التعددي في العراق يعبر من مبدأ (الشراكة في السلطة power sharing) إلى (تقاسم الدولة state sharing)، ومن ثم، إضعافها.
وعلى العكس من ذلك، ينبغي للدولة أن تبقى جهازَ خدمة عامة. وفي إطار التنوع الثقافي، ينبغي لها أن توفِّر حماية متساوية للتعبيرات الثقافية المختلفة في البلاد، من فنون، وطقوس دينية، وثقافة شعبية، ولغات، ولهجات، وما إلى ذلك، فهذه التعبيرات هي المجال الفعلي المعبِّر عن التعددية الثقافية، التي تبقى فكرة مجرّدة من دون هذه التعبيرات الملموسة.
2 ـ لقد باتت الحقوقُ الثقافية أشبهَ بتحصيل الحاصل، فقد تضمّنت القوانينُ الناظِمة في العراق حقوقا ثقافية كاملة لسائر الجماعات المكوِّنة للبلاد، ولا سيما الحقوق الدينية واللغوية.
غير أنني أتصوّر أن الأهم من (الحق) هو (ممارسة الحق)، أو (حرية الاختيار في ممارسة الحق)، فـ (الحق)، في النهاية، تجريد. ولذلك، لا تتوقف مسألةُ الحقوق على البنية الدستورية والقانونية الناظمة، بل على السياق السياسي والاجتماعي الذي تتنفس فيه هذه الحقوق ومدى سماحه، بما يتضمنه من توازنات قوى، لهذه الحقوق بأن تصبح واقعا.
ولذلك، يكون الرهانُ الأساسي في حقل الحقوق الثقافية هو بناء مؤسسات تصون الاعتراف بالتنوع الثقافي بوصفه صورة لتعدد متكافئ، لا تنويعا لامعياريا وهامشا ملحقا.

السبت، 2 يناير 2010

آخر كلمات منتظري

فيما يلي ترجمة حرفية للمقابلة مع (سعيد) ابن فقيد الانسانية (آية الله حسين علي منتظري) , واهميتها انه يؤرخ للحظات الأخيرة في حياة والده : فمن آمن وعاش حتى اللحظة الآخيرة مشغولا ومنشغلا بالهم الانساني "فإنه وإن مات فسيحيا" وله ممن لامس حياتهم "سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا" :
http://www.youtube.com/watch?v=OSv0...
((Anchorman: Mr. Montazeri, do you expect any obstacles for tomorrow’s ceremonies?
Montazeri: We hope not, but because of our past experiences with these gentlemen [the regime] we expect obstacles, since they also had interfered in [other] ceremonies. But maybe these gentlemen have come to their minds by now and will show enough respect to let us carry out [the ceremonies]. Hopefully they won’t make our lives harder.
Anchorman: What were your father’s last words?
Montazeri: I was in Tehran and returned to my father’s house at midnight. He asked if my “mission” was successful [apprently Saeed Montazeri had tried to meet families of political detainees and help them]. But I replied that unfortunately I couldn’t help. My father was one of the few Marjaas who really cared for these families and generally for the people and gave his heart and soul for them. Now my father passed away and is free from any sorrow.
Anchorman: What were your father’s hopes? What was the view on the Green Movement and Iranian youth?
Montazeri [summarised]: His opinion was that people should stick together and solve their problems together.
Anchorman: Was your father under house arrest? And if so, how did the regime treat him? Did the regime’s officials respect him and treat him well, compared to the first few years of his house arrest, or did they continue putting pressure on him?
Montazeri: It was a bit easier recently, but from what I know the gentlemen have ordered the press not to mention his death in the news. Only God knows if they will let us wash his dead body[?]. But as I said, I’m still hopeful that they came to their minds and that everything goes well the next few days, so that the society doesn’t suffer anymore.
Anchorman: What was the reason for his death? What did the doctors say?
Montazeri: They said he had a heart attack while he was asleep. But I think one of the main reasons was his grief for the post-election events which troubled my father a lot.
Anchorman: Was there an extraordinary disciple [scholar] whom your father had chosen to replace him ?
Montazeri: No. Not officially. The people will chose whom they want to follow.
Anchorman: How was the relationship to [Mehdi] Karroubi, [Mir Hossein] Mousavi, and other leaders of the Green movement?
Montazeri: There was not a direct relationship but exchange of letters. But they also had common friends so they were in contact through messages they sent to each other. All in all, I can say that my father supported the leaders of the Green movement and prayed for them to succeed.
Anchorman: Mr. Montazeri, you father has often talked about the person of [Supreme Leader Ali] Khamenei and it’s not a secret that he was very critical to him. Do you know about any speech were he was also critical of the system of velayat-e-faqih [ultimate clerical authority]?
Montazeri: He always had the same view about the system of velayat-e-faqih. Nothing has changed. A vali-e-faqih must be chosen by people’s vote. He wanted the people to decide who is vali-e-faqih and who is not. The term of his rule must also be limited and if he doesn’t behave in a proper way, he must be removed from office.
So you see that my father’s view of the system of velayat-e-faqih is different from these gentlemen’s [the regime’s] conception. My father strongly opposed the life-long rule of one leader. My father always believed that you might have a republic where everyone lives under massive hardship and oppression, and you might have a monarchy where everyone lives under good conditions and in harmony. The names “republic”, “system of velayat-e-faqih” or “monarchy” are only names and have nothing to do with the real circumstances of peoples’ lives. People must chose what’s good for them. The name of the system is not important as long people decide.
Anchorman: It is said that Ayatollah Montazeri strongly opposed the execution of leftists and MKO members during Imam Khomeini’s rule. But it is also said that he cried a lot because of the destiny of these executed men. Did you witness his grief about the post-election events, when people were tortured at Kahrizak [Prison] and when people like Neda Agha Soltan died in the streets? What were your father’s reactions?
Montazeri: Yes, my father suffered a lot. He was speechless and couldnT understand why certain people who sacrificed their hearts and souls for the revolution are now jailed. We joked with him and said that at least we are not jailed and wondered why he suffered that much for other peoples tragic destinies.
Anchorman: Did your father see Neda Agha Soltan’s tragic death?
Montazeri: Yes, he was very up to date. He was one of the few Marjas who knew the daily news since we showed him satellite broadcasts and also the news in the Worldwide Web. He was very up-to-date and interested in the recent developments.
Anchorman: Mr. Montazeri, thank you for your time and again i want to offer you and your family my deepest condolences.
Montazeri: Thank you and God bless you.))

هكذا عرفته... واحببته: منتظري الرجل الذي كلما ازداد علما، ازداد قربا إلى التراب

تحية للصديق عماد الدين باقي الذي اعتقل مجددا بالامس
حسن فحص
الثلثاء 29 كانون الأول (ديسمبر) 2009

كثيرا ما حدث ان اتفقت مع الصديق عماد الدين باقي، وبعض الاحيان مع "سعيد"، نجل آية الله الشيخ حسين علي منتظري، على السفر الى مدينة "قم" لزيارة الشيخ والجلوس اليه. وكثيرا ما كان يقول عماد بان الاوضاع لا تسمح بهذا الامر، خصوصا وان النظام يبدي الكثير من الحساسية تجاه من يقومون بزيارته خاصة من غير الايرانيين. وكثيرا ما تذرع عماد بهذه الحساسية مضيفا بان الاجهزة الامنية لم تتحمل حتى قربه وتبنيه لمواقف الشيخ ما سبب في ملاحقته ودخوله السجن لاكثر من مرة وبأحكام وصلت إلى اكثر من سنتين. هذه المحاذير التي ابداها كل من عماد وسعيد ما كانت لتفتّ من عضدي وعزمي على زيارته.
خلال هذه الفترة كنت على تواصل مع "سعيد" عبر الهاتف، خصوصا بعد ان كلفني الشيخ مشكورا بترجمة كتابه "ديدگاه ها" او ("وجهات نظر" – حسب ما تم التوافق معه على تسميته بالعربية).بهدف الاستفادة منها على الموقع الرسمي للشيخ حتى يطلع عليها المقلدون والمتابعون لمواقفه الدينية والفكرية والسياسية.
قمت بترجمة جزء من الكاتب، وبقي علي الوفاء بالوعد لإتمام ما تبقى. لم اكمل المهمة بالتمام، اذ وقبل ان يتسنى لي ايصالها لخدمته جاء قرار اخراجي من إيران، ما قطع الطريق على استكمال ما وعدت به. واعتقد ان هذه الترجمة قد التحقت بالخسائر الكثيرة التي مُنيت بها جراء قرار الجمهورية الاسلامية الذي لم يمنحني سوى 48 ساعة لمغادرة إيران.
بعد اطلاق سراح عماد الدين من السجن في المرة الاخيرة في العام 2007، أي بعد مضي ثلاث سنوات عن تاريخ فك الحصار عن الشيخ منتظري وخروجه من الاقامة الجبرية في منزله، وعصر يوم ربيعي، اتصل بي عماد واخبرني نيته السفر إلى "قم" سائلا عن رغبتي في مرافقته. وافقت على العرض ووضعت شرطا هو اقرب إلى قلبه بان تتضمن الرحلة زيارة للشيخ في منزله، فكان ما اراد واردت.
الرحلة بدأ في الصباح الباكر. في الطريق إلى "قم" تجاذت الحديث مع عماد حول كثير من الامور، منها ما يتعلق بالحركة الاصلاحية ومرحلة الرئيس محمد خاتمي والنشاط الذي يقوم به عماد في جمعية الدفاع عن حقوق السجناء المدنيين والسياسيين والدعم الذي يقدمه الشيخ في هذا الموضوع.
وصلنا إلى "قم" قرابة الظهر، ومباشرة توجهنا إلى منزل سعيد منتظري الذي كان بانتظارنا بناء على اتصال هاتفي اجراه عماد ليلا.
زقاق بسيط وضيق قد لا يتسع لسيارتين، باب لا يختلف عن الابواب المجاورة ولا يمكن تمييزه، لا وجود للحراسات الا العناصر الامنية التي تراقب المنزل بشكل خفي ومن بعيد.
هي المرة الاولى التي ادخل بها إلى الفناء الخلفي لمنزل الشيخ منتظري منذ العام 1985 عندما كان نائبا لقائد الثورة. اذ كان الدخول آنذاك يستوجب المرور بكثير من نقاط التفتيش والسؤال عن الجهة التي اود مقابلتها في المكتب، وبعد المرور بكل هذه الاجراءات، كان علي ان اقطع مسافة طويلة لكي اصل إلى الغرفة المخصصة للشيخ حسن ابراهيمي مدير مكتب الشيخ، بانتظار ان اتحين الفرصة لالقاء التحية والسلام على الشيخ والتي غالبا ما كانت تلوح بين الفراغ من لقاء والاستعداد للقاء جديد.
كان الشيخ حينها وهو نائب قائد الثورة، يفترش الارض على "موكيت" بني اللون باهت، ويتحلق حوله الزوار من مسؤولين ورجالات دولة وشخصيات غير ايرانية. كانت يستند إلى يده على الارض فترتعش اليد بشكل غريب، ومرة سألت احد الجالسين بقربي عن السبب في هذا الارتعاش، فقال لي انه يعاني من الام في الاعصاب بسبب التعذيب الذي تعرض له خلال فترة اعتقاله في سجون الشاه.
اذكر يومها انه وبعد خروج الزائرين من غرفة الاستقبال، نهض وازاح ستارة متواضعة فانشقت عن باب حديدي اكثره من الزجاج، ففتحه ودلف إلى منزله الخاص ودخلت بمعية شخصين آخرين وراءه ليكون اللقاء بعيدا عن الرسمية.
طرقنا الباب، فاستقبلنا "سعيد" على الباب طالبا منا الدخول، في الباحة الصغيرة التي لا تشبه الحديقة بشيء. شاهدت سيارة من نوع "بيكان" (ايرانية الصنع) قديمة الطراز محملة بادوات منزلية ومطبخية.
في الباحة، اطلت علينا سيدة تلتف بالشادور الإيراني المنزلي، وفي لحظة انتابني شعور من الرهبة، اذ لم يعهد احد انه دخل إلى منزل احد المراجع الدينية وكان في استقباله اهل المنزل ما لم يكن من الاقارب المقربين. لكني وبعد لحظات ومن حرارة الاستقبال ادركت ان "سعيد" كان قد اخبر الاهل بهذه الزيارة.
السيدة كانت زوج سعيد، التي تزوج بها بعد استشهاد شقيقه الشيخ محمد منتظري في تفجير مركز الحزب الجمهوري عام 1981. تذكرتني وتذكرت من اكون، فتداعت عندها ذكريات من ماضٍ لا يغادرها عن زوج مفعم بالحيوية والنشاط امتدت علاقاته شرقا وغربا، من فلسطين مرورا بلبنان وصولا إلى اقصى نقطة فيها للثوريين وجود.
دخلنا إلى منزل "سعيد" الذي لا يفصله سوى جدار تحوّل في سنوات الحصار، وخلافا لكل المبادئ الانسانية والشرعية، إلى جدار للفصل بين الاب وابنه بقرار من "ولي الامر". جلسنا وانا اتحرق شوقا للدخول على الشيخ ورؤيته من جديد. ماء بارد وبعض الفواكه، واذا بالباب الداخلي ينشق ليدخل علينا الشيخ متحررا من لباسه الديني، نهضنا احتراما وللتحية. دخل علينا وقد اطل برأسه اولا ليستكشف الموجودين، وعندما لم يجد سوى سعيد وعماد الذي لم يفارقه، لم يتبق امامه سوى هذا القادم الغريب، فصاح بي "كيف حالك يا سيد فحص". لا اخفي انني تلعثمت للحظات، فهذا الذي يمازحني هو نفس الشخص الذي ارعب النظام واخافه حتى وهو في الاقامة الجبرية عندما كان ممنوعا عليه التواصل مع الخارج.
بدايةً اعتذرَ عن عدم تمكنه من الجلوس على الارض بسبب بعض الآلام في المفاصل، وجلس على كرسي في زاوية الغرفة، طالبا من "سعيد" ان يقوم بواجب الضيافة.
بعدها التفت الي وسألني عن أحوالي بلغة انكليزية رشيقة وجميلة تخالطها لهجة اصفهانية مشهورة بغنتها. وتحت وطأة المفاجأة رددت عليه، ثم سألته كيف ومتى تعلمتم هذه اللغة، فقال ضاحكا، خلال المدة التي كنت فيها محاصرا وفي الاقامة الجبرية، وجدت متسعا من الوقت لدراسة هذه اللغة إلى جانب الاعمال البحثية الاخرى التي كنت اشتغل بها.
ثم قطع الحديث ليسأل سعيد ويسألنا: هل تناولتم طعام الغداء؟ فاجاب سعيد بشيء من المواربة، باننا سنخرج للقيام ببعض الاعمال ونتناول الطعام بعدها. فما كان منه الا ان قال: اذا اردتم، لدي في المنزل شيء من "الكشك" اعددته بنفسي بامكانكم الاكل منه. ضحك سعيد، وقال له "لا داعي، سنقوم بالواجب بعد ان ننتهي من عملنا".
ثم عاد وتوجه لي بالسؤال، عن الاوضاع الفلسطينية، وما الذي حل بالرئيس ياسر عرفات، كيف كانت وفاته، وكأنه يريد ان يسمع مع معرفته بالمسائل ومتابعتها، ثم ترحّم عليه ودعا للفلسطينيين بالنصر.
ثم استطرد وقال لي: "متى تنوي الانتهاء من ترجمة ما بقي من الكتاب؟" واضاف مازحا متوجها بالكلام إلى "سعيد": "لا بد ان ندفع بدل اتعاب السيد على الترجمة". لم اجرؤ على الرد، لكنني اسمعته رفضي لهذه المسألة، وانها اقل الواجب تجاه من أحب واقدّر. فما كان من "سعيد"، وكأنه احس بالارباك الذي اصابني، الا ان نهض وقال: نستأذن منك للخروج إلى بعض الاعمال، فنهض الشيخ لتوديعنا. استأذنته بالتقاط صورة معه، فاخذ بيدي واوقفني إلى جانبه وصاح بعماد ان ينضم الينا طالبا من ابنه ان يلتقط لنا صورة تبقى للذكرى.
في هذه الاثناء، وقبل ان نهم بالمغادرة، سألني من حيث لا احتسب عن "المقابلة الصحافية" التي اجريتها معه عام 2000 لصالح جريدة "الحياة" التي كنت اعمل معها، وهل مازلت احتفظ بالنسخة الخطية التي اجاب بها على الاسئلة الخمسة اضافة للرسالة الخاصة التي بعثها لي من اقامته الجبرية. فقلت: "إطمئن بالا يا مولانا، النسخة والرسالة بحوزتي وقد تركتها في لبنان خوفا من العسس واشياء اخرى".
وهنا اذكر انني وفي بدايات وصولي إلى إيران عام 2000، حدث ان تعرفت على عماد الدين باقي في مكاتب صحيفة "فتح" التي كان عضوا في هيئة التحرير فيها إلى جانب "اكبر كنجي" ويرأس تحريرها الاستاذ "علي حكمت" ويديرها الدكتور "يدالله اسلامي"، امين عام تجمع النواب السابقين. وبإشارة من "علي حكمت" تتعلق بالشيخ منتظري امام عماد كانت كفيلة بازالة الحواجز والمسافات بيني وبينه، وتحول التعارف إلى لقاء حول الشيخ.
بعد ايام، أسررت لعماد برغبتي في اجراء مقابلة مع الشيخ وهو في حصاره. اتقدت عيناه بالفرحة والرهبة، وذكّرني بما في ذلك من مخاطر، فقلت لا بأس طالما لن اضع عليها اسمي، المهم ان يصل صوت وكلام الشيخ. اتفقنا ان اكتب الاسئلة ليقوم هو بايصالها إلى الشيخ احمد نجل منتظري الذي سيقوم هو بدوره بايصالها لوالده اثناء الزيارة الاسبوعية المسموح بها. وبعد عشرة ايام بالتحديد، تلقيت اتصالا من عماد يخبرني بانه يحمل لي أمانة من احد الاشخاص. فهمت ما كان يرمي له، فسارعت للقائه في جريدة "فتح"، واخذت الاوراق واعدت استنساخها اذ لم يكن هناك حاجة للترجمة فقد كتب الشيخ اجابته بلغة عربية جزلة وجميلة. ثم ذهبت إلى اقرب مركز للبريد والاتصالات وارسلتها إلى جريدة "الحياة" في بيروت، التي قامت بنشرها لكن من دون ان تقدر اهمية ان تحصل على لقاء كهذا!
بالعودة إلى سؤال الشيخ عن المقابلة، ادهشني انه استذكر وبعد سبع سنوات احد الاسئلة التي تتعلق بمقاصد الشريعة وحقوق الانسان والحريات. ونبهني باسلوب الاستاذ العطوف، بأن: الفقه الشيعي لا يوجد فيه مصطلح اسمه "مقاصد الشريعة"، لكن وبسبب ادراكه للبعد الذي حمله السؤال والتحديات التي تواجه المجتمعات الاسلامية، فقد أجاب عليه بما يقتضي.
خرجنا بعد توديعه، وكلي فضول لأعرف السر الكامن وراء هذه السيارة المحملة بوسائل منزلية ومطبخية. فقال سعيد، نحن على ابواب الصيف، والشيخ سيعطل دروسه الفقهية بعد ايام، وقد قمنا باستئجار منزل في قرية "كهك" جنوب شرق "قم" على بعد 65 كليومترا، وهي المنطقة التي باتت الان ذات شهرة عالمية بسبب منشآة تخصيب اليورانيوم التي كشف عنها مؤخرا في منطقة "فردو". وبما ان المنزل المستأجر لا توجد فيه ادوات منزلية ومطبخية، لذا علينا ان ننقل ما لدينا في هذا المنزل إلى هناك لكي نستطيع قضاء الصيف.
(ملاحظة: كثير من المراجع والشخصيات الدينية في مدينة "قم" تمتلك منازل خاصة وبساتين في هذه المنطقة لتميزها بالطقس الجميل والمعتدل حتى عندما تصل درجة الحرارة في قم إلى الخمسين درجة مئوية.)
خرجنا برفقة "سعيد" الذي قادنا بعد ان انضم اليه حفيد الشيخ ونجل السيد هادي هاشمي لحضور فاتحة احد رجال الدين الاصفهانيين المقربين من الشيخ. بعدها قال سعيد: "الآن حان وقت تناول الطعام". وكان المساء قد حل، فتوجهنا إلى احد المطاعم وتناولنا الكباب الإيراني المشهور. وقال سعيد، في مقارنة لا تخلو من الغمز: هل هذا الطعام افضل ام "الكشك" الذي انقذتكم منه في منزل الوالد!"

نقاط موسوي الخمسة تحرج قيادة النظام الإيراني

حسن فحص
الجمعة 1 كانون الثاني (يناير) 2010
اعلن زعيم تيار الخضر الإيراني مير حسين موسوي عن مبادرة من خمس نقاط لحل الازمة التي تواجهها إيران منذ الاعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية. اعلان موسوي تداعت معه احداث ووقائع تاريخية تقارب في ابعادها الابعاد التي ذهب لها موسوي في نقاطه الخمسة.
يروي المؤرخون ان المهدي ابن المنصور الخليفة العباسي الثالث وفي لحظة مراجعة محسوبة وفي محاولة لاستيعاب الحركة الاعتراضية للجماعة المؤيدة لآل البيت وابناء الامام علي بن ابي طالب، امر باستدعاء الامام موسى بن جعفر الكاظم الامام السابع لدى الشيعة الامامية.
وفي لعبة سياسية مدروسة كان الهدف منها التقليل من الدوافع الاعتراضية لدى البيت العلوي على السلطتين الاموية والعباسية واعتبارهما غاصبين للسلطة والخلافة، وكذلك تصغير اسباب الاختلاف إلى حدود الخلاف على ملكية قطعة من الارض اختلفت التفاسير حول طبيعة ملكيتها، فمنهم من اعتبرها – أي الشيعة - ارثا اعطاه الرسول لابنته فاطمة الزهراء، في حين استند الاخرون او اهل الجماعة على تفسير الحديث النبوي "نحن معشر الانبياء لا نورث وما تركناه صدقة" على اختلاف الرواية من اثبات للواو او اسقاط لها.
قدم المهدي عرضا للكاظم قد يراه البعض محاولة لحل الخلاف والنزاع بين البيتين العلوي والعباسي في تلك اللحظة، وقال للكاظم "اريد ان ارد عليكم فدكا"، غير ان رد الكاظم جاء مفاجئا حين قال له "بحدها وحدودها" فسأله: وما حدودها؟ فأجاب: إنّي إن حددّتها لم تردّها، فألحّ عليه المهدي، فحددّها الكاظم: الحدّ الأول: عدن إلى الجنوب. فتغيّر وجه المهدي، ثم قال: والحد الثاني: سمرقند إلى الشرق، فاربد وجهه، ثم قال: والحدّ الثالث: إفريقية إلى الغرب، فقال المهدي: والحدّ الرابع؟ قال: سيف بحر الخزر وأرمينية. عندها قال المهدي: لم يبق لنا شيء. فتحول إلى مجلسي. فكان جواب الكاظم: لقد أعلمتك بأنّي إن حدّدتها، لم تردّها.
وهو ايضا ما فهمه الرشيد بان ابناء علي بن ابي طالب يطالبون بالدولة والخلافة كلها، وان "فَدَك" باتت تعبيرا مجازيا عن الخلافة الاسلامية كلها، هذه الخلافة التي قال فيها الرشيد لولده المأمون "والله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك". وبناء على موقف موسى الكاظم قام الرشيد بوضعه في السجن لاكثر من عشرين عاما الى ان توفي.
الدافع لهذا الاستحضار التاريخي ما صدر عن زعيم المعارضة الايرانية وتيار الخضر والرئيس المسلوب الاصوات في ايران مير حسين موسوي من مبادرة تتضمن نقاطا خمسة تشكل من وجهة نظره مخرجا مشرفا لحل ازمة التلاعب الذي حصل في نتائج الانتخابات الرئاسية في شهر يونيو / حزيران من العام الماضي 2009.
موسوي لم يتطرق في رسالته التي تضمن هذه النقاط الى موضوع نتائج الانتخابات، لكنه وضع حدودا خمسة لحل الازمة، تتلخص بالتالي :
1 – ان تعلن الحكومة مسؤوليتها المباشرة عن التقصير امام الشعب والبرلمان والسلطة القضائية بحيث لا تتلقى هذه الحكومة دعما غير معتاد لتغطية ضعفها وتقصيرها، وان تكون الحكومة مسوؤلة مباشرة عن اعطاء اجابات عن الازمات التي تسببت فيها للبلاد، واذا لم تكن الحكومة قادرة على تقديم اجابات للشعب والبرلمان واذا كانت عاجزة وغير كفؤ فان على البرلمان والسلطة القضائية التصدي لها في اطار الدستور.
2 – وضع قانون انتخابات شفاف يعزز الثقة، بحيث يساهم بإقناع الشعب بوجود منافسة حرة وعادلة وبلا خداع او تدخل، وعلى هذا القانون ان يضمن مشاركة كل الشعب بغض النظر عن اختلاف الاراء والافكار، وان يقطع الطريق امام التدخلات المزاجية والجهوية لمسؤولي النظام في كل المستويات، ويمكن هنا العودة الى تجربة السنوات الاولى للثورة في الانتخابات البرلمانية واعتمادها نموذجا لهذا الامر.
3 – اطلاق سراح السجناء السياسيين واعادة حيثيتهم وكرامتهم، وانني على يقين بان هذا الاجراء لن يفسر على انه دليل على ضعف النظام، ونحن نعرف ان تيارات سياسية وضيعة ستعارض هذا الحل.
4 – منح الصحافة ووسائل الاعلام الحرية ورفع الحظر عن الصحف الممنوع والسماح لها بالعودة للعمل، يشكل جزءاً من ضروريات هذا المسار، يجب التخلص من الخوف من حرية الصحافة، وهنا يجب التوقف عن التجارب العالمية في هذا المجال. توسيع القنوات الفضائية والوقوف على اهميتها وتأثير هذا النوع من الاعلام الحاسم وهو امر يكشف لنا فشل وعجز الاساليب القديمة التي تعاني منها مؤسسة الاذاعة والتلفزيون. ومن الممكن ان يكون التشويش والرقابة على الانتزنت مؤثرا بشكل مؤقتا، وان الحل الوحيد هو بان يكون لدينا وسائل اعلام متعددة ومتنوعة واعية وحرة داخل البلاد، الم يحن الوقت لاتخاذ خطوات جريئة مبنية على الثقة بالمفكرين والقوى الخلاقة في المجتمع وجذب انظارها المتعلقة بالجانب الاخر من العالم ودفعها بالعودة للاهتمام بما في الداخل من تطور وازدهار سياسي وثقافي واجتماعي؟
5 – الاعتراف بحق الشعب في اقامة التجمعات القانونية وتشكيل الاحزاب والتيارات تطبيقا للمادة 27 من الدستور. وان أي خطوة في هذا الاطار يمكن ان تتم من خلال التعاون بمشاركة جميع المهتمين بالبلاد، وهو امر باستطاعته نشر اجواء من الصداقة والمحبة الوطنية خلال الاشهر القادمة بديلا عن الاشتباك التي حدثت بين الشعب ومنظمة "البسيج" والقوى الامنية او الاشتباك بين ابناء الشعب.
في قراءة مبسطة لهذه النقاط الخمسة، يمكن القول ان موسوي لم يتخل عن مطالبه في اعادة النظر بنتائج الانتخابات والغائها او الدعوة لاجرائها من جديد، وهو المطلب المشترك الذي اجمعت عليه قيادة المعارضة الخضراء المتمثلة بمحمد خاتمي ومهدي كروبي و"حزب المشاركة" و"منظمة مجاهدي الثورة الاسلامية". بل اعاد ترتيب الاولويات على اساس من احتياجات المرحلة وبهدف سحب الذرائع من الطرف المقابل الذي استدعى كل ما في جعبته من اسلحة دينية وعسكرية وقمعية. وبالتالي فقد اسقط كل الحجج التي يتذرع وتذرع بها النظام منذ ستة اشهر باتهامه المعارضة برفض الحوار والتحاور وانها تنفذ اجندة خارجية للقضاء على النظام الاسلامي.
موسوي بهذه الخطوة دفع بالكثير من القيادات الايرانية التي تقف الى جانب النظام مراعاة للتاريخ ووحدة الصف، للاعلان عن تأييدها لهذه الخطوة والطلب من مرشد النظام التعاطي مع مبادرة موسوي بايجابية كأرضية لحل الخلاف والانتقال بالبلاد الى اجواء من الوحدة والانسجام ووقف موجة الاعتراضات، وهو ما عبر عنه القائد الاسبق للحرس الثوري وسكرتير مجتمع تشخيص مصلحة النظام "محسن رضائي" في الرسالة التي وجهها للمرشد خامنئي طالبه فيها التعاطي بايجابية مع مبادرة موسوي، في منحى يذكر بالمبادرة التي اطلقها الشيخ هاشمي رفسنجاني في اول واخر صلاة جمعة له بعد الانتخابات الرئاسية. وقد اشار رضائي الى امكانية استغلال الفرصة التي اتاحتها مبادرة موسوي بتغييب الحديث عن تشكيكه بنتائج الانتخابات، الامر الذي اعتبره رضائي اعترافا من موسوي بحكومة احمدي نجاد، ودعا المرشد للالتقاط المبادرة والبناء عليها والامر بفتح حوار ينتهي بعودة اجواء الوحدة الوطنية الى البلاد.
وقد وضع موسوي قيادة النظام من المرشد ومسؤولي الحرس الثوري والجهات التي تقف وراء نتائج الانتخابات وعمليات القمع الدموية التي شهدتها شوارع طهران والمدن الايرانية الاخرى امام تحدي الاستجابة لهذه المبادرة، وفي حال رفضت فان هؤلاء المسؤولين، وخاصة مرشد النظام فان عليهم مواجهة الصعوبات الكبيرة التي ستظهر في المستقبل وسيحلق بهم الندم على تفويتها وتفويت غير من الفرص السابقة، والتي لن يكون في قدرة القيادات الاصلاحية الحالية السيطرة على مساراتها وتوجيهها.
والذي هدف منه موسوي في مبادرته هذه، التأكيد لقيادة التيار المحافظ التي تدفع باتجاه التأزيم والمواجهة الدموية، ان الحركة الاصلاحية او تيار الخضر لا يحمل مشروعا انقلابيا ضد نظام الجمهورية الاسلامية في ايران، بل ما الهدف الذي يعملون من اجله هو اصلاح الخلل الذي طرأ على هذا المشروع وانحرف به من مشروع ديمقراطي يضمن الحريات والتعددية الحزبية والفكرية الى مشروع لاقامة حكومة دينية وولاية الهية الغائية لا تعترف بالاخر او بحقه في التعبير والمشاركة.
وبالتالي اعاد موسوي تركيز الاسس المحركة لتيار الحركة الخضراء وابتعادها عن التيارات العلمانية وحدد ايضا استراتيجية حركتها الاعتراضية بانها حركة:
1 – غير متعجلة للتغيير، وهي المرة الاولى في التاريخ السياسي والاجتماعي المعاصر لايران، يظهر ان حركة شعبية واصلاحية تبدو غير متعجلة للوصول الى اهدافها ولا تسعى وراء الفوضى والثورة والانقلاب على النظام، وهذا نابع من قدرتها على تحديد منطلقاتها ومسارها والى اين تريد الوصول.
2 – عدم وجود قيادة كارزماتية واحدة للحركة، فخاتمي وكروبي وموسوي يتمتعون بالقدر نفسه من التأثير ولا احد منهم يدعي قيادة الحركة.
3 – عدم وجود فصل حاد داخل الحركة الخضراء "ابيض واسود" على العكس من المعسكر المقابل "المحافظ"، ففيها متسع لكل الاطياف الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تلتقي مع هذه الحركة في اهدافها وافكارها.
4 – لقد اثبتت الحركة الخضراء والاصلاحيين معها انها لا تخشى الوقوف بوجه النظام والتصدي للظلم وما تعتبره خرقا للدستور وحق المواطنة وحقوق الانسان، وقد برهنت الاشهر الستة الماضية هذا الامر وعدم قدرة الطرف الاخر التأثير عليها واخافتها.
5 – تعترف الحركة الاصلاحية بوجود تعددية في صفوفها وتسعى لتوظيف المشتركات لهذه التعددية لتصب في الاطار العام للحركة، ولا تنفي وجود متسلقين ومتقلبين، وهذا مرده عدم وجود ثقافة " القدسية او التقديس " لذلك فهي لا تعتمد على بناء تنظيمي او حزبي.
وفي حال التقط مرشد النظام هذه المبادرة، فلا بد ان تبدأ ورشة عمل واسعة لبحث ابعادها ومعالجة نتائج المرحلة السابقة والتي قد لا تقف عند الستة اشهر الماضية، بل تتعداه لتصل إلى كل المرحلة التي تلت وفاة المؤسس الامام الخميني.
الا ان هناك عوائق قد تعرقل او تمنع المرشد من الموافقة على هذه المبادرة، اذ ان كل الاجراءات التي طالت وتطال الصحف والصحفيين والناشطين السياسيين وعمليات القمع قد تمت بعلم منه وبموافقته، والموافقة على اعادة النظر بهذه الاجراءات بناء على مبادرة موسوي يعني اعترافا من المرشد بمسؤوليته عن هذه الاجراءات، فهل سيكون المرشد على استعداد للتنازل والقبول ليضع إيران على طريق الخروج من ازمة تطال وجود النظام، كما فعل موسوي، ام انه سيرفض ويشيح وجهه عن هذه الخطوة ؟ هذا ما ستجيب عليه الايام القادمة.

الجمعة، 1 يناير 2010

الرئيس محمود عباس في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية

لا فلسطين ولا سلام دون القدس
- رام الله 31-12-2009 وفا-

النص الكامل للخطاب الذي ألقاه مساء اليوم بمقر الرئاسة برام الله لمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لانطلاقة الثورة.
:
أيتها الأخوات، أيها الإخوة
يا أبناء شعبنا المناضل والصامد والوفي
أيها الفلسطينيون الأحبة في كل مكان
نحتفل اليوم بذكرى انطلاق ثورتنا التي فَجرتها طلائعُ حركة التحرير الوطني الفلسطيني، 'فتح'، مُعلنة بداية عهد جديد في تاريخ شعبنا، وتاريخ منطقتنا.
خمسة وأربعون عاماً من النضال المتواصل، اسُتعمِلت خلاله أساليبٌ متعددةٌ للمقاومة، في ثورة هي الأطول في تاريخ الشعوب في هذا العصر، ثورة لا يدرك ما واجهته من مصاعب في مرحلة الإعداد، ثم الولادة، إلا من انخرط في صفوفها في تلك السنوات التي أعقبت نكبة عام 1948 والتي شَهِدت ضَياع الوطن وتشريد الشعب ومحاربة ومنع الفلسطينيين من تنظيم أنفسهم في أي إطار، وتحريم رفع هذا العلم الخفّاق، علم فلسطين، كرمز من رموز هويتنا الوطنية.
نُحيي هذه الذكرى لنؤكد على تمسكنا بثوابتنا الوطنية، وعلى أن هذه الثورة قد انطلقت لتبقى وتنتصر.
أثبتت انطلاقة ثورتنا بقيادة فتح عام 1965، أن هذا الشعب العظيم لا تُثنيه جراحاته وآلامه ومعاناته من النهوض كطائر الفينيق، فقدم عشرات آلاف الشهداء البررة أرواحهم، في سبيل تحقيق الهدف الذي لا بديل عنه، وهو الحرية وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها قلب فلسطين دُرة التاج مدينة القدس الخالدة، وحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين كما ورد في المبادرة العربية وحسب القرار 194.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة
لا يمكن إدراك حجم الانجازات التي حققتها ثورتنا العملاقة، رغم كل الصعوبات والتحديات التي لا زلنا نواجهها، إلا باستذكار ومعرفة الوضع الذي كان سائداً قبل الانطلاقة.
فقد كانت قضية فلسطين تختصر دولياً بكونها قضية لاجئين، أما إسرائيل فاعتبرتها قضيةً منتهيةً لأن كبار السن يموتون، وحديثي الولادة بعد النكبة ينسون. وعلى الصعيد العربي -للأسف- كانت القضية مجالا للمزايدات بين الأنظمة في الصراع بينها، وكنا نحن الفلسطينيين مشتتين جغرافياً مختلفين سياسياً.
وجاءت حركة فتح لتصنع مع بقية فصائل منظمة التحرير الفلسطينية تاريخنا الحديث، فحوّلَت القضية من قضية إنسانية إلى قضية وطنية ومن قضية حدود إلى قضية وجود، وأصبح اللاجئون من الفلسطينيين، بل كل الفلسطينيين، مناضلين من أجل الحرية والاستقلال وتقرير المصير.
فَتَحتَ راية منظمة التحرير الفلسطينية، التي وحدت شعبنا في كل أماكن تواجده، وضمت إلى صفوفها كل أطيافه السياسية، فرضنا قضيتنا على جدول أعمال كل المؤسسات الدولية والإقليمية، حيث عادت فلسطين لتحتل موقعها في جامعة الدول العربية، وأصبحت عضواً في منظمة المؤتمر الإسلامي وفي حركة عدم الانحياز، وتحظى بصفة المراقب الدائم في الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، ولا ننسى أيضا أنها عضو مراقب في القمة الأفريقية.
هذه الإنجازات التي تحققت، يُدركها أكثر من غيره، من عاش في لهيب هذه الثورة، وناضل جنباً إلى جنب مع القادة الشهداء الذين تَخلوا عن كل الامتيازات، وعلى رأسهم القائد الرمز ياسر عرفات، متذكرين شهيدنا الأول عبد الفتاح عيسى الحمود عضو اللجنة المركزية وأبو يوسف النجار وكمال عدوان والقائمة تطول إلى الشهيد صخر حبش 'أبو نزار'.. وغيرهم وغيرهم من عشرات الآلاف الذين روت دماءهم الطاهرة تراب وساحات المواجهة، سواء في الأرض المحتلة من أقصاها إلى أقصاها، أو في المنافي القريبة والبعيدة وآخر شهدائنا ستة قتلوا بدمٍ باردٍ من قِبل القوات الإسرائيلية في نابلس وقطاع غزة.
وهنا لا بد من وقفة عند هذا الحدث الكريه الحقير التي قامت به القوات الإسرائيلية، لنقول لمن سنوجه كلامنا إليه بأننا أمام وقفة وبأننا سنقدم جردة حساب لسنوات ماضية وبأننا في النهاية سنقول كلمتنا.
ويُدرك جيلنا أهمية الوحدة الوطنية التي أنجزناها على أنقاض الانقسام والتشرذم، الوحدة التي يجب الحفاظ عليها والتمسك بها، وإفشال كل مخططات المتآمرين عليها.
علينا أن نبني على ما تم إنجازه وتطويره، فثورتنا منذ انطلقت، حددت هويتها كحركة تحرر وطني للشعب الفلسطيني المنتمي إلى أُمته العربية والإسلامية، فقضيتنا هي قضية هذه الأمة العظيمة، التي قدمت قوافل الشهداء من أجل فلسطين، وقد حَرصنا منذ البداية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وأن نُبقي قضيتنا فوق أية خلافات، وألا نسمح بزجها في أية صراعاتٍ إقليميةٍ أو غير إقليمية، ونحن بحاجة اليوم، وأكثر من الماضي للتمسك بهذا النهج، والاستفادة من عِبَرِ الماضي.. كل عِبَرِ الماضي.
وبهذه المناسبة فقد قلنا لكل أشقائنا وأصدقائنا ومنن حولنا وبالذات لأشقائنا في لبنان مؤخرا، أننا ضيوف على الشعب اللبناني كما أننا ضيوف على غيره من الدول العربية، وأننا لن نتدخل في شؤونه الداخلية وأننا تحت القانون ولسنا فوق القانون، ونقول هذا ليس للبنان فقط وإنما لكل مكان ولكل دولة عربية كانت أو غير عربية هذا القول دون تردد لأننا نريد أن نبقى ضيوفا أعزاء إلى أن يأتي الوقت لعودتنا لوطننا الفلسطيني.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة
يُحاول البعض منا أن يرسم صورة قاتمة للوضع بأسره، ورغم إدراكي أكثر من غيري لكل المصاعب، إلا أن ذلك يجب ألا يَحول دون إدراكنا واعترافنا بالانجازات الني نحققها، رغم كل ما يضعه الاحتلال من عراقيل أمامنا.
فعلى الصعيد السياسي، هناك تفهم دولي غير مسبوق لمواقفنا، ولا توجد اليوم دولة في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، تدافع عن مواقف الحكومة الإسرائيلية، وأصبحت المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، سياسة رسمية تُطالب بانجازها كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وحتى نقول كل الحقيقة فإن ما صرح به الرئيس أوباما كلام كان في منتهى الأهمية وعلينا أن نتمسك به ونطالبه دائما بأن يتمسك به، عندما قال إن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة مصلحة حيوية أميركية، إذا عليهم أن ينفذوا هذا الكلام وأن لا يكون فقط كلاما في الهواء، هذا كلام جيد جاء من أميركا ومن أعلى رأس في أميركا ونقول تمسكوا بهذا الموقف وأوفوا بعهدكم.
وحققنا على صعيد وضعنا الداخلي في الضفة الغربية، رغم مأساة الانقلاب ومعاناة أهلنا في قطاع غزة، حققنا الأمن لمواطنينا، ونمواً اقتصادياً في مجالات مختلفة، صناعية وزراعية وسياحية، وغيرها، وتذكرون أننا منذ بدأنا هذه المرحلة رفعنا شعارا وهو قوله سبحانه وتعالى 'فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف' وهذا هو الشعار الذي نسعى وسعينا ونعمل من أجل تحقيقه دائما وأبدا هو الأمن للمواطنين، ولقمة العيش والحياة الكريمة، ودائما نقول اللهم آمنا في أوطاننا والحمد لله أننا نتمتع لولا بعض التدخلات ولولا بعض التداخلات ولولا بعض الاجتياحات ولولا.. نحن نعيش في أمن وأمان ولكن للحديث بقية.
واستطعنا أن نعقد مؤتمر حركة فتح، حيث تم انتخاب قيادة جديدة عبر الممارسة الديمقراطية، وعقد مجلسنا الوطني دورة اجتماعات استثنائية، استكملنا خلالها عضوية اللجنة التنفيذية ولم يعد هناك من يتحدث عن عدم شرعية اللجنة التنفيذية، إذ أننا اتبعنا النظام والقانون وطبقنا هذا النظام والقانون، باستكمال اللجنة التنفيذية وأصبحت اللجنة التنفيذية كاملة العضوية، كما جرت انتخابات لعدة منظمات شعبية وعلى رأسها إتحاد المرأة، ونحن سائرون على طريق استكمال الانتخابات لبقية المنظمات، وكذلك الإعداد لإجراء الانتخابات البلدية لأننا بدأنا عهودنا الديمقراطية ونريد أن نستمر في الديمقراطية رغم كل أولئك الذين لا يريدون الديمقراطية إلا مرة واحدة، مع التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
إننا أصدرنا مرسوما للانتخابات في 24/10 من أجل عقد هذه الانتخابات حسب الدستور، حسب القانون الأساسي في 24/1/2010، وقبل ذلك كان هناك الوثيقة المصرية للمصالحة، وعندما قامت لجنة الانتخابات المركزية المستقلة؛ بالمناسبة نحن من القلة في العالم الذين لا تجري وزارة الداخلية الانتخابات وإنما تجريها لجنة مستقلة كاملة الاستقلال، وهذا يشهد به العالم أجمع، لكن جوبهت هذه اللجنة برفض من حركة حماس قائلين سنمنع ذلك بقوة السلاح، ثم جاءت الوثيقة المصرية التي كانت عبارة عن جمع لكل الآراء المتناقضة لأن الذي يصالح لا يستطيع أن يرضي الطرف هذا والطرف هذا بكامل طلباته، وقالوا هذا ما رسونا عليه، وما وصلنا إليه وبالتالي نرجو أن نذهب إلى المصالحة الوطنية بعد أن تعبنا، عامان ونصف كاملة ومصر تسعى من أجل المصالحة الوطنية، ونحن رغم أنه كانت لدينا بعض الملاحظات لكن من أجل المصلحة الوطنية، وحرصا على جهود مصر التي تعبت معنا كثيرا، قلنا نحن مستعدون القبول بهذه الوثيقة ووقعنا عليها في الوقت المحدد 15 تشرين أول/أكتوبر خلال هذا العام، وفوجئنا أن حماس قالت لدينا ملاحظات وبدأت هذه الملاحظات أو الهينات الهينات بتقرير غولدستون، ثم رجعوا عنها ووضعوا مجموعة من الملاحظات وبدأوا يتكلمون عنها، ثم قالت لهم مصر تعالوا وقعوا وسنأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتكم بعد التوقيع، لكنهم رفضوا وأصروا ثم أرسلوا لنا بشكل رسمي نحن مستعدون للتوقيع على الوثيقة لكن ليس في مصر، طبعا نحن لا أخلاقنا ولا ضميرنا ولا مصلحتنا الوطنية والقومية ولا وفاءنا يقبل هذا، ورفضنا، إذا القضية لم تكن قضية ملاحظات أو قضية استدراكات، وإنما هي في مكان التوقيع، التوقيع يتم في المكان الذي تمت فيه كل هذه المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، التوقيع سيكون في مصر، والمتابعة ستكون في مصر، وقلنا نحن لا نريد هذا الاقتراح ومصممون على أن لا يكون التوقيع بمصر.
رغم أنهم يتحدثون عن انتخابات، إلا أنهم اقترحوا علينا بصفة رسمية وقالوا أنتم في المجلس السابق بقيتم 11 عاما، نحن نريد تمديد 10 سنوات للمجلس والرئيس، قلنا كلا وبذلك المصالحة إلى الآن تراوح مكانها ونحن فعلا جادون ونريد المصالحة، وجادون في الانتخابات ولن نمدد، نريد انتخابات رئاسية وتشريعية وسنعمل بكل جهد لتطبيقها وعلى الشعب الفلسطيني أن يختار.
إن هذه الإنجازات التي حققناها ونُحققها، وتحظى بتقدير المؤسسات الدولية، تواجه من قبل الحكومة الإسرائيلية والجهات الأكثر تطرفاً فيها، بتصعيد الأعمال العدوانية، والاستفزاز المبرمج، الذي يظهر واضحاً في التصدي للمظاهرات والمسيرات والاعتصامات السلمية في القدس ونعلين وبلعين والمعصرة، وفي أعمال قطعان المستوطنين ممن وصل بهم الأمر إلى حد إحراق المسجد في ياسوف.
نحن مع حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة المشروعة، ما يجري في نعلين وبلعين نحن معه، ونؤيده ونحن مع أهلنا في القدس عندما يهدم بيت أو تصادر أرض أو يطرد إنسان أو تلغى هوية، نحن معهم أن يقفوا في وجه هذه الإجراءات الظالمة، هذا حقنا ونحن نمارس حقنا في إطار القانون الدولي.
لقد أَعلنت سابقاً، وأؤكد أمامكم مجدداً اليوم: لن نقع في الفخ الذي ينصبونه لنا، إنهم يسعون عبر استفزازاتهم المكررة والمتكررة إلى جرنا لردود فعل تأخذ طابع العنف، كي يتخلصوا من العُزلة والضغط الدولي فسيستغلون قوة نفوذهم الإعلامي، لتأخذ الضحية صورة الجلاد. وليس لديهم مانع أن يظهرونا بهذا المظهر حتى يقولوا للعالم أنظروا إلى الفلسطينيين ماذا يفعلون، نحن في إطار القانون نعمل، وفي إطار النظام نعمل، نريد أرضنا نريد بلدنا، نريد دولتنا المستقلة في حدود 67.
فلنثق، أخواتي وإخواني، بأنفسنا، ولا ننجر إلى جوقة المزاودين أصحاب الشعارات، أو يتملكنا اليأس، فنُقْدِم على أعمال غير محسوبة. نحن قلنا أكثر مرة نحن ضد الصواريخ العبثية فاعتبرونا إننا متخاذلون لا نريد المقاومة، ولا نريد ..، خرجوا علينا باتفاقات مع التنظيمات بل بدؤوا يمنعون ويضربون كل من يحاول أن يقوم بعمل مقاوم، لدرجة شهد لهم رئيس الأركان الإسرائيلي إشكنازي شهادة شعرية وقال 'نحن قمعنا حماس وهي تقمع باقي الناس'، واليوم إسرائيل تقول لم تشهد العشر أعوام الماضية أهدأ مما حصل في غزة. المقاومة والممانعة شعارات غير صحيحة، إن هذا يصنف مقاومة ممانعة وهذا يصنف تخاذل واستسلام، نحن في إحدى القمم العربية قال بعض الأخوة إن هذه المبادرة العربية لن تبقى إلى الأبد، فقلنا لهم هنالك ثلاثة خيارات، الأول: الحرب إذا كنتم جاهزين..، الحل الآخر اللاسلم واللاحرب ونحن نرفضه، الحل الثالث طريق السلام ونحن مع طريق السلام ومع المبادرة العربية، لذلك لا نريد أن نرفع صوتنا عاليا وبالتالي لا نحصد شيء، نحن نريد طريق السلام، وبالمناسبة ما هو الفرق الآن بين مواقفنا السياسية ومواقف حماس، هم يقولون الدولة ذات الحدود المؤقتة التي قدموها تعني من جملة ما تعني أن تخرج 60% أو 50% من الضفة الغربية وأن تكون هناك تهدئة أو هدنة لـ 10 أو 15 عاما القدس واللاجئين لاحقا، هذا هو مشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة والذي طرحه مؤخرا موفاز وقال 'نحن نطرحه على حماس إذا نجحت في الانتخابات'. المشروع الثاني هو حدود 67 ويتكلمون فيه فعلا لكن نقبل حدود 67 إنما تكلموا معنا، إذا تكلم الغرب والشرق معهم يقبلون هذا، بالخلاصة لا يوجد خلاف بيننا على العقيدة لا، السياسة لا، المقاومة لا، إذا على ماذا مختلفين، إذا لماذا لا تذهبون وتوقعوا على الوثيقة، يقولون لا نستطيع أن نوقعها لكن لماذا، من الذي يأمر.
أيها الإخوة، يا أبناء شعبنا الوفي
أُجدد اليوم، وفي ذكرى الانطلاقة، دعوتي إلى الإسراع في إنهاء حالة الانقسام، فعلى حركة حماس وقيادتها أن تتوقف عن المتاجرة بمعاناة أهلنا في القطاع، واستخدامهم كرهينة، عليهم أن يقرأوا ما صَرح به وزير خارجية إيران حول المساعدة التي قدمت للشعب الفلسطيني. وأقول لهم أن تصعيد الخلاف مع مصر الشقيقة بسبب الأنفاق لا يخدم سوى إسرائيل ومخططاتها، فإسرائيل تريد أن تتخلص من أي التزام تجاه القطاع، ومعظم القادة الإسرائيليين، يعملون لكي يكون للقطاع كيانه الخاص، وهو ما يتوافق مع نوايا أصحاب مشروع إقامة الإمارة المتأسلمة في غزة، وهذا يصب في مصلحة المشروع الإسرائيلي، مشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة التي تقترحها عدة أطراف إسرائيلية من داخل الحكومة وخارجها، وتقوم على أساس كيان في غزة مرتبط سياسياً لا جغرافياً بجزر وكانتونات فلسطينية في الضفة الغربية تقع خلف جدار الفصل العنصري.
مرة أخرى، أقول لقيادة حركة حماس، وبالذات للوطنيين والمتنورين من كوادرها وقياداتها، هنالك كثيرون يعلمون وكثيرون يفهمون الحقيقة وهناك كثيرون يعلمون ماذا يجب أن يفعل لأنهم وطنيون ومتنورون، أقول لهؤلاء، قَوّموا بمسؤولية نتائج الانقلاب وما جره من مآس، وقَوّموا ردود الفعل على تصريحاتكم وأفعالكم، وقوموا كم تكسب إسرائيل من الانقسام وكم يخسر الشعب الفلسطيني. لأنه أقل كلمة تقولها إسرائيل وقت اللزوم عندما يزنقون مع من نتكلم، هنالك غزة والضفة، هذه حجة مخبئة في أي وقت يزنقون في حل يقولون مع من نتكلم، علينا أن ننتبه وحدة الشعب الفلسطيني، لمصلحتنا جميعا لمصلحة كل الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية والعالم، إذا حلت قضيتنا تحل كل بؤر الصراع في العالم.
إن التوقيع على الوثيقة المصرية، والذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية هو الطريق الأمثل، إن لم يكن الطريق الوحيد، حتى يقول الشعب الفلسطيني كلمته، ويحدد خياراته الوطنية.
أتوجه في هذا اليوم الذي يصادف مرور عام كامل على العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزه، لأؤكد لأهلنا في كل ركن من أركان القطاع الحبيب بأن معاناتهم هي معاناتنا جميعاً، وبأننا سنواصل تقديم مختلف أشكال الدعم المتاحة، وأشكال الدعم المتاحة كما هو معروف نحن نقدم لأهلنا لا منة إنما واجب لـ 77 ألف موظف، و58% من موازنة السلطة الوطنية لقطاع غزة، وأقول كل المساعدة والتسهيلات من أجل مرور المواد الغذائية والصحية وغيرها، التي نقدمها نحن أو يقدمها العالم، تمر ونوصلها لأهلنا في غزة وإن كانوا في البداية يصادرونها ويبيعونها، ولا أدري إن مازالوا يصادرونها ويبيعونها، لكن أقول كل المواد الضرورية الإنسانية الغذائية الطبية تصل من عندنا إلى هناك، لذلك لا نريد المتاجرة بالشعارات. وستبقى ذكرى الألف وخمسمائة شهيد والأكثر من خمسة آلاف جريح، ونحو مئة ألف لا زالوا مشردين نتيجة للعدوان، دافعا لنا من أجل متابعة تنفيذ ما ورد في تقرير غولدستون الذي نسيه المزاودون، لكننا سنعمل بكل الجدية والمسؤولية حتى يتم تقديم مرتكبي جرائم الحرب للعدالة الدولية.
بعد أن خرج تقرير غولدستون من مجلس حقوق الإنسان لم يعد أحد يسأل، الآن هناك لجنة فلسطينية عربية، وهناك سفيران من عندنا سفيرنا في جنيف والآخر في الأمم المتحدة يجلسون مع وزير الخارجية لمتابعة تقرير غولدستون، نحن متابعون للتقرير. ولكن في نفس الوقت نتذكر عندما حصل العدوان على قطاع غزة عقد مؤتمر للمانحين اسمه مؤتمر شرم الشيخ، يوجد 4.5 أو أكثر مليار دولار لكن مازالت في خزائن الدول، نحن اقترحنا إعادة البناء من خلال المؤسسات الدولية، رفضوا إما من طريقنا أو لا، هنالك 100 ألف غير مهمين، هنالك 4.5 مليار دولار عند الدول لمساعدة غزة، ولو صرف بعض هذه الأموال لأعيدت الحياة لقطاع غزة، كيف لا طريق إلا بإعادة اللحمة وبسرعة بإجراء الانتخابات ويختار الشعب من يريد، وكل العالم يعرف أن عندنا قدر من الشفافية غير موجود في الدول الاسكندينافية.
يا أبناء شعبنا الفلسطيني في كل مكان.
نواجه اليوم، بعد رفض الحكومة الإسرائيلية الاتفاقيات الموقعة، وعدم التزامها بتطبيق خارطة الطريق، والعودة إلى المفاوضات من النقطة التي وصلنا إليها مع الحكومة السابقة، نواجه تحدياً مصيرياً، يتعلق بالقدس ومستقبلها، ونعتبر أن كل الجهود يجب أن تنصب من أجل إفشال مشاريع الحكومة الإسرائيلية التي تتحدى العالم بأسره بإجراءاتها وأعمالها، التي تشمل إقامة جدار الفصل العنصري، والاستيطان في المدينة وإغلاقها أمام المواطنين الفلسطينيين بما في ذلك منعهم من الدخول للصلاة في المسجد الأقصى أو كنيسة القيامة، واستصدار قرارات هدمٍ لمئات منازل الفلسطينيين أو سحب هوياتهم المقدسية، والتفنن في استصدار قرارات حكومية أو من قبل بلدية الاحتلال؛ إذا أرادت الحكومة التهرب من شيء يقولون البلدية وإذا أرادت البلدية التهرب من شيء يقولون الحكومة، هل يمكن لقرار أن يمشي من دون أن يكون رئيس الحكومة موافق عليه. بفرض ضرائب باهظة على مواطنينا، وحرمانهم من الحصول على تراخيص بناء في أراضيهم، حتى الكنائس لديها أراضي تريد أن تبني لرعاياها إسرائيل تمنع المسلم والمسيحي لأنها تريد أن تغير معالم المدينة، القائمة تطول بشأن ما تتخذه إسرائيل من إجراءات تهدف في النهاية إلى تغيير معالم المدينة، وتصفية الوجود الفلسطيني الإسلامي والمسيحي فيها.
إن القدس، التي احتفلنا هذا العام بكونها عاصمة للثقافة العربية، لا يمكن إلا أن تبقى كما كانت دائماً، عاصمة فلسطين وقلبها، فلا فلسطين بدون القدس، ولا سلام بدون القدس، وواهم كل من يعتقد بأن هناك فلسطينياً واحداً يمكن أن يساوم على القدس، أو يتنازل عنها، إنني احيي صمود أهلنا، وتمسكهم في البقاء حتى في خيمة تنصب أمام بيوتهم التي احتلها المستوطنون العنصريون، إنها القدس درة التاج.
وأدعو أشقاءنا في العالمين العربي والإسلامي إلى ترجمة مواقفهم المعلنة بشأن التمسك بالقدس والحفاظ على طابعها العربي والإسلامي، بتقديم الدعم الذي يمكّن أهلها من الصمود ومواصلة البقاء والثبات في مواجهة أعتى موجة تطرف وعنصرية تنتشر اليوم في صفوف عدة أحزاب إسرائيلية.
وأقول لدول العالم كافة، وبخاصة للدول الكبرى، التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، بأن مواقفها التي لا تعترف بضم إسرائيل للقدس، يجب أن تتحول إلى إجراءات عملية، إذ لا يجوز أن تستمر هذه الازدواجية في التعاطي مع إسرائيل، يكفينا قرارات ومواقف لكن نريد ترجمة عملية لهذه المواقف ونريد ترجمة عملية لإعلانات العرب والمسلمين بأن القدس أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، بأن القدس لنا كيف نحميها. إننا نسمع تصريحات من هنا وهناك تتراوح ما بين إدانة الاستيطان، أو اعتباره عقبة في طريق السلام، ولكننا لا نلمس أي فعل أو إجراء لمواجهة تمادي إسرائيل في الاستيطان بل والإعلان عن أنها سائرة فيه.
إنني أقول لشعب إسرائيل، ولأحزابه ولحكومته، إن السلام بيننا يجب أن يقوم على أساس انسحابكم من أراضينا التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، إن السلام الذي يضمن إقامة دولتنا المستقلة إلى جانبكم إلى جانب دولتكم، هو الذي يوفر الأمن، والاستقرار والرفاهية والتعايش ... واقرأوا جيداً ما جاء في مبادرة السلام العربية.
إن مبادرة السلام العربية أثمن ما قدم منذ عام 1948 إلى يومنا هذا، التي اعتمدت من كل الأقطار العربية والإسلامية وعليها الأعلام جميعها العربية والإسلامية، كلهم قالوا تنسحب إسرائيل من الأراضي العربية والإسلامية جميعها نطبع علاقاتنا، لا أدري بدلا من أن تعيش في جزيرة من السلام تعيش في محيط هادئ من السلام، هل هم لا يفهمون مصلحتهم لا أدري.
إن يدنا ستبقى ممدودة للوصول إلى سلام عادل ينهي الاحتلال الإسرائيلي الذي وقع عام 1967، ولكننا لن نتنازل عن ثوابتنا الوطنية، والنقاط الثماني التي أكدت عليها، ولاقت إجماعا فلسطينياً وعربياً ودولياً هي الأساس الذي نبني عليه سياستنا في منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1988 وحتى يومنا هذا. ولذلك علينا أن نوقف الحديث عن مسلسل التنازلات، عندما يقال أوقفوا مسلسل التنازلات.. أي مسلسل تنازلات الذي يتفاوض يتفاوض، لكن الذي يوقع علي ماذا يوقع، نحن منذ عام 1988 قلنا هذا وهذا.. ماذا تبدل منذ 1988 حتى 2010، 22 عاما لا نجهد أنفسنا ونعذب أروحنا ونقول دائما وأبدا أوقفوا مسلسل التنازلات، لا يوجد مسلسل تنازلات، هذا هو موقفنا ولم يتغير، ومن يقول تغير يراجعني.
أيتها الأخوات والإخوة
لقد عَبرنا عن ترحيبنا بالبيان الأخير الذي أصدرته دول الاتحاد الأوروبي، حيث أشار بوضوح إلى رفض وعدم شرعية ما تقوم به إسرائيل في القدس الشرقية المحتلة رغم أن البيان لم يؤخذ بالضبط كما قدمته السويد لكن ثبت فيه وباقي الضفة الغربية، ونتطلع بأمل للاجتماع القادم للرباعية الدولية في موسكو للخروج بموقف واضح بشأن حدود دولتنا وعاصمتها القدس، وسنُبقي الباب مفتوحاً من أجل الذهاب في الوقت المناسب إلى مجلس الأمن، في حال استمرار إسرائيل على مواقفها الحالية الرافضة للمفاوضات. وهذا الذي اتهمنا به أنه عمل أحادي نحن قلنا في اجتماع جامعة الدول العربية ولجنة المتابعة العربية أننا نريد الذهاب لمجلس الأمن لنقول أين حدود دولتنا وقالوا أن هذا عمل أحادي، نحن ذهبنا لنسأل أولا بموافقة الدول العربية وأوروبا وروسيا والصين واليابان وكندا والولايات المتحدة، ونحن نعلم إذا لا يريدونه يقولون كلمة من أربعة أحرف ويقولون لنا مع السلامة، نحن نفهم هذا، وبالتالي هذا ليس عملا أحاديا، هذا عمل من مجلس الأمن الدولي أكبر منبر دولي عالمي نشكو إليه بعد الله أمرنا.
يا أبناء شعبنا الفلسطيني الصامد على أرض وطنه وفي الشتات.
اليوم في ذكرى الانطلاقة أتوجه بالتحية لكل مواطنة، ولكل مواطن فلسطيني في شتى بقاع الأرض .. وأخص بتحياتي وتحياتكم جميعاً أسيراتنا وأسرانا البواسل وجرحانا وأبناء وزوجات وأمهات الشهداء، وأعاهدكم بأننا سنبقى متمسكين بثوابتنا الوطنية، وبأن دم شهدائنا لن يذهب هدراً، وبأن تبقى راية التحرر والاستقلال خفاقة حتى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها قدسنا الحبيبة، مسرى نبينا عليه السلام، قدسنا حاضنة تاريخنا وثقافتنا، رمز التعايش والتسامح، درة التاج يتعانق فيها الأقصى مع كنيسة القيامة ليتردد منها صوت واحد، صوت الإيمان بالله الواحد الأحد، الذي جاء في عزيز كتابه:
بسم الله الرحمن الرحيم
' ءَامنَ الرسولُ بِما أُنزِلَ إليهِ مَن رَّبهِ والمُؤمَنُونَ كُلٌ ءَامنَ بِاللهِ وملائِكتهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرقُ بينَ أحدٍ من رُسُلهِ وقالوا سَمِعنَا وأَطَعنا غُفرانَكَ رَبَّنا وإليكَ المَصير '
صدق الله العظيم'

عاشت فلسطين ... عاشت منظمة التحرير الفلسطينية ... عاشت فتح ... المجد للشهداء والحرية للأسرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الشيخ الصفار يدين التمييز الطائفي في السعودية

الشيخ الصفار يدين التمييز الطائفي في السعودية
ويصف مرتكبيه بالخارجين على القانون


أكد رجل الدين السعودي الشيعي الشيخ حسن الصفار في محاضرة ألقاها مؤخرا في مجلس المبارك في محافظة القطيف شرق السعودية أن الوقت بات ملائما لطرح مشكلة التمييز الطائفي القائمة في المملكة.
وأوضح بأن 'النظام الأساسي' للمملكة يخلو من أشكال التمييز بين المواطنين السعوديين ويضمن المساواة في الحقوق والواجبات حسبما ذكرت شبكة 'راصد' للانباء السعودية الشيعية،مستشهدا في ذلك بالمادة الثامنة لنظام الحكم ومستدركا 'رغم حضر القانون للتمييز، إلا أن هناك شريحة قليلة متشددة تمارس التمييز ضد المواطنين الذين كفل النظام لهم التساوي في الحقوق والواجبات'.
والمحاضرة التي حضرها نحو ألفي شخص، بينهم حضور من مختلف مناطق المملكة شدد الصفار فيها على أن الوقت بات ملائما لطرح مشكلة التمييز الممارسة من قبل شريحة اجتماعية مستفيدة من بقاء الوضع على حاله. واصفا مطبقي التمييز بـ'الخارجين عن القانون'.
ورأى بـ'أن بعض الملفات لم تلقَ النقاش والطرح على الصعيد الوطني (سابقا)، إلا أنها في الوقت الحاضر فُتحت ملفاتها مثل حقوق الإنسان والفقر'.
في إشارة منه لتحقق إصلاحات عدة قدمها مسؤولو المملكة وعلى رأسهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وطالب النخب السعودية بالحديث عن هذا الملف الذي بات يؤرق جزءا من أبناء الوطن، منتقدا حالة السكوت الذي جعل ممارسي التمييز يتمادون أكثر من أي وقت مضى.
واضاف 'لا بد من خلق مناخ معادي للمتشددين في أي طرف'، ضاربا المثل بـ'الحوار الوطني' الذي أطلقه الملك عبدالله.
وأضاف 'إن الحوار الوطني استبشر به الناس لأنهم شعروا أنه سيلامس هذا ملف التمييز بين المواطنين'.
وعن التشدد الديني الذي يقود للتمييز قال 'هناك جماعات متشددة تتهم عبر وسائل الإعلام المختلفة الشيعة السعوديين بالولاء للخارج، وهذا منطق المهرجين، إذ أن الشيعة يشهد لهم بالولاء الوطني، وقد سمعت ذلك شخصيا من كبار مسؤولي الدولة' ،مضيفا 'إننا هنا ندافع كغيرنا عن تراب الوطن وأمنه واستقراره'.
ودان الصفار ممارسي التشدد من كل الأطراف، إذ قال 'نحن أيضا بيننا متشددون دينيا، وينبغي علينا تحمل مسؤوليتنا، كما نطالب الآخر بتحمل مسؤوليته'.
وزاد 'إن عدم الاعتراف بوجود مشكلة تمييز وتشدد ديني يسهم في خلق مناخ وطني سلبي،، كما أن عدم الاعتراف بأخطاء كل طرف ضد الطرف الآخر يؤدي لاستمرار المشكلة التي لا تعتبر من صالح البلاد'.
واستعرض جوانب عدة، من أشكال التمييز في العالم، إذ قال 'إننا نجد كيف تكون المشاكل وتكبر وتفتح مجالا للتدخل في شؤون البلدان، ففي مشكلة دارفور في السودان تدخل دولي بسبب عدم المساواة هناك، وفي أمريكا ناضل السود حتى وصل أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية'.
مستعرضا تاريخ النضال للسود الأمريكيين الذين جاؤوا لأمريكا كعبيد.
من جانبه قال الباحث حمود العتيبي القادم من العاصمة الرياض 'إن ما سمعته هذه الليلة خطاب وطني بامتياز، وهو يصلح ليكون نواة انطلاق لمعالجة هذه المشاكل التي يمارسها البعض'.
مضيفا 'لا أستطيع أن أخاطب المتطرفين، وأوجه خطابي للعقلاء في هذا الوطن العزيز لأقول لهم يجب أن نقف يدا واحدة ضد المشاكل التي تعترض طريق إصلاح الوطن، وأن نكون عونا لقيادتنا الرشيدة في تحقيق ذلك'.
وزاد 'من يفرق بين مواطن وآخر هو عدو لهذا الوطن، والجميع متساوون كما نص القانون على ذلك'.

هذا هو المرجع العلامة آية الله العظمى يوسف الصانعي وهذه بعض مواقفه

لقاء سماحته رئيس المنظمة الشعبية للدفاع عن تحرير القدس (حجة الاسلام والمسلمين محتشمي بور
(الحق في قضية فلسطين هو ما قاله الامام الخميني من أنّ اسرائيل غدة سرطانية)
هذا ما قاله سماحة آية الله العظمى الصانعي في لقائه حجة الاسلام والمسلمين محتشمي بور رئيس المنظمة الشعبية للدفاع عن تحرير القدس الشريف وأعضاء اللجنة الطلابية للدفاع عن فلسطين.
كما أضاف فضيلته: "اني أعتقد أنّ الغربة الشديدة التي تعاني منها فلسطين اليوم هي أكثر من الغربة التي كانت تعيشها عهد النظام الملكي الظالم في ايران؛ وذلك لان النظام السابق اذا كان متواطئاً مع اسرائيل فان وضوح سقم عمله أمر لا غبار عليه، لكن اليوم تطرح بعض القضايا دون الالتفات الى لوازمها أو يبالغ في بعض المسائل التي تعود نتائجها السلبية على القدس الشريف ومجمل القضايا الفلسطينية".
كما قال: " لا يمكن توقّع نهوض الشعب في سبيل القضية الفلسطينية الاّ اذا اجتنبنا عن ارتكاب العنف في الداخل".
ويذكر أنّه في بداية اللقاء قدّم السيد محتشمي بور تقريراً عن مجمل الاوضاع في فلسطين والظروف القاسية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في مواجهة اسرائيل الغاصبة وقال: "من المؤسف أنّ الاوضاع في العالم لاسلامي وايران سببت اقرار نوع سكوت ذي مغزى وعدم مبالاة تجاه القضية الفلسطينية، أتاحت للنظام الاسرائيلي الفرصة لتمرير قضاياه وتنفيذ أجندته".
كما أشار الى مواقف الدول تجاه ايرن في القضية النووية وتجاذبات انتخابات رئاسة الجمهورية وقال: "من المؤسف أنّ الحكومة التي كان لها موقف خاص تجاه المحرقة اليهودية اختارت اليوم السكوت تجاه مسائل فلسطين". التاريخ : 2009/12/11



بيان سماحة آية الله العظمى الصانعي (مدّ ظلّه العالي) بمناسبة رحيل آية الله العظمى المنتظري( قدس الله نفسه الزكية)
بسمه تعالى
"اذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدّها شيء\"
رحل الى جوار ربّه الفقيه المتقي والعارف الزاهد والمحقق الذي قلّ نظيره والمجاهد الصبور وأسوة المقاومة شيخنا الاستاذ آية الله العظمى المنتظري (قدس الله نفسه الزكية). وبهذه المناسبة أبعث تعازيي الى صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن (أرواحنا وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء) ومراجع التقليد والحوزات العلمية والشعب الايراني الشريف وعوائل الشهداء والمضحّين وجميع الشعوب المتحرّرة وذويه السببين والنسبيين وبخاصة حجة الاسلام والمسلمين الحاج الشيخ أحمد المنتظري. آمل من الله القادر الرحيم أن يوفّق الجميع للمضي في طريقه، وهو طريق الترويج للاسلام الصادق الذي يعني التسليم أمام الحقّ والعدالة والتسليم أمام الكمال المطلق لذات الباري تعالى، وأن تكون حياتهم ومماتهم مقترنة بحبّ آل بيت الرسول(صلى الله عليه وآله) الذين قارعوا الظلم ووقفوا الى جنب المظلومين على طول التاريخ حتى نالوا الشهادة.
قم المقدسة يوسف الصانعي
3/محرم الحرام/1431--------------------------------------------2009/12/20




إنّ كربلاء وعاشوراء اللتيْن تُمثّلان رَمزاً حَيّاً لنا، هما مَظهر كُرهنا للظلم واشمئزازنا من الاستبداد. ولا رَيبَ في أنّ التعاطف مع عاشوراء هو عامل ضروريّ لاستئصال جذور العُنف في عالم البشريّة، وبيانٌ واضح لعلاقتنا الوطيدة بالمظلوم بكلّ المَقاييس
لعلّ أهمّ دَرس وعِبرة يُمكن استنباطهما من واقعة كَربلاء – التي نَعشقها ونُقيم لأجلها المَجالس ونُحيي لذكراها التعازي ونَعقد بصَددها المؤتمرات – هي بيان قُبح الإرهاب وقسوة الظلم وبشاعة الجريمة. ولا شَكّ في أنّ هذا المَوقف يُمثّل واحداً من الأمور التي يَفخر بها الشيعة الذين لا يَكتفون باعتبار الإرهاب ليس وسيلة للتحرّك والسّير قُدُماً، بل ويَسعون إلى مُحاربته والتّصدي له.
إنّ كربلاء وعاشوراء اللتيْن تُمثّلان رَمزاً حَيّاً لنا، هما مَظهر كُرهنا للظلم واشمئزازنا من الاستبداد. ولا رَيبَ في أنّ التعاطف مع عاشوراء هو عامل ضروريّ لاستئصال جذور العُنف في عالم البشريّة، وبيانٌ واضح لعلاقتنا الوطيدة بالمظلوم بكلّ المَقاييس.
ولقد كانت حادثة عاشوراء حركة سياسيّة مَدروسة، فالإمام الحسين(عليه السلام) لم يُقرّر تَرك المدينة والتوجّه إلى الكوفة إلاّ بطَلب وإلحاح مُتواصليْن من أهل الكوفة أنفسهم. فهو(عليه السلام) لَم يَذهب إلى هناك من أجل الحرب، إنّما فُرِضَت عليه الحَرب فَرضاً، فما كان عليه إلاّ قبول الشهادة للدّفاع عن المظلومين ومُقاومة الظلم ونَيل الحريّة. والواقع أنّه كان قراراً حاسماً يَدعو للفَخر والعزّة. ولم يَتوانى الإمام(عليه السلام) وأصحابه الأخيار الأوفياء عن سَفك دِمائهم والتّضحية بأرواحهم أملاً منهم في الوقوف بوَجه الظلم ومُقاومة الاستبداد، ليتمكّن أفراد البشر بعد ذلك العَيش بسلام وهدوء.
يوسف الصانعي
التاريخ : 2009/12/19

آية الله منتظري

"آية الله منتظري رجل ذو قيمة عالية ، عالم ملتزم ، فقيه جليل ،مجاهد كبير ، دخل السجون مراراً وتحمل الظلم والاضطهاد والأذى، فنضج بهذه الأمور... إنه خلاصة عمري..."
المرحوم الامام الخميني
"آية الله منتظري من الناحية العلمية أقوى من كثير ممن هم في مستوى درجة آية الله ودرجة المرجعية" الشهيد آية الله مرتضى مطهري

"آية الله منتظري أحد مراجع التقليد وأحد فقهائنا الكبار.. ويجب أن نعتبره من فقهاء الاسلام من الدرجة الاولى ..وهو كذلك...أستاذنا الكبير... أستاذ الحوزة العلمية..هو أمل الشعب الايراني في المستقبل".. السيد علي خامنئي

" آية الله منتظري فقيه مجتهد، جيد الذوق، دقيق الفهم،كثير المطالعة، ذو سابقة جمة، جيد الاختيار، سلس الذهن... والحوزات العلمية تذعن لشخصيته العلمية"
آية الله جنتي
" نظراً الى الأصل الخامس من القانون الأساسي الذي يجعل ولاية الأمر بعهدة الفقيه، العادل، المتقي، الواعي لمسائل العصر، المدير المدبّر فاننا نرى هذه الصفات متحققة في آية الله منتظري" مجلس الخبراء

مظلوم يا حسين يا شهيد
مظلوم يا حسين علي منتظري
يا شهيد الاسلام الرسالي والتشيع الحق
يا شهيد الوحدة الاسلامية الحقيقية
يا شهيد المحبة والتسامح والانفتاح
يا شهيد عاشوراء الكف في وجه السيف
يا شهيد الجمهورية الديمقراطية الاسلامية
يا شهيد حقوق الانسان في ايران والعالم الاسلامي
يا شهيد العدالة والحرية والكرامة

لكم الله يا شعب ايران العظيم
لكم الله يا آل بيت منتظري
لكم الله يا رفاق حسين علي منتظري
الرئيس السيد محمد خاتمي
الرئيس السيد مير حسين موسوي
الرئيس الشيخ مهدي كروبي
الرئيس آية الله الشيخ هاشمي رفسنجاني
السيد علي أكبر محتشمي بور
السيد بهزاد نبوي
السيد هادي خامنئي
لكم الله يا علماء ايران ومراجعها
يا آية الله يوسف صانعي
يا آية الله السيد خادمي أصفهاني
يا آية الله فاضل اللنكراني
يا آية الله ملكوتي
يا آية الله طاهري أصفهاني
لكم الله يا شهداء انتفاضة عاشوراء المباركة
يا رجال ونساء وشباب وشابات طهران وأصفهان وتبريز وشيراز ومشهد ونجف آباد
يا أبناء الثورة...
يا أبناء وأحفاد الخميني والمطهري وشريعتي وطالقاني وبهشتي والمنتظري ..
يا أبناء الحلم الذي يريدون اليوم قتله..
لكم الله يا أهالي الشهداء
وعظّم الله أجركم بهذا المصاب
ولا تهنوا ولا تحزنوا
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

منظمة الطلاب السائرين على نهج الامام المنتظري- طهران

طابت ذكراك أيها الشيخ الجليل

عادل حبه

الخبر المحزن الذي تناقلته وكالات الأنباء يوم الأحد المصادف 20 كانون الأول حول رحيل الشيخ الجليل آية الله حسين علي منتظري عن عمر ناهز السابعة والثمانين، بقدر ما أثار لدي الأسى والحزن، فإنه قد أرجعني إلى عقد الستينيات من القرن الماضي لأستذكر تلك الأيام المريرة التي قضيتها في سجن "قصر" في عهد الشاه. فقد تعرفت في هذا السجن وعبر سبع سنوات على الكثير من الوجوه البارزة في الحركة الوطنية الإيرانية ومنهم شيخنا الجليل وإبنه محمد منتظري في قاطع رقم 4 من هذا السجن. إن السجن السياسي ربما يكون فريداً ولا يضاهيه أي مكان أحياناً في شفافيته، حيث يمكن للمرء أن لا يتعرف فقط على الخريطة السياسية والاجتماعية لأي بلد بسبب تلون التيارات التي ينتمي السجناء السياسيين إليها، بل إن السجن يكشف أيضا كل مكنونات السجين وخصاله، نقاط قوته وحسناته والصفات السلبية التي لا يتحرر أي كائن إنساني منها.
في ربيع عام 1966 نقلنا نحن السجناء الشيوعيون العراقيون من قاطع رقم 3 في سجن قصر إلى قاطع رقم 4 الأكثر اتساعاً ومساحة. هناك التقينا بنخبة فريدة من السجناء السياسيين الإيرانيين الذين نقل غالبيتهم من سجن برازجان الصحراوي في أقصى الجنوب الإيراني بعد أن أعيدوا إلى سجن العاصمة. وكان منهم الضباط الشيوعيين من أعضاء حزب توده إيران (أعدم خمسة منهم بعد 30 عاماً في السجن من قبل حكام إيران الحاليين) وقادة حزب "نهضة الحرية" بزعامة المهندس مهدي بازركان وآية الله سيد محمود الطالقاني. وكان من بين السجناء أيضاً طيب الذكر آية الله حسين علي منتظري وابنه محمد اللذين يقضيان مدة حكم لمدة سنتين، إضافة إلى اثنين من قادة حزب توده ممن جرى تخفيف الحكم عليهم من الإعدام إلى المؤبد وهما برويز حكمت جو وعلي خاوري. وكان هناك عدد آخر من السجناء من مختلف الإتجاهات. وكانت شخصيتي رجلي الدين المرحوم آية الله سيد محمود الطالقاني والفقيد آية الله حسين علي منتظري، هي أكثر ما جلب الانتباه من بين السجناء، الذين كانا يتمتعان بخصائص تميزهما عن مجموعة غير قليلة من رجال الدين ممن صادفتهم أثناء فترة السجن.
فالفقيد حسين علي منتظري كان شديد الالتزام بموقف متسامح خال من تكفير أو نبذ لمن يحمل أفكاراً أوعقائد أوأديان أخرى. فهو يختلط بالجميع ويتناقش دون أن يفسد للوّد قضية ودون أن يمتنع عن تلبية الدعوة على كأس شاي أو وليمة "سجنية" خلافاً لما كان يقوم بها فريق من المتشددين ممن يجلسون على كراسي الحكم في إيران الآن. فتراه تارة يجالس الشهيد كاكي أوانسيان( أعدم في مجزرة السجون في عام 1988) ليتناقش ويتبادل النوادر ثم يرجع ليقوم بإداء طقوسه الدينية عندما يحين وقتها.
ولم ير منتظري في الدين أو المذهب وسيلة للإكراه أو فرض طقوس وخيار إيماني محدد عملاً بالنص القرآني "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ـ البقرة:256". كما كان ينظر إلى الإيمان الديني كخيار للبشر مسترشداً بسورة الكهف:" وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا". فالبشر حسب هذه الآية مخيّر في إيمانه ولكنه غير مخير في "ظلمه" سواء أكان مؤمناً أم غير مؤمن. فغضب الخالق ينصب على كل الظالمين ومنهم من كان "مسلماً" من أمثال معاوية ويزيد والحجاج وصلاح الدين الأيوبي محرر القدس الذي سفك دماء كل أركان حكام مصر من السلالة الفاطمية، ناهيك عن الجبابرة "المسلمين" في عصرنا من أمثال صدام حسين وعزة الدوري وعلي خامنئي وخلخالي وغيرهم من "المسلمين" الذين يتحملون وزر قتل وإبادة البشر بدون تكليف من رب العالمين.
امتاز الفقيد بسعيه للمعرفة. فهو لم يحدد نفسه بالمصادر الدينية على أهميتها بالنسبة له كرجل دين، بل تبحر في الأدب الفارسي وفي اللغة العربية، وكان يطالع ما يتسرب بشكل سري إلى السجن من كتب متنوعة ويتناقش حولها مع أصحاب الآراء الأخرى دون أن يفسد ذلك احترامه لهم. تراه أحياناً منهمكاً في متابعة دراسته للغة الإنجليزية التي أتقنها في السجن هو وابنه محمد، الذي كنت أدقق له دروس اللغتين الإنجليزية والعربية.
لقد قضى الفقيد منتظري نصف حياته في السجون والنفي والتشرد والإبعاد في عهد الشاه، والحجر المنزلي والأذى في عهد حكام الجمهورية الأسلامية. ولم يُقل ذلك من إرادته بل زادته المحن قوة وجعلت منه حساسا للغاية ضد الظلم ومناصراً لحق الإنسان في الحياة وفي حرية المعتقد ومنتقداً بليغاً وصريحاً للانتهاكات في زمن "الجمهورية الإسلامية" ولكل اعوجاج في سياستها. وجراء ذلك أتُهم بأنه اتخذ "مواقف غير مبدئية" تجاه الحرب العراقية الإيرانية!!!.. وهذا ما حدا بالتيار المتشدد للتآمر عليه وإبعاده عن منصب خليفة الخميني أو قائمقامه في حالة رحيله، وإزاحته عن الميدان السياسي ومنعه من اللقاء بأحد وعومل بأقسى وأحط الأساليب. فقد وجّه منتظري انتقاداً صريحاً لسياسة حكام إيران التي تراهن على استمرار الحرب مع العراق، وانتقد الشعار الذي رفعه المتشددون وحتى بعض من العراقيين الذين التفوا حول المتشددين ورفعوا شعار:" حرب حرب حتى النصر" و"الطريق إلى فلسطين عبر كربلاء"، وما يعني ذلك من استمرار هذه الحرب العبثية الدموية التي أشعلها صدام واستمر بها حكام التطرف الديني في إيران. وفي هذا الإطار انتقد حكم الإعدام الجائر الذي صدر بحق صهره مهدي هاشمي، وتنفيذ هذا الحكم بسبب فضحه لصفقة ما سمي آنذاك بـ"إيران غيت" بعد الزيارة السرية لماكفرلين موفد الرئيس الأمريكي ريغان في عام 1987 من أجل إطلاق سراح الدبلوماسيين الأمريكان الستة الذين اختطفوا من قبل حزب الله في لبنان مقابل إمداد إسرائيل للأسلحة إلى إيران، بما يعني ذلك استمرار هذه الحرب الجهنمية التي جلبت الدمار والقتل الجماعي لكلى الشعبين.
ونظراً لمشاعره الإنسانية ولتجاربه الشخصية مع اضطهاد بني البشر، فقد كان الوحيد من بين رجال الدين في إيران وخارجها من وجّه أشد أشكال الإدانة للمجازر الجماعية التي أرتكبت في صيف عام 1988، والتي رافقت قبول المرحوم الخميني بوقف الحرب العراقية الإيرانية بعد فشل شعار "حرب حرب حتى النصر". وطالت هذه المجازر ما يزيد على 5 آلاف من السجناء السياسيين في مختلف سجون إيران، وتم إعدامهم في ليلة واحدة وبدون محاكمات وبدون أدنى مبرر سوى مطالبة هذه الحركات السياسية بوقف الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس. واعتبر منتظري أن سكوت المراجع الدينية على هذه الانتهاكات" بمثابة ذريعة بيد الحكم للمزيد من هذه الانتهاكات". ولذا فليس من قبيل الصدفة أن تشير داعية حقوق الإنسان السيدة شيرين عبادي الحاصلة على جائزة نوبل إلى ذلك في رثائها للفقيد منتظري حيث قالت:" ألقبك بالأب لأنك علمتنا كيف ندافع عن السجناء السياسيين وتخليت جراء ذلك عن كل المناصب الحكومية وحتى زعامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ألقبك بالأب لأنك علمتنا كيف ندافع عن المظلوم دون أن تحرض على العنف ضد الظالم. تعلمت منك إن سكوت المظلوم يشجع الظالم، فلا ينبغي التزام الصمت. أبي لقد تعلمت الكثير منك رغم إنني لم أف بمقامك كابنة وتلميذة لك".
نعم إن الفقيد لم يكن من ذلك الطراز الذي يتاجر بإيمانه أو دينه من أجل الجاه، ولا يتظاهر يذلك من أجل المنصب أو جمع الأموال . فهو لم يلطخ جبينه بالسواد كي يدلل على مبالغته بتدينه وليصبح ذلك جوازاً للحصول على المكاسب والجاه كما يفعل عدد غير قليل من طلاب المناصب الآن. ولم يتوسل الفقيد منتظري بفتاوى تتعارض مع القيم الإنسانية، فهو الذي أفتى بجواز المصافحة بين النساء والرجال، واعتبر إن رفض هذه المصافحة لا يدل إلا على عدم الاحترام وقلة الذوق ولا علاقة لهذا الرفض بالمعايير الدينية. وكان الوحيد من بين رجال الدين من دافع عن الحريات الدينية و أدان القمع والتصفيات ضد أتباع المذهب البهائي في إيران معتبراً أن البهائيين مواطنون إيرانيون يجب أن يتمتعوا بنفس حقوق سائر المواطنين الإيرانيين. وأفتى بعدم شرعية انتزاع الاعترافات من المتهمين بالقوة وأدان مثل هذه الأساليب التي تمارس في أقبية سجون ومعتقلات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقال:"إن مثل هذه الاعترافات ليس لها أي أساس شرعي وقانوني ويجب توجيه الاتهام لمرتكبي هذه الأفعال وتقديمهم إلى محاكم عادلة وعلنية لكي يشعر المواطنون بعدم انتهاك حرياتهم ويشعروا بالأمل في المستقبل وأن لا يجري التوسل بالقمع وسد أبواب الجامعات لمنع الشعب من الاحتجاج". وفي الذكرى الثلاثين لاحتلال السفارة الأمريكية في طهران من قبل الطلبة، اعتبر هذا الأجراء غير صحيح ولا يمت بصلة إلى طابع العلاقات المتحضرة بين الدول مهما كانت اختلافاتها.
وأعتبر منتظري إن ممارسات ولاية الفقية، والمرشد علي خامنئي على وجه الخصوص، ما هي إلاّ ضرب من الاستبداد الذي أطلق عليها أسم "ولاية العسكر"، وهي تشكل خطراً على الدين وعلى المراجع الدينية. وأكد وهو الذي أشرف على كتابة الدستور على أنه ليس من حق الولي الفقيه الولاية المطلقة ومصادرة رأي الناخب الإيراني بحيث يتحول الفقيه إلى الحاكم المطلق، فالنبي لم تكن لديه الولاية المطلقة. وأكد خاصة في السنوات الأخيرة على ضرورة "إدارة شؤون البلاد على أساس رأي الشعب". وإن مهمة ولي الفقيه هي الشؤون الفقهية والمراقبة على سير تطبيق الدستور وليس التحول هو ورجال الدين الآخرين من أنصاره إلى قادة لقوى الأمن أو إلى ضباط تحقيق ومخابرات أوإلى وزراء للداخلية. وطالب بعدم تدخل الولي الفقيه في شؤون الحكم واحترام الفصل بين السلطات والمسؤولية المشتركة أمام القانون دون أن يكون لولي الفقيه موقع فوق القوانين.
وتبلورت مواقف آية الله منتظري ضد الاستبداد والدفاع عن حقوق المواطن الإيراني في الأشهر الأخيرة من عمره بعد التزوير الفاضح في انتخابات رئاسة الجمهورية وتبلور "حركة الخضر" المناهضة للاستبداد الديني و "للدكتاتور"، بحيث أصبح الفقيد الزعيم الروحي لهذه الحركة الإصلاحية. وأعلن منتظري بصراحة "أن من يتوسل بالعنف والتزوير يفقد أية مشروعية في تولي المناصب والمسؤولية في الدولة الإيرانية". وعبر الفقيد بعد إعلان نتائج الانتخابات أن " العدالة والأمانة قد انهارت"، وحذر المسؤولين من نسيان استبداد الشاه وتجربته الفاشلة.
لقد مرت سنوات على اللقاء بهذه الشخصية الدينية الإنسانية، وكان آخرها دعوته لي والعائلة في بيته في مدينة قم بعد انتصار الثورة الإيرانية في ربيع عام 1979 وبعد تحرره من سجن الشاه. كان أكثر تواضعاً وبساطة وأشد حماساً لبناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان ومختلف الآراء والأديان، وعبر عن امتنانه لاستضافتي لابنه الشهيد محمد الذي قدم إلى العراق وأقام في بيتنا بعد هروبه من ملاحقة نظام الشاه عام 1972، ثم التحاقة بمكتب الراحل الخميني في مدينة النجف ثم عودته من جديد سراً إلى إيران. وقد ذهب محمد ضحية التفجير الذي عصف بمقر الحزب الجمهوري في طهران في يوم إطلاق سراحي من سجن إيفين في طهران في يوم 28 حزيران عام 1981.‏
طابت ذكراك أبها الشيخ الجليل، ولتهب في سماء إيران نسائم التسامح والمحبة وسمو القيم الإنسانية والإنسان باعتباره صاحب الحق و الكلمة الأخيرة في إدارة شؤونه.
adelmhaba@yahoo.co.uk
كاتب عراقي