إظهار الرسائل ذات التسميات الإسلام والديمقراطية. إظهار كافة الرسائل
إظهار الرسائل ذات التسميات الإسلام والديمقراطية. إظهار كافة الرسائل
السبت، 2 فبراير 2013
محمد مهدي شمس الدين: حول الخدمة المنزلية
عن قانون الانتخابات والزواج المدني
جمال البنا: الحجاب غير شرعي والزواج صحيح دون شهود وولي
رحم الله المفكر المناضل جمال البنا
الأربعاء، 2 يناير 2013
المفكر محمد المحفوظ يتحدث عن الدور الحضاري للمساجد في صفوى
الشيخ حسن الصفار يدعو الى قيام مؤسسات مدنية فاعلة تستقطب الكفاءات المحلية
جعفر الشايب: تعزيز الوحدة الوطنية
كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف
تنص المادة 12 في الباب الثالث من النظام الأساسي للحكم والمعنونة بـ (مقومات المجتمع السعودي) على أن «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»، وهذا النص نص محترم تعارفت عليه معظم الأنظمة والدساتير في مختلف دول العالم.
هذا النص يشكل حجر الزاوية في ديمومة وضمان وحدة وبقاء الدولة والكيان الأساسي، وبدون صيانته وتعزيزه يصبح أي بلد عرضةً للتمزق والانقسام والتفكك. فمما لا شك فيه أن الوحدة الوطنية محل إجماع من قبل جميع المواطنين لأنهم يرون فيها مصدر قوة وتماسك بينهم.
في ظل هذا الإجماع يفرض علينا أسئلة عما ينبغي عمله لتفعيل هذا النص الدستوري المهم، وذلك ببعديه المتمثلين في تعزيز الوحدة الوطنية ومنع الفرقة والفتنة والانقسام، وما هي الجهات المعنية للقيام بهذه المسؤولية الكبيرة؟ ثم ما هي الخطط والبرامج التي قامت بها في هذا المجال منذ صدر النظام الأساسي للحكم عام 1992م حتى الآن؟
خلال العشرين سنة المنصرمة -أي منذ إقرار النظام الأساسي وإلى الآن- مرت المملكة بتحولات كبيرة وواسعة؛ اُستحدثت خلالها كثير من القضايا التي تستلزم إعادة مراجعة بعض النصوص الواردة في النظام وتطويرها بما يتناسب مع هذه التحولات والتغيرات القائمة، وذلك في ظل بروز نعرات بعضها علناً على فترات ساهمت في تصعيد حدة التحريض على الكراهية بين فئات من المواطنين مشتملة في ذلك على الإساءة والتهديد.
الأمر الذي كان من شأنه -ولا يزال- تهديد أمن الوطن ووحدته، مما يستدعي وجود ضوابط متمثلة بمختلف أشكال الحماية القانونية مادياً ومعنوياً.
فمن الناحية التشريعية، يلزم أن يتحول هذا النص الموجز والمختصر إلى مواد قانونية مفسرة بوضوح أكثر بعيداً عن الإجمال العام، واستحداث أنظمة وقوانين مستمدة من مضمون وروح هذه المادة المهمة.
كما يلزم أن تؤخذ بعين الاعتبار جميع الأسباب الجذرية المعوقة للوحدة الوطنية والتأكيد على وضع الحلول المناسبة والبعيدة المدى؛ كسياسات وبرامج التنمية المتوازنة ، والمشاركة العامة.
أما من ناحية الممارسات، فإنه يلزم إيجاد مؤسسات تهتم بترجمة مبادئ وقيم الوحدة الوطنية على أرض الواقع، وأن تكون قادرةً على معالجة أي خلل أو تجاوز في هذا المجال. لتتحول مختلف مؤسسات الدولة التعليمية والإعلامية والثقافية والسياسية راعية وحامية لهذه المبادئ والقيم.
البحرين قضية عادلة.. ودليل النوايا الصادقة
عادل عبد المهدي
أيدنا الانتفاضات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن.. كما ايدنا انتفاضة الشعب السوري ورفضنا الطعن بمعارضته.. ونعتقد ان تأييد الشعوب في مطالبها هي لحظة تاريخية لا تتعلق بتأييد اشقائنا فقط، بل بقضيتنا في العراق والمنطقة التي نحن جزء منها ايضاً.. فكلما تعزز مسار الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وتحقيق مطالبها، وبناء دولة المواطن لا دولة المسؤول، كلما عززنا مكاسبنا وتمتعنا بمناخات عامة تنقلنا من اجواء الصراعات والخلافات والتقاطعات الى اجواء المنافع والروح الايجابية المبادرة والعمل وحسن الجوار وبناء نظم وطنية متناغمة.. ومنظومة اقليمية منسجمة في مصالحها وسياساتها.
بالامس كتبنا حول سوريا العزيزة واهمية تحقيق مطالب شعبها.. وخلافاً لاخرين يكيلون بمكيالين، نجد من واجبنا الدعوة ليقف الجميع مع الشعب البحريني.. خصوصاً وان المعارضة هي الوحيدة، بين المعارضات العربية، التي لا تطالب باسقاط النظام ورحيل القيادات. وهي الوحيدة التي سجلت على نفسها وثيقة عدم العنف والتزمت بذلك محلياً ودولياً، رغم العنف المستخدم ضدها واستخدام قوات خارجية، ورغم الضحايا والاعتقالات والاجراءات التعسفية المتخذة، التي ادانتها كافة اللجان التحقيقية والهيئات والمنظمات الدولية، بما في ذلك لجنة حقوق الانسان الاوروبية والاممية.
واذا ما تمتع المرء بالموضوعية وتخلص من نوازع التعصب والانحيازات المسبقة، فلن يجد في المعارضة البحرينية سوى قوى وطنية دعمت كل الجهود السلمية السابقة لتطوير النظام الملكي، وبضمنها المشاركة في البرلمان، بالمقاعد التي سمح بها النظام الانتخابي التمييزي. وكان من المفترض ان تكون دعوات التطوير اكثر سهولة وقبولاً من انتفاضات الربيع العربي المطالبة برحيل الحكام ومحاكمتهم وصولاً لقتلهم ومحاكمتهم واعدامهم. ففي القرن الحادي والعشرين لم تعد المطالبة بانتخابات حرة (صوت/ مواطن) وبحكومة تأتي عبر الانتخابات جريمة وتهمة بالعمالة.. سواء اجرت في ظل نظام ملكي دستوري، كما يطالب اغلبية البحرانيين، ومنهم المعارضة، او في ظل نظام جمهوري. ان قضية البحرين ليست قضية داخلية فقط.. بل هي ايضاً فرصة لنا ولدول الخليج والمنطقة لتبني معايير تقارب بين توجهاتنا ومبانينا بعيداً عن الاقطاعية والطائفية البغيضة، وتواكب التطورات لتجديد انظمتنا. فالشعوب ليسوا رعاعاً وعبيداً وطوائف وعملاء.. والحكام -ملوكاً او رؤساء- ليسوا مالكين لا لرقاب العباد ولا لحقوق البلاد.. بل الشعوب –وبكل تلاوينهم- هم المالكون، واصحاب الحق الاول والاخير.
الدستور.. الدين والدولة
عادل عبد المهدي
في المؤتمر حول الدساتير العربية لبلدان الصحوة (القاهرة/ 5 كانون الاول) اظهر البعض قلقه من طبيعة العلاقة بين الدين والدولة.. فهناك اتفاق عام باهمية الشريعة كمصدر اساس للتشريع او من مصادره الاساسية.. لكن بعضهم كان يخشى من استغلال الدين لاغراض الاستئثار.. يقابله قلق من التجاوز على ثوابت الامة الدينية سعياً للحداثة والعولمة.
وكان للوفد العراقي شروحات طيبة.. فالدستور العراقي (المادة 2) اقام علاقة متوازنة تؤسس لدولة مدنية دينها الرسمي الاسلام وجعله مصدراً اساساً للتشريع.. فاوجب احترام هوية غالبية الشعب الاسلامية وضمان حقوق بقية الديانات والمعتقدات وممارساتها. فالدين والمدنية ليسا متناقضين الا عند التعسف في احدهما.. فمدنية المسلم، لا تنفي تدينه، او العكس.. واسلاميته لا يكسبها من انتمائه لحزب، وان انتمى فليس على حساب مدنيته.. فضمن الدستور تلازم السلوك التوحيدي لطبيعة الدولة في معاملاتها وعطلها ومراسمها، الخ.. بل والتحصن من عدم الاعتداء.. فمنع، بتكامل وتلازم، وفي آن واحد، المس بالاسلام او بمبادىء الديمقراطية والحقوق والحريات الاساسية الواردة فيه. والمنع غير المطالبة والتطبيق، كما هو معلوم.. فلو طالب احدهم ان تعطل الدولة الصلاة او الحج او الصيام فان الدستور سيتصدى لذلك بان هذا يمس بثوابت الاسلام.. بينما لو طالب انه يجب فرض الجزية او قطع يد السارق، فهذا يتعلق باحكام، للزمان والمكان اعتبار فيها.
بل ان اصرار المرجعية على اصدار الدستور هو بذاته ضمانة واطمئنان للمسلمين ولغير المسلمين.. وسيعني اقراره ان البلاد ستحكم بموجبه، بعد ان استبطن الحقوق الاساسية للجميع وحمايتهم.. ولا عبرة للاصوات الصحيحة او الخاطئة التي لا حكم لها، او بالحالات الاحادية والشاذة، بل العبرة هل يكون الحكم بالدستور ام بدونه. فالمسلمون وغير المسلمين يجدون حقوقهم وضماناتهم فيه.. وان هدفه ليس قطع الالسن واثارة الفتن، بل اعتباره القانون الاسمى، بكامل نصوصه وتوازناته، لادارة البلاد.. لهذا قلنا في كلمة لنا.. ان من يرى بعين واحدة ولمصلحة جماعة او فكرة واحدة فسيرى دستورنا مليء بالتناقضات.. لكن من يرى بعيون المجتمع كله.. وثوابته ومتغيراته، وجميع جماعاته وتلاوينه واتجاهاته سيرى انه حقق توازناً وضماناً لكل المواطنين، دون ان يغلق الباب للتعديل والتطور حسب المقتضيات. وهذا انجاز تاريخي نحققه للمرة الاولى، يحمي الجميع ويضمن حقوقهم، بعيداً عن حكم الهوى واليد القاهرة.
عائدة تبعث عفيف فراج حياً فتترجم «القمع السياسي»
طلال سلمان
تتجاوز عائدة خداج أبي فراج الموت لتتابع رحلتها مع رفيق عمرها الدكتور الباحث المميز عفيف فراج الذي أعطى الجامعة اللبنانية بعض أغلى سنوات حياته حتى دهمه المرض فانقطع عن التدريس لكنه لم ينقطع عن دراسة أحوال الأمة، وعن متابعة التطورات الفكرية والسياسية، فظل يكتب وينتج حتى النفس الأخير.
ولقد كتب عفيف فراج في الفكر السياسي، بمنظور تاريخي، وحاكم السياسة والأدب وموقع المرأة، ثم توغل في دراسة اليهودية ورؤية انشتين لها ولدولة اليهود، قبل أن يذهب إلى البحث عن الجذور الشرقية للثقافة اليونانية، وأنتج عشرة كتب وضع فيها عصارة فكره وثقافته.
كانت عائدة، شريكة في نتاجه، إذ وفرت له الجو المريح، كما ساعدته في التحضير، ولعله كان يستعين بها كناقدة قبل ان يدفع بأي كتاب جديد إلى دار الطليعة أو دار الآداب لتنشره.
فلما أقعد المرض عفيف فراج تبدت عائدة في أروع صورها: حبيبة وزوجة ومرافقة وممرضة ومؤنسة حتى الشراكة في الوجع...
وبعد رحيل عفيف دأبت عائدة، وهذه المرة مع نجلهما طارق عفيف أبي فراج على جمع آخر ما كتب، وترجما مؤلفه «القمع السياسي وتجلياته في نماذج مختارة من الرواية العربية الحديثة»، وهو بحث كان قد أنجزه عفيف في العام 1982 «حين كان لبنان يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، النسخة الأشد سواداً «للعسكري الأسود»».
تقول عائدة خداج أبو فراج في المقدمة التي كتبتها لهذا الكتاب الذي تكاد تكون شريكة فيه:
«كان يحمل أوراقه وكأنها ولدنا الرابع، وينزل بها إلى الطابق السفلي، يراجع ما كتب على وقع أصوات القذائف التي كانت تستهدف بلدة بعقلين الشوفية الجميلة التي كنا نعلّم في ثانويتها. وما ان بدأ الاسرائيليون بالسؤال عنه وملاحقته حتى كان الهروب من بطشهم هو السبيل المتاح، على غرار أبطال الروايات التي اختارها في بحثه. فكانت وجهته ألمانيا حيث قدم رسالته ونال شهادة الدكتوراه».
ينقسم الكتاب إلى بابين: في الأول، وعبر سبعة فصول، يحاول الكاتب رصد الجذور التاريخية للنظرة الغربية الاستعمارية الانتقاصية للشرق والعودة بها إلى بدايات الصراع القديم والمستمر منذ اليونان القديمة حتى أوروبا الامبريالية الحديثة. لقد نسب الغرب القمع السياسي إلى الشرق وعبّر عنه بمصطلحات ذات مضامين ثقافية ـ عرقية انتقاصية مثل «الاستبداد الشرقي» و«الهمجية الشرقية» ليؤكد ضمنا ان الحرية هي امتياز يعود حصريا إلى الغرب..
أما الباب الثاني فينقسم إلى قسمين: يعرض القسم الأول لمفهوم الحرية في الإسلام القائمة على التوحيد والمساواة، ولكن سرعان ما تتحول السلطة بعد فترة الخلفاء الراشدين الأوائل إلى سلطة اوليغاركية تسلطية في غياب المؤسسات الديموقراطية.. أما القسم الثاني فيتضمن نماذج مختارة من الرواية العربية الحديثة تروي قصص السجون والسجناء و«العسكري الأسود» الذي يستبيح الحرمات ويضرب ويجلد ويلاحق ويغتصب ويعنف ويأكل اللحم الحي..».
في سياق الاستشهاد ترد بعض أقوال أرسطو الدالة على العنصرية ومنها: «ليس في الجماعات غير اليونانية طبقة قادرة بالفطرة على الحكم والقيادة، لأن مجتمعهم يتكوّن فقط من عبيد، ذكورا وإناثا.. وكما يقول الشعراء من المناسب ان يحكم الهلينيون البرابرة، مما يعني أن البرابرة والعبيد هم بالفطرة متطابقون».
... وكان المستعمرون الاسبان والبرتغاليون، بعد الرومان واليونان، أول من جاهر واعترف بمهمتهم التمدينية في القرنين السادس عشر والسابع عشر وتاجروا بالمسيحية التي نشروها بين الهنود الحمر في المناطق التي احتلوها.. وبروح الصليبية المتعصبة قاموا بـ«إطاحة الآلهة الوثنية واستبدالها بالصليب»... وهم ادعوا مهمة «النصرنة»، وميز الفرنسيون أنفسهم بالادعاء أنهم «الأم الحنون» للشعوب المستعمَرَة، وتحدث الألمان عن مهمة شبيهة بالمهمة الفرنسية.
... و«على الرغم من الولاء لليونان واعتبارها «السلف الروحي» للغرب فإن نظرية التقدم اللولبي للتاريخ ليست يونانية المصدر بل هي يهودية. ان فولتير وهو أول من قاس إنجازات أوروبا بمقاييس غير أوروبية استطاع ان يدرك الصلة مع النظرة المركزية ـ الاثنية العبرية للتاريخ التي صورت ان كل الأحداث هي «مقدرة من أجل تعزيز شعب الله المختار»».
وينتقل عفيف فراج في الفصل الخامس إلى «الرد على التحدي الغربي ـ الاستعماري: الاستشراق معكوسا»، فيأخذ على ادوار سعيد في نقده للاستشراق كنظام مثقل بالمفاهيم الامبريالية العرقية التي تشد وتؤكد الأوهام المزمنة حول «الاستبداد الشرقي» أنه وقع في الأخطاء نفسها التي كان سعيد قد سبق وأبرزها بوضوح حول منهج المستشرقين دعاة المركزية الأوروبية في مقاربتهم للشرق.
ويشير فراج إلى أنه طالما اندمج دعاة الحركة الإسلامية بدعاة القومية العربية.. فقد ضم التيار الأصولي الإسلامي الذي أسسه الأفغاني أشخاصا مثل محمد عبده، رشيد رضا، شكيب ارسلان، محمد طلعت حرب (مؤسس البنك المصري) مصطفى كامل، علال الفاسي، حسن البنا والسيد قطب ومحمد قطب (المنظرين البارزين للاخوان المسلمين).. وبين مآثر هذا التيار الانتفاضات المسلحة ضد كل أنواع الانتهاكات الامبريالية كانتفاضة عبد القادر الجزائري، والوهابية في شبه الجزيرة العربية، والسنوسية في المغرب، والمهدية في السودان، وثورة عمر المختار في ليبيا وصولا إلى الثورة الجزائرية... فأولئك الذين أسسوا «القومية العربية»، على الجذع الإسلامي لم يكونوا أكثر عروبة من كونهم إسلاميين ولا أقل عداء للغرب من الإسلاميين الراديكاليين...
يستشهد فراج بلويس عوض الذي يقول: «لو لم يتخذ الأدب والفن والثقافة الرسمية هذا الموقف العدائي الاستبدادي من أدبنا الشعبي الثمين الذي يشمل الملاحم والمواويل والحكايات والأساطير والمعتقدات وسواها لكنا ننعم بأدب وفن رفيعي المستوى» يستذكر هنا ان القيمة الأدبية والعبقرية الخلاقة للعامة قد أنتجت اضافة إلى «ألف ليلة وليلة» سيرة عنترة بن شداد و«تغريبة بني هلال» و«سيف بن ذي يزن» و«الظاهر بيبرس» وغيرها.
في الفصل الثاني عشر يعرض عفيف فراج متجليات القمع السياسي في نماذج رئيسية مختارة من الرواية العربية الحديثة... ويقتبس فقرات من روايات ليوسف ادريس ونجيب محفوظ وجمال الغيطاني وصنع الله ابراهيم وصلاح حافظ، من مصر، وتيسير سبول وفاضل الغزاوي من الأردن، وحنا مينا وحيدر حيدر وهاني الراهب من سوريا، وجبرا ابراهيم جبرا وغالب طعمه فرمان وعبد الرحمن مجيد الربيعي وبرهان الخطيب وعبد الرحمن منيف من العراق، وغسان كنفاني ويحيى يخلف من فلسطين، وحليم بركات من لبنان.
أما قيمة القمع السياسي فنادرة أو لا وجود لها تقريباً في الرواية اللبنانية، لكن المجتمع اللبناني يعاني معضلة الهوية الوطنية الثقافية، فالديموقراطية اللبنانية قامت على التوازن الطائفي، ثم ان الانقسام الديني الثقافي والوطني حول الهوية الوطنية قد تعرض لنقد عنيف في عدد من الروايات، ومنها «أنا أحيا» لليلى بعلبكي، و«طواحين بيروت» لتوفيق يوسف عواد و«بيروت 1975» لغادة السمان.
ويختم عفيف فراج: لم يكن القمع السياسي يوما ميزة حصرية لبلد أو دين أو عرق أو منطقة جغرافية معينة. انه شر مارسته كل الامبراطوريات والوجه السلبي لكل السياسات الامبريالية. وباختصار هو معضلة عالمية وليست شرقية فقط.
الدولة.. القوى السياسية.. صناعة الاعداء وخسارة الاصدقاء
عادل عبد المهدي
من السهل تعبئة جمهور ساحة ضد الساحات الاخرى.. لكن من الصعب تعبئة الشعب وتوحيده بكل ساحاته، ضد الارهاب والتمييز والفساد والتخلف والفقر والظلم وضمان الحقوق الخاصة والعامة والمصالحة والوحدة. فيسهل كسب جهال الشيعة ضد السنة.. وجهال السنة ضد الشيعة.. واقناع جهال الكرد بعدوانية العرب.. وجهال العرب باطماع الكرد والفرس، وقس على ذلك.. فالتجارب الماضية علمتنا الاسباب والابعاد والمآلات. لذلك وقف كثيرون يختلفون في الفكر والمذهب والقومية والدين ليتضامنوا ويبرهنوا انهم يرفضون الفتنة والظلم والعدوان.. لا فرق ان قام بذلك عربي او كردي، سني او شيعي.. فالعراق يمتلك كل ما يسمح للنهوض كشعب ووطن لاستثمار مصالح ابنائه المشتركة وبناء امنهم المتبادل وضمان المستقبل للجميع. هذا هو طريق الحق.. وهو طريق صعب، فالبناء والاصلاح والتعايش يتطلب وعياً وامانة.. اما الباطل فهو طريق سهل رخيص.. فعقول الجهال والسذج يسهل انجرارها لمنطق الفتنة وقبول الاكاذيب والادعاءات واتهام الاخر وصناعة الاعداء. فالمنهج الاول –في نظر البسطاء- منهج الضعفاء والمتخاذلين الذين لا يدافعون عن حقوق جماعاتهم وشعوبهم.. غير مدركين انه المنطق الشجاع المسؤول الذي تخرج الملايين في هذه الايام لتحيه في موقف الحسين (ع).
لذلك يساورنا الخوف والقلق عندما ينحصر كلام الناس وهمومهم بالازمات الخدمية والحياتية والسياسية والاقالات والاعتقالات وتجييش الجيوش و(340 عقوبات) و(4 ارهاب) واستمرار القتل والموت وقطع الطرق والرشاوى والفساد. فالدواء وكثرته، ورفض الجسم له معناه خلل كبير والحاجة لحلول استراتيجية، نعتقد ان البلاد وضعت اسسها في 2005- 2006.. فالازمات وما يجري، ليست بشائر الخير لبناء بلد اضعفه الاستبداد وقسمته وارهقته الحروب .
ستمر الايام وسط الضجيج وفوضى حشد العصبيات المتقاتلة.. لنجد ان العنف والارهاب والفساد والتخلف عزز مواقعه.. وتفككت الوشائج الوطنية والاجتماعية.. وبتنا نسقّط ونقاتل بعضنا.. لنزداد عداوة، او لنعود نتفاوض ونجلس سوية نتبادل المجاملات.. دون ان يزداد الحاكم والشعب قدرة واطمئناناً.. بل سيضعف الجميع في مسلسل تكرر –ويتكرر- ولم نتعض منه.. ففي كل مرة، يخدع الحكام والقوى السياسية انفسهم، كل من موقعه.. فيتصورون، ويصورون للرأي العام -او للسذج والبسطاء- بأننا قاب قوسين او ادنى من النجاح والنصر.. اما الحقيقة، فاننا نكرر الخذلان والفشل ونخسر المزيد من الاصدقاء.. لنصنع المزيد من الاعداء والمشاكل وعوامل الضعف والهزيمة.
تحريف التراث وتغييب العقل
جعفر الشايب
أثارت المحاضرة التي ألقاها المحقق الشيخ حسين الراضي في منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء الماضي، ردود فعل واسعة في الأوساط الاجتماعية المحلية، لما تناوله من قضايا تحت عنوان «دور التحريف في تخلف الأمة»، لرفض بعضهم الاقتراب من مناقشة هذه المواضيع التي تعدّ محظورة في نظرهم. الحضور الكثيف في الندوة استمع وحاور على مدى ساعتين من الزمن نقاشاً علمياً وموضوعياً محكماً من عالم متخصص عُرف بعلميته وأهليته في البحث والتحقيق، وكذلك جرأته في التصريح بآرائه.
بعد استعراضه نماذج وأشكالاً من التحريف في التراث الإسلامي بمجمله، تناول الآثار المترتبة على هذا التحريف، التي أسهمت ولاتزال في تراجع الأمة وتخلفها لأنه يحرف أبناءها عن العمل بالعقل واللجوء إلى الغيبيات والمنامات والروايات الضعيفة أو الموضوعة. ومع تأكيده على أهمية الإصلاح في تحقيق ومراجعة التراث، أشار إلى أن ذلك يتم من خلال عمل متواصل لعلماء جادّين وموضوعيين يتمتعون بالجرأة في النقد وإبداء آرائهم، وكذلك عبر مشاركة الجمهور في النقد وإعمال العقل وعدم الانقياد لما هو سائد.
هذا النهج سلكه عديد من علماء ومفكري الأمة، مطالبين بتحديد مساحة المقدس والغيبي، وإعمال العقل والفكر الحر، وفتح أبواب الاجتهاد، بما يحقق سعة في التفكير ومجالاً رحباً للإبداع.
ينطلق هؤلاء العلماء من اعتقادهم بأن أهم معوق أمام تقدم الأمة هو هذا التكلس والارتكاس في التاريخ والتراث الملغم، الذي أسهمت عصور الصراعات السياسية والمذهبية في إفرازه بصورة جعلت من القشور أصولاً مقدسة، وحرمت على أي ناقد أو محقق أو باحث الاقتراب منها. أساليب التقديس والتحريم والتكفير والتفسيق التي نراها تشهر في وجه كل من يتحرى البحث العلمي والموضوعي، لا يمكن أن تقدم حلاً، وخاصة ممن لا يستمع أو يشارك أو يناقش بصورة مباشرة بل يعتمد على النقول غير المباشرة.
ما الذي يمنع بعض علماء الدين من فتح صدورهم وقلوبهم للنقاش الحر والعلمي والموضوعي، والابتعاد عن تسقيط الآخرين لمجرد أنهم أبدوا رأياً مخالفاً لهم، ذلك يعطي مؤشراً على عجزهم وعدم قدرتهم على الحوار والنقاش وإقناع الآخرين بآرائهم والدفاع عنها. إن احتكار الشرعية وإضفاء القدسية على موضوع بصورة لا تمكن من النقاش حوله يجعل منه مفهوماً غامضاً وملتبساً، والقرآن الكريم يدعو المسلمين إلى التفكر والحوار، وينقل في آياته المباركة حوارات متعددة حول مختلف القضايا والإشكالات العقدية والتاريخية.
لاشك أن مثل هذه الحوارات والنقاشات تسهم في عقلنة الخطاب الديني، وتعالج الإشكالات المطروحة، وتنمي في المجتمع المسلم حرية التعبير والرأي، وتُجيب عن أسئلة المشككين بأسلوب علمي ومنطقي.
أسلوب التعنت والتجهيل والتخويف لا يقدم أي حل ولا يمثل أنموذجاً واعياً للحوار في الوسط الديني.
الأحد، 26 أغسطس 2012
إلى كل محب للقطيف
جعفر الشايب،كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف
كانت قراءات ممتعة للعديد من المقالات التي قرأتها مؤخراً وخلال الفترة الماضية لكتاب وشخصيات من مختلف مناطق المملكة اتسمت بالهدوء والاتزان تجاه ما يجري في القطيف من أحداث. وعكست وعياً بوحدة الوطن، ونضجا في التفكير، وعقلانية في الخطاب والمعالجة لجرح يقلقنا جميعا وقضية تهمنا كلنا. سبق وأن دعوت في هذه الزاوية قبل أشهر قليلة إلى ضرورة أخذ مبادرة وطنية عاجلة لمعالجة الموقف تتجاوز الحالة الفئوية والمناطقية، لنقف جميعا شركاء في المعالجة، كما وقفنا يداً بيد في كل الأزمات التي مرت على وطننا.
يتفق أهالي القطيف على إدانة العنف بكل أشكاله، وهو ما بينه قولاً وفعلاً شخصيات وأعيان القطيف من على منابر الخطابة أو في البيانات والخطابات والتصريحات المتتابعة. كما يؤكدون على احترام المشتركات الوطنية التي تجمعهم مع بقية المواطنين وأبرزها القيادة السياسية ووحدة الوطن. لعله مطلوب أن تتوضح هذه المواقف بصورة أكثر جلاءً ودون أي لبس أو مواربة فيها، من أجل ألا تعطي لأي واهم دليلاً أو حجةً يتخذها ذريعة للتشنيع بأبناء القطيف المخلصين. فهنالك من يريد تعميم مواقف أفراد أو مجموعات محدودة على بقية أهالي المحافظة، لأهداف مبيتة ومغرضة.
الحريصون على أمن الوطن والمخلصون والواعون من أبنائه، أراهم يتجاوزون كتابات المجاملة ومواقف الإدانة إلى البحث عن معالجات لهذه الأزمة التي أضحت مقلقة، وخاصة في ظل التجارب التي تمر بها المجتمعات العربية الأخرى. فلا أحد يرتضي أن تتصاعد وتيرة الصدامات المسلحة بصورة تهدد الأمن والاستقرار وتضيّع كل المكتسبات والإنجازات. إذاً تعالوا يا من تحبون القطيف وأهلها، من علماء دين وأكاديميين متخصصين وشخصيات اجتماعية وثقافية، ساهموا ليكون لكم دور في الحل وليس في المشكلة. بألا تعمم الأخطاء على الجميع، فالتعميم سلاح العاجز والجاهل. وأن تهيأ أجواء مناسبة للحوار بين مختلف الأطراف لأن في قطيعته خسارة للجميع. وأن يمارس الواعون من أبناء الوطن دوراً إيجابياً فاعلاً في احتواء الأزمة، فالكل مسؤول مهما تباعدت المسافات واختلفت التوجهات.
من يراجع منكم – أيها المحبون – ما كتبه أبناء هذه المنطقة من مراجعات ودراسات وخطابات ير فيها الأبعاد المختلفة لهذه المشكلة، والحلول المقترحة لها أيضاً. ولا أظن أننا في ظل وطن بحجم وطننا، وقيادة بمستوى حكامنا، ورجال واعين بإخلاص أمثالكم سنكون عاجزين عن الوصول لمخارج مناسبة لهذه القضية. تحيتي لكل مخلص غيور عبر عن حبه للقطيف، ودعوتي لكل مؤمن بوحدة هذا الوطن وسلامته، بأن يكون الانفتاح والصدق منهجاً في سبيل المعالجة، ورهاني على أهالي القطيف بأن يواصلوا مد أيديهم لشركائهم في الوطن رافضين أي مزايدة أو تجديف.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٥٩) صفحة (١٠) بتاريخ (١٩-٠٨-٢٠١٢)
شيعة عرب مع الحرية
اصدرت مجموعة من الناشطين في الطائفة الاسلامية الشيعة بيانا عبروا فيه عن دعمهم المطلق لكل الشعوب العربية التي تبحث عن حريتها بعد سنوات من القمع و الظلم الممارس بحقها و شددوا على ان الطائفة الشيعة لا يمكن لا الا ان تكون مع المظلوم في وجه الظالم.
الجمعة 24 آب (أغسطس) 2012
وفي ما يلي نص البيان مع اسماء التواقيع:
الموقف الشيعي بشرط الحرية
لو افترضنا أن الجمهور الشيعي تمكن من التعبير عن رأيه بحرية، فماذا يمكن أن يقول بعيداً عن أساليب الترغيب والترهيب؟
سوف يجاهر بأنه يريد دولة مواطنة في لبنان، لا خائفة ولا مخيفة، ودولة جامعة مستقلة ومنفتحة على الجميع في العراق، ودولة ديموقراطية عصرية واصيلة بديلة في سورية، بعدما فقدت سلطتها الحاكمة بالاستبداد المزمن والمجازر المتعاقبة، أهليتها للإصلاح. ويريد للعقلاء من السنة والشيعة في السعودية، حكاماً ومحكومين، أن لا يكرروا تبادل الأخطاء والانفعالات، كما حصل سابقاً.. ويريد حواراً جاداً من أجل الإصلاح في البحرين وسوف يتساءل هذا الجمهور عما اذا كان يناسب صورة الشيعة وسمعتهم التاريخية أن لا يمر نهر الحزن والغضب الانساني الكربلائي بالحولة والتريمسة؟
إن موقفاً شيعياً معبَّراً عنه بقوة وحكمة ومحبة ورحمة واعتدال وتوازن، مع الشعب السوري، من شأنه أن يسهم بقوة في تلافي الفتن الطائفية ، في كل البلاد العربية ، وخاصة في سوريا ، حيث لم يعد هناك مجال لإخفاء الوقائع المقلقة والممهدة للفتنة، والتي يرتكبها أشقياء وأغبياء بثياب مذهبية مهلهلة وأدوات جريمة مسمومة .
إن الحريصين على الحفاظ على الصورة الحقيقية والمتوارثة للشيعة، باعتبارهم مكوناً أصيلاً وشريكاً في أوطانهم، مدعوون الى تصحيح المشهد، لجهة تظهير الموقف الشجاع والصحيح المتعاطف مع انتفاضات الشعوب العربية وحقوقها، من دون تفريق بين مستبد هنا أو هناك، وأن يعبروا بشجاعة عن موقف عقلاني، ثوري وواقعي، آخذين في اعتبارهم أن للشعب السوري حقاً عليهم، كما هو حقهم عليه، وأن هذه اللحظة هي لحظة الوفاء بالحقوق، وهي لا تتحمل تأجيلاً أو تسويفاً أو صمتاً أو تهرباً أو تهوراً ، أو خضوعاً لابتزاز السائد السياسي الشيعي بالقوة ، والحافل باحتمالات الخطر على سلامة الوجود الشيعي والحضور الشيعي في أي حركة نهوض وطني ، والمؤثر سلبياً على أمثالهم من مكونات الاجتماع الوطني في البلاد العربية .. هذه المكونات التي لا تقل مطالبتها بالانحياز النهائي للديموقراطية والتغيير إلحاحاً عن مطالبة غيرها، نفياً للشبهات التي تأتي من مواقف وخطابات تجير مكونات دينية بعينها لصالح الاستبداد من دون أن يكون ذلك مطابقاً للواقع أو حائزاً على رضا الجماعات المعنية بدورها الوطني وتاريخها في المشاركة وشوقها الى الحرية والعدالة.
إننا بحاجة الى أمثال عبد القادر الجزائري ليطفئوا الفتنة بالتعاون مع علماء دمشق وفاعلياتها، وبحاجة الى عقل وفكر عبد الرحمن الكواكبي، وخط ابراهيم هنانو ورفاقه، وشجاعة الشيخ صالح العلي وريادته وسلطان باشا الأطرش وفريقه الذي لا ننسى أن أدهم خنجر الآتي من وسط نضالي شيعي في جبل عامل كان ضيفه الآمن وشريكه في النضال.. إننا بحاجة الى التذكير بعالم الشام المرجع الديني الشيعي السيد محسن الأمين، الذي شهد له الجميع بالريادة في الإصلاح والوحدة، ونتخيله خطيباً للجمعة في المسجد الأموي أو مسجد السيدة زينب، في جماعة من كل المذاهب، كما كان يحدث، يقرأ الفاتحة، في نهاية الصلاة، بصوت جهير وجريح، على أرواح شهداء التريمسة، ويختمه بدموع حسينية طاهرة مطهِّرة.. وهل يمكن للسوري.. المسلم أو المسيحي أن ينسى الشامخ الباذخ علماً وعملاً فارس الخوري.. أو السلسلة الذهبية من الأمراء ال ارسلان وبالاخص الامير شكيب وعجاج نويهض وأمثالهم من علامات سوريا وبلاد الشام؟ وماذا كان يمكن أن يفعلوا لو بعثوا؟ سوف ينهمكون قطعاً بسد ذرائع الفتنة .
وإننا إذ ندعو الى استيعاب بعض المواقف وتجاوزها من الطرف السوري والى إعادة النظر فيها من الطرف اللبناني المعني، نؤكد أننا لن نفرط بالدم السوري، ونطالب بإطلاق سراح أخوتنا المحتجزين تطبيقاً لسد ذرائع الفتنة.
وهذا بياننا موقعاً بأسمائنا من دون مواربة لأننا منحازون كجميع أهلنا للحق والحقيقة في سوريا ومستقبلها الذي يعنينا.
العلامة السيد محمد حسن الامين، العلامة السيد هاني فحص، الشيخ حسان رطيل ، الشيخ عباس الحايك ، الشيخ عباس الجوهري ، السيد ياسر ابراهيم، الشيخ محمد حجازي . الشيخ محمد علي الحاج
والنشطاء في الشان السياسي و الاجتماعي، مع حفظ الألقاب :
احمد مطر ، اكرم عليق ، اسماعيل شرف الدين ، بادية فحص ، حنين غدار ، حبيبة درويش ، حارث سليمان ، حسن عباس ، حيدر اللقيس ، حامد السيد ، حسن بزيع ، حسن محسن ، حسين حركة ، حسن فحص ، حسن هزيمة ، حسين قاسم ، خليل الزين ، خليل شقير ، راشد حمادة ، زينة الرز ، سناء الجاك ، سامي منصور ، سعود المولى ، صلاح الحركة ، علي الامين ، عبد الله رزق ، علي عميص ، عمر حرقوص ، علي عبد الامير عجام ، عماد قميحة ، علي حيدر شعيب ، علي الحارث ، عماد الامين ، علي حسين ، علي عطوي ، علي شرف الدين ، غالب ياغي ، فادي الطفيلي ، فادي توفيق ، فادي يونس ، فؤاد حطيط، فادي كنج ، كاظم عكر ، كريم صالح ، لقمان سليم ، ماجد فياض ، مجيد مطر ، مصطفى الكاظمي ، مصطفى فحص ، مياد حيدر ، ميرنا المقداد ، محمد المقداد ، محمد الشامي ، مروان كنج، مالك كلوت ، ، نضال ابو شاهين ، نوفل الجلبي ، نبراس الكاظمي ، هادي الأسعد ، هاني امهز ، وائل الأسعد ، ياسر اياد مكي
حوار حول السلفية الشيعية مع العلامة الدكتور حيدر حب الله
أجرى الحوار وأعدّه: سلوى فاضل
نشر هذاالحوار في العدد 118 من مجلة شؤون جنوبية، في لبنان، لشهر نيسان من عام 2012م.
يُعتبر العلاّمة الدكتور حيدر حب الله من أبرز العاملين في مجال التجديد في الفكر الاسلامي المعاصر، ومن أبرز الدعاة إلى مواجهة التطرف حيث يقول في احدى مقابلاته: "إن التيار النصّي في الوسط الشيعي المعاصر (وبعضهم يسمّيه تيّار السلفيين الجدد) تيار جديد في صورته المعاصرة، لهذا يأخذ وقته في التبلور، وعندما يتبلور ينفصل تماماً، إن ظواهر الإقصاء المتبادل تعزز هذا الانقسام وتقوّيه".
كان لـ(شؤون جنوبية) لقاءاً مع حبّ الله حيث حاولنا فيه الاطلالة على الوضع الديني الشيعي العام.
1 ـ يشهد الواقع الاسلامي ظاهرة التشدد الديني (السلفية السنية) في مرحلة (الربيع العربي)، في ظل تسلّم السلفيين الحكم في عدد من الدول التي شهدت تغييرا سياسيا، هل تعتبر كباحث معني بالفكر الاسلامي ان هذه الظاهرة نوع من ردة أم عودة الى الاصول ام انها ليست الا عبارة عن حركة سياسية لا أكثر؟
ج1ـ لعلّه يمكن فهم هذه الظاهرة بوصفها تعبيراً عن فشل الحركة الإسلامية النهضويّة التي انطلقت مع الأفغاني وعبده في تحقيق منجزات بمستوى المرحلة، كما يمكن فهمها في سياق أوسع يعبّر عن إحساس الخوف على الذات والهويّة والشعور بعقدة النقص أمام الآخر الحضاري (الغرب)، وهو ما حصل بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ودخولنا مدار العولمة، فإنّ الحركات الماضويّة حالها حال الاتجاهات الصوفيّة، يمكن أن تظهر في مناخ إحباط عام وفي وسط أحزمة البؤس الاقتصادي، وبهذا المعنى نستطيع أن نعتبر العقل السلفي بواقعه الجديد (النسخة الأخيرة المعاصرة) رغبةً في الفرار من الحاضر نحو الماضي الذي يعيد للإنسان إحساسه بالذات والهويّة المنسية، وردّةً عن مقولات عصر النهضة الإسلامي مع رموز التجديد الكبار، حتى رأينا بعض رموز تيار التجديد اليوم ينقلب سلفيّاً يكفر بكل ما كان قد آمن به أو نظّر له من قبل.
2 ـ ثمة تيارين داخل الطائفة الشيعية، الأول ينفتح على المذهب السني ويدعو الى الوحدة والتقريب، والثاني يؤكد على المذهبيّة الحادة أو ما يعرف بالشيرازية. برأيك لمن المستقبل؟ وكيف سيكون عليه الحال المجتمع الاسلامي في حال أخذت ما يعرف بـ(السلفية الشيعية) طريقها نحو الانتشار؟
3 ـ بعد مرور اكثر من عقدين على انتصار الثورة الاسلامية في ايران، هل تعتقد ان للتشدد الديني الشيعي، دوره في انتشار السلفية السنية، ولو متأخرة في القرن الحادي والعشرين؟
ج2 و3ـ بعد إبداء تحفظي على استخدام تعبير (الشيرازية) في هذا السياق؛ حيث لا يتماهى مع كافّة تيارات هذه الجماعة لاسيما منها ما ظهر منذ التسعينيات والتحوّلات التي طرأت عليها في بلدان الخليج، أرى أنّ الجواب عن أصل السؤال رهين طبيعة المتغيّر السياسي؛ لأنّ التاريخ الشيعي الحديث شهد نهوضاً لتيار التقارب مع العلماء: محسن الأمين وموسى الصدر وفضل الله وشمس الدين وكاشف الغطاء والبروجردي و.. وكانت هذه هي السمة البارزة للحركة الشيعية النهضوية منذ بداياتها في النجف، وقد حقّقت نتائج جيدة في الحضور الشيعي العربي منذ تجربة دار التقريب في القاهرة ثلاثينيات القرن الماضي، ولو رصدنا الحركة المتشدّدة التي لا تملك حتى الآن زمام الأمور في تقديري، فإنّها ولدت كردّ فعل على التيار التقريبي من جهة ونتيجة لارتدادات أزمة الهوية التي جاءت مع العولمة من جهة ثانية إلى جانب مؤثرات سياسية محدّدة، ولهذا وجدنا حركة التشدّد بارزة منذ التسعينيات، لاسيما في محاربة العلامة فضل الله الذي وضع بنظرهم العقائد الشيعيّة على مذبح التقريب بين المذاهب، فإذا انتهى الملفّ السياسي المتشنّج اليوم يمكن أن نتوقّع تراجعاً نسبيّاً لنفوذ الجوّ المتشدّد شيعيّاً، وانقلابه إلى صراع فكري داخل ـ شيعي، وهذا على الخلاف من السلفية السنيّة المعاصرة، فإنّها ولدت من مأزق الشعور بتراجع الإسلام السنّي بعد تدهور حال الإخوان منذ الثمانينيات في الجزائر ومصر والمغرب وتونس وسوريا وغيرها، وتقدّم معاصر للحركة الشيعية في منجزاتها في إيران ولبنان، لقد شكّل هذا المزدوج إحساساً بضعف المارد السنّي الذي بدأت قاعدته الشعبيّة تتقاسمها التيارات الفكرية والمذهبية والدينية الأخرى، فكان التشدّد تعبيراً عن رغبة عميقة في نهوض هذا المارد لكي يعيد الاعتبار والإحساس بالثقة أمام سيول المؤثرات الخارجيّة على أهل السنّة من أطراف عدّة، وهو ما يفسّر الإحساس الديني السنّي المتزايد اليوم بالأمان مع التيارات السلفيّة بوصفها مصدر قوّة في حماية الجماعة السنيّة، الخائفة أو المخوّفة من الآخر. وهذا لا ينفي أنّ بعض أشكال التشدّد الشيعي قد ساهم في التشدّد السنيّ والعكس صحيح؛ لأنّ العلاقة تبدو لي هنا جدلية لا من طرف واحد فقط، وأولئك الذين أذكوا نار التشدّد بحجّة خدمة المذهب هنا أو هناك يتحملون قسطاً من المآسي التي نشهدها اليوم.
4 ـ ما هم ابرز السلفيين الشيعة في العالم الاسلامي، بحسب رأيك؟ وبالخلاصة الى ماذا يهدفون من وراء تكريس هذه الحالة: الى حياة دنيوية تحكمها اقلية شيعية في عالم اسلامي ذي أكثرية سنية؟ ام الى حياة اخروية، لكن في الوقت عينه يتهدد فيه المجتمع الاسلامي برمته ويتجه نحو التقسيم والتفتيت؟
ج4ـ ما تريده أغلب هذه الجماعات التي بدأت تتخذ من بعض المرجعيات الدينية ظلاً لها، هو تحقيق الحدّ الأعلى من الخصوصيّة المذهبية في الفكر والاجتماع الإنساني، لهذا نجدها تقدّم القطيعة والتقوقع داخل الذات الجماعيّة على الاندماج الإيجابي في المحيط السنّي، ونجدها أيضاً تركّز على ظاهرة الشعائر بوصفها المُفْصِح الحقيقي عن الخصوصيّة، إنّ تحدّيات هذه الجماعات تكمن في الآخر الداخل ـ إسلامي، لهذا لا تولي أهميّة كبيرة للآخر الحضاري، ولا للتحدّيات المعاصرة الأخرى التي يواجهها الدين.
ولا يبدو لي مطروحاً اليوم الحديث الجادّ عن انفصال شيعي عن المحيط سوى ما أثير في العراق قبل سنوات، لكنّ هذه التيارات تفضّل القطيعة مع أهل السنّة بالمعنى الاجتماعي والفكري، وهي ترى أنّ تقدّم القوّة الشيعية أخرج الشيعة من حالة الضعف إلى حالة القوّة، وأنّه لم يعد يصحّ أن نتعامل بذهنيّة الأقليّة الضعيفة بعد تحوّلنا إلى سلطة قويّة، وهذا ما نلاحظه في الأدبيات الدينية لهذه التيارات فيما يتحدثون فيه عن انتهاء عصر التقيّة.
وأمّا الحديث عن التشظّي الإسلامي، فإنّ كثيراً من هذه الجماعات قد لا تعنيها هذه الكلمة شيئاً؛ لأنّ المهم عندها هو الإطار المذهبي الذي باتت تجتهد أكثر فأكثر للتنظير لحصر الإسلام به، وهو ما يجعل كافّة القضايا الأخرى لا تندرج ضمن أولويّات هذه الجماعات. إنّ فهم هذه الجماعات يجب أن يكون بتحليل قناعاتها من الداخل لا بإسقاط قناعاتنا وأولويّاتنا عليها.
5 ـ يتجه شيعة لبنان، المنضوي بعضهم، اما تحت اطارات حزبية دينية متشددة، وأخرى اكثر تشددا صوب مزيد من الارتكاز نحو القضايا المذهبية الانفصالية بالمعنى الديني، حيث لا نجد للوحدة من مقر سوى في الاحتفالات. بحسب رأيك من ينميّ هذه الظاهرة؟ ويمولها؟ ولصالح من؟ وهل يمكن ان نطلق عليها تعريف (السلفيّة الشيعية) مقارنة بالسلفيّة السنية؟
ج5ـ هناك جماعات دينية على المستوى الشيعي في المنطقة ترى أنّ آليات العمل السياسي المنطلقة من مفهوم المصلحة قد تركت تأثيرات سلبية على البُعد العقدي للجماعة الشيعية، وأنّه تمّ تقديم السياسي على المذهبي، وخلق حالة ازدواجيّة، ويذهب هؤلاء إلى أنّ هذه الظاهرة قد أبعدت وظيفة علماء الدين عن مجالها الديني والأخلاقي ليتحوّلوا إلى موظفي سلطة سياسية، وشيئاً فشيئاً ظهر تيارٌ على الهامش يعيد رسم أولوياته في سياق القضيّة العقديّة المؤجّلة سياسياً برأيه والالتزام الديني الصارم الذي لمس تهاوناً فيه مجاراةً للواقع المعاصر، وبعد أن شعرت القاعدة الشعبية بأنّ هذه الجماعات أكثر تعبيراً عن قيم الدين والتصاقاً بها على خلاف تيارات أخرى بدت لهم أنّها توظف الدين لخدمة مصالح سياسية أو تؤجّله للغرض عينه.. بعد ذلك بدأ الالتفاف حول هذه الجماعات الصغيرة التي قد تجد لها بعض الشخصيات الكبيرة الداعمة في مناخات بعضها متضرّر أو غير متوالم مع الحركة السياسيّة الشيعية التي جاءت منذ الستينيات، وبعد ظهور ما صنّف من قبل المعارضين أنّه انهيارات قيمية وأخلاقية في الحركة الإسلاميّة هنا أو هناك، وحصول تشظّيات داخلها خلال العقدين الأخيرين، ازداد نفوذ هذه الجماعات التي ظلّت تبدي نفسها تارةً من خلال تيارات ماضوية مذهبية ذات منطلق عقدي وتاريخي، وأخرى من خلال جماعات صوفية روحية ذات طابع مذهبي أيضاً، إنّ هذه الجزر الدينية لم تصل بعدُ إلى مستوى امتلاك القرار الشيعي، لكنّها بدأت بالتدريج بالنفوذ إلى داخل الجسم السياسي الشيعي بوصفها حركات دينيّة ثقافية، وقد ينذر ذلك ـ إن لم يجر الاشتغال الواعي عليه ـ بحدوث إرباكات في الحركة الإسلامية عبر اختراقها وتفتيت أولويّاتها من الداخل، في شيء يشبه ما حصل بين السلفية السنيّة والحركة الإخوانية في أكثر من بلد عربي.
أمّا التسمية، فيختلف الموقف منها تبعاً لاختلاف تفسيرنا للمصطلح، فإذا قصدنا منه تيار العودة إلى السلف الأوّل أو الاتجاه الماضوي الاستنساخي عموماً فيمكن تصحيح التسمية، أما إذا قصدنا منه التيار التكفيري بشكله السائد ومبادئه وآلياته فمن الصعب جداً حتى اليوم تبنّي مثل هذا المصطلح في المناخ الشيعي، وإذا كان هناك أفراد لديهم هذه العقليّة فإنّ غالبية الرموز الدينية الكبيرة في العالم الشيعي لا تحمل هذا النمط من التفكير بوصفه منهجاً نشطاً في الرؤية والممارسة.
العلاّمة الدكتور حيدر حب الله
لبناني من مدينة صور الجنوبية، انهى الدراسات الدينية في المراحل التي تُسمَّى بـ"المقدمات والسطوح" في لبنان، وانتقل إلى الدراسة العليا في الحوزة العلمية في "قم" عام 1995. وتتلمذ على أبرز الشخصيات المتخصّصة في مجال الفقه وأصول الفقه والتفسير وعلوم الحديث والرجال. وساهم بتأسيس مجلة "أصداء"، كما تولى رئاسة تحرير بعض المجلات مثل "المنهاج" و"نصوص معاصرة" و"الاجتهاد والتجديد". وصدر له عدة كتب منها: "مسألة المنهج"، و"التعدّدية الدينية"، و"بحوث في الفقه الزراعي". وترجم حب الله بعضا من الكتب الإيرانية الهامة، مثل "بين الطريق المستقيم والطرق المستقيمة" و"المجتمع الديني والمدني" و"الأسس النظرية للتجربة الدينية".
الخميس، 23 أغسطس 2012
مسلمون ومسيحيون معاً : ضد الهجرة المسيحية من العالم العربي
بيان للتوقيع
يواجه العالم العربي تحولات مجتمعية عميقة بدأت ترسم مصيره لأجيال عديدة قادمة. يتسم بعض هذه التحولات بطابع إيجابي بناء يتمثل في التأكيد على التمسك بقيم العدالة والحرية والديموقراطية وحقوق الانسان . الا ان من هذه التحولات أيضاً ما يتسم بطابع سلبي مقلق وخطير ، يتمثل في الهجرة المسيحية من العديد من الدول العربية .
ان هذه الهجرة وإن كانت بدأت قبل بداية هذه التحولات ، الا انها بما تمثله من خطر على تماسك نسيج المجتمعات العربية المتنوعة ، ومن تشويه لصورة العيش الوطني الواحد التي صاغت هوية هذه المجتمعات على مدى قرون عديدة سابقة ، وبما تسفر عنه من استنزاف وهدر لثروة الأمة العربية من قدرات فكرية وعلمية وتربوية واقتصادية ، تتطلب موقفاً موحداً وعملاً مشتركاً لمواجهتها والتصدي لها بما يصون وحدة المجتمعات العربية واحترام تعددها الديني والمذهبي. فلقد كان هذا التعدد على مدى التاريخ ، المكوّن الأساس لشخصيتها والعمود الفقري الذي قامت وتقوم عليه هويتها القومية .
من أجل ذلك ، تداعت مجموعة من المؤسسات والشخصيات العربية المعنية بالحوار وبالعلاقات الاسلامية المسيحية لإطلاق مبادرة مشتركة تندد بالهجرة المسيحية وترفع الصوت عالياً في وجه أسبابها ومسببيها ، وتؤكد على التمسك بالثوابت الوطنية التي جعلت في السابق ، وتجعل اليوم وغداً من المسيحيين والمسلمين العرب أمة واحدة يواجهون معاً مصيراً واحداً ويصنعون معاً مستقبلاً واحداً أيضاً . فالمسيحيون العرب لا يحتاجون الى تطمين من أخوانهم وشركائهم في الوطن ، ولكن الحاجة الجامعة لجميع المواطنين ، مسلمين ومسيحيين ، هي الاطمئنان الى سلامة العيش الواحد والى سلامة الحريات العامة والى سياة القانون وتثبيت دعائم السلم الأهلي .
وانطلاقاً من هذه القواعد الكلية ، يؤكد الموقّعون على هذا النداء على الثوابت التالية :
اولاً : المسيحيون والمسلمون مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات . ومسؤولون معاً في ، وعن ، أوطانهم ومجتمعاتهم .
ثانياً : التأكيد على صيانة واحترام الحريات الدينية إيماناً وشعائر وممارسة ، والتي كانت الطابع الذي تميزت به المجتمعات العربية على مدى التاريخ .
ثالثاً : رفض كل أنواع التطرف والغلو التي تحاول إنكار الآخر المختلف أو التنكر له أو تجاوزه أو فرض قيود على حرياته .
رابعاً : ادانة كل أنواع الارهاب الجسدي أو الفكري أو الديني ، والتمسك بمبدأ اللاإكراهية في الدين ، على قاعدة الايمان بالله الواحد رب الناس أجمعين .
خامساً : اعتبار الاعتداء على أي مسيحي ، لدينه ، بمثابة اعتداء على كل مسلم . واعتبار انتهاك حرمة أي كنيسة بمثابة انتهاك لحرمة كل مسجد . والتأكيد على حرمة بيوت الله جميعاً وقداستها .
سادساً : التأكيد على ان دعوة المسيحيين الى عدم الخوف وتالياً الى عدم الهجرة، يفترض أن يكون مترافقاً ، بل يجب أن يترافق ، مع دعوة المسلمين الى تجنب تخويفهم باستخدام سلاح الأكثرية العددية أو التلويح باستخدامه . فليس صحيحاً ان الوحدة الوطنية لا تقوم الا على طغيان العدد أو على وحدة المعتقد . لقد قامت الوحدة الوطنية ويجب أن تقوم على أساس قبول التنوع والتعدد ، بما يتطلبه ذلك من احترام للحريات الخاصة والعامة ، المدنية منها والدينية .
ان التحولات العميقة التي تشهدها مجتمعاتنا العربية والتي تعكس طموحات مشروعة من حيث التأكيد على احترام الكرامة الانسانية ، وحقوق المشاركة في اتخاذ القرارات وصناعة الغد الأفضل ، لا يمكن أن تؤتي أكلها اذا غاب أو إذا غُيّب عنها مكوّن أساس من مكوناتها الأصيلة . ولتجنب ذلك يجب التصدي بكل فعالية لموجات الهجرة المسيحية التي بلغت مستويات استنزافية خطيرة . ويتطلب هذا الأمر أولاً وقبل كل شيء ، صيانة الوحدة الوطنية من عبث العابثين ، والارتفاع بها الى مستوى ما تمثله ارادة الله في اختيار هذه المنطقة دون غيرها من مناطق العالم ، لتكون مهبط وحيه ومنطلق رسالاته الى الناس أجمعين .
محمد السماك
سعود المولى
قصتان من الماضي القريب
محمد السماك
سأروي قصتين قصيرتين.
القصة الأولى بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري والإمام الراحل محمد مهدي شمس الدين يرحمهما الله.
اقترح الإمام على الرئيس إنشاء مركز للدراسات والأبحاث الإسلامية. تبنّى الرئيس الفكرة. وعلى عادته طلب إعداد مشروع تنفيذي لها.
وُضع المشروع وحُددت أهدافه، وفي مقدمتها أن يكون المركز منبراً للدراسات الإسلامية الحديثة والمتنورة. للإسلام الشامل لكل مدارسه الفقهية، وليس الشمولي الإلغائي لمن يختلف معه والتكفيري لمن يعارضه.
الإسلام الذي يقول بأن للمجتهد أجراً ولو أخطأ.
الإسلام الذي يؤكد على أن المذاهب وجهات نظر، وأن وجهة النظر أياً كان صاحبها لا ترقى الى الحقيقة المطلقة، وأنها، كأي عمل فكري أو اجتهاد إنساني، مفتوحة على الخطأ والصواب.
الإسلام الذي يدعو الى الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق. وليس الى عدم الاختلاف، لأن الاختلاف قائم ومستمر بإرادة الله وحكمته، ولأنه لا يؤدي بالضرورة، بل يجب أن لا يؤدي، الى التفرق. إن الذي يؤدي الى التفرق، هو ثقافة عدم قبول الاختلاف وعدم احترام المختلف معه، وتالياً الزعم باحتكار الحقيقة والطريق اليها.
ثم لأن لبنان مجتمع متنوع، ولأننا نؤمن بالتنوع تعبيراً عن هذه الإرادة الإلهية، فإن من أهداف المشروع أن يكون المركز منبراً للدراسات الوطنية الإسلامية المسيحية أيضاً بحيث ينمي ثقافة العيش الوطني في لبنان ويرفد هذه الثقافة في الدول العربية الأخرى بمزيد من المساهمات الحية ويعكس تالياً رسالة لبنان التي تتجاوز حدوده السياسية.
ولكن مرض الإمام شمس الدين ثم وفاته، جمّد المشروع. وجاء بعد ذلك اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اغتيالاً للمشروع أيضاً.
القصة الثانية بين القيادات السياسية والروحية اللبنانية الإسلامية: الرئيس نبيه بري، والرئيس فؤاد السنيورة، وسماحة المفتي الشيخ محمد رشيد قباني، وسماحة الإمام عبد الأمير قبلان.
في تموز من عام 2006 تمّ التوافق على عقد لقاء للقادة الأربعة في دار الفتوى. وكان الموضوع الوحيد على جدول الأعمال هو إطلاق مبادرة إسلامية لبنانية للمساعدة على وأد الفتنة المذهبية في العراق. أُعدّ مشروع البيان الذي كان سيصدر عن هذا اللقاء وفيه دعوة موجهة الى قيادات عراقية سياسية ودينية، سنية وشيعية، لعقد مؤتمر مفتوح في بيروت للاتفاق على معالجة الاختلافات الطائفية التي تعصف بالمجتمع العراقي والتي نفخ في رمادها الاجتياح الأميركي.
كان الوقت المحدد لاجتماع القادة الأربعة هو الساعة 12 ظهراً من يوم 13 تموز 2006. ولكن العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي بدأ صباح ذلك اليوم، سرعان ما اشتد عنفاً مع ساعات النهار الى أن أصبح عدواناً شاملاً وحرباً مفتوحة.
أصبح الانتقال الى دار الفتوى خطراً. فتقرر تأجيل اللقاء بانتظار انتهاء العدوان. غير أن التطورات السياسية التي فجرتها القراءات المختلفة لكيفية وقف هذا العدوان الذي استمر 33 يوماً ووضع حد لتداعياته التدميرية الخطيرة، باعدت بين أصحاب المبادرة التقريبية والتوفيقية. وبالنتيجة استشهد مع الألف وأربعمائة لبناني من جراء العدوان الإسرائيلي شهيد لم تُقرأ عن روحه الفاتحة، وهو مشروع لقاء القيادات العراقية السنية والشيعية بدعوة من القيادات اللبنانية السنية والشيعية.
بالأمس كنا هناك، محلقين عالياً في طموحات توحيدية. واليوم أصبحنا هنا، غارقين في وحول ترهات الاختلافات المذهبية. نرى الشرّ ونسكت عنه، ونحن نعرف أن السكوت عن الشرّ، شرّ مثله. وأن عدم المبادرة، مبادرة.
لقد كانت الصعوبة دائماً هي في إيجاد علاج يكون أقل سوءاً من الداء، ولكن من سخرية القدر أننا أحياناً نبحث عن الرجل الأمين في ضوء مصباح مسروق.
بالأمس كانت الطائفية واقعاً نخجل منه ونرفع الصوت خجلاً منه.. واليوم أصبحنا، في معظمنا، نفكر طائفياً. ونتصرف طائفياً.. ننظم طائفياً. وننتظم طائفياً.. نبتهج طائفياً. ونحزن طائفياً.. ثم نشتم الطائفية وأهلها.
نعرف أننا مجتمع متنوع، ولكننا غالباً ما نتجاهل الحقيقة، وهي أن كل مجتمع متنوع معرّض لخطر التصدع. وأن هذا الخطر هو جزء أساس في بنية التنوع. ولذلك يمكن القول إن التنوع من دون خطر التصدع هو كالدين من دون الخطيئة أو المعصية. فالدين لا يدعو فقط الى تجنب ارتكاب الخطيئة، ولكنه يساعد مرتكبها على التخلص من معاناة ما بعد ارتكابها بحيث يتمكن من المصالحة مع نفسه، ومع مجتمعه من جديد. وكذلك ثقافة التنوع، فإنها لا تدعو فقط الى تجنب التشرذم والانقسام، ولكنها تساعد النرجسيين المغالين في حب الذات الى التصالح مع أنفسهم ومع مجتمعهم. وما العيش الوطني إلا مصالحة يومية مع الذات ومع الآخر.
إن أهم من قراءة المواثيق هو قراءة الناس. وأهم من إعداد سيارات الإسعاف في قعر الوادي، هو بناء الحواجز التي تمنع السقوط. ومن أولى متطلبات تأصيل ثقافة بناء الحواجز هذه، الانقلاب على ثقافة التبعية والاستتباع. ولعل من تباشير ذلك، هذا التحرك ممثلاً بالاتحاد العلمائي اللبناني وبالمركز العربي للحوار. ويبدو لي أن مؤسسي الحركتين يشاركوننا الإيمان بصحة المثل الصيني الذي يقول: "أنت لا تستطيع أن تمنع الطيور السوداء من أن تحلق فوق رأسك، ولكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشعش في رأسك".
في القرن الماضي كتب أندريه جيد رسالة الى توفيق الحكيم قال له فيها: "ان العقل العربي يحمل قدراً كبيراً من الإجابات أكثر مما يمتلك من الأسئلة".
وفي ظني أن إنشاء الحركتين وتعاونهما يطرح من الأسئلة.. أكثر مما يقدم من الإجابات. وهذا موضع أهميتهما. وهو في الوقت ذاته منطلق تفاؤلنا وإيماننا بالقدرة على صناعة غدٍ أفضل.
ميثاق مكة المكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي
السبت، 21 يوليو 2012
الإخوان المسلمون السوريون يعقدون مؤتمرهم العام الأول في اسطنبول
المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية في المغرب: ابن كيران رئيساً
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)