‏إظهار الرسائل ذات التسميات الإسلام والديمقراطية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الإسلام والديمقراطية. إظهار كافة الرسائل

السبت، 2 فبراير 2013

محمد مهدي شمس الدين: حول الخدمة المنزلية


إن قصة الخدمة المنزلية ذات أهميةقصوى في الحياة الزوجية للغالبية الكبرى من الأزواج والزوجات (الأسر) عند المسلمين وغيرهم من البشر. ومثل ذلك في الأهمية رعاية الأطفال والعناية بهم مادياً ومعنوياً. وفي بعض الفئات الاجتماعية تحتل قضية العمل في مجال الكسب الاقتصادي في الزراعةوالحرف الأخرى، أهمية كبيرة في العلاقات الزوجية عند إرادة تكوين الأسرة. وقدجرى عرف أغلب البشر على قيام الزوجة بالأعمال المنزلية المألوفة من إعداد الطعام،وترتيب المنزل، ورعاية الأطفال، وغير ذلك مما يتصل به ويناسبه. كما جرى عرف كثيرمن البشر ـ في بعض الفئات الاجتماعية (الفلاحين مثالاً) ـ على مشاركة الزوجة لزوجهافي العمل لكسب المال والثروة، كالعمل الزراعي في الحقول، أو تولى بيع السلع فيالدكان، أو القيام بأعمال مأجورة في المنزل الزوجي، من قبيل الغزل والنسج والخياطةوالتطريز وغيرها من الأعمال الحرفية، وذلك لأجل المساهمة في نفقة الأسرة. ولدىغالبية الناس ارتكاز ذهني بأن هذه الأمور من واجبات الزوجة (خاصة العمل المنزلي) ومن حقوق الزوج عليها، بحيث لو طرحت قضية أن الزوجة لا تجب عليها الخدمة في بيتالزوجية، ولا رضاعة الأطفال ولا خدمتهم وحضانتهم، لامتنع كثير من الرجال ـ بل لعلأكثرهم ـ من الزواج بامرأة لن تقوم بهذه المهمات (وخاصة الخدمة المنزلية ورعايةالأطفال) أو يشكون بذلك منها. ولصرحوا ـ في حالة زواجهم ـ بها باشتراط قيام الزوجةطوعاً ومجاناً. ولو علمت النساء بأنه ليس عليهن مسؤوليات من هذا القبيل لفاجئهن ذلكواعترتهن الدهشة والتعجب منه. ولعل روايتي تقسيم العلم بين الإمام علي (ع) والسيدة فاطمة (ع) تعبران عن هذا الارتكاز العرفي عند الناس، بقطع النظر عن صحةوعدم صحة سندهما، فهذا يتوقف عليه حجيتهما في الدلالة على الحكم الشرعي، ولسنا بصدداستفادة ذلك منهما هنا، بل بصدد استفادة وجود هذا الارتكاز، وهما تدلان عليه وإنكانتا موضوعتين، إذ إنهما تعبران عن واقع حياتي موجود وراسخ في حياة الناس العائليةوالاجتماعية، وإلا فمن غير الممكن أن يخترع الواضع أمراً غير مألوف عند الناس ويدعيحكماً شرعياً له، لأنه سيبين كذبه بوضوح، فلا بد أن يكون المورد من الأمور المألوففي حياة الناس في المجال المدعى ورود الحكم الشرعي فيه. وقد بينا أن الرواياتغير الواجدة لشرائط الحجية يمكن الاستفادة منها في مقام الاستنباط في باب السيرةالمتشرعية والعرف العام والأعراف الخاصة. وهذا الارتكاز لا يتنافى مع حصر حق الزوج في الاستمتاع والمساكنة على النحو الذي تقدم بيانه، حيث أن ذلك لا يقتضي حصرالمشروعية به، وعدم مشروعية قيام الزوجة بأية خدمة لزوجها ولأسرتها، بل غاية مايقتضي عدم إلزامها بذلك بدعوى أنه من مقتضيات عقد الزوجية بمقتضى طبعه وأصل تشريعه،وهذا لا ينافي قيامها بذلك أو ببعضه تبرعاً أو لسبب من عقد أو شرط. إن هذاالواقع الحياتي العرفي المرتكز في الأذهان على نحو ارتكاز البديهيات والمسلمات التيلا يلتفت العرف إلى لزوم ذكرها في العقود، يجعل من (الخدمة المنزلية ـ في الجملة ـورعاية الأطفال ـ في الجملة ـ ) من الشروط الارتكازية الضمنية التي يبنى عليهاالعقد، من قبيل الصحة في المبيع، والتسليم في بلد العقد، كون الثمن بنقد البلد، وماإلى ذلك. ولكن متعلق هذا الارتكاز مجهول المقدار من حيث الكثرة، ولذا فلا بد منالاقتصار في مقام استيفائه على القدر المتيقن، وهو الحد الأدنى الذي ليس منه رضاعةالأطفال وحضانتهم الذي نصّ القرآن على أنه عمل تستحق الزوجة ـ الأم عليهالأجرة. ولذا فإنه في حالة وجود هذا الارتكاز، واعتبار العقد مبنياً عليه عندالالتفات إلى قضية الخدمة، لا يجوز للزوج أن يطلب أية خدمة يشك كفي كونها داخلة فيالقدر المتيقن، وللزوجة الامتناع عن القيام بها أو المطالبة بالعوض عليها. هذا،ولكن المعروف السائد في المجتمعات الإسلامية هو غلو الأزواج في استيفاء الخدمةالمنزلية ورعاية الأطفال من الزوجة، بل يتعدى بعضهم ـ جهلاً وظلماً ـ في الأرياف والبيئات الجاهلة، إلى مطالبة الزوجة أن تشارك في أعباء العمل الزراعي والحرفي الذييقوم به الزوج، إضافة إلى الأعمال المنزلية ولوم الزوجة وتعنيفها إذا تراخت في ذلكأو امتنعت من القيام به. وهذا واقع في الأسرة المسلمة لا يقره الشارع الإسلاميتكابد منه الزوجة قساوة أوضاع مفروضة عليها في حياتها الزوجية العائلية تحولها إلىخادم بلا كرامة ولا حقوق. وهذا وضع يجب على المهتمين بتصحيح حياة المسلمين وترشيدها على هدى الإسلام، أن يولوه اهتمامهم على مستوى التعلم والإرشاد والتثقيفمن جهة، وعلى مستوى تنظيم تشريع عقود الزواج وتفصيلها على نحو حفظ الزوجة من أنتكون ضحية استغلال ناشئ من جهل الزوج أو ظلمه استناداً إلى أعراف وعادات مخالفة لنصالشريعة، وأخلاقيات الإسلام، وحقوق الإنسان في الإسلام.

عن قانون الانتخابات والزواج المدني


معركتان نجح النظام السوري وحلفاؤه في فرضهما على خصومه وارباكهم بها الى حد كبير، وكان بالامكان عدم الوقوع فيهما والمبادرة الى طرح مشاريع واضحة وجريئة تغلق الباب أمام الفتنة الموصوفة لهذه المعارك الوهمية: 1-قانون ايلي الفرزلي السيء السمعة (أقصد القانون) وقد انزلق البعض على قشرة الموز هذه بعنوان وحدة الصف المسيحي أولاً وضرورة التمثيل الصحيح للمسيحيين في البرلمان ثانياً... متناسين أن باقي الطوائف ستطالب أيضاً بوحدة الصف (لا صوت يعلو فوق صوت وحدة الطائفة) وبالتمثيل الصحيح العادل المناسب لحجمها (أي المثالثة وليس المناصفة)... ومتناسين أن وجود المسيحيين والمسلمين هو أصلاً على المحك ولا خلاص لهم الا معاً وبالدولة الديموقراطية المدنية... يعني ننهض معاً أو نسقط فرادى... والأنكى من ذلك أن الجميع يدرك ويعلم علم اليقين بانه لا انتخابات ولا من يحزنون.. يعني ذلك ان مصير المسيحيين اللبنانيين غير متعلق أصلاً بانتخابات لن تحصل اليوم ولا غداً ... فلماذا التضحية بما في اليد من اجل 10 عصافير على الشجرة... أي في عالم الغيب..لأن السادة الكرام لا يعرفون ما سيصير عليه الوضع بعد يومين ... برغم لجوئهم الى نبؤات ليلى عبد اللطيف وميشال حايك ومن لف لفهما... ألم يكن بالامكان بدل ذلك الدعوة لمؤتمرات وطنية وورش عمل لبحث سبل حماية السلم الأهلي والعدالة والمصالحة وكيفية تطبيق الطائف فعلياً، وضرورات الاستعداد لزلزال المحكمة الدولية وزلزال سوريا المتفاقم؟؟؟ والعاقل والمدرك للامور يعرف ان ما يجري مناورات سياسية رخيصة للحشر والمغالبة.. لذا كان من الأنسب عدم الانجرار خلف صراع حول جنس الملائكة... والنأي بالنفس عن هذا الهراء غير الارثوذكسي وغير الكاثوليكي... 2- الزواج المدني وهو موضوع قديم جديد يتم طرحه دائماً لاستثارة الفتنة الطائفية واظهار السنّة بمظهر غير المدنيين .. حصل هذا زمن الرئيس الياس الهراوي بطلب سوري لحشر الرئيس الحريري ... يومها وافق وزراء حركة أمل على القانون المدني بطلب سوري مباشر وأيضاً لحشر الرئيس الحريري في الزاوية نظراً لما لهذا الأمر من حساسية دينية اسلامية... ولا أظن أن الرئيسين الهراوي وبري ، ومعهما الوزراء الأشاوس، كانوا من المهتمين بالحقوق المدنية للمواطن اللبناني...كما لا أظن أن من كان يطرح في كل فترة مشروع الغاء الطائفية السياسية كان بريئاً من الغرضية براءة الذئب من دم يوسف ابن يعقوب... أما اليوم فقد شارك المفتي قباني (ولحقه المجلس الشيعي) في عملية التحريض ضد الزواج المدني وبصورة غير مقبولة بكل المعايير... وهدف المفتي قباني واضح للعيان إذ يتعلق الأمر بالدعوة الى انتخاب المجلس الشرعي وبالتالي تطييره من منصبه المختلف حول شرعيته أصلاً، وهو باستثارته تعبئة دينية تعطيه مصداقية شعبية يحشر تيار المستقبل في الزاوية ويربك الرئيس ميقاتي ويخلط الأوراق ويكسب وقتاً... وقد نجح في ذلك للأسف... مؤقتاً...وما تأييد المجلس الشيعي له سوى من باب التضامن السياسي ونحن نعلم أن وزراء حركة أمل صوتوا بالاجماع لصالح مشروع الرئيس الهراوي للزواج المدني في شباط 1998.. وفي هذا السياق يتوجب التنويه بقوة بأنه لا يحق لأحد (من الناحية الدينية الشرعية أولاً ومن الناحية السياسية الوطنية ثانياً) التصريح بتكفير وتهديد بحد الردة واخراج مسلمين (بينهم نواب ووزراء ورؤساء وزراء وقضاة ومفكرون ..الخ..) من دينهم والتهديد بعدم الصلاة عليهم أو دفنهم في مدافن المسلمين...هذا لم يحصل من قبل في تاريخ المسلمين في لبنان... ولا يجوز أن يمر مرور الكرام. وقد تعلمنا في ديننا أن الرسول صلى بنفسه على رئيس المنافقين الذين كانوا يستهزئون به ويكفرون برسالته... وتعلمنا أن الحكم الأخير بين الناس هو لله يوم القيامة.. كما تعلمنا في ديننا أن الفتوى هي رأي (قد يكون مصيباً وقد يكون مخطئاً) وليست حكماً قضائياً ... وتعلمنا في ديننا انه لا كهنوت في الاسلام .. المقصود بالإفتاء: الإفتاء في اللغة معناه الكشف والبيان والإيضاح. أما المقصود بالإفتاء شرعا فهو بيان الأحكام الشرعية فيما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات والآدب، وغير ذلك من المسائل التى لها أحكامها المستقرة فى شريعة الإسلام. وبناء على ذلك، فإن وظيفة المفتى الشرعى هي بيان الحكم الديني فى مسألة من المسائل من حيث كونها من الأمور المباحة، أو المندوبة، أو المكروهة، أو الواجبة، أو المحرمة...أي من دون تكفير وتهديد ووعيد..فالمفتي يجتهد رأيه ولا يملك فرضه.. والإفتاء أمانة كبيرة وتبعة عظيمة لأن المفتى فى مسألة ما مسؤول أمام الله تعالى عما أفتى به ، فإن أفتى بالحق والصواب كان له أجره، وإن أفتى بالخطأ والجهل والهوى كان أمره فرطا، وكان عقابه لا يعلم شدته إلا الله. الفرق بين القاضي والمفتي: إن حكم القاضي ملزم لمن تحاكم إليه ينفذ قهرًا، أما فتوى المفتي فغير ملزمة في المنازعات بين الخصوم، إذ ليس من شأنه طلب البيانات واستشهاد الشهود واستحلاف أطراف النـزاع، وليس مجلسه مجلس إقرار، بخلاف القاضي في كل ذلك، ويترتب على هذا: 1. إنه لا يفتى فيما ينظر فيه القاضي إلا على جهة المشورة وإبداء الرأي، فإذا كانت الدعوى معروضة أمام المحاكم للنظر فيها فلا يستفتى فيما كان النظر فيه من شأن القاضي، وليكن السؤال عاما لا علاقة له بحق لأحد أو على أحد. 2. إن فتواه لا تعارض حكم القاضي إلا إذا خالف نصا صريحا أو إجماعا صحيحا، فإن حكمه يكون باطلا حينئذ. 3. إنه لا يملك تغيير المحررات الرسمية التي يصدرها القاضي أوالمأذون كما في الزواج والطلاق، فإذا أراد من حررت له وثيقة طلاق رسمية مثلا أن يطعن فيها فالطريق الصحيح له أن يلجأ إلى المحكمة طلبا للتصحيح، ثم إذا أراد القاضي بعد ذلك أن يستشير المفتي فإنه يخاطبه بمحرر رسمي. 4. قد يطلب الزوج – أو الزوجة التي حضر زوجها للاستفتاء – من المفتي ما يفيد وقوع الطلاق من عـدم وقوعه، وحينئذ فإفادة دار الإفتاء بذلك إنما هي على سبيل الشهادة لا القضاء. وللمفتي صفات علمية، من أهمها أن يكون حافظا للقرآن الكريم مع فهمه السديد لمعاني ألفاظه ولسمو هداياته، وأن يكون واسع الاطلاع على السنة النبوية الشريفة وشروحها، ولديه الإحاطة الواعية بروح التشريع، واختلاف الآراء، وتطور الزمن والعادات، إلى غير ذلك من العلوم التى لا غنى لكل راسخ فى العلم منها. فقد روى عن الإمام الشافعي – رضى الله عنه – أنه قال: "لا يحل لأحد أن يفتى فى دين الله، إلا رجلا عارفا بكتاب الله تعالى بصيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصيرا باللغة الفصحى والشعر الجيد وما يحتاج إليه منهما فى فهم القرآن والسنة، ويكون مع هذا مشرفا على اختلاف علماء الأمصار، وتكون له فى ذلك قريحة وقادة، فإذا بلغ هذه الدرجة فله أن يفتي". وعلى المفتي أيضا ألا يتحرج من الرجوع عن فتواه إذا تبين له خطؤه. الزواج في الاسلام كما تعلمنا في فقهنا الاسلامي أنّ الأصل الأولي، العقلي والنقلي، في قضية السلطة على البشر، من قبل أي شخص كان، هو عدم المشروعية، فلا ولاية لأحد على أحد، ولا ولاية لأحد على جماعة، أو مجتمع، ولا ولاية لجماعة أو مجتمع على أحد، طالما أنّ الولاية الوحيدة الثابتة بحكم العقل والنقل، هي ولاية الله تعالى وحده دون غيره... وهذا يعني أنه بعد انقطاع الوحي بوفاة الرسول (عند السنة)، وبعد انقطاع العصمة بغيبة الامام المهدي (عند الشيعة)، عادت الولاية الى الأمة على نفسها.. أي أنّ الأمة يجب أن تشرّع لنفسها بواسطة أهل الخبرة والاختصاص، في كل مجال في حدود حاجاتها التنظيمية، وذلك في مناطق الفراغ التشريعي على حد قول شمس الدين، ومنها الشأن الإداري والتنظيمي... والصحيح أن الزواج في الاسلام هو عقد مدني أصلاً (شأن اداري تنظيمي) فهو ليس سراً مقدساً، وأساس هذا العقد المدني وجود الشهود عند أهل السنة (شاهداك زوجاك) وبلا شهود عند الشيعة، بل اتفاق وتراض بين الزوجين، إذ هو عقد مكتوب يحدد الحقوق والواجبات والمسؤوليات المتبادلة، أي ككل عقد مدني إداري أصلاً... ولكن هناك اشكالية أساسية في العقد الاسلامي وهي أنه لا يجوز لمسلمة أن تتزوج من غير مسلم.. وهذا له أسبابه السوسيولوجية المعروفة التي جعلت المرحوم الشيخ عبدالله العلايلي يطلق صرخته الشهيرة : أطوطميون أنتم؟.. وهذا الاشكال هو الداعي الوحيد لعدم قبول الزواج المدني لدى المسلمين لما لذلك من تداعيات ومفاعيل على مسائل أخرى في أساس تكوين الاسرة مثل البنوة والابوة (النسب) والامومة والحضانة والطلاق والإرث والوصية الخ....ومجتمعاتنا مجتمعات ذكورية وتشريعاتها تخدم ذلك... وبالتالي فليست المسألة مجرد زواج مدني بل كيفية اعادة تنظيم حقل الأسرة والاحوال الشخصية برمته في مجتمع ديني أولاً وذكوري أساساً.. أما القول بالاعتبار بالنموذج التونسي والماليزي والاندونيسي والتركي فهو صحيح مبدئياً ولكنه يتناسى أن هذه البلدان اسلامية صافية وعلى مذهب واحد غالباً، أو أن السلطات فيها مسلمة ودستورها ينص على دين الدولة، تماماً كما أن العلمانية الغربية قامت على مجتمعات مسيحية ثقافتها وروحها ودستورها وقوانينها مستمدة من تراثها المسيحي ولم تأخذ بالتعددية الدينية حين صاغت علمانيتها...المهم هنا القول بأن المطلوب اجتراح اجتهاد اسلامي مناسب للعصر والمكان والزمان وهذا ما حاول القيام به العلايلي وبعض علماء الشيعة مثل السيد محمد حسن الأمين والسيد علي الأمين والسيد هاني فحص.. وخلاصة القول إن الزواج المدني ينعقد عندنا في لبنان منذ أجيال (ولو في خارج البلاد) وتسجله المحاكم اللبنانية شرعياً وتنعقد مفاعيله حتمياً .. ولم يصدر عن أي مفتي سابقاً ما يلغي هذه الزيجات أو يجعل أصحابها كفرة مرتدين... فلنشتغل على ورش عمل تناقش وتصوغ اشكاليات الاحوال الشخصية وقوانينها في لبنان في ظل دعوتنا لدولة مدنية.. ولنشتغل على ورش عمل تناقش كيفية تطبيق اتفاق الطائف، وتصوغ حلولاً لمشكلة التمثيل الصحيح ومبدأ المناصفة والتقسيمات الادارية المناسبة واللامركزية الادارية وسلطات وصلاحيات مجلس الشيوخ والسلطة القضائية المستقلة فعلاً، وكيفية تحقيق ذلك.. ولنشتغل على ورش عمل وهيئات تعمل على حماية السلم الأهلي وحفظ الأمن والأمان للبنان في هذا المنعطف الخطر. أما الحل الآني (خطة خمسية) لمسألة السجال الحاصل اليوم فبسيط يا شباب... تطبيق اتفاق الطائف عبر المهمات التالية: 1- تشكيل مجلس شيوخ طائفي على أساس أن كل طائفة تنتخب شيوخها وعلى قاعدة المناصفة والنسبية . 2- تشكيل مجلس نواب محرر من القيد الطائفي على أساس المحافظة دائرة انتخابية واحدة، والاكثرية المطلقة مع وجود لوائح لكتل سياسية (أو أحزاب) لا طائفية.. نعم لا طائفية مثل الكتلة الدستورية والكتلة الوطنية والجبهة الاشتراكية.. 3- إعادة تشكيل المحافظات وجعلها 34 على أساس مشروع ناجي البستاني أو أي اقتراح غيره يناسب المناطق. 4- البدء الفعلي بتطبيق اللامركزية الادارية الموسعة بعد اعادة تشكيل المحافظات.وهذا يعني على سبيل المثال استقلالية الجامعة اللبنانية في المناطق كجامعات مستقلة وليس كفروع، وتعيين رؤساء لكل منها بدل الرئيس الواحد.. 5- البدء الفعلي بالانماء المتوازن من خلال تأهيل وتشغيل مطاري القليعات ورياق ومرفأ طرابلس (وغيره) ومصافي النفط في طرابلس والزهراني والمعارض العربية والدولية في طرابلس وشتوره وبعلبك والاوتوستراد العربي والجامعة اللامركزية والمناطق الصناعية في البقاع وتأهيل وتفعيل المستشفيات الحكومية والمستوصفات النقالة والزراعات البديلة... ومن خلال تسهيل عمليات فرز وضم وتسجيل الأراضي (خصوصاً في البقاع والشمال) وغير ذلك من مشاريع.. 6- تشكيل مجلس قضاء أعلى جديد مستقل يرشح أعضاءه الرؤساء الثلاثة ورؤساء الكتل النيابية من كل الطوائف ويتم لاحقاً انتخاب عشرة من بين المرشحين وعلى أساس الكفاءة والأقدمية.. فقط .. ويناط به وحده اعادة النظر في وضع القضاء برمته لضرب الفساد واعادة تشكيل الهيئات والمحاكم باتجاه تحقيق استقلالية السلطة القضائية نهائياً.. 7- تدريس الزامي للتربية الوطنية وللتنشئة المدنية في التعليم الرسمي والخاص للمرحلتين الابتدائية والتكميلية. 8- تدريس الزامي لتاريخ الاديان والثقافات المقارن، وعناوين وبنود من القانون المدني، في المرحلتين الثانوية والجامعية. 9- تكليف الجيش بأعمال الخدمة الاجتماعية المجانية في المناطق الريفية المتخلفة كاستصلاح الأراضي وشق الطرق وتزفيتها وبناء المدارس والمستوصفات أو اصلاحها..الخ.. والغاء السخرة المطبقة على الجنود في منازل الظباط. 10- تشكيل هيئة من القضاة المدنيين والدينيين (والمحامين) لاقتراح مشروع قانون مدني اختياري للاحوال الشخصية ..

جمال البنا: الحجاب غير شرعي والزواج صحيح دون شهود وولي


فصل الجنسين عملية وحشية وإمامة المرأة جائزة طرح المفكر الاسلامي جمال البنا وهو الشقيق الاصغر لمؤسس حركة الاخوان المسلمين حسن البنا، آراء حول الحجاب والمرأة والزواج قد تثير جدلا كبيرا لتصادمها مع معظم الاجتهادات الفقية القديمة والمعاصرة. وقال في حوار مع "العربية.نت" أنه لا حاجة الآن للحجاب لأنه يعوق المرأة عن حياتها العملية، وأنه لا يوجد في الاسلام ما يؤكد فرضيته.وأضاف: الحجاب فرض علىالاسلام ولم يفرض الاسلام الحجاب، فشعر المرأة ليس عورة، بل يمكنها ان تؤدي صلاتها بمفردها وهي كاشفة الشعر.واعتبر شعر المرأة ليس عورة قائلا "مطلقا لا أرى ذلك".. مشيرا إلى أن المجتمعات الذكورية التي تخصص المرأة للبيت فقط هي التي تلح على هذه النقطة.واستطرد بأن الاختلاط ضرورة، حتى لو حدثت بعض الاخطاء، فالانسان عندما تصدمه سيارة في الشارع، لا يكون ذلك مدعاة لالغاء السير فيه. أوضح البنا أنه لا يستسيغ عزل النساء عن الرجال، بينما التطورات الحالية تفرض لهن حقوقا سياسية واجتماعية واقتصادية مساوية للرجال، متسائلا: كيف نعزل وزيرة عن بقية الوزراء لأنها انثى.ويفجر مفاجاة جديدة خاصة بالزواج قائلا إن مسألة الشهود توثيقية فقط، فيكفي رضا وتوافق الرجل والمرأة على الزواج وحصول توافق بينهما لتصبح علاقتهما صحيحة، بشرط وجود النية باستمرار هذا الزواج وقبول نتائجه المتمثلة في الانجاب والاقامة في بيت واحد.ولكنه حرص على استثناء العلاقات داخل المدارس والجامعات من هذا الحكم بقوله: تبقى علاقاتهم التي يسمونها زواجا غير شرعية، لأنه ليس هناك بيت يجمع الزوجين والعلاقة بينهما يغلفها السرية، ولا ضمان لديمومتها فالقلوب تتغير وقد يخطف قلب الرجل أو الفتاة طرف آخر.وأكد جمال البنا أن الحجاب أبدا لم يكن عقيدة أو شريعة بل مجرد عادات، إنه موجود من قبل الاسلام بألفي عام، نراه في كتاب حمورابي، وفي أثينا في عهد أفلاطون وارسطو حيث كان ينظر إلى المرأة على أنها من الحريم، كذلك ركزت اليهودية على الحجاب بشكل مكثف وأيدته المسيحية أيضا.وقال: كان الحجاب موجودا في العالم كله على أساس أنها مجتمعات ذكورية خصصت المرأة للبيت والرجل للعمل وكسب الرزق، ولم يكن ذلك مزعجا للمرأة لأنها وجدت في الامومة ما يعوضها، لكن مع تطور الحياة في العصر الحديث ونمو فكرة الانسان وان المرأة انسان ايضا، تغيرت مشاعرها وبدأت تطالب بحقها كانسان، واقتضى ذلك دخول المرأة مجال العمل ومشاركتها في العمل السياسي مثل الرجل تماما، ومن ثم أصبح لا ضرورة للحجاب الذي يحمل معنيين، أن تحتجب في البيت، أو أن تغطي شعرها فقط أو شعرها ووجهها وهو ما يسمى في هذه الحالة بالنقاب. لا لزوم للحجاب وشعر المرأة ليس عورة وأضاف أن الحجاب يحول عمليا دون مشاركتها في الحياة العملية، فما دامت الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد غيرت من وضع المرأة، مما يستدعي تغيير المفاهيم بشأنها وما يستتبعها من حجاب أو غير حجاب.وأوضح أن شعر المرأة ليس عورة ولا يوجد أبدا في الكتاب والسنة ما يقول ذلك، وهناك حديث في صحيح البخاري بأن الرجال والنساء كانوا يتوضأون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من حوض واحد في وقت واحد، فكيف اذن تتوضأ المرأة وهي مقنعة مرتدية ذلك اللباس الذي يجعلها شبحا أسود. كيف تغسل وجهها وقدميها ويديها إلى المرفقين، وكيف تمسح على شعرها.لقد استمر هذا الوضع طيلة حياة الرسول وفي جزء من خلاقة أبي بكر الصديق وجزء من خلافة عمر الذي فصل بين الرجال والنساء في الوضوء من مكان واحد. ليس في القرآن والسنة أمر بالحجاب السنة ليست كما يتصورون أبدا. ليس في القرآن الكريم أو السنة الشريفة ما يأمر بالحجاب مطلقا. القرآن عندما قال "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" كان ذلك في اطار الحديث عن لباس اجتماعي سائد في ذلك الوقت، فالرجال يلبسون العمائم والنساء تختمر لتقي نفسها من التراب أو من الشمس، وبالتالي فالمسألة لا علاقة لها بالدين، ومن هنا امر القرآن أن تسد المرأة فتحة الصدر بالخمار الذي كانت ترتديه كعادة اجتماعية، لكنه لم يأمرها بان ترتدي الخمار ولم يقل إنه من الضروري أن يغطي الرأس.القرآن ليس فيه آية واحدة تحث على الحجاب إلا بالنسبة لزوجات الرسول، وهو ليس زيا وانما باب أو ستار.وأضاف: الاسلام لا يطلب من المرأة أن تغطي شعرها أو تنزع ذلك الغطاء، هذا ليس شأنه، وإنما يدخل في اطار حقوقها الشخصية.وقال لا أجد حرجا مطلقا في أن تصلي المرأة بشعرها، ومع ذلك لابد أن نفرق بين كونها في الشارع، فلا نرى ضرورة لأن تلبس غطاء على رأسها، وبين أن تكون في الصلاة فترتديه، وإن كنت لا أرى حرجا في أن تصلي بدونه. ارتداء المرأة للبنطلون أكثر حشمة وسترة ويرى جمال البنا أن البنطلون الذي ترتديه بعض النساء أكثر سترة وحشمة من الفستان، خصوصا أنها تركب مواصلات عامة وقد تجري وتؤدي أعمالا تناسب البنطلون الذي يستر في هذه الحالة أكثر من أي ملابس أخرى.وقال: لا أجد داعيا لاثارة موضوع الحجاب مع الغرب بين الحين والآخر، انها منتهى الحماقة، فضلا عن ان ذلك يتنافى مع أهمية أن يتعايش المسلمون مع المجتمعات التي يقيمون فيها، وإلا فما الداعي لمعيشتهم فيها، عليهم أن يعودوا لبلادهم الأصلية.وشرح ذلك مستطردا: إن أول أبجديات هذا التعايش ألا يوجدوا فروقا بينهم وبين باقي المجتمع. لقد قلت في كتاب "مسؤولية الدولة الاسلامية في العصر الحديث" والذي حاول الأزهر مصادرته، إذا وجدت المرأة المسلمة في المجتمع الأوروبي حرجا من كشف شعرها، وهذا طبعا ليس له أساس اسلامي كما قلت، ولكن إذا كان عندها هذا الحرج فلتلبس "برنيطة" (قبعة) ولا تلبس ما يسمى بالحجاب الاسلامي الذي سيعزل بينها وبين المجتمع.وأضاف أن الحكمة من الحجاب هي "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" أي يعرف الناس انهن محتشمات فلا يتعرضن للأذى، الآن المحجبات يتعرضن للأذى. الاختلاط ضروري ومن الطبيعة والفطرة ووصف جمال البنا الاختلاط بأنه ضروري، ومن الطبيعة والفطرة لأن الفصل بين الجنسين عملية وحشية، فقد عشنا في الثلاثينيات من القرن الماضي مرحلة كان يتمنى فيها أي شاب أن يجلس ولو على البعد مع امرأة، لا يريد أن يفعل شيئا سيئا، ولكن لمجرد أن يتعرف على هذا الكائن الذي كان مجرد الجلوس إليه مستحيل.وقال: ليس حدوث أشياء خاطئة مبررا لأن نمنع بسببها الاختلاط، الشخص يمشي في الشارع مثلا فتصدمه سيارة فهل نحرم المشي في الشارع؟هناك نوع من التوجيهات يراد بها اتقاء ثغرات معينة في أعماق النفس البشرية، فعندما نجد حضا على عدم الخلوة فلا يعني ذلك منع الاختلاط، فالخلوة المقصودة هنا هو المكان الذي يغلق بابه على رجل وامرأة. رضاء الطرفين وتوافقهما كاف لصحة الزواج وقال: لا يتم الزواج إلا برضاء المرأة، وهي نفسها التي توقع العقد ولا يوجد شئ اسمه ولي عليها فهي ليست قاصرا، المرأة حرة في اختيار زوجها مهما كان عمرها. ما دامت تتصرف في أموالها واشيائها، فكيف لا تتصرف في عقد الزوجية الذي يقرر مصير حياتها كله.وأضاف أن مسألة الشهود في الزواج ليست مطلوبة تماما، فالغرض منها التوثيق والتأكيد على أن العملية جادة حرصا على الحقوق والواجبات في حالة الطلاق أو الموت كالميراث مثلا او نسبة الأولاد. الشهود لتثبيت ذلك، ولم يكن في العصور الاسلامية الأولى لا توثيق ولا شهود، فقد ذهبت امرأة ورجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا له زوجنا يا رسول الله، فقال للمرأة: هل تقبلين هذا الرجل زوجا لك، فردت: قبلت يا رسول الله، وسأل السؤال نفسه للرجل فأجابه بالايجاب، فتم الزواج. لا شهود ولا مهر ولا ولي واستطرد: اذن هو عقد رضائي من الدرجة الأولى، فلا شهود ولا مهر ولا ولي، وما حصل في الزواج من هذه الأمور عملية تنظيمية لجأ إليها الفقهاء لاحقا. علينا أن نرى أن هناك فرقا بين الاسلام الحر المفتوح وبين لزوم التطورات الاجتماعية التي تجعل اهل الفقه يقومون بتفسير لخطوط عريضة وضعها القرآن الكريم والسنة النبوية يناسب مقتضى الحال والوقت، لكن لا علاقة لهذا بالحلال والحرام، هي اجراءات رأوا وجاهتها لسلامة العقل.وردا على سؤال لـ"العربية.نت" أجاب: لو أن رجلا وامرأة ليسا في حالة موانع شرعية، توافقا على الزواج فانه يصح ، وتجوز علاقتهما، هذا ما أراه، لكن عليهما ان يثبتا ذلك بالشهود والعقد. العامل الأساسي في صحة الزواج هو الرضا من الاثنين وأن ينويا حياة زوجية مستقرة وليست علاقة جنسية لمدة معينة. لا يقع طلاق الرجل منفردا بدون موافقة زوجته وبخصوص الطلاق قال البنا: لا يجوز مطلقا للرجل أن يطلق منفردا، لأنه تزوج بصفة رضائية، ولذلك تقتضي صحة الطلاق رضا الاثنين واتفاقهما على الانفصال، ولكن أن يقوم بتخريب بيتها وتدمير حياتها ويحرمها من أولادها فهذا منتهى الاجرام والظلم، وبالتالي مهما حلف بالطلاق من الصباح حتى المساء فهذا لا يعد طلاقا. الطلاق يتم باتفاق تتقبله المرأة.زيجات المدارس والجامعات علاقات جنسية غير شرعيةويستثني جمال البنا ما يحدث في المدارس والجامعات من علاقات طلاب وطالبات على أساس زواج عرفي من صحة الزواج بمجرد الرضا بين الاثنين قائلا: هنا يوجد فارق، فما يحدث بين الطلاب والطالبات ليس نيته الاستمرار، لأن الأساس هنا أن يعيشا مع بعضهما ولو في غرفة وان يتقبلا نتائج الزواج المتمثلة في الانجاب، لكن ما يحدث هو نوع من خطف العلاقات الجنسية.وحتى لو تحجج البعض منهم بانهم ينوون الاستمرار في الزواج بعد التخرج والحصول على العمل، فاننا علينا ان نتوقع أن القلوب قد تتغير، وبالتالي يصبح كل ما مضى من علاقات عاطفية بينهما هي علاقات جنسية عابرة ليست شرعية.الزواج الذي اتحدث عنه بصيغة الرضا بين الطرفين هو ان يكون لهما بيت يعيشان فيه، حتى لو غرفة، وان يحدث استقرار ثم اولاد. وقال إن المرأة تساوي الرجل (شقائق الرجال.. ولهن مثل الذي عليهن وللرجال عليهن درجة) وهذه الدرجة موجودة الآن في امريكا فلا يوجد هناك مساواة كاملة في الوظائف وقيادة الجيش، وتقريبا هذه الدرجة خاصة بالنواحي البدنية. المرأة الأكثر علما تؤم الرجال في الصلاة وأضاف يجوز للمرأة أن تؤم الرجال في الصلاة إذا كانت اكثر علما بالقرآن، ولقد ألفت كتاب (جواز امامة المرأة الرجال) وهو يتضمن ذلك. فالامامة عملية تحتاج الى مؤهل وليست حقا فطريا، وقد وضع الرسول (ص) هذا المؤهل وهو العلم بالقرآن، فجعل صبيا يؤم قومه بمن فيهم الشيوخ لأنه كان أعلمهم بالقرآن، وجعل مولى (أي عبداً) يؤم الصحابة كلهم وكان من بينهم أبي بكر وعمر.فإذا كانت المرأة أعلم ممن تؤمهم فهي أحق بالامامة، ولكنها تغطي شعرها، فهي هنا في صلاة جماعة، وبالتالي فان الأمر بالنسبة لغطاء الشعر يختلف فيما لوكانت تصلي بمفردها، فصلاة الجماعة تحتاج الى الضوابط وبالطبع لا توجد من ستصلي اماما بالناس وشعرها مكشوف.وأضاف: قابلت في قطر الدكتورة امينة ودود التي فجرت موضوع قيام المرأة بامامة المصلين، وهي سيدة محتشمة جدا وتغطي رأسها وعلى علم، وأعطيتها نسخا من كتابي حول هذه القضية.

رحم الله المفكر المناضل جمال البنا


وفاة المفكر المصري جمال البنا.. صاحب الأفكار الجدلية هو الشقيق الأصغر لحسن البنا مؤسس "جماعة الإخوان" إلا أنه يختلف مع فكره توفي المفكر المصري جمال البنا، اليوم الأربعاء 30/1/2013 ، عن عمر ناهز 93 عاماً، بعد معاناة مع المرض حيث كان يخضع للعلاج من التهاب رئوي في أحد مستشفيات القاهرة. ويعتبر المفكر الإسلامي صاحب كتابات جدلية في قضايا إسلامية، وهو من مواليد 1920، والشقيق الأصغر لحسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه يختلف كلياً مع فكر هذه الجماعة. أكثر من 150 كتاباً صدر أول كتاب له بعنوان "ثلاث عقبات في الطريق إلى المجد" سنة 1945م، وفي العام التالي 1946 أصدر كتابه الثاني "ديمقراطية جديدة"، ثم توالت مؤلفاته في الصدور حتى تجاوزت مع ترجماته الـ150 كتاباً. وعمل محاضرًا في الجامعة العمالية والمعاهد المتخصصة منذ سنة 1963م، وحتى سنة 1993م. كما عمل خبيراً بمنظمة العمل العربية. ولجمال البنا العديد من الآراء الفقهية التي يعتبرها بعض العلماء مخالفة؛ فهو يرى أن المرأة أحق بالإمامة من الرجال إذا كانت أعلم بالقرآن كما يرى أن الحجاب ليس فرضاً على المرأة. كما يذكر جمال البنا بأنه لا يجوز للرجل أن يطلق زوجته منفردا، وذلك كونه تزوج منها بصفة رضائية وبالتالي يتوجب الطلاق رضا الطرفين واتفاقهما لكي يتم الانفصال.

الأربعاء، 2 يناير 2013

المفكر محمد المحفوظ يتحدث عن الدور الحضاري للمساجد في صفوى


استضافت ديوانية جامع الرسول الأعظم بصفوى مساء يوم السبت 13 / 10 / 2012 المفكر الشيخ محمد المحفوظ رئيس مركز آفاق للدراسات والبحوث لتناول موضوع الدور الحضاري للمساجد. ركز المفكر المحفوظ كلمته حول محورين أساسيين وهما: خصائص التجربة المسجدية في الإسلام والأدوار والوظائف التي يمكن أن يقوم بها المسجد في الوقت الراهن. واستعرض المحفوظ تجربة الرسول في تفكيك مشكلة السيطرة اليهودية على المدينة، وكانت من أهم المبادرات التي قام بها الرسول لحل هذه المشكلة هي بناء المساجد التي بها وبغيرها من الخطوات اعاد صياغة المجتمع الإسلامي. ثم أشار إلى خصائص هذه التجربة المسجدية التي تمثلت في: 1/ الجامعية: وهي بمعنى أن المسجد هو رسالة الإسلام في جامعيته وإحتضانه لجميع أفراد المجتمع بلا تفريق ترابي بينهم فليس لأحد حق في منع أخيه المسلم من الدخول للمسجد والإستفاده منه كما أن كل مسجد يمارس الفرقة ويأسس التباين فهو مناقض للرسالة الجامعية للمسجد، وذكر أن هذه الخاصية هي التي أبقت دور المسجد بوصفة هو الموقع الذي يجتمع فيه المسلمون ليس فقط لعباداتهم بل لقضاياهم الإجتماعية والسياسية. 2/ الدعوية: المسجد هو مكان لإكتناز المعرفة الدينية والإجتماعية والإنطلاق لنشرها وتعميمها في ربوع المجتمع فمن المسجد تزداد ثقافة ووعي الفرد الدينية فالمسجد هو الموطن الأول لصناعة الوعي الديني الصحيح وبوابة هداية للجميع، كما ذكر أن الإستمرار في تبليغ رسالة الإسلام والعمل على استقطاب كافة شرائح المجتمع يحافظ على روح المسجد. 3/الإيمانية: تستهدف أحكام المسجد الشرعية تعميق البعد الإيماني والتربوي عند الإنسان كما وتزيد من وتيرة إيمانه بالله سبحانه وتعالى، فالدخول في هذه الأماكن المقدسه يلزم التخلي عن سفاسف الأمور والهموم الدنيوية وتحضير الذهن للقاء الله سبحانه وتعالى فيتعمق بذلك الإيمان بالله واستلهم المحفوظ من تجربة الرسول الأكرم في المسجد النبوي الأدوار والوظائف التي يمكن أن تقوم بها المساجد في الوقت الراهن وأشار لأول دور وهو التربية الإيمانية والروحية وذكر أن الزمن الحالي هو زمن إستهلاكي متصاعد يؤدي إلى تصحر وتصلب القضايا القلبية مما يستدعي وجود بيئة إيمانية تُشعل جذوة الإيمان في النفوس، ومن أهم الأعمال التي تساعد في ذلك الإلتزام بصلاة الجماعة وتشجيع الناس عليها فهي تمثل الدور الأساسي للمسجد. وانتقل إلى الدور الثاني من أدوار المسجد وهو صناعة المعرفة الدينية ووصف العالم اليوم بأنه عالم مليئ بالظواهر والمشاريع الفكرية والثقافية التي تعبث بإيمان الإنسان وتحول فكره من فكر إيماني إلى فكر مادي والمسجد هو المكان الأنسب لإستسقاء القيم والمعارف الدينية وتحصين العقل المسلم ليتمكن بذلك من مواجهة مختلف المشاريع الفكرية، وأشار إلى الوسائل التي يمكن أن يقوم بها المسجد لصناعة المعرفة الدينية وهي: أحياء المناسبات الدينية، إقامة الدروس والدورات في القضايا الأخلاقيه والتاريخه والقرآنيه، إقامة الندوات والمحاضرات، تأسيس مكتبة إسلامية مقروءه ومسموعة، رعاية الكفاءات الشابة وصقل مواهبها، إحياء منبر الجمعة ودعى الى عدم التخلي عن هذا المنبر لانه من المنابر الأساسية التي تُسهم في وعي الناس. واختتم كلمته بالدور الثالث من أدوار المسجد وهو المساهمه في حماية المجتمع من المخاطر سواء كانت أخلاقية أو أسرية أو سياسية، فهو المكان الذي يتشكل فيه الرأي العام للناس وبذلك يحتل المسجد المصدر الأول لوعيهم وتحمل المشاكل التي تواجههم بمعنى أنه يوفر المقدمات الأخلاقية لكي يتمكن صاحب المشكلة من حل مشكلته. يذكر ان ديوانية جامع الرسول الأعظم هي ديوانية تقام كل ليلة احد وتستمر طيلة ايام السنة ماعدا ما يصادفها من مناسبات وهذا هو اللقاء الثامن من لقاءاتها لهذا العام.

الشيخ حسن الصفار يدعو الى قيام مؤسسات مدنية فاعلة تستقطب الكفاءات المحلية


دعا الشيخ حسن الصفار إلى قيام مؤسسات مدنية فاعلة تستقطب الكفاءات المحلية، قائلا بأن ذلك وحده كفيل بصناعة مجتمعات قوية. وقال الشيخ الصفار «الصياح والشكاوى لا تصنع مجتمعا قويا.. المؤسسات والكفاءات هي التي تجعل المجتمع قادرا على إثبات وجوده والدفاع عن مصالحه». جاء ذلك خلال خطبة الجمعة في مدينة القطيف شرق السعودية بتاريخ 26 ذو القعدة 1433هـ الموافق 12 أكتوبر2012م. وقال سماحته أن قوة المجتمع إنما تتحقق عبر امتلاك ثنائية الكفاءات البشرية من جهة والمؤسسات الاجتماعية من جهة أخرى. وأوضح أن «المجتمع الذي يمتلك المؤسسات يستطيع أن ينمي وينتج القدرات والكفاءات». وأعرب الشيخ الصفار عن حاجة مجتمعاتنا إلى قيام مؤسسات في مختلف المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية. وتابع إن هذه المؤسسات هي التي تقوي المجتمع وتجعله قادراً على إدارة نفسه ومواجهة التحديات الخارجية. وأضاف أمام حشد من المصلين أن الأعمال الفردية لا تنتج مجتمعاً قوياً، مشدداً على ضرورة قيام مؤسسات مدنية تعلي من شأن المجتمع على المستوى المحلي والخارجي. واعتبر سماحته غياب المؤسسات المدنية «إنما يحكي عن ضعف في المجتمع» داعياً إلى ضرورة تدارك ذلك. وأشار إلى أهمية بروز مشاريع ومبادرات تلامس حاجات المجتمع إلى جانب ضرورة الاستمرارية في العمل المؤسسي من خلال «العمل والتفاعل والنفس الطويل». وانتقد في ذات السياق شيوع ما وصفها بالثقافة السلبية تجاه العمل المؤسسي نتيجة وقوع أخطاء لدى القائمين عليها. وأوضح أن «طبيعة العمل البشري يقتضي وجود الأخطاء، ولكن لا يصح أن يكون سببا لإسقاط وإنهاء هذه المؤسسات». كما شدد الشيخ الصفار في السياق ذاته على أهمية تمويل أثرياء المجتمع وعامة الناس لمؤسسات المجتمع المدني. وأشاد في هذا الصدد برجل الأعمال والأديب الأحسائي السيد هاشم عبدالرضا الشخص لتمويله سلسلة جوائز ومكافئات نقدية للعديد من الأنشطة الأدبية والثقافية المحلية. غير أنه شدد في مقابل ذلك على أن «أفضل العطاء ما يكون عبر المؤسسات؛ لأن العطاء الفردي نتائجه محدودة، بينما العطاء الجمعي المؤسسي نتائجه أفضل». وقال سماحته إن الدعم والتمويل السخي هو الذي يحقق الفاعلية والحيوية وينمي القدرات كما يضمن التكافل الاجتماعي.

جعفر الشايب: تعزيز الوحدة الوطنية

كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف

تنص المادة 12 في الباب الثالث من النظام الأساسي للحكم والمعنونة بـ (مقومات المجتمع السعودي) على أن «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»، وهذا النص نص محترم تعارفت عليه معظم الأنظمة والدساتير في مختلف دول العالم. هذا النص يشكل حجر الزاوية في ديمومة وضمان وحدة وبقاء الدولة والكيان الأساسي، وبدون صيانته وتعزيزه يصبح أي بلد عرضةً للتمزق والانقسام والتفكك. فمما لا شك فيه أن الوحدة الوطنية محل إجماع من قبل جميع المواطنين لأنهم يرون فيها مصدر قوة وتماسك بينهم. في ظل هذا الإجماع يفرض علينا أسئلة عما ينبغي عمله لتفعيل هذا النص الدستوري المهم، وذلك ببعديه المتمثلين في تعزيز الوحدة الوطنية ومنع الفرقة والفتنة والانقسام، وما هي الجهات المعنية للقيام بهذه المسؤولية الكبيرة؟ ثم ما هي الخطط والبرامج التي قامت بها في هذا المجال منذ صدر النظام الأساسي للحكم عام 1992م حتى الآن؟ خلال العشرين سنة المنصرمة -أي منذ إقرار النظام الأساسي وإلى الآن- مرت المملكة بتحولات كبيرة وواسعة؛ اُستحدثت خلالها كثير من القضايا التي تستلزم إعادة مراجعة بعض النصوص الواردة في النظام وتطويرها بما يتناسب مع هذه التحولات والتغيرات القائمة، وذلك في ظل بروز نعرات بعضها علناً على فترات ساهمت في تصعيد حدة التحريض على الكراهية بين فئات من المواطنين مشتملة في ذلك على الإساءة والتهديد. الأمر الذي كان من شأنه -ولا يزال- تهديد أمن الوطن ووحدته، مما يستدعي وجود ضوابط متمثلة بمختلف أشكال الحماية القانونية مادياً ومعنوياً. فمن الناحية التشريعية، يلزم أن يتحول هذا النص الموجز والمختصر إلى مواد قانونية مفسرة بوضوح أكثر بعيداً عن الإجمال العام، واستحداث أنظمة وقوانين مستمدة من مضمون وروح هذه المادة المهمة. كما يلزم أن تؤخذ بعين الاعتبار جميع الأسباب الجذرية المعوقة للوحدة الوطنية والتأكيد على وضع الحلول المناسبة والبعيدة المدى؛ كسياسات وبرامج التنمية المتوازنة ، والمشاركة العامة. أما من ناحية الممارسات، فإنه يلزم إيجاد مؤسسات تهتم بترجمة مبادئ وقيم الوحدة الوطنية على أرض الواقع، وأن تكون قادرةً على معالجة أي خلل أو تجاوز في هذا المجال. لتتحول مختلف مؤسسات الدولة التعليمية والإعلامية والثقافية والسياسية راعية وحامية لهذه المبادئ والقيم.

البحرين قضية عادلة.. ودليل النوايا الصادقة‏

عادل عبد المهدي

أيدنا الانتفاضات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن.. كما ايدنا انتفاضة الشعب السوري ورفضنا الطعن بمعارضته.. ونعتقد ان تأييد الشعوب في مطالبها هي لحظة تاريخية لا تتعلق بتأييد اشقائنا فقط، بل بقضيتنا في العراق والمنطقة التي نحن جزء منها ايضاً.. فكلما تعزز مسار الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وتحقيق مطالبها، وبناء دولة المواطن لا دولة المسؤول، كلما عززنا مكاسبنا وتمتعنا بمناخات عامة تنقلنا من اجواء الصراعات والخلافات والتقاطعات الى اجواء المنافع والروح الايجابية المبادرة والعمل وحسن الجوار وبناء نظم وطنية متناغمة.. ومنظومة اقليمية منسجمة في مصالحها وسياساتها. بالامس كتبنا حول سوريا العزيزة واهمية تحقيق مطالب شعبها.. وخلافاً لاخرين يكيلون بمكيالين، نجد من واجبنا الدعوة ليقف الجميع مع الشعب البحريني.. خصوصاً وان المعارضة هي الوحيدة، بين المعارضات العربية، التي لا تطالب باسقاط النظام ورحيل القيادات. وهي الوحيدة التي سجلت على نفسها وثيقة عدم العنف والتزمت بذلك محلياً ودولياً، رغم العنف المستخدم ضدها واستخدام قوات خارجية، ورغم الضحايا والاعتقالات والاجراءات التعسفية المتخذة، التي ادانتها كافة اللجان التحقيقية والهيئات والمنظمات الدولية، بما في ذلك لجنة حقوق الانسان الاوروبية والاممية. واذا ما تمتع المرء بالموضوعية وتخلص من نوازع التعصب والانحيازات المسبقة، فلن يجد في المعارضة البحرينية سوى قوى وطنية دعمت كل الجهود السلمية السابقة لتطوير النظام الملكي، وبضمنها المشاركة في البرلمان، بالمقاعد التي سمح بها النظام الانتخابي التمييزي. وكان من المفترض ان تكون دعوات التطوير اكثر سهولة وقبولاً من انتفاضات الربيع العربي المطالبة برحيل الحكام ومحاكمتهم وصولاً لقتلهم ومحاكمتهم واعدامهم. ففي القرن الحادي والعشرين لم تعد المطالبة بانتخابات حرة (صوت/ مواطن) وبحكومة تأتي عبر الانتخابات جريمة وتهمة بالعمالة.. سواء اجرت في ظل نظام ملكي دستوري، كما يطالب اغلبية البحرانيين، ومنهم المعارضة، او في ظل نظام جمهوري. ان قضية البحرين ليست قضية داخلية فقط.. بل هي ايضاً فرصة لنا ولدول الخليج والمنطقة لتبني معايير تقارب بين توجهاتنا ومبانينا بعيداً عن الاقطاعية والطائفية البغيضة، وتواكب التطورات لتجديد انظمتنا. فالشعوب ليسوا رعاعاً وعبيداً وطوائف وعملاء.. والحكام -ملوكاً او رؤساء- ليسوا مالكين لا لرقاب العباد ولا لحقوق البلاد.. بل الشعوب –وبكل تلاوينهم- هم المالكون، واصحاب الحق الاول والاخير.

الدستور.. الدين والدولة‏

عادل عبد المهدي

في المؤتمر حول الدساتير العربية لبلدان الصحوة (القاهرة/ 5 كانون الاول) اظهر البعض قلقه من طبيعة العلاقة بين الدين والدولة.. فهناك اتفاق عام باهمية الشريعة كمصدر اساس للتشريع او من مصادره الاساسية.. لكن بعضهم كان يخشى من استغلال الدين لاغراض الاستئثار.. يقابله قلق من التجاوز على ثوابت الامة الدينية سعياً للحداثة والعولمة. وكان للوفد العراقي شروحات طيبة.. فالدستور العراقي (المادة 2) اقام علاقة متوازنة تؤسس لدولة مدنية دينها الرسمي الاسلام وجعله مصدراً اساساً للتشريع.. فاوجب احترام هوية غالبية الشعب الاسلامية وضمان حقوق بقية الديانات والمعتقدات وممارساتها. فالدين والمدنية ليسا متناقضين الا عند التعسف في احدهما.. فمدنية المسلم، لا تنفي تدينه، او العكس.. واسلاميته لا يكسبها من انتمائه لحزب، وان انتمى فليس على حساب مدنيته.. فضمن الدستور تلازم السلوك التوحيدي لطبيعة الدولة في معاملاتها وعطلها ومراسمها، الخ.. بل والتحصن من عدم الاعتداء.. فمنع، بتكامل وتلازم، وفي آن واحد، المس بالاسلام او بمبادىء الديمقراطية والحقوق والحريات الاساسية الواردة فيه. والمنع غير المطالبة والتطبيق، كما هو معلوم.. فلو طالب احدهم ان تعطل الدولة الصلاة او الحج او الصيام فان الدستور سيتصدى لذلك بان هذا يمس بثوابت الاسلام.. بينما لو طالب انه يجب فرض الجزية او قطع يد السارق، فهذا يتعلق باحكام، للزمان والمكان اعتبار فيها. بل ان اصرار المرجعية على اصدار الدستور هو بذاته ضمانة واطمئنان للمسلمين ولغير المسلمين.. وسيعني اقراره ان البلاد ستحكم بموجبه، بعد ان استبطن الحقوق الاساسية للجميع وحمايتهم.. ولا عبرة للاصوات الصحيحة او الخاطئة التي لا حكم لها، او بالحالات الاحادية والشاذة، بل العبرة هل يكون الحكم بالدستور ام بدونه. فالمسلمون وغير المسلمين يجدون حقوقهم وضماناتهم فيه.. وان هدفه ليس قطع الالسن واثارة الفتن، بل اعتباره القانون الاسمى، بكامل نصوصه وتوازناته، لادارة البلاد.. لهذا قلنا في كلمة لنا.. ان من يرى بعين واحدة ولمصلحة جماعة او فكرة واحدة فسيرى دستورنا مليء بالتناقضات.. لكن من يرى بعيون المجتمع كله.. وثوابته ومتغيراته، وجميع جماعاته وتلاوينه واتجاهاته سيرى انه حقق توازناً وضماناً لكل المواطنين، دون ان يغلق الباب للتعديل والتطور حسب المقتضيات. وهذا انجاز تاريخي نحققه للمرة الاولى، يحمي الجميع ويضمن حقوقهم، بعيداً عن حكم الهوى واليد القاهرة.

عائدة تبعث عفيف فراج حياً فتترجم «القمع السياسي»

طلال سلمان

تتجاوز عائدة خداج أبي فراج الموت لتتابع رحلتها مع رفيق عمرها الدكتور الباحث المميز عفيف فراج الذي أعطى الجامعة اللبنانية بعض أغلى سنوات حياته حتى دهمه المرض فانقطع عن التدريس لكنه لم ينقطع عن دراسة أحوال الأمة، وعن متابعة التطورات الفكرية والسياسية، فظل يكتب وينتج حتى النفس الأخير. ولقد كتب عفيف فراج في الفكر السياسي، بمنظور تاريخي، وحاكم السياسة والأدب وموقع المرأة، ثم توغل في دراسة اليهودية ورؤية انشتين لها ولدولة اليهود، قبل أن يذهب إلى البحث عن الجذور الشرقية للثقافة اليونانية، وأنتج عشرة كتب وضع فيها عصارة فكره وثقافته. كانت عائدة، شريكة في نتاجه، إذ وفرت له الجو المريح، كما ساعدته في التحضير، ولعله كان يستعين بها كناقدة قبل ان يدفع بأي كتاب جديد إلى دار الطليعة أو دار الآداب لتنشره. فلما أقعد المرض عفيف فراج تبدت عائدة في أروع صورها: حبيبة وزوجة ومرافقة وممرضة ومؤنسة حتى الشراكة في الوجع... وبعد رحيل عفيف دأبت عائدة، وهذه المرة مع نجلهما طارق عفيف أبي فراج على جمع آخر ما كتب، وترجما مؤلفه «القمع السياسي وتجلياته في نماذج مختارة من الرواية العربية الحديثة»، وهو بحث كان قد أنجزه عفيف في العام 1982 «حين كان لبنان يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، النسخة الأشد سواداً «للعسكري الأسود»». تقول عائدة خداج أبو فراج في المقدمة التي كتبتها لهذا الكتاب الذي تكاد تكون شريكة فيه: «كان يحمل أوراقه وكأنها ولدنا الرابع، وينزل بها إلى الطابق السفلي، يراجع ما كتب على وقع أصوات القذائف التي كانت تستهدف بلدة بعقلين الشوفية الجميلة التي كنا نعلّم في ثانويتها. وما ان بدأ الاسرائيليون بالسؤال عنه وملاحقته حتى كان الهروب من بطشهم هو السبيل المتاح، على غرار أبطال الروايات التي اختارها في بحثه. فكانت وجهته ألمانيا حيث قدم رسالته ونال شهادة الدكتوراه». ينقسم الكتاب إلى بابين: في الأول، وعبر سبعة فصول، يحاول الكاتب رصد الجذور التاريخية للنظرة الغربية الاستعمارية الانتقاصية للشرق والعودة بها إلى بدايات الصراع القديم والمستمر منذ اليونان القديمة حتى أوروبا الامبريالية الحديثة. لقد نسب الغرب القمع السياسي إلى الشرق وعبّر عنه بمصطلحات ذات مضامين ثقافية ـ عرقية انتقاصية مثل «الاستبداد الشرقي» و«الهمجية الشرقية» ليؤكد ضمنا ان الحرية هي امتياز يعود حصريا إلى الغرب.. أما الباب الثاني فينقسم إلى قسمين: يعرض القسم الأول لمفهوم الحرية في الإسلام القائمة على التوحيد والمساواة، ولكن سرعان ما تتحول السلطة بعد فترة الخلفاء الراشدين الأوائل إلى سلطة اوليغاركية تسلطية في غياب المؤسسات الديموقراطية.. أما القسم الثاني فيتضمن نماذج مختارة من الرواية العربية الحديثة تروي قصص السجون والسجناء و«العسكري الأسود» الذي يستبيح الحرمات ويضرب ويجلد ويلاحق ويغتصب ويعنف ويأكل اللحم الحي..». في سياق الاستشهاد ترد بعض أقوال أرسطو الدالة على العنصرية ومنها: «ليس في الجماعات غير اليونانية طبقة قادرة بالفطرة على الحكم والقيادة، لأن مجتمعهم يتكوّن فقط من عبيد، ذكورا وإناثا.. وكما يقول الشعراء من المناسب ان يحكم الهلينيون البرابرة، مما يعني أن البرابرة والعبيد هم بالفطرة متطابقون». ... وكان المستعمرون الاسبان والبرتغاليون، بعد الرومان واليونان، أول من جاهر واعترف بمهمتهم التمدينية في القرنين السادس عشر والسابع عشر وتاجروا بالمسيحية التي نشروها بين الهنود الحمر في المناطق التي احتلوها.. وبروح الصليبية المتعصبة قاموا بـ«إطاحة الآلهة الوثنية واستبدالها بالصليب»... وهم ادعوا مهمة «النصرنة»، وميز الفرنسيون أنفسهم بالادعاء أنهم «الأم الحنون» للشعوب المستعمَرَة، وتحدث الألمان عن مهمة شبيهة بالمهمة الفرنسية. ... و«على الرغم من الولاء لليونان واعتبارها «السلف الروحي» للغرب فإن نظرية التقدم اللولبي للتاريخ ليست يونانية المصدر بل هي يهودية. ان فولتير وهو أول من قاس إنجازات أوروبا بمقاييس غير أوروبية استطاع ان يدرك الصلة مع النظرة المركزية ـ الاثنية العبرية للتاريخ التي صورت ان كل الأحداث هي «مقدرة من أجل تعزيز شعب الله المختار»». وينتقل عفيف فراج في الفصل الخامس إلى «الرد على التحدي الغربي ـ الاستعماري: الاستشراق معكوسا»، فيأخذ على ادوار سعيد في نقده للاستشراق كنظام مثقل بالمفاهيم الامبريالية العرقية التي تشد وتؤكد الأوهام المزمنة حول «الاستبداد الشرقي» أنه وقع في الأخطاء نفسها التي كان سعيد قد سبق وأبرزها بوضوح حول منهج المستشرقين دعاة المركزية الأوروبية في مقاربتهم للشرق. ويشير فراج إلى أنه طالما اندمج دعاة الحركة الإسلامية بدعاة القومية العربية.. فقد ضم التيار الأصولي الإسلامي الذي أسسه الأفغاني أشخاصا مثل محمد عبده، رشيد رضا، شكيب ارسلان، محمد طلعت حرب (مؤسس البنك المصري) مصطفى كامل، علال الفاسي، حسن البنا والسيد قطب ومحمد قطب (المنظرين البارزين للاخوان المسلمين).. وبين مآثر هذا التيار الانتفاضات المسلحة ضد كل أنواع الانتهاكات الامبريالية كانتفاضة عبد القادر الجزائري، والوهابية في شبه الجزيرة العربية، والسنوسية في المغرب، والمهدية في السودان، وثورة عمر المختار في ليبيا وصولا إلى الثورة الجزائرية... فأولئك الذين أسسوا «القومية العربية»، على الجذع الإسلامي لم يكونوا أكثر عروبة من كونهم إسلاميين ولا أقل عداء للغرب من الإسلاميين الراديكاليين... يستشهد فراج بلويس عوض الذي يقول: «لو لم يتخذ الأدب والفن والثقافة الرسمية هذا الموقف العدائي الاستبدادي من أدبنا الشعبي الثمين الذي يشمل الملاحم والمواويل والحكايات والأساطير والمعتقدات وسواها لكنا ننعم بأدب وفن رفيعي المستوى» يستذكر هنا ان القيمة الأدبية والعبقرية الخلاقة للعامة قد أنتجت اضافة إلى «ألف ليلة وليلة» سيرة عنترة بن شداد و«تغريبة بني هلال» و«سيف بن ذي يزن» و«الظاهر بيبرس» وغيرها. في الفصل الثاني عشر يعرض عفيف فراج متجليات القمع السياسي في نماذج رئيسية مختارة من الرواية العربية الحديثة... ويقتبس فقرات من روايات ليوسف ادريس ونجيب محفوظ وجمال الغيطاني وصنع الله ابراهيم وصلاح حافظ، من مصر، وتيسير سبول وفاضل الغزاوي من الأردن، وحنا مينا وحيدر حيدر وهاني الراهب من سوريا، وجبرا ابراهيم جبرا وغالب طعمه فرمان وعبد الرحمن مجيد الربيعي وبرهان الخطيب وعبد الرحمن منيف من العراق، وغسان كنفاني ويحيى يخلف من فلسطين، وحليم بركات من لبنان. أما قيمة القمع السياسي فنادرة أو لا وجود لها تقريباً في الرواية اللبنانية، لكن المجتمع اللبناني يعاني معضلة الهوية الوطنية الثقافية، فالديموقراطية اللبنانية قامت على التوازن الطائفي، ثم ان الانقسام الديني الثقافي والوطني حول الهوية الوطنية قد تعرض لنقد عنيف في عدد من الروايات، ومنها «أنا أحيا» لليلى بعلبكي، و«طواحين بيروت» لتوفيق يوسف عواد و«بيروت 1975» لغادة السمان. ويختم عفيف فراج: لم يكن القمع السياسي يوما ميزة حصرية لبلد أو دين أو عرق أو منطقة جغرافية معينة. انه شر مارسته كل الامبراطوريات والوجه السلبي لكل السياسات الامبريالية. وباختصار هو معضلة عالمية وليست شرقية فقط.

الدولة.. القوى السياسية.. صناعة الاعداء وخسارة الاصدقاء‏

عادل عبد المهدي

من السهل تعبئة جمهور ساحة ضد الساحات الاخرى.. لكن من الصعب تعبئة الشعب وتوحيده بكل ساحاته، ضد الارهاب والتمييز والفساد والتخلف والفقر والظلم وضمان الحقوق الخاصة والعامة والمصالحة والوحدة. فيسهل كسب جهال الشيعة ضد السنة.. وجهال السنة ضد الشيعة.. واقناع جهال الكرد بعدوانية العرب.. وجهال العرب باطماع الكرد والفرس، وقس على ذلك.. فالتجارب الماضية علمتنا الاسباب والابعاد والمآلات. لذلك وقف كثيرون يختلفون في الفكر والمذهب والقومية والدين ليتضامنوا ويبرهنوا انهم يرفضون الفتنة والظلم والعدوان.. لا فرق ان قام بذلك عربي او كردي، سني او شيعي.. فالعراق يمتلك كل ما يسمح للنهوض كشعب ووطن لاستثمار مصالح ابنائه المشتركة وبناء امنهم المتبادل وضمان المستقبل للجميع. هذا هو طريق الحق.. وهو طريق صعب، فالبناء والاصلاح والتعايش يتطلب وعياً وامانة.. اما الباطل فهو طريق سهل رخيص.. فعقول الجهال والسذج يسهل انجرارها لمنطق الفتنة وقبول الاكاذيب والادعاءات واتهام الاخر وصناعة الاعداء. فالمنهج الاول –في نظر البسطاء- منهج الضعفاء والمتخاذلين الذين لا يدافعون عن حقوق جماعاتهم وشعوبهم.. غير مدركين انه المنطق الشجاع المسؤول الذي تخرج الملايين في هذه الايام لتحيه في موقف الحسين (ع). لذلك يساورنا الخوف والقلق عندما ينحصر كلام الناس وهمومهم بالازمات الخدمية والحياتية والسياسية والاقالات والاعتقالات وتجييش الجيوش و(340 عقوبات) و(4 ارهاب) واستمرار القتل والموت وقطع الطرق والرشاوى والفساد. فالدواء وكثرته، ورفض الجسم له معناه خلل كبير والحاجة لحلول استراتيجية، نعتقد ان البلاد وضعت اسسها في 2005- 2006.. فالازمات وما يجري، ليست بشائر الخير لبناء بلد اضعفه الاستبداد وقسمته وارهقته الحروب . ستمر الايام وسط الضجيج وفوضى حشد العصبيات المتقاتلة.. لنجد ان العنف والارهاب والفساد والتخلف عزز مواقعه.. وتفككت الوشائج الوطنية والاجتماعية.. وبتنا نسقّط ونقاتل بعضنا.. لنزداد عداوة، او لنعود نتفاوض ونجلس سوية نتبادل المجاملات.. دون ان يزداد الحاكم والشعب قدرة واطمئناناً.. بل سيضعف الجميع في مسلسل تكرر –ويتكرر- ولم نتعض منه.. ففي كل مرة، يخدع الحكام والقوى السياسية انفسهم، كل من موقعه.. فيتصورون، ويصورون للرأي العام -او للسذج والبسطاء- بأننا قاب قوسين او ادنى من النجاح والنصر.. اما الحقيقة، فاننا نكرر الخذلان والفشل ونخسر المزيد من الاصدقاء.. لنصنع المزيد من الاعداء والمشاكل وعوامل الضعف والهزيمة.

تحريف التراث وتغييب العقل

جعفر الشايب

أثارت المحاضرة التي ألقاها المحقق الشيخ حسين الراضي في منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء الماضي، ردود فعل واسعة في الأوساط الاجتماعية المحلية، لما تناوله من قضايا تحت عنوان «دور التحريف في تخلف الأمة»، لرفض بعضهم الاقتراب من مناقشة هذه المواضيع التي تعدّ محظورة في نظرهم. الحضور الكثيف في الندوة استمع وحاور على مدى ساعتين من الزمن نقاشاً علمياً وموضوعياً محكماً من عالم متخصص عُرف بعلميته وأهليته في البحث والتحقيق، وكذلك جرأته في التصريح بآرائه. بعد استعراضه نماذج وأشكالاً من التحريف في التراث الإسلامي بمجمله، تناول الآثار المترتبة على هذا التحريف، التي أسهمت ولاتزال في تراجع الأمة وتخلفها لأنه يحرف أبناءها عن العمل بالعقل واللجوء إلى الغيبيات والمنامات والروايات الضعيفة أو الموضوعة. ومع تأكيده على أهمية الإصلاح في تحقيق ومراجعة التراث، أشار إلى أن ذلك يتم من خلال عمل متواصل لعلماء جادّين وموضوعيين يتمتعون بالجرأة في النقد وإبداء آرائهم، وكذلك عبر مشاركة الجمهور في النقد وإعمال العقل وعدم الانقياد لما هو سائد. هذا النهج سلكه عديد من علماء ومفكري الأمة، مطالبين بتحديد مساحة المقدس والغيبي، وإعمال العقل والفكر الحر، وفتح أبواب الاجتهاد، بما يحقق سعة في التفكير ومجالاً رحباً للإبداع. ينطلق هؤلاء العلماء من اعتقادهم بأن أهم معوق أمام تقدم الأمة هو هذا التكلس والارتكاس في التاريخ والتراث الملغم، الذي أسهمت عصور الصراعات السياسية والمذهبية في إفرازه بصورة جعلت من القشور أصولاً مقدسة، وحرمت على أي ناقد أو محقق أو باحث الاقتراب منها. أساليب التقديس والتحريم والتكفير والتفسيق التي نراها تشهر في وجه كل من يتحرى البحث العلمي والموضوعي، لا يمكن أن تقدم حلاً، وخاصة ممن لا يستمع أو يشارك أو يناقش بصورة مباشرة بل يعتمد على النقول غير المباشرة. ما الذي يمنع بعض علماء الدين من فتح صدورهم وقلوبهم للنقاش الحر والعلمي والموضوعي، والابتعاد عن تسقيط الآخرين لمجرد أنهم أبدوا رأياً مخالفاً لهم، ذلك يعطي مؤشراً على عجزهم وعدم قدرتهم على الحوار والنقاش وإقناع الآخرين بآرائهم والدفاع عنها. إن احتكار الشرعية وإضفاء القدسية على موضوع بصورة لا تمكن من النقاش حوله يجعل منه مفهوماً غامضاً وملتبساً، والقرآن الكريم يدعو المسلمين إلى التفكر والحوار، وينقل في آياته المباركة حوارات متعددة حول مختلف القضايا والإشكالات العقدية والتاريخية. لاشك أن مثل هذه الحوارات والنقاشات تسهم في عقلنة الخطاب الديني، وتعالج الإشكالات المطروحة، وتنمي في المجتمع المسلم حرية التعبير والرأي، وتُجيب عن أسئلة المشككين بأسلوب علمي ومنطقي. أسلوب التعنت والتجهيل والتخويف لا يقدم أي حل ولا يمثل أنموذجاً واعياً للحوار في الوسط الديني.

الأحد، 26 أغسطس 2012

إلى كل محب للقطيف

جعفر الشايب،كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف

كانت قراءات ممتعة للعديد من المقالات التي قرأتها مؤخراً وخلال الفترة الماضية لكتاب وشخصيات من مختلف مناطق المملكة اتسمت بالهدوء والاتزان تجاه ما يجري في القطيف من أحداث. وعكست وعياً بوحدة الوطن، ونضجا في التفكير، وعقلانية في الخطاب والمعالجة لجرح يقلقنا جميعا وقضية تهمنا كلنا. سبق وأن دعوت في هذه الزاوية قبل أشهر قليلة إلى ضرورة أخذ مبادرة وطنية عاجلة لمعالجة الموقف تتجاوز الحالة الفئوية والمناطقية، لنقف جميعا شركاء في المعالجة، كما وقفنا يداً بيد في كل الأزمات التي مرت على وطننا. يتفق أهالي القطيف على إدانة العنف بكل أشكاله، وهو ما بينه قولاً وفعلاً شخصيات وأعيان القطيف من على منابر الخطابة أو في البيانات والخطابات والتصريحات المتتابعة. كما يؤكدون على احترام المشتركات الوطنية التي تجمعهم مع بقية المواطنين وأبرزها القيادة السياسية ووحدة الوطن. لعله مطلوب أن تتوضح هذه المواقف بصورة أكثر جلاءً ودون أي لبس أو مواربة فيها، من أجل ألا تعطي لأي واهم دليلاً أو حجةً يتخذها ذريعة للتشنيع بأبناء القطيف المخلصين. فهنالك من يريد تعميم مواقف أفراد أو مجموعات محدودة على بقية أهالي المحافظة، لأهداف مبيتة ومغرضة. الحريصون على أمن الوطن والمخلصون والواعون من أبنائه، أراهم يتجاوزون كتابات المجاملة ومواقف الإدانة إلى البحث عن معالجات لهذه الأزمة التي أضحت مقلقة، وخاصة في ظل التجارب التي تمر بها المجتمعات العربية الأخرى. فلا أحد يرتضي أن تتصاعد وتيرة الصدامات المسلحة بصورة تهدد الأمن والاستقرار وتضيّع كل المكتسبات والإنجازات. إذاً تعالوا يا من تحبون القطيف وأهلها، من علماء دين وأكاديميين متخصصين وشخصيات اجتماعية وثقافية، ساهموا ليكون لكم دور في الحل وليس في المشكلة. بألا تعمم الأخطاء على الجميع، فالتعميم سلاح العاجز والجاهل. وأن تهيأ أجواء مناسبة للحوار بين مختلف الأطراف لأن في قطيعته خسارة للجميع. وأن يمارس الواعون من أبناء الوطن دوراً إيجابياً فاعلاً في احتواء الأزمة، فالكل مسؤول مهما تباعدت المسافات واختلفت التوجهات. من يراجع منكم – أيها المحبون – ما كتبه أبناء هذه المنطقة من مراجعات ودراسات وخطابات ير فيها الأبعاد المختلفة لهذه المشكلة، والحلول المقترحة لها أيضاً. ولا أظن أننا في ظل وطن بحجم وطننا، وقيادة بمستوى حكامنا، ورجال واعين بإخلاص أمثالكم سنكون عاجزين عن الوصول لمخارج مناسبة لهذه القضية. تحيتي لكل مخلص غيور عبر عن حبه للقطيف، ودعوتي لكل مؤمن بوحدة هذا الوطن وسلامته، بأن يكون الانفتاح والصدق منهجاً في سبيل المعالجة، ورهاني على أهالي القطيف بأن يواصلوا مد أيديهم لشركائهم في الوطن رافضين أي مزايدة أو تجديف. نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٥٩) صفحة (١٠) بتاريخ (١٩-٠٨-٢٠١٢)

شيعة عرب مع الحرية

اصدرت مجموعة من الناشطين في الطائفة الاسلامية الشيعة بيانا عبروا فيه عن دعمهم المطلق لكل الشعوب العربية التي تبحث عن حريتها بعد سنوات من القمع و الظلم الممارس بحقها و شددوا على ان الطائفة الشيعة لا يمكن لا الا ان تكون مع المظلوم في وجه الظالم.

الجمعة 24 آب (أغسطس) 2012 وفي ما يلي نص البيان مع اسماء التواقيع: الموقف الشيعي بشرط الحرية لو افترضنا أن الجمهور الشيعي تمكن من التعبير عن رأيه بحرية، فماذا يمكن أن يقول بعيداً عن أساليب الترغيب والترهيب؟ سوف يجاهر بأنه يريد دولة مواطنة في لبنان، لا خائفة ولا مخيفة، ودولة جامعة مستقلة ومنفتحة على الجميع في العراق، ودولة ديموقراطية عصرية واصيلة بديلة في سورية، بعدما فقدت سلطتها الحاكمة بالاستبداد المزمن والمجازر المتعاقبة، أهليتها للإصلاح. ويريد للعقلاء من السنة والشيعة في السعودية، حكاماً ومحكومين، أن لا يكرروا تبادل الأخطاء والانفعالات، كما حصل سابقاً.. ويريد حواراً جاداً من أجل الإصلاح في البحرين وسوف يتساءل هذا الجمهور عما اذا كان يناسب صورة الشيعة وسمعتهم التاريخية أن لا يمر نهر الحزن والغضب الانساني الكربلائي بالحولة والتريمسة؟ إن موقفاً شيعياً معبَّراً عنه بقوة وحكمة ومحبة ورحمة واعتدال وتوازن، مع الشعب السوري، من شأنه أن يسهم بقوة في تلافي الفتن الطائفية ، في كل البلاد العربية ، وخاصة في سوريا ، حيث لم يعد هناك مجال لإخفاء الوقائع المقلقة والممهدة للفتنة، والتي يرتكبها أشقياء وأغبياء بثياب مذهبية مهلهلة وأدوات جريمة مسمومة . إن الحريصين على الحفاظ على الصورة الحقيقية والمتوارثة للشيعة، باعتبارهم مكوناً أصيلاً وشريكاً في أوطانهم، مدعوون الى تصحيح المشهد، لجهة تظهير الموقف الشجاع والصحيح المتعاطف مع انتفاضات الشعوب العربية وحقوقها، من دون تفريق بين مستبد هنا أو هناك، وأن يعبروا بشجاعة عن موقف عقلاني، ثوري وواقعي، آخذين في اعتبارهم أن للشعب السوري حقاً عليهم، كما هو حقهم عليه، وأن هذه اللحظة هي لحظة الوفاء بالحقوق، وهي لا تتحمل تأجيلاً أو تسويفاً أو صمتاً أو تهرباً أو تهوراً ، أو خضوعاً لابتزاز السائد السياسي الشيعي بالقوة ، والحافل باحتمالات الخطر على سلامة الوجود الشيعي والحضور الشيعي في أي حركة نهوض وطني ، والمؤثر سلبياً على أمثالهم من مكونات الاجتماع الوطني في البلاد العربية .. هذه المكونات التي لا تقل مطالبتها بالانحياز النهائي للديموقراطية والتغيير إلحاحاً عن مطالبة غيرها، نفياً للشبهات التي تأتي من مواقف وخطابات تجير مكونات دينية بعينها لصالح الاستبداد من دون أن يكون ذلك مطابقاً للواقع أو حائزاً على رضا الجماعات المعنية بدورها الوطني وتاريخها في المشاركة وشوقها الى الحرية والعدالة. إننا بحاجة الى أمثال عبد القادر الجزائري ليطفئوا الفتنة بالتعاون مع علماء دمشق وفاعلياتها، وبحاجة الى عقل وفكر عبد الرحمن الكواكبي، وخط ابراهيم هنانو ورفاقه، وشجاعة الشيخ صالح العلي وريادته وسلطان باشا الأطرش وفريقه الذي لا ننسى أن أدهم خنجر الآتي من وسط نضالي شيعي في جبل عامل كان ضيفه الآمن وشريكه في النضال.. إننا بحاجة الى التذكير بعالم الشام المرجع الديني الشيعي السيد محسن الأمين، الذي شهد له الجميع بالريادة في الإصلاح والوحدة، ونتخيله خطيباً للجمعة في المسجد الأموي أو مسجد السيدة زينب، في جماعة من كل المذاهب، كما كان يحدث، يقرأ الفاتحة، في نهاية الصلاة، بصوت جهير وجريح، على أرواح شهداء التريمسة، ويختمه بدموع حسينية طاهرة مطهِّرة.. وهل يمكن للسوري.. المسلم أو المسيحي أن ينسى الشامخ الباذخ علماً وعملاً فارس الخوري.. أو السلسلة الذهبية من الأمراء ال ارسلان وبالاخص الامير شكيب وعجاج نويهض وأمثالهم من علامات سوريا وبلاد الشام؟ وماذا كان يمكن أن يفعلوا لو بعثوا؟ سوف ينهمكون قطعاً بسد ذرائع الفتنة . وإننا إذ ندعو الى استيعاب بعض المواقف وتجاوزها من الطرف السوري والى إعادة النظر فيها من الطرف اللبناني المعني، نؤكد أننا لن نفرط بالدم السوري، ونطالب بإطلاق سراح أخوتنا المحتجزين تطبيقاً لسد ذرائع الفتنة. وهذا بياننا موقعاً بأسمائنا من دون مواربة لأننا منحازون كجميع أهلنا للحق والحقيقة في سوريا ومستقبلها الذي يعنينا. العلامة السيد محمد حسن الامين، العلامة السيد هاني فحص، الشيخ حسان رطيل ، الشيخ عباس الحايك ، الشيخ عباس الجوهري ، السيد ياسر ابراهيم، الشيخ محمد حجازي . الشيخ محمد علي الحاج والنشطاء في الشان السياسي و الاجتماعي، مع حفظ الألقاب : احمد مطر ، اكرم عليق ، اسماعيل شرف الدين ، بادية فحص ، حنين غدار ، حبيبة درويش ، حارث سليمان ، حسن عباس ، حيدر اللقيس ، حامد السيد ، حسن بزيع ، حسن محسن ، حسين حركة ، حسن فحص ، حسن هزيمة ، حسين قاسم ، خليل الزين ، خليل شقير ، راشد حمادة ، زينة الرز ، سناء الجاك ، سامي منصور ، سعود المولى ، صلاح الحركة ، علي الامين ، عبد الله رزق ، علي عميص ، عمر حرقوص ، علي عبد الامير عجام ، عماد قميحة ، علي حيدر شعيب ، علي الحارث ، عماد الامين ، علي حسين ، علي عطوي ، علي شرف الدين ، غالب ياغي ، فادي الطفيلي ، فادي توفيق ، فادي يونس ، فؤاد حطيط، فادي كنج ، كاظم عكر ، كريم صالح ، لقمان سليم ، ماجد فياض ، مجيد مطر ، مصطفى الكاظمي ، مصطفى فحص ، مياد حيدر ، ميرنا المقداد ، محمد المقداد ، محمد الشامي ، مروان كنج، مالك كلوت ، ، نضال ابو شاهين ، نوفل الجلبي ، نبراس الكاظمي ، هادي الأسعد ، هاني امهز ، وائل الأسعد ، ياسر اياد مكي

حوار حول السلفية الشيعية مع العلامة الدكتور حيدر حب الله

أجرى الحوار وأعدّه: سلوى فاضل نشر هذاالحوار في العدد 118 من مجلة شؤون جنوبية، في لبنان، لشهر نيسان من عام 2012م.

يُعتبر العلاّمة الدكتور حيدر حب الله من أبرز العاملين في مجال التجديد في الفكر الاسلامي المعاصر، ومن أبرز الدعاة إلى مواجهة التطرف حيث يقول في احدى مقابلاته: "إن التيار النصّي في الوسط الشيعي المعاصر (وبعضهم يسمّيه تيّار السلفيين الجدد) تيار جديد في صورته المعاصرة، لهذا يأخذ وقته في التبلور، وعندما يتبلور ينفصل تماماً، إن ظواهر الإقصاء المتبادل تعزز هذا الانقسام وتقوّيه". كان لـ(شؤون جنوبية) لقاءاً مع حبّ الله حيث حاولنا فيه الاطلالة على الوضع الديني الشيعي العام. 1 ـ يشهد الواقع الاسلامي ظاهرة التشدد الديني (السلفية السنية) في مرحلة (الربيع العربي)، في ظل تسلّم السلفيين الحكم في عدد من الدول التي شهدت تغييرا سياسيا، هل تعتبر كباحث معني بالفكر الاسلامي ان هذه الظاهرة نوع من ردة أم عودة الى الاصول ام انها ليست الا عبارة عن حركة سياسية لا أكثر؟ ج1ـ لعلّه يمكن فهم هذه الظاهرة بوصفها تعبيراً عن فشل الحركة الإسلامية النهضويّة التي انطلقت مع الأفغاني وعبده في تحقيق منجزات بمستوى المرحلة، كما يمكن فهمها في سياق أوسع يعبّر عن إحساس الخوف على الذات والهويّة والشعور بعقدة النقص أمام الآخر الحضاري (الغرب)، وهو ما حصل بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ودخولنا مدار العولمة، فإنّ الحركات الماضويّة حالها حال الاتجاهات الصوفيّة، يمكن أن تظهر في مناخ إحباط عام وفي وسط أحزمة البؤس الاقتصادي، وبهذا المعنى نستطيع أن نعتبر العقل السلفي بواقعه الجديد (النسخة الأخيرة المعاصرة) رغبةً في الفرار من الحاضر نحو الماضي الذي يعيد للإنسان إحساسه بالذات والهويّة المنسية، وردّةً عن مقولات عصر النهضة الإسلامي مع رموز التجديد الكبار، حتى رأينا بعض رموز تيار التجديد اليوم ينقلب سلفيّاً يكفر بكل ما كان قد آمن به أو نظّر له من قبل. 2 ـ ثمة تيارين داخل الطائفة الشيعية، الأول ينفتح على المذهب السني ويدعو الى الوحدة والتقريب، والثاني يؤكد على المذهبيّة الحادة أو ما يعرف بالشيرازية. برأيك لمن المستقبل؟ وكيف سيكون عليه الحال المجتمع الاسلامي في حال أخذت ما يعرف بـ(السلفية الشيعية) طريقها نحو الانتشار؟ 3 ـ بعد مرور اكثر من عقدين على انتصار الثورة الاسلامية في ايران، هل تعتقد ان للتشدد الديني الشيعي، دوره في انتشار السلفية السنية، ولو متأخرة في القرن الحادي والعشرين؟ ج2 و3ـ بعد إبداء تحفظي على استخدام تعبير (الشيرازية) في هذا السياق؛ حيث لا يتماهى مع كافّة تيارات هذه الجماعة لاسيما منها ما ظهر منذ التسعينيات والتحوّلات التي طرأت عليها في بلدان الخليج، أرى أنّ الجواب عن أصل السؤال رهين طبيعة المتغيّر السياسي؛ لأنّ التاريخ الشيعي الحديث شهد نهوضاً لتيار التقارب مع العلماء: محسن الأمين وموسى الصدر وفضل الله وشمس الدين وكاشف الغطاء والبروجردي و.. وكانت هذه هي السمة البارزة للحركة الشيعية النهضوية منذ بداياتها في النجف، وقد حقّقت نتائج جيدة في الحضور الشيعي العربي منذ تجربة دار التقريب في القاهرة ثلاثينيات القرن الماضي، ولو رصدنا الحركة المتشدّدة التي لا تملك حتى الآن زمام الأمور في تقديري، فإنّها ولدت كردّ فعل على التيار التقريبي من جهة ونتيجة لارتدادات أزمة الهوية التي جاءت مع العولمة من جهة ثانية إلى جانب مؤثرات سياسية محدّدة، ولهذا وجدنا حركة التشدّد بارزة منذ التسعينيات، لاسيما في محاربة العلامة فضل الله الذي وضع بنظرهم العقائد الشيعيّة على مذبح التقريب بين المذاهب، فإذا انتهى الملفّ السياسي المتشنّج اليوم يمكن أن نتوقّع تراجعاً نسبيّاً لنفوذ الجوّ المتشدّد شيعيّاً، وانقلابه إلى صراع فكري داخل ـ شيعي، وهذا على الخلاف من السلفية السنيّة المعاصرة، فإنّها ولدت من مأزق الشعور بتراجع الإسلام السنّي بعد تدهور حال الإخوان منذ الثمانينيات في الجزائر ومصر والمغرب وتونس وسوريا وغيرها، وتقدّم معاصر للحركة الشيعية في منجزاتها في إيران ولبنان، لقد شكّل هذا المزدوج إحساساً بضعف المارد السنّي الذي بدأت قاعدته الشعبيّة تتقاسمها التيارات الفكرية والمذهبية والدينية الأخرى، فكان التشدّد تعبيراً عن رغبة عميقة في نهوض هذا المارد لكي يعيد الاعتبار والإحساس بالثقة أمام سيول المؤثرات الخارجيّة على أهل السنّة من أطراف عدّة، وهو ما يفسّر الإحساس الديني السنّي المتزايد اليوم بالأمان مع التيارات السلفيّة بوصفها مصدر قوّة في حماية الجماعة السنيّة، الخائفة أو المخوّفة من الآخر. وهذا لا ينفي أنّ بعض أشكال التشدّد الشيعي قد ساهم في التشدّد السنيّ والعكس صحيح؛ لأنّ العلاقة تبدو لي هنا جدلية لا من طرف واحد فقط، وأولئك الذين أذكوا نار التشدّد بحجّة خدمة المذهب هنا أو هناك يتحملون قسطاً من المآسي التي نشهدها اليوم. 4 ـ ما هم ابرز السلفيين الشيعة في العالم الاسلامي، بحسب رأيك؟ وبالخلاصة الى ماذا يهدفون من وراء تكريس هذه الحالة: الى حياة دنيوية تحكمها اقلية شيعية في عالم اسلامي ذي أكثرية سنية؟ ام الى حياة اخروية، لكن في الوقت عينه يتهدد فيه المجتمع الاسلامي برمته ويتجه نحو التقسيم والتفتيت؟ ج4ـ ما تريده أغلب هذه الجماعات التي بدأت تتخذ من بعض المرجعيات الدينية ظلاً لها، هو تحقيق الحدّ الأعلى من الخصوصيّة المذهبية في الفكر والاجتماع الإنساني، لهذا نجدها تقدّم القطيعة والتقوقع داخل الذات الجماعيّة على الاندماج الإيجابي في المحيط السنّي، ونجدها أيضاً تركّز على ظاهرة الشعائر بوصفها المُفْصِح الحقيقي عن الخصوصيّة، إنّ تحدّيات هذه الجماعات تكمن في الآخر الداخل ـ إسلامي، لهذا لا تولي أهميّة كبيرة للآخر الحضاري، ولا للتحدّيات المعاصرة الأخرى التي يواجهها الدين. ولا يبدو لي مطروحاً اليوم الحديث الجادّ عن انفصال شيعي عن المحيط سوى ما أثير في العراق قبل سنوات، لكنّ هذه التيارات تفضّل القطيعة مع أهل السنّة بالمعنى الاجتماعي والفكري، وهي ترى أنّ تقدّم القوّة الشيعية أخرج الشيعة من حالة الضعف إلى حالة القوّة، وأنّه لم يعد يصحّ أن نتعامل بذهنيّة الأقليّة الضعيفة بعد تحوّلنا إلى سلطة قويّة، وهذا ما نلاحظه في الأدبيات الدينية لهذه التيارات فيما يتحدثون فيه عن انتهاء عصر التقيّة. وأمّا الحديث عن التشظّي الإسلامي، فإنّ كثيراً من هذه الجماعات قد لا تعنيها هذه الكلمة شيئاً؛ لأنّ المهم عندها هو الإطار المذهبي الذي باتت تجتهد أكثر فأكثر للتنظير لحصر الإسلام به، وهو ما يجعل كافّة القضايا الأخرى لا تندرج ضمن أولويّات هذه الجماعات. إنّ فهم هذه الجماعات يجب أن يكون بتحليل قناعاتها من الداخل لا بإسقاط قناعاتنا وأولويّاتنا عليها. 5 ـ يتجه شيعة لبنان، المنضوي بعضهم، اما تحت اطارات حزبية دينية متشددة، وأخرى اكثر تشددا صوب مزيد من الارتكاز نحو القضايا المذهبية الانفصالية بالمعنى الديني، حيث لا نجد للوحدة من مقر سوى في الاحتفالات. بحسب رأيك من ينميّ هذه الظاهرة؟ ويمولها؟ ولصالح من؟ وهل يمكن ان نطلق عليها تعريف (السلفيّة الشيعية) مقارنة بالسلفيّة السنية؟ ج5ـ هناك جماعات دينية على المستوى الشيعي في المنطقة ترى أنّ آليات العمل السياسي المنطلقة من مفهوم المصلحة قد تركت تأثيرات سلبية على البُعد العقدي للجماعة الشيعية، وأنّه تمّ تقديم السياسي على المذهبي، وخلق حالة ازدواجيّة، ويذهب هؤلاء إلى أنّ هذه الظاهرة قد أبعدت وظيفة علماء الدين عن مجالها الديني والأخلاقي ليتحوّلوا إلى موظفي سلطة سياسية، وشيئاً فشيئاً ظهر تيارٌ على الهامش يعيد رسم أولوياته في سياق القضيّة العقديّة المؤجّلة سياسياً برأيه والالتزام الديني الصارم الذي لمس تهاوناً فيه مجاراةً للواقع المعاصر، وبعد أن شعرت القاعدة الشعبية بأنّ هذه الجماعات أكثر تعبيراً عن قيم الدين والتصاقاً بها على خلاف تيارات أخرى بدت لهم أنّها توظف الدين لخدمة مصالح سياسية أو تؤجّله للغرض عينه.. بعد ذلك بدأ الالتفاف حول هذه الجماعات الصغيرة التي قد تجد لها بعض الشخصيات الكبيرة الداعمة في مناخات بعضها متضرّر أو غير متوالم مع الحركة السياسيّة الشيعية التي جاءت منذ الستينيات، وبعد ظهور ما صنّف من قبل المعارضين أنّه انهيارات قيمية وأخلاقية في الحركة الإسلاميّة هنا أو هناك، وحصول تشظّيات داخلها خلال العقدين الأخيرين، ازداد نفوذ هذه الجماعات التي ظلّت تبدي نفسها تارةً من خلال تيارات ماضوية مذهبية ذات منطلق عقدي وتاريخي، وأخرى من خلال جماعات صوفية روحية ذات طابع مذهبي أيضاً، إنّ هذه الجزر الدينية لم تصل بعدُ إلى مستوى امتلاك القرار الشيعي، لكنّها بدأت بالتدريج بالنفوذ إلى داخل الجسم السياسي الشيعي بوصفها حركات دينيّة ثقافية، وقد ينذر ذلك ـ إن لم يجر الاشتغال الواعي عليه ـ بحدوث إرباكات في الحركة الإسلامية عبر اختراقها وتفتيت أولويّاتها من الداخل، في شيء يشبه ما حصل بين السلفية السنيّة والحركة الإخوانية في أكثر من بلد عربي. أمّا التسمية، فيختلف الموقف منها تبعاً لاختلاف تفسيرنا للمصطلح، فإذا قصدنا منه تيار العودة إلى السلف الأوّل أو الاتجاه الماضوي الاستنساخي عموماً فيمكن تصحيح التسمية، أما إذا قصدنا منه التيار التكفيري بشكله السائد ومبادئه وآلياته فمن الصعب جداً حتى اليوم تبنّي مثل هذا المصطلح في المناخ الشيعي، وإذا كان هناك أفراد لديهم هذه العقليّة فإنّ غالبية الرموز الدينية الكبيرة في العالم الشيعي لا تحمل هذا النمط من التفكير بوصفه منهجاً نشطاً في الرؤية والممارسة. العلاّمة الدكتور حيدر حب الله لبناني من مدينة صور الجنوبية، انهى الدراسات الدينية في المراحل التي تُسمَّى بـ"المقدمات والسطوح" في لبنان، وانتقل إلى الدراسة العليا في الحوزة العلمية في "قم" عام 1995. وتتلمذ على أبرز الشخصيات المتخصّصة في مجال الفقه وأصول الفقه والتفسير وعلوم الحديث والرجال. وساهم بتأسيس مجلة "أصداء"، كما تولى رئاسة تحرير بعض المجلات مثل "المنهاج" و"نصوص معاصرة" و"الاجتهاد والتجديد". وصدر له عدة كتب منها: "مسألة المنهج"، و"التعدّدية الدينية"، و"بحوث في الفقه الزراعي". وترجم حب الله بعضا من الكتب الإيرانية الهامة، مثل "بين الطريق المستقيم والطرق المستقيمة" و"المجتمع الديني والمدني" و"الأسس النظرية للتجربة الدينية".

الخميس، 23 أغسطس 2012

مسلمون ومسيحيون معاً : ضد الهجرة المسيحية من العالم العربي

بيان للتوقيع

يواجه العالم العربي تحولات مجتمعية عميقة بدأت ترسم مصيره لأجيال عديدة قادمة. يتسم بعض هذه التحولات بطابع إيجابي بناء يتمثل في التأكيد على التمسك بقيم العدالة والحرية والديموقراطية وحقوق الانسان . الا ان من هذه التحولات أيضاً ما يتسم بطابع سلبي مقلق وخطير ، يتمثل في الهجرة المسيحية من العديد من الدول العربية . ان هذه الهجرة وإن كانت بدأت قبل بداية هذه التحولات ، الا انها بما تمثله من خطر على تماسك نسيج المجتمعات العربية المتنوعة ، ومن تشويه لصورة العيش الوطني الواحد التي صاغت هوية هذه المجتمعات على مدى قرون عديدة سابقة ، وبما تسفر عنه من استنزاف وهدر لثروة الأمة العربية من قدرات فكرية وعلمية وتربوية واقتصادية ، تتطلب موقفاً موحداً وعملاً مشتركاً لمواجهتها والتصدي لها بما يصون وحدة المجتمعات العربية واحترام تعددها الديني والمذهبي. فلقد كان هذا التعدد على مدى التاريخ ، المكوّن الأساس لشخصيتها والعمود الفقري الذي قامت وتقوم عليه هويتها القومية . من أجل ذلك ، تداعت مجموعة من المؤسسات والشخصيات العربية المعنية بالحوار وبالعلاقات الاسلامية المسيحية لإطلاق مبادرة مشتركة تندد بالهجرة المسيحية وترفع الصوت عالياً في وجه أسبابها ومسببيها ، وتؤكد على التمسك بالثوابت الوطنية التي جعلت في السابق ، وتجعل اليوم وغداً من المسيحيين والمسلمين العرب أمة واحدة يواجهون معاً مصيراً واحداً ويصنعون معاً مستقبلاً واحداً أيضاً . فالمسيحيون العرب لا يحتاجون الى تطمين من أخوانهم وشركائهم في الوطن ، ولكن الحاجة الجامعة لجميع المواطنين ، مسلمين ومسيحيين ، هي الاطمئنان الى سلامة العيش الواحد والى سلامة الحريات العامة والى سياة القانون وتثبيت دعائم السلم الأهلي . وانطلاقاً من هذه القواعد الكلية ، يؤكد الموقّعون على هذا النداء على الثوابت التالية : اولاً : المسيحيون والمسلمون مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات . ومسؤولون معاً في ، وعن ، أوطانهم ومجتمعاتهم . ثانياً : التأكيد على صيانة واحترام الحريات الدينية إيماناً وشعائر وممارسة ، والتي كانت الطابع الذي تميزت به المجتمعات العربية على مدى التاريخ . ثالثاً : رفض كل أنواع التطرف والغلو التي تحاول إنكار الآخر المختلف أو التنكر له أو تجاوزه أو فرض قيود على حرياته . رابعاً : ادانة كل أنواع الارهاب الجسدي أو الفكري أو الديني ، والتمسك بمبدأ اللاإكراهية في الدين ، على قاعدة الايمان بالله الواحد رب الناس أجمعين . خامساً : اعتبار الاعتداء على أي مسيحي ، لدينه ، بمثابة اعتداء على كل مسلم . واعتبار انتهاك حرمة أي كنيسة بمثابة انتهاك لحرمة كل مسجد . والتأكيد على حرمة بيوت الله جميعاً وقداستها . سادساً : التأكيد على ان دعوة المسيحيين الى عدم الخوف وتالياً الى عدم الهجرة، يفترض أن يكون مترافقاً ، بل يجب أن يترافق ، مع دعوة المسلمين الى تجنب تخويفهم باستخدام سلاح الأكثرية العددية أو التلويح باستخدامه . فليس صحيحاً ان الوحدة الوطنية لا تقوم الا على طغيان العدد أو على وحدة المعتقد . لقد قامت الوحدة الوطنية ويجب أن تقوم على أساس قبول التنوع والتعدد ، بما يتطلبه ذلك من احترام للحريات الخاصة والعامة ، المدنية منها والدينية . ان التحولات العميقة التي تشهدها مجتمعاتنا العربية والتي تعكس طموحات مشروعة من حيث التأكيد على احترام الكرامة الانسانية ، وحقوق المشاركة في اتخاذ القرارات وصناعة الغد الأفضل ، لا يمكن أن تؤتي أكلها اذا غاب أو إذا غُيّب عنها مكوّن أساس من مكوناتها الأصيلة . ولتجنب ذلك يجب التصدي بكل فعالية لموجات الهجرة المسيحية التي بلغت مستويات استنزافية خطيرة . ويتطلب هذا الأمر أولاً وقبل كل شيء ، صيانة الوحدة الوطنية من عبث العابثين ، والارتفاع بها الى مستوى ما تمثله ارادة الله في اختيار هذه المنطقة دون غيرها من مناطق العالم ، لتكون مهبط وحيه ومنطلق رسالاته الى الناس أجمعين . محمد السماك سعود المولى

قصتان من الماضي القريب

محمد السماك

سأروي قصتين قصيرتين. القصة الأولى بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري والإمام الراحل محمد مهدي شمس الدين يرحمهما الله. اقترح الإمام على الرئيس إنشاء مركز للدراسات والأبحاث الإسلامية. تبنّى الرئيس الفكرة. وعلى عادته طلب إعداد مشروع تنفيذي لها. وُضع المشروع وحُددت أهدافه، وفي مقدمتها أن يكون المركز منبراً للدراسات الإسلامية الحديثة والمتنورة. للإسلام الشامل لكل مدارسه الفقهية، وليس الشمولي الإلغائي لمن يختلف معه والتكفيري لمن يعارضه. الإسلام الذي يقول بأن للمجتهد أجراً ولو أخطأ. الإسلام الذي يؤكد على أن المذاهب وجهات نظر، وأن وجهة النظر أياً كان صاحبها لا ترقى الى الحقيقة المطلقة، وأنها، كأي عمل فكري أو اجتهاد إنساني، مفتوحة على الخطأ والصواب. الإسلام الذي يدعو الى الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق. وليس الى عدم الاختلاف، لأن الاختلاف قائم ومستمر بإرادة الله وحكمته، ولأنه لا يؤدي بالضرورة، بل يجب أن لا يؤدي، الى التفرق. إن الذي يؤدي الى التفرق، هو ثقافة عدم قبول الاختلاف وعدم احترام المختلف معه، وتالياً الزعم باحتكار الحقيقة والطريق اليها. ثم لأن لبنان مجتمع متنوع، ولأننا نؤمن بالتنوع تعبيراً عن هذه الإرادة الإلهية، فإن من أهداف المشروع أن يكون المركز منبراً للدراسات الوطنية الإسلامية المسيحية أيضاً بحيث ينمي ثقافة العيش الوطني في لبنان ويرفد هذه الثقافة في الدول العربية الأخرى بمزيد من المساهمات الحية ويعكس تالياً رسالة لبنان التي تتجاوز حدوده السياسية. ولكن مرض الإمام شمس الدين ثم وفاته، جمّد المشروع. وجاء بعد ذلك اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اغتيالاً للمشروع أيضاً. القصة الثانية بين القيادات السياسية والروحية اللبنانية الإسلامية: الرئيس نبيه بري، والرئيس فؤاد السنيورة، وسماحة المفتي الشيخ محمد رشيد قباني، وسماحة الإمام عبد الأمير قبلان. في تموز من عام 2006 تمّ التوافق على عقد لقاء للقادة الأربعة في دار الفتوى. وكان الموضوع الوحيد على جدول الأعمال هو إطلاق مبادرة إسلامية لبنانية للمساعدة على وأد الفتنة المذهبية في العراق. أُعدّ مشروع البيان الذي كان سيصدر عن هذا اللقاء وفيه دعوة موجهة الى قيادات عراقية سياسية ودينية، سنية وشيعية، لعقد مؤتمر مفتوح في بيروت للاتفاق على معالجة الاختلافات الطائفية التي تعصف بالمجتمع العراقي والتي نفخ في رمادها الاجتياح الأميركي. كان الوقت المحدد لاجتماع القادة الأربعة هو الساعة 12 ظهراً من يوم 13 تموز 2006. ولكن العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي بدأ صباح ذلك اليوم، سرعان ما اشتد عنفاً مع ساعات النهار الى أن أصبح عدواناً شاملاً وحرباً مفتوحة. أصبح الانتقال الى دار الفتوى خطراً. فتقرر تأجيل اللقاء بانتظار انتهاء العدوان. غير أن التطورات السياسية التي فجرتها القراءات المختلفة لكيفية وقف هذا العدوان الذي استمر 33 يوماً ووضع حد لتداعياته التدميرية الخطيرة، باعدت بين أصحاب المبادرة التقريبية والتوفيقية. وبالنتيجة استشهد مع الألف وأربعمائة لبناني من جراء العدوان الإسرائيلي شهيد لم تُقرأ عن روحه الفاتحة، وهو مشروع لقاء القيادات العراقية السنية والشيعية بدعوة من القيادات اللبنانية السنية والشيعية. بالأمس كنا هناك، محلقين عالياً في طموحات توحيدية. واليوم أصبحنا هنا، غارقين في وحول ترهات الاختلافات المذهبية. نرى الشرّ ونسكت عنه، ونحن نعرف أن السكوت عن الشرّ، شرّ مثله. وأن عدم المبادرة، مبادرة. لقد كانت الصعوبة دائماً هي في إيجاد علاج يكون أقل سوءاً من الداء، ولكن من سخرية القدر أننا أحياناً نبحث عن الرجل الأمين في ضوء مصباح مسروق. بالأمس كانت الطائفية واقعاً نخجل منه ونرفع الصوت خجلاً منه.. واليوم أصبحنا، في معظمنا، نفكر طائفياً. ونتصرف طائفياً.. ننظم طائفياً. وننتظم طائفياً.. نبتهج طائفياً. ونحزن طائفياً.. ثم نشتم الطائفية وأهلها. نعرف أننا مجتمع متنوع، ولكننا غالباً ما نتجاهل الحقيقة، وهي أن كل مجتمع متنوع معرّض لخطر التصدع. وأن هذا الخطر هو جزء أساس في بنية التنوع. ولذلك يمكن القول إن التنوع من دون خطر التصدع هو كالدين من دون الخطيئة أو المعصية. فالدين لا يدعو فقط الى تجنب ارتكاب الخطيئة، ولكنه يساعد مرتكبها على التخلص من معاناة ما بعد ارتكابها بحيث يتمكن من المصالحة مع نفسه، ومع مجتمعه من جديد. وكذلك ثقافة التنوع، فإنها لا تدعو فقط الى تجنب التشرذم والانقسام، ولكنها تساعد النرجسيين المغالين في حب الذات الى التصالح مع أنفسهم ومع مجتمعهم. وما العيش الوطني إلا مصالحة يومية مع الذات ومع الآخر. إن أهم من قراءة المواثيق هو قراءة الناس. وأهم من إعداد سيارات الإسعاف في قعر الوادي، هو بناء الحواجز التي تمنع السقوط. ومن أولى متطلبات تأصيل ثقافة بناء الحواجز هذه، الانقلاب على ثقافة التبعية والاستتباع. ولعل من تباشير ذلك، هذا التحرك ممثلاً بالاتحاد العلمائي اللبناني وبالمركز العربي للحوار. ويبدو لي أن مؤسسي الحركتين يشاركوننا الإيمان بصحة المثل الصيني الذي يقول: "أنت لا تستطيع أن تمنع الطيور السوداء من أن تحلق فوق رأسك، ولكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشعش في رأسك". في القرن الماضي كتب أندريه جيد رسالة الى توفيق الحكيم قال له فيها: "ان العقل العربي يحمل قدراً كبيراً من الإجابات أكثر مما يمتلك من الأسئلة". وفي ظني أن إنشاء الحركتين وتعاونهما يطرح من الأسئلة.. أكثر مما يقدم من الإجابات. وهذا موضع أهميتهما. وهو في الوقت ذاته منطلق تفاؤلنا وإيماننا بالقدرة على صناعة غدٍ أفضل.

ميثاق مكة المكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي


نحن ملوك ورؤساء وأمراء الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إذ نجتمع في الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر القمة الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة بتاريخ ٢٦ - ٢٧ رمضان المبارك ١٤٣٣ه الموافق ١٤ - ١٥ أغسطس ٢٠١٢م، نتوجه بالحمد والثناء لله عز وجل الذي أنعم علينا بهذا اللقاء في شهر رمضان الكريم، وفي العشرة الأخيرة المباركة التي تفتح فيها أبواب السماء وتقبل فيها الدعوات وصالح الأعمال، ونحمده سبحانه أن قيض لنا الاجتماع في البلد الحرام مكة المكرمة، قرب الكعبة المشرفة، حيث انطلقت رسالة الإسلام وشع نور الرسالة المحمدية، التي أرست قواعد البناء الحضاري الإسلامي الذي أثرى الحضارات الإنسانية، وأفادها بما يقويها صلة بخالقها وإعماراً للأرض التي استخلف الإنسان فيها، وأمر بإقامة مبادئ العدل والسلام عليها. وإننا إذ نستلهم المبادئ السامية للرسالة الخالدة التي انطلقت من ربوع هذا المكان المقدس وأضاءت الأمصار بنور الحق المبين، وأخرجت العالم من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة، ومن غياهب الاستبداد إلى آفاق العدل والحق والإحسان، ومن الفرقة والتناحر إلى الوحدة والتعاضد والتضامن. وإذ نستذكر الأهداف والمبادئ الأساسية التي قامت عليها منظمة التعاون الإسلامي، وما كانت تنعم به دولنا من سلام وأمان لا مكان فيه للتطرف والغلو. فإننا نجد أنفسنا اليوم في واقع اختلفت فيه المقاصد، وتنوعت فيه الغايات، وتلاشت فيه القيم، وكثر الظلم، وتخلف البناء الحضاري. واقع أليم، استشرى فيه الشقاق وكثرت الفتن، وبات فيه العالم الإسلامي مهدداً بالتشتت والتنافر، واستفحال العداء بين المسلمين أنفسهم، وعوضاً عن أن يكون تنوعنا العرقي والمذهبي مصدر إثراء لنا، بات يشكل مصدر عبء علينا، ومدعاة للتناحر، ومبرراً للتدخل في شئون بعضنا البعض للأسف الشديد. إن هذا الواقع الخطير والأليم في آن، يحتم علينا الوقوف وقفة صادقة مع النفس ومع هذه الأمة في تحقيق ما تصبو إليه من العدل والكرامة والتنمية والقوة. مدركين في الوقت ذاته أن مهمتنا ورسالتنا هي إصلاح شأن هذه الأمة، ومن الواجب علينا وضع الخطط والبرامج لتحقيق نهضتها، واستعادة تضامنها، لتمكينها من مواجهة التحديات التي تعترضها (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، ولن يتأتى لنا ذلك إلا بالتخلي عن وهن النفوس، واستعادة مكامن القوة بالسعي المشترك إلى إعادة بناء هذه الأمة على الطريق القويم، وفق الأسس والمناهج التي جاء بها ديننا الحنيف، وتجنب بعضنا استخدام الطائفية والمذهبية لخدمة سياسته وأهدافه، بدلاً من استخدام السياسة لخدمة الدين، وذلك وفق الخطوات والمبادئ التالية: أولاً: ان علينا جميعاً مسؤولية جسيمة لدرء الفتنة والأخذ بكل أسباب التعاون والتعاضد بين المسلمين، وتحقيق تطلعاتهم وتحسس مشكلاتهم وإقامة الحكم الرشيد بما يعمق قيم الشورى والحوار والعدل. ثانياً: إدراك أن الأخذ بالأصلح مطلب العقلاء والحكماء، والسعي في التطوير والإصلاح لأمتنا من داخلها أولوية وقناعة نؤمن بها، ونسعى إليها تحقيقاً لواجبنا وسعياً لما فيه مصلحة شعوبنا، في باعث نابع من داخل هذه الأمة وما يفرضه عليها دينها الإسلامي الحنيف. ثالثاً: بناء قدرات هذه الأمة ومؤسساتها، وتطوير أنظمتها في كافة المجالات عبر برنامج متكامل يستهدف الطاقات العاملة والتخصصات المتنوعة، للنهوض بالأمة، ويستشرف آفاق المستقبل ومواجهة تحدياته. ويستشعر في الوقت ذاته خطورة التفريط في الزمن والتباطؤ في الإصلاح والتعاون، ويسترشد بخطة العمل العشرية التي أقرتها قمة مكة المكرمة عام ٢٠٠٥م. رابعاً: إن هذه الأمة أمة وسط (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) فلا فسحة فيها للغلو الفكري، ولا للغلو السلوكي - إفراطاً وتفريطاً - وإننا نؤكد مضينا في محاربة الإرهاب والفكر الضال المودي إليه، وتحصين الأمة منه، وعدم السماح لفئاته بالعبث بتأريخ الأمة وتعاليم كتابها وسنّة نبيها. خامساً: الوقوف صفاً واحداً في محاربة الفتن التي بدأت تستشري في الجسد الإسلامي الواحد على أسس عرقية ومذهبية وطائفية حتى استفحل العداء بين المسلمين أنفسهم وأصبح للأسف الشديد يهدد دولهم في كيانها وأمن شعوبها، ولن يتأتى هذا إلا من خلال احترام بعضنا البعض سيادة واستقلالاً، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بدافع مسؤولية بلد عن مواطني بلد آخر تحت أي ذريعة أو شعار. سادساً: إن الإعلام في دولنا الإسلامية يتحمل مسؤولية كبيرة في درء الفتن وتحقيق أسس وغايات التضامن الإسلامي، امتثالاً لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). سابعاً: الوقوف صفاً واحداً مع الشعوب الإسلامية المقهورة، التي ترزح تحت الظلم والقهر بمسع ومرأى من العالم أجمع وتواجه عدواناً بشعاً تحت الطائرات وأفواه المدافع والصواريخ الموجهة ضد المواطنين العزل، ناشرة الدمار والقتل في المدن والقرى الآمنة على أيدي الجيوش الوطنية النظامية، كما هو حال شعبنا العربي المسلم في سوريا. ثامناً: أهمية قضية فلسطين باعتبارها القضية المحورية للأمة الإسلامية، وانهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧م بما فيها القدس الشريف وذلك طبقاً للقرارات الدولية الصادرة في هذا الشأن، وتحميل إسرائيل مسؤولية توقف مفاوضات عملية السلام وفق قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق. تاسعاً: إن سياسة التنكيل والعنف التي تمارسها حكومة اتحاد ميانمار ضد مواطنيها من جماعة الروهنجيا المسلمة هي جرائم ضد الإنسانية، هي محل استنكار وقلق شديدين من دول وشعوب العالم الإسلامي بصفة خاصة ودول وشعوب العالم بصفة عامة لتنافيها مع كل مبادئ وقوانين وحقوق الإنسان والقيم والأخلاق والقوانين الدولية، وعلى حكومة اتحاد ميانمار الكف فوراً عن هذه الممارسات وإعطاء الروهانجيين حقوقهم كمواطنين في دولة ميانمار، كما أن على المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية في هذا الشأن. عاشراً: إن مسؤولية منظمة التعاون الإسلامي تقتضي منها وضع الخطط والبرامج اللازمة وعرضها على الدول الأعضاء للبدء في تنفيذها. إن التزامنا بالجدية والمصداقية في العمل الإسلامي المشترك هو مطلب أساسي، ننطلق من خلاله نحو رؤية استشرافية جديدة لمستقبل العالم الإسلامي وقوته، رؤية تتعامل مع التحديات الداخلية بالحكمة والموعظة الحسنة، وتتعامل مع الواقع والتحديات الدولية بمعرفة دقيقة بمتغيراتها السياسية والاقتصادية والثقافية، لكي نحفظ لشعوبنا العزة والكرامة، ونؤمن لها مستقبلها، ونستعيد بها تضامننا الإسلامي الذي به نحافظ على عزتنا وقوتنا وكرامة شعوبنا. قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً). والله نسأل أن يزيدنا في مسعانا خيراً، ويكتب لنا الرشد في أقوالنا وأفعالنا، ويهيئ لنا النهوض بهذه الأمة حاضراً ومستقبلاً. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

السبت، 21 يوليو 2012

الإخوان المسلمون السوريون يعقدون مؤتمرهم العام الأول في اسطنبول


بدأ الإخوان المسلمون السوريون صباح الاثنين 16/7/2012 اجتماعاً في ضاحية اسطنبول استمر يومين بحثوا خلاله سبل تعزيز جماعتهم ودعم الانتفاضة ضد النظام. والمؤتمر هو الأول منذ أكثر من ثلاثين عاماً، بمشاركة قرابة 150 شخصية من قيادات سابقة وحالية وممثلين عن مراكز الإخوان في مختلف أصقاع الأرض، لبحث قضايا استراتيجية تتعلق بسورية عموماً والتحديات التي تواجه الجماعة خصوصاً. وذكرت الجماعة أنّ انعقاد المؤتمر جاء «انطلاقاً من شعار (الإخوان المسلمون، مسيرة مستمرة) ودعماً لثورة شعبنا المباركة»، ويأتي «تطبيقاً عملياً لمنهج الجماعة في الدعوة والحركة، وتطلّعاً إلى نهضة شاملة في سورية بعد سقوط النظام الظالم وتأكيداً على المشاركة الفاعلة التي تنشدها الجماعة في دعمها لثورة الحرية والكرامة». قال المراقب العام للاخوان المسلمين في سورية (محمد رياض الشقفة) خلال جلسة افتتاح المؤتمر إنّ الجماعة لا تزال متجذرة في سورية، داعياً الأسرة الدولية إلى الاستجابة لصوت الشعب السوري. وقال عمر مشوح ممثل الإخوان المسلمين في المجلس الوطني السوري، الهيئة الأوسع تمثيلاً من بين مكونات المعارضة السورية «إنه أول لقاء للجماعة بعد أكثر من ثلاثين سنة». وقال مشوح «هناك مسألتان رئيسيتان (على جدول الأعمال): مسألة داخلية تعني مجموعتنا، وهي كيفية تنشيط الشبان والنساء في تنظيمنا، والأخرى كيفية جمع المزيد من الدعم للثورة». وقال الناطق الرسمي باسم إخوان سورية وعضو المجلس الوطني السوري ملهم الدروبي إنّ المؤتمر «يعقد للمرة الأولى في تاريخ الجماعة على أرض واحدة»، ملخّصاً أولوياته بـ«دعم الثورة السورية وبحث تحدّيات مرحلة ما بعد سقوط الأسد وكيفية العمل لإزالة سوء الفهم القائم دولياً حول فكر الجماعة ومشروعها، عدا عن التأكيد على أهمّية دور الشباب ومشاركة المرأة في سورية عموماً والجماعة خصوصاً». وفي سياق متّصل، قال الدروبي إنّ «الجماعة تتواصل في الفترة الأخيرة مع المجتمع الدولي وخصوصاً العواصم الكبرى من أجل توضيح رؤيتها لسورية المستقبل والدولة المدنية الديمقراطية الحرّة التي نود بناءها، عدا عن نظرتنا للمرحلة الانتقالية.. وتشكيل الدستور وإجراء الانتخابات وضمان عدم حصول فوضى أمنية»، مؤكّداً «إنّنا نلقى ارتياحاً وتجاوباً إيجابياً». وتابع: «أقول إنّ التخوف بدأ يهتز ولم يزل تماماً، ولا يزال أمامنا عمل كبير للقيام به لإثبات أنّنا جماعة معتدلة ووسطية». وشدّد على أنّ رمزية المؤتمر تتلخّص بـ«الانفتاح على العالم والآخر والعمل تحت ضوء الشمس بعدما عملنا لسنوات وراء الكواليس، كما أنّ رمزيته في التواصل بين الأجيال داخل الجماعة والتأكيد على أنّ مسيرة هذه الجماعة النهضوية المعتدلة مستمرة، وهي تريد الخير لسورية ولمواطنيها الذين يجب أن يتساووا في الحقوق والواجبات دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو الانتماء». تجدر الإشارة إلى أنّ المؤتمر يأتي ضمن مجموعة لقاءات واجتماعات تعقدها الجماعة، وقد شارك في جلسة الافتتاح، بحسب وكالة الأناضول، رئيس المجلس الوطني السوري الدكتور عبد الباسط سيدا. كما شارك مراقبون عامون سابقون لجماعة الإخوان المسلمين منهم عصام العطار وعلي صدر الدين البيانوني.

المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية في المغرب: ابن كيران رئيساً


انطلق يوم السبت 14 تموز 2012 بالعاصمة الرباط، المؤتمر الوطني السابع لحزب العدالة والتنمية، في أجواء زاد من حماسيها الحضور الجماهيري الكبير في الجلسة الافتتاحية، فقد غصت جنبات القاعة الرياضية بحوالى 15 ألف شخص، مرددين شعارات ترسيخ الديموقراطية تطالب بمحاربة الفساد، حاملين أعلاماً مغربية وأخرى لرمز المصباح. وحضر الجلسة الافتتاحية وفد من المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح في مقدمته رئيس الحركة المهندس محمد الحمداوي ونائبه مولاي عمر بنحماد، كما حضر الجلسة جل الأحزاب السياسية الوطنية، أغلبية ومعارضة ممثلة بأمنائها العامين، وعدد من الهيئات النقابية والمدنية، وعدد من الفنانين، من بينهم عمر السيد وعبد الكريم برشيد، وفاطمة وشاي، وأنور الجندي ومحمد حسن الجندي وعدد من الرياضيين. اضافة الى عدد من ممثلي الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي. وتميز المؤتمر بحضور وفد فلسطيني من حركة حماس، على رأسه خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، وكذا وفد عن حركة فتح يتقدمهم عزام الأحمد ، ومن تركيا حضر نائب رئيس حزب العدالة والتنمية «بول نت جيدكلي» ومصطفى كملاك، رئيس حزب السعادة التركي، وعزام الأيوبي رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية اللبنانية، ونافع علي نافع من المؤتمر الوطني السوداني. أما الجارة موريتانيا، فيمثلها في المؤتمر كل من جميل ولد منصور وأحمد ولد داده، عن تكتل القوى الديمقراطية، وصالح ولد حننا، عن حزب حاتم، فيما يمثل البحرين جمعية الوفاق الوطنية الإسلامية، ومن الجزائر رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، ورئيس جبهة التغيير محمد المناصرة، أما من ليبيا فقد مثل المجلس الوطني الانتقالي، عبد الله محمد حديفة، وحزب الحرية والعدالة بمصر ممثلاً في أسامة نور الدين، مسؤول العلاقات الخارجية، كما شارك ممثلون عن كل من الحزب الشعبي الإسباني، الحزب الإسلامي العراقي، وحزب النهضة من طاجكستان، الحزب الإسلامي الماليزي، وحزب العدالة والرفاه الأندونيسي، التجمع اليمني للاصلاح من اليمن، الحركة الدستورية من الكويت. قضايا حاضرة في المؤتمر مع أولى دقائق الجلسة الافتتاحية التي انطلقت صباح السبت تعالت الشعارات الحماسية التي جسدت ارتباط مناضلي ومتعاطفي حزب العدالة والتنمية بقضايا الوطن والأمة، حيث اهتزت أركان القاعة بشعارات أصبح لها في الذاكرة المغربية والعربية الإسلامية معنى عميق، وبالخصوص بعد ثورات الربيع العربي. حضور قيادات فلسطينية لها وزنها من حركتي حماس وفتح، وبالخصوص رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، والذي اهتزت القاعة كلما ذكر اسمه في المنصة، كان له الوقع الكبير في الرفع من تفاعل الحضور مع هذه الشعارات. هذا ولم ينس المشاركون في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر توجيه رسائل التضامن مع الشعب السوري، من شعارات منددة بالمجازر وحمامات الدم التي يرتكبها النظام، مع تقديم التحية والتقدير للثورة الليبية التي أسقطت نظام معمّر القذافي. محاربة الفساد.. في الجلسة الافتتاحية وفي كل مرة كان يقف فيها عبد الإله بنكيران الأمين العام لأخذ نفس خلال كلمته التي استغرقت قرابة الساعة، وبقوة شعار «الشعب يريد إسقاط الفساد»، في رسائل واضحة المغاربة إلى رئيس حكومتهم بضرورة محاربة الفساد، الأمر الذي لم يغب عن بنكيران في كلمته، حيث أكد أن «زمن الاشتغال في السياسة من أجل جمع الثروة انتهى ولا سبيل لعودته» مضيفاً: «إن مرحلة الفساد والتحكم قد ولت». «قضية الصحراء قضية وطنية... سبتة ومليلية في الطريق سوية»، شعار ردده المشاركون في أوقات كثيرة من الجلسة وخاصة عندما تعلق الأمر بتقديم ضيفي الجارة الشرقية الجزائر، وهما رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرّة سلطاني ومحمد المناصرة عن جبهة التغيير الجزائرية، وهو ما اعتبره عدد من المتتبعين رسالة قوية من مناضلي حزب العدالة والتنمية من أجل مزيد من التقارب المغاربي، وقد عبر عنه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في كلمته التي قال فيها «إن حل قضية الصحراء بيد الجزائر»، داعياً إياها إلى «فتح الحدود البرية مع المغرب من أجل تعاون مغاربي مثمر». وقدم الأمين العام للحزب لوحة فنية لصورة الراحل عبد الكريم الخطيب تسلمها تكريماً لأسرة الفقيد عمر الخطيب، كما سلم رئيس المجلس الوطني سعد الدين العثماني هدية تكريمية لأسرة الفقيد بنعبد الله الوكوتي تسلمها لطفي الوكوتي عربوناً للتقدير والاعتزاز بمكانة الراحل الوكوتي. انتخاب المجلس الوطني انتخب المؤتمر الوطني السابع العادي لحزب العدالة والتنمية، صباح الأحد أعضاء المجلس الوطني الجديد للحزب، ويشار إلى أن تركيبة المجلس الوطني لهذه الهيئة السياسية تأخذ البعد الجهوي، بحيث تتحدد بحسب الجهات التي يتواجد بها الحزب. وبحسب المسطرة المتعلقة بانتخاب أعضاء المجلس الوطني في المؤتمر، كما صادق عليها المجلس الوطني، فإن أعضاء المؤتمر الذين يمثلون جهة من الجهات ولمجموعة تمثيليات الحزب في الخارج يختارون ممثليهم في المجلس الوطني من بين أعضاء الجهة المعنية أو المجموعة المذكورة بطريقة سرية، في ضوء عدد محدود من المقاعد المخصصة لكل جهة وفق قاعدة التمثيل النسبي على اساس عدد اعضاء المؤتمر. وقد صادق المؤتمر الوطني السابع لحزب العدالة والتنمية في الساعات الأخيرة بالأغلبية المطلقة على ورقة عمل والتقرير المالي للأمانة العامة للحزب خلال الولاية الانتدابية (2008 و2012) وكذا أطروحة المؤتمر الوطني السابع. وأوصت ورقة عمل الأمانة العامة مراجعة الاستراتيجية التي يعتمدها العدالة والتنمية والرهانات الواجب استحضارها، وتقوية الحزب في علاقته بالمجتمع المدني، فضلاً عن تطوير ومأسسة التواصل الداخلي وإحداث لجنة تهتم بالعمل في المجال القروي. المغرب: «العدالة والتنمية» ينتخب بنكيران أميناً عاماً له لولاية ثانية انتخب المؤتمر الوطني السابع لحزب «العدالة والتنمية»، مساء الأحد (15/7)، عبد الإله بنكيران أمينًا عاماً للحزب لولاية ثانية، وحاز بنكيران 2240 صوتاً، بنسبة 85.11 من مجموع أصوات المؤتمرين، متقدماً على الدكتور سعد الدين العثماني الذي حصل على 346 صوتاً، بنسبة 13.15 في المائة. وكان المجلس الوطني المنبثق من المؤتمر الحالي والمجلس الوطني المنتهية ولايته قد رشحا كلاً من عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني وعزيز رباح ومصطفى الرميد، حيث حصل بنكيران على 224 صوتاً من أصل 433، فيما حصل العثماني على 149 صوتاً، فيما كان نصيب كل من الرباح والرميد على التوالي 62 و59 صوتاً، وأعلن كل من الرميد ورباح انسحابهما من سباق الأمانة العامة، حيث تنافس في الدور الثاني كل من بنكيران والعثماني اللذين صوّت عليهما جميع المؤتمرين. على صعيد آخر، أعلنت رئاسة المؤتمر الوطني السابع لحزب «العدالة والتنمية» في المغرب، عن نتائج انتخاب أعضاء المجلس الوطني الجديد، الذي يضم 160 عضواً منتخباً بالمجلس الوطني للحزب الجديد، باعتماد النسبية واحترام تمثيلية النساء والشباب وعلى مستوى الجهات.