‏إظهار الرسائل ذات التسميات ايران اليوم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ايران اليوم. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 16 يوليو 2012

السيّد محمد خاتمي: الحرية والعدالة لا تنفصلان والإمام علي(ع) نموذج للحوار


الرئيس الإيراني السابق آیة الله السيّد محمد خاتمي هو من أطلق فكرة "حوار الحضارات" في المحافل الدولية، وكان الحوار بین الأدیان أحد أبرز اهتماماته الشخصیة. وقد رأى السيّد خاتمي في حوار خاص مع وكالة "شفقنا" الإسلامية أنه لا يمكن الفصل بين الحرية والعدالة فالحرية هي مصداق العدالة، مشيراً إلى ضرورة مواجهة التشدد والتعصّب والانقسام بين المذاهب والأديان بلغة الحوار. وإعتبر السيّد محمد خاتمي أن مذهب التشیّع یتمتع برؤیة واسعة بحیث یمكن أن یجعل من سلوك الإمام علي بن أبي طالب(ع) نموذجاً للتفاهم والحوار في الإسلام. وقال خاتمي: "إن المذهب الشیعي يستند إلى العقل والعدالة، نحن نسمع هذا الشعار علی مرّ العصور ولکن في الواقع لم نعمل به. یسمّی المذهب الشیعي "بالعقلية" أي یتمتع العقل في هذا المذهب بمكانة عالیة ولذا علی المرء أن یفكّر ویستفید من حكمته. كذلك یسمّی المذهب الشیعي "بالعدلية"، أي یجب أن یحكم العدل على مستوى المجتمع والحكم وفق مؤیدي هذه النظریة. وأضاف الرئیس الإیراني السابق: إذا کانت هذه المعايیر مواصفات الشیعة فیجب أن نری فب قلب الفكر الشیعي نموّ العقلانیة والعدالة. للأسف في عصرنا هذا الكثیر من الذین یحاربون الاستعمار والاستبداد وخصوصاً في العالم الثالث تأثرت شعاراتهم بالحرکة الیساریة وتمت ترجمة العدالة من قبل هؤلاء بالعدالة الاقتصادیة البحتة، وتم فهم هذه العدالة ايضاً خطأ. نعم تتخذ العدالة الاقتصادیة مكانة عالیة في المذهب الشیعي، ولکن مفهوم العدالة الشیعیة أوسع بكثیر من العدالة الاقتصادیة، أو ما یتكلمون عنه في التیارات الیساریة. وأشار خاتمي الی خطأ الأشخاص الذین یضعون الحریة والعدالة في مقابل بعض، ویتكلمون عن التناقض بین الحریة والعدالة قائلاً: "هؤلاء الأشخاص لم یفهموا معنی الحریة ولا معنی العدالة. الحریة والعدالة یکمل بعضهم بعضاً ویتبعان طریقاً واحداً. حین یكون الحدیث حول العدالة، البعض یتسرّع ویقول إنه من أجل إقرار العدالة مسموح بأن نخلق نوعاً من الديكتاتورية والرقابة في المجتمع. ویقول البعض الأخر إن الحریة أساسية حتی لو واجهت أجزاء من المجتمع مشاکل اقتصادیة أو ما شابه ذلك. ولو أردنا ان نعمل وفق العدالة الشیعیة فیجب أن نعرف بأن الحریة في المجتمع هي خیر مصداق للعدالة. وأضاف خاتمي: أنا لا أنكر وجود اتجاهات متعصّبة وآراء مثیرة للانقسام بین المذاهب أو الأدیان، لكنني أری کل هذه الأمور انحرافاً یجب أن نتحداه بلغة الحوار.

الخميس، 24 نوفمبر 2011

خاتمي يطلق مبادرة لإنهاء "الأزمة" الإيرانية.. ويطالب "طغاة المنطقة" بالإصغاء لشعوبهم

الاربعاء 5 تشرين الأول 2011
أطلق الزعيم الإصلاحي والرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي مبادرة قال إنها ربما تكون الحل الأخير لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة المستمرة منذ الانتخابات الرئاسية، معرباً عن تأييده لثورات "الربيع العربي" ولاسيما الحركات الاحتجاجية التي تشهدها سوريا للمطالبة بالحرية والديمقراطية.
وفي مبادرة مشتركة مع وزير الداخلية إبان حقبة رئاسته حجة الإسلام عبد الله نوري الذي كان معتقلا لمدة 6 سنوات بتهمة إهانة المرشد الأعلى آية الله علي الخامنئي، دعا خاتمي إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين، وإنهاء الإقامة الجبرية المفروضة على الزعيمين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، وإجراء انتخابات نزيهة وحرة، بعيداً عن تدخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، معتبراً ذلك شرطًا أساسيًا للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد حالياً.
وطبقاً لمكتب خاتمي، فإن خاتمي ونوري أكدا في لقاء جمعهما ضرورة "استغلال فترة الانتخابات التشريعية المقبلة في آذار المقبل من أجل تبيان وشرح أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة، كحق من الحقوق الحياتية والأساسية للشعب الإيراني"، بحيث شددا على أنه "لا يمكن للسلطة الحاكمة بأي شكل من الأشكال منع المواطنين من التمتع بنعم الله وحقوقهم المشروعة التي أعطاها الله لهم".
وأضاف خاتمي ونوري وفق نص الرسالة: "إن من واجب السلطة الحاكمة تهيئة الظروف من أجل إجراء انتخابات حرة وعادلة لإتاحة الفرصة للناشطين والتيارات السياسية الفاعلة في البلاد أياً كان توجهها بشكل لا يترك لديها أي مخاوف إضافية سوى الحفاظ على المصالح القومية، ولابد من أن تجرى الانتخابات بحيث تكون نزيهة من دون تدخل الأجهزة الأمنية والعسكرية كذلك من دون تأثير السلطة التنفيذية والمراقبين على نتائجها".

وإذ أشارا إلى أهمية "تحرك عقلاء البلاد وخواص النظام الحاكم لإعادة الأمور إلى طريق الصواب من أجل تعويض وإصلاح الأخطاء التي ارتكبت والانحرافات التي مورست خلال السنوات الماضية"، شدد خاتمي ونوري على وجوب أن يتدبر النظام الإيراني "الأمور بعقلانية من أجل إنقاذ البلاد بأسرع وقت ممكن من الأضرار العظيمة التي لحقت بها خلال السنوات الأخيرة وذلك بسبب سوء الإدارة والفساد المستشري في أروقة الدوائر الحكومية المختلفة"، وأوصيا في هذا المجال متخذي القرار الرئيسيين في البلاد بضرورة "إعادة الثقة المسلوبة بين غالبية الشعب والنظام الحاكم، وإنهاء الأجواء البوليسية المفروضة في البلاد حتى تتمكن النخب السياسية والثقافية وأصحاب وسائل الإعلام والصحف المستقلة والمنتقدة للنظام بالإضافة إلى الجامعيين ورجال الدين من مزاولة حقوقهم السياسية من دون أي مخاوف أو قيود أو مشاكل أو نواقص تذكر, بالإضافة إلى تمكينهم من الانتقاد البناء لسوء الإدارة والفساد الموجود في الدوائر الحكومية"، وأضافا: "إن البداية تكمن في سعي النظام الحاكم الى إعادة الثقة المفقودة بينه وبين الشعب والنخب السياسية والجامعيين والنشطاء السياسيين ورجال الدين والطبقة العاملة والنساء والشباب، والمضي قدماً نحو مستقبل إيران ومن أجل إنقاذ المصالح القومية والمحافظة على الأصول الأساسية للتيار الإصلاحي والحركة الخضراء، وذلك بجعل الدستور الفيصل بين النظام الحاكم والشعب".
من جهة أخرى، أعلن خاتمي ونوري دعمهما للحركات التحررية في العالم العربي وقالا: "إن أنصار الحركة الإصلاحية والحركة الخضراء يدعمون وبشكل قاطع الحركات المطالبة بالحرية والديمقراطية في المنطقة ويطالبون الحكام المستبدين والطغاة في المنطقة الإصغاء إلى مطالب شعوبهم قبل أن يفوت الأوان"، مؤكدين في هذا السياق على كون "الشعوب هي من ستقرر مصير بلدان المنطقة".
وفي المقابل، إنتقد خاتمي ونوري مواقف حكام إيران حيال الاحتجاجات في سوريا حيث جاء في نص بيانهما: "إننا نطالب الحكومة أن تنظر للحركات المطالبة بالحرية في المنطقة.. حتى في سوريا، بما يتوافق مع المصالح القومية والقيم الدينية التي أوصى بها السلف الصالح، وأن تنظر إلى هذه المواضيع بتحليل عادل ومنصف قبل فوات الأوان"، لافتين الإنتباه إلى أنّ "التغيير سُنّة كونية ولن يستثني الطغاة مهما تجبروا، وهو على الأبواب".

خطاب الرئيس السيد محمد خاتمي في المدينة الرياضية في بيروت (الثلاثاء 13 ايار 2003(

لبنان، بلد الحب والعدالة والوعي. فهنا تأخذ الأرض صورة سماوية. حيث يمتزج الحب اليسوعي مع الحكمة المحمدية والعدالة العلوية... ليكون الإنسان اللبناني برجاله ونسائه أسوة للإنسان الذي يعيش مظلوما لكن يظل رأسه مرفوعا. لبنان يمثل لوحة فنية رائعة تبلور صورة متألقة عن الدين والأدب والثقافة والفن والسياسة.
لبنان يمثل جوهرة تشع النور في عتمة الليل. فيؤذي شعاع نورها عيون هواة الظلام، ممّا يجعلهم يحاولون تحطيم هذه الجوهرة تحت مطرقة العدوان والاحتلال.
وهم غافلون من أن ضمان ديمومة لبنان والحياة اللبنانية الكريمة، إنما يكمن في القناعات الراسخة والقلوب التي تخفق حباً لله وللحياة، والأرواح المتعطشة التي لا يُروى غليلها إلا من نبع الديموقراطية وحب العدالة والمقاومة.
لبنان حي صامد لأن اللبناني واع وباق.
ولبنان الشامخ، يمثل عالماً متكوناً من عوالم عديدة:
عالم الأديان والمذاهب، عالم الطوائف والمجتمعات، عالم الأحزاب والأوساط...
أليس هذا العالم تجسيداً للجمع بين التعددية والتضامن، وبين الكثرة والوحدة، وبين المقاومة والتعايش؟
ألا يجسد هذا العالم المثقف تلك الضالة العتيقة التي تتشوّق إليها القلوب الوالهة إلى الحب والمداراة لا سيما في عصر مليء بالفتن كالذي نعيشه الآن؟
إنني، قد فكّرت في حوار الحضارات والثقافات ولا أزال، فوجدت في لبنان مصداقاً بارزاً لذلك... ولا أزال!
وقد اعتبرت الحرية والتسامح مصدرا لحياة كل شعب، فوجدت في لبنان تجسيدا بارزا لهذا الواقع...
فلبنان يمثل نموذجا لنجاح الحوار بين مختلف الاتجاهات والأفكار، ومؤشراً على الانتصار النهائي لمنطق الحوار والديموقراطية على نزعة الحرب والاستبداد.
انتصار المقاومة للجميع
لبنان أرض مرفوعة الرأس بمقاومتها في عالمنا المعاصر. كما أن رمز بقاء هذا البلد ووحدته يكمن في هذه المقاومة. فإن لبنان كله وقف بوجه الأساليب التي استخدمتها إسرائيل المعتدية كلها. وإن المقاومة المشروعة التي قام بها جميع الفئات والطوائف، جعلت الانتصار انتصارا لجميع أبناء الشعب.
لقد أشاد العالم بهذه المقاومة الباسلة العظيمة. كما أننا أيضا لا نزال نشيد بها. فإن دعمنا هو دعم لبنان ككل. وليس دعما لمذهب دون مذهب، أو لفئة دون فئة، أو لطائفة دون طائفة. إننا ندعم الحرية والاستقلال الذين سعى إليهما، ولا يزال، شعب واحد في صفوف موحدة. إننا قد دافعنا وندافع عن الحق المشروع الثابت للشعب اللبناني في الدفاع عن وحدة أراضي وطنه وتحقيق الأمن في بلده. كما أن العالم قد دافع عن ذلك ولا يزال...
لقد تمتع الشعب اللبناني دوماً بالقدرة على اتخاذ القرار واختيار ما يريد، كما أن الأحزاب والفئات والطوائف اللبنانية قد اعتادت دوماً أن تكون مستقلة ومعتمدة على الذات. فأي حزب أو فئة تتمتع بالمصداقية وتحظى بالاحترام لدى الشعب اللبناني، لا يمكن إبعادها من الساحة من خلال توجيه التهم وإطلاق التهديدات. إن الشعب هو الحكم الوحيد الذي يقرر مركز ورصيد كل حزب أو فئة سياسية داخل كل بلد.
إن لبنان المنيع، وعلى الرغم من كل المحن والمعاناة التي مر بها، لم يتحول الى ساحة لعدم التسامح أو الإرهاب، بل ظل مهداً للتسامح والسلام والحرية.
إن عالمنا المعاصر، قد أتعبته الحروب والأزمات أكثر من أي وقت مضى. إن العيش بين الأنظمة التي تبرّر العنف والإرهاب ليس لصالح أحد. فلا بد من اغتنام الطاقات والإمكانيات الحديثة المتاحة في المنطقة والعالم، اغتناماً جاداً. إن العالم بحاجة الى نماذج جديدة من الحرية وحقوق الإنسان وسيادة الشعب. وإن للديانات مكانة متميزة في مجال تقديم هذه النماذج والنهوض بها.
الإسلام التقدمي
إن الإسلام العقلاني التقدمي هو الذي من شأنه أن يضيّق الساحة على ما يُطرح ويُقدم باسم الإسلام من تصلب ورجعية وتطرف. وإن المسيحية الداعية الى المحبة والتسامح هي التي من شأنها أن تقلل من خطر الأصولية ونشوب الصراعات الدينية باسم المسيحية. وإن الروح اللبنانية والثقافة اللبنانية تشكلان الأرضية الملائمة لنشوء وتطور مثل هذه الأفكار...
نحن في إيران، نتطلع إلى لبنان ليقوم بدور فاعل في هذا المسار. ورغم أن زيارتي هذه للبنان تأتي في ظروف إقليمية غير مستقرة، إلا أنني أعتقد بأن هذا الظرف الزمني يشكل فرصة كبيرة لعرض الاتجاهات السلمية التي تنطلق من العقل الجماعي للنخب الإقليمية.
أعود وأؤكد مرة أخرى على ضرورة وإمكانية استتباب السلام المبني على العدالة، والاستقرار المبني على حقوق الشعوب، في المنطقة.
نقطة التوازن
نحن وأنتم، نعرف جيداً بأن أعداء السلام والحرية في منطقتنا يحاولون توسيع نطاق التوتر والاضطراب، وذلك بهدف تدمير الجهود التي بذلتها شعوب الشرق الأوسط في مجال الديموقراطية الحقيقية والسير نحو الإعمار والبناء والتنمية. إننا نتطلع الى لبنان، كبلد وكمجتمع، من أجل الانتباه الى هذا الخطر. لأننا نعرف بأن هذا البلد يشكل للحوار مركزاً أساسياً يدوي صوته في المنطقة. لبنان، يمثل مهداً للتعقل والحنكة، والسير نحو السلام والاستقرار. وأبناء هذا البلد قد لمسوا أكثر من غيرهم مدى الخسائر والأضرار الناجمة عن آفاق الحرب والنزعة الحربية. ونحن على قناعة بأن لبنان من شأنه أن يشكل نقطة التوازن ومنطلق التحرك في الأجواء الإقليمية المتوترة.
إن لبنان، بما له من مكانة في المنطقة، يستطيع تقديم صورة هادئة باعثة على الاطمئنان، عن المدارس والأفكار. وإنني لأناشد لبنان حكومة، وشعباً، ومثقفين، وإعلاميين، وأحزاباً بأن يعكفوا مرة أخرى على إشاعة خطاب السلام والتفاهم والحق والعدالة في كافة أرجاء المنطقة كما في العالم، وخلق الأجواء المؤاتية للحوار الديني والسياسي والثقافي والاقتصادي على صعيد المنطقة. فإننا نعتبر حالة التعايش والتضامن في لبنان نموذجاً للشرق الأوسط كله. وذلك بغية أن يضيّق أهل المنطقة الطريق على مؤججي الحروب والمعتدين والإرهابيين.
إننا نعتبر أن اتجاه العنف والإرهاب الذي يأتي باسم الدين ليقف أمام الحرية والتقدم، يشكل خطراً كبيراً. إلا أننا في نفس الوقت لا نستهين بخطر اللامبالاة تجاه المقاومة الرامية الى التحرر من قيود الأسر والعدوان. فعلى جانبي العالم المعاصر أي الجانب الغربي وجانب الدول النامية لا بد من التوصل الى فهم متبادل عن القضايا العالمية المشتركة. إن الفهم المتبادل، يقلل من حالات العداء والصراع. ويا تُرى، من الذي يقدر على خوض الحوار في هذا المجال، سوى أولئك الذين يفكرون في السلام والعدالة والحرية للعالم أجمع؟
إزالة التوتر
إننا نريد أن نبذل كل جهد ممكن من أجل خلق منطقة آمنة بعيدة عن القهر والعدوان. إننا انطلاقاً من أسس ديننا وثقافتنا وفي ظل ثورتنا العظيمة قد قرّرنا العمل على ترسيخ ركائز الديموقراطية والاستقلال والحرية والتقدم في بلادنا. كما اننا عازمون على المضي قدماً بالسلام والاستقرار، سواء داخل بلدنا أو في المنطقة والعالم. وتتمثل سياستنا الثابتة والدائمة في الانفراج وإزالة حالات التوتر في العلاقات الإقليمية والدولية، والحوار المستمر العملي بين الثقافات والحضارات، والعمل على تحقيق التحالف من أجل السلام المبني على العدالة.
إنها قناعتنا الجادة، وهي لا تعني أبداً الاستسلام أمام القوة أو التراجع عن المبادئ.
وانطلاقاً من قناعتنا هذه، قد أكدنا دوماً على التعاون الإقليمي ولا نزال. وفي هذا الصدد فإن لعلاقاتنا مع لبنان مكانة خاصة. فنحن كنا ولا نزال بجانب لبنان حكومة وشعباً. وسوف نحترم أي قرار يتخذه قادة هذا البلد وأية إرادة يتبنونها. وفي الظروف الصعبة الجديدة التي تمر بها المنطقة، ندرك بأن الضغوط الأميركية قد اشتدت على كل من سوريا ولبنان، إلا أننا نأمل بأن تترك الإدارة الأميركية العراق الجريح بأسرع ما يمكن ليدار بفعل التدبير العراقي، ونحذر الإدارة الأميركية من أن تكون بصدد خلق أزمات أخرى في المنطقة والعالم بعد الحالة العراقية.
إننا نعرف بأن إسرائيل لا ترى بأساً أن تسعى وراء بعض أطماعها التاريخية بعد استقرار القوات العسكرية الأميركية في العراق. ونعرف تماماً بأنه يجب أن لا تُعطى إسرائيل فرصة للتذرع بحجج جديدة بغية تجنيد القوة الأميركية لخدمة أهدافها. إننا لا نرغب في المشاركة في تصعيد التوتر في المنطقة أو التورط في أحداث تزعزع الاستقرار في حالة وقوعها. إننا نعرف جيداً بمدى ذكاء وبصيرة ووعي أبناء لبنان وأحزابه وطوائفه في هذا الظرف الخطير. وإننا نؤمن بأن لبنان كان دوماً على وعي ويقظة، وأنه قد فرض الهزيمة على الأعداء بفضل مقاومته الشاملة.
خيار الشعب العراقي
إننا قد عانينا سنين طويلة من النظام التعسفي الذي كان يحكم العراق. وإن الحرب التي فرضها الحكم الصدامي على بلادنا والإرهاب الذي ترعرع في أحضان ذلك النظام، قد تسبّبا في إلحاق خسائر فادحة بشعبنا. فقد خسرنا في هذا المجال جماً غفيراً من خيرة أبنائنا.
إن زوال دكتاتورية صدام، يشكل فرصة قيّمة للشعب العراقي المظلوم كما لدول المنطقة. ولكن يجب أن لا نرضى بأن يقع الشعب العراقي تحت وطأة ظلم آخر. يجب أن نحترم ما يختاره الشعب العراقي. الذي نريده نحن هو مشاركة سريعة من المواطنين وجميع الفئات السياسية والطوائف والأديان في العراق، في تشكيل حكومة مؤقتة، وأن يساهموا جميعاً في بلورة عراق حر مستقل موحد، على أساس “لكل عراقي صوت واحد”. ونحن على استعداد للتعاون من أجل تحقيق هذه الغاية وأن ينال الشعب العراقي المظلوم وبأسرع ما يمكن حقه في الحرية والتقدم والسيادة الشعبية.
السلام والتنمية
إن تحقيق السلام والاستقرار والتنمية الدائمة في المنطقة... كل ذلك مرهون بتحقيق تنمية واستقرار وأمن جميع الدول فيها، وإن وجود التعاون بين جميع الدول المقتدرة في المنطقة، سيحقق مصالح جميع هذه الدول في إزالة التهديد وإبعاد شبح الحرب.
إننا نرى بأن استتباب السلام في الشرق الأوسط قضية هامة ومحورية. إلا أننا نرى في نفس الوقت بأن السبيل الى تحقيق السلام يتمثل، قبل كل شيء، في إعادة الحقوق المغتصبة في الأراضي العربية المحتلة. إن ممارسة الضغوط بهدف فرض الحلول المرحلية والتعسفية، لا تساعد على إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. فأي طريق تسلك بهدف حل القضية الفلسطينية ستكون نهايتها الفشل، إن لم تؤد الى تحقيق إرداة الشعب الفلسطيني في تشكيل دولته المستقلة حسب القرارات الدولية ومنها ما يتعلق بعودة النازحين الى وطنهم.
إن فلسطين تمثل أبرز حالة لوقوع أرض تحت وطأة الاحتلال السافر. وهي تشكل القضية المزمنة في منطقتنا. إن القضية الفلسطينية قد أثبتت بأنها لم تكن معقودة بأي قضية أخرى في المنطقة. إن المقاومة باقية طالما هناك الظلم والحرمان. وإن هذه المقاومة ليس مصدرها في الخارج. وعلى الآخرين أيضاً أن يحاولوا فهم واستيعاب هذه الحقيقة، وأن لا يحاولوا التضليل من خلال إعطاء العناوين الخاطئة. إن أحد التحديات الكبيرة التي نواجهها اليوم يتمثل في تبيين مسألة المقاومة التحررية وإبراز الفارق الذي يميزها من الإرهاب. فإذا استطعنا أن نبرز هذا الفارق المميز لدى الرأي العالم العالمي لا سيما لدى الغربيين، فإننا قد حققنا بذلك إنجازاً عظيماً. لنصدّق بأن عصرنا هو عصر وعي الشعوب ويقظتها. والذين قد نالوا في هذا العصر نصيباً أكبر من المعاناة، ستكون حصتهم من الوعي أكثر أيضاً. إن كلاً من لبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان وكل الأماكن الأخرى المصابة بجرح في الجسد أو بحرقة في القلب... ستؤدي دوراً أكبر وأوفى. وتلك تجربة قد تعلمها شعبنا هو الآخر خلال القرون والعقود المليئة بالنضال ضد الاستبداد والاستكبار.
إنني جئت الى لبنان، لأتعلم مرة أخرى في هذا الوسط من الشعب الفاهم والنخبة الممتازة. إن لبنان، هو أرض الحرية، وهو أرض الشعر الراقي والشعور الواعي. وفي خضم هذا الضجيج الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، لا بد من شحذ الهمم من خلال الاستعانة بمثل هذا الوعي والإدراك. لقد كان لبنان ولا يزال بالنسبة لنا الإيرانيين، مصدراً للأمل. وهنا يجدر بالمقام أن أذكر بإجلال وتكريم معمار الثورة الإسلامية الإيرانية العظيم، سماحة الإمام الخميني (قدس سره)، الذي كان خلال مرحلة من الزمن قد علق الأمل على هذه الأرض الى درجة صرح معها قائلاً: آمل من اللبنانيين أن يكونوا إخوة لبعضهم البعض في القضية اللبنانية، وأن ينهضوا معاً ضد الظلم، وأن يساعدوا بقدر ما في وسعهم هذه النهضة القائمة في إيران. واليوم، أيضاً، يقف قائدنا العظيم، وشعبنا وحكومتنا، مع لبنان وبجانب لبنان.
وفي هذا الظرف الخطير، لا يمكننا إلا أن نتحدث عن الألم الذي بقي في صدورنا نحن وأنتم وذلك من جراء اختفاء العالِم البصير ورمز الصحوة والتسامح والمقاومة سماحة الإمام موسى الصدر وغيابه من الساحة. فنحن في مثل هذا الوقت كنا بأمسّ الحاجة إلى وجوده وحكمته وخبرته أكثر من أي وقت مضى. إن عزيز لبنان وإيران لا يتواجد اليوم في الساحة اللبنانية. إلا أن فكره وطريقه سيظلان مصدر إلهام للأبطال اليقظين من أبناء العالمين الإسلامي والعربي.
إن شعبنا ما زال يكن الحب والعشق للبنان، مشيداً بهذا التضامن والوعي فيه. كما أن شميم الأمل والحب والجدارة منكم يعطّر روحي بشذاه وعطره.
“من جديدٍ شَممتُ عِطرَك يَنْدى *** وتحيّنتُ من لِقائِك وَعْداً”

الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

نظرية ولاية الفقيه السياسية ضحية تناقضاتها

همايون كتيرائي
عن موقع ايران امروز
من المؤكد أن آية الله الخميني عندما كتب مؤلفه "الجهاد الأكبر" المكرّس لنقد المشاكل
الأخلاقية وسلوك رجال الدين، لم يفكر باحتمال أن تتعرض نظريته السياسة إلى موجة من النقد في هذه النقطة بالذات. والآن وبعد مرور ثلاثة عقود على تأسيس نظام ولاية الفقيه، فلم يعد هناك حاجة إلى إثبات اجراءات ولاية الفقيه المتمثلة بالتصفية الجسدية وغير القانونية لمنتقديه ولكل النشطاء السياسيين، وتعذيب السجناء والتجاوز على النساء والرجال السجناء، وفبركة الملفات الأخلاقية والمالية والسياسية للمنافسين والمخالفين، واللجوء إلى أساليب الكذب وتوجيه التهم وبث الاشاعات، وانكار الحقائق وتقديم احصائيات غير صحيحة للشعب، والتصرف بالموارد العامة، وكل الخروق التي لها مساس مباشر بالأخلاق السياسية، وهي تصرفات أضحت بادية للعيان ولا يمكن انكارها.
عند نقد وتحليل مثل هذه العملية، فمن الممكن الرجوع إلى سياق بعض الاصلاحيين والمنتقدين، وتحليل مواقف الحكام، وفي نهاية المطاف التطرق إلى عدم الالتزام بالقانون الأساسي والقوانين والقرارات الجارية. ولكن عندما نواجه بالسؤال التالي عن سبب عدم تطبيق القوانين بعد ثلاثة عقود والتي أصبحت المشكلة الأساسية في نظام ولاية الفقيه، فإننا سوف لا نحصل على جواب شاف ومقنع. من الممكن أن نستذكر قول آية الله الخميني بعد عدة سنوات من عدم تطبيق القوانين، حيث عبّر عن أمله بأن يعود الجميع إلى الالتزام بالقوانين، هذا الالتزام الذي لم يتمسك به آية الله الخميني واستمر الأمر على هذه الشاكلة طوال العقود الماضية.
ولكننا ندقق في هذا المقال ، قبل تناول فعل وسياسة الحكام، في الأسس النظرية لمبدأ ولاية الفقيه الذي مهد الطريق لممارسة هذه الأفعال وما تبعها من خروق قانونية. وبعبارة أخرى فإننا لا يمكن أن نعزو استمرار مثل هذه العملية طوال ثلاثة عقود إلى سوء الإدارة، بل يجب النظر إلى البناء الذي احتضن مثل هذا الانهيار الاخلاقي، والذي مهد له نظام ولاية الفقيه والذي يتطلب تقييمه. وحتى إذا تمتعنا بأعلى حالات حسن النية وافترضنا أن لولي الفقيه بعداً أخلاقياً، ونفترض تولي شخص مثل محمد خاتمي منصب ولاية الفقيه، فإننا لا نستطيع أن نتجنب إعادة انتاج الأساليب والسلوك غير الأخلاقي في نظام ولاية الفقيه.
التناقضات العملية في نظرية ولاية الفقيه
إن من اطلع على كتاب ولاية الفقيه وقرأ واستمع إلى خطابات ورسائل آية الله الخميني قبل عام 1978، فسوف لا يتردد بالقول إن رؤيته للنظام كان مبنياً على الفقه الشيعي، والذي يؤكد على أن من يتولى هذا المنصب هو فقيه يجمع كل الشروط. وكانت مجمل خطاباته تدور حول هذا المحور القائل بأن الفقه الشيعي يتمتع بإمكانية بناء نظام سياسي اجتماعي، وإذا ما توفرت الفرصة لرجال الدين، فإن هذه الإمكانية الكامنة ستبرز للعيان. إن هذا الادعاء كان سارياً حتى ثورة عام 1978. ولكن ما إن بدأ تشكيل نظام ولاية الفقيه، واجه آية الله الخميني عملياً المشاكل الصغيرة والكبيرة التي يعاني منها المجتمع الإيراني. ولم تمر إلا فترة قصيرة حتى برز إلى العلن مأزق الفقه الشيعي في إدارة النظام السياسي والاجتماعي.
إن أكبر عقدة واجهت هذا المشروع هي أن الأحكام الفقهية طوال قرون عديدة لم تعالج الحياة الاجتماعية، بل كانت تعالج حياة الفرد. فهذا الفقه لم يطرح حلولاً لإدارة المجتمع، وذلك لأن أهم عامل في إدارة المجتمع لم يجد له مكاناً في الفكر الفقهي. هذه المشكلة التي حاول آية الله النائيني أيجاد حل خاص لها في مرحلة ثورة المشروطة.
ففي الفكر الكلاسيكي والتاريخي للشيعة حُدد تشكيل الدولة كلياً ضمن اطار خيارات الإمام المعصوم. وبالنظر للاعتقاد السائد بغيبة الإمام، فإن الفقهاء قرروا عدم الخوض في هذا الموضوع لحين ظهور الإمام، لاعتقادهم بأن أية حكومة تتسلم زمام الأمور في عصر الغيبة، تعتبر حكومة غاصبة لحق الإمام المعصوم.
وبالاستناد إلى هذه الجذور، فإن نظام ولاية الفقيه محروم من أي سند نظري وتاريخي، وإن الحديث عن الفكر الفقهي في هذا المجال لا يتمتع بالجدية.
وهذا ما انعكس في مقاومة التيار التقليدي والكلاسيكي للحوزة لقرارات نظام ولاية الفقيه، ومعارضة مجلس الحراسة لقرارات أصدرتها الحكومة والمجلس. ولذا وقع الإمام الخميني في مأزق متزايد، مما دفعه في أكثر من خطاب وبوضوح إلى الاعتراف بعدم قدرة الفقه التقليدي على إدارة نظام الحكم والنظام الاجتماعي، وسعى عن طريق اللجوء إلى بعض التكتيكات للخروج من هذا المأزق. فعلى سبيل المثال أفتى الخميني في حالة أن اتخذ مجلس الحراسة قراراً شرعياً بعدم شرعية قرارات مجلس الشورى، بأن يتم الموافقة على هذه القرارات في حالة موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشورى عليه. وعندها يصبح من غير الممكن لمجلس الحراسة التصويت بنقض هذه القرارات.
نظرية حفظ النظام، تحريفية كبيرة
بعد أن بان التعارض بين نظام ولاية الفقيه وبين الفقه التقليدي، وأصبح واضحاً أنه من غير الممكن حل مشاكل النظام بالنظريات الفقهية، لم يبق أمام آية الله الخميني سوى طريقين. الطريق الأول التراجع أمام المرجعية التقليدية للحوزة واشراكها في الحكم، والثاني الاعتراف بصدق أمام الرأي العام بفشل نظرية ولاية الفقيه.
إن الطريق الأول، في ظل المواجهات التاريخية لآية الله الخميني مع النسيج التقليدي للحوزة، أي طريق الشراكة مع المنافس والعدو الداخلي في مشاريع بُذلت من أجلها السنوات لتحقيقها وتحملوا جهوداً كبيرة، فهو لم يكن مقبولاً من قبل آية الله الخميني. فإن صراعه العنيف مع المرجعيات المنافسة ومن ضمنهم آية الله شريعتمداري وآية الله الخوئي وآية الله القمي وآخرهم آية الله منتظري يدل على أنه من غير الممكن تحمله حضور هذه المراجع على رأس هرم الحكم.
أما الطريق الثاني وهو التراجع عن نظرية ولاية الفقيه فهو خيار كبير، بمعنى أن يتخلي عن دعواته التي طرحها منذ شبابه وحتى السنوات الأخيرة حول نهجه الأصلي.
ويبدو أنه لو اعترف بخطأ نظريته، ونظراً لتعلق المجتمع به في تلك الفترة، فإنه فسوف لا يحذف على الإطلاق من الميدان السياسي، بل وبفعل الظروف في تلك الفترة أن يظل الخميني يمارس دوره السياسي كزعيم وطني.
ولكن آية الله الخميني رجّح عدم اختيار أي من الطريقين، بل وسعى عن طريق الالتفاف الكبير على رؤياه النظرية كخيار للخروج من هذا المأزق. وفي الواقع فقد أخذ على عاتقه اعادة النظر في اساسيات تفكيره، ولم يوكل ذلك إلى من يخلفه على غرار ما قام به الايديولوجيون المعاصرون.
وبعبارة أخرى فقد جرى ما يصطلح عليه في ثقافة اليسار منحى "التحريفية" على يد مؤسس النظرية وليس على يد من خلفه في إدارة المجتمع، كمثال خروشوف مقابل ستالين ودنغ زياو بينغ مقابل ماو. إن آية الله الخميني بتحريفه للبناء النظري لولاية الفقيه قد تراجع عن ما ورد في كتابه ولاية الفقيه. فهو عندما يطرح مسألة حماية النظام بمثابة المهمة الأولى، فذلك يعني تخلي حكومة ولاية الفقيه عن مهمتها الأصلية كخادمة ومنفذة للفقه. كما يبرز تناقض كبير يتمثل في أنه لو لم يكن بالامكان تحقيق الفقه بشكله التقليدي، فما هو الامتياز الذي يتمتع به حامل الفقه أي الفقيه مقارنة بالآخرين بحيث يصبح ماسكاً بزمام أمور الحكم؟
لقد جرى تجاهل هذا السؤال ولم يطرح في المجتمع، فظروف الحرب التي سادت على المجتمع المأزوم، من قبيل الدفاع عن السيادة وتجنب الانهيار السياسي قد طغى على الأمور الأخرى ولم تسمح بمناقشة مثل هذه الأمور. ويضاف إلى ذلك فإن جزءاً كبيراً من المثقفين، وخاصة من ذوي الاتجاهات الدينية، استقبلوا هذه التحريفية، بقدر ماهي قد تحد من دور رجال الدين التقليديين في الحكم.
مصلحة النظام والتوجه
نحو البرغماتية
بعد أن أعاد آية الله الخميني النظر جذرياً في موقفه السابق من ولاية الفقيه، بادر إلى تكييفه مع معيار حفظ النظام، واللجوء إلى كل الوسائل للحفاظ على الحكم بذريعة مصلحة النظام، واعتبر ذلك أمراً مباحاً. ولذا أقترح تغييراً في القانون الأساسي المتعلق بالمؤسسات، وقدم اقتراحاً بتشكيل ما سمي بـ"مجمع تشخيص المصلحة". وطبقاً لثقافة ولاية الفقيه ففي أي وقت تطرح مسألة المصلحة فذلك يعني أنه لا يوجد حل أصولي وله ما هو مشترك مع القواعد الفقهية. وعندها ينبغي اللجوء إلى حاجات النظام. وهذه الحاجات هي من الكثرة بحيث تبرز الحاجة إلى تأسيس مؤسسات لذلك.
وبعبارة أخرى فإن نظام ولاية الفقيه لم يستطع أن يبدو وكأنه على غرار حكومات صدر الإسلام يعمل على أساس معايير الكتاب والسنة النبوية، لأنه راح مضطراً وضمن احتياجات حكمه إلى اختيار المعايير التي يعمل على ضوئها. لإن هذه البراغماتية بحد ذاتها يمكن أن تشكل تحولاً منطقياً لحل المشاكل التي يواجهها النظام. ولكن بما أنها ارتبطت بالبراغماتية فإنها راحت ترسي تدريجياً الأرضية كي يضع نظام ولاية الفقيه رجليه على جادة الانهيار.
وفي الواقع إن التيار الحاكم لم يكن مستعداً لتسليم الحكومة إلى الآخرين، وعلى الرغم من المأزق النظري والعملي لولاية الفقيه، فإنه مازال يرى نفسه الأحق بالجلوس على كرسي الحكم. وبعبارة أخرى، فبعد إعادة النظر بشكل كبير بنظرية ولاية الفقيه من قبل آية الله الخميني، فقد فَقَد موضوعيته في كل شيء اسمه تطبيق الفقه التقليدي وحل محله مصلحة النظام. ولذا فإن التيار الحاكم لم يعد يستطيع انطلاقاً من الأحقية الأيديولوجية أن يصف الآخرين بعدم صلاحيتهم لتولي الحكم.
ومن هنا بدأت الاستنسابية في نظام ولاية الفقيه بالنمو، أي أن الحكام تلبسوا بلباس يدركون جيداً أنه غير مناسب لهم. وبتعبير آخر اذا كانت كلمة الفقيه تعني الايمان بالفقه والعمل به، ولكن بعد أن وضُعت مصلحة النظام في المقدمة ووضِع النظام الفقهي جانباً، فعندها أصبحت البراغماتية وشهوة الحكم هي السائدة.
إن من ارتبطت أرواحهم بعجين الثقافة التقليدية والمذهبية يدركون جيداً عواقب تقديم حماية النظام على بعض اركان الدين. وفي الواقع اذا كان حفظ النظام يتخطى الصلاة والصوم والحج، فيمكن تجاهل العديد من المقولات الأخرى. وهذه بداية لما أشير في بداية المقالة إلى "الانهيار النظري السياسي لولاية الفقيه".
وهنا وقبل أن نتابع مصداقية الانهيار لهذا النظام في أمثلة ملموسة، نود أن نشير إلى أن إعادة النظر ووضع الأولوية لموضوعة السلطة، لا تعني إلاّ تخطي الحدود الأخلاقية.إن تقديم الأولوية لحفظ النظام يفتح كل الطرق بوجه القيام بأي عمل من أجل تحقيق هذا الهدف. وأصبحت المصلحة وحفظ النظام بمثابة باب يولج من خلاله كل شيء دون أن يتقيد ويتحدد بأي فقه وقواعد وأصول حقوق الإنسان والقوانين المدنية.
إن آية الله الخميني في طرحه للولاية المطلقة في مقابل الولاية المحدودة (المحدودة بالإطار الفقهي )، أجاز للنظام السياسي أن يعبر كل الحدود العرفية والشرعية من أجل الحفاظ على بقائه. وهذا ما جرى طوال العقود الثلاثة الماضية حيث لم يتردد اركان النظام عن اللجوء إلى كل الأساليب بذريعة حفظ النظام. وراوحت ممارسات هؤلاء من تقديم الإحصائيات الكاذبة إلى التستر على الوقائع بدعوى أن ذلك يتعارض مع مصلحة النظام. ومارس هؤلاء أساليب تراوح بين التدخل في الشؤون الشخصية للشعب إلى التلصص على الحياة الخاصة تحت ذريعة مكافحة المنكرات. هذه الاتهامات التي طالت حتى شخصية مثل آية الله منتظري وبدون أدلة سوى ذريعة عدم استيعابه لنظرية ولاية الفقيه التي تحتاج إلى اتخاذ تكتيكات وأساليب حتى ولو كانت غير مألوفة من أجل حفظ النظام. أي، وحسب تعبيرهم ، أن لا يُصب الماء في طاحونة الأعداء والمنتقدين.
إن كل محتوى المقالة يدور حول ذلك الكم الهائل من الأساليب غير المألوفة في ستراتيجية النظام الحالي وتكتيكاته، وقبل الحديث عن سوء الإدارة لدى فرد أو أفراد في النظام. فالحديث يدور حول الأساس النظري الذي بني عليه نظام ولاية الفقيه المطلق. وما دام هذا البناء قائماً وبدون نقد، فسيجري إعادة توليد الأساليب السابقة. وسوف لا يؤدي التغيير في أقطاب الحكم إلى حل مشكلة النظام السياسي لولاية الفقيه المطلقة.

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

رسالة مفتوحة إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله

وجه رئيس حزب "جبهة المشاركة " المنحل ، السيد محمد رضا خاتمي، رسالة مفتوحة إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمناسبة زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان.
عزيزي السيد حسن نصرالله يما تستقبلون في بلدكم لبنان السيد محمود أحمدي نجاد إستقبالا حارا باعتبار أنه رئيس الجمهورية الإسلامية، ونظرا للروابط العميقة التي تجمع شعبينا، نحن شعب إيران يهمنا أن يكون استقالبكم له كممثل للجمهورية الإسلامية على أساس سياسة عدم التدخل في شؤون بلدكم الداخلية، ومن أجل المصالح الوطنية اللبنانية ودعم المقاومة. ونتمنى عليكم كما على كل خبير بالسياسة أن تعرفوا حق المعرفة إلى أين وصلت مكانته في نظر شعب إيران.
حضرة الأمين العام ما جعلني أختارك من بين جميع مستضيفيه يعود إلى إرتباطك الوثيق بالمثل العليا والشعارات الأساسية التي تبنتها الثورة الإسلامية في إيران وما تزال.أخاطبك أنت لأن مصير الجمهورية الإسلامية مهم بالنسبة إليك كما مصير المقاومة الإسلامية. ولزاما علي أن أذكرك بالواقع المر الذي وصلنا إليه هذه الأيام في إيران، هذا الواقع الذي يتحمل مسؤوليته من قاد الثورة يوما من الأيام وعاد فأفرغها اليوم من شعبويتها واحتكر إنجازاتها لنفسه.تعلمون جيدا ولا داعي لتذكيركم أن حافظي إرث الإمام الخميني قد أصبحوا قلة قليلة في إيران هذه الأيام. فالسابقون السابقون من ورثة فقيدنا الراحل الحقيقيون يتعرضون، بجرم الحفاظ على مبادئ الثورة الأساسية، لأصعب الضغوطات و وأقسى حملات التضييق. كما أن مئات الأشخاص من الرعيل الأول لثورتنا العظيمة الذين لم ينحرفوا عن خطها الأساسي وشعاراتها الأصيلة، يقبعون في السجون في أسوأ الظروف الإنسانية.وآخرها كان إعتقال أبرز الداعمين للمقاومة الإسلامية في لبنان كما تعرفون، "الدكتور علي شكوري"، والذي جرى عشية زيارة السيد أحمدي نجاد لكم في لبنان.وهنا أسألكم كيف يمكن لشخص مثله أن يتكلم عن مقاومة نظام غاصب وهو في الوقت ذاته يزج في السجون بآلاف المخلصين ممن أمضوا سحابة عمرهم يجاهدون في سبيل إعلاء كلمة الله ودعم الثورة وتأسيس الجمهورية الإسلامية. لا يمكن لأحمدي نجاد ان يدعي محاربة الكيان الصهيوني من جهة وهو يظلم ثوريين حقيقيين من جهة أخرى. هل يمكن للإثم أن يكون مرادفا للبراءة، كما أن السكوت عن الظلم هو تأييد له.ينتظر شعبنا من كل من يدعي أنه يجاهد ضد الظلم والتسلط أن يمد يده لمساعدتنا في رفع الظلم عن جميع المعتقلين في سجون أحمدي نجاد. كما كان شعب إيران داعما أساسيا للبنان وشعبه وللطائفة الشيعية على وجه الخصوص، نتمنى منكم ان تبادلونا الوفاء بالوفاء وتساعدونا في رفع الظلم عن كاهل شعبنا.