"انتصار قضيتنا العادلة قادم لا محالة ان شاء الله بالرغم من الآلام والجراح والمعاناة"...
باسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
أيها الاخوة أيتها الأخوات..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،تقبل الله صلاتكم وصيامكم وقيامكم...
عيدكم سعيد وكل عام وأنتم بألف خير..وأعاد الله علينا هذا العيد وأمتنا ترفل في السعادة والتقدم والأمن،انه سميع مجيب الدعوات.
أتوجه اليكم بمناسبة الدخول السياسي الجديد...آمل من الله أن يكون موسم يمن وصلاح وانتصار لقيم العدل والتسامح والديمقراطية والحرية...
أحبتي الكرام..
يقول الله – سبحانه وتعالى – في سورة ابراهيم الآيات من 48 الى 53:(وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وان كان مكرهم لتزول منه الجبال ،فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله،ان الله عزيز ذو انتقام،يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات،وبرزوا لله الواحد القهار،وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد،سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار،ليجزي الله كل نفس ما كسبت،ان الله سريع الحساب).
أشكركم على حسن بلائكم ومؤازرتكم لي وللأخ محمد الأمين الركالة،وأهنؤكم على صمودكم في وجه حملات التشويش الممنهجة التي استهدفت حزبنا وبعض قياداته..؟ أهنؤكم على صدق عهدكم لله سبحانه وتعالى.كنتم من الذين قال فيهم الله عز وعلا:(من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)،ما تراجعتم ولا خنتم التزاماتكم حتى في أحلك اللحظات وأكثرها غموضا وتشويشا حين أصبح أكثر من حليم حيرانا.
أشكركم على ثقتكم فينا،والحمد لله قد بينت المحاكمة الظالمة زيف وزور وبهتان الرواية الرسمية وكشفت عن تفاهة المؤامرة وبطلان التهم الملفقة لنا..أشكرم على ردكم على ياسين المنصوري..وأقول لكم ايها الأحبة أن هذا الرجل بالذات يعرف براءتنا مما حيك ضدنا..وأقسم بالله العظيم أنه يعرف أكثر من غيره أننا أبرياء من تهمة توظيف العمل السياسي كغطاء للعمل الارهابي..
ولعلكم تذكرون أيها الأحبة التحدي الذي طرحته بعد انطلاق المحاكمة على صفحات أسبوعية le journal حينما قلت اني أتحدى المخابرات المغربية والدولية أن يأتوا بدليل وبرهان واحد مادي على تورطي في أية مؤامرة ارهابية..ويومها لم أكن أزايد في فراغ أو أغامر..لأني كنت مقتنعا ببراءتي وبراءة أخي محمد الأمين الركالة مما نسب الينا..ولا زلت ملقيا بذلك التحدي الى اليوم (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين).
أخواتي اخواني..
ان الذين (مكروا مكرهم وعند الله مكرهم)لن يهزمونا (وان كان مكرهم لتزول منه الجبال) لسبب بسيط اننا اصحاب حق ورسالة وقضية عادلة ،ونريد اقرار العدل والمساواة والحرية والديمقراطية والمصالحة الوطنية ونشر قيم التسامح والتعايش والحوار ليس فقط بين أهل المغرب ولا بين المغرب والمسلمين بل بين أبناء آدم –عليه السلام – كلهم ،لن يهزمونا ولن يثنونا عن مطلبنا بان يصبح المغرب وطنا لجميع المغاربة حتى ولو حلوا حزبنا وألقوا في السجن يقيادتنا..فما النصر الا صبر ساعة وما النصر الا اصرار ساعة على خياراتنا ومبادئنا التي آمنا بها وبعدالتها ولن نحيد عنها قيد أنملة..
أكيد أن المتآمرين علينا كان لهم أمل..كان لهم مبتغى..كان لهم حلم في أن ننقلب على خياراتنا ومبادئنا..لكن ظنهم خاب وسيخيب مستقبلا ان شاء الله،وأعلنها لمن في آذانهم وقر والعياذ بالله..نحن اخترنا الخيار الديمقراطي عن قناعة ولن نرض عنه بديلا..واختيارنا للديمقراطية في بلد مازال للفساد مساحات واسعة للكيد والمؤامرة اختيار للشجعان،للأقوياء،للأشاوس..لأن بيننا وبين تحقيق الدولة الديمقراطية خنادق وقلاع واسوار مقاومة شرسة للفاسدين والأوليغارشا المحلية التي تريد أن تعود بالبلاد للوراء والوراء جدا..لديمقراطية افلاطون !!حيث الشعب هم الأسر العريقة، وأمراء الجيش والتجار هم من يتداول السلطة وهم من يتقاسم الثروة والمناصب والامتيازات..أما السواد الأعظم الباقي فهم الرعاع أو "البخوش" كما يحلوا لبعضهم تسمية عامة الجماهير المغربية.
اخوتي أخواتي..
كان حزب البديل الحضاري رقما مزعجا للعابثين والفاسدين والرديئين الذين يكرسون رداءتهم على الواقع المغربي كما يكرسون اللامعنى والعبث والافلاس في كل المجالات وعلى جميع الصعدمن السياسة الى الرياضة ومن الاقتصاد الى برامج رمضان التافهة..كنا نشعر أننا في مرمى الهدف لأننا رقم صعب على التصنيف،صعب على التوظيف.لقد اعطيتم درسا لمن تآمر علينا حينما ظنوا أن حزب البديل الحضاري هو المصطفى المعتصم ومحمد الأمين الركالة..كانت رسالتكم واضحة غير مشفرة..قلتم للمتآمرين :ان غاب المعتصم والركالة فكلنا معتصم وركالة..قلتم لهم أن الأفكاروالمبادئ أكبر من الرجال ..وحينما تسقى بالدم وتغذى بلحوم الشرفاء تنتعش وتنتصر.
أيها الأحبة:تنتظرنا سنة حافلة،فشدوا ورصوا الصفوف،واعقدوا العزم ،فانتصار قضيتنا العادلة قادم لا محالة ان شاء الله بالرغم من الآلام والجراح والمعاناة.
(تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين،من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات الا ما كانوا يعملون)/القصص الآيتان 83و84
(ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).
(ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس).
(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون).
صدق الله العظيم ،والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
المصطفى المعتصم
أمين عام حزب البديل الحضاري
السجن المحلي بسلا
21 ايلول-سبتمبر 2009
الأربعاء، 14 أكتوبر 2009
رفاق الاختيار الإسلامي .... الهجرة من الثورة إلى السياسة
رفاق الاختيار الإسلامي .... الهجرة من الثورة إلى السياسة
رشيد عفيف
"أموت وأسجن ويحيا الوطن، وغدا سيذكر التاريخ من كان الإرهابي الحقيقي". كانت الكلمة الأخيرة لمصطفى المعتصم أمام هيئة المحكمة الابتدائية أول أمس الإثنين بسلا عنوانا لمسار الانتقال من العمل السري والثوري إلى العمل السياسي الحزبي. مثل أربعة من رفاقه الخمسة السياسيين المعتقلين في ملف بليرج، خرج أمين عام حزب البديل الحضاري من رحم حركة الاختيار الإسلامي التي تأسست في بداية الربع الأخير من القرن الماضي.
فبعد تجربة التمرد والثورة مع حركة الشبيبة الإسلامية واغتيال الزعيم اليساري عمر بن جلون بدأ التحول في مسار المعتصم نحو الإيمان بجدوى السياسة والتربية فتأسست حركة "الاختيار الإسلامي" في أكتوبر 1981 قبل أن تتضح الرؤية الفكرية ويؤسس في 1995 جمعية البديل الحضاري. بعد أكثر من سبع سنوات، اضطر المعتصم ورفاقه إلى خوض إضرابات واحتجاجات طويلة من أجل انتزاع وصل الاعتراف القانوني بالجمعية كحزب سياسي وهو ما تم له في 2005.
لم يهنأ المعتصم طويلا بوصل الاعتراف ففي فبراير من العام الماضي اعتقل ضمن ما عرف ب"خلية بليرج". كان من بين المعتقلين ضمن هذه الخلية رفيقه في تأسيس "حركة الاختيار الإسلامي" محمد المرواني. عكس المعتصم، لم ينجح المرواني في انتزاع وصل الاعتراف بحزب الأمة. وجاء موعد اعتقاله تزامنا منع احتجاجات مع مناضلي الحركة وتحديها لوزارة الداخلية . سعى محمد المرواني إلى الخروج من رحم الحركة الإسلامية إلى السياسة العلنية فحول "الحركة من أجل الأمة" إلى "حزب الأمة" وكان هذا مستنده أمام المحكمة، إذ اعتبر "أنها مجرد تصفية لحسابات سياسية" بسبب إصرار الحزب على انتزاع الاعتراف القانوني.
في 1980 التقى محمد الأمين الركالة بمصطفى المعتصم كان الناطق الرسمي باسم حزب البديل الحضاري وعنصرا مؤسسا للاختيار الإسلامي. "وقتها كنت مناضلا في "أ و ط م" متعاطفا مع فصيل طلابي من اليسار" هكذا وضع الدكتور الأمين الركالة السياق التاريخي لانخراطه السياسي. وطوال سنوات كان أحد منظري فكر الحركة قبل أن يبلور في 1993 مشروع ميثاق سياسي قوامه الإجماع والاختلاف المشروع والنضال المشترك. لقد كانت مساهمات الركالة النظرية وراء فكرة تحويل جمعية البديل الحضاري إلى حزب سياسي.
مثل باقي رفاقه، لم يصدق المقربون من ماء العينين العبادلة العضو القيادي بحزب العدالة والتنمية خبر اعتقاله ضمن خلية بليرج وطرحوا السؤال: هل أصبح الشاب المسالم الوديع و"الفاضل" إرهابيا؟. كانت فترة الدراسة في بلجيكا بكلية الصيدلة هي التي دفعته إلى تعميق فكره الديني باعتباره أحد أعضاء حركة الاختيار. تركت الفترة التي أمضاها في صفوف الحركة من أجل الأمة أثرا بالغا في نفسه، بسبب الاختلاف حول بعض المبادئ، حينها قرر تركها، والبحث عن بديل يتوافق مع ما يؤمن به من أفكار، فكان التحاقه بحزب العدالة والتنمية، الذي تولى به رئيس لجنة الوحدة الترابية والصحراء المغربية، باعتباره من أبناء المنطقة.
كان آخر الملتحقين بتنظيم الاختيار الإسلامي هو مراسل قناة المنار اللبنانية عبد الحفيظ السريتي يروي في مرافعته أمام المحكمة أنه تعرف على هذا الإطار في 1987 في خضم نشاطه الطلابي بالجامعة. كانت أهم مساهماته ضمن هذه الحركة طرح مشروع ميثاق طلابي يفرض عدم اللجوء إلى العنف بكل أشكاله المادية أو المعنوية. لقد توقفت تحقيقات الشرطة طويلا بمحمد الأمين الركالة وحضره عبد القادر بليرج، غير أن مراسل قناة المنار يذكر المحكمة بأنه كان يوما دراسيا حول "الحزب والمسألة السياسية".
من الحركة إلى الحزب، هاجر المدانون الخمسة في ملف بليرج من الإيمان بالعمل المسلح والثوري إلى الاقتناع بجدوى العمل الحزبي القانوني. وما كاد هؤلاء ينتزعون الاعتراف ب"توبتهم" حتى دخلوا رحلة جديدة قد تدوم لعقود، لكن هذه المرة وراء أسوار السجن.
الأحداث المغربية
العدد 3796 ، 29/07/2009
رشيد عفيف
"أموت وأسجن ويحيا الوطن، وغدا سيذكر التاريخ من كان الإرهابي الحقيقي". كانت الكلمة الأخيرة لمصطفى المعتصم أمام هيئة المحكمة الابتدائية أول أمس الإثنين بسلا عنوانا لمسار الانتقال من العمل السري والثوري إلى العمل السياسي الحزبي. مثل أربعة من رفاقه الخمسة السياسيين المعتقلين في ملف بليرج، خرج أمين عام حزب البديل الحضاري من رحم حركة الاختيار الإسلامي التي تأسست في بداية الربع الأخير من القرن الماضي.
فبعد تجربة التمرد والثورة مع حركة الشبيبة الإسلامية واغتيال الزعيم اليساري عمر بن جلون بدأ التحول في مسار المعتصم نحو الإيمان بجدوى السياسة والتربية فتأسست حركة "الاختيار الإسلامي" في أكتوبر 1981 قبل أن تتضح الرؤية الفكرية ويؤسس في 1995 جمعية البديل الحضاري. بعد أكثر من سبع سنوات، اضطر المعتصم ورفاقه إلى خوض إضرابات واحتجاجات طويلة من أجل انتزاع وصل الاعتراف القانوني بالجمعية كحزب سياسي وهو ما تم له في 2005.
لم يهنأ المعتصم طويلا بوصل الاعتراف ففي فبراير من العام الماضي اعتقل ضمن ما عرف ب"خلية بليرج". كان من بين المعتقلين ضمن هذه الخلية رفيقه في تأسيس "حركة الاختيار الإسلامي" محمد المرواني. عكس المعتصم، لم ينجح المرواني في انتزاع وصل الاعتراف بحزب الأمة. وجاء موعد اعتقاله تزامنا منع احتجاجات مع مناضلي الحركة وتحديها لوزارة الداخلية . سعى محمد المرواني إلى الخروج من رحم الحركة الإسلامية إلى السياسة العلنية فحول "الحركة من أجل الأمة" إلى "حزب الأمة" وكان هذا مستنده أمام المحكمة، إذ اعتبر "أنها مجرد تصفية لحسابات سياسية" بسبب إصرار الحزب على انتزاع الاعتراف القانوني.
في 1980 التقى محمد الأمين الركالة بمصطفى المعتصم كان الناطق الرسمي باسم حزب البديل الحضاري وعنصرا مؤسسا للاختيار الإسلامي. "وقتها كنت مناضلا في "أ و ط م" متعاطفا مع فصيل طلابي من اليسار" هكذا وضع الدكتور الأمين الركالة السياق التاريخي لانخراطه السياسي. وطوال سنوات كان أحد منظري فكر الحركة قبل أن يبلور في 1993 مشروع ميثاق سياسي قوامه الإجماع والاختلاف المشروع والنضال المشترك. لقد كانت مساهمات الركالة النظرية وراء فكرة تحويل جمعية البديل الحضاري إلى حزب سياسي.
مثل باقي رفاقه، لم يصدق المقربون من ماء العينين العبادلة العضو القيادي بحزب العدالة والتنمية خبر اعتقاله ضمن خلية بليرج وطرحوا السؤال: هل أصبح الشاب المسالم الوديع و"الفاضل" إرهابيا؟. كانت فترة الدراسة في بلجيكا بكلية الصيدلة هي التي دفعته إلى تعميق فكره الديني باعتباره أحد أعضاء حركة الاختيار. تركت الفترة التي أمضاها في صفوف الحركة من أجل الأمة أثرا بالغا في نفسه، بسبب الاختلاف حول بعض المبادئ، حينها قرر تركها، والبحث عن بديل يتوافق مع ما يؤمن به من أفكار، فكان التحاقه بحزب العدالة والتنمية، الذي تولى به رئيس لجنة الوحدة الترابية والصحراء المغربية، باعتباره من أبناء المنطقة.
كان آخر الملتحقين بتنظيم الاختيار الإسلامي هو مراسل قناة المنار اللبنانية عبد الحفيظ السريتي يروي في مرافعته أمام المحكمة أنه تعرف على هذا الإطار في 1987 في خضم نشاطه الطلابي بالجامعة. كانت أهم مساهماته ضمن هذه الحركة طرح مشروع ميثاق طلابي يفرض عدم اللجوء إلى العنف بكل أشكاله المادية أو المعنوية. لقد توقفت تحقيقات الشرطة طويلا بمحمد الأمين الركالة وحضره عبد القادر بليرج، غير أن مراسل قناة المنار يذكر المحكمة بأنه كان يوما دراسيا حول "الحزب والمسألة السياسية".
من الحركة إلى الحزب، هاجر المدانون الخمسة في ملف بليرج من الإيمان بالعمل المسلح والثوري إلى الاقتناع بجدوى العمل الحزبي القانوني. وما كاد هؤلاء ينتزعون الاعتراف ب"توبتهم" حتى دخلوا رحلة جديدة قد تدوم لعقود، لكن هذه المرة وراء أسوار السجن.
الأحداث المغربية
العدد 3796 ، 29/07/2009
الياس خوري : المقال الأخير
على الأقل
المقال الأخير
فلأبدأ من الآخر، مثلما نقول.
هذا المقال هو المقال الأخير الذي اكتبه في هذا المكان.
التجارب تنتهي، وهذه التجربة انتهت. وانا اغادرها بلا حزن ولا مرارة، اغادرها لأنها انتهت، ولم يعد مكاني هنا.
المكان لا يريدني، وعلاقتي به صارت ملتبسة من زمان. يجب ان نضع نقطة الخاتمة بلا حزن، او رثاء.
لا شيء ارثيه، ما اريد كتابته كتبته، كما اريد، وسأستمر في ذلك، حيث اريد، وكما اشاء.
الكاتب لا يحتاج الى مكان، الأمكنة تحتاج الى كتاّب، اما الكاتب فمكانه كلماته، وارضه مواقفه، ومستقبله حلمه.
هكذا علّمنا المتنبي، الذي منه نستوحي. فشاعر العرب لم يستغن عن الأمكنة فقط، بل استغنى، ولو في شكل رمزي، عن الأوطان ايضا:
"غنيٌّ عن الاوطان لا يستفزني/ الى وطنٍ سافرتُ عنه إيابُ"
هذه الزاوية التي اخترتُ لها اسم "على الأقل"، ستختفي من هنا، كما اختفت زوايا كثيرة واسماء كثيرة.
لكنني لا اغادر مديراً ظهري لأحد، فالكتابة أهم من الشكليات التي، سواء احترمت ام لم تحترم، تبقى هامشية وقد اقول تافهة.
الكتابة موقف وليست مهنة، ولم يخطر في بالي مرة عرضها للبيع، لأنها لا تُباع ولا تُشترى. ما يباع ويشترى ليس كتابة ولا ادبا، انه سفاهة لا تفيد في شيء.
لكن في اللحظة التي اغادر فيها هذا المكان، لا استطيع سوى ان اتوقف، طالبا من القارئ الكريم اعطائي فسحة صغيرة للتعبير عن شعوري تجاه مسألتين:
المسألة الأولى هي اعترافي بأن فسحة الحرية التي صنعها "الملحق"، كانت بلا حدود. والفضل في ذلك لا يعود فحسب الى التقاليد الليبيرالية في "النهار"، التي نأمل ان تستمر، ولا الى دفاعي عن استقلالية الكتابة، وعدم استعدادي للمساومة على حرية الكلمة وشرفها فقط، بل يعود ايضاً الى دور غسان تويني شخصيا، فهذا الرجل ادهشني دائما بإيمانه المطلق بالحرية، وكان نموذجا للفكر المستنير والرؤية الديموقراطية، وهما صفتان نبيلتان صارتا نادرتين، للأسف الشديد، في زمن الانحطاط الذي يعيشه لبنان والعرب.
لهذا الرجل مكانة لا تتزحزح في ضمائرنا وذاكرتنا، وله كل الحب والتقدير والأمنيات.
المسألة الثانية تتعلق برفيقي واخي سمير قصير، الذي كان لقائي به في "النهار"، ذروة صداقة ابتدأت بفلسطين، وانتهت بزيتونة جليلية مباركة زرعناها في المكان الذي سال فيه دمه على ايدي اعداء حرية لبنان وديموقراطية سوريا وتحرير فلسطين.
صار هذا المكان ارض لقائي اليومي به. من مكتبي الصغير اطلّ على مكتبه، فأراه كل يوم ضاحكا لحياة احبها لكنها خانته، حين جعل القاتل من دمه ثمنا لحبر قلمه.
هذا المكان صار بالنسبة اليَّ حديقة حية لشهداء الصحافة والحرية، الذين كان قتلهم اغتيالاً محاولة لقتل المدينة وجزءا من الحرب المفتوحة للإجهاز على فكرتي لبنان والعروبة.
لرفيقي واخي الصغير، اقول انني احاول ان احمل امانة دمه، ودماء رفاقنا من شهداء الحرية في لبنان وفلسطين، حيث اكون.
واخيرا اريد ان اشكر جميع زملائي الذين تحملوا معي اعباء هذا العمل خلال سبعة عشر عاما، الشاعر الراحل بسّام حجار والسينمائي محمد سويد والشاعر والكاتب بلال خبيز، واخيرا وليس آخرا الشاعر عقل العويط.
كما لا استطيع ان انسى صورة استاذ علم النفس رالف رزق الله، الذي جعل من هذا "الملحق"، مكانا خصبا لقراءة نفسية للتجربة اللبنانية المريرة، وكان انتحاره المأسوي، علامة يأس مبكرة من المكان البيروتي الذي ضاق بنا.
هؤلاء صنعوا "الملحق"، في نسخته الجديدة ابتداء من عام 1992، لهم الشكر والمحبة والعرفان.
كما اتوجه بالشكر الى الأصدقاء الكتاب والشعراء والفنانين الذين ساهموا في هذه التجربة في مراحلها المختلفة، وكتبوا وضحّوا، وعملوا في شروط مادية لا يمكن تشبيهها بسوى العمل التطوعي، كي يبقى لبيروت صوت حريتها، وللكتابة شرف رسالتها.
اما انا، فليس لي سوى ان ابقى وفياً للكلمة التي كانت وستبقى المعنى الوحيد لحياة كل ما فيها باطل وقبض ريح.
كانت علاقتي بمهنة الصحافة ملتبسة منذ البداية، وستبقى كذلك. فالروائي يرى في الكتابة الصحافية نافذة على المعرفة التفصيلية، والمثقف يعتبرها منبرا لتحدي الضمير والموقف. وانا العامل في هذا الحقل منذ اعوام لا تحصى، اعتبرت نفسي دائما غريباً عن عوالم السلطة والمال، التي تجد الصحافة نفسها جزءا منها، وكانت غربتي هذه جزءا من رؤيتي لنفسي وللآخرين.
هذا الالتباس هو النكهة التي جعلت من الكتّاب صحافيين، واعطت الصحافة اللبنانية منذ تأسيسها بعدا نهضويا، لا تستطيع التخلي عنه، والا فقدت مبرر وجودها.
جئت الى هذا المكان من طريق مصادفة غريبة، اذ لم يدر في ذهني يوما، انا الآتي من خطاب ثقافي يساري، ومن تجربة فلسطينية- لبنانية خاصة وغنية، ان اجد لنفسي فسحة هنا. وكانت هذه الفسحة ارضا للحرية، على الرغم من بعض التوترات الصغيرة، التي لا يخلو منها اي عمل.
لا اريد لمغادرتي ان تتخذ طعم المرارة، او ان يصادرها تصرف لم يراع، من حيث الشكل على الأقل، المكانة التي صنعتها كلماتنا للمنبر الذي كتبنا فيه طويلا.
الكاتب يصنع المكان، فالأمكنة تمشي وراءنا. واذا كان من شعور بالمهانة لاسباب كثيرة، فالمهانة ليست مهانتنا. نحن ابناء الكلمة، والكلمة تعرف اننا لا نخونها.
نمضي ولا ننظر الى الوراء، نصنع حياتنا كل يوم من جديد. ونعرف ان امكنتنا تصنعها خطواتنا.
الياس خوري
المقال الأخير
فلأبدأ من الآخر، مثلما نقول.
هذا المقال هو المقال الأخير الذي اكتبه في هذا المكان.
التجارب تنتهي، وهذه التجربة انتهت. وانا اغادرها بلا حزن ولا مرارة، اغادرها لأنها انتهت، ولم يعد مكاني هنا.
المكان لا يريدني، وعلاقتي به صارت ملتبسة من زمان. يجب ان نضع نقطة الخاتمة بلا حزن، او رثاء.
لا شيء ارثيه، ما اريد كتابته كتبته، كما اريد، وسأستمر في ذلك، حيث اريد، وكما اشاء.
الكاتب لا يحتاج الى مكان، الأمكنة تحتاج الى كتاّب، اما الكاتب فمكانه كلماته، وارضه مواقفه، ومستقبله حلمه.
هكذا علّمنا المتنبي، الذي منه نستوحي. فشاعر العرب لم يستغن عن الأمكنة فقط، بل استغنى، ولو في شكل رمزي، عن الأوطان ايضا:
"غنيٌّ عن الاوطان لا يستفزني/ الى وطنٍ سافرتُ عنه إيابُ"
هذه الزاوية التي اخترتُ لها اسم "على الأقل"، ستختفي من هنا، كما اختفت زوايا كثيرة واسماء كثيرة.
لكنني لا اغادر مديراً ظهري لأحد، فالكتابة أهم من الشكليات التي، سواء احترمت ام لم تحترم، تبقى هامشية وقد اقول تافهة.
الكتابة موقف وليست مهنة، ولم يخطر في بالي مرة عرضها للبيع، لأنها لا تُباع ولا تُشترى. ما يباع ويشترى ليس كتابة ولا ادبا، انه سفاهة لا تفيد في شيء.
لكن في اللحظة التي اغادر فيها هذا المكان، لا استطيع سوى ان اتوقف، طالبا من القارئ الكريم اعطائي فسحة صغيرة للتعبير عن شعوري تجاه مسألتين:
المسألة الأولى هي اعترافي بأن فسحة الحرية التي صنعها "الملحق"، كانت بلا حدود. والفضل في ذلك لا يعود فحسب الى التقاليد الليبيرالية في "النهار"، التي نأمل ان تستمر، ولا الى دفاعي عن استقلالية الكتابة، وعدم استعدادي للمساومة على حرية الكلمة وشرفها فقط، بل يعود ايضاً الى دور غسان تويني شخصيا، فهذا الرجل ادهشني دائما بإيمانه المطلق بالحرية، وكان نموذجا للفكر المستنير والرؤية الديموقراطية، وهما صفتان نبيلتان صارتا نادرتين، للأسف الشديد، في زمن الانحطاط الذي يعيشه لبنان والعرب.
لهذا الرجل مكانة لا تتزحزح في ضمائرنا وذاكرتنا، وله كل الحب والتقدير والأمنيات.
المسألة الثانية تتعلق برفيقي واخي سمير قصير، الذي كان لقائي به في "النهار"، ذروة صداقة ابتدأت بفلسطين، وانتهت بزيتونة جليلية مباركة زرعناها في المكان الذي سال فيه دمه على ايدي اعداء حرية لبنان وديموقراطية سوريا وتحرير فلسطين.
صار هذا المكان ارض لقائي اليومي به. من مكتبي الصغير اطلّ على مكتبه، فأراه كل يوم ضاحكا لحياة احبها لكنها خانته، حين جعل القاتل من دمه ثمنا لحبر قلمه.
هذا المكان صار بالنسبة اليَّ حديقة حية لشهداء الصحافة والحرية، الذين كان قتلهم اغتيالاً محاولة لقتل المدينة وجزءا من الحرب المفتوحة للإجهاز على فكرتي لبنان والعروبة.
لرفيقي واخي الصغير، اقول انني احاول ان احمل امانة دمه، ودماء رفاقنا من شهداء الحرية في لبنان وفلسطين، حيث اكون.
واخيرا اريد ان اشكر جميع زملائي الذين تحملوا معي اعباء هذا العمل خلال سبعة عشر عاما، الشاعر الراحل بسّام حجار والسينمائي محمد سويد والشاعر والكاتب بلال خبيز، واخيرا وليس آخرا الشاعر عقل العويط.
كما لا استطيع ان انسى صورة استاذ علم النفس رالف رزق الله، الذي جعل من هذا "الملحق"، مكانا خصبا لقراءة نفسية للتجربة اللبنانية المريرة، وكان انتحاره المأسوي، علامة يأس مبكرة من المكان البيروتي الذي ضاق بنا.
هؤلاء صنعوا "الملحق"، في نسخته الجديدة ابتداء من عام 1992، لهم الشكر والمحبة والعرفان.
كما اتوجه بالشكر الى الأصدقاء الكتاب والشعراء والفنانين الذين ساهموا في هذه التجربة في مراحلها المختلفة، وكتبوا وضحّوا، وعملوا في شروط مادية لا يمكن تشبيهها بسوى العمل التطوعي، كي يبقى لبيروت صوت حريتها، وللكتابة شرف رسالتها.
اما انا، فليس لي سوى ان ابقى وفياً للكلمة التي كانت وستبقى المعنى الوحيد لحياة كل ما فيها باطل وقبض ريح.
كانت علاقتي بمهنة الصحافة ملتبسة منذ البداية، وستبقى كذلك. فالروائي يرى في الكتابة الصحافية نافذة على المعرفة التفصيلية، والمثقف يعتبرها منبرا لتحدي الضمير والموقف. وانا العامل في هذا الحقل منذ اعوام لا تحصى، اعتبرت نفسي دائما غريباً عن عوالم السلطة والمال، التي تجد الصحافة نفسها جزءا منها، وكانت غربتي هذه جزءا من رؤيتي لنفسي وللآخرين.
هذا الالتباس هو النكهة التي جعلت من الكتّاب صحافيين، واعطت الصحافة اللبنانية منذ تأسيسها بعدا نهضويا، لا تستطيع التخلي عنه، والا فقدت مبرر وجودها.
جئت الى هذا المكان من طريق مصادفة غريبة، اذ لم يدر في ذهني يوما، انا الآتي من خطاب ثقافي يساري، ومن تجربة فلسطينية- لبنانية خاصة وغنية، ان اجد لنفسي فسحة هنا. وكانت هذه الفسحة ارضا للحرية، على الرغم من بعض التوترات الصغيرة، التي لا يخلو منها اي عمل.
لا اريد لمغادرتي ان تتخذ طعم المرارة، او ان يصادرها تصرف لم يراع، من حيث الشكل على الأقل، المكانة التي صنعتها كلماتنا للمنبر الذي كتبنا فيه طويلا.
الكاتب يصنع المكان، فالأمكنة تمشي وراءنا. واذا كان من شعور بالمهانة لاسباب كثيرة، فالمهانة ليست مهانتنا. نحن ابناء الكلمة، والكلمة تعرف اننا لا نخونها.
نمضي ولا ننظر الى الوراء، نصنع حياتنا كل يوم من جديد. ونعرف ان امكنتنا تصنعها خطواتنا.
الياس خوري
رسالة سحر بعاصيري الى زملائها وزميلاتها في النهار
الزملاء والزميلات
بداية، أريد أن أؤكد ان قرار الادارة الجديدة لـ "النهار" انهاء عقد عملي لن يغيّرمن كون "النهار" التي عشتها نحو 30 عاما ستبقى جزءًا من عقلي وقلبي وضميري. هي المدرسة التي تعلّمت فيها أصول المهنة وأخلاقها. هي مساحة الحرية والإنفتاح التي تربيّت عليها وكبرت فيها. هي "نهار" غسان تويني ورفاقه الكبار التي اعطتني الكثير وأغنتني والتي، بتواضع اقول، انني أيضاً أعطيتها وأغنيتها في أكثر من زاوية.
لا أكتب اليوم انتقاصاً من حق "النهار" في إعادة هيكلة وضعها بالشكل الذي يناسبها بما في ذلك الإستغناء عن خدمات من ترى انه بات يشكل عبئا اقتصادياً (او حتى غير اقتصادي!؟) عليها، بل أكتب لاقول انه كان حرياً بهذه المؤسسة التي طالما تغنّت بحداثتها وليبيراليتها أن تبدأ، ولو وفاء لصورتها، إعادة الهيكلة عن غير طريق الصرف الجماعي والتعسّفي.
كان يمكنها مثلا إعادة التفاوض مع من تعتبرهم أصحاب رواتب مرتفعة على تخفيض رواتبهم.
اوكان يمكنها الطلب الى المحررين والموظفين التي ترغب في إنهاء خدماتهم ان يتقدموا باستقالاتهم طوعا مقابل تعويضات مناسبة.
هذا ما فعلته مؤسسات اعلامية في السابق وهذا ما بات نمطا سائدا اليوم في المؤسسات الحريصة على سمعتها.
بل كان يمكنها، وقد اتخذت قرارها بالصرف، ولو التعسفي، أن تقرنه بقليل من الوفاء، كأن تنوّه علناً بما قدّمه المصروفون الى "النهار" على اختلاف مواقعهم المهنية.
لكنها لم تفعل. وبذلك انتقصت من كرامة المعنيين واستخفّت بماضيهم ومهنيّتهم، غير مدركة انها في الوقت نفسه تنكر على نفسها جزءًا من تاريخها وماضيها.
هذه "النهار" لم تعد تشبهني او أشبهها.
اما فيما يتعلق بي شخصياً، فما أسمعه من كلام لتبرير قرار صرفي، فيه من التشويه والمبالغة ما يكفي لانتفاء صدقيته. وهذا يعفيني من الحاجة الى اي رد او توضيح. فما يهمني الان هو طي هذه الصفحة من دون تشويه صورة "النهار" التي عشت وأحببت. "نهار" الكلمة الصادقة والقيَم. "نهار" الكلمة الحرة ومن استشهد دفاعاً عنها، "نهار" سمير قصير وجبران تويني.
ذه "النهار" افتقدها وسيفتقدها كثيرون غيري. لكن، ذكراها ستبقى معي وانا أتابع حياتي المهنية في مجالات جديدة وفي رحاب أوسع.
سحر بعاصيري
6 تشرين الاول 2009
بداية، أريد أن أؤكد ان قرار الادارة الجديدة لـ "النهار" انهاء عقد عملي لن يغيّرمن كون "النهار" التي عشتها نحو 30 عاما ستبقى جزءًا من عقلي وقلبي وضميري. هي المدرسة التي تعلّمت فيها أصول المهنة وأخلاقها. هي مساحة الحرية والإنفتاح التي تربيّت عليها وكبرت فيها. هي "نهار" غسان تويني ورفاقه الكبار التي اعطتني الكثير وأغنتني والتي، بتواضع اقول، انني أيضاً أعطيتها وأغنيتها في أكثر من زاوية.
لا أكتب اليوم انتقاصاً من حق "النهار" في إعادة هيكلة وضعها بالشكل الذي يناسبها بما في ذلك الإستغناء عن خدمات من ترى انه بات يشكل عبئا اقتصادياً (او حتى غير اقتصادي!؟) عليها، بل أكتب لاقول انه كان حرياً بهذه المؤسسة التي طالما تغنّت بحداثتها وليبيراليتها أن تبدأ، ولو وفاء لصورتها، إعادة الهيكلة عن غير طريق الصرف الجماعي والتعسّفي.
كان يمكنها مثلا إعادة التفاوض مع من تعتبرهم أصحاب رواتب مرتفعة على تخفيض رواتبهم.
اوكان يمكنها الطلب الى المحررين والموظفين التي ترغب في إنهاء خدماتهم ان يتقدموا باستقالاتهم طوعا مقابل تعويضات مناسبة.
هذا ما فعلته مؤسسات اعلامية في السابق وهذا ما بات نمطا سائدا اليوم في المؤسسات الحريصة على سمعتها.
بل كان يمكنها، وقد اتخذت قرارها بالصرف، ولو التعسفي، أن تقرنه بقليل من الوفاء، كأن تنوّه علناً بما قدّمه المصروفون الى "النهار" على اختلاف مواقعهم المهنية.
لكنها لم تفعل. وبذلك انتقصت من كرامة المعنيين واستخفّت بماضيهم ومهنيّتهم، غير مدركة انها في الوقت نفسه تنكر على نفسها جزءًا من تاريخها وماضيها.
هذه "النهار" لم تعد تشبهني او أشبهها.
اما فيما يتعلق بي شخصياً، فما أسمعه من كلام لتبرير قرار صرفي، فيه من التشويه والمبالغة ما يكفي لانتفاء صدقيته. وهذا يعفيني من الحاجة الى اي رد او توضيح. فما يهمني الان هو طي هذه الصفحة من دون تشويه صورة "النهار" التي عشت وأحببت. "نهار" الكلمة الصادقة والقيَم. "نهار" الكلمة الحرة ومن استشهد دفاعاً عنها، "نهار" سمير قصير وجبران تويني.
ذه "النهار" افتقدها وسيفتقدها كثيرون غيري. لكن، ذكراها ستبقى معي وانا أتابع حياتي المهنية في مجالات جديدة وفي رحاب أوسع.
سحر بعاصيري
6 تشرين الاول 2009
بيان المثقفين اللبنانيين حول صرف عدد كبير من الصحفيين
(9/10/09)-سكايز- بيروت
أصدر عدد من الصحافيين والكتاب والفنانين والمثقفين في بيروت بياناً اليوم الجمعة 9 تشرين الأول/سبتمبر، تناولوا فيه موجة صرف الصحافيين والموظفين من العديد من الوسائل الاعلامية اللبنانية.
وجاء في البيان الذي حمل نحو 70 توقيعاً:
"بعد توالي عمليات الصرف الجماعي غير الخاضع لمعايير مهنية ثابتة التي باشرتها صحيفة "النهار" ولحقها تلفزيون "ام. تي. في" ثم محطة "ال. بي. سي"، يبدو أن الحبل على الجرار...
إن ما يحصل يعدّ سابقة إذا لم يتم تداركها فإنها قد تصبح نهجاً يهدد الجسم الصحافي والإعلامي وينال من استقلالية عامليه. لذا فإننا كصحافيين وإعلاميين وكتاب ومثقفين، ووسط حال التجاهل والتعامل غير اللائق وغير المهني سواء من قبل مؤسسات صحفية عريقة أو من قبل نقابتي المحررين والصحافة وحتى من قبل وسائل إعلام وصحف تعاملت باستخفاف مع القضية، نعلن الآتي:
· من حق أي مؤسسة صحفية أو وسيلة إعلامية أن تعيد النظر في موازنتها وتتعامل بواقعية مع أزماتها المالية. لكن من غير المقبول أن يتم صرف صحافيين وموظفين أمضى بعضهم أكثر من عقدين في المهنة وخاض معارك حريات سياسية وثقافية شرسة كان يمكن أن يذهب ضحية التمسك بها، من دون اعتماد معايير دقيقة ومعلنة لكيفية الصرف وإعلانها بوضوح للعاملين في المؤسسة.
· في حال تقرر صرف صحافيين وعاملين ينبغي التعامل مع المصروفين على نحو لا يحفظ حقوقهم المالية فحسب، بل والأهم كراماتهم وحقوقهم المعنوية وقيمتهم المهنية، فلا يتم التبليغ بالصرف عبر ساعي بريد أو عبر الصحف أو اللجوء الى التهويل بصرف مجموعات جديدة.
· لا يخفى أن مكان العمل يصبح بيتاً ثانياً إن لم يكن أولاً للعاملين فيه. وبالتالي فإن الحدّ الأدنى المقبول اليوم هو الاعتذار من المصروفين الذين تم التعامل معهم وكأنهم غرباء أو غير مرغوب فيهم، ولم تراع أبسط معايير التعامل الانساني في آليات صرفهم.
· الكف عن بث شائعات وأخبار غير صحيحة تطال المصروفين، لأن ذلك لا يسيء إليهم بقدر ما يسيء إلى المؤسسات نفسها.
إننا وبصدق ندعو إلى مراجعة الخطوات التي اتخذت منحى خطيرا في الأيام الأخيرة والتفكير جدياً في مضاعفاتهاعلى قطاع الصحافة والإعلام الذي يعاني تحديات مصيرية.
إن بياننا وبقدر ما هو دفاع عن حقوق الصحافيين والعاملين في الصحف ووسائل الإعلام هو دفاع عن المؤسسات الإعلامية والصحافية نفسها التي لبعضها سجل حافل في الدفاع عن الحريات، وبالتالي فإن تاريخ تلك المؤسسات ليس ملكاً لها وحدها بل هو قيمة لا يملك أحد حقّ التفريط بها".
ووقّع على البيان كلّ من:
1- أحمد بيضون كاتب
2- أحمد بزون كاتب وصحافي
3- أحمد قعبور فنان
4- انطوان عبدو استاذ فلسفة
5- ايمان شمص شقير صحافية واستاذة جامعية
6- اميل منعم فنان
7- ايمن أبو شقرا صحافي
8- ألين موراني أكاديمية وصحافية
9- بسام طيارة صحافي
10- بسام القنطار صحافي
11- بشير هلال كاتب سياسي
12- بشير البكر كاتب وشاعر
13- بول طبر استاذ جامعي وكاتب
14- جاد تابت مهندس وكاتب
15- جيزيل خوري اعلامية
16- جهاد بزي صحافي
17- حسام عيتاني صحافي
18- حسن فحص صحافي
19- حسين عبد الحسين صحافي
20- حسن الشامي كاتب سياسي
21- حازم صاغية كاتب
22- حازم الأمين صحافي
23- خالد صبيح موسيقي وصحافي
24- ربى كبّارة صحافية
25- رولان طنب استاذ جامعي وطبيب
26- ريما عواد صحافية وناشطة حقوقية
27- زياد ماجد باحث وكاتب سياسي
28- ساطع نور الدين صحافي وكاتب سياسي
29- سمير عبد الملك محامي
30- سحر مندور صحافية
31- سعد كيوان صحافي
32- سعود المولى استاذ جامعي وكاتب
33- سليم ياسين صحافي
34- دنيز عطاالله صحافية
35- ديانا مقلّد صحافية
36- عبد الله زخيا محام
37- عباس بيضون كاتب وشاعر
38- علي الأمين صحافي
39- عمر حرقوص صحافي
40- عناية جابر كاتبة
41- فادي توفيق صحافي
42- فؤاد نعيم مدير اذاعة الشرق-باريس
43- قاسم قصير مدير مسؤول "شؤون جنوبية"
44- كارمن أبو جودة صحافية
45- كمال طربيه صحافي
46- محمد سويد كاتب وناقد
47- ماهر جرّار استاذ جامعي
48- مالك مروّة إعلامي
49- ملحم رياشي اعلامي
50- محمد بلوط صحافي
51- محمود حرب صحافي
52- مي شدياق إعلامية
53- مي اليان صحافية
54- ميشال حجي جورجيو صحافي
55- ميمي عبدو استاذة أدب فرنسي
56- مرسيل خليفة فنان
57- مائلة بخاش باحثة وناشطة اجتماعية
58- مايسة عواد صحافية
59- منى فياض أكاديمية وكاتبة
60- منال أبو عبس صحافية
61- نديم جرجورة كاتب وناقد
62- نجيب خزاقة صحافي
63- نجوى بركات روائيّة
64- نزيه بريدي اعلامي
65- نزيه درويش كاتب سياسي
66- رشا الاطرش صحافية
67- رندة الأسمر ممثّلة
68- كارول غلام صحافية
69- هلا كوثراني كاتبة
70- هلال شومان صحافي
71- يحيى جابر صحافي وشاعر
72- يوسف بزّي صحافي وكاتب سياسي
أصدر عدد من الصحافيين والكتاب والفنانين والمثقفين في بيروت بياناً اليوم الجمعة 9 تشرين الأول/سبتمبر، تناولوا فيه موجة صرف الصحافيين والموظفين من العديد من الوسائل الاعلامية اللبنانية.
وجاء في البيان الذي حمل نحو 70 توقيعاً:
"بعد توالي عمليات الصرف الجماعي غير الخاضع لمعايير مهنية ثابتة التي باشرتها صحيفة "النهار" ولحقها تلفزيون "ام. تي. في" ثم محطة "ال. بي. سي"، يبدو أن الحبل على الجرار...
إن ما يحصل يعدّ سابقة إذا لم يتم تداركها فإنها قد تصبح نهجاً يهدد الجسم الصحافي والإعلامي وينال من استقلالية عامليه. لذا فإننا كصحافيين وإعلاميين وكتاب ومثقفين، ووسط حال التجاهل والتعامل غير اللائق وغير المهني سواء من قبل مؤسسات صحفية عريقة أو من قبل نقابتي المحررين والصحافة وحتى من قبل وسائل إعلام وصحف تعاملت باستخفاف مع القضية، نعلن الآتي:
· من حق أي مؤسسة صحفية أو وسيلة إعلامية أن تعيد النظر في موازنتها وتتعامل بواقعية مع أزماتها المالية. لكن من غير المقبول أن يتم صرف صحافيين وموظفين أمضى بعضهم أكثر من عقدين في المهنة وخاض معارك حريات سياسية وثقافية شرسة كان يمكن أن يذهب ضحية التمسك بها، من دون اعتماد معايير دقيقة ومعلنة لكيفية الصرف وإعلانها بوضوح للعاملين في المؤسسة.
· في حال تقرر صرف صحافيين وعاملين ينبغي التعامل مع المصروفين على نحو لا يحفظ حقوقهم المالية فحسب، بل والأهم كراماتهم وحقوقهم المعنوية وقيمتهم المهنية، فلا يتم التبليغ بالصرف عبر ساعي بريد أو عبر الصحف أو اللجوء الى التهويل بصرف مجموعات جديدة.
· لا يخفى أن مكان العمل يصبح بيتاً ثانياً إن لم يكن أولاً للعاملين فيه. وبالتالي فإن الحدّ الأدنى المقبول اليوم هو الاعتذار من المصروفين الذين تم التعامل معهم وكأنهم غرباء أو غير مرغوب فيهم، ولم تراع أبسط معايير التعامل الانساني في آليات صرفهم.
· الكف عن بث شائعات وأخبار غير صحيحة تطال المصروفين، لأن ذلك لا يسيء إليهم بقدر ما يسيء إلى المؤسسات نفسها.
إننا وبصدق ندعو إلى مراجعة الخطوات التي اتخذت منحى خطيرا في الأيام الأخيرة والتفكير جدياً في مضاعفاتهاعلى قطاع الصحافة والإعلام الذي يعاني تحديات مصيرية.
إن بياننا وبقدر ما هو دفاع عن حقوق الصحافيين والعاملين في الصحف ووسائل الإعلام هو دفاع عن المؤسسات الإعلامية والصحافية نفسها التي لبعضها سجل حافل في الدفاع عن الحريات، وبالتالي فإن تاريخ تلك المؤسسات ليس ملكاً لها وحدها بل هو قيمة لا يملك أحد حقّ التفريط بها".
ووقّع على البيان كلّ من:
1- أحمد بيضون كاتب
2- أحمد بزون كاتب وصحافي
3- أحمد قعبور فنان
4- انطوان عبدو استاذ فلسفة
5- ايمان شمص شقير صحافية واستاذة جامعية
6- اميل منعم فنان
7- ايمن أبو شقرا صحافي
8- ألين موراني أكاديمية وصحافية
9- بسام طيارة صحافي
10- بسام القنطار صحافي
11- بشير هلال كاتب سياسي
12- بشير البكر كاتب وشاعر
13- بول طبر استاذ جامعي وكاتب
14- جاد تابت مهندس وكاتب
15- جيزيل خوري اعلامية
16- جهاد بزي صحافي
17- حسام عيتاني صحافي
18- حسن فحص صحافي
19- حسين عبد الحسين صحافي
20- حسن الشامي كاتب سياسي
21- حازم صاغية كاتب
22- حازم الأمين صحافي
23- خالد صبيح موسيقي وصحافي
24- ربى كبّارة صحافية
25- رولان طنب استاذ جامعي وطبيب
26- ريما عواد صحافية وناشطة حقوقية
27- زياد ماجد باحث وكاتب سياسي
28- ساطع نور الدين صحافي وكاتب سياسي
29- سمير عبد الملك محامي
30- سحر مندور صحافية
31- سعد كيوان صحافي
32- سعود المولى استاذ جامعي وكاتب
33- سليم ياسين صحافي
34- دنيز عطاالله صحافية
35- ديانا مقلّد صحافية
36- عبد الله زخيا محام
37- عباس بيضون كاتب وشاعر
38- علي الأمين صحافي
39- عمر حرقوص صحافي
40- عناية جابر كاتبة
41- فادي توفيق صحافي
42- فؤاد نعيم مدير اذاعة الشرق-باريس
43- قاسم قصير مدير مسؤول "شؤون جنوبية"
44- كارمن أبو جودة صحافية
45- كمال طربيه صحافي
46- محمد سويد كاتب وناقد
47- ماهر جرّار استاذ جامعي
48- مالك مروّة إعلامي
49- ملحم رياشي اعلامي
50- محمد بلوط صحافي
51- محمود حرب صحافي
52- مي شدياق إعلامية
53- مي اليان صحافية
54- ميشال حجي جورجيو صحافي
55- ميمي عبدو استاذة أدب فرنسي
56- مرسيل خليفة فنان
57- مائلة بخاش باحثة وناشطة اجتماعية
58- مايسة عواد صحافية
59- منى فياض أكاديمية وكاتبة
60- منال أبو عبس صحافية
61- نديم جرجورة كاتب وناقد
62- نجيب خزاقة صحافي
63- نجوى بركات روائيّة
64- نزيه بريدي اعلامي
65- نزيه درويش كاتب سياسي
66- رشا الاطرش صحافية
67- رندة الأسمر ممثّلة
68- كارول غلام صحافية
69- هلا كوثراني كاتبة
70- هلال شومان صحافي
71- يحيى جابر صحافي وشاعر
72- يوسف بزّي صحافي وكاتب سياسي
هل تُعيد إدارة أوباما النظر في "مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط"؟
كتب رشيد خشانة – تونس : بتاريخ 10 - 10 - 2009
طوى مكتب "مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط" في تونس أخيرا، الأعوام الخمسة الأولى من وجوده. وعكس إنشاء المكتب، الذي تشمل دائرة نشاطه ثمانِ دول، بينها إسرائيل والسلطة الفلسطينية، رغبة الإدارة الأمريكية السابقة بنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط.
وأنشأت إدارة الرئيس السابق جورج بوش في السنة نفسها مكتبا إقليميا مماثلا في أبو ظبي ليغطي منطقة الخليج والأردن واليمن وتُخصّص لكل مكتب موازنة سنوية تعادل مليوني دولار، لتمويل المشاريع المحلية.
ويتساءل المراقبون المتابعون للسياسة الخارجية الأمريكية، عمّـا إذا كان الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون سيحافظان على هذا الاتجاه وربما يُعززانه، أم أنهما سيُلغيانه ويُلقيان به في صندوق أرشيف الإدارة السابقة؟
ما هي مبادرة "ميبي"؟ هي عملية سياسية تستهدف إقامة جسور مباشرة مع المنظمات الأهلية أو ما اصطُلح على تسميته بـ "المجتمع المدني"، أكان جمعيات أم أفراد، لمنحها مساعدات مالية تسهِّـل لها تحقيق برامجها، وتُوجّـه المساعدات إلى أربعة مجالات، هي الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والإصلاح التربوي وتحسين أوضاع المرأة، ولهذا الغرض أنشئ في ديسمبر 2002 مكتب خاص بالمبادرة في وزارة الخارجية، قوامه ثلاثين موظفا، على رأسهم مدير ومدير مساعد.
ثم أنشئ المكتبان الإقليميان في تونس وأبو ظبي وكُلِّـف نائب مساعد وزير الخارجية المكلَّـف بمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، بالإشراف على تلك المكاتب. وتُـفيد إحصاءات رسمية، أن الإدارة الأمريكية خصَّـصت للمبادرة 539.9 مليون دولار بين 2002 و2008.
وتم استخدام تلك الإعتمادات، لإعطاء مساعدات إلى منظمات أهلية محلية في البلدان العربية التي يُغطيها المكتب الرئيسي والمكتبان الإقليميان، وتتراوح المساعدات المُقدَّمة من المكتبيْـن بين 10 و25 ألف دولار فقط، أما المِـنح الأكبر حجما (300 ألف دولار فأكثر)، فتُعطى من مكتب واشنطن.
غير أن إعطاء المِـنح ليس الوجْـه الوحيد لمبادرة "ميبي"، فالوجه الثاني يتمثَّـل في مساعدة السفارات على تحسين أدائها في مجال "دبلوماسية الديمقراطية"، أي بلورة استراتيجيات ديمقراطية خاصة بكل بلد من بلدان المنطقة العربية. وبتعبير آخر، فإن "دبلوماسية الديمقراطية"، هي قناة اتِّـصال مع المجتمع، بالتوازي مع قناة الاتصال الرسمية مع المؤسسات الحكومية.
والملاحظ أن الأغلبية الجمهورية التي سيْـطرت على الكونغرس اعتبارا من سنة 2007، نغَّـصت حياة المُـشرفين على "ميبي" وتحفَّـظت على مشاريع تقدّموا بها أو عطّـلتها، انطلاقا من تشكيكها في جَـدْواها في المساهمة في التنمية الإقليمية.
فهل كان الديمقراطيون على حقّ أم أن الجمهوريين هم المُحقّـون؟ وإذا ثبَـت أن الإدارة الديمقراطية لم تُخطِـئ الهدف بإطلاقها تلك المبادرة، هل ستمضي فيها إدارة أوباما أم ستُعيد فيها النظر؟
إعادة نظر؟
تحاشى المسؤولون عن "ميبي" الردّ على أسئلة كتابية توجّـهت لهم بها swissinfo.ch لتقويم حصاد التجربة، لكن المدير السابق لمكتب تونس بيتر مولريان (الذي انتقل إلى العمل في منصب دبلوماسي في جنيف) تحدّث في الحفلة التي أقيمت في تونس في الذكرى الخامسة لتأسيس المكتب، فدافع عن المبادرة واعتبر أن المكتبيْـن الإقليمييْـن لعِـبا دورا إيجابيا في إعطاء دفْـع لمسار الإصلاح الديمقراطي، على رغم الصعوبات، فيما رأى المدير الجديد للمكتب شمونسيس، أن كثيرا من الأمور السابقة تحتاج إلى إعادة النظر فيها، من دون إعطاء إيضاحات أكثر.
لكن لا وجود لمؤشرات لدى الإدارة الحالية على التراجع عن تلك المبادرة. فمكتب تونس وافَـق على تمويل 51 مشروعا في العام الجاري بقيمة 2.42 مليون دولار، كما أن إدارة أوباما طلبت من الكونغرس رصْـد 86 مليون دولار للبرنامج في سنة 2010 بجميع فروعه.
وربما بسبب ما أثارته سياسة بوش الإبن في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية من مشاكل وجدل، سواء داخل الولايات المتحدة أم خارجها، ما زالت الإدارة الجديدة تبحث عن أقوَم السُّـبل للتوفيق بين مصالح الولايات المتحدة والقِـيم الكوْنية، التي تقول إنها تدافع عنها.
وكان أوباما قال في خطابه الافتتاحي لولايته الرئاسية: "ليعلم الذين يتشبّـثون بالحُـكم بواسطة الفساد والتضليل وإسكات التمرّد، أنهم على الجانب الخطأ من التاريخ"، ما يعني أنه سيمضي في سياسة نشر الديمقراطية. واقترح عليه بعض الباحثين الذين لديهم كلمة مسموعة في البيت الأبيض، إدخال لُـيونة على السياسة الأمريكية في هذا المجال، فيما أبدى آخرون الأمل بأن "تحني أمريكا قامتها قليلا، لكي تُبدِّد تدريجيا الرّبط بين تطوير الديمقراطية والحرب على العراق".
أما آخرون، فاقترحوا أن تنسحِـب الولايات المتحدة من الجبهة الأمامية لهذا الصِّـراع، لأن الديمقراطية ينبغي أن تنمُـو بدَفع من القِـوى الداخلية، وليس بزرعها من الخارج زرعا، وحتى إذا ما تحتَّـم تطويرها بدفع من قِـوى خارجية، فينبغي أن تكون هذه الأخيرة متعددة.
هذه هي الرُّؤى التي تردّدت في أوساط صُنّـاع القرار الأمريكي لدى مناقشة حصاد السنوات الخمس الأولى من تجربة "ميبي". ومن أهم النصوص التي صدرت في هذا المجال، دراسة شاملة أصدرها مركز "سابان" Saban لدراسات الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة وحرّرها كل من تامارا كوفمان ويتسTamara Cofman Wittes، الأستاذة المبرزة في هذا المركز، وهي تدير برنامجا عن الديمقراطية والتنمية في الشرق الأوسط، وأندرو ماسلوسكيAndrew Masloski ، الباحث المساعد في المركز سابقا.
وكشفت الدراسة أن جديد هذه الدبلوماسية غير التقليدية، أنها لم تكتفِ بالتوجّـه إلى الحكومات من خلال مساعدات ثنائية تتولّـى الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةUSAID الإشراف على إيصالها إلى مستحقيها. ومعنى ذلك، أن هياكل "ميبي"، سواء المكتب الرئيسي في وزارة الخارجية أم المكتبين الإقليميين في تونس وأبو ظبي، هُـما القناة الرئيسية للمساعدات الموجّـهة إلى المجتمع المدني في المنطقة العربية.
واعتمد إعطاء تلك المساعدات على معادلة، مفادها أن الحدّ من التطرّف والعُـنف ودعم التنمية المُـستدامة في الشرق الأوسط، يتطلّـبان تحرير السياسة والاقتصاد في البلدان المعنِـية، من قبْـضة الدولة، باعتبار أن جمودهما يشكِّـل مصدرا للاحتقان والغضب الشعبي، واستطرادا عدم الاستقرار الاجتماعي.
"دعم الإصلاح الديمقراطي"
وبدا أن الإدارة الأمريكية السابقة باشرت التخفيف من التركيز التقليدي على برامج المساعدات، واتجهت إلى نوعٍ جديدٍ من التّـعاطي مع النُّـخب في البلدان العربية، يندرج في إطار ما يُسمّـى بـ "دعم الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي"، عن طريق إقامة شراكات بين "ميبي" ومجموعات غير حكومية، وحتى أفراد.
وكشفت تامارا كوفمان ويتس وأندرو ماسلوسكي في دراستهما عن أربع خصائص طبعت نشاط "ميبي" في السنوات الأخيرة هي الآتية:
• الانتقال من مشاريع تركِّـز على التنمية الاقتصادية، إلى أخرى تضع الإصلاح السياسي في الصدارة.
• تراجع مُـضطرد للبرامج الموجّـهة إلى المؤسسات الحكومية العربية والرسميين.
• مقابل زيادة قارّة في البرامج التي تستفيد منها منظمات المجتمع المدني المحلية بالدرجة الأولى.
• اهتمام مُـتزايد ببرامج التّـدريب والمساعدة الفنية.
ولاحظ المراقبون أن الإصلاح السياسي حاز على النّـصيب الأكبر في السنة الأولى (2002)، ثم تراجع في السنتيْـن المواليتيْـن، لصالح برامج الإصلاح الاقتصادي، ثم عاد مجدّدا إلى الصّـدارة، اعتبارا من 2005 وبلغ 45% و44% في سنتيْ 2006 و2007.
وبعدما واجهت "ميبي" صعوبات في العثور على "زبائن" في مرحلة الانطلاق بسبب ضغوط الحكومات على المنظمات المستقلّـة، تحسّـن التّـفاعل في السنوات اللاحقة، وإن بدرجات متفاوتة من بلد إلى آخر.
ومن الأمثلة على ذلك، حصول جمعية الصحفيين البحرينية على مساعدة لدعوة أساتذة إعلام وصحفيين أمريكيين، للقيام بدورات تدريبية لصحفيين محليين، كما حصل مركز "الأرض" لحقوق الإنسان في مصر على مساعدة من السفارة الأمريكية في القاهرة، لتوعية الفلاحين بحقوقهم وتقديم مساعدات قضائية لبعضهم. وفي تونس حصلت "دار الصباح" على مساعدة لإقامة موائِـد مستديرة حول العلاقات الأمريكية المغاربية.
وتطورت الأمور في بلدان أخرى إلى التعاون مع مؤسسات حكومية، على غِـرار تنظيم دورات تأهيلية للقُـضاة في المغرب، بالتعاون مع وزارة العدل، لكن يمكن القول أن القِـوى الفاعلة في المجتمع المدني العربي، حافظت على مسافة واضحة تُـجاه "ميبي"، انطلاقا من معارضتها لسياسة الإدارة الأمريكية في العراق وفلسطين.
وفي هذا السياق، قالت الرئيسة السابقة لـ "جمعية النساء الديمقراطيات" التونسية المستقلة خديجة الشريف لـ swissinfo.ch إن مسؤولين في "ميبي" اجتمعوا معها وعرضوا عليها برامج لمساعدة الجمعية، لكنها اعتذرت عن عدم قبول العرض، بعد استشارة أعضاء القيادة.
كذلك أفاد مسؤولون في رابطة حقوق الإنسان التونسية أنهم تلقَّـوا عرضا مُـماثلا من "ميبي"، إلا أن الهيئة الإدارية للرابطة رفضت العرض بعد درسه، ويُعتبر أعضاء المنظمتين من أشدّ المناهضين للحرب على العراق والمؤيدين للفلسطينيين.
مناكفة مع السفارات
غير أن مصاعب "ميبي" في السنوات الخمس المنقضية، لم تقتصر على شظايا الحرب في العراق وتداعيات الصِّـراع العربي الإسرائيلي، إذ جاءتها المُنغِّـصات من أقرب الناس إليها.
وأشار الباحثان ويتس وماسلوسكي، إلى أن بعض موظّـفي السفارات الأمريكية في المنطقة العربية، كانوا يتوجَّـسون منها ويعتبرون أنها قد تُعقِّـد العلاقات السياسية الثنائية، بسبب غضب الحكومات المحلية من دعم منظمات مستقلة، تعتبرها غريمة لها. ونتيجة لهذه الازدواجية، حاول بعض المسؤولين في السفارات توجيه برامج "ميبي" إلى مجالات ناعمة لا تسبب احتكاكات مع الحكومات، لا بل أكّـد المطَّـلعون على المساعدات الممنوحة خلال السنوات الماضية، أن منظمات مدعومة من الحكومات حصلت على قِـسم من التمويلات.
وظهرت آثار هذا التوجيه الخفي في التوزيع القطاعي للموازنة، خلال الفترة من 2002 إلى 2007، إذ خُصِّـص 43% منها لبرامج تدريب و29% للمساعدة الفنية و5% لرواتب الإداريين و4% للمِـنح، والباقي لعمليات تبادُل أو اقتناء تجهيزات.
في المحصِّـلة، توجد رُؤية متفائِـلة تعتقد أن هذه المبادرة حقّـقت إنجازا، تمثّـل في "إدماج الديمقراطية وحقوق الإنسان في الدبلوماسية الأمريكية اليومية، وطوّرت قُـدرة مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية، على إقناع صنّـاع القرار بضرورة وجود أجَـندة لحقوق الإنسان والإصلاح السياسي"، غير أن هذه الرؤية تُقلِّـل من أهمية جِـدار سوء التفاهم، الذي شيّـدته حرب بوش في العراق ودعمه غير المحدود للدولة العبرية بين الولايات المتحدة والمجتمعات العربية، واستطرادا مع النّـخب التي لا تريد أن تنقطِـع عن عمقها المجتمعي.
كذلك تتناسى هذه الرُّؤية المُـنطلقة من الرِّضا على النفس، العراقيل الكبيرة التي تواجِـه تلك المبادرة، ومنها اعتراض حكومات عربية على ظهور مجتمع مدني مستقِـل عنها، ما استدعى "تدخّـلا قويا من وزارة الخارجية، وحتى من مستشار الأمن القومي، للضّـغط على زعماء أوتوقراطيين"، مثلما ذكر ويتس وماسلوسكي، ومنها أيضا عدم ضبْـط الإيقاع بين "ميبي" والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي تعمل عادة على نزع التَّـسيِـيس عن البرامج الديمقراطية، كي لا تُـزعج الحكومات العربية الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة وتُـثير حفيظتها.
ويعود السؤال المُلِـح: كيف ستتعامل إدارة أوباما في السنوات الأربع المقبلة مع هذا الإرث، الذي تركته الإدارة السابقة؟ لا مؤشرات تدُلّ على نوْع من التعاطي المُـرتقب مع هذه المسالة، وهو ما يُفسِّـر أن طاقم الإدارة الجديدة فضّـل الاستمرارية مؤقتا، ربَّـما في انتظار معاودة تقويم الوضع تقويما شاملا، وهذا يتطلّـب في الدرجة الأولى، إدراك ضرورة عدم الفصل بين السياسة الأمريكية في العراق وفلسطين وتجاوب النُّـخب العربية مع المبادرات السياسية، التي تطرحها واشنطن في مجال الإصلاح السياسي
طوى مكتب "مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط" في تونس أخيرا، الأعوام الخمسة الأولى من وجوده. وعكس إنشاء المكتب، الذي تشمل دائرة نشاطه ثمانِ دول، بينها إسرائيل والسلطة الفلسطينية، رغبة الإدارة الأمريكية السابقة بنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط.
وأنشأت إدارة الرئيس السابق جورج بوش في السنة نفسها مكتبا إقليميا مماثلا في أبو ظبي ليغطي منطقة الخليج والأردن واليمن وتُخصّص لكل مكتب موازنة سنوية تعادل مليوني دولار، لتمويل المشاريع المحلية.
ويتساءل المراقبون المتابعون للسياسة الخارجية الأمريكية، عمّـا إذا كان الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون سيحافظان على هذا الاتجاه وربما يُعززانه، أم أنهما سيُلغيانه ويُلقيان به في صندوق أرشيف الإدارة السابقة؟
ما هي مبادرة "ميبي"؟ هي عملية سياسية تستهدف إقامة جسور مباشرة مع المنظمات الأهلية أو ما اصطُلح على تسميته بـ "المجتمع المدني"، أكان جمعيات أم أفراد، لمنحها مساعدات مالية تسهِّـل لها تحقيق برامجها، وتُوجّـه المساعدات إلى أربعة مجالات، هي الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والإصلاح التربوي وتحسين أوضاع المرأة، ولهذا الغرض أنشئ في ديسمبر 2002 مكتب خاص بالمبادرة في وزارة الخارجية، قوامه ثلاثين موظفا، على رأسهم مدير ومدير مساعد.
ثم أنشئ المكتبان الإقليميان في تونس وأبو ظبي وكُلِّـف نائب مساعد وزير الخارجية المكلَّـف بمكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، بالإشراف على تلك المكاتب. وتُـفيد إحصاءات رسمية، أن الإدارة الأمريكية خصَّـصت للمبادرة 539.9 مليون دولار بين 2002 و2008.
وتم استخدام تلك الإعتمادات، لإعطاء مساعدات إلى منظمات أهلية محلية في البلدان العربية التي يُغطيها المكتب الرئيسي والمكتبان الإقليميان، وتتراوح المساعدات المُقدَّمة من المكتبيْـن بين 10 و25 ألف دولار فقط، أما المِـنح الأكبر حجما (300 ألف دولار فأكثر)، فتُعطى من مكتب واشنطن.
غير أن إعطاء المِـنح ليس الوجْـه الوحيد لمبادرة "ميبي"، فالوجه الثاني يتمثَّـل في مساعدة السفارات على تحسين أدائها في مجال "دبلوماسية الديمقراطية"، أي بلورة استراتيجيات ديمقراطية خاصة بكل بلد من بلدان المنطقة العربية. وبتعبير آخر، فإن "دبلوماسية الديمقراطية"، هي قناة اتِّـصال مع المجتمع، بالتوازي مع قناة الاتصال الرسمية مع المؤسسات الحكومية.
والملاحظ أن الأغلبية الجمهورية التي سيْـطرت على الكونغرس اعتبارا من سنة 2007، نغَّـصت حياة المُـشرفين على "ميبي" وتحفَّـظت على مشاريع تقدّموا بها أو عطّـلتها، انطلاقا من تشكيكها في جَـدْواها في المساهمة في التنمية الإقليمية.
فهل كان الديمقراطيون على حقّ أم أن الجمهوريين هم المُحقّـون؟ وإذا ثبَـت أن الإدارة الديمقراطية لم تُخطِـئ الهدف بإطلاقها تلك المبادرة، هل ستمضي فيها إدارة أوباما أم ستُعيد فيها النظر؟
إعادة نظر؟
تحاشى المسؤولون عن "ميبي" الردّ على أسئلة كتابية توجّـهت لهم بها swissinfo.ch لتقويم حصاد التجربة، لكن المدير السابق لمكتب تونس بيتر مولريان (الذي انتقل إلى العمل في منصب دبلوماسي في جنيف) تحدّث في الحفلة التي أقيمت في تونس في الذكرى الخامسة لتأسيس المكتب، فدافع عن المبادرة واعتبر أن المكتبيْـن الإقليمييْـن لعِـبا دورا إيجابيا في إعطاء دفْـع لمسار الإصلاح الديمقراطي، على رغم الصعوبات، فيما رأى المدير الجديد للمكتب شمونسيس، أن كثيرا من الأمور السابقة تحتاج إلى إعادة النظر فيها، من دون إعطاء إيضاحات أكثر.
لكن لا وجود لمؤشرات لدى الإدارة الحالية على التراجع عن تلك المبادرة. فمكتب تونس وافَـق على تمويل 51 مشروعا في العام الجاري بقيمة 2.42 مليون دولار، كما أن إدارة أوباما طلبت من الكونغرس رصْـد 86 مليون دولار للبرنامج في سنة 2010 بجميع فروعه.
وربما بسبب ما أثارته سياسة بوش الإبن في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية من مشاكل وجدل، سواء داخل الولايات المتحدة أم خارجها، ما زالت الإدارة الجديدة تبحث عن أقوَم السُّـبل للتوفيق بين مصالح الولايات المتحدة والقِـيم الكوْنية، التي تقول إنها تدافع عنها.
وكان أوباما قال في خطابه الافتتاحي لولايته الرئاسية: "ليعلم الذين يتشبّـثون بالحُـكم بواسطة الفساد والتضليل وإسكات التمرّد، أنهم على الجانب الخطأ من التاريخ"، ما يعني أنه سيمضي في سياسة نشر الديمقراطية. واقترح عليه بعض الباحثين الذين لديهم كلمة مسموعة في البيت الأبيض، إدخال لُـيونة على السياسة الأمريكية في هذا المجال، فيما أبدى آخرون الأمل بأن "تحني أمريكا قامتها قليلا، لكي تُبدِّد تدريجيا الرّبط بين تطوير الديمقراطية والحرب على العراق".
أما آخرون، فاقترحوا أن تنسحِـب الولايات المتحدة من الجبهة الأمامية لهذا الصِّـراع، لأن الديمقراطية ينبغي أن تنمُـو بدَفع من القِـوى الداخلية، وليس بزرعها من الخارج زرعا، وحتى إذا ما تحتَّـم تطويرها بدفع من قِـوى خارجية، فينبغي أن تكون هذه الأخيرة متعددة.
هذه هي الرُّؤى التي تردّدت في أوساط صُنّـاع القرار الأمريكي لدى مناقشة حصاد السنوات الخمس الأولى من تجربة "ميبي". ومن أهم النصوص التي صدرت في هذا المجال، دراسة شاملة أصدرها مركز "سابان" Saban لدراسات الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة وحرّرها كل من تامارا كوفمان ويتسTamara Cofman Wittes، الأستاذة المبرزة في هذا المركز، وهي تدير برنامجا عن الديمقراطية والتنمية في الشرق الأوسط، وأندرو ماسلوسكيAndrew Masloski ، الباحث المساعد في المركز سابقا.
وكشفت الدراسة أن جديد هذه الدبلوماسية غير التقليدية، أنها لم تكتفِ بالتوجّـه إلى الحكومات من خلال مساعدات ثنائية تتولّـى الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةUSAID الإشراف على إيصالها إلى مستحقيها. ومعنى ذلك، أن هياكل "ميبي"، سواء المكتب الرئيسي في وزارة الخارجية أم المكتبين الإقليميين في تونس وأبو ظبي، هُـما القناة الرئيسية للمساعدات الموجّـهة إلى المجتمع المدني في المنطقة العربية.
واعتمد إعطاء تلك المساعدات على معادلة، مفادها أن الحدّ من التطرّف والعُـنف ودعم التنمية المُـستدامة في الشرق الأوسط، يتطلّـبان تحرير السياسة والاقتصاد في البلدان المعنِـية، من قبْـضة الدولة، باعتبار أن جمودهما يشكِّـل مصدرا للاحتقان والغضب الشعبي، واستطرادا عدم الاستقرار الاجتماعي.
"دعم الإصلاح الديمقراطي"
وبدا أن الإدارة الأمريكية السابقة باشرت التخفيف من التركيز التقليدي على برامج المساعدات، واتجهت إلى نوعٍ جديدٍ من التّـعاطي مع النُّـخب في البلدان العربية، يندرج في إطار ما يُسمّـى بـ "دعم الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي"، عن طريق إقامة شراكات بين "ميبي" ومجموعات غير حكومية، وحتى أفراد.
وكشفت تامارا كوفمان ويتس وأندرو ماسلوسكي في دراستهما عن أربع خصائص طبعت نشاط "ميبي" في السنوات الأخيرة هي الآتية:
• الانتقال من مشاريع تركِّـز على التنمية الاقتصادية، إلى أخرى تضع الإصلاح السياسي في الصدارة.
• تراجع مُـضطرد للبرامج الموجّـهة إلى المؤسسات الحكومية العربية والرسميين.
• مقابل زيادة قارّة في البرامج التي تستفيد منها منظمات المجتمع المدني المحلية بالدرجة الأولى.
• اهتمام مُـتزايد ببرامج التّـدريب والمساعدة الفنية.
ولاحظ المراقبون أن الإصلاح السياسي حاز على النّـصيب الأكبر في السنة الأولى (2002)، ثم تراجع في السنتيْـن المواليتيْـن، لصالح برامج الإصلاح الاقتصادي، ثم عاد مجدّدا إلى الصّـدارة، اعتبارا من 2005 وبلغ 45% و44% في سنتيْ 2006 و2007.
وبعدما واجهت "ميبي" صعوبات في العثور على "زبائن" في مرحلة الانطلاق بسبب ضغوط الحكومات على المنظمات المستقلّـة، تحسّـن التّـفاعل في السنوات اللاحقة، وإن بدرجات متفاوتة من بلد إلى آخر.
ومن الأمثلة على ذلك، حصول جمعية الصحفيين البحرينية على مساعدة لدعوة أساتذة إعلام وصحفيين أمريكيين، للقيام بدورات تدريبية لصحفيين محليين، كما حصل مركز "الأرض" لحقوق الإنسان في مصر على مساعدة من السفارة الأمريكية في القاهرة، لتوعية الفلاحين بحقوقهم وتقديم مساعدات قضائية لبعضهم. وفي تونس حصلت "دار الصباح" على مساعدة لإقامة موائِـد مستديرة حول العلاقات الأمريكية المغاربية.
وتطورت الأمور في بلدان أخرى إلى التعاون مع مؤسسات حكومية، على غِـرار تنظيم دورات تأهيلية للقُـضاة في المغرب، بالتعاون مع وزارة العدل، لكن يمكن القول أن القِـوى الفاعلة في المجتمع المدني العربي، حافظت على مسافة واضحة تُـجاه "ميبي"، انطلاقا من معارضتها لسياسة الإدارة الأمريكية في العراق وفلسطين.
وفي هذا السياق، قالت الرئيسة السابقة لـ "جمعية النساء الديمقراطيات" التونسية المستقلة خديجة الشريف لـ swissinfo.ch إن مسؤولين في "ميبي" اجتمعوا معها وعرضوا عليها برامج لمساعدة الجمعية، لكنها اعتذرت عن عدم قبول العرض، بعد استشارة أعضاء القيادة.
كذلك أفاد مسؤولون في رابطة حقوق الإنسان التونسية أنهم تلقَّـوا عرضا مُـماثلا من "ميبي"، إلا أن الهيئة الإدارية للرابطة رفضت العرض بعد درسه، ويُعتبر أعضاء المنظمتين من أشدّ المناهضين للحرب على العراق والمؤيدين للفلسطينيين.
مناكفة مع السفارات
غير أن مصاعب "ميبي" في السنوات الخمس المنقضية، لم تقتصر على شظايا الحرب في العراق وتداعيات الصِّـراع العربي الإسرائيلي، إذ جاءتها المُنغِّـصات من أقرب الناس إليها.
وأشار الباحثان ويتس وماسلوسكي، إلى أن بعض موظّـفي السفارات الأمريكية في المنطقة العربية، كانوا يتوجَّـسون منها ويعتبرون أنها قد تُعقِّـد العلاقات السياسية الثنائية، بسبب غضب الحكومات المحلية من دعم منظمات مستقلة، تعتبرها غريمة لها. ونتيجة لهذه الازدواجية، حاول بعض المسؤولين في السفارات توجيه برامج "ميبي" إلى مجالات ناعمة لا تسبب احتكاكات مع الحكومات، لا بل أكّـد المطَّـلعون على المساعدات الممنوحة خلال السنوات الماضية، أن منظمات مدعومة من الحكومات حصلت على قِـسم من التمويلات.
وظهرت آثار هذا التوجيه الخفي في التوزيع القطاعي للموازنة، خلال الفترة من 2002 إلى 2007، إذ خُصِّـص 43% منها لبرامج تدريب و29% للمساعدة الفنية و5% لرواتب الإداريين و4% للمِـنح، والباقي لعمليات تبادُل أو اقتناء تجهيزات.
في المحصِّـلة، توجد رُؤية متفائِـلة تعتقد أن هذه المبادرة حقّـقت إنجازا، تمثّـل في "إدماج الديمقراطية وحقوق الإنسان في الدبلوماسية الأمريكية اليومية، وطوّرت قُـدرة مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية، على إقناع صنّـاع القرار بضرورة وجود أجَـندة لحقوق الإنسان والإصلاح السياسي"، غير أن هذه الرؤية تُقلِّـل من أهمية جِـدار سوء التفاهم، الذي شيّـدته حرب بوش في العراق ودعمه غير المحدود للدولة العبرية بين الولايات المتحدة والمجتمعات العربية، واستطرادا مع النّـخب التي لا تريد أن تنقطِـع عن عمقها المجتمعي.
كذلك تتناسى هذه الرُّؤية المُـنطلقة من الرِّضا على النفس، العراقيل الكبيرة التي تواجِـه تلك المبادرة، ومنها اعتراض حكومات عربية على ظهور مجتمع مدني مستقِـل عنها، ما استدعى "تدخّـلا قويا من وزارة الخارجية، وحتى من مستشار الأمن القومي، للضّـغط على زعماء أوتوقراطيين"، مثلما ذكر ويتس وماسلوسكي، ومنها أيضا عدم ضبْـط الإيقاع بين "ميبي" والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي تعمل عادة على نزع التَّـسيِـيس عن البرامج الديمقراطية، كي لا تُـزعج الحكومات العربية الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة وتُـثير حفيظتها.
ويعود السؤال المُلِـح: كيف ستتعامل إدارة أوباما في السنوات الأربع المقبلة مع هذا الإرث، الذي تركته الإدارة السابقة؟ لا مؤشرات تدُلّ على نوْع من التعاطي المُـرتقب مع هذه المسالة، وهو ما يُفسِّـر أن طاقم الإدارة الجديدة فضّـل الاستمرارية مؤقتا، ربَّـما في انتظار معاودة تقويم الوضع تقويما شاملا، وهذا يتطلّـب في الدرجة الأولى، إدراك ضرورة عدم الفصل بين السياسة الأمريكية في العراق وفلسطين وتجاوب النُّـخب العربية مع المبادرات السياسية، التي تطرحها واشنطن في مجال الإصلاح السياسي
حجة الإسلام طباطبائي في التلفزيون الايراني
حجة الإسلام طباطبائي : "تلحّون على أولوية الطاقة النووية لتُخفوا ما يمثّل أولوية حقيقية خلفها"!!
الاثنين 28 أيلول (سبتمبر) 2009________________________________________
وجّه حجّة الإسلام سيد مهدي طباطبائي شيرازي، الذي يعرفه الإيرانيون بسبب وعظاته عن الأخلاق على التلفزيون الرسمي، إنتقادات عنيفة للرئيس أحمدي نجاد ومساعديه، وذلك في نقاش تمّ بثّه مباشرةً على القناة الثانية للتلفزيون الإيراني.
أخطر ما جاء في كلام حجة الإسلام طباطبائي شيرازي هو التشكيك علناً، ومن التلفزيون الحكومي، بـ"أولوية" الطاقة النووية، وهذا غير مسبوق في إيران!
وردّا على تركيز النظام على الطاقة النووية، قال طباطبائي: "لماذا تصرّون على شيء لا يمثّل أولوية وتُخفون ما يمثّل أولوية حقيقية خلفه؟" وأكمل قائلاً أن حق الناس في الزواج وفتح بيت والحصول على عمل هو أولوية اهم!
خطورة هذا الكلام من مرجع محسوب على النظام هو أنه يعكس ما تفيده المعلومات الواردة من طهران، ومفادها أن الشعب الإيراني بات يعتبر مشروع الطاقة النووية مشروعَ أحمدي نجاد وخامنئي، وليس مشروعاً وطنياً إيرانياً ينبغي الدفاع عنه! وهذا التطوّر يسقط حجّة الذين كانوا، في الغرب، يتخوّفون من أن توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية سيدفع الإيرانيين للإلتفاف حول النظام!
كذلك، يلفت النظر في حديث حجة الإسلام طباطبائي تخوّفه الشديد، مثله مثل معظم المراجع الدينية في "قم"، من أن سياسات النظام تُبعد الناس عن المذهب الشيعي! وحول هذه النقطة التي أصبحت شبه كابوس لكبار رجال الدين (بعد أن أصبحت المساجد خاوية في ساعات الصلاة!)، قال: "أودّ أن أطلب من الشعب أن يسامحني إذا كنت.. قد قصّرت في تأدية واجبي للحؤول دون ابتعاد الناس عن الإيمان".
أخيراً، في تلميح شفاف إلى أحمدي نجاد، فإن طباطبائي يقول: من يتقلّد منصباً ليس مؤهلاً له يجدر به أن يتنحّى عن مسؤولياته، بدلاً من أن يتّهم الآخرين!
*
في مطلع الحلقة، قال طباطبائي لمقدّم البرنامج "مرتضى حيدري": "أريد أن أوضح بأنني لا أسمح لك باستخدام ما سأقوله في هذه الحلقة من أجل ما تفكّر به أنت"!
وردّاً على سؤال حول كيفية إنتشار "الشائعات" في المجتمع، قال طباطبائي: "حينما تكرّر العزف على نفس الموضوع، فإنك تخلق شكوكاً لدى المستمعين. لقد هنّأت الرئيس مرة أولى لإعادة إنتخابه، وذلك يكفي. فلماذا تلحّ وتكرّ أن الملايين شاركوا في الإنتخابات واقترعوا لشخص معيّن قبل أن تعود لتهنئته مجدّداً؟"
"كم مرّة ستعبّر عن تقديرك لمشاركة الناس الكبيرة. هنالك مَثَل يقول: "لقد أخبرتني مرّة، فصدّقتك. وأخبرتني مرة ثانية، فبدأت الشكوك تساورني. وفي المرة الثالثة، بتّ متأكّداً أنك تكذب"!
"بدلاً من ذلك، فمن الأفضل لرجل بات الآن رئيس البلاد أن يسأل الذين أيّدوا أخصامه ماذا يريدون لكي يستطيع، كرئيس، أن يعبّر عن وجهات نظرهم أيضا".
"الأنبياء كانوا متواضعين، وأظهروا اللين حينما تعرّضوا للهزء والسخرية. نحن لسنا أنبياء، ويجدر بنا أن نعتذر للشعب، على التلفزيون، عن الأخطاء التي ارتكبناها".
وقد عاد مقدّم الحلقة، "حيدري"، الذي بدت عليه الصدمة من كلام طباطبائي ليسأل عن أسباب إنتشار "الشائعات" في المجتمع.
وأجاب طباطبائي: "المجتمع يشبه جسم الإنسان. حينما يعمل بصورة جيدة، فإنه يكون متوازناً. ولكن حينما نعبّر عن نزعات متطرّفة، فإن النتائج تكون مثل ما نراه اليوم. أنت طبيب، ولذا فأنت تعرف أنه لا ينبغي لك أن ترشّ الملح على الجُرح، بل عليك أن تضمّده".
"لا نستطيع أن نَخفض رؤوسنا وأن نظن أن الناس لا يرون حقيقة ما نفعل. كلا، الناس يفهمون الأمور جيّداً".
"لا ينبغي أن نقول أن كل ما يقوله الشعب هو أكاذيب".
" أريد أن أقول للناس أن هنالك طرقاً أسهل وأقل تعقيداً لكي يُسمِعوا أصواتهم. ولكن الشخص الذي يكذب يبدّل رواياته باستمرار ويشعر بالذعر"!
"ليشهد الله على أنني استخدمت هذه الفرصة لأقول كل ما ينبغي قوله".
"الشخص الضعيف وغير القادر على ممارسة مسؤولياته يتّهم الآخرين دائماً".
"من يتقلّد منصباً ليس مؤهلاً له يجدر به أن يتنحّى عن مسؤولياته، بدلاً من أن يتّهم الآخرين".
"لا تظنّ أنني مستعد أن أفعل أي شيء من أجل الجمهورية الإسلامية ومن أجل الحفاظ على المؤسسة. كلا. كثيرون يسألونني لماذا لا أتقلّد منصباً رفيعاً مع أنني من قدامى الثورة. وأنا أجيبهم دائماً: "لأنني لا أعرف كيف أزحف للحصول على منصب"!
وهنا طلب مقدّم الحلقة من طباطبائي أن يقول للناس من هو الشخص الذي كان "القائد" (خامنئي) يفكّر به حينما أعلن أنه "لا ينبغي نشر الشائعات عبر توجيه الإتهامات".
فرد طباطبائي بأن "القائد" كان يخاطب الأمة كلها، بما فيها الأشخاص العاجزين والغاضبين.
وأضاف: "لا ينبغي لك أن تكثر التفكير في هذه النقطة وأن تصمّم على تحديد شخص معيّن كان القائد يقصد تحذيره هو بالذات".
"حينما يعود طفل من المدرسة إلى البيت وينادي "أمّي" ولا يردّ عليه أحد، فإنه يكرّر النداء. وفي المرة الثانية، فإنه يرفع صوته ويظهر عليه ردّ فعل. وفي المرة الثالثة، فإنه قد يشرع حتى برمي الصحون... لماذا لم تسمعوا نداء الطفل من المرة الأولى حتى أصبحتم مضطرّين الآن للقيام بما تقومون به؟"
"ما أريد أن أقوله هو أنه ينبغي معالجة الوضع وليس دفعه نحو مزيد من السوء. للحؤول دون زيادة التوتّرات، ينبغي لنا أن نسعى لإعادة الهدوء المفقود".
"الطاقة النووية مسألة مهمّة وهي حقّ لنا لا يجوز التنازل عنه. ولكن أليست القدرة على الزواج وبناء بيت والحصول على وظيفة حقوقاً لا يمكن التنازل عنها أيضاً؟ أليست لهذه المسائل أولوية على الطاقة النووية؟"
"لماذا تصرّون على شيء لا يمثّل أولوية وتُخفون ما يمثّل أولوية حقيقية خلفه؟"
"حينما عاد الإمام الخميني إلى البلاد، فإنه لم يقُل: "جلبت لك الطعام والماء"، لأن الناس كانوا في بحبوحة أنذاك. بالأحرى، فقد قال: "لقد جلبت لكم الروحانية". في ذلك الحين، كانت الروحانية في خطر، ولذلك كانت الأولوية للإيمان في ذلك الحين".
وهنا سأل مقدّم الحلقة "مرتضى حيدري" عن كيفية إنتشار الشائعات والإتهامات في صفوف النخبة، فأجاب:
"لا ينبغي أن نعتبر أن أي تقرير وأي اتهام بمثابة إطلاق مزاعم. بالأحرى، علينا أن نأخذ التقرير ونحقّق حوله، لأننا إذا لم نفعل ذلك فستتوقّف التقارير. إن ديننا نفسه ينصحنا بتحمّل المسؤولية".
"للحؤول دون انتشار الشائعات علينا أن نتوقّف عن ترداد أشياء غير مهمّة تخفي خلفها أشياء مهمّة".
"إن أفعالنا لا ينبغي أن تكون من النوع الذي يُبعِدُ الناس عن الإيمان"!
"إنهم يسألون: لماذا ظلّت النخبة صامتة؟ أنا لا أعتبر نفسي من النخبة، ولكن ماذا كان بوسعنا أن نفعل؟ أن نخرق الصمت لكي تشهّروا بسِمعتنا؟ ولكي تدمّروا مصداقيّتنا؟"
عن أحمدي نجاد ومشائي.. وشؤون الدين
"إذا كنتم تريدون أن تعيدوا الإيمان للناس، فعليكم أن تفعلوا مثلما حصل في مطلع الثورة: استخدموا السياسيين للسياسة- أما شؤون الدنيا، فاتركوها لـ"مراجع التقليد". الدين ينبغي أن يُترَك لرجال الدين، وليس للعامّة".
"أنا لا أعرف شيئاً عن الهندسة، ولذا فإنني لا أتدخّل في الشؤون الهندسية. والشيء نفسه ينطبق على شخص لا يعرف شيئاً عن الدين. فعليه أن يمتنع عن إبداء آرائه في الشؤون الدينية".
"ينبغي للسيد (إسفنديار رحيم) مشائي أن يكتفي بالتعبير عن آرائه في حدود ما يفهم به وألا يتعدّاها إلى سواها".
"مؤخراً، كتب هذا السيد (أحمدي نجاد)... في رسالة أن حكومته هي أكثر حكومات القرن الماضي ورعاً وإيماناً. ماذا يعني ذلك؟ حاشا الله! هل يعتبر نفسه أكثر ورعاً من الإمام الخميني؟"
"لقد عشت حياتي ولم يبقَ لي الكثير. ولكنني أودّ أن أطلب من الشعب أن يسامحني إذا كنت- لا سمح الله- قد قصّرت في تأدية واجبي للحؤول دون ابتعاد الناس عن الإيمان".
ملخّص حديث حجة الإسلام سيد مهدي طباطبائي شيرازي منشور على موقع "مير حسين موسوي":
mirhusein.org
الاثنين 28 أيلول (سبتمبر) 2009________________________________________
وجّه حجّة الإسلام سيد مهدي طباطبائي شيرازي، الذي يعرفه الإيرانيون بسبب وعظاته عن الأخلاق على التلفزيون الرسمي، إنتقادات عنيفة للرئيس أحمدي نجاد ومساعديه، وذلك في نقاش تمّ بثّه مباشرةً على القناة الثانية للتلفزيون الإيراني.
أخطر ما جاء في كلام حجة الإسلام طباطبائي شيرازي هو التشكيك علناً، ومن التلفزيون الحكومي، بـ"أولوية" الطاقة النووية، وهذا غير مسبوق في إيران!
وردّا على تركيز النظام على الطاقة النووية، قال طباطبائي: "لماذا تصرّون على شيء لا يمثّل أولوية وتُخفون ما يمثّل أولوية حقيقية خلفه؟" وأكمل قائلاً أن حق الناس في الزواج وفتح بيت والحصول على عمل هو أولوية اهم!
خطورة هذا الكلام من مرجع محسوب على النظام هو أنه يعكس ما تفيده المعلومات الواردة من طهران، ومفادها أن الشعب الإيراني بات يعتبر مشروع الطاقة النووية مشروعَ أحمدي نجاد وخامنئي، وليس مشروعاً وطنياً إيرانياً ينبغي الدفاع عنه! وهذا التطوّر يسقط حجّة الذين كانوا، في الغرب، يتخوّفون من أن توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية سيدفع الإيرانيين للإلتفاف حول النظام!
كذلك، يلفت النظر في حديث حجة الإسلام طباطبائي تخوّفه الشديد، مثله مثل معظم المراجع الدينية في "قم"، من أن سياسات النظام تُبعد الناس عن المذهب الشيعي! وحول هذه النقطة التي أصبحت شبه كابوس لكبار رجال الدين (بعد أن أصبحت المساجد خاوية في ساعات الصلاة!)، قال: "أودّ أن أطلب من الشعب أن يسامحني إذا كنت.. قد قصّرت في تأدية واجبي للحؤول دون ابتعاد الناس عن الإيمان".
أخيراً، في تلميح شفاف إلى أحمدي نجاد، فإن طباطبائي يقول: من يتقلّد منصباً ليس مؤهلاً له يجدر به أن يتنحّى عن مسؤولياته، بدلاً من أن يتّهم الآخرين!
*
في مطلع الحلقة، قال طباطبائي لمقدّم البرنامج "مرتضى حيدري": "أريد أن أوضح بأنني لا أسمح لك باستخدام ما سأقوله في هذه الحلقة من أجل ما تفكّر به أنت"!
وردّاً على سؤال حول كيفية إنتشار "الشائعات" في المجتمع، قال طباطبائي: "حينما تكرّر العزف على نفس الموضوع، فإنك تخلق شكوكاً لدى المستمعين. لقد هنّأت الرئيس مرة أولى لإعادة إنتخابه، وذلك يكفي. فلماذا تلحّ وتكرّ أن الملايين شاركوا في الإنتخابات واقترعوا لشخص معيّن قبل أن تعود لتهنئته مجدّداً؟"
"كم مرّة ستعبّر عن تقديرك لمشاركة الناس الكبيرة. هنالك مَثَل يقول: "لقد أخبرتني مرّة، فصدّقتك. وأخبرتني مرة ثانية، فبدأت الشكوك تساورني. وفي المرة الثالثة، بتّ متأكّداً أنك تكذب"!
"بدلاً من ذلك، فمن الأفضل لرجل بات الآن رئيس البلاد أن يسأل الذين أيّدوا أخصامه ماذا يريدون لكي يستطيع، كرئيس، أن يعبّر عن وجهات نظرهم أيضا".
"الأنبياء كانوا متواضعين، وأظهروا اللين حينما تعرّضوا للهزء والسخرية. نحن لسنا أنبياء، ويجدر بنا أن نعتذر للشعب، على التلفزيون، عن الأخطاء التي ارتكبناها".
وقد عاد مقدّم الحلقة، "حيدري"، الذي بدت عليه الصدمة من كلام طباطبائي ليسأل عن أسباب إنتشار "الشائعات" في المجتمع.
وأجاب طباطبائي: "المجتمع يشبه جسم الإنسان. حينما يعمل بصورة جيدة، فإنه يكون متوازناً. ولكن حينما نعبّر عن نزعات متطرّفة، فإن النتائج تكون مثل ما نراه اليوم. أنت طبيب، ولذا فأنت تعرف أنه لا ينبغي لك أن ترشّ الملح على الجُرح، بل عليك أن تضمّده".
"لا نستطيع أن نَخفض رؤوسنا وأن نظن أن الناس لا يرون حقيقة ما نفعل. كلا، الناس يفهمون الأمور جيّداً".
"لا ينبغي أن نقول أن كل ما يقوله الشعب هو أكاذيب".
" أريد أن أقول للناس أن هنالك طرقاً أسهل وأقل تعقيداً لكي يُسمِعوا أصواتهم. ولكن الشخص الذي يكذب يبدّل رواياته باستمرار ويشعر بالذعر"!
"ليشهد الله على أنني استخدمت هذه الفرصة لأقول كل ما ينبغي قوله".
"الشخص الضعيف وغير القادر على ممارسة مسؤولياته يتّهم الآخرين دائماً".
"من يتقلّد منصباً ليس مؤهلاً له يجدر به أن يتنحّى عن مسؤولياته، بدلاً من أن يتّهم الآخرين".
"لا تظنّ أنني مستعد أن أفعل أي شيء من أجل الجمهورية الإسلامية ومن أجل الحفاظ على المؤسسة. كلا. كثيرون يسألونني لماذا لا أتقلّد منصباً رفيعاً مع أنني من قدامى الثورة. وأنا أجيبهم دائماً: "لأنني لا أعرف كيف أزحف للحصول على منصب"!
وهنا طلب مقدّم الحلقة من طباطبائي أن يقول للناس من هو الشخص الذي كان "القائد" (خامنئي) يفكّر به حينما أعلن أنه "لا ينبغي نشر الشائعات عبر توجيه الإتهامات".
فرد طباطبائي بأن "القائد" كان يخاطب الأمة كلها، بما فيها الأشخاص العاجزين والغاضبين.
وأضاف: "لا ينبغي لك أن تكثر التفكير في هذه النقطة وأن تصمّم على تحديد شخص معيّن كان القائد يقصد تحذيره هو بالذات".
"حينما يعود طفل من المدرسة إلى البيت وينادي "أمّي" ولا يردّ عليه أحد، فإنه يكرّر النداء. وفي المرة الثانية، فإنه يرفع صوته ويظهر عليه ردّ فعل. وفي المرة الثالثة، فإنه قد يشرع حتى برمي الصحون... لماذا لم تسمعوا نداء الطفل من المرة الأولى حتى أصبحتم مضطرّين الآن للقيام بما تقومون به؟"
"ما أريد أن أقوله هو أنه ينبغي معالجة الوضع وليس دفعه نحو مزيد من السوء. للحؤول دون زيادة التوتّرات، ينبغي لنا أن نسعى لإعادة الهدوء المفقود".
"الطاقة النووية مسألة مهمّة وهي حقّ لنا لا يجوز التنازل عنه. ولكن أليست القدرة على الزواج وبناء بيت والحصول على وظيفة حقوقاً لا يمكن التنازل عنها أيضاً؟ أليست لهذه المسائل أولوية على الطاقة النووية؟"
"لماذا تصرّون على شيء لا يمثّل أولوية وتُخفون ما يمثّل أولوية حقيقية خلفه؟"
"حينما عاد الإمام الخميني إلى البلاد، فإنه لم يقُل: "جلبت لك الطعام والماء"، لأن الناس كانوا في بحبوحة أنذاك. بالأحرى، فقد قال: "لقد جلبت لكم الروحانية". في ذلك الحين، كانت الروحانية في خطر، ولذلك كانت الأولوية للإيمان في ذلك الحين".
وهنا سأل مقدّم الحلقة "مرتضى حيدري" عن كيفية إنتشار الشائعات والإتهامات في صفوف النخبة، فأجاب:
"لا ينبغي أن نعتبر أن أي تقرير وأي اتهام بمثابة إطلاق مزاعم. بالأحرى، علينا أن نأخذ التقرير ونحقّق حوله، لأننا إذا لم نفعل ذلك فستتوقّف التقارير. إن ديننا نفسه ينصحنا بتحمّل المسؤولية".
"للحؤول دون انتشار الشائعات علينا أن نتوقّف عن ترداد أشياء غير مهمّة تخفي خلفها أشياء مهمّة".
"إن أفعالنا لا ينبغي أن تكون من النوع الذي يُبعِدُ الناس عن الإيمان"!
"إنهم يسألون: لماذا ظلّت النخبة صامتة؟ أنا لا أعتبر نفسي من النخبة، ولكن ماذا كان بوسعنا أن نفعل؟ أن نخرق الصمت لكي تشهّروا بسِمعتنا؟ ولكي تدمّروا مصداقيّتنا؟"
عن أحمدي نجاد ومشائي.. وشؤون الدين
"إذا كنتم تريدون أن تعيدوا الإيمان للناس، فعليكم أن تفعلوا مثلما حصل في مطلع الثورة: استخدموا السياسيين للسياسة- أما شؤون الدنيا، فاتركوها لـ"مراجع التقليد". الدين ينبغي أن يُترَك لرجال الدين، وليس للعامّة".
"أنا لا أعرف شيئاً عن الهندسة، ولذا فإنني لا أتدخّل في الشؤون الهندسية. والشيء نفسه ينطبق على شخص لا يعرف شيئاً عن الدين. فعليه أن يمتنع عن إبداء آرائه في الشؤون الدينية".
"ينبغي للسيد (إسفنديار رحيم) مشائي أن يكتفي بالتعبير عن آرائه في حدود ما يفهم به وألا يتعدّاها إلى سواها".
"مؤخراً، كتب هذا السيد (أحمدي نجاد)... في رسالة أن حكومته هي أكثر حكومات القرن الماضي ورعاً وإيماناً. ماذا يعني ذلك؟ حاشا الله! هل يعتبر نفسه أكثر ورعاً من الإمام الخميني؟"
"لقد عشت حياتي ولم يبقَ لي الكثير. ولكنني أودّ أن أطلب من الشعب أن يسامحني إذا كنت- لا سمح الله- قد قصّرت في تأدية واجبي للحؤول دون ابتعاد الناس عن الإيمان".
ملخّص حديث حجة الإسلام سيد مهدي طباطبائي شيرازي منشور على موقع "مير حسين موسوي":
mirhusein.org
البرنامج المطلوب لعراق اليوم والغد
توفير الخدمات وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، واستكمال سحب القوات الأجنبية، وإنهاء ملف العنف،
وبناء الوحدة الوطنية ، وعلاقات حسن الجوار...هذا هو البرنامج المطلوب لعراق اليوم والغد...خلال زيارته الأخيرة الى لبنان، وفي حوارات عامة وخاصة، أكد نائب رئيس الجمهورية العراقية السيد عادل عبد المهدي ان الانتخابات التشريعية المقبلة في العراق ستكون بامتياز انتخابات لبناء حكومة راشدة تعمل على توفير الخدمات وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وتستكمل مهام سحب القوات الاجنبية، وإنهاء العنف الداخلي وبناء الوحدة الوطنية في الداخل وعلاقات حسن الجوار مع جميع الأشقاء: العرب والإيرانيين والأتراك...
وأعتبر السيد عبد المهدي ان أي تلاعب في موعد الانتخابات المقبلة هو ضربة قاضية للديمقراطية وللعملية الانتخابية في العراق، موضحاً أن الحديث عن احتمالات تأجيل الانتخابات انما هو إشاعات غير صحيحة فموعدها ثابت، والثبات على مواعيد إجراء الانتخابات هو إحدى الوسائل المهمة لإرساء مفهوم المؤسساتية والديمقراطية في البلاد.
ولا شك ان تأكيدات السيد عبد المهدي هذه قد لاقت إرتياحاً لدى العراقيين ولدى الديمقراطيين العرب الذين يهمهم نجاح التجربة العراقية في بناء المصالحة الوطنية والسلم الأهلي من جهة، وفي ترسيخ الديمقراطية وتداول السلطة سلمياً وعبر الانتخابات التي تجري في مواعيدها ووفق الأصول الديمقراطية وتحت أنظار العالم،من جهة أخرى..
ولعل أبرز ما يواجه الائتلاف الوطني العراقي الذي أعلن عن تشكيله الشهر الماضي،اثبات أنه ليس "ائتلافا شيعيا"، ولا يكفي لذلك القول بأنه يضم قوى سنية ، ومسيحية ، وتركمانية وحتى كردية، أو التأكيد بأن وجود غالبية شيعية فيه أمر طبيعي لأن الشيعة في العراق هم غالبية الشعب العراقي، بل المفيد إظهار وطنية الائتلاف أي تمثيله لمجموع أطياف وشرائح الشعب العراقي، من خلال البرنامج الواضح الذي يطرح الأمور بصدق وبشجاعة وبشفافية . وهذا البرنامج هو وحده الجواب على الحملة المبرمجة التي تتناول الائتلاف والتي تحاول الايحاء بأن الأطراف التي لم تدخل الائتلاف هي الأطراف المدنية العلمانية الديمقراطية في حين ان الائتلاف هو ائتلاف طائفي.. ولا بد هنا من إعادة تأكيد ما جاء في افتتاحية العدد السابع من نشرتنا من أن معيار طائفية أو لا طائفية أي طرف ليس الأسماء أو الانتماءات أو الخطابات الفضفاضة والشعارات الفارغة، فكل هذا جعجعة من غير طحن.. فما يريد العراقيون معرفته والتحقق منه هو البرامج والممارسات، الرؤية والسلوك.. وما يحدد نجاح الائتلاف أو غيره من القوى في الانتخابات المقبلة ليس إمساكه بسلطة الدولة المركزية واستخدام مؤسساتها وأجهزتها وتطويعها لخدمة مرشحيه، وليس التغني بالماضي النضالي لهذا أو ذاك، وإنما قرب المرشح والحزب من نبض الناس ومصالحها ومطالبها، ومن مستقبل العراق الجديد، وحمله لبرنامج ولمشروع يحقق الآمال..
إن الائتلاف الوطني العراقي الجديد هو قوة أساسية في البلاد، عليها أن تعمل على تأمين مصالح العراق وشعبه من خلال الممارسة الصبورة الديمقراطية التي لا تخدع الناس ولا تهرّج ولا تنافق .. ولعل غير الائتلاف من قوى الأمر الواقع السلطوي سيحاول الاستفادة ما أمكن من امكانات السلطة المسخرّة له ليكسب ما يسمى بالعلمانيين الى جانب السنّة والبعثيين، وزعماء العشائر... وسيحاول كسب التعاطف القومي العربي بالايحاء انه يدافع عن عروبة الموصل، وسيحاول كسب التركمان بالقول انه يتبنى مطالبهم في كركوك..كما انه سيحاول الظهور بمظهر القائد الوطني الشعبي (نموذج عبد الكريم قاسم) من خلال تصعيد حملاته ضد الخارج (فعلها قاسم مطلع عهده كما صدام في ىخر ايامه) وذلك لتصعيد حالة الاصطفاف الأعمى خلف الدولة وجيشها وقائدها...وكل ذلك تمهيداً لخوض معركة انتخابية ناجحة هي فرصته الوحيدة وفرصة حزبه الأخيرة للبقاء على خارطة العراق السياسية. ولكننا قرأنا القرآن ودرسنا التاريخ فلم يتغيّر معنى الآية الكريمة: "فأما الزبد فيذهب جُفاء... وأما ما ينفع الناس، فيمكث في الأرض" (سورة الرعد،17).. وأرض العراق تميّز الغث من السمين، والنافع من الضار، وتعرف من معاناتها وتجاربها أين تضع ثقتها وأين تنتظر أبناءها...
يبقى أن المطلوب من الائتلاف الوطني العراقي الجديد، ومن كل الأحزاب والتكتلات الحريصة على السلم الأهلي والمصالحة الوطنية وعلى مهمات استكمال تحرير العراق من الاحتلال وصوغ حياة برلمانية ديمقراطية، المسارعة الى تنظيم حملة وطنية واسعة لشرح خفايا الانتخابات ومصيريتها بالنسبة لمستقبل العراق .. والعمل على تشكيل جبهة وطنية عريضة تكون قادرة على حمل مشروع المرحلة المقبلة وقادرة على فرز قيادات جديدة على مستوى المسؤولية ومستوى التضحيات.
ونجاح الانتخابات وديمقراطيتها أمر مرهون بتحييد الدولة وأجهزتها المختلفة، وأن لا تتدخل في الانتخابات،وأن تسود ثقافة الحوار والتداول السلمي للسلطة وعدم الاستئثار وعدم استغلال النفوذ، فهل يكون مجلس النواب منتبهاً لهذه المسائل؟ وهل يتخذ إجراءات وقائية في هذا الجانب؟ أم أنه سيبقى مشلولاً معطلاً كما كان حاله حتى اليوم؟؟؟
صحيح ان العراق يحتاج الى دولة قوية ولكن الدولة القوية المقصودة اليوم هي الدولة العادلة ، المتوازنة مع مجتمعها، المتصالحة مع شعبها، دولة تصون ولا تبدد، تحمي ولا تهدد، تتكامل مع قطاعات المجتمع فتحفظ التعددية واللامركزية وتطورها بحيث تسمح بقيام حكومات محلية قوية.. فقد علمتنا التجارب أن المركزية الشديدة أمر مرفوض وهي جرّت الخراب والدمار على العراق، والمطلوب اليوم معادلة جديدة من اللامركزية الادارية الموسعة خاصة و"أن الدستور قد وضع النظام اللامركزي كأساس لنظرية الحكم في العراق"،على حد قول السيد عادل عبد المهدي، الذي أكد "ان العراق لا يخشى عليه من التقسيم لأنه حقيقة عمرها أكثر من ستة الاف سنة، وهو بلد تأتيه الهجرات من الخارج ويصهرها في المرجل العراقي، وهو بلد صلب وقوي وفيه مواد صلبة قوية تجذب الخارج الى العراق وتصنع منه حقيقة عراقية".
ويبقى الملف الآخر الذي يحتاج الى عمل متواصل، ملف العلاقات مع سوريا ودول الجوار (العربي وغير العربي على السواء فلا فضل لواحد منهم على الاخر غلا بمقدار ما يتعاون مع العراق ومع غيره لتحقيق نهوض مجتمعاتنا العربية والاسلامية وحماية ثرواتنا والاستفادة منها لا تبديدها.. ودور العراق الرائد في محيطه العربي والاسلامي القريب كما على الحلبة الدولية، يستوجب أن يبقى طريق الحوار مفتوحاً مع الجميع ولخير الجميع.. وطريق الضغط للوصول الى المطالب العراقية في الأمن والأمان والتقدم والازدهار هو الأسلوب الصحيح وليس طريق الحرب والعداء مع المحيط العربي والاسلامي... فالتمسك بالحقوق والمصالح العراقية يعني البحث عن سبل تحقيقها سلمياً وليس عبر الأزمات والتوتير حتى ولو افتعل الغير تلك الأزمات.. إن مصلحة العراق تكمن في السير بطريق المصالحات الداخلية ومع الاشقاء العرب والمسلمين لأن هذا هو قدر العرب والمسلمين وهذا هو الأسلوب الأفضل لادارة الخلافات والنزاعات بدل تحقيق أمنيات الخارج في رؤية العرب والمسلمين متناحرين متقاتلين..وها أن القمة السورية-السعودية والعلاقات السورية-الايرانية والسورية-التركية كما الايرانية-التركية هي المثال الأفضل عن اسلوب تحقيق مصالح الجميع دون افتئات أو استحواذ أو استبعاد . إن السير في طريق الحوار والمصالحة والتعاون والتكامل أصعب وأخطر ويحتاج الى شجاعة أكبر، خاصة حين يكون العراق ضحية الارهاب وحين يكون هذا الارهاب يحظى بدعم وتمويل واحتضان من الأشقاء الأقرباء.. وظلم ذوي القربى أدهى وأشقى وأمر من ظلم الأعداء والمحتلين..الشجاعة ليست في التطرف والصراخ بل في الحوار الهادئ وفرض المطالب بقوة الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والازدهار الداخلي وهذا يتطلب تأمين مصالح الشعب أولاً غذ لا مقاومة ولا ممانعة من دون حرية وكرامة وديمقراطية...الاستبداد والديكتاتورية والحكم المركزي القوي يستنسخ تجربة صدام ولا يقدم حلولاً لمشاكل الناس.
ان التعاون مع دول الجوار بدون استثناء هو السياسة الصحيحة للعراق الجديد ورغم ابتعاد هذا الجوار عن مقتضيات الجيرة والصداقة والاخوة وغرقه في الدم العراقي...نعم هناك أجندات اقليمية، وهناك تقاطعات في المواقف، لكن لا سبيل الى تحسين الحالة الأمنية في العراق وايقاف التدخلات الا بالحوار وعبر القنوات السياسية والديبلوماسية... ونحن نرجو أن يكون العراق الجديد عراقاً يعيش فضاءاته الاسلامية والعربية، لا عراقاً منعزلاً عن أشقائه، وعراقاً له صداقات مع المجتمع الدولي، وليس متخاصماً مع أحد... نعم هذا هو العراق الجديد الذي يبنى اليوم بتضحيات أبنائه ورغم أنف الحاقدين والمتآمرين..هذا هو عراق الحوار والمصالحة والسلم الأهلي، عراق الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية للجميع وبين الجميع..
نشرة العراق الجديد- عدد 9- 12 تشرين الاول 2009
وبناء الوحدة الوطنية ، وعلاقات حسن الجوار...هذا هو البرنامج المطلوب لعراق اليوم والغد...خلال زيارته الأخيرة الى لبنان، وفي حوارات عامة وخاصة، أكد نائب رئيس الجمهورية العراقية السيد عادل عبد المهدي ان الانتخابات التشريعية المقبلة في العراق ستكون بامتياز انتخابات لبناء حكومة راشدة تعمل على توفير الخدمات وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وتستكمل مهام سحب القوات الاجنبية، وإنهاء العنف الداخلي وبناء الوحدة الوطنية في الداخل وعلاقات حسن الجوار مع جميع الأشقاء: العرب والإيرانيين والأتراك...
وأعتبر السيد عبد المهدي ان أي تلاعب في موعد الانتخابات المقبلة هو ضربة قاضية للديمقراطية وللعملية الانتخابية في العراق، موضحاً أن الحديث عن احتمالات تأجيل الانتخابات انما هو إشاعات غير صحيحة فموعدها ثابت، والثبات على مواعيد إجراء الانتخابات هو إحدى الوسائل المهمة لإرساء مفهوم المؤسساتية والديمقراطية في البلاد.
ولا شك ان تأكيدات السيد عبد المهدي هذه قد لاقت إرتياحاً لدى العراقيين ولدى الديمقراطيين العرب الذين يهمهم نجاح التجربة العراقية في بناء المصالحة الوطنية والسلم الأهلي من جهة، وفي ترسيخ الديمقراطية وتداول السلطة سلمياً وعبر الانتخابات التي تجري في مواعيدها ووفق الأصول الديمقراطية وتحت أنظار العالم،من جهة أخرى..
ولعل أبرز ما يواجه الائتلاف الوطني العراقي الذي أعلن عن تشكيله الشهر الماضي،اثبات أنه ليس "ائتلافا شيعيا"، ولا يكفي لذلك القول بأنه يضم قوى سنية ، ومسيحية ، وتركمانية وحتى كردية، أو التأكيد بأن وجود غالبية شيعية فيه أمر طبيعي لأن الشيعة في العراق هم غالبية الشعب العراقي، بل المفيد إظهار وطنية الائتلاف أي تمثيله لمجموع أطياف وشرائح الشعب العراقي، من خلال البرنامج الواضح الذي يطرح الأمور بصدق وبشجاعة وبشفافية . وهذا البرنامج هو وحده الجواب على الحملة المبرمجة التي تتناول الائتلاف والتي تحاول الايحاء بأن الأطراف التي لم تدخل الائتلاف هي الأطراف المدنية العلمانية الديمقراطية في حين ان الائتلاف هو ائتلاف طائفي.. ولا بد هنا من إعادة تأكيد ما جاء في افتتاحية العدد السابع من نشرتنا من أن معيار طائفية أو لا طائفية أي طرف ليس الأسماء أو الانتماءات أو الخطابات الفضفاضة والشعارات الفارغة، فكل هذا جعجعة من غير طحن.. فما يريد العراقيون معرفته والتحقق منه هو البرامج والممارسات، الرؤية والسلوك.. وما يحدد نجاح الائتلاف أو غيره من القوى في الانتخابات المقبلة ليس إمساكه بسلطة الدولة المركزية واستخدام مؤسساتها وأجهزتها وتطويعها لخدمة مرشحيه، وليس التغني بالماضي النضالي لهذا أو ذاك، وإنما قرب المرشح والحزب من نبض الناس ومصالحها ومطالبها، ومن مستقبل العراق الجديد، وحمله لبرنامج ولمشروع يحقق الآمال..
إن الائتلاف الوطني العراقي الجديد هو قوة أساسية في البلاد، عليها أن تعمل على تأمين مصالح العراق وشعبه من خلال الممارسة الصبورة الديمقراطية التي لا تخدع الناس ولا تهرّج ولا تنافق .. ولعل غير الائتلاف من قوى الأمر الواقع السلطوي سيحاول الاستفادة ما أمكن من امكانات السلطة المسخرّة له ليكسب ما يسمى بالعلمانيين الى جانب السنّة والبعثيين، وزعماء العشائر... وسيحاول كسب التعاطف القومي العربي بالايحاء انه يدافع عن عروبة الموصل، وسيحاول كسب التركمان بالقول انه يتبنى مطالبهم في كركوك..كما انه سيحاول الظهور بمظهر القائد الوطني الشعبي (نموذج عبد الكريم قاسم) من خلال تصعيد حملاته ضد الخارج (فعلها قاسم مطلع عهده كما صدام في ىخر ايامه) وذلك لتصعيد حالة الاصطفاف الأعمى خلف الدولة وجيشها وقائدها...وكل ذلك تمهيداً لخوض معركة انتخابية ناجحة هي فرصته الوحيدة وفرصة حزبه الأخيرة للبقاء على خارطة العراق السياسية. ولكننا قرأنا القرآن ودرسنا التاريخ فلم يتغيّر معنى الآية الكريمة: "فأما الزبد فيذهب جُفاء... وأما ما ينفع الناس، فيمكث في الأرض" (سورة الرعد،17).. وأرض العراق تميّز الغث من السمين، والنافع من الضار، وتعرف من معاناتها وتجاربها أين تضع ثقتها وأين تنتظر أبناءها...
يبقى أن المطلوب من الائتلاف الوطني العراقي الجديد، ومن كل الأحزاب والتكتلات الحريصة على السلم الأهلي والمصالحة الوطنية وعلى مهمات استكمال تحرير العراق من الاحتلال وصوغ حياة برلمانية ديمقراطية، المسارعة الى تنظيم حملة وطنية واسعة لشرح خفايا الانتخابات ومصيريتها بالنسبة لمستقبل العراق .. والعمل على تشكيل جبهة وطنية عريضة تكون قادرة على حمل مشروع المرحلة المقبلة وقادرة على فرز قيادات جديدة على مستوى المسؤولية ومستوى التضحيات.
ونجاح الانتخابات وديمقراطيتها أمر مرهون بتحييد الدولة وأجهزتها المختلفة، وأن لا تتدخل في الانتخابات،وأن تسود ثقافة الحوار والتداول السلمي للسلطة وعدم الاستئثار وعدم استغلال النفوذ، فهل يكون مجلس النواب منتبهاً لهذه المسائل؟ وهل يتخذ إجراءات وقائية في هذا الجانب؟ أم أنه سيبقى مشلولاً معطلاً كما كان حاله حتى اليوم؟؟؟
صحيح ان العراق يحتاج الى دولة قوية ولكن الدولة القوية المقصودة اليوم هي الدولة العادلة ، المتوازنة مع مجتمعها، المتصالحة مع شعبها، دولة تصون ولا تبدد، تحمي ولا تهدد، تتكامل مع قطاعات المجتمع فتحفظ التعددية واللامركزية وتطورها بحيث تسمح بقيام حكومات محلية قوية.. فقد علمتنا التجارب أن المركزية الشديدة أمر مرفوض وهي جرّت الخراب والدمار على العراق، والمطلوب اليوم معادلة جديدة من اللامركزية الادارية الموسعة خاصة و"أن الدستور قد وضع النظام اللامركزي كأساس لنظرية الحكم في العراق"،على حد قول السيد عادل عبد المهدي، الذي أكد "ان العراق لا يخشى عليه من التقسيم لأنه حقيقة عمرها أكثر من ستة الاف سنة، وهو بلد تأتيه الهجرات من الخارج ويصهرها في المرجل العراقي، وهو بلد صلب وقوي وفيه مواد صلبة قوية تجذب الخارج الى العراق وتصنع منه حقيقة عراقية".
ويبقى الملف الآخر الذي يحتاج الى عمل متواصل، ملف العلاقات مع سوريا ودول الجوار (العربي وغير العربي على السواء فلا فضل لواحد منهم على الاخر غلا بمقدار ما يتعاون مع العراق ومع غيره لتحقيق نهوض مجتمعاتنا العربية والاسلامية وحماية ثرواتنا والاستفادة منها لا تبديدها.. ودور العراق الرائد في محيطه العربي والاسلامي القريب كما على الحلبة الدولية، يستوجب أن يبقى طريق الحوار مفتوحاً مع الجميع ولخير الجميع.. وطريق الضغط للوصول الى المطالب العراقية في الأمن والأمان والتقدم والازدهار هو الأسلوب الصحيح وليس طريق الحرب والعداء مع المحيط العربي والاسلامي... فالتمسك بالحقوق والمصالح العراقية يعني البحث عن سبل تحقيقها سلمياً وليس عبر الأزمات والتوتير حتى ولو افتعل الغير تلك الأزمات.. إن مصلحة العراق تكمن في السير بطريق المصالحات الداخلية ومع الاشقاء العرب والمسلمين لأن هذا هو قدر العرب والمسلمين وهذا هو الأسلوب الأفضل لادارة الخلافات والنزاعات بدل تحقيق أمنيات الخارج في رؤية العرب والمسلمين متناحرين متقاتلين..وها أن القمة السورية-السعودية والعلاقات السورية-الايرانية والسورية-التركية كما الايرانية-التركية هي المثال الأفضل عن اسلوب تحقيق مصالح الجميع دون افتئات أو استحواذ أو استبعاد . إن السير في طريق الحوار والمصالحة والتعاون والتكامل أصعب وأخطر ويحتاج الى شجاعة أكبر، خاصة حين يكون العراق ضحية الارهاب وحين يكون هذا الارهاب يحظى بدعم وتمويل واحتضان من الأشقاء الأقرباء.. وظلم ذوي القربى أدهى وأشقى وأمر من ظلم الأعداء والمحتلين..الشجاعة ليست في التطرف والصراخ بل في الحوار الهادئ وفرض المطالب بقوة الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والازدهار الداخلي وهذا يتطلب تأمين مصالح الشعب أولاً غذ لا مقاومة ولا ممانعة من دون حرية وكرامة وديمقراطية...الاستبداد والديكتاتورية والحكم المركزي القوي يستنسخ تجربة صدام ولا يقدم حلولاً لمشاكل الناس.
ان التعاون مع دول الجوار بدون استثناء هو السياسة الصحيحة للعراق الجديد ورغم ابتعاد هذا الجوار عن مقتضيات الجيرة والصداقة والاخوة وغرقه في الدم العراقي...نعم هناك أجندات اقليمية، وهناك تقاطعات في المواقف، لكن لا سبيل الى تحسين الحالة الأمنية في العراق وايقاف التدخلات الا بالحوار وعبر القنوات السياسية والديبلوماسية... ونحن نرجو أن يكون العراق الجديد عراقاً يعيش فضاءاته الاسلامية والعربية، لا عراقاً منعزلاً عن أشقائه، وعراقاً له صداقات مع المجتمع الدولي، وليس متخاصماً مع أحد... نعم هذا هو العراق الجديد الذي يبنى اليوم بتضحيات أبنائه ورغم أنف الحاقدين والمتآمرين..هذا هو عراق الحوار والمصالحة والسلم الأهلي، عراق الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية للجميع وبين الجميع..
نشرة العراق الجديد- عدد 9- 12 تشرين الاول 2009
Sliming Goldstone and His Report
Sliming Goldstone and His Report
By URI AVNERY
Is there no limit to the wiles of those dastardly anti-Semites?Now they have decided to slander the Jews with another blood libel. Not the old accusation of slaughtering Christian children to use their blood for baking Passover matzoth, as in the past, but of the mass slaughter of women and children in Gaza .And who did they put at the head of the commission which was charged with this task? Neither a British Holocaust-denier nor a German neo-Nazi, nor even an Iranian fanatic, but of all people a Jewish judge who bears the very Jewish name of Goldstone (originally Goldstein, of course). And not just a Jew with a Jewish name, but a Zionist, whose daughter, Nicole, is an enthusiastic Zionist who once “made Aliyah” and speaks fluent Hebrew. And not just a Jewish Zionist, but a South African who opposed apartheid and was appointed to the country’s Constitutional Court when that system was abolished.All this in order to defame the most moral army in the world, fresh from waging the most just war in history!Richard Goldstone is not the only Jew manipulated by the world-wide anti-Semitic conspiracy. Throughout the three weeks of the Gaza War, more than 10 thousand Israelis demonstrated against it again and again. They were photographed carrying signs saying “End the massacre in Gaza”, “Stop the war crimes”’ “Israel commits war crimes”, “Bombing civilians is a war crime”. They chanted in unison: “Olmert, Olmert, it is true – They’re waiting in The Hague for you!”Who would have believed that there are so many anti-Semites in Israel ?!* * * THE OFFICIAL Israeli reaction to the Goldstone report would have been amusing, if the matter had not been so grave.Except for the “usual suspects” (Gideon Levy, Amira Hass and their ilk), the condemnation of the report was unanimous, total and extreme, from Shimon Peres, that advocate of every abomination, down to the last scribbler in the newspapers.Nobody, but nobody, dealt with the subject itself. Nobody examined the detailed conclusions. With such an anti-Semitic smear, there is no need for that. Actually, there is no need to read the report at all.The public, in all its diversity, stood up like one person, in order to rebuff the plot, as it has learned to do in the thousand years of pogroms, Spanish inquisition and Holocaust. A siege mentality, the ghetto mentality.The instinctive reaction in such a situation is denial. It’s just not true. It never happened. It’s all a pack of lies.By itself, that is a natural reaction. When a human being is faced with a situation which he cannot handle, denial is the first refuge. If things did not happen, there is no need to cope. Basically, there is no difference between the deniers of the Armenian genocide, the deniers of the annihilation of the Native Americans and the deniers of the atrocities of all wars.From this point of view, it can be said that denial is almost “normal”. But with us it has been developed into an art form.* * * WE HAVE a special method: when something happens that we don’t want to confront, we direct the spotlight to one specific detail, something completely marginal, and begin to insist on it, debate it, examine it from all angles as if it were a matter of life and death. Take the Yom Kippur war. It broke out because for six years, beginning with the 1967 war, Israel had cruised like a Ship of Fools, intoxicated with victory songs, victory albums and the belief in the invincibility of the Israeli army. Golda Meir treated the Arab world with open contempt and rebuffed the peace overtures of Anwar Sadat. The result: more than 2000 young Israelis killed, and who knows how many Egyptians and Syrians.And what was furiously debated? The “Omission”. “Why were the reserves not called up in time? Why were the tanks not moved in advance?” Menachem Begin thundered in the Knesset, and about this, books and articles galore were written and a blue-ribbon judicial board of inquiry deliberated.The First Lebanon War was a political blunder and a military failure. It lasted 18 years, gave birth to Hizbullah and established it as a regional force. And what was discussed? Whether Ariel Sharon had deceived Begin and was responsible for his illness and eventual death.The Second Lebanon War was a disgrace from beginning to end, a superfluous war that caused massive destruction, wholesale slaughter and the flight of hundreds of thousands of innocent civilians from their homes, without achieving an Israeli victory. And what was our debate about? For what was a commission of inquiry appointed? About the way the decision to start the war was taken. Was there an appropriate process of decision making? Was there orderly staff work?About the Gaza War, there was no debate at all, because everything was perfectly alright. A brilliant campaign. Marvelous political and military leadership. True, we did not convince the Gaza Strip population to overthrow their leaders; true, we did not succeed in freeing the captured soldier Gilad Shalit; true, the whole world condemned us – but we killed a lot of Arabs, destroyed their environment and taught them a lesson they will not forget.Now, a profound debate on the Goldstone report is going on. Not about its content, God forbid. What’s there to discus? But about the one point that is really important: was our government right in deciding to boycott the commission? Perhaps it would have been better to take part in the deliberations? Did our Foreign Office act as foolishly as it usually does? (Our Ministry of Defense, of course, never behaves foolishly.) Tens of thousands of words about this world-shaking question were poured out from the newspapers, the radio and TV, with every self-respecting commentator weighing in.* * * SO WHY did the Israeli government boycott the commission? The real answer is quite simple: they knew full well that the commission, any commission, would have to reach the conclusions it did reach.In fact, the commission did not say anything new. Almost all the facts were already known: the bombing of civilian neighborhoods, the use of flechette rounds and white phosphorus against civilian targets, the bombing of mosques and schools, the blocking of rescue parties from reaching the wounded, the killing of fleeing civilians carrying white flags, the use of human shields, and more. The Israeli army did not allow journalists near the action, but the war was amply documented by the international media in all its details, the entire world saw it in real time on the TV screens. The testimonies are so many and so consistent, that any reasonable person can draw their own conclusions.If the officers and soldiers of the Israeli army had given testimony before the commission, it would perhaps have been impressed by their angle, too – the fear, the confusion, the lack of orientation – and the conclusions could have been somewhat less severe. But the main thrust would not have changed. After all, the whole operation was based on the assumption that it was possible to overthrow the Hamas government in Gaza by causing intolerable suffering to the civilian population. The damage to civilians was not “collateral”, whether avoidable or unavoidable, but a central feature of the operation itself.Moreover, the rules of engagement were designed to achieve “zero losses” to our forces – avoiding losses at any price. That was the conclusion our army – led by Gabi Ashkenazi – drew from the Second Lebanon War. The results speak for themselves: 200 dead Palestinians for every Israeli soldier killed by the other side – 1400:6.Every real investigation must inevitably lead to the same conclusions as those of the Goldstone commission. Therefore, there was no Israeli wish for a real inquiry. The “investigations” that did take place were a farce. The person responsible, the Military Advocate General, kippa-wearing brigadier Avichai Mendelblit, was in charge of this task. He was promoted this week to the rank of major general. The promotion and its timing speak a clear language.* * * SO IT is clear that there is no chance of the Israeli government belatedly opening a real investigation, as demanded by Israeli peace activists.In order to be credible, such an investigation would have to have the status of a State Commission of Inquiry as defined by Israeli law, headed by a Supreme Court justice. It would have to conduct its investigations publicly, in full view of the Israeli and international media. It would have to invite the victims, Gaza inhabitants, to testify together with the soldiers who took part in the war. It would have to investigate in detail each of the accusations that appear in the Goldstone report. It would have to check out the orders issued and decisions made, from the Chief of Staff down to the squad level. It would have to study the briefings of Air Force pilots and drone operators.This list suffices to make it clear why such an investigation will not and cannot take place. Instead, the world-wide Israeli propaganda machine will continue to defame the Jewish judge and the people who appointed him.Not all the Israeli accusations against the UN are groundless. For example: why does the organization investigate the war crimes in Gaza (and in former Yugoslavia and Darfur, investigations in which Goldstone took part as chief prosecutor) and not the actions of the US in Iraq and Afghanistan and the Russians in Chechnya ? But the main argument of the Israeli government is that the UN is an anti-Semitic organization, and its Human Rights Commission is doubly anti-Semitic. * * *
ISRAEL’S RELATIONS with the UN are very complex. The state was founded on the basis of a UN resolution, and it is doubtful whether it would have come into being at precisely that time and those circumstance had there been no such resolution. Our Declaration of Independence is largely based on this resolution. A year later, Israel was accepted as a UN member in spite of the fact that it had not allowed the (then) 750 thousand Palestinian refugees to return. But this honeymoon soured quickly. David Ben-Gurion spoke with contempt about UM-Shmum (“Um” is the Hebrew for “UN”, the prefix “shm” signifies contempt). From then on to this very day, Israel has systematically violated almost every single UN resolution that concerned it, complaining that there was an “automatic majority” of Arab and communist countries stacked against it. This attitude was reinforced when, on the eve of the 1967 war, the UN troops in Sinai where precipitously withdrawn on the demand of Gamal Abd-al-Nasser. And, of course, by the UN resolution (later annulled) equating Zionism with racism.Now this argument is raising its head again. The UN, it is being said, is anti-Israeli, which means (of course) anti-Semitic. Everyone who acts in the name of the UN is an Israel-hater. To hell with the UN. To hell with the Goldstone report.That is, however, a woefully short-sighted policy. The general public throughout the world is hearing about the report and remembering the pictures they saw on their TV screens during the Gaza war. The UN enjoys much respect. In the wake of the “Molten Lead” operation, Israel ’s standing in the world has been steadily going down, and this report will send it down even further. This will have practical consequences – political, military, economic and cultural. Only a fool – or an Avigdor Lieberman – can ignore that.If there is no credible Israeli investigation, there will be demands for the UN Security Council to refer the matter to the International Criminal Court in The Hague . Barack Obama would have to decide whether to veto such a resolution – a move that would cause grave harm to the US , and for which he would demand a high price from Israel .As has been said before: UM-Shmum may turn into UM-Boom.
*Uri Avnery is an Israeli writer and peace activist with Gush Shalom. He is a contributor to CounterPunch's book The Politics of Anti-Semitism.
By URI AVNERY
Is there no limit to the wiles of those dastardly anti-Semites?Now they have decided to slander the Jews with another blood libel. Not the old accusation of slaughtering Christian children to use their blood for baking Passover matzoth, as in the past, but of the mass slaughter of women and children in Gaza .And who did they put at the head of the commission which was charged with this task? Neither a British Holocaust-denier nor a German neo-Nazi, nor even an Iranian fanatic, but of all people a Jewish judge who bears the very Jewish name of Goldstone (originally Goldstein, of course). And not just a Jew with a Jewish name, but a Zionist, whose daughter, Nicole, is an enthusiastic Zionist who once “made Aliyah” and speaks fluent Hebrew. And not just a Jewish Zionist, but a South African who opposed apartheid and was appointed to the country’s Constitutional Court when that system was abolished.All this in order to defame the most moral army in the world, fresh from waging the most just war in history!Richard Goldstone is not the only Jew manipulated by the world-wide anti-Semitic conspiracy. Throughout the three weeks of the Gaza War, more than 10 thousand Israelis demonstrated against it again and again. They were photographed carrying signs saying “End the massacre in Gaza”, “Stop the war crimes”’ “Israel commits war crimes”, “Bombing civilians is a war crime”. They chanted in unison: “Olmert, Olmert, it is true – They’re waiting in The Hague for you!”Who would have believed that there are so many anti-Semites in Israel ?!* * * THE OFFICIAL Israeli reaction to the Goldstone report would have been amusing, if the matter had not been so grave.Except for the “usual suspects” (Gideon Levy, Amira Hass and their ilk), the condemnation of the report was unanimous, total and extreme, from Shimon Peres, that advocate of every abomination, down to the last scribbler in the newspapers.Nobody, but nobody, dealt with the subject itself. Nobody examined the detailed conclusions. With such an anti-Semitic smear, there is no need for that. Actually, there is no need to read the report at all.The public, in all its diversity, stood up like one person, in order to rebuff the plot, as it has learned to do in the thousand years of pogroms, Spanish inquisition and Holocaust. A siege mentality, the ghetto mentality.The instinctive reaction in such a situation is denial. It’s just not true. It never happened. It’s all a pack of lies.By itself, that is a natural reaction. When a human being is faced with a situation which he cannot handle, denial is the first refuge. If things did not happen, there is no need to cope. Basically, there is no difference between the deniers of the Armenian genocide, the deniers of the annihilation of the Native Americans and the deniers of the atrocities of all wars.From this point of view, it can be said that denial is almost “normal”. But with us it has been developed into an art form.* * * WE HAVE a special method: when something happens that we don’t want to confront, we direct the spotlight to one specific detail, something completely marginal, and begin to insist on it, debate it, examine it from all angles as if it were a matter of life and death. Take the Yom Kippur war. It broke out because for six years, beginning with the 1967 war, Israel had cruised like a Ship of Fools, intoxicated with victory songs, victory albums and the belief in the invincibility of the Israeli army. Golda Meir treated the Arab world with open contempt and rebuffed the peace overtures of Anwar Sadat. The result: more than 2000 young Israelis killed, and who knows how many Egyptians and Syrians.And what was furiously debated? The “Omission”. “Why were the reserves not called up in time? Why were the tanks not moved in advance?” Menachem Begin thundered in the Knesset, and about this, books and articles galore were written and a blue-ribbon judicial board of inquiry deliberated.The First Lebanon War was a political blunder and a military failure. It lasted 18 years, gave birth to Hizbullah and established it as a regional force. And what was discussed? Whether Ariel Sharon had deceived Begin and was responsible for his illness and eventual death.The Second Lebanon War was a disgrace from beginning to end, a superfluous war that caused massive destruction, wholesale slaughter and the flight of hundreds of thousands of innocent civilians from their homes, without achieving an Israeli victory. And what was our debate about? For what was a commission of inquiry appointed? About the way the decision to start the war was taken. Was there an appropriate process of decision making? Was there orderly staff work?About the Gaza War, there was no debate at all, because everything was perfectly alright. A brilliant campaign. Marvelous political and military leadership. True, we did not convince the Gaza Strip population to overthrow their leaders; true, we did not succeed in freeing the captured soldier Gilad Shalit; true, the whole world condemned us – but we killed a lot of Arabs, destroyed their environment and taught them a lesson they will not forget.Now, a profound debate on the Goldstone report is going on. Not about its content, God forbid. What’s there to discus? But about the one point that is really important: was our government right in deciding to boycott the commission? Perhaps it would have been better to take part in the deliberations? Did our Foreign Office act as foolishly as it usually does? (Our Ministry of Defense, of course, never behaves foolishly.) Tens of thousands of words about this world-shaking question were poured out from the newspapers, the radio and TV, with every self-respecting commentator weighing in.* * * SO WHY did the Israeli government boycott the commission? The real answer is quite simple: they knew full well that the commission, any commission, would have to reach the conclusions it did reach.In fact, the commission did not say anything new. Almost all the facts were already known: the bombing of civilian neighborhoods, the use of flechette rounds and white phosphorus against civilian targets, the bombing of mosques and schools, the blocking of rescue parties from reaching the wounded, the killing of fleeing civilians carrying white flags, the use of human shields, and more. The Israeli army did not allow journalists near the action, but the war was amply documented by the international media in all its details, the entire world saw it in real time on the TV screens. The testimonies are so many and so consistent, that any reasonable person can draw their own conclusions.If the officers and soldiers of the Israeli army had given testimony before the commission, it would perhaps have been impressed by their angle, too – the fear, the confusion, the lack of orientation – and the conclusions could have been somewhat less severe. But the main thrust would not have changed. After all, the whole operation was based on the assumption that it was possible to overthrow the Hamas government in Gaza by causing intolerable suffering to the civilian population. The damage to civilians was not “collateral”, whether avoidable or unavoidable, but a central feature of the operation itself.Moreover, the rules of engagement were designed to achieve “zero losses” to our forces – avoiding losses at any price. That was the conclusion our army – led by Gabi Ashkenazi – drew from the Second Lebanon War. The results speak for themselves: 200 dead Palestinians for every Israeli soldier killed by the other side – 1400:6.Every real investigation must inevitably lead to the same conclusions as those of the Goldstone commission. Therefore, there was no Israeli wish for a real inquiry. The “investigations” that did take place were a farce. The person responsible, the Military Advocate General, kippa-wearing brigadier Avichai Mendelblit, was in charge of this task. He was promoted this week to the rank of major general. The promotion and its timing speak a clear language.* * * SO IT is clear that there is no chance of the Israeli government belatedly opening a real investigation, as demanded by Israeli peace activists.In order to be credible, such an investigation would have to have the status of a State Commission of Inquiry as defined by Israeli law, headed by a Supreme Court justice. It would have to conduct its investigations publicly, in full view of the Israeli and international media. It would have to invite the victims, Gaza inhabitants, to testify together with the soldiers who took part in the war. It would have to investigate in detail each of the accusations that appear in the Goldstone report. It would have to check out the orders issued and decisions made, from the Chief of Staff down to the squad level. It would have to study the briefings of Air Force pilots and drone operators.This list suffices to make it clear why such an investigation will not and cannot take place. Instead, the world-wide Israeli propaganda machine will continue to defame the Jewish judge and the people who appointed him.Not all the Israeli accusations against the UN are groundless. For example: why does the organization investigate the war crimes in Gaza (and in former Yugoslavia and Darfur, investigations in which Goldstone took part as chief prosecutor) and not the actions of the US in Iraq and Afghanistan and the Russians in Chechnya ? But the main argument of the Israeli government is that the UN is an anti-Semitic organization, and its Human Rights Commission is doubly anti-Semitic. * * *
ISRAEL’S RELATIONS with the UN are very complex. The state was founded on the basis of a UN resolution, and it is doubtful whether it would have come into being at precisely that time and those circumstance had there been no such resolution. Our Declaration of Independence is largely based on this resolution. A year later, Israel was accepted as a UN member in spite of the fact that it had not allowed the (then) 750 thousand Palestinian refugees to return. But this honeymoon soured quickly. David Ben-Gurion spoke with contempt about UM-Shmum (“Um” is the Hebrew for “UN”, the prefix “shm” signifies contempt). From then on to this very day, Israel has systematically violated almost every single UN resolution that concerned it, complaining that there was an “automatic majority” of Arab and communist countries stacked against it. This attitude was reinforced when, on the eve of the 1967 war, the UN troops in Sinai where precipitously withdrawn on the demand of Gamal Abd-al-Nasser. And, of course, by the UN resolution (later annulled) equating Zionism with racism.Now this argument is raising its head again. The UN, it is being said, is anti-Israeli, which means (of course) anti-Semitic. Everyone who acts in the name of the UN is an Israel-hater. To hell with the UN. To hell with the Goldstone report.That is, however, a woefully short-sighted policy. The general public throughout the world is hearing about the report and remembering the pictures they saw on their TV screens during the Gaza war. The UN enjoys much respect. In the wake of the “Molten Lead” operation, Israel ’s standing in the world has been steadily going down, and this report will send it down even further. This will have practical consequences – political, military, economic and cultural. Only a fool – or an Avigdor Lieberman – can ignore that.If there is no credible Israeli investigation, there will be demands for the UN Security Council to refer the matter to the International Criminal Court in The Hague . Barack Obama would have to decide whether to veto such a resolution – a move that would cause grave harm to the US , and for which he would demand a high price from Israel .As has been said before: UM-Shmum may turn into UM-Boom.
*Uri Avnery is an Israeli writer and peace activist with Gush Shalom. He is a contributor to CounterPunch's book The Politics of Anti-Semitism.
Obama is the product of a certain political moment and system
Obama is the product of a certain political moment and system
The system let Obama be president. But he still may not
be able to beat it
Even if he is pushing the US in the right direction, it
is unlikely to be far or fast enough in a political
culture resisting reform
by Gary Younge
The Guardian (UK) - October 12, 2009
http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2009/oct/12/barack-obama-progressive-race
At an election night party during the primaries last
year I made a throwaway comment disparaging those who
believed Barack Obama's mixed-race identity gave him a
unique understanding of America's racial problems.
"It does," said one woman.
I explained that I was joking. She was not. "It really
does," she continued. "He knows how black people think
and he knows how white people think."
"If that's what it took then Tiger Woods [whose father
is of African American, Chinese and Native American
descent and mother is of Thai, Chinese and Dutch
descent] should be president and Nelson Mandela should
have stayed in the Transkei," I said.
"So why's he doing so well?" she asked. I suggested it
was probably his stance on the war, the state of the
economy and a desire to move on from the Clinton-Bush
duopoly combined with his grassroots organising
experience and use of new technology.
"There's more to it than that," she said. "It's him."
It is almost impossible to have an intelligent
conversation about Obama. The problem isn't that people
come to him with baggage. Everyone comes to everything
in politics with baggage. It's that they refuse to
check it in or even declare it. Any conversation about
what he does rapidly morphs into one about who he is
and what he might be.
In New Jersey more than a third of the conservatives
literally think he might be the devil. A poll last
month revealed 18% of the state's conservatives know he
is the antichrist, while 17% are not sure. In Oslo,
where he was last week awarded the Nobel peace prize,
they think he might be Mother Teresa. A peace prize for
a leader, nine months into his term, whose greatest
foreign policy achievement to date is to wind down one
war so he can escalate another, is bizarre to say the
least.
Obama's particular biography, sudden rise and
unflappable manner have certainly accentuated the
contradictions between how different people understand
his record. But the problem goes far wider than that.
An obsession with celebrity, the cult of presidential
personality and a culture of individualism (all of
which long predated his election) have made
understanding western politicians primarily within
their political context a relative rarity.
We talk instead of "great men", who as Thomas Carlyle
claimed, made history independent of the society and
cultures that produced them. So tales of their moods,
thought processes, psychological flaws and
idiosyncratic genius become paramount. The emphasis
shifts from policy to personality: their inability to
trust, failure to lead or willingness to compromise
become the questions of the day. The fate of the world
lies not so much in their hands as in their gut and
mind. Whether they take tablets or not sparks national
conversation.
And so for all his individual talents, the fact that
Obama is the product of a certain political moment and
system, and therefore represents both its potential and
its limits, is lost.
Nonetheless, the potential is not difficult to see. At
home his election brought together a new coalition to
transform the electoral landscape. He won the vote of
97% of black Americans, 67% of Latinos and white union
members, 66% of those aged between 18 and 29 and 63% of
Asian Americans. Black people voted in greater numbers
by 14%, Latinos by 25% and young people aged between 18
and 29 by 25%. On his coattails came substantial
Democratic majorities in both Houses of Congress.
He is now turning out to be the most progressive
president in 40 years. The agenda he has set out of
raising taxes on the rich, reforming healthcare,
withdrawing from Iraq, softening the sanctions on Cuba,
and boosting the number of student grants marks a far
bolder vision of what government is for than either
Bill Clinton or Jimmy Carter did.
Internationally, he remains incredibly popular, not
least for who he is not - George Bush. A poll released
last week revealing which country is most admired
around the world showed America leaping from seventh to
first. "What's really remarkable is that in all my
years studying national reputation, I have never seen
any country experience such a dramatic change in its
standing as we see for the United States in 2009,"
explained Simon Anholt of the Anholt-GfK Roper Nation
Brands Index. This is about as good a result as the
left is going to get out of an American election.
But the limits are also all too apparent. Being the
most progressive American president in more than a
generation is not the same as being progressive. It's
all relative. He has escalated the war in Afghanistan,
continued rendition and maintained many of the most
noxious presidential prerogatives that Bush claimed for
himself.
The fact that Democrats have sufficient majorities in
both houses of Congress to pass whatever they want but
are struggling to pass anything that would make a
decisive and conclusive break with the past suggests
the problem in Washington is not "partisan politics".
It's a political system and culture so crowded with
corporate lobbyists, that it is apparently incapable of
fulfilling the wishes of the people even when - as with
a public option in healthcare - that is what they want.
The fact he is a product of that system does not mean
he is not necessarily dedicated to reforming it. But we
cannot measure his dedication, only his achievements.
And so far those achievements have not been great.
Meanwhile, he has precious little to show for his
global popularity. Nobody wants to increase troop
levels in Afghanistan or take in Guant??namo Bay
prisoners. By the time his climate change efforts
emerge from Congress they are unlikely to impress the
international community. "The problem is he's asking
for roughly the same things Bush asked for and Bush
didn't get them, not because he was a boorish diplomat
or a cowboy," Peter Feaver, a former adviser to Bush,
told the New York Times recently. "If that were the
case, bringing in the sophisticated, urbane President
Obama would have solved the problem. Bush didn't get
them because these countries had good reasons for not
giving them." That's not quite true. He is asking for
less and prepared to give more. But the fact remains
that he wants similar things and his concessions seem
insufficient.
Put simply, he doesn't seem to have the numbers to
implement change on a scale necessary to relieve the
pain of people and the planet. This risks great
cynicism and even the possibility of a backlash. People
will say we reached out and nobody reached back; we
tried to reform healthcare but nothing much changed.
Predicting these disappointments, from the left, has
taken no great insight. Given his own politics and the
range of institutions in which he is embedded, the
limits have always been clear. It is the potential for
overcoming them that has been an open question.
This should neither absolve Obama of his
responsibilities nor ignore his considerable abilities,
but simply place meaningful criticism of him here on
Earth - as opposed to in heaven or hell. The fact that
he is pushing the country in the right direction does
not mean he is able to push it fast or far enough.
It seems the world may need more for its future health
and wellbeing than what US politics can produce right
now. His best may just not be good enough.
[Gary Younge is a Guardian columnist and feature writer
based in the US. He was formerly the paper's New York
correspondent. His most recent book is Stranger in a
Strange Land: Encounters in the Disunited States; he is
also the author of No Place Like Home, published in
1999.]
The system let Obama be president. But he still may not
be able to beat it
Even if he is pushing the US in the right direction, it
is unlikely to be far or fast enough in a political
culture resisting reform
by Gary Younge
The Guardian (UK) - October 12, 2009
http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2009/oct/12/barack-obama-progressive-race
At an election night party during the primaries last
year I made a throwaway comment disparaging those who
believed Barack Obama's mixed-race identity gave him a
unique understanding of America's racial problems.
"It does," said one woman.
I explained that I was joking. She was not. "It really
does," she continued. "He knows how black people think
and he knows how white people think."
"If that's what it took then Tiger Woods [whose father
is of African American, Chinese and Native American
descent and mother is of Thai, Chinese and Dutch
descent] should be president and Nelson Mandela should
have stayed in the Transkei," I said.
"So why's he doing so well?" she asked. I suggested it
was probably his stance on the war, the state of the
economy and a desire to move on from the Clinton-Bush
duopoly combined with his grassroots organising
experience and use of new technology.
"There's more to it than that," she said. "It's him."
It is almost impossible to have an intelligent
conversation about Obama. The problem isn't that people
come to him with baggage. Everyone comes to everything
in politics with baggage. It's that they refuse to
check it in or even declare it. Any conversation about
what he does rapidly morphs into one about who he is
and what he might be.
In New Jersey more than a third of the conservatives
literally think he might be the devil. A poll last
month revealed 18% of the state's conservatives know he
is the antichrist, while 17% are not sure. In Oslo,
where he was last week awarded the Nobel peace prize,
they think he might be Mother Teresa. A peace prize for
a leader, nine months into his term, whose greatest
foreign policy achievement to date is to wind down one
war so he can escalate another, is bizarre to say the
least.
Obama's particular biography, sudden rise and
unflappable manner have certainly accentuated the
contradictions between how different people understand
his record. But the problem goes far wider than that.
An obsession with celebrity, the cult of presidential
personality and a culture of individualism (all of
which long predated his election) have made
understanding western politicians primarily within
their political context a relative rarity.
We talk instead of "great men", who as Thomas Carlyle
claimed, made history independent of the society and
cultures that produced them. So tales of their moods,
thought processes, psychological flaws and
idiosyncratic genius become paramount. The emphasis
shifts from policy to personality: their inability to
trust, failure to lead or willingness to compromise
become the questions of the day. The fate of the world
lies not so much in their hands as in their gut and
mind. Whether they take tablets or not sparks national
conversation.
And so for all his individual talents, the fact that
Obama is the product of a certain political moment and
system, and therefore represents both its potential and
its limits, is lost.
Nonetheless, the potential is not difficult to see. At
home his election brought together a new coalition to
transform the electoral landscape. He won the vote of
97% of black Americans, 67% of Latinos and white union
members, 66% of those aged between 18 and 29 and 63% of
Asian Americans. Black people voted in greater numbers
by 14%, Latinos by 25% and young people aged between 18
and 29 by 25%. On his coattails came substantial
Democratic majorities in both Houses of Congress.
He is now turning out to be the most progressive
president in 40 years. The agenda he has set out of
raising taxes on the rich, reforming healthcare,
withdrawing from Iraq, softening the sanctions on Cuba,
and boosting the number of student grants marks a far
bolder vision of what government is for than either
Bill Clinton or Jimmy Carter did.
Internationally, he remains incredibly popular, not
least for who he is not - George Bush. A poll released
last week revealing which country is most admired
around the world showed America leaping from seventh to
first. "What's really remarkable is that in all my
years studying national reputation, I have never seen
any country experience such a dramatic change in its
standing as we see for the United States in 2009,"
explained Simon Anholt of the Anholt-GfK Roper Nation
Brands Index. This is about as good a result as the
left is going to get out of an American election.
But the limits are also all too apparent. Being the
most progressive American president in more than a
generation is not the same as being progressive. It's
all relative. He has escalated the war in Afghanistan,
continued rendition and maintained many of the most
noxious presidential prerogatives that Bush claimed for
himself.
The fact that Democrats have sufficient majorities in
both houses of Congress to pass whatever they want but
are struggling to pass anything that would make a
decisive and conclusive break with the past suggests
the problem in Washington is not "partisan politics".
It's a political system and culture so crowded with
corporate lobbyists, that it is apparently incapable of
fulfilling the wishes of the people even when - as with
a public option in healthcare - that is what they want.
The fact he is a product of that system does not mean
he is not necessarily dedicated to reforming it. But we
cannot measure his dedication, only his achievements.
And so far those achievements have not been great.
Meanwhile, he has precious little to show for his
global popularity. Nobody wants to increase troop
levels in Afghanistan or take in Guant??namo Bay
prisoners. By the time his climate change efforts
emerge from Congress they are unlikely to impress the
international community. "The problem is he's asking
for roughly the same things Bush asked for and Bush
didn't get them, not because he was a boorish diplomat
or a cowboy," Peter Feaver, a former adviser to Bush,
told the New York Times recently. "If that were the
case, bringing in the sophisticated, urbane President
Obama would have solved the problem. Bush didn't get
them because these countries had good reasons for not
giving them." That's not quite true. He is asking for
less and prepared to give more. But the fact remains
that he wants similar things and his concessions seem
insufficient.
Put simply, he doesn't seem to have the numbers to
implement change on a scale necessary to relieve the
pain of people and the planet. This risks great
cynicism and even the possibility of a backlash. People
will say we reached out and nobody reached back; we
tried to reform healthcare but nothing much changed.
Predicting these disappointments, from the left, has
taken no great insight. Given his own politics and the
range of institutions in which he is embedded, the
limits have always been clear. It is the potential for
overcoming them that has been an open question.
This should neither absolve Obama of his
responsibilities nor ignore his considerable abilities,
but simply place meaningful criticism of him here on
Earth - as opposed to in heaven or hell. The fact that
he is pushing the country in the right direction does
not mean he is able to push it fast or far enough.
It seems the world may need more for its future health
and wellbeing than what US politics can produce right
now. His best may just not be good enough.
[Gary Younge is a Guardian columnist and feature writer
based in the US. He was formerly the paper's New York
correspondent. His most recent book is Stranger in a
Strange Land: Encounters in the Disunited States; he is
also the author of No Place Like Home, published in
1999.]
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)