الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

رفاق الاختيار الإسلامي .... الهجرة من الثورة إلى السياسة

رفاق الاختيار الإسلامي .... الهجرة من الثورة إلى السياسة

رشيد عفيف

"أموت وأسجن ويحيا الوطن، وغدا سيذكر التاريخ من كان الإرهابي الحقيقي". كانت الكلمة الأخيرة لمصطفى المعتصم أمام هيئة المحكمة الابتدائية أول أمس الإثنين بسلا عنوانا لمسار الانتقال من العمل السري والثوري إلى العمل السياسي الحزبي. مثل أربعة من رفاقه الخمسة السياسيين المعتقلين في ملف بليرج، خرج أمين عام حزب البديل الحضاري من رحم حركة الاختيار الإسلامي التي تأسست في بداية الربع الأخير من القرن الماضي.

فبعد تجربة التمرد والثورة مع حركة الشبيبة الإسلامية واغتيال الزعيم اليساري عمر بن جلون بدأ التحول في مسار المعتصم نحو الإيمان بجدوى السياسة والتربية فتأسست حركة "الاختيار الإسلامي" في أكتوبر 1981 قبل أن تتضح الرؤية الفكرية ويؤسس في 1995 جمعية البديل الحضاري. بعد أكثر من سبع سنوات، اضطر المعتصم ورفاقه إلى خوض إضرابات واحتجاجات طويلة من أجل انتزاع وصل الاعتراف القانوني بالجمعية كحزب سياسي وهو ما تم له في 2005.

لم يهنأ المعتصم طويلا بوصل الاعتراف ففي فبراير من العام الماضي اعتقل ضمن ما عرف ب"خلية بليرج". كان من بين المعتقلين ضمن هذه الخلية رفيقه في تأسيس "حركة الاختيار الإسلامي" محمد المرواني. عكس المعتصم، لم ينجح المرواني في انتزاع وصل الاعتراف بحزب الأمة. وجاء موعد اعتقاله تزامنا منع احتجاجات مع مناضلي الحركة وتحديها لوزارة الداخلية . سعى محمد المرواني إلى الخروج من رحم الحركة الإسلامية إلى السياسة العلنية فحول "الحركة من أجل الأمة" إلى "حزب الأمة" وكان هذا مستنده أمام المحكمة، إذ اعتبر "أنها مجرد تصفية لحسابات سياسية" بسبب إصرار الحزب على انتزاع الاعتراف القانوني.

في 1980 التقى محمد الأمين الركالة بمصطفى المعتصم كان الناطق الرسمي باسم حزب البديل الحضاري وعنصرا مؤسسا للاختيار الإسلامي. "وقتها كنت مناضلا في "أ و ط م" متعاطفا مع فصيل طلابي من اليسار" هكذا وضع الدكتور الأمين الركالة السياق التاريخي لانخراطه السياسي. وطوال سنوات كان أحد منظري فكر الحركة قبل أن يبلور في 1993 مشروع ميثاق سياسي قوامه الإجماع والاختلاف المشروع والنضال المشترك. لقد كانت مساهمات الركالة النظرية وراء فكرة تحويل جمعية البديل الحضاري إلى حزب سياسي.

مثل باقي رفاقه، لم يصدق المقربون من ماء العينين العبادلة العضو القيادي بحزب العدالة والتنمية خبر اعتقاله ضمن خلية بليرج وطرحوا السؤال: هل أصبح الشاب المسالم الوديع و"الفاضل" إرهابيا؟. كانت فترة الدراسة في بلجيكا بكلية الصيدلة هي التي دفعته إلى تعميق فكره الديني باعتباره أحد أعضاء حركة الاختيار. تركت الفترة التي أمضاها في صفوف الحركة من أجل الأمة أثرا بالغا في نفسه، بسبب الاختلاف حول بعض المبادئ، حينها قرر تركها، والبحث عن بديل يتوافق مع ما يؤمن به من أفكار، فكان التحاقه بحزب العدالة والتنمية، الذي تولى به رئيس لجنة الوحدة الترابية والصحراء المغربية، باعتباره من أبناء المنطقة.

كان آخر الملتحقين بتنظيم الاختيار الإسلامي هو مراسل قناة المنار اللبنانية عبد الحفيظ السريتي يروي في مرافعته أمام المحكمة أنه تعرف على هذا الإطار في 1987 في خضم نشاطه الطلابي بالجامعة. كانت أهم مساهماته ضمن هذه الحركة طرح مشروع ميثاق طلابي يفرض عدم اللجوء إلى العنف بكل أشكاله المادية أو المعنوية. لقد توقفت تحقيقات الشرطة طويلا بمحمد الأمين الركالة وحضره عبد القادر بليرج، غير أن مراسل قناة المنار يذكر المحكمة بأنه كان يوما دراسيا حول "الحزب والمسألة السياسية".

من الحركة إلى الحزب، هاجر المدانون الخمسة في ملف بليرج من الإيمان بالعمل المسلح والثوري إلى الاقتناع بجدوى العمل الحزبي القانوني. وما كاد هؤلاء ينتزعون الاعتراف ب"توبتهم" حتى دخلوا رحلة جديدة قد تدوم لعقود، لكن هذه المرة وراء أسوار السجن.

الأحداث المغربية

العدد 3796 ، 29/07/2009