تونس – هدى العربي
احتضنت مدينة الحمامات ندوة دولية بحثت في "أسئلة الثورة العربية" بمشاركة مفكرين وباحثين عرب أمثال سعود المولى من لبنان والطاهر لبيب ومحسن البوعزيزي ومنير السعيداني ومنصف القابسي والهادي التيمومي وصلاح الدين الجورشي ومحمد الحداد والصغير أولاد أحمد من تونس، وحلمي الشعراوي من مصر وفيصل دراج وعبد الرحيم الشيخ ومحمد نعيم فرحات من فلسطين، وعروس الزبير من الجزائر وخديجة البسكري من ليبيا. الندوة نظمتها الجمعية العربية لعلم الاجتماع خلال 18 و19 و20 جويلية.
افتتح الأمين العام للجمعية العربية لعلم الاجتماع الأستاذ محسن البوعزيزي الندوة، تلته كلمة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطيب بكوش ثم كلمة للدكتور الطاهر لبيب .
ثم توالت مداخلات الباحثين في علم الاجتماع والحقوقيين خلال اليوم الأول من الندوة ثم كلمة الفلاسفة والمؤرخين حول ما طرحته الثورة من تحديات لفعل القوى المجتمعية المحركة لهذه الأحداث التاريخية والطامحة لتغيير وجهة التاريخ وهو ما أطلق عليه علم الاجتماع لفظة "التاريخانية" التي تسعى لتحقيقها كل حركة اجتماعية ثورية مستبطنة لميكانزمات التغيير.
تحركت بين المثقفين التفاعلات الفكرية للأسئلة الجديدة التي طرحتها عليهم الثورة (فكريا ومعرفيا وسياسيا ورمزيا، الخ...) وهو ما دفعهم لرؤية امتداداتها أو انعكاساتها في البلدان العربيّة واستشراف مستقبلها وكذلك مكتسباتها وعراقيلها الداخلية والخارجيّة من خلال الخطاب الثوري الذي ترفعه كل حركة احتجاجية على المستوى الوطني والإقليمي ومن خلال مراكمة كل حركة لفعلها التاريخي الحامل لرهانات جديدة والمشكّل لهوية طمست معالمها خلال النظم المهترئة. علاوة على ذلك سعت الندوة للتفرّس جيدا في تركيبة قواها المجتمعية المتمثل في عدة فئات اجتماعية من فنية وسياسية وثقافية وجمعياتية وطلابية وعمالية ومهمشة ونقابية وحقوقية وغيرها. كذلك في ميكانزمات حراكها ورهانات وسيرورة فعلها وأيضا الحركة المضادة لها المتمثلة في حكومات الظل المتماهي فعلها مع الأجهزة القمعية والخلايا الاستعلامية وتأثيراتها في الكيانات العربية.
لم تقتصر الندوة على مداخلات النخبة بل تجاوزت السائد لتكرم الطاقات الشابة في علم الاجتماع من طلبة الماجستير والدكتوراه من الوطن العربي. فقد قدم عدد منهم رؤاهم المتباينة حول مجريات الواقع الأصغر والأكبر من منظور علمي سوسيولوجي. هكذا خصص يوم للشباب من لبنان ومصر وليبيا وتونس وفلسطين والمغرب والجزائر لتحليل الحراك الاجتماعي في المنطقة وإمكانية توجيهه خدمة لقضايا التحرر الوطني. ولتجذير وبث الوعي الاستراتيجي والعمل على نشر سلوك اجتماعي ثقافي رمزي سياسي مسؤول يحفظ حق الأجيال القادمة في صون مصالحها الحيوية وأمنها ويرد على ثقافة الإتباع والتغريب ويكافح سياسات قولبت المجتمع وابتلعته و"دوْلنته"، الأمر الذي خلق أزمة هيكلية مست جل المؤسسات الاجتماعية وأفرغتها من كل مضمون قيمي يوطد علاقتنا بهويتنا وينمّى شعور العزة بانتمائنا إلى حضارتنا ..
الطلبة الذين شاركوا في المداخلات: نور كمال ومي عواد من فلسطين- هنادي حسون وغيدا ضاهر خليفة من لبنان- اسماء بن جبارة وهدى العربي من تونس وسهام الشريف من الجزائر وأحمد محمد بدر من مصر وزهير البحيري من المغرب
السبت، 30 يوليو 2011
دور موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" في الثورة التونسية
ملخص عن بحث أعدته أسماء بن جبارة- تونس-
في سيدي بوزيد؛ شرق غرب البلاد التونسية؛ بائع متجول "محمد البوعزيزي" (26 سنة) أضرم النار في جسده في 17 ديسمبر 2011 أمام مقر الولاية؛ احتجاجا منه عن منعه من الانتصاب في الشارع من قبل عون التراتيب.
لم يدرك يومها هذا الشاب التونسي أنه أحرق نفسه فقط بل أنه أشعل فتيلة الاحتجاجات المطالبة بحق الشغل و الكرامة، و العدالة الاجتماعية.
من يومها بدأت جملة المظاهرات في بعض المناطق الداخلية إلى أن اتسعت رقعة تلك الاحتجاجات إلى مختلف مناطق البلاد التونسية رغم أهمية الأحداث، إلا أن الإعلام الرسمي التونسي قابل هده الاحتجاجات بالتعتيم عما يحدث و ذلك بالتضييق على الصحافيين التونسيين و الأجانب و منعهم من تغطية ما يجري في البلاد (في الفترة الفاصلة بين 17 ديسمبر و أول شهر جانفي).
لقد حاولت السلطات حجب المعلومات و تحويرها من قبل الإعلام الرسمي التونسي إثر الأحداث التي اكتسحت البلاد بعد حادثة البوعزيزي و دلك بوصف تلك الأحداث بأعمال إرهاب و تخريب من قبل مجموعات "ملثمة".
فمع القمع و التضييق الإعلامي الذي كان يعيشه التونسيون كان البديل شبكة الإنترنات و بالتحديد موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" الذي تمكن من خلاله التونسيون الالتفاف على الرقابة و على التعتيم الإعلامي.
فعلى إمتداد سنوات، لم تكن المعلومة متيسرة للتونسيين سوى عبر قنوات الإعلام الرسمية التي كانت بارعة فقط في تمجيد نظام الرئيس المخلوع و طمس الحقائق. هذه الأرضية جعلت من الشباب التونسي يبحث عن فضاء إعلامي آخر متحرر من قيود السلطة الحاكمة؛ ينقل الحقيقة كما هي دون زيف أو تزويق.
فهذا الشباب المتعلم سئم من الاستخفاف به و بوعيه من طرف الحكومة ليشكل من خلال موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" على وجه التحديد فضاء إعلاميا موازي للفضاء الإعلامي "التقليدي" متحررا بذلك من الحجب و التعتيم.
فقد جعل الشباب التونسي من هذا الموقع الاجتماعي الذي سخر في البداية للتواصل مع الأصدقاء فضاء إعلاميا بامتياز. فهو يعتبره الوسيلة الأفضل لنشر المعلومة و التعبير عن أرائهم إزاء ما يحدث حولهم بكنف الحرية.
فما هو الدور الذي اضطلع به الموقع الاجتماعي "فايسبوك" في الثورة التونسية؟ و ما هي أبرز مساهماته في تحقيق الهدف المرجو؟ و ما هو الدور الذي اضطلع به بعد تحقيق الثورة التونسية؟
شكل موقع التواصل الاجتماعي 'فايسبوك" طيلة فترة الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها تونس في منتصف شهر ديسمبر وصولا إلى سقوط نظام بن علي أداة للشباب التونسي و وقودهم للانتفاضة على قمع الحريات و القهر و الكبت الاجتماعي و بديلا لوسائل الإعلام التونسية الرسمية التي حجبت حقيقة الأحداث و تميزت بتعتيم إعلامي غير مسبوق و تكذيب و تزيف الحقائق الميدانية.
فقد عهدت أجهزة الحكومة في فترة حكم بن علي على سياسة الحجب على العديد من المواقع الأنترنات (مثل الداليموتشا و اليوتوب). كما شملت هذه عملية موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لفترة وجيزة في شهر أوت 2008 (ليعود للعمل بقرار رئاسي بعد إحتجاجات "إفتراضية" عن منعه).
فعملية الحجب الحكومي أو ما يعرف بالرقيب الشهير "عمار
404" تعد من أول الاحتجاجات "الافتراضية" عبر المدونات و المجموعات المناهضة لهذا الحجب الإلكتروني عبر الفايسبوك مثل : "نهار على عمار"، "صفحة للدعاء على عمار ليلا نهار"، تلي ذلك صفحات "سيب صالح يا عمار"، إلخ.
رغم عمليات الحجب التي لحقت صفحات المدونين و بعض المواقع الاجتماعية، إلا أن مستخدمي الأنترنات في تونس شكلوا وجهات معارضة لهذه العمليات عبر اختراق و قرصنة بعض المواقع "المحظورة سياسيا"؛ التي كانت تبث حقائق متعلقة بأحداث الرديف 2008 أو ما يعرف بالحوض المنجمي و أحداث بنقردان 2010.
كما تشكلت مجموعات من الشباب تضغط على الحكومة من أجل المزيد من حريات الإبحار على النات و ذلك من خلال التظاهرات "الافتراضية" و الميدانية وعبر مختلف أساليب التعبير الفني (من خلال الرسوم الكاريكاتورية، الموسيقى و الغناء؛ نذكر على سبيل المثال المغني "بيندير مان،...).
فأمام ظل هذا التضييق الإعلامي، وجد الشباب التونسي ملاذهم في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لمتابعة التطورات الأمنية و الميدانية للتحركات الشعبية عبر ما يرسله و يتناقله الأهالي من مقاطع فيديو حية و صور توثق لأحداث ميدانية و صراع مباشر بين أجهزة القمع البوليسي لنظام السابق و المتظاهرين العزل مما أشعل شرارة الانتفاضات و ساهم في تأجيجها على نطاق أوسع.
فالشارع التونسي فقد ثقته الكاملة بوسائل الإعلام الرسمية المكتوبة و المسموعة و المرئية و حول وجهته لموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" الذي أضحى يستقي منه المعلومة و الأخبار الحينية في كامل تراب الجمهورية التونسية.
فحتى من وسائل الإعلام العربية و الأجنبية (من أبرزها قناة الجزيرة و فرنسا 24) استعانت في تغطية أحداث الانتفاضة التونسية بمقاطع فيديو من الفايسبوك التي عوضت المراسلين الإخباريين الذي منعتهم السلطات التونسية في العهد البائد من تغطية الاحتجاجات وضيقت عليهم إعلاميا.
حيث لم يتردد بن علي في أول رد فعل له بعد أحداث سيدي بوزيد على انتقاد وسائل الإعلام العربية (الجزيرة على وجه الخصوص) و الأجنبية منها التي اعتمدت بشكل أساسي على نقل الوقائع مستندة للفيديوهات و الصور التي استقتها من "الفاسبوك" و اتهامها ببث الأكاذيب و المغالطات دون تحر بل اعتمدت التهويل و التحريض و التجني الإعلامي العدائي لتونس.
كما تعرضت بعض الصحف الإلكترونية ، المجموعات على صفحات الفايسبوك و بعض المواقع الشخصية لبعض المدونين و الناشطين على هذه الشبكة مثل المدون التونسي "حمدي كالاتوشة إلى )
anonymous القراصنة التونسيين للمواقع الإلكترونية و أحد منظمي حركة
و المدون "عزيز عمامي" و "صلاح الدين كشوك" و "سليم عمامو"
و مغني الراب "حمدة بن عون" المعروف باسم "الجينيرال" الذي تم اعتقاله إثر أغنيته "رئيس البلاد".
رغم كل هذه التضيقات الهادفة لتغطية الحقائق الميدانية فقد شكلت مجموعات و صفحات على الفايسبوك مثل صفحة "أخبار تونس"، "يوميات الأحداث في سيدي بوزيد"، "أحرار تونس"، "ابتسم أنت لست من سيدي بوزيد"، الخ. هذه الصفحات تحولت إلى وكالات أنباء تورد تقاريرها بالصوت و الصورة اعتمادا على أجهزة و وسائل التكنولوجيا من تناقل الوقائع و الأحداث دون تزيف أو تهويل.
فأيام الانتفاضة التونسية كان الربط بين وسائل الإعلام "الجديد" / "الفايسبوكي" و الإعلامي الفضائي عبر القنوات التلفزية عاملا حاسما في الحفاظ على زخم النضال من اجل تحقيق الثورة. حيث لعبت شبكة التلفزيون "الجزيرة" و "فرنسا 24" دورا هاما في نقل المعلومات، الأحداث، الصور و الفيديوهات إلى أكبر شريحة من المجتمع خصوصا الذي لا يتقن استعمال الأنترنات و إلى العالم بوجه الخصوص. كما أن مستخدمو الموقع الاجتماعي "فايسبوك" يتبادلون فيما بينهم تسجيلات لبرامج تلفزيونية و إذاعية. مما يوفر فضاء إعلاميا حرا و ثريا بالمعلومات التي يمكن أن يتحصل عليها مستعمل الفايسبوك بسهولة و حينية و بتكلفة قليلة.
و كنتيجة لذلك؛ تمكن الفرد من إيجاد فضاء إعلامي متحرر من القيود التي كانت مفروضة على الإعلام من قبل السلطة الحاكمة. كما أنه أصبح من الممكن اليوم إنتاج المعلومة و نشرها و كذلك التعليق عليها بحيث تصبح المعلومة المتوفرة في هذا الفضاء محل نقاش و تحليل من طرف مستخدمي هذه الشبكة.
فمثلما لعبت بعض الإذاعات المحلية و العربية سابقا دورا كبيرا في حركات التحرر من الاستعمار في القرن الماضي، تربع اليوم موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" على عرش وسائل الإعلام.
فنحن اليوم في زمن الصورة و آليات التواصل الحديثة فلذلك من الطبيعي جدا أن يستثمر الشباب مختلف وسائل الاتصال الحديثة من مواقع الاجتماعية، هواتف محمولة و كاميرات في تنظيم الاحتجاجات مخترقة بذلك الأنظمة و الحدود التي يصعب على الحكومات التحكم فيها. لذلك اتجه الشباب إلى الفايسبوك كفضاء موازي يتيح لهم التواصل و التعبير و يعبر عن تأملاتهم و تطلعاتهم و جعلوا منهم منبرا إعلاميا و "سياسيا" تلقائيا بامتياز.
بصفة عامة، تقوم وسائل الإعلام عبر الحملات الإعلامية المكثفة إثارة وعي الجمهور و توجيهه لغاية محددة و ذلك عبر التأثير على آراءه و سلوكه. فالصورة أو الفيديو أصبح لها وقع أكبر على الفرد من المعلومة المكتوبة في زمننا الراهن.
من ناحية أخرى، فإن مستعمل الأنترنات والفايسبوك على وجه الخصوص أصبح ينتج المعلومة و يقوم بنشرها لشريحة كبيرة من مستعملي هذه الشبكات و يسمح لهم بمناقشة تلك المعلومات فيما بينهم. و بالتالي نشهد اليوم تحولا في المشهد الإعلامي وعلاقته بالمتلقي بحيث أصبح هذا الأخير ليس مستهلك فقط للإعلام و إنما منتجا له.
فمع انتشار الإعلام "الجديد" فإنه على الحكومات التي تخصص ميزانيات ضخمة على مؤسستها الإعلامية لتكون في خدمتها و لتبث من خلالها أرائها و مواقفها، أن تفهم بأن هذه الخيارات أصبحت غير مجدية أمام استفحال هذا الإعلام البديل الذي يخول لمستعمل الأنترنات أن يصبح "مواطنا إعلاميا" ينتج المعلومة التي يستقيها من محيطه ليبثها فيما بعد على شبكات التواصل الاجتماعي ليتم تناقلها و نشرها بين كافة المستخدمين.
فمستعملو "الفايسبوك" في تونس تجاوز المليونين محتلا بذلك المرتبة الأولى إفريقيا و مغاربيا، علما و أن هذه النسبة في ارتفاع مستمر أمام تزايد شعبية هذا الموقع الإلكتروني في أوساط الشباب (خاصة بالنسبة للشباب التي تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 سنة) .
فقد اضطلع هدا الموقع بدور التعبئة الجماهيرية في الثورة التونسية؛ فهده الشبكة يسرت اللحمة و التواصل بين مختلف أفراد المجتمع التونسي داخل البلاد و خارجه. فقد ساهم بالتعريف بأحداث سيدي بوزيد و غيرها من المناطق للأكبر شريحة من المجتمع التونسي و ذلك عبر تناقل الفيديوهات للمظاهرات الشعبية المنددة بقمع الحريات و بالفساد و خاصة ما يعرف "بالمافيا الطرابلسية".
دور موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك قبل أحداث الثورة التونسية:
تجدر الإشارة إلى أن الفيديوهات ذات الطابع السياسي التي تناقلها مستخدم الفايسبوك شكلت المحرك الرئيسي لانتفاضة الشعب التونسي نظرا لجرأتها الغير المعهودة. هذه الفيديوهات لعبت دورا كبيرا قبل أحداث الثورة في إنارة الرأي العام و تعرية الحقائق التي حاولت جاهدا الحكومة سابقا تغطيتها. فهذه الفيديوهات زادت في مستوى الوعي و رفعت مستوى المعرفة؛ فقد كشفت غطرسة و ديكتاتورية بن علي و عائلته (خاصة أصهاره و عائلة الطرابلسي)، إضافة إلى فيديوهات التي تثبت الترهيب الأمني و القمع البوليسي الذي كانت تمارسه الحكومة في فترة حكم بن علي.
و لعل لهذه الفيديوهات وقع و تأثير كبير على وعي الشعب التونسي لما تتميزت به الفيديوهات من مصداقية و شفافية كونها تبث الحقائق بالصوت و الصورة خاصة و نحن في زمن الصورة التي أصبح وقعها على المتلقي أقوى بكثير من الكلمة أحيانا.
ناهيك عن ذلك، ساهم تناقل هذه الفيديوهات عبر صفحات الفايسبوك تفاعل كبير بين منخرطي في هذه الشبكة مما شكل إعلام تفاعلي ساعد على تأجيج المظاهرات فيما بعد و إحداث التغير السياسي.
دور موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أثناء أحداث الثورة التونسية:
في البداية، يجب الإشارة بأن الأحداث المتسارعة التي عرفتها البلاد إثر حادثة البوعزيزي كانت غير واضحة الملامح و لم يتخيل أحد في تلك الفترة أن المظاهرات و الاحتجاجات سوف تفضي إلى ما آل إليه اليوم.
فالاحتجاجات المطالبة في الأول على مطالب اجتماعية بحتة و من أولويتها الحق في الشغل، الكرامة و العدالة الاجتماعية تحولت شيئا فشيئا إلى مطالب سياسية بحتة من أولها محاسبة عائلة الطرابلسي ثم مغادرة بن علي للحكم.
هذا و إن دل فإنه يدل عن تراكمات (فردية أو جماعية) لم تأتي من عدم و إنما هي جملة من الترسبات و سنوات القهر و الظلم في شتى الميادين. فقد تناثرت لفترة طويلة أنباء عن فساد زين العابدين بن علي، وزوجته ليلى الطرابلسية، وعائلتيهما، ما أثار مشاعر الكراهية والتحريض في نفوس الشعب.
صحيح أن للفيديوهات التي تناقلها مستعملو الأنترنات قبل أحداث ديسمبر كانت داعما رئيسيا و مهما في تأجج الشارع التونسي، زد على دلك الأوضاع و المشاكل ذات البعد الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي التي هيأت الأرضية لكسر حاجز الصمت و إفتكاك عقدة الخوف من النظام الحاكم. لكن تبقى حادثة البوعزيزي الشرارة الأولى لاندلاع الاحتجاجات في البلاد التونسية كما يبقى لموقع التواصل الإجتماعي "فايسبوك" دور فعال في إيصال المعلومة إلى أكبر عدد من التونسيين و كذلك في تنظيم المظاهرات و في توحيد الشعارات التي تهدف بحرية التعبير، الكرامة، التوزيع العادل للثروات و القضاء على الفساد.
فالدور الذي اضطلع به هذا الموقع الاجتماعي كان على مستوى التنسيق بين الشباب الثائر كتحديد توقيت و أماكن التظاهر بواسطة تنظيم الأحداث و تبادل الرسائل النصية من أجل تجمع الجماهير و ذلك في أقرب الآجال و بتكلفة قليلة جدا.
--- لقد استخدم هذا الموقع الإلكتروني كوسيلة لتنسيق الفعل و توجيه سلوك الأفراد بكل حرفية و دقة و مسؤولية و بأبسط وسائل التعبير الجماعي.
فمستعمل "الفايسبوك"؛ صباحا في الشارع يشارك و يسجل الأحداث عبر عدسات الكاميرات الرقمية أو عبر هاتفه النقال، و ليلا أمام الحاسوب ينقل و يتبادل تسجيلات الفيديوهات و الصور و الأخبار و مقالات. و على صفحات الحائط الافتراضي فايسبوك كان يحضر لتظاهرات الغد. فهدا المواطن البسيط الذي يحذق استعمال وسائل الاتصال الحديثة لعب دور الإعلامي في ظل انعدام الثقة في الإعلام الرسمي ليصبح بذلك مستعمل الفايسبوك مصورا إعلاميا و موثقا لأحداث التي تدور حوله عبر وسائل تكنولوجية حديثة تساعد على خلق مصداقية لأخبار المنقولة.
بهذا يصبح من الممكن للجماعات أن تطبق نوعا من السلوك المنسق للاحتجاج يكون منظما "افتراضيا" ثم يقع تطبيقه على أرض الواقع.
فمن خلال صفحات و مجموعات عديدة على الفاسبوك مثل "الشعب يحرق في روحو يا سيدي الرئيس"، و "كلنا سيدي بوزيد"، "إتحاد صفحات الثورة"، الخ ، نظمت العديد من التظاهرات "الافتراضية" التي كانت تحشد الجماهير و ذلك من خلال مشاركتهم "إفتراضيا" على هذا الحدث المنظم. و بالتالي يمكن أن نكون فكرة أولية عن العدد التقريبي الذي يتقاسم فكرة التظاهر و يرغب في المشاركة لأن يتحقق ذلك على الميدان لاحقا.
فهذا الموقع الإجتماعي أقام مجتمعا مدنيا "إفتراضيا" في البداية أطر نفسه ليشكل بذلك قوة ضغط كبيرة على أرض الميدان و ذلك من خلال التعبئة الجماهيرية و توحيد الشعارات و المواقف بكبست زر واحدة: نعم أشارك، أحب، أرسل،
Oui je participe, j’aime, partager, envoyer, etc.
سيسجل التاريخ بأن الثورة التونسية شكلتها وسائل الإعلام و تقنيات الاتصال الحديثة مثل مواقع التواصل الاجتماعي و المدونات. كما أن لكاميرات الفيديو و الهواتف المحمولة أهمية مماثلة في نقل الصور و الرسائل التي ساعدت في التعبئة و حشد الجماهير حتى أصبح يشكل هاجسا لإثارة المزيد من الثورات في دول أخرى.
فقد شكل هذا الموقع الاجتماعي الأداة المعاصرة "لتصدير" الثورة التونسية لمختلف البلدان العريبة. فالشباب العربي كان يتواصل عبر هذا الموقع؛ الشيء الذي يحفز و يشجع الشباب على الإحتجاج على الأوضاع التي يعيشونها في بلدانهم. كما أنهم يستلهمون من يعضهم القوة و يتبادلون فيما بينهم تقنيات استعمال هذه الشبكة من أجل إنجاح المظاهرات.
في سيدي بوزيد؛ شرق غرب البلاد التونسية؛ بائع متجول "محمد البوعزيزي" (26 سنة) أضرم النار في جسده في 17 ديسمبر 2011 أمام مقر الولاية؛ احتجاجا منه عن منعه من الانتصاب في الشارع من قبل عون التراتيب.
لم يدرك يومها هذا الشاب التونسي أنه أحرق نفسه فقط بل أنه أشعل فتيلة الاحتجاجات المطالبة بحق الشغل و الكرامة، و العدالة الاجتماعية.
من يومها بدأت جملة المظاهرات في بعض المناطق الداخلية إلى أن اتسعت رقعة تلك الاحتجاجات إلى مختلف مناطق البلاد التونسية رغم أهمية الأحداث، إلا أن الإعلام الرسمي التونسي قابل هده الاحتجاجات بالتعتيم عما يحدث و ذلك بالتضييق على الصحافيين التونسيين و الأجانب و منعهم من تغطية ما يجري في البلاد (في الفترة الفاصلة بين 17 ديسمبر و أول شهر جانفي).
لقد حاولت السلطات حجب المعلومات و تحويرها من قبل الإعلام الرسمي التونسي إثر الأحداث التي اكتسحت البلاد بعد حادثة البوعزيزي و دلك بوصف تلك الأحداث بأعمال إرهاب و تخريب من قبل مجموعات "ملثمة".
فمع القمع و التضييق الإعلامي الذي كان يعيشه التونسيون كان البديل شبكة الإنترنات و بالتحديد موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" الذي تمكن من خلاله التونسيون الالتفاف على الرقابة و على التعتيم الإعلامي.
فعلى إمتداد سنوات، لم تكن المعلومة متيسرة للتونسيين سوى عبر قنوات الإعلام الرسمية التي كانت بارعة فقط في تمجيد نظام الرئيس المخلوع و طمس الحقائق. هذه الأرضية جعلت من الشباب التونسي يبحث عن فضاء إعلامي آخر متحرر من قيود السلطة الحاكمة؛ ينقل الحقيقة كما هي دون زيف أو تزويق.
فهذا الشباب المتعلم سئم من الاستخفاف به و بوعيه من طرف الحكومة ليشكل من خلال موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" على وجه التحديد فضاء إعلاميا موازي للفضاء الإعلامي "التقليدي" متحررا بذلك من الحجب و التعتيم.
فقد جعل الشباب التونسي من هذا الموقع الاجتماعي الذي سخر في البداية للتواصل مع الأصدقاء فضاء إعلاميا بامتياز. فهو يعتبره الوسيلة الأفضل لنشر المعلومة و التعبير عن أرائهم إزاء ما يحدث حولهم بكنف الحرية.
فما هو الدور الذي اضطلع به الموقع الاجتماعي "فايسبوك" في الثورة التونسية؟ و ما هي أبرز مساهماته في تحقيق الهدف المرجو؟ و ما هو الدور الذي اضطلع به بعد تحقيق الثورة التونسية؟
شكل موقع التواصل الاجتماعي 'فايسبوك" طيلة فترة الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها تونس في منتصف شهر ديسمبر وصولا إلى سقوط نظام بن علي أداة للشباب التونسي و وقودهم للانتفاضة على قمع الحريات و القهر و الكبت الاجتماعي و بديلا لوسائل الإعلام التونسية الرسمية التي حجبت حقيقة الأحداث و تميزت بتعتيم إعلامي غير مسبوق و تكذيب و تزيف الحقائق الميدانية.
فقد عهدت أجهزة الحكومة في فترة حكم بن علي على سياسة الحجب على العديد من المواقع الأنترنات (مثل الداليموتشا و اليوتوب). كما شملت هذه عملية موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لفترة وجيزة في شهر أوت 2008 (ليعود للعمل بقرار رئاسي بعد إحتجاجات "إفتراضية" عن منعه).
فعملية الحجب الحكومي أو ما يعرف بالرقيب الشهير "عمار
404" تعد من أول الاحتجاجات "الافتراضية" عبر المدونات و المجموعات المناهضة لهذا الحجب الإلكتروني عبر الفايسبوك مثل : "نهار على عمار"، "صفحة للدعاء على عمار ليلا نهار"، تلي ذلك صفحات "سيب صالح يا عمار"، إلخ.
رغم عمليات الحجب التي لحقت صفحات المدونين و بعض المواقع الاجتماعية، إلا أن مستخدمي الأنترنات في تونس شكلوا وجهات معارضة لهذه العمليات عبر اختراق و قرصنة بعض المواقع "المحظورة سياسيا"؛ التي كانت تبث حقائق متعلقة بأحداث الرديف 2008 أو ما يعرف بالحوض المنجمي و أحداث بنقردان 2010.
كما تشكلت مجموعات من الشباب تضغط على الحكومة من أجل المزيد من حريات الإبحار على النات و ذلك من خلال التظاهرات "الافتراضية" و الميدانية وعبر مختلف أساليب التعبير الفني (من خلال الرسوم الكاريكاتورية، الموسيقى و الغناء؛ نذكر على سبيل المثال المغني "بيندير مان،...).
فأمام ظل هذا التضييق الإعلامي، وجد الشباب التونسي ملاذهم في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لمتابعة التطورات الأمنية و الميدانية للتحركات الشعبية عبر ما يرسله و يتناقله الأهالي من مقاطع فيديو حية و صور توثق لأحداث ميدانية و صراع مباشر بين أجهزة القمع البوليسي لنظام السابق و المتظاهرين العزل مما أشعل شرارة الانتفاضات و ساهم في تأجيجها على نطاق أوسع.
فالشارع التونسي فقد ثقته الكاملة بوسائل الإعلام الرسمية المكتوبة و المسموعة و المرئية و حول وجهته لموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" الذي أضحى يستقي منه المعلومة و الأخبار الحينية في كامل تراب الجمهورية التونسية.
فحتى من وسائل الإعلام العربية و الأجنبية (من أبرزها قناة الجزيرة و فرنسا 24) استعانت في تغطية أحداث الانتفاضة التونسية بمقاطع فيديو من الفايسبوك التي عوضت المراسلين الإخباريين الذي منعتهم السلطات التونسية في العهد البائد من تغطية الاحتجاجات وضيقت عليهم إعلاميا.
حيث لم يتردد بن علي في أول رد فعل له بعد أحداث سيدي بوزيد على انتقاد وسائل الإعلام العربية (الجزيرة على وجه الخصوص) و الأجنبية منها التي اعتمدت بشكل أساسي على نقل الوقائع مستندة للفيديوهات و الصور التي استقتها من "الفاسبوك" و اتهامها ببث الأكاذيب و المغالطات دون تحر بل اعتمدت التهويل و التحريض و التجني الإعلامي العدائي لتونس.
كما تعرضت بعض الصحف الإلكترونية ، المجموعات على صفحات الفايسبوك و بعض المواقع الشخصية لبعض المدونين و الناشطين على هذه الشبكة مثل المدون التونسي "حمدي كالاتوشة إلى )
anonymous القراصنة التونسيين للمواقع الإلكترونية و أحد منظمي حركة
و المدون "عزيز عمامي" و "صلاح الدين كشوك" و "سليم عمامو"
و مغني الراب "حمدة بن عون" المعروف باسم "الجينيرال" الذي تم اعتقاله إثر أغنيته "رئيس البلاد".
رغم كل هذه التضيقات الهادفة لتغطية الحقائق الميدانية فقد شكلت مجموعات و صفحات على الفايسبوك مثل صفحة "أخبار تونس"، "يوميات الأحداث في سيدي بوزيد"، "أحرار تونس"، "ابتسم أنت لست من سيدي بوزيد"، الخ. هذه الصفحات تحولت إلى وكالات أنباء تورد تقاريرها بالصوت و الصورة اعتمادا على أجهزة و وسائل التكنولوجيا من تناقل الوقائع و الأحداث دون تزيف أو تهويل.
فأيام الانتفاضة التونسية كان الربط بين وسائل الإعلام "الجديد" / "الفايسبوكي" و الإعلامي الفضائي عبر القنوات التلفزية عاملا حاسما في الحفاظ على زخم النضال من اجل تحقيق الثورة. حيث لعبت شبكة التلفزيون "الجزيرة" و "فرنسا 24" دورا هاما في نقل المعلومات، الأحداث، الصور و الفيديوهات إلى أكبر شريحة من المجتمع خصوصا الذي لا يتقن استعمال الأنترنات و إلى العالم بوجه الخصوص. كما أن مستخدمو الموقع الاجتماعي "فايسبوك" يتبادلون فيما بينهم تسجيلات لبرامج تلفزيونية و إذاعية. مما يوفر فضاء إعلاميا حرا و ثريا بالمعلومات التي يمكن أن يتحصل عليها مستعمل الفايسبوك بسهولة و حينية و بتكلفة قليلة.
و كنتيجة لذلك؛ تمكن الفرد من إيجاد فضاء إعلامي متحرر من القيود التي كانت مفروضة على الإعلام من قبل السلطة الحاكمة. كما أنه أصبح من الممكن اليوم إنتاج المعلومة و نشرها و كذلك التعليق عليها بحيث تصبح المعلومة المتوفرة في هذا الفضاء محل نقاش و تحليل من طرف مستخدمي هذه الشبكة.
فمثلما لعبت بعض الإذاعات المحلية و العربية سابقا دورا كبيرا في حركات التحرر من الاستعمار في القرن الماضي، تربع اليوم موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" على عرش وسائل الإعلام.
فنحن اليوم في زمن الصورة و آليات التواصل الحديثة فلذلك من الطبيعي جدا أن يستثمر الشباب مختلف وسائل الاتصال الحديثة من مواقع الاجتماعية، هواتف محمولة و كاميرات في تنظيم الاحتجاجات مخترقة بذلك الأنظمة و الحدود التي يصعب على الحكومات التحكم فيها. لذلك اتجه الشباب إلى الفايسبوك كفضاء موازي يتيح لهم التواصل و التعبير و يعبر عن تأملاتهم و تطلعاتهم و جعلوا منهم منبرا إعلاميا و "سياسيا" تلقائيا بامتياز.
بصفة عامة، تقوم وسائل الإعلام عبر الحملات الإعلامية المكثفة إثارة وعي الجمهور و توجيهه لغاية محددة و ذلك عبر التأثير على آراءه و سلوكه. فالصورة أو الفيديو أصبح لها وقع أكبر على الفرد من المعلومة المكتوبة في زمننا الراهن.
من ناحية أخرى، فإن مستعمل الأنترنات والفايسبوك على وجه الخصوص أصبح ينتج المعلومة و يقوم بنشرها لشريحة كبيرة من مستعملي هذه الشبكات و يسمح لهم بمناقشة تلك المعلومات فيما بينهم. و بالتالي نشهد اليوم تحولا في المشهد الإعلامي وعلاقته بالمتلقي بحيث أصبح هذا الأخير ليس مستهلك فقط للإعلام و إنما منتجا له.
فمع انتشار الإعلام "الجديد" فإنه على الحكومات التي تخصص ميزانيات ضخمة على مؤسستها الإعلامية لتكون في خدمتها و لتبث من خلالها أرائها و مواقفها، أن تفهم بأن هذه الخيارات أصبحت غير مجدية أمام استفحال هذا الإعلام البديل الذي يخول لمستعمل الأنترنات أن يصبح "مواطنا إعلاميا" ينتج المعلومة التي يستقيها من محيطه ليبثها فيما بعد على شبكات التواصل الاجتماعي ليتم تناقلها و نشرها بين كافة المستخدمين.
فمستعملو "الفايسبوك" في تونس تجاوز المليونين محتلا بذلك المرتبة الأولى إفريقيا و مغاربيا، علما و أن هذه النسبة في ارتفاع مستمر أمام تزايد شعبية هذا الموقع الإلكتروني في أوساط الشباب (خاصة بالنسبة للشباب التي تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 سنة) .
فقد اضطلع هدا الموقع بدور التعبئة الجماهيرية في الثورة التونسية؛ فهده الشبكة يسرت اللحمة و التواصل بين مختلف أفراد المجتمع التونسي داخل البلاد و خارجه. فقد ساهم بالتعريف بأحداث سيدي بوزيد و غيرها من المناطق للأكبر شريحة من المجتمع التونسي و ذلك عبر تناقل الفيديوهات للمظاهرات الشعبية المنددة بقمع الحريات و بالفساد و خاصة ما يعرف "بالمافيا الطرابلسية".
دور موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك قبل أحداث الثورة التونسية:
تجدر الإشارة إلى أن الفيديوهات ذات الطابع السياسي التي تناقلها مستخدم الفايسبوك شكلت المحرك الرئيسي لانتفاضة الشعب التونسي نظرا لجرأتها الغير المعهودة. هذه الفيديوهات لعبت دورا كبيرا قبل أحداث الثورة في إنارة الرأي العام و تعرية الحقائق التي حاولت جاهدا الحكومة سابقا تغطيتها. فهذه الفيديوهات زادت في مستوى الوعي و رفعت مستوى المعرفة؛ فقد كشفت غطرسة و ديكتاتورية بن علي و عائلته (خاصة أصهاره و عائلة الطرابلسي)، إضافة إلى فيديوهات التي تثبت الترهيب الأمني و القمع البوليسي الذي كانت تمارسه الحكومة في فترة حكم بن علي.
و لعل لهذه الفيديوهات وقع و تأثير كبير على وعي الشعب التونسي لما تتميزت به الفيديوهات من مصداقية و شفافية كونها تبث الحقائق بالصوت و الصورة خاصة و نحن في زمن الصورة التي أصبح وقعها على المتلقي أقوى بكثير من الكلمة أحيانا.
ناهيك عن ذلك، ساهم تناقل هذه الفيديوهات عبر صفحات الفايسبوك تفاعل كبير بين منخرطي في هذه الشبكة مما شكل إعلام تفاعلي ساعد على تأجيج المظاهرات فيما بعد و إحداث التغير السياسي.
دور موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك أثناء أحداث الثورة التونسية:
في البداية، يجب الإشارة بأن الأحداث المتسارعة التي عرفتها البلاد إثر حادثة البوعزيزي كانت غير واضحة الملامح و لم يتخيل أحد في تلك الفترة أن المظاهرات و الاحتجاجات سوف تفضي إلى ما آل إليه اليوم.
فالاحتجاجات المطالبة في الأول على مطالب اجتماعية بحتة و من أولويتها الحق في الشغل، الكرامة و العدالة الاجتماعية تحولت شيئا فشيئا إلى مطالب سياسية بحتة من أولها محاسبة عائلة الطرابلسي ثم مغادرة بن علي للحكم.
هذا و إن دل فإنه يدل عن تراكمات (فردية أو جماعية) لم تأتي من عدم و إنما هي جملة من الترسبات و سنوات القهر و الظلم في شتى الميادين. فقد تناثرت لفترة طويلة أنباء عن فساد زين العابدين بن علي، وزوجته ليلى الطرابلسية، وعائلتيهما، ما أثار مشاعر الكراهية والتحريض في نفوس الشعب.
صحيح أن للفيديوهات التي تناقلها مستعملو الأنترنات قبل أحداث ديسمبر كانت داعما رئيسيا و مهما في تأجج الشارع التونسي، زد على دلك الأوضاع و المشاكل ذات البعد الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي التي هيأت الأرضية لكسر حاجز الصمت و إفتكاك عقدة الخوف من النظام الحاكم. لكن تبقى حادثة البوعزيزي الشرارة الأولى لاندلاع الاحتجاجات في البلاد التونسية كما يبقى لموقع التواصل الإجتماعي "فايسبوك" دور فعال في إيصال المعلومة إلى أكبر عدد من التونسيين و كذلك في تنظيم المظاهرات و في توحيد الشعارات التي تهدف بحرية التعبير، الكرامة، التوزيع العادل للثروات و القضاء على الفساد.
فالدور الذي اضطلع به هذا الموقع الاجتماعي كان على مستوى التنسيق بين الشباب الثائر كتحديد توقيت و أماكن التظاهر بواسطة تنظيم الأحداث و تبادل الرسائل النصية من أجل تجمع الجماهير و ذلك في أقرب الآجال و بتكلفة قليلة جدا.
--- لقد استخدم هذا الموقع الإلكتروني كوسيلة لتنسيق الفعل و توجيه سلوك الأفراد بكل حرفية و دقة و مسؤولية و بأبسط وسائل التعبير الجماعي.
فمستعمل "الفايسبوك"؛ صباحا في الشارع يشارك و يسجل الأحداث عبر عدسات الكاميرات الرقمية أو عبر هاتفه النقال، و ليلا أمام الحاسوب ينقل و يتبادل تسجيلات الفيديوهات و الصور و الأخبار و مقالات. و على صفحات الحائط الافتراضي فايسبوك كان يحضر لتظاهرات الغد. فهدا المواطن البسيط الذي يحذق استعمال وسائل الاتصال الحديثة لعب دور الإعلامي في ظل انعدام الثقة في الإعلام الرسمي ليصبح بذلك مستعمل الفايسبوك مصورا إعلاميا و موثقا لأحداث التي تدور حوله عبر وسائل تكنولوجية حديثة تساعد على خلق مصداقية لأخبار المنقولة.
بهذا يصبح من الممكن للجماعات أن تطبق نوعا من السلوك المنسق للاحتجاج يكون منظما "افتراضيا" ثم يقع تطبيقه على أرض الواقع.
فمن خلال صفحات و مجموعات عديدة على الفاسبوك مثل "الشعب يحرق في روحو يا سيدي الرئيس"، و "كلنا سيدي بوزيد"، "إتحاد صفحات الثورة"، الخ ، نظمت العديد من التظاهرات "الافتراضية" التي كانت تحشد الجماهير و ذلك من خلال مشاركتهم "إفتراضيا" على هذا الحدث المنظم. و بالتالي يمكن أن نكون فكرة أولية عن العدد التقريبي الذي يتقاسم فكرة التظاهر و يرغب في المشاركة لأن يتحقق ذلك على الميدان لاحقا.
فهذا الموقع الإجتماعي أقام مجتمعا مدنيا "إفتراضيا" في البداية أطر نفسه ليشكل بذلك قوة ضغط كبيرة على أرض الميدان و ذلك من خلال التعبئة الجماهيرية و توحيد الشعارات و المواقف بكبست زر واحدة: نعم أشارك، أحب، أرسل،
Oui je participe, j’aime, partager, envoyer, etc.
سيسجل التاريخ بأن الثورة التونسية شكلتها وسائل الإعلام و تقنيات الاتصال الحديثة مثل مواقع التواصل الاجتماعي و المدونات. كما أن لكاميرات الفيديو و الهواتف المحمولة أهمية مماثلة في نقل الصور و الرسائل التي ساعدت في التعبئة و حشد الجماهير حتى أصبح يشكل هاجسا لإثارة المزيد من الثورات في دول أخرى.
فقد شكل هذا الموقع الاجتماعي الأداة المعاصرة "لتصدير" الثورة التونسية لمختلف البلدان العريبة. فالشباب العربي كان يتواصل عبر هذا الموقع؛ الشيء الذي يحفز و يشجع الشباب على الإحتجاج على الأوضاع التي يعيشونها في بلدانهم. كما أنهم يستلهمون من يعضهم القوة و يتبادلون فيما بينهم تقنيات استعمال هذه الشبكة من أجل إنجاح المظاهرات.
ستيفان هسل: إغضبوا!
كراس الكاتب والمقاوم السابق والسياسي الفرنسي ستيفان هسل "اغضبوا"، حطم كل التوقعات في توزيعه وانتشاره، فوصل مبيعه الى مليون و800 ألف نسخة في فرنسا وحدها. وأثار عاصفة من الجدل في وسائل الإعلام المختلفة. وتحضر حالياً ترجمات للغات عديدة منها الأميركية والإسبانية والايطالية والألمانية. إنه كتاب "العام" في فرنسا. وحسناً فعل صالح الأشمر بترجمته وصدوره عن "دار الجمل".
هنا جزء أساسي من الترجمة العربية الجيدة والدقيقة والحية لصالح الأشمر.
الحافز على المقاومة هو الغضب
لا يتورع بعضهم عن أن يقولوا لنا إن الدولة لم تعد قادرة على تأمين تكاليف هذه الإجراءات المواطنية. ولكن كيف يمكن اليوم الافتقار الى المال لتوسيع تلك الفتوحات والحفاظ عليها بينما تضاعف انتاج الثروات كثيراً منذ التحرير، أيام كانت أوروبا مدمرة؟ ما لم يكمن السبب في أن سلطان المال، الذي كافحته المقاومة بحزم، لم يكن يوماً قوياً، ومتغطرساً، وأنانياً، كما هو اليوم، مع خدامه المختصين حتى في أعلى مراكز النفوذ في الدولة. أما المصارف التي خصصت من بعد فتبدو مهتمة بأرباحها في المقام الأول، وبالرواتب المرتفعة جداً التي يتقاضاها مديروها، لا بالمصلحة العامة. والفارق بين الأكثر فقراً والأكثر غنى لم يكن قط كبيراً مثله اليوم، ولا لقي الركض وراء المال، والمنافسة، مثل هذا التشجيع.
كان الحافز الأساس على المقاومة هو الغضب. وإننا لنهيب، نحن قدامى حركات المقاومة والقوات المحاربة لفرنسا الحرة، بالأجيال الشابة أن تعمل على إحياء ونقل ميراث المقاومة ومُثلها العليا. وتقول لهم: تسلموا الراية، اغضبوا! ولا يجدر بالمسؤولين السياسيين، والاقتصاديين، والمثقفين، وعموم المجتمع، أن يستقيلوا، ولا أن يستسلموا لتأثير الدكتاتورية الدولية الراهنة للأسواق المالية التي تهدد السلام والديموقراطية.
أتمنى لكم جميعاً، لكل واحد منكم، أن تجدوا السبب الذي يدفعكم الى المقاومة. هذا أمر في غاية الأهمية. عندما يغضبكم أمرّ ما، كما كنت مغضباً من النازية، عندئذٍ يغدو كلّ منكم مناضلاً، قوياً ومُلتزماً. وينضمّ الى تيار التاريخ هذا، ولا بد لتيار التاريخ الكبير من أن يستمر بفضل كل واحد منكم. إن هذا التيار يمضي نحو مزيد من العدالة، ومزيد من الحرية، ولكنها ليست تلك الحرية المطلقة التي يتمتع بها الثعلب في قنّ الدجاج. إن هذه الحقوق، التي صاغ برنامجها الإعلان العالمي في عام 1948، تعم الجميع. فإن صادفتم من الناس أحداً لا يستفيد منها، فارثوا له، وساعدوه على تحصيلها.
رؤيتان الى التاريخ
عندما أحاول فهي الشيء الذي تسبب بنشوء الفاشية، الشيء الذي أدى الى اجتياحها لنا هي وحكومة فيشي، أقول لنفسي إن الملاكين، بما يتصفون به من أنانية، كانوا يرتعدون خوفاً من الثورة البلشفية. فأسلموا القياد لمخاوفهم. لكن لو انبرت اليوم، كما انبرت آنذاك، أقلية نشطة لكان ذلك كافياً، لأننا سنمتلك الخميرة لكي يختمر العجين. طبعاً، إن تجربة عجوز مثلي، مولود في عام 1917، لتتميز عن تجربة شبان هذه الأيام. وغالباً ما أطلب الى معلمين في مدارس ثانوية أن يتيحوا لي إمكانية التحدث أمام تلاميذهم، أقول لهم: إنكم لا تمتلكون، كما كنا نمتلك، الأسباب الواضحة لكي تلتزموا. أما نحن فكانت المقاومة في نظرنا هي عدم القبول بالاحتلال الألماني، وبالهزيمة. وكان ذلك أمراً بسيطاً نسبياً، بسيطاً مثل ما حدث بعد ذلك من إزالة للاستعمار. ثم حرب الجزائر. إذ كان من البديهي أن تصبح الجزائر مستقلة. وفي ما خص ستالين، فقد صفقنا جميعاً لانتصار الجيش الأحمر على النازيين، في عام 1943، لكن عندما علمنا بالمحاكمات التسالينية الكبرى التي جرت في عام 1935، فإن ضرورة الاعتراض على هذا الشكل الذي لا يُطاق من الشمولية فرضت نفسها كبداهة، على الرغم من أنه كان علينا أن نولي الشيوعية أذناً صاغية لموازنة الرأسمالية الأميركية.
لقد أتاحت لي حياتي الطويلة سلسلة متتالية من أسباب الغضب. لم تكن تلك الأسباب وليدة انفعال بقدر ما كانت ثمرة إرادة التزام. فطالب دار المعلمين الشاب الذي كنته كان متأثراً جداً بسارتر، زميل الدراسة الأكبر. وكان مؤلفا سارتر "الغثيان" و"الجدار"، وليس "الكينونة والعدم"، مهمين للغاية في تكويني الفكري. لقد عوّدنا سارتر أن يقول لنا: "أنتم مسؤولون من حيث انكم أفراد". وكان مغزى ذلك هو الحرية المطلقة. إنها مسؤولية الإنسان الذي لا يمكنه أن يفوّض أمره لا الى سلطة ولا الى إله. بل على العكس، ينبغي له أن يلتزم باسم مسؤوليته ككائن إنساني. عندما دخلت دار المعلمين الكائنة في شارع أوْلم في باريس، عام 1939، دخلتها كمريد متحمس للفيلسوف هيغل، وكنت أحضر الحلقة الدراسية التي يُشرف عليها موريس مرلو بونتي. كان تعليمه يتحرى التجربة المحسوسة، تجربة الجسد وعلاقاته بالحس، كمفرد كبير قبالة جمع الحواس. بيد أن تفاؤلي الطبيعي الذي يريد أن يكون كل مرغوب ممكناً جعلني أميل الى هيغل. إن الفلسفة الهيغيلية تفسر تاريخ الإنسانية الطويل على أنه ذو وجهة: إنها حرية الإنسان متقدماً مرحلة بعد مرحلة. والتاريخ مصنوع من صدمات متتالية، ما يعني أخذ التحديات في الاعتبار. ثم إن تاريخ المجتمعات يتقدم، وفي النهاية، بعد أن يبلغ الإنسان حريته الكاملة، نحصل على الدولة الديموقراطية في شكلها المثالي.
طبعاً، هناك تصور آخر للتاريخ. فأوجه التقدم التي تحققت من طريق الحرية، والمنافسة، والركض وراء "الأكثر دائماً"، يمكن أن تكون معيشة كإعصار مدمر. هكذا يتصورها صديق لوالدي، الرجل الذي تقاسم معه مهمة ترجمة مؤلف مارسل بروست "البحث عن الزمن الضائع" الى اللغة الألمانية. إنه الفيلسوف الألماني فالتر بنيامين. لقد استخلص رسالة تشاؤمية من لوحة الرسام السويسري بول كلي، "ملاك الجديد" (أو "ملاك التقدم") Angelus Novus، حيث يبسط الملاك ذراعيه كما لو أنه يصدّ ويدفع عاصفة يماثلها بالتقدم. يرى بنيامين، الذي انتحر في ايلول/سبتمبر 1940 هرباً من النازية، أن وجهة التاريخ هي السير الوئيد الذي لا يقهر من كارثة الى كارثة.
اللامبالاة: أسوأ المواقف
حقاً إن أسباب الغضب قد تبدو اليوم أقل وضوحاً أو العالم أشد تعقيداً. من يقود؟ من يقرر؟ ليس من السهل دائماً التمييز بين كل التيارات التي تحكمنا. فما عدنا نواجه نخبة نفهم بوضوح تصرفاتها السيئة. إنه عالم فسيح، نشعر جيداً بأنه مترابط يتكل بعضه على بعض. ونحن نعيش في حالة من التواصل لم يسبق لها مثيل. لكن في هذا العالم أشياء لا تُطاق. ولا بد لرؤيتها من إمعان النظر، والبحث. أقول للشبان: ابحثوا قليلاً تجدوا. إن أسوأ المواقف هو اللامبالاة، كأن تقول: "ما باليد حيلة، انني أتدبر أمري". فبتصرفك على هذا النحو انما تفقد أحد المكونات الجوهرية التي تصنع الإنسان. ان أحد المكونات لا بد منها هو ملكة الغضب ونتيجته الالتزام.
يمكن الآن تمييز تحديين كبيرين جديدين:
1 ـ البون الشاسع بين أفقر الفقراء وأغنى الأغنياء الذي لا يكف عن التعاظم. وهذا من مبتكرات القرن الواحد والعشرين. فأفقر الناس في عالم اليوم لا يكاد أحدهم يكسب دولارين يومياً. ولا يمكن ترك هذا البون ويتعمق. إن هذه الواقعة وحدها يجب أن تحدث التزاماً.
2 ـ حقوق الإنسان وحالة الكوكب. أتيحت لي بعد الحرب فرصة المشاركة في تحرير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 1948 في قصر شايو بباريس. آنذاك كنت رئيس مكتب هنري لوجييه، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، وأمين سر لجنة حقوق الإنسان، وبهذه الصفة اشتركت مع آخرين في كتابة ذلك الإعلان. ولا يسعني نسيان الدور الذي لعبه في إعداد الإعلان رينيه كاسان، المفوض الوطني لشؤون العدالة والتربية في حكومة فرنسا الحرة، عام 1941، والذي نال جائزة نوبل للسلام عام 1968، ولا ما قام به بيار منديس فرانس في نطاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أحيلت عليه النصوص التي وضعناها، قبل أن تنظر فيها اللجنة الثالثة للجمعية العمومية، المكلفة بالقضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية. في ذلك الحين كانت هذه اللجنة تضم ممثلي الدول الأربع والخمسين الأعضاء في المنظمة الدولية، وكنت أتولى أمانة سرها. ونحن ندين لرينيه كاسان بالفضل في استعمال مصطلح الحقوق "العالمية" وليس "الدولية" كما كان يقترح أصدقاؤنا الأنكلوسكسونيون. إذ كان هذا هو الرهان عند الخروج من الحرب العالمية الثانية: التحرر من التهديدات التي فرضتها الشمولية على الإنسانية. وللتخلص منها لا بد من الحصول على تعهد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باحترام تلك الحقوق العالمية. وهي طريقة لإبطال حجة السيادة الكاملة التي يمكن لدولة أن تعتد بها بينما تقترف جرائم ضد الإنسانية على أراضيها. وكانت هذه حالة هتلر الذي كان يعتبر نفسه سيداً في بلاده، مباح له إبادة شعب. إن هذا الإعلان يدين بالكثير للنفور العالمي من النازية، والفاشية، والشمولية، وحتى، بفضل حضورنا، لروح المقاومة. وكنت أشعر بوجوب العمل سريعاً، وعدم الانخداع بالنفاق الذي يكتنف إعلان المنتصرين تأييدهم لتلك القيم التي لم يكن الجميع ينتوي إعلاء شأنها بإخلاص، والتي حاولنا فرضها عليهم.
غضبي بخصوص فلسطين
اليوم ينصب غضبي الأكبر على ما يحدث في فلسطين، قطاع غزة والضفة الغربية. هذا النزاع هو منبع غضب في ذاته. ولا بد حتماً من قراءة تقرير ريتشارد غولدستون الصادر في أيلول/سبتمبر 2009 حول غزة. وفيه يوجه هذا القاضي الجنوب افريقي، اليهودي، والذي يزعم أنه صهيوني حتى، الاتهام الى الجيش الإسرائيلي بارتكاب "أعمال مماثلة لجرائم حرب، وقد تكون، في بعض الظروف، شبيهة بجرائم ضد الإنسانية" أثناء عملية "الرصاص المسكوب" التي استمرت ثلاثة أسابيع. لقد عدت شخصياً الى غزة في عام 2009، حيث تمكنت من الدخول مع زوجتي بفضل جوازي سفرنا الديبلوماسيين، لكي نتفحص عياناً ما يقوله التقرير. أما الأشخاص الذين كانوا يرافقوننا فلم يسمح لهم بدخول قطاع غزة. هناك وفي الضفة الغربية، زرنا مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي أقامتها منذ عام 1948 وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، الأونروا، حيث ينتظر أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني طردتهم إسرائيل من أراضيهم عودة الى الديار تزداد الشكوك في حصولها. أما غزة فهي سجن كبير غير مسقوف لمليون ونصف المليون من الفلسطينيين. سجن ينتظم الناس فيه من أجل البقاء على قيد الحياة. وما يتردد في ذاكرتنا ويساورها أكثر من مشاهد التدمير المادي التي عايناها، مثل تدمير مستشفى الهلال الأحمر بـ"الرصاص المسكوب"، هو سلوك الغزاويين، وطنيتهم، وحبهم للبحر والشاطئ، واهتمامهم الدائب براحة أطفالهم، الكثر والمرحين. لقد تأثرنا بأسلوبهم الحاذق في مواجهة أنواع العوز والحرمان المفروضة عليهم.
رأيناهم يصنعون اللبن ويستخدمونه بدلاً من الاسمنت المفقود لإعادة بناء آلاف البيوت التي دمرتها الدبابات. وأكدوا لنا سقوط ألف وأربع مئة قتيل نساء، وأطفال، وشيوخ من ضمنهم في المخيم الفلسطيني في أثناء عملية "الرصاص المسكوب" التي شنها الجيش الإسرائيلي، مقابل خمسين جريحاً فقط في الجانب الإسرائيلي. انني أوافق القاضي الجنوب أفريقي على ما توصل اليه من نتائج. فأن يتمكن يهود من أن يقترفوا بأنفسهم جرائم حرب أمر لا يحتمل. إن التاريخ، ويا للأسف، قلما يقدم أمثلة على شعوب تتعظ من تاريخها الخاص.
أعلم أن حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة لم تتمكن من تجنب إطلاق القذائف على المدن الإسرائيلية رداً على حالة الحصار والعزلة المفروضة على الغزاويين. وأعتقد يقيناً أن الإرهاب غير مقبول، لكن يجب الاعتراف بأنكم إذا كنتم محتلين بوسائل عسكرية متفوقة للغاية على أسلحتكم لا يمكن لرد الفعل الشعبي أن ينحصر في اللاعنف.
هل ينفع حركة حماس إطلاق القذائف على مدينة سديروت؟ الجواب لا. هذا لا يخدم قضيتها، لكن يمكن تفسير هذه الحركة بما يعتمل في صدور الغزاويين من سخط. وفي مفهوم السخط، يجب فهم العنف على أنه محصلة مؤسفة لأوضاع غير مقبولة بالنسبة الى من يعانون منها. والحال يمكن أن يقال إن الإرهاب نوع من السخط. وإن هذا السخط تعبير سلبي. لا ينبغي أن نسخط (أو نفقد الأمل)، ينبغي أن نأمل. إن السخط إنكار للأمل. وهو مفهوم، وأكاد أقول إنه طبيعي، غير أنه ليس مقبولاً. لأنه لا يسمح بالحصول على نتائج يمكن على سبيل الاحتمال أن تصنع الأمل.
اللاعنف
أنا على يقين بأن المستقبل ينتمي الى اللاعنف، والى المصالحة بين الثقافات المختلفة. من هذا الطريق سيكون على الإنسانية أن تجتاز مرحلتها المقبلة. وفي هذه النقطة ألتقي مع سارتر، فلا يمكن إعذار الإرهابيين الذين يرمون بالقنابل، ولكن يمكن فهمهم. كتب سارتر في عام 1947: "أعترف بأن العنف تحت أي شكل كان إنما هو فشل. غير أنه فشل لا مفر منه لأننا نعيش في عالم من العنف. وإن كان حقاً أن اللجوء الى العنف يبقى هو العنف الذي يخاطر بإدامته، فالحق أيضاً أن هذا هو الوسيلة الوحيدة لإنهائه". لا يسعنا أن ندعم الإرهابيين كما فعل سارتر باسم هذا المبدأ إبان حرب الجزائر، أو عند وقوع الاعتداء على رياضيين إسرائيليين أثناء دورة الألعاب الرياضية في ميونيخ عام 1972. هذا العنف غير فعال حتى أن سارتر نفسه خلص في أواخر أيامه الى التساؤل عن معنى الإرهاب والشك في مبرر وجوده. ثم ان القول بأن "العنف غير فعال" أهم من معرفة ما إذا كان يجدر بنا أن ندين أولئك الذين يستسلمون له أم لا. إن الإرهاب غير فعال. وفي مفهوم الفعالية لا بد من أمل غير عنيف. فإن كان ثمة أمل عنيف فهو في شعر غيوم أبولينير: "كم هو عنيف الأمل!"؛ لا في السياسة. لقد أعلن سارتر في آذار/مارس 1980، قبل ثلاثة أسابيع من وفاته: "يجب أن نفسر لماذا كان عالم اليوم، وهو عالم رهيب، مجرد لحظة لا غير في التطور التاريخي الطويل، ولماذا كان الأمل على الدوام هو إحدى القوى المهيمنة على الثورات والعصيانات، ولماذا ما زلت أشعر بالأمل على أنه تصوري للمستقبل".
يجب أن ندرك أن العنف يولي ظهره للأمل. ولا بد من تفضيل الأمل عليه، أمل اللاعنف. هذا هو السبيل الذي ينبغي علينا أن نتعلم اتباعه. وسواء أكان ذلك من جانب المضطهدين أم المضطهدين، لا بد من ولوج باب التفاوض لإزلة الاضطهاد، إن هذا المسعى هو الذي سوف يقطع دابر العنف والإرهاب. ولهذا يجب عدم السماح بتراكم كثير من الحقد.
إن رسالة رجل مثل مانديلا، ومارتن لوثر كينغ، تجد مصداقها في عالم تجاوز صدام الأيديولوجيات والشمولية الزاحفة. إنها رسالة أمل في مقدرة المجتمعات الحديثة على تجاوز النزاعات من خلال التفهم المتبادل والتأني الفطن. ولبلوغ هذه الغاية يجب الاستناد الى الحقوق التي من شأن انتهاكها، أياً يكن الفاعل، أن يثير غضبنا. لا مجال للتساهل في هذه الحقوق.
من أجل عصيان مدني
لقد سجلت ولست الوحيد رد فعل الحكومة الإسرائيلية وقد جوبهت بصنيع مواطني بلعين كل يوم جمعة عندما يأتون، من دون رمي بالحجارة، أو استعمال القوة، الى الجدار الفاصل حيث يحتجون على بنائه. لقد وصفت السلطات الإسرائيلية هذه المسيرة بأنها "إرهاب غير عنيف". لا بأس. يجب أن تكون إسرائيلياً حتى يمكنك أن تصف اللاعنف بأنه إرهابي. ولا بد بوجه خاص من أن تكون مرتبكاً إزاء فعالية اللاعنف الذي يتوسل استثارة التأييد، والتفهم، ومساندة كل من في العالم من مناهضين للاضطهاد.
إن الفكر الانتاجوي، الذي يحمله الغرب، قد أدخل العالم في أزمة يستلزم الخروج منها إحداث قطيعة جذرية مع الهرب الى الأمام المتمثل بـ"الأكثر دائماً" في المجال المالي كما في مجال العلوم والتقنيات. لقد آن الأوان لكي تصبح كفة الهم الأخلاقي، والعدالة، والتوازن المستدام، هي الراجحة. لأن المخاطر الجسيمة تتهددنا. ويمكنها أن تضع حداً للمغامرة الإنسانية على كوكب بإمكانها أن تجعله غير صالح لسُكنى البشر.
لكن يبقى صحيحاً أيضاً أن تقدماً مهماً قد تحقق في ميادين عدة منذ عام 1948: إزالة الاستعمار، نهاية نظام الفصل العنصري، تدمير الامبراطورية السوفياتية، سقوط جدار برلين. في المقابل كانت السنوات العشر الأولى من القرن الواحد والعشرين مرحلة تراجع. هذا التراجع أفسره جزئياً بالمدة التي ترأس فيها جورج بوش الولايات المتحدة الأميركية، والحادي عشر من أيلول/سبتمر 2001، والنتائج الكارثية التي استخلصتها الولايات المتحدة، مثل التدخل العسكري في العراق. لقد حلت بنا تلك الأزمة الاقتصادية غير أننا لم نتعلم منها مباشرة سياسة إنمائية جديدة. كذلك لم تتح قمة كوبنهاغن بشأن الاحتباس الحراري انتهاج سياسة حقيقية للحفاظ على الكوكب. إننا نقف على عتبة، بين أهوال العقد الأول من هذا القرن واحتمالات العقود التالية. لكن يجدر بنا أن نأمل، يجب أن نأمل دائماً. كان العقد السابق، عقد التسعينات، مصدر تقدم متعدد المجالات. لقد أمكن للأمم المتحدة أن تدعو الى مؤتمرات مثل مؤتمر ريو حول البيئة في عام 1992، ومؤتمر بكين حول النساء في عام 1995، وفي أيلول/سبتمبر 2000، بناء على مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، أقرت الدول الـ191 الأعضاء الإعلان حول "أهداف الألفية الثمانية من أجل التنمية"، الذي تعهدت فيه على وجه الدقة أن تخفض الى النصف حجم الفقر في العالم من الآن الى عام 2015.
وإني ليؤسفني أشد الأسف ألا يكشف كل من أوباما والاتحاد الأوروبي حتى الآن عن مقدار مساهمتهما المفترضة للانتقال الى مرحلة بناءة، استناداً الى القيم الأساسية.
كيف أختم هذه الدعوة الى الغضب؟ سأختتمها مستعيداً ما قلناه، نحن قدامى حركات المقاومة والقوات المحاربة لفرنسا الحرة (1940 1945)، في الثامن من آذار/مارس 2004، في مناسبة الذكرى الستين لبرنامج المجلس الوطني للمقاومة، من أن "النازية قد هُزمت، بفضل تضحية اخوتنا وأخواتنا في المقاومة وفي الأمم المتحدة ضد الهمجية الفاشية. غير أن هذا التهديد لم يختف كلياً، وإن غضبنا ضد الظلم ما زال متقداً لم يفتر".
لا، هذا التهديد لم يختف كلياً. لذلك ما زلنا ندعو الى "عصيان سلمي حقيقي ضد وسائل الاتصال الجماهيرية التي لا تقترح لشبيبتنا من أفق سوى الاستهلاك الجمعي، واحتقار من هم أضعف، وازدراء الثقافة، وفقدان الذاكرة المعمم، والمنافسة القاسية يخوضها الجميع ضد الجميع".
الى الذين واللواتي سوف يصنعون القرن الواحد والعشرين، نقول مع محبتنا:
"الخلق، هوالمقاومة.
المقاومة، هي الخلق".
هنا جزء أساسي من الترجمة العربية الجيدة والدقيقة والحية لصالح الأشمر.
الحافز على المقاومة هو الغضب
لا يتورع بعضهم عن أن يقولوا لنا إن الدولة لم تعد قادرة على تأمين تكاليف هذه الإجراءات المواطنية. ولكن كيف يمكن اليوم الافتقار الى المال لتوسيع تلك الفتوحات والحفاظ عليها بينما تضاعف انتاج الثروات كثيراً منذ التحرير، أيام كانت أوروبا مدمرة؟ ما لم يكمن السبب في أن سلطان المال، الذي كافحته المقاومة بحزم، لم يكن يوماً قوياً، ومتغطرساً، وأنانياً، كما هو اليوم، مع خدامه المختصين حتى في أعلى مراكز النفوذ في الدولة. أما المصارف التي خصصت من بعد فتبدو مهتمة بأرباحها في المقام الأول، وبالرواتب المرتفعة جداً التي يتقاضاها مديروها، لا بالمصلحة العامة. والفارق بين الأكثر فقراً والأكثر غنى لم يكن قط كبيراً مثله اليوم، ولا لقي الركض وراء المال، والمنافسة، مثل هذا التشجيع.
كان الحافز الأساس على المقاومة هو الغضب. وإننا لنهيب، نحن قدامى حركات المقاومة والقوات المحاربة لفرنسا الحرة، بالأجيال الشابة أن تعمل على إحياء ونقل ميراث المقاومة ومُثلها العليا. وتقول لهم: تسلموا الراية، اغضبوا! ولا يجدر بالمسؤولين السياسيين، والاقتصاديين، والمثقفين، وعموم المجتمع، أن يستقيلوا، ولا أن يستسلموا لتأثير الدكتاتورية الدولية الراهنة للأسواق المالية التي تهدد السلام والديموقراطية.
أتمنى لكم جميعاً، لكل واحد منكم، أن تجدوا السبب الذي يدفعكم الى المقاومة. هذا أمر في غاية الأهمية. عندما يغضبكم أمرّ ما، كما كنت مغضباً من النازية، عندئذٍ يغدو كلّ منكم مناضلاً، قوياً ومُلتزماً. وينضمّ الى تيار التاريخ هذا، ولا بد لتيار التاريخ الكبير من أن يستمر بفضل كل واحد منكم. إن هذا التيار يمضي نحو مزيد من العدالة، ومزيد من الحرية، ولكنها ليست تلك الحرية المطلقة التي يتمتع بها الثعلب في قنّ الدجاج. إن هذه الحقوق، التي صاغ برنامجها الإعلان العالمي في عام 1948، تعم الجميع. فإن صادفتم من الناس أحداً لا يستفيد منها، فارثوا له، وساعدوه على تحصيلها.
رؤيتان الى التاريخ
عندما أحاول فهي الشيء الذي تسبب بنشوء الفاشية، الشيء الذي أدى الى اجتياحها لنا هي وحكومة فيشي، أقول لنفسي إن الملاكين، بما يتصفون به من أنانية، كانوا يرتعدون خوفاً من الثورة البلشفية. فأسلموا القياد لمخاوفهم. لكن لو انبرت اليوم، كما انبرت آنذاك، أقلية نشطة لكان ذلك كافياً، لأننا سنمتلك الخميرة لكي يختمر العجين. طبعاً، إن تجربة عجوز مثلي، مولود في عام 1917، لتتميز عن تجربة شبان هذه الأيام. وغالباً ما أطلب الى معلمين في مدارس ثانوية أن يتيحوا لي إمكانية التحدث أمام تلاميذهم، أقول لهم: إنكم لا تمتلكون، كما كنا نمتلك، الأسباب الواضحة لكي تلتزموا. أما نحن فكانت المقاومة في نظرنا هي عدم القبول بالاحتلال الألماني، وبالهزيمة. وكان ذلك أمراً بسيطاً نسبياً، بسيطاً مثل ما حدث بعد ذلك من إزالة للاستعمار. ثم حرب الجزائر. إذ كان من البديهي أن تصبح الجزائر مستقلة. وفي ما خص ستالين، فقد صفقنا جميعاً لانتصار الجيش الأحمر على النازيين، في عام 1943، لكن عندما علمنا بالمحاكمات التسالينية الكبرى التي جرت في عام 1935، فإن ضرورة الاعتراض على هذا الشكل الذي لا يُطاق من الشمولية فرضت نفسها كبداهة، على الرغم من أنه كان علينا أن نولي الشيوعية أذناً صاغية لموازنة الرأسمالية الأميركية.
لقد أتاحت لي حياتي الطويلة سلسلة متتالية من أسباب الغضب. لم تكن تلك الأسباب وليدة انفعال بقدر ما كانت ثمرة إرادة التزام. فطالب دار المعلمين الشاب الذي كنته كان متأثراً جداً بسارتر، زميل الدراسة الأكبر. وكان مؤلفا سارتر "الغثيان" و"الجدار"، وليس "الكينونة والعدم"، مهمين للغاية في تكويني الفكري. لقد عوّدنا سارتر أن يقول لنا: "أنتم مسؤولون من حيث انكم أفراد". وكان مغزى ذلك هو الحرية المطلقة. إنها مسؤولية الإنسان الذي لا يمكنه أن يفوّض أمره لا الى سلطة ولا الى إله. بل على العكس، ينبغي له أن يلتزم باسم مسؤوليته ككائن إنساني. عندما دخلت دار المعلمين الكائنة في شارع أوْلم في باريس، عام 1939، دخلتها كمريد متحمس للفيلسوف هيغل، وكنت أحضر الحلقة الدراسية التي يُشرف عليها موريس مرلو بونتي. كان تعليمه يتحرى التجربة المحسوسة، تجربة الجسد وعلاقاته بالحس، كمفرد كبير قبالة جمع الحواس. بيد أن تفاؤلي الطبيعي الذي يريد أن يكون كل مرغوب ممكناً جعلني أميل الى هيغل. إن الفلسفة الهيغيلية تفسر تاريخ الإنسانية الطويل على أنه ذو وجهة: إنها حرية الإنسان متقدماً مرحلة بعد مرحلة. والتاريخ مصنوع من صدمات متتالية، ما يعني أخذ التحديات في الاعتبار. ثم إن تاريخ المجتمعات يتقدم، وفي النهاية، بعد أن يبلغ الإنسان حريته الكاملة، نحصل على الدولة الديموقراطية في شكلها المثالي.
طبعاً، هناك تصور آخر للتاريخ. فأوجه التقدم التي تحققت من طريق الحرية، والمنافسة، والركض وراء "الأكثر دائماً"، يمكن أن تكون معيشة كإعصار مدمر. هكذا يتصورها صديق لوالدي، الرجل الذي تقاسم معه مهمة ترجمة مؤلف مارسل بروست "البحث عن الزمن الضائع" الى اللغة الألمانية. إنه الفيلسوف الألماني فالتر بنيامين. لقد استخلص رسالة تشاؤمية من لوحة الرسام السويسري بول كلي، "ملاك الجديد" (أو "ملاك التقدم") Angelus Novus، حيث يبسط الملاك ذراعيه كما لو أنه يصدّ ويدفع عاصفة يماثلها بالتقدم. يرى بنيامين، الذي انتحر في ايلول/سبتمبر 1940 هرباً من النازية، أن وجهة التاريخ هي السير الوئيد الذي لا يقهر من كارثة الى كارثة.
اللامبالاة: أسوأ المواقف
حقاً إن أسباب الغضب قد تبدو اليوم أقل وضوحاً أو العالم أشد تعقيداً. من يقود؟ من يقرر؟ ليس من السهل دائماً التمييز بين كل التيارات التي تحكمنا. فما عدنا نواجه نخبة نفهم بوضوح تصرفاتها السيئة. إنه عالم فسيح، نشعر جيداً بأنه مترابط يتكل بعضه على بعض. ونحن نعيش في حالة من التواصل لم يسبق لها مثيل. لكن في هذا العالم أشياء لا تُطاق. ولا بد لرؤيتها من إمعان النظر، والبحث. أقول للشبان: ابحثوا قليلاً تجدوا. إن أسوأ المواقف هو اللامبالاة، كأن تقول: "ما باليد حيلة، انني أتدبر أمري". فبتصرفك على هذا النحو انما تفقد أحد المكونات الجوهرية التي تصنع الإنسان. ان أحد المكونات لا بد منها هو ملكة الغضب ونتيجته الالتزام.
يمكن الآن تمييز تحديين كبيرين جديدين:
1 ـ البون الشاسع بين أفقر الفقراء وأغنى الأغنياء الذي لا يكف عن التعاظم. وهذا من مبتكرات القرن الواحد والعشرين. فأفقر الناس في عالم اليوم لا يكاد أحدهم يكسب دولارين يومياً. ولا يمكن ترك هذا البون ويتعمق. إن هذه الواقعة وحدها يجب أن تحدث التزاماً.
2 ـ حقوق الإنسان وحالة الكوكب. أتيحت لي بعد الحرب فرصة المشاركة في تحرير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 1948 في قصر شايو بباريس. آنذاك كنت رئيس مكتب هنري لوجييه، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، وأمين سر لجنة حقوق الإنسان، وبهذه الصفة اشتركت مع آخرين في كتابة ذلك الإعلان. ولا يسعني نسيان الدور الذي لعبه في إعداد الإعلان رينيه كاسان، المفوض الوطني لشؤون العدالة والتربية في حكومة فرنسا الحرة، عام 1941، والذي نال جائزة نوبل للسلام عام 1968، ولا ما قام به بيار منديس فرانس في نطاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أحيلت عليه النصوص التي وضعناها، قبل أن تنظر فيها اللجنة الثالثة للجمعية العمومية، المكلفة بالقضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية. في ذلك الحين كانت هذه اللجنة تضم ممثلي الدول الأربع والخمسين الأعضاء في المنظمة الدولية، وكنت أتولى أمانة سرها. ونحن ندين لرينيه كاسان بالفضل في استعمال مصطلح الحقوق "العالمية" وليس "الدولية" كما كان يقترح أصدقاؤنا الأنكلوسكسونيون. إذ كان هذا هو الرهان عند الخروج من الحرب العالمية الثانية: التحرر من التهديدات التي فرضتها الشمولية على الإنسانية. وللتخلص منها لا بد من الحصول على تعهد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باحترام تلك الحقوق العالمية. وهي طريقة لإبطال حجة السيادة الكاملة التي يمكن لدولة أن تعتد بها بينما تقترف جرائم ضد الإنسانية على أراضيها. وكانت هذه حالة هتلر الذي كان يعتبر نفسه سيداً في بلاده، مباح له إبادة شعب. إن هذا الإعلان يدين بالكثير للنفور العالمي من النازية، والفاشية، والشمولية، وحتى، بفضل حضورنا، لروح المقاومة. وكنت أشعر بوجوب العمل سريعاً، وعدم الانخداع بالنفاق الذي يكتنف إعلان المنتصرين تأييدهم لتلك القيم التي لم يكن الجميع ينتوي إعلاء شأنها بإخلاص، والتي حاولنا فرضها عليهم.
غضبي بخصوص فلسطين
اليوم ينصب غضبي الأكبر على ما يحدث في فلسطين، قطاع غزة والضفة الغربية. هذا النزاع هو منبع غضب في ذاته. ولا بد حتماً من قراءة تقرير ريتشارد غولدستون الصادر في أيلول/سبتمبر 2009 حول غزة. وفيه يوجه هذا القاضي الجنوب افريقي، اليهودي، والذي يزعم أنه صهيوني حتى، الاتهام الى الجيش الإسرائيلي بارتكاب "أعمال مماثلة لجرائم حرب، وقد تكون، في بعض الظروف، شبيهة بجرائم ضد الإنسانية" أثناء عملية "الرصاص المسكوب" التي استمرت ثلاثة أسابيع. لقد عدت شخصياً الى غزة في عام 2009، حيث تمكنت من الدخول مع زوجتي بفضل جوازي سفرنا الديبلوماسيين، لكي نتفحص عياناً ما يقوله التقرير. أما الأشخاص الذين كانوا يرافقوننا فلم يسمح لهم بدخول قطاع غزة. هناك وفي الضفة الغربية، زرنا مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي أقامتها منذ عام 1948 وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، الأونروا، حيث ينتظر أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني طردتهم إسرائيل من أراضيهم عودة الى الديار تزداد الشكوك في حصولها. أما غزة فهي سجن كبير غير مسقوف لمليون ونصف المليون من الفلسطينيين. سجن ينتظم الناس فيه من أجل البقاء على قيد الحياة. وما يتردد في ذاكرتنا ويساورها أكثر من مشاهد التدمير المادي التي عايناها، مثل تدمير مستشفى الهلال الأحمر بـ"الرصاص المسكوب"، هو سلوك الغزاويين، وطنيتهم، وحبهم للبحر والشاطئ، واهتمامهم الدائب براحة أطفالهم، الكثر والمرحين. لقد تأثرنا بأسلوبهم الحاذق في مواجهة أنواع العوز والحرمان المفروضة عليهم.
رأيناهم يصنعون اللبن ويستخدمونه بدلاً من الاسمنت المفقود لإعادة بناء آلاف البيوت التي دمرتها الدبابات. وأكدوا لنا سقوط ألف وأربع مئة قتيل نساء، وأطفال، وشيوخ من ضمنهم في المخيم الفلسطيني في أثناء عملية "الرصاص المسكوب" التي شنها الجيش الإسرائيلي، مقابل خمسين جريحاً فقط في الجانب الإسرائيلي. انني أوافق القاضي الجنوب أفريقي على ما توصل اليه من نتائج. فأن يتمكن يهود من أن يقترفوا بأنفسهم جرائم حرب أمر لا يحتمل. إن التاريخ، ويا للأسف، قلما يقدم أمثلة على شعوب تتعظ من تاريخها الخاص.
أعلم أن حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة لم تتمكن من تجنب إطلاق القذائف على المدن الإسرائيلية رداً على حالة الحصار والعزلة المفروضة على الغزاويين. وأعتقد يقيناً أن الإرهاب غير مقبول، لكن يجب الاعتراف بأنكم إذا كنتم محتلين بوسائل عسكرية متفوقة للغاية على أسلحتكم لا يمكن لرد الفعل الشعبي أن ينحصر في اللاعنف.
هل ينفع حركة حماس إطلاق القذائف على مدينة سديروت؟ الجواب لا. هذا لا يخدم قضيتها، لكن يمكن تفسير هذه الحركة بما يعتمل في صدور الغزاويين من سخط. وفي مفهوم السخط، يجب فهم العنف على أنه محصلة مؤسفة لأوضاع غير مقبولة بالنسبة الى من يعانون منها. والحال يمكن أن يقال إن الإرهاب نوع من السخط. وإن هذا السخط تعبير سلبي. لا ينبغي أن نسخط (أو نفقد الأمل)، ينبغي أن نأمل. إن السخط إنكار للأمل. وهو مفهوم، وأكاد أقول إنه طبيعي، غير أنه ليس مقبولاً. لأنه لا يسمح بالحصول على نتائج يمكن على سبيل الاحتمال أن تصنع الأمل.
اللاعنف
أنا على يقين بأن المستقبل ينتمي الى اللاعنف، والى المصالحة بين الثقافات المختلفة. من هذا الطريق سيكون على الإنسانية أن تجتاز مرحلتها المقبلة. وفي هذه النقطة ألتقي مع سارتر، فلا يمكن إعذار الإرهابيين الذين يرمون بالقنابل، ولكن يمكن فهمهم. كتب سارتر في عام 1947: "أعترف بأن العنف تحت أي شكل كان إنما هو فشل. غير أنه فشل لا مفر منه لأننا نعيش في عالم من العنف. وإن كان حقاً أن اللجوء الى العنف يبقى هو العنف الذي يخاطر بإدامته، فالحق أيضاً أن هذا هو الوسيلة الوحيدة لإنهائه". لا يسعنا أن ندعم الإرهابيين كما فعل سارتر باسم هذا المبدأ إبان حرب الجزائر، أو عند وقوع الاعتداء على رياضيين إسرائيليين أثناء دورة الألعاب الرياضية في ميونيخ عام 1972. هذا العنف غير فعال حتى أن سارتر نفسه خلص في أواخر أيامه الى التساؤل عن معنى الإرهاب والشك في مبرر وجوده. ثم ان القول بأن "العنف غير فعال" أهم من معرفة ما إذا كان يجدر بنا أن ندين أولئك الذين يستسلمون له أم لا. إن الإرهاب غير فعال. وفي مفهوم الفعالية لا بد من أمل غير عنيف. فإن كان ثمة أمل عنيف فهو في شعر غيوم أبولينير: "كم هو عنيف الأمل!"؛ لا في السياسة. لقد أعلن سارتر في آذار/مارس 1980، قبل ثلاثة أسابيع من وفاته: "يجب أن نفسر لماذا كان عالم اليوم، وهو عالم رهيب، مجرد لحظة لا غير في التطور التاريخي الطويل، ولماذا كان الأمل على الدوام هو إحدى القوى المهيمنة على الثورات والعصيانات، ولماذا ما زلت أشعر بالأمل على أنه تصوري للمستقبل".
يجب أن ندرك أن العنف يولي ظهره للأمل. ولا بد من تفضيل الأمل عليه، أمل اللاعنف. هذا هو السبيل الذي ينبغي علينا أن نتعلم اتباعه. وسواء أكان ذلك من جانب المضطهدين أم المضطهدين، لا بد من ولوج باب التفاوض لإزلة الاضطهاد، إن هذا المسعى هو الذي سوف يقطع دابر العنف والإرهاب. ولهذا يجب عدم السماح بتراكم كثير من الحقد.
إن رسالة رجل مثل مانديلا، ومارتن لوثر كينغ، تجد مصداقها في عالم تجاوز صدام الأيديولوجيات والشمولية الزاحفة. إنها رسالة أمل في مقدرة المجتمعات الحديثة على تجاوز النزاعات من خلال التفهم المتبادل والتأني الفطن. ولبلوغ هذه الغاية يجب الاستناد الى الحقوق التي من شأن انتهاكها، أياً يكن الفاعل، أن يثير غضبنا. لا مجال للتساهل في هذه الحقوق.
من أجل عصيان مدني
لقد سجلت ولست الوحيد رد فعل الحكومة الإسرائيلية وقد جوبهت بصنيع مواطني بلعين كل يوم جمعة عندما يأتون، من دون رمي بالحجارة، أو استعمال القوة، الى الجدار الفاصل حيث يحتجون على بنائه. لقد وصفت السلطات الإسرائيلية هذه المسيرة بأنها "إرهاب غير عنيف". لا بأس. يجب أن تكون إسرائيلياً حتى يمكنك أن تصف اللاعنف بأنه إرهابي. ولا بد بوجه خاص من أن تكون مرتبكاً إزاء فعالية اللاعنف الذي يتوسل استثارة التأييد، والتفهم، ومساندة كل من في العالم من مناهضين للاضطهاد.
إن الفكر الانتاجوي، الذي يحمله الغرب، قد أدخل العالم في أزمة يستلزم الخروج منها إحداث قطيعة جذرية مع الهرب الى الأمام المتمثل بـ"الأكثر دائماً" في المجال المالي كما في مجال العلوم والتقنيات. لقد آن الأوان لكي تصبح كفة الهم الأخلاقي، والعدالة، والتوازن المستدام، هي الراجحة. لأن المخاطر الجسيمة تتهددنا. ويمكنها أن تضع حداً للمغامرة الإنسانية على كوكب بإمكانها أن تجعله غير صالح لسُكنى البشر.
لكن يبقى صحيحاً أيضاً أن تقدماً مهماً قد تحقق في ميادين عدة منذ عام 1948: إزالة الاستعمار، نهاية نظام الفصل العنصري، تدمير الامبراطورية السوفياتية، سقوط جدار برلين. في المقابل كانت السنوات العشر الأولى من القرن الواحد والعشرين مرحلة تراجع. هذا التراجع أفسره جزئياً بالمدة التي ترأس فيها جورج بوش الولايات المتحدة الأميركية، والحادي عشر من أيلول/سبتمر 2001، والنتائج الكارثية التي استخلصتها الولايات المتحدة، مثل التدخل العسكري في العراق. لقد حلت بنا تلك الأزمة الاقتصادية غير أننا لم نتعلم منها مباشرة سياسة إنمائية جديدة. كذلك لم تتح قمة كوبنهاغن بشأن الاحتباس الحراري انتهاج سياسة حقيقية للحفاظ على الكوكب. إننا نقف على عتبة، بين أهوال العقد الأول من هذا القرن واحتمالات العقود التالية. لكن يجدر بنا أن نأمل، يجب أن نأمل دائماً. كان العقد السابق، عقد التسعينات، مصدر تقدم متعدد المجالات. لقد أمكن للأمم المتحدة أن تدعو الى مؤتمرات مثل مؤتمر ريو حول البيئة في عام 1992، ومؤتمر بكين حول النساء في عام 1995، وفي أيلول/سبتمبر 2000، بناء على مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، أقرت الدول الـ191 الأعضاء الإعلان حول "أهداف الألفية الثمانية من أجل التنمية"، الذي تعهدت فيه على وجه الدقة أن تخفض الى النصف حجم الفقر في العالم من الآن الى عام 2015.
وإني ليؤسفني أشد الأسف ألا يكشف كل من أوباما والاتحاد الأوروبي حتى الآن عن مقدار مساهمتهما المفترضة للانتقال الى مرحلة بناءة، استناداً الى القيم الأساسية.
كيف أختم هذه الدعوة الى الغضب؟ سأختتمها مستعيداً ما قلناه، نحن قدامى حركات المقاومة والقوات المحاربة لفرنسا الحرة (1940 1945)، في الثامن من آذار/مارس 2004، في مناسبة الذكرى الستين لبرنامج المجلس الوطني للمقاومة، من أن "النازية قد هُزمت، بفضل تضحية اخوتنا وأخواتنا في المقاومة وفي الأمم المتحدة ضد الهمجية الفاشية. غير أن هذا التهديد لم يختف كلياً، وإن غضبنا ضد الظلم ما زال متقداً لم يفتر".
لا، هذا التهديد لم يختف كلياً. لذلك ما زلنا ندعو الى "عصيان سلمي حقيقي ضد وسائل الاتصال الجماهيرية التي لا تقترح لشبيبتنا من أفق سوى الاستهلاك الجمعي، واحتقار من هم أضعف، وازدراء الثقافة، وفقدان الذاكرة المعمم، والمنافسة القاسية يخوضها الجميع ضد الجميع".
الى الذين واللواتي سوف يصنعون القرن الواحد والعشرين، نقول مع محبتنا:
"الخلق، هوالمقاومة.
المقاومة، هي الخلق".
توجهات الحوار وقواعده
1- يسهم الحوار، من حيث هو ثقافة ونهج تعامل، في اغناء اللبنانيين بالتنوع الذي يتميّز به بلدهم وفي الحيلولة دون تسبّبه بالفرقة. كما يسهم في درء مخاطر القطيعة بينهم أو ميل بعضهم إلى الاستغناء والإنطواء.
2- وتزداد الحاجة إلى الحوار بازدياد احتمالات الإنزلاق من توكيد الذات ومعه التشديد على الحق في المغايرة، إلى النفور أو العداء، لا سيما في الحالات التي يؤدي فيها الخلاف السياسي القوي إلى انقسام طائفي ومذهبي حاد.
3- والحوار سبيل للوصل بين اللبنانيين ولتدارك الفصل الذي ينذر به شكهم أو خوفهم أو خصامهم. وهو أداة اقدار من أجل بناء الجسور أو اعادة بنائها، وفض النزاعات أو الحؤول دون انفجارها.
4- والحوار سعي إلى التفهم المتبادل، وتوسيع المساحات المشتركة، وصياغة التوافقات والبناء عليها، ووضع الاختلافات في نصابها، والعمل على حلّ المشكلات الناتجة عنها. ولذلك فهو مدعو إلى محاذرة المناظرات والمماحكات العقيمة.
5- والحوار عملية تراكمية غالباً ما تستند فاعليتها إلى استدامتها. فالحوار ضروري حتى في الأزمنة والأمكنة حيث لا تبدو الحاجة إليه ملحة. ولعلّ في هذه الحالة شرط لكي يفعل فعله حين تشتد الأزمات وتزداد أهمية التلاقي. فالحوار في أزمنة الإنفراج يجعل الحوار في أزمنة الضيق مؤثراً.
6- وينسج الحوار علاقات احترام وثقة بين المتحاورين وينشئ صداقات. ومن شأن حسن المعاشرة، وهي من خصائص العملية الحوارية، أن تكون حافزاً لحسن المبادرة، وبوجه أخص في عمل الوساطة والسعي من أجل المصالحة.
7- ويترتب على المتحاورين التخلق بأخلاق الحوار، ومعظمها بديهية، ومنها:
- اعطاء الوقت الكافي للإصغاء إلى الآخر والفرصة لتبيان موقفه بكل وضوح.
- ارتضاء البحث عن الحقيقة في وجهة نظر الآخر.
- عدم اختصار مواقف الآخرين على نحو لا يتعرفون فيه إلى أنفسهم.
- الاحجام عن مقارنة المثال عندنا بالواقع عند سوانا بل مقارنة الواقع بالواقع ومقابلة المثال مع المثال.
- التزام آداب التخاطب المعروفة، كالبعد عن المهاترة والبذائة والتجريح والتهكم المسيء إلى الكرامات الشخصية والجمعية.
- تجنب اطلاق الأحكام القيمية على الأشخاص وتعليق الحكم القيمي على الآراء أثناء القسط الأكبر من المناقشات.
- تحاشي اللجوء إلى الملاطفة والمسايرة والمجاملة على حساب الصدق والوضوح.
8- يسعى الحوار إلى ردم الهوة، أو تجسيرها، بين ما يقال في الجلسات المغلقة وما يصرَّح به في العلن. وتتعزز صدقيته بأحجام المشاركين فيه عن أي قول بغياب الآخرين لا يقولونه بحضورهم.
9- لا يبحث الحوار عن الإتفاق بأي ثمن. ولا يفتعله من خلال تكرار المشتركات البديهية وتوسل العموميات وأفكار "الحد الأدنى" التي لا تقدم ولا تؤخر. بل يترتب على المشاركين أن يعلنوا فشلهم في الإتفاق إذا ما حصل، وعلى نحو لا لبس فيه، دون التهديد بإيقافه أو الإنسحاب منه. أكثر من ذلك إن كل فشل من هذا النوع مناسبة لتجديد الإلتزام بالمثابرة في الحوار.
10- ولا يعني فشل الحوار في الوصول إلى اتفاق أن تبقى الإختلافات على حالها. فهو لا يضخّمها أو يهول بها، بل يفسرها ويعيد صياغة مسائلها على نحو يفتح المسالك أمام حوارات لاحقة.
11- يضم الحوار أشخاصاً من مشارب مختلفة وهم متساوون. فلا يعطي النطق بإسم جماعة أو فئة والدفاع عن مصالحها وسياساتها امتيازاً لأي من المشاركين. وتنبع قيمة الآراء من نوعية المشاركة في الحوار لا من قوة نفوذ أي من المشاركين أو سعة تأثيره، الفعلية أو المفترضة.
12- لا يفترض الحوار أن المشاركين فيه كتل متجانسة وثابتة، بل يسعى إلى اظهار التنوع داخل الكتل المفترضة. فلا يتحول إلى أخذ ورد بين مجموعات متقابلة أو متعارضة، بل من شأنه أن يؤدي إلى الوان من التقارب العابرة للمجموعات التي تشكلها الخيارات المسبقة.
13- يسعى الحوار إلى التحرر من علاقات القوى، السياسية والفكرية الخارجة عنه، فلا يكون تفاوضاً بين من يحسبون أنفسهم، أو يحسبون، أطرافاً أقوياء بحجة سعة تمثيلهم أو نتيجة لتمسكهم بمواقفهم.
14- ويشترط نجاح الحوار ضمان مشاركة الجميع فيه دون استثناء ويستدعي اشراك من يميلون إلى مشاركة محدودة أو الذين تحرجهم مواقف سواهم.
اللقاء اللبناني للحوار
2- وتزداد الحاجة إلى الحوار بازدياد احتمالات الإنزلاق من توكيد الذات ومعه التشديد على الحق في المغايرة، إلى النفور أو العداء، لا سيما في الحالات التي يؤدي فيها الخلاف السياسي القوي إلى انقسام طائفي ومذهبي حاد.
3- والحوار سبيل للوصل بين اللبنانيين ولتدارك الفصل الذي ينذر به شكهم أو خوفهم أو خصامهم. وهو أداة اقدار من أجل بناء الجسور أو اعادة بنائها، وفض النزاعات أو الحؤول دون انفجارها.
4- والحوار سعي إلى التفهم المتبادل، وتوسيع المساحات المشتركة، وصياغة التوافقات والبناء عليها، ووضع الاختلافات في نصابها، والعمل على حلّ المشكلات الناتجة عنها. ولذلك فهو مدعو إلى محاذرة المناظرات والمماحكات العقيمة.
5- والحوار عملية تراكمية غالباً ما تستند فاعليتها إلى استدامتها. فالحوار ضروري حتى في الأزمنة والأمكنة حيث لا تبدو الحاجة إليه ملحة. ولعلّ في هذه الحالة شرط لكي يفعل فعله حين تشتد الأزمات وتزداد أهمية التلاقي. فالحوار في أزمنة الإنفراج يجعل الحوار في أزمنة الضيق مؤثراً.
6- وينسج الحوار علاقات احترام وثقة بين المتحاورين وينشئ صداقات. ومن شأن حسن المعاشرة، وهي من خصائص العملية الحوارية، أن تكون حافزاً لحسن المبادرة، وبوجه أخص في عمل الوساطة والسعي من أجل المصالحة.
7- ويترتب على المتحاورين التخلق بأخلاق الحوار، ومعظمها بديهية، ومنها:
- اعطاء الوقت الكافي للإصغاء إلى الآخر والفرصة لتبيان موقفه بكل وضوح.
- ارتضاء البحث عن الحقيقة في وجهة نظر الآخر.
- عدم اختصار مواقف الآخرين على نحو لا يتعرفون فيه إلى أنفسهم.
- الاحجام عن مقارنة المثال عندنا بالواقع عند سوانا بل مقارنة الواقع بالواقع ومقابلة المثال مع المثال.
- التزام آداب التخاطب المعروفة، كالبعد عن المهاترة والبذائة والتجريح والتهكم المسيء إلى الكرامات الشخصية والجمعية.
- تجنب اطلاق الأحكام القيمية على الأشخاص وتعليق الحكم القيمي على الآراء أثناء القسط الأكبر من المناقشات.
- تحاشي اللجوء إلى الملاطفة والمسايرة والمجاملة على حساب الصدق والوضوح.
8- يسعى الحوار إلى ردم الهوة، أو تجسيرها، بين ما يقال في الجلسات المغلقة وما يصرَّح به في العلن. وتتعزز صدقيته بأحجام المشاركين فيه عن أي قول بغياب الآخرين لا يقولونه بحضورهم.
9- لا يبحث الحوار عن الإتفاق بأي ثمن. ولا يفتعله من خلال تكرار المشتركات البديهية وتوسل العموميات وأفكار "الحد الأدنى" التي لا تقدم ولا تؤخر. بل يترتب على المشاركين أن يعلنوا فشلهم في الإتفاق إذا ما حصل، وعلى نحو لا لبس فيه، دون التهديد بإيقافه أو الإنسحاب منه. أكثر من ذلك إن كل فشل من هذا النوع مناسبة لتجديد الإلتزام بالمثابرة في الحوار.
10- ولا يعني فشل الحوار في الوصول إلى اتفاق أن تبقى الإختلافات على حالها. فهو لا يضخّمها أو يهول بها، بل يفسرها ويعيد صياغة مسائلها على نحو يفتح المسالك أمام حوارات لاحقة.
11- يضم الحوار أشخاصاً من مشارب مختلفة وهم متساوون. فلا يعطي النطق بإسم جماعة أو فئة والدفاع عن مصالحها وسياساتها امتيازاً لأي من المشاركين. وتنبع قيمة الآراء من نوعية المشاركة في الحوار لا من قوة نفوذ أي من المشاركين أو سعة تأثيره، الفعلية أو المفترضة.
12- لا يفترض الحوار أن المشاركين فيه كتل متجانسة وثابتة، بل يسعى إلى اظهار التنوع داخل الكتل المفترضة. فلا يتحول إلى أخذ ورد بين مجموعات متقابلة أو متعارضة، بل من شأنه أن يؤدي إلى الوان من التقارب العابرة للمجموعات التي تشكلها الخيارات المسبقة.
13- يسعى الحوار إلى التحرر من علاقات القوى، السياسية والفكرية الخارجة عنه، فلا يكون تفاوضاً بين من يحسبون أنفسهم، أو يحسبون، أطرافاً أقوياء بحجة سعة تمثيلهم أو نتيجة لتمسكهم بمواقفهم.
14- ويشترط نجاح الحوار ضمان مشاركة الجميع فيه دون استثناء ويستدعي اشراك من يميلون إلى مشاركة محدودة أو الذين تحرجهم مواقف سواهم.
اللقاء اللبناني للحوار
في تجديد الصيغة اللبنانية
إن طموحنا اليوم هو أن نجدد صيغة التسوية الميثاقية الدستورية الإستقلالية التي قام عليها لبنان العربي الإنتماء، وطناً نهائياً لجميع أبنائه، وجمهورية ديموقراطية برلمانية..إن هذا يفرض علينا إعادة تأكيد ثوابت الإستقلال :
1= ان التنوع والتعدد سنة طبيعية في الإجتماع اللبناني ينتج عن الإنتماءات الدينية والمذهبية المتعددة والتكوينات الإجتماعية المختلفة..وهذا الأمر قد يكون غنى وثروة ونعمة إن وُجدت ثقافة وعقلية التسامح والإنفتاح وحق الإختلاف والديموقراطية وحرية الرأي والتعبير..وهو نقمة إن ضاقت مساحة التسامح والإنفتاح وحق الإختلاف والحريات الأساسية..
2= إن تاريخ الإجتماع اللبناني لا تختزله حالات الإنقطاع والإنفصال والنزاع بين المجموعات التي سكنته وساهمت في تأسيس كيانه السياسي وصيغة دولته..فالأهم والأبقى هو حالات الوصل والتواصل والإنفتاح والتفاعل والعيش الواحد بين جماعاته ما سهل عملية بناء التوافقات والتسويات وسعي اللبنانيين الدائم إلى إستئناف عيشهم الواحد بعد كل إختلال..
3= إن لبنان وطن نهائي أي أنه ليس كيان صدفة أو اصطناع محض..كما أنه ليس كياناً أزلياً سرمدياً واجب الوجود لذاته، إنما هو معنى ودور يرتبطان بإرادة أبنائه وبقدرتهم على النهوض بمسوؤلياتهم..إنه أكثر من كيان سياسي قانوني وليس أقل من كيان وطني بمقاييس الدول والأوطان القائمة..وهنا ينبغي حسم تلك الذبذبة بين الوطنية والقومية، ما بين وجود لبنان وإنتماء كيانه إلى الأمة العربية إنتماءً حضارياً أساسه اللغة والثقافة والتاريخ والمصالح المشتركة.
4= إن الإستقلال والسيادة في لبنان متلازمان تلازماً كاملاً مع السلم الأهلي والوحدة الوطنية...ولا يختلف إثنان على أن الإستقواء بالخارج كان مشروع غلبة في الداخل ، كما أن الغلبة في الداخل كانت وما زالت تستجر حتماً التدخل الخارجي..فالعلاقة بين المؤثرات الداخلية والخارجية التي تمنع قيام كيان وطني ومؤسسات وطنية، هي علاقة تفاعل وإرتباط متبادل عنوانها العام دور العصبيات العشائرية-الطائفية كقوى نابذة على صعيد الوطن وكقوى مفككة على صعيد المؤسسات الوطنيات... كما أن الوحدة الوطنية لا تحصل بالغلبة من قبل فئة على فئة وإنما تأتي من خلال البحث الدائم عن تسوية مبنية على التوازن وعلى ما أمكن من العدالة..
5= أثبتت الأيام والأحداث التي عشناها إن أي خلل أو إختلال في الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين يستتبع خللاً وإختلالاً داخل كل طائفة ومذهب، ثم يتوغل داخل الطائفة الواحدة والمذهب الواحد باتجاه تفتت لا ينتهي ولا تُحمد عقباه..إن حماية أي طائفة أو مذهب تبدأ من حماية الوحدة الوطنية وليس من نقضها أو إضعافها..
6= لا يوجد مناص من أن يتفق اللبنانيون على إقامة وطن وبناء دولة يجسدها إتفاقهم هذا وتحافظ عليه..وهذا يستلزم إقامة المساواة التامة بين المواطنين تحت سقف القانون من دون غلبة أو إستقواء بالعدد أو بالخارج..إن قيمة أي فئة إسلامية أو مسيحية هي في ذاتها وليس في عددها أو في من يدعمها..وصيغة الوطن اللبناني هي صيغة نوعية لا كمية وبالتالي فإن معنى لبنان يأتي من إنسجام تنوعه ضمن الوحدة، ووحدته في التنوع والتعدد، ومن دون ذلك لا يكون لبنان إذ يفقد معناه..
7= إن العنف مهما تنوعت أسبابه وحججه ليس سبيلاً لحل الخلافات القائمة في المجتمع اللبناني…فالعنف على المستوى المبدئي لا يمكن القبول به..وعلى المستوى المجتمعي السياسي الخاص بلبنان هو إنتحار جماعي..إذ هو مناقض لطبيعة الإجتماع اللبناني القائم على التسوية والحوار والعيش المشترك..
اللقاء اللبناني للحوار
1= ان التنوع والتعدد سنة طبيعية في الإجتماع اللبناني ينتج عن الإنتماءات الدينية والمذهبية المتعددة والتكوينات الإجتماعية المختلفة..وهذا الأمر قد يكون غنى وثروة ونعمة إن وُجدت ثقافة وعقلية التسامح والإنفتاح وحق الإختلاف والديموقراطية وحرية الرأي والتعبير..وهو نقمة إن ضاقت مساحة التسامح والإنفتاح وحق الإختلاف والحريات الأساسية..
2= إن تاريخ الإجتماع اللبناني لا تختزله حالات الإنقطاع والإنفصال والنزاع بين المجموعات التي سكنته وساهمت في تأسيس كيانه السياسي وصيغة دولته..فالأهم والأبقى هو حالات الوصل والتواصل والإنفتاح والتفاعل والعيش الواحد بين جماعاته ما سهل عملية بناء التوافقات والتسويات وسعي اللبنانيين الدائم إلى إستئناف عيشهم الواحد بعد كل إختلال..
3= إن لبنان وطن نهائي أي أنه ليس كيان صدفة أو اصطناع محض..كما أنه ليس كياناً أزلياً سرمدياً واجب الوجود لذاته، إنما هو معنى ودور يرتبطان بإرادة أبنائه وبقدرتهم على النهوض بمسوؤلياتهم..إنه أكثر من كيان سياسي قانوني وليس أقل من كيان وطني بمقاييس الدول والأوطان القائمة..وهنا ينبغي حسم تلك الذبذبة بين الوطنية والقومية، ما بين وجود لبنان وإنتماء كيانه إلى الأمة العربية إنتماءً حضارياً أساسه اللغة والثقافة والتاريخ والمصالح المشتركة.
4= إن الإستقلال والسيادة في لبنان متلازمان تلازماً كاملاً مع السلم الأهلي والوحدة الوطنية...ولا يختلف إثنان على أن الإستقواء بالخارج كان مشروع غلبة في الداخل ، كما أن الغلبة في الداخل كانت وما زالت تستجر حتماً التدخل الخارجي..فالعلاقة بين المؤثرات الداخلية والخارجية التي تمنع قيام كيان وطني ومؤسسات وطنية، هي علاقة تفاعل وإرتباط متبادل عنوانها العام دور العصبيات العشائرية-الطائفية كقوى نابذة على صعيد الوطن وكقوى مفككة على صعيد المؤسسات الوطنيات... كما أن الوحدة الوطنية لا تحصل بالغلبة من قبل فئة على فئة وإنما تأتي من خلال البحث الدائم عن تسوية مبنية على التوازن وعلى ما أمكن من العدالة..
5= أثبتت الأيام والأحداث التي عشناها إن أي خلل أو إختلال في الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين يستتبع خللاً وإختلالاً داخل كل طائفة ومذهب، ثم يتوغل داخل الطائفة الواحدة والمذهب الواحد باتجاه تفتت لا ينتهي ولا تُحمد عقباه..إن حماية أي طائفة أو مذهب تبدأ من حماية الوحدة الوطنية وليس من نقضها أو إضعافها..
6= لا يوجد مناص من أن يتفق اللبنانيون على إقامة وطن وبناء دولة يجسدها إتفاقهم هذا وتحافظ عليه..وهذا يستلزم إقامة المساواة التامة بين المواطنين تحت سقف القانون من دون غلبة أو إستقواء بالعدد أو بالخارج..إن قيمة أي فئة إسلامية أو مسيحية هي في ذاتها وليس في عددها أو في من يدعمها..وصيغة الوطن اللبناني هي صيغة نوعية لا كمية وبالتالي فإن معنى لبنان يأتي من إنسجام تنوعه ضمن الوحدة، ووحدته في التنوع والتعدد، ومن دون ذلك لا يكون لبنان إذ يفقد معناه..
7= إن العنف مهما تنوعت أسبابه وحججه ليس سبيلاً لحل الخلافات القائمة في المجتمع اللبناني…فالعنف على المستوى المبدئي لا يمكن القبول به..وعلى المستوى المجتمعي السياسي الخاص بلبنان هو إنتحار جماعي..إذ هو مناقض لطبيعة الإجتماع اللبناني القائم على التسوية والحوار والعيش المشترك..
اللقاء اللبناني للحوار
الوثيقة السياسية الخاصة باللقاء اللبناني للحوار
يرى أعضاء اللقاء اللبناني للحوار أن الحالة اللبنانية في هذه المرحلة أكدت الحاجة الماسة إلى وجود إطار مشترك للتلاقي والحوار والمبادرة بشأن المسائل الأساسية المتعلقة بمصيرنا الوطني.
هذا الإطار المشترك – اللقاء اللبناني للحوار - ليس من شأنه أن يكون حزباً جديداً أو تجمعاً سياسياً، وإنما هو مكان للحوار والتفاعل، متصل بمختلف الإتجاهات الفكرية والسياسية والإجتماعية ومستقل عن كل منها في الوقت نفسه. وهو ينظر بكثير من العناية والإهتمام إلى أن يكون إطاراً مشتركاً لناشطين ومهتمين بالشأن العام، يأخذ في الآن نفسه بعين الإعتبار مختلف الإتجاهات الفكرية والسياسية ومختلف الحساسيات الوطنية. كذلك يهتم هذا الإطار المشترك بالتواصل مع الإنتشار اللبناني في العالم، وبالتواصل مع القوى والمؤسسات الأهلية العربية والأجنبية المؤيدة لقيام نظام دولي أكثر عدالة وتوازناً وقيام نظام عربي أكثر ديموقراطية وتحرراً.
إن اللقاء الذي نعيد إطلاقه اليوم يأتي في سياق محطات أساسية يجمع بينها، وفي العمق، خط إستعادة المناعة الداخلية والوفاق، من خلال التفاعل والحوار.ويعود الإحساس بأهمية هذا اللقاء وضرورته إلى الميول الظاهرة اليوم لتضخيم الفروقات، وتراجع مجالات التلاقي بين اللبنانيين وبخاصة لدى الشباب وعلى مستوى الحياة العامة في مختلف مجالاتها.
ومن هنا فإن اللقاء سيعمل على البحث في أشكال مقاومة التطييف وآلياته، رصداً لمواقع التوترات حيث يجري توسل المشاعر الطائفية والمذهبية، ودرءاً لمخاطر إنقلاب الإختلافات السياسية إلى إنقسامات دينية أو طائفية، وإستباقاً للتوترات إذا أمكن منعاً لتفاقم النزاعات نحو توسل العنف.
إن من ميزات اللقاء اللبناني للحوار أنه يستطيع مقاربة الخلافات بطريقة مختلفة..وأحد أهداف اللقاء محاولة ضبط التوترات ومنع تحولها إلى عنف، وإيجاد آليات حوار وتواصل بين الناس في لحظات التأزم ، وذلك من أجل الحفاظ على السلم الأهلي.
إن على اللقاء أن يعمل بوضوح على آليات الوساطة والحوار بين أطراف الصراع في وقت الأزمات، وعلى آليات إستباق الصدمات وضبط التوترات ومعالجة النزاعات قبل وقوعها...
كما أن المهمة الثانية للقاء هي الحوار حول تطوير الصيغة السياسية للنظام اللبناني.
في إهتمامات اللقاء:
1. الإستقلال اللبناني والسيادة الوطنية والقرار الحر.
2. التضامن العربي والعلاقات الطبيعية المعافاة مع سوريا.
3. بناء دولة القانون بإعتبارها شرطاً أساسياً لضمان سلامة المجتمع وتأمين نموه وتطوره، وذلك بإعتماد نظرة واقعية تؤمن حقوق الأفراد وتراعي الضمانات المشروعة للجماعات الطائفية.
4. طي صفحة الحرب، سياسياً وثقافياً ونفسياً، من خلال تنقية الذاكرة وإستخلاص الدروس وتحقيق السلم الأهلي الحقيقي وتعزيز الوحدة الوطنية والوفاق.
5. إعادة الاعتبار إلى نظام القيم في الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية بعدما أصيب هذا النظام إصابات مباشرة أثناء الحرب ومن خلال تجربة الدولة بعد إتفاق الطائف.
6. نشر وتعميم وتوسيع ثقافة الدولة الديمقراطية ودعمها.
7. تجديد دور لبنان في محيطه العربي في سبيل مصالحة العالم العربي مع الذات ومع العصر والمشاركة في تحقيق الديموقراطية والحرية والكرامة للشعوب العربية.
ويمكن تلخيص قناعات المشاركين في اللقاء بالنقاط التالية:
لبنان الموحد، في صيغة عيشه، هو حاجة مصيرية لكل اللبنانيين على إختلاف طوائفهم وإنتماءاتهم، ولا بديل كريماً منه لأي جماعة أو طائفة.
لبنان المعافى هو حاجة عربية بإعتباره مهيئاً للمساهمة في مصالحة المنطقة العربية مع ذاتها ومع العصر. فإستعادة معنى لبنان ومعنى تجربته التاريخية لا توفر ضماناً لمستقبل اللبنانيين فحسب، بل تشكل خدمة لمحيطهم العربي وتساعد على تجاوز هذه المرحلة الخطرة المسكونة بأشباح الحروب الأهلية.
لبنان هو حاجة إنسانية عامة في هذه المرحلة، وتجربته تكتسب اليوم أهمية مضاعفة. فالصراعات التي تشهدها اليوم دول عدة في العالم ناجمة عن عجز في إبتكار صيغ جديدة لتنظيم شؤون المجتمعات المتعددة دينياً أو إثنياً أو ثقافياً. إن تجديد الصيغة اللبنانية بوجهها المشرق يحيي نموذجاً أكثر ملاءمة لواقع التنوع والتعدد الذي يسود عالمنا والذي يحتاج إلى قدرة مميزة على إدارة الإختلاف ولجم مصادر العنف.
لبنان يمثل حاجة مستمرة لتفاعل خلاّق بين المسيحية والإسلام يمنح أبناءهما فرصة الإغتناء الروحي المتبادل من خلال العيش المشترك المؤسس على الحرية والمساواة في المواطنية، والقائم على التنوّع في إطار وحدة تحترم الإختلاف والتغاير، وتفهُّم منابعهما في التاريخ والدين والإجتماع. هذا بالإضافة إلى ما يمكن أن يقدمه التفاعل الإسلامي-المسيحي، هنا وفي العالم، من مساهمة قوية ومطلوبة في لجم الإتجاهات المتطرفة التي أخذت تدفع العالم نحو صدامات ذات طابع ثقافي-ديني.
اللبنانيون ينتظرون الدولة القوية والعادلة في حين أن الدولة القوية بذاتها (in se) هي بطبيعتها دولة قمعية سلطوية.
تنبع قوة الدولة الديمقراطية من شرعتيها أي من قبول الناس بها ودعمهم لها وليس اذعانهم.
الدولة في لبنان موجودة من خلال الدستور والقواعد الناظمة للحياة المشتركة والاصول الحقوقية في الممارسة السياسية. يتحمل مسؤولية عدم فاعلية الدولة في لبنان قوى سياسية موالية ومعارضة وذهنية سائدة مناقضة للالتزام المواطني ولمفهوم الشأن العام والمؤسسات.
تصبح الدولة في لبنان قادرة وعادلة حين تتوسع دائرة دعمها كمرجعية مؤسسية خاضعة لاصول دستورية وقانونية.
لم يعد مجديًا نقد الدولة في لبنان (وهي غير مفهوم السلطة) وانتظار بنائها تبريرًا لمختلف اشكال التسلح والاحتكام الى السلاح والامن الذاتي والتعددي على المرافق العامة وخرق مبادئ بديهية وعالمية في ممارسة المؤسسات وظائفها في المجلس النيابي والسلطة الاجرائية والقضاء.
هذا الإطار المشترك – اللقاء اللبناني للحوار - ليس من شأنه أن يكون حزباً جديداً أو تجمعاً سياسياً، وإنما هو مكان للحوار والتفاعل، متصل بمختلف الإتجاهات الفكرية والسياسية والإجتماعية ومستقل عن كل منها في الوقت نفسه. وهو ينظر بكثير من العناية والإهتمام إلى أن يكون إطاراً مشتركاً لناشطين ومهتمين بالشأن العام، يأخذ في الآن نفسه بعين الإعتبار مختلف الإتجاهات الفكرية والسياسية ومختلف الحساسيات الوطنية. كذلك يهتم هذا الإطار المشترك بالتواصل مع الإنتشار اللبناني في العالم، وبالتواصل مع القوى والمؤسسات الأهلية العربية والأجنبية المؤيدة لقيام نظام دولي أكثر عدالة وتوازناً وقيام نظام عربي أكثر ديموقراطية وتحرراً.
إن اللقاء الذي نعيد إطلاقه اليوم يأتي في سياق محطات أساسية يجمع بينها، وفي العمق، خط إستعادة المناعة الداخلية والوفاق، من خلال التفاعل والحوار.ويعود الإحساس بأهمية هذا اللقاء وضرورته إلى الميول الظاهرة اليوم لتضخيم الفروقات، وتراجع مجالات التلاقي بين اللبنانيين وبخاصة لدى الشباب وعلى مستوى الحياة العامة في مختلف مجالاتها.
ومن هنا فإن اللقاء سيعمل على البحث في أشكال مقاومة التطييف وآلياته، رصداً لمواقع التوترات حيث يجري توسل المشاعر الطائفية والمذهبية، ودرءاً لمخاطر إنقلاب الإختلافات السياسية إلى إنقسامات دينية أو طائفية، وإستباقاً للتوترات إذا أمكن منعاً لتفاقم النزاعات نحو توسل العنف.
إن من ميزات اللقاء اللبناني للحوار أنه يستطيع مقاربة الخلافات بطريقة مختلفة..وأحد أهداف اللقاء محاولة ضبط التوترات ومنع تحولها إلى عنف، وإيجاد آليات حوار وتواصل بين الناس في لحظات التأزم ، وذلك من أجل الحفاظ على السلم الأهلي.
إن على اللقاء أن يعمل بوضوح على آليات الوساطة والحوار بين أطراف الصراع في وقت الأزمات، وعلى آليات إستباق الصدمات وضبط التوترات ومعالجة النزاعات قبل وقوعها...
كما أن المهمة الثانية للقاء هي الحوار حول تطوير الصيغة السياسية للنظام اللبناني.
في إهتمامات اللقاء:
1. الإستقلال اللبناني والسيادة الوطنية والقرار الحر.
2. التضامن العربي والعلاقات الطبيعية المعافاة مع سوريا.
3. بناء دولة القانون بإعتبارها شرطاً أساسياً لضمان سلامة المجتمع وتأمين نموه وتطوره، وذلك بإعتماد نظرة واقعية تؤمن حقوق الأفراد وتراعي الضمانات المشروعة للجماعات الطائفية.
4. طي صفحة الحرب، سياسياً وثقافياً ونفسياً، من خلال تنقية الذاكرة وإستخلاص الدروس وتحقيق السلم الأهلي الحقيقي وتعزيز الوحدة الوطنية والوفاق.
5. إعادة الاعتبار إلى نظام القيم في الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية بعدما أصيب هذا النظام إصابات مباشرة أثناء الحرب ومن خلال تجربة الدولة بعد إتفاق الطائف.
6. نشر وتعميم وتوسيع ثقافة الدولة الديمقراطية ودعمها.
7. تجديد دور لبنان في محيطه العربي في سبيل مصالحة العالم العربي مع الذات ومع العصر والمشاركة في تحقيق الديموقراطية والحرية والكرامة للشعوب العربية.
ويمكن تلخيص قناعات المشاركين في اللقاء بالنقاط التالية:
لبنان الموحد، في صيغة عيشه، هو حاجة مصيرية لكل اللبنانيين على إختلاف طوائفهم وإنتماءاتهم، ولا بديل كريماً منه لأي جماعة أو طائفة.
لبنان المعافى هو حاجة عربية بإعتباره مهيئاً للمساهمة في مصالحة المنطقة العربية مع ذاتها ومع العصر. فإستعادة معنى لبنان ومعنى تجربته التاريخية لا توفر ضماناً لمستقبل اللبنانيين فحسب، بل تشكل خدمة لمحيطهم العربي وتساعد على تجاوز هذه المرحلة الخطرة المسكونة بأشباح الحروب الأهلية.
لبنان هو حاجة إنسانية عامة في هذه المرحلة، وتجربته تكتسب اليوم أهمية مضاعفة. فالصراعات التي تشهدها اليوم دول عدة في العالم ناجمة عن عجز في إبتكار صيغ جديدة لتنظيم شؤون المجتمعات المتعددة دينياً أو إثنياً أو ثقافياً. إن تجديد الصيغة اللبنانية بوجهها المشرق يحيي نموذجاً أكثر ملاءمة لواقع التنوع والتعدد الذي يسود عالمنا والذي يحتاج إلى قدرة مميزة على إدارة الإختلاف ولجم مصادر العنف.
لبنان يمثل حاجة مستمرة لتفاعل خلاّق بين المسيحية والإسلام يمنح أبناءهما فرصة الإغتناء الروحي المتبادل من خلال العيش المشترك المؤسس على الحرية والمساواة في المواطنية، والقائم على التنوّع في إطار وحدة تحترم الإختلاف والتغاير، وتفهُّم منابعهما في التاريخ والدين والإجتماع. هذا بالإضافة إلى ما يمكن أن يقدمه التفاعل الإسلامي-المسيحي، هنا وفي العالم، من مساهمة قوية ومطلوبة في لجم الإتجاهات المتطرفة التي أخذت تدفع العالم نحو صدامات ذات طابع ثقافي-ديني.
اللبنانيون ينتظرون الدولة القوية والعادلة في حين أن الدولة القوية بذاتها (in se) هي بطبيعتها دولة قمعية سلطوية.
تنبع قوة الدولة الديمقراطية من شرعتيها أي من قبول الناس بها ودعمهم لها وليس اذعانهم.
الدولة في لبنان موجودة من خلال الدستور والقواعد الناظمة للحياة المشتركة والاصول الحقوقية في الممارسة السياسية. يتحمل مسؤولية عدم فاعلية الدولة في لبنان قوى سياسية موالية ومعارضة وذهنية سائدة مناقضة للالتزام المواطني ولمفهوم الشأن العام والمؤسسات.
تصبح الدولة في لبنان قادرة وعادلة حين تتوسع دائرة دعمها كمرجعية مؤسسية خاضعة لاصول دستورية وقانونية.
لم يعد مجديًا نقد الدولة في لبنان (وهي غير مفهوم السلطة) وانتظار بنائها تبريرًا لمختلف اشكال التسلح والاحتكام الى السلاح والامن الذاتي والتعددي على المرافق العامة وخرق مبادئ بديهية وعالمية في ممارسة المؤسسات وظائفها في المجلس النيابي والسلطة الاجرائية والقضاء.
مشروع البيان الختامي للدورة الثانية للمجلس الوطني لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
هذا أوان الثورة
الذي انتظرناه طويلاً. بعد عقود عرفنا فيها السجون والمجازر والكبت والتشريد. وقد جاء؛ بجرأة الشباب وإبداعه؛ محملاً بطاقة جبارة على التغيير الشامل، في السياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق وغير ذلك...وهذا طبع الثورة الحقيقية، أن تشحن الشعب بطاقة جديدة هائلة من الشجاعة والتصميم والتضامن والقدرة الواضحة الحاسمة على إنهاء الاستبداد والانتقال إلى الديمقراطية.
1- من الاستبداد... إلى الثورة
لقد مرت علينا- نحن السوريين- عقود من الاستبداد، أدت إلى ابتلاع الدولة من سلطة غاشمة برأس واحد، صادرت إرادة الشعب، وعمَّمت نظاماً أمنياً كلي الهيمنة على جميع جوانب الحياة، وحوَّلت الجيش الوطني إلى آخر عقائدي لخدمة النظام، وأدت إلى هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، واعتمدت الإفساد وسيلة لجمع المؤيدين إلى جانب الترهيب ونشر الخوف، مما أدى إلى انتشار الفساد ونهب الثروة الوطنية، وهكذا انهار موقع سورية على جميع مؤشرات التنمية الاقتصادية والبشرية.
بالرغم من انتقال السلطة عبر التوريث، فقد ازدهر ربيع دمشق في عام 2000، قبل هجوم السلطة عليه بشراستها القديمة المألوفة في خريف 2001، ثم انقضاضها على الانتفاضة الكردية عام 2004. وفي عام 2005، ظهر إعلان دمشق، الذي حمل دعوة مفتوحة لكل القوى التي تعمل من أجل التغيير، واستطاع في أواخر 2007 أن يقدّم نموذجاً في آليات الائتلاف على برنامج التغيير الوطني الديمقراطي، من خلال انعقاد مجلسه الوطني الأول، في ممارسته وبيانه الختامي الذي ما زال صالحاً حتى الآن في توجهاته؛ وأيضاً قبل أن يزج النظام بالكثير من قياداته ونشطائه في السجون ويلاحق الآخرين.
ومؤخراً فتحت أدوات العصر الحديث طريقاً جديداً للشباب العربي، يتواصلون من خلاله ويبحثون في طرائق لهدم الجدار الذي يغلق الآفاق أمامهم... وبلغ اشتداد الخناق مداه الأقصى، فابتدأ الربيع العربي من تونس، بقوة الشباب وإبداعه، ليمتد إلى مصر فليبيا واليمن والبحرين وصولاً إلى سورية.
التقى معاً، تصميم الشباب السوري على البدء في ثورته في منتصف آذار، مع الاحتقان الذي أثارته غطرسة النظام ووحشيته باعتقال الأطفال في درعا وتعذّيبهم؛ في إضرام الثورة المجيدة من أجل الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي. هذه الثورة، التي كنا وما زلنا- نحن في إعلان دمشق- منحازين إليها منذ بدايتها وداعمين لها.
لقد انقضى زمن الاستبداد، ولم يعد ممكناً الرجوع إلى وراء، وأصبح التغيير الوطني الديمقراطي مطلباً مباشراً لشعبنا. وليس ما ترفعه الجماهير من شعار إسقاط النظام إلا تطوير ميداني لعملية التغيير.
أثبتت الثورة حتى الآن أنها سلمية بطبيعتها وأهدافها، عصية على الانجرار إلى العنف والصراع الطائفي البغيض. وهي قادرة على سدّ الفجوات التي يحاول النظام أن يحدثها فيها، فالثورة ما زال يحكمها الصبر والحكمة والتفهّم، في علاقتها بالفئات التي ما زالت صامتة، وكلما بادرت قوى النظام إلى التسليم بإرادة الشعب والبدء بنقل السلطة، كان لها دور في تحسين أمن عملية الانتقال وأمانها.
2- ما ينبغي هو الدخول في مرحلة الانتقال الآنً
على النظام أن يبادر فوراً إلى ضمان حق التظاهر السلمي وحرية العمل السياسي والقيام بما يلي:
1- تحقيق مبدأ حيادية الجيش أمام الصراعات السياسية الداخلية، وعودته إلى ثكناته لأداء مهمته في حماية الوطن والشعب، وضمان وحدة البلاد.
2- وقف انتشار الأجهزة الأمنية وتشكيلاتها المتشعبة، وكف يدها عن قمع الشعب، وإعادة هيكلتها مع بدء المرحلة الانتقالية.
3- إنهاء جميع أعمال القمع والقتل والاعتقال السياسي، والإفراج عن كافة سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين.
4- اعتقال المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المواطنين العزل، لمحاكمتهم أمام قضاء مستقل.
5- إيقاف الحملة الإعلامية التحريضية على الثورة وتحرير الإعلام الرسمي من احتكار السلطة وهيمنة الأجهزة الأمنية عليه، والسماح بحركة وسائل الإعلام العربية والدولية.
6- السماح للمنظمات الحقوقية والإنسانية بالعمل بحرية في بلادنا.
7- عودة المبعدين السياسيين بدون شروط، وإلغاء الأحكام الصادرة بحقهم. وإلغاء القانون 49 سيئ الصيت.
يمكن الدخول في مرحلة انتقالية يجري التوافق على أسسها من خلال مؤتمر وطني جامع تحت عنوان التغيير الديمقراطي وتحديد مستقبل البلاد وطبيعة نظامها السياسي يضم ممثلي الشباب الثائر وممثلي المجتمع السوري بكل أطيافه وممثلي المعارضة، ومن كانت أيديهم نظيفة من دماء الشعب أو ثروة الوطن من أهل النظام، ، ونقدم فيما يلي بعض أفكارها الأولية:
1- يتشكل مجلس وطني في المرحلة الانتقالية، من ممثلي الشباب الثائر وممثلي المجتمع السوري بكل أطيافه وممثلي المعارضة، مع قادة الجيش وأهل النظام ممن يقبلون عملية الانتقال ولم تتلوث أيديهم بدماء المواطنين أو ثروتهم الوطنية.
2- يشكل المجلس حكومة من ذوي الكفاءات لتسيير أمور البلاد.
3- تجري تحت إشراف الحكومة الانتقالية انتخابات حرة وبضمانات كافية لجمعية تأسيسية تقر دستوراً جديداً ومعاصراً، يقرّه استفتاء شعبي.
3- سوريا الجديدة كما نراها
لن يرضى السوريون، بعد كل ما عانوه من ظلم وعنت، أن تكون بلادهم أقل من الشعوب الأخرى التي تحيا في ظل دولة مدنية حديثة، تقوم على المبادئ التالية في دستورها:
سورية جمهورية ديمقراطية، السيادة فيها للشعب ونظامها برلماني يقوم على مبدأ المواطنة والمساواة وفصل السلطات وتداول السلطة وسيادة القانون.
وهي تضمن لمواطنيها ما ورد في الشرائع الدولية من حقوق الإنسان، والحريات الأساسية في الاعتقاد والرأي والتعبير والاجتماع والإعلام وغيرها.
تهتم حكومتها بتنميتها اقتصادياً وبشرياً، بشكل مستمر ومتصاعد. الثروة الوطنية فيها ملك للشعب أولاً، تنعكس عدالة توزيعها في سياسة الحكومات المتعاقبة تحت أنظار الشعب وممثليه.
تشكل سورية الجديدة بنظامها المدني الديمقراطي أفضل ضمانة لكافة مكونات الشعب السوري القومية والدينية والطائفية وحل القضية القومية للشعبين الكردي والآشوري حلاً ديمقراطياً عادلاً في إطار وحدة سورية أرضاً وشعباً مع ممارسة حقوق وواجبات المواطنة المتساوية بين جميع المواطنين.
تضمن سورية الجديدة للمرأة حقوقها الكاملة، وحسب الشرائع الدولية. كما تقرّ لها في دستورها بنسبة فعالة في البرلمان.
* * *
إن الرؤية السياسية التي طرحتها الأمانة العامة لإعلان دمشق في حزيران الماضي- وفي نقاطها الأساسية- جزء لا يتجزأ من تصورنا لمسار العملية السياسية والعمل المشترك للمعارضة الديمقراطية في سوريا.
على طريقنا هذا، الذي قد يطول أو يقصر؛ ونرى الضوء واضحاً في نهايته مع بداية المعجزة التي صنعها شباب سوريا؛ لابد من التقاء المعارضة الديمقراطية، بعد تبلورها يوماً إثر يوم في تجمعات كبيرة، على برنامج واضح يعتمد التغيير الوطني الديمقراطي شعاراً، وضمن شرط التلاحم والتحالف مع قوى الثورة الحية وتنسيقياتها التي تزداد قوة ووحدة وتنظيماً.. للانطلاق أقوياء معاً في مسار عملية الانتقال من حالة الاستبداد إلى فضاء الديمقراطية الرحب، في دولة مدنية حديثة.
عاشت سوريا حرة وطناً ومواطنين
بتاريخ 20 / 7/ 2011
الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
الذي انتظرناه طويلاً. بعد عقود عرفنا فيها السجون والمجازر والكبت والتشريد. وقد جاء؛ بجرأة الشباب وإبداعه؛ محملاً بطاقة جبارة على التغيير الشامل، في السياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق وغير ذلك...وهذا طبع الثورة الحقيقية، أن تشحن الشعب بطاقة جديدة هائلة من الشجاعة والتصميم والتضامن والقدرة الواضحة الحاسمة على إنهاء الاستبداد والانتقال إلى الديمقراطية.
1- من الاستبداد... إلى الثورة
لقد مرت علينا- نحن السوريين- عقود من الاستبداد، أدت إلى ابتلاع الدولة من سلطة غاشمة برأس واحد، صادرت إرادة الشعب، وعمَّمت نظاماً أمنياً كلي الهيمنة على جميع جوانب الحياة، وحوَّلت الجيش الوطني إلى آخر عقائدي لخدمة النظام، وأدت إلى هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، واعتمدت الإفساد وسيلة لجمع المؤيدين إلى جانب الترهيب ونشر الخوف، مما أدى إلى انتشار الفساد ونهب الثروة الوطنية، وهكذا انهار موقع سورية على جميع مؤشرات التنمية الاقتصادية والبشرية.
بالرغم من انتقال السلطة عبر التوريث، فقد ازدهر ربيع دمشق في عام 2000، قبل هجوم السلطة عليه بشراستها القديمة المألوفة في خريف 2001، ثم انقضاضها على الانتفاضة الكردية عام 2004. وفي عام 2005، ظهر إعلان دمشق، الذي حمل دعوة مفتوحة لكل القوى التي تعمل من أجل التغيير، واستطاع في أواخر 2007 أن يقدّم نموذجاً في آليات الائتلاف على برنامج التغيير الوطني الديمقراطي، من خلال انعقاد مجلسه الوطني الأول، في ممارسته وبيانه الختامي الذي ما زال صالحاً حتى الآن في توجهاته؛ وأيضاً قبل أن يزج النظام بالكثير من قياداته ونشطائه في السجون ويلاحق الآخرين.
ومؤخراً فتحت أدوات العصر الحديث طريقاً جديداً للشباب العربي، يتواصلون من خلاله ويبحثون في طرائق لهدم الجدار الذي يغلق الآفاق أمامهم... وبلغ اشتداد الخناق مداه الأقصى، فابتدأ الربيع العربي من تونس، بقوة الشباب وإبداعه، ليمتد إلى مصر فليبيا واليمن والبحرين وصولاً إلى سورية.
التقى معاً، تصميم الشباب السوري على البدء في ثورته في منتصف آذار، مع الاحتقان الذي أثارته غطرسة النظام ووحشيته باعتقال الأطفال في درعا وتعذّيبهم؛ في إضرام الثورة المجيدة من أجل الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي. هذه الثورة، التي كنا وما زلنا- نحن في إعلان دمشق- منحازين إليها منذ بدايتها وداعمين لها.
لقد انقضى زمن الاستبداد، ولم يعد ممكناً الرجوع إلى وراء، وأصبح التغيير الوطني الديمقراطي مطلباً مباشراً لشعبنا. وليس ما ترفعه الجماهير من شعار إسقاط النظام إلا تطوير ميداني لعملية التغيير.
أثبتت الثورة حتى الآن أنها سلمية بطبيعتها وأهدافها، عصية على الانجرار إلى العنف والصراع الطائفي البغيض. وهي قادرة على سدّ الفجوات التي يحاول النظام أن يحدثها فيها، فالثورة ما زال يحكمها الصبر والحكمة والتفهّم، في علاقتها بالفئات التي ما زالت صامتة، وكلما بادرت قوى النظام إلى التسليم بإرادة الشعب والبدء بنقل السلطة، كان لها دور في تحسين أمن عملية الانتقال وأمانها.
2- ما ينبغي هو الدخول في مرحلة الانتقال الآنً
على النظام أن يبادر فوراً إلى ضمان حق التظاهر السلمي وحرية العمل السياسي والقيام بما يلي:
1- تحقيق مبدأ حيادية الجيش أمام الصراعات السياسية الداخلية، وعودته إلى ثكناته لأداء مهمته في حماية الوطن والشعب، وضمان وحدة البلاد.
2- وقف انتشار الأجهزة الأمنية وتشكيلاتها المتشعبة، وكف يدها عن قمع الشعب، وإعادة هيكلتها مع بدء المرحلة الانتقالية.
3- إنهاء جميع أعمال القمع والقتل والاعتقال السياسي، والإفراج عن كافة سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين.
4- اعتقال المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المواطنين العزل، لمحاكمتهم أمام قضاء مستقل.
5- إيقاف الحملة الإعلامية التحريضية على الثورة وتحرير الإعلام الرسمي من احتكار السلطة وهيمنة الأجهزة الأمنية عليه، والسماح بحركة وسائل الإعلام العربية والدولية.
6- السماح للمنظمات الحقوقية والإنسانية بالعمل بحرية في بلادنا.
7- عودة المبعدين السياسيين بدون شروط، وإلغاء الأحكام الصادرة بحقهم. وإلغاء القانون 49 سيئ الصيت.
يمكن الدخول في مرحلة انتقالية يجري التوافق على أسسها من خلال مؤتمر وطني جامع تحت عنوان التغيير الديمقراطي وتحديد مستقبل البلاد وطبيعة نظامها السياسي يضم ممثلي الشباب الثائر وممثلي المجتمع السوري بكل أطيافه وممثلي المعارضة، ومن كانت أيديهم نظيفة من دماء الشعب أو ثروة الوطن من أهل النظام، ، ونقدم فيما يلي بعض أفكارها الأولية:
1- يتشكل مجلس وطني في المرحلة الانتقالية، من ممثلي الشباب الثائر وممثلي المجتمع السوري بكل أطيافه وممثلي المعارضة، مع قادة الجيش وأهل النظام ممن يقبلون عملية الانتقال ولم تتلوث أيديهم بدماء المواطنين أو ثروتهم الوطنية.
2- يشكل المجلس حكومة من ذوي الكفاءات لتسيير أمور البلاد.
3- تجري تحت إشراف الحكومة الانتقالية انتخابات حرة وبضمانات كافية لجمعية تأسيسية تقر دستوراً جديداً ومعاصراً، يقرّه استفتاء شعبي.
3- سوريا الجديدة كما نراها
لن يرضى السوريون، بعد كل ما عانوه من ظلم وعنت، أن تكون بلادهم أقل من الشعوب الأخرى التي تحيا في ظل دولة مدنية حديثة، تقوم على المبادئ التالية في دستورها:
سورية جمهورية ديمقراطية، السيادة فيها للشعب ونظامها برلماني يقوم على مبدأ المواطنة والمساواة وفصل السلطات وتداول السلطة وسيادة القانون.
وهي تضمن لمواطنيها ما ورد في الشرائع الدولية من حقوق الإنسان، والحريات الأساسية في الاعتقاد والرأي والتعبير والاجتماع والإعلام وغيرها.
تهتم حكومتها بتنميتها اقتصادياً وبشرياً، بشكل مستمر ومتصاعد. الثروة الوطنية فيها ملك للشعب أولاً، تنعكس عدالة توزيعها في سياسة الحكومات المتعاقبة تحت أنظار الشعب وممثليه.
تشكل سورية الجديدة بنظامها المدني الديمقراطي أفضل ضمانة لكافة مكونات الشعب السوري القومية والدينية والطائفية وحل القضية القومية للشعبين الكردي والآشوري حلاً ديمقراطياً عادلاً في إطار وحدة سورية أرضاً وشعباً مع ممارسة حقوق وواجبات المواطنة المتساوية بين جميع المواطنين.
تضمن سورية الجديدة للمرأة حقوقها الكاملة، وحسب الشرائع الدولية. كما تقرّ لها في دستورها بنسبة فعالة في البرلمان.
* * *
إن الرؤية السياسية التي طرحتها الأمانة العامة لإعلان دمشق في حزيران الماضي- وفي نقاطها الأساسية- جزء لا يتجزأ من تصورنا لمسار العملية السياسية والعمل المشترك للمعارضة الديمقراطية في سوريا.
على طريقنا هذا، الذي قد يطول أو يقصر؛ ونرى الضوء واضحاً في نهايته مع بداية المعجزة التي صنعها شباب سوريا؛ لابد من التقاء المعارضة الديمقراطية، بعد تبلورها يوماً إثر يوم في تجمعات كبيرة، على برنامج واضح يعتمد التغيير الوطني الديمقراطي شعاراً، وضمن شرط التلاحم والتحالف مع قوى الثورة الحية وتنسيقياتها التي تزداد قوة ووحدة وتنظيماً.. للانطلاق أقوياء معاً في مسار عملية الانتقال من حالة الاستبداد إلى فضاء الديمقراطية الرحب، في دولة مدنية حديثة.
عاشت سوريا حرة وطناً ومواطنين
بتاريخ 20 / 7/ 2011
الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
رؤية شباب 17 نيسان من أجل التغيير الديمقراطي في سوريا
الجمعة 29 تموز (يوليو) 2011
إلى الشعب السوري العظيم
في الثامن عشر من شهر آذار/مارس 2011، انطلقت انتفاضة الكرامة في سورية من أجل الحرية والمساواة والعدالة، متخذة من مدينة درعا نقطة البداية، انطلقت بعفوية الثائر على هدر كرامة الإنسان وحريته، لم يكن لهذه المدينة طريق آخر لنزع الخوف واسترجاع الحقوق المهدورة سوى التظاهر والتجمع متحدين آلة القمع وحالة الطوارئ المفروضة على البلاد والعباد وحالة الفساد المحمي من هذه السلطة. سبق هذه الانطلاقة تحرك شبابي بتاريخ 15 آذار فتح الباب للشباب السوري استنشاق نسيم الحرية وبعثها في كل ربوع سوريا الحبيبة.
كانت الشرارة التي انتقلت بسرعة انتقال المذابح والقتل والوحشية من أجهزة النظام من مدينة إلى مدينة، فما أن حل أسبوع واحد على الإنطلاق، حتى أصبحت كل المدن السورية درعا المنتفضة، استجابت المدن وتعالت الأصوات من منتفضيها كل مدينة تدعم الأخرى وتؤازرها، ومع انتشار كلمة الحرية على ألسنة المنتفضين عممت السلطة همجيتها وأساليبها اللانسانية فمارست القتل والدمار والحصار والخطف والتعذيب والتظليل لقمع وسجن الحرية من ضمير وألسنة المنتفضين .
منذ اللحظة الأولى لشرارة الانتفاضة غيبت السلطة الحلول السياسة والسياسيين إلا ماندر حيث تبين أن الدعوات الوهمية للحوار ليست سوى غطاء للتغول الأمني وكسب الوقت لقمع الانتفاضة، هكذا استحوذت الأجهزة الأمنية على كافة المعطيات الموجودة على الأرض فقبضت على كل مايتعلق بمعالجة الموقف في الوضع السوري بيدها منذ الانتفاضة. وقد تأكد لنا التالي:
1- رفض النظام القيام باصلاح حقيقي يتجاوز المشاريع الشكلية المزيفة، وفي الوقت نفسه تشديد انغلاقه على نفسه وتفرده بالسلطة والقرار وتأكيد جموده السياسي والفكري.
2- تصميم الشعب على الاستمرار في الكفاح حتى تحقيق مطالبه في الحرية، وإقامة سلطة ديمقراطية مدنية من اختياره، مهما كلفه الأمر.
لذلك نحن الشباب السوري في كافة المحافظات ومن كافة مشاربنا السياسية والفكرية والمدنية والأهلية المشاركة في انتفاضة الكرامة نعلن التزامنا بما يلي:
• سوريا دولة مدنية لكل مواطنيها المتساوين بالحقوق والواجبات بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بغض النظر عن الدين والمذهب والجنس والتوجه السياسي. وبناءً عليه فإننا ندين بأشد العبارات ونشجب كل من يطلق أي شعار طائفي أثناء المظاهرات.
• صياغة دستور مدني مواطني يضمن المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع السوريين.
• يعتبر احترام الدستور السوري الجديد، المنسجم مع التزامات سورية في حقوق الإنسان والبيئة، الشرط الأساس لكل نشاط سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي أو مدني.
• المقاومة المدنية من أجل الديمقراطية والكرامة نهج سلمي مبدئي ينبذ العنف بكل أشكاله ومن أي طرف جاء. لقد ولدت الحركة المدنية للتغيير سلمية، ومهمتنا تطويق أي محاولة لجر المواطنين إلى العنف أو تخريب الممتلكات العامة والخاصة أو الإعتداء على الأشخاص. ولن نقبل بوجود المخربين بيننا.
• الشعب السوري، كما الشعوب في باقي الدول العربية الأخرى، مقاوم بطبيعته. وليس هذا الأمر جديداً علينا بل كان جلياً أثناء الحقب الاستعمارية لبلادنا وخلال عشرات السنين من احتلال الكيان الصهيوني للأراضي العربية. أننا سنتابع هذا التاريخ الوطني المشرّف، وسنعمل على تحرير الجولان والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، ومنها إقامة دولته المستقلة. لذا نرفض اتهامنا بشكل مباشر أو غير مباشر بالتهاون في قضية التحرر الوطني باعتبارها في صلب مشروع الحرية والكرامة.
• التدخل الخارجي مرفوض بكافة أشكاله، التحول البناء سيكون سوريا في المعنى والمبنى ونرفض أية وصاية أو وكالة لأي طرف كان. مع التأكيد على القيمة العالمية لحقوق الإنسان والتعاون مع المنظمات العالمية لهذه الحقوق لوضع حد للانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان وللجرائم التي ترتكب بحق شعبنا في كفاحه السلمي لنيل حريته.
• لا يمكن فصل معركة الحرية عن النضال من أجل العدالة الاجتماعية. فقد أفقرت الدكتاتورية وهمشت قطاعات واسعة من المواطنين بحيث صار من الأولويات دعم البنية المجتمعية الأفقر وتوفير فرص العمل للجميع والتوزيع العادل لثروات البلاد بين المناطق وبين شرائح المجتمع المختلفة.
بناءً على ما تقدم، فإننا نؤكد أن الحل السياسي الذي يتشارك فيه كل أبناء الشعب السوري هو الوحيد الذي يمكن أن يوصلنا إلى بر الأمان، ويقطع الطريق على كل المؤامرات والمتآمرين (إن وجدوا) على وطننا. ولا يمكن للعنف المستخدم من السلطة والحلول الأمنية إلا أن تؤدي إلى مزيد من الاحتقان ومزيد من الدماء السورية الأغلى على قلوبنا. إن شعارات الحرية والكرامة ليست ضبابية، ونحن نفهم أبعادها ومتطلباتها جيداً من حيث الحقوق والواجبات. وهي تمر بطريق إعادة بناء النظام السياسي في سوريا على أسس المواطنة والمدنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتوزيع العادل للثروة الوطنية في دولة تعتبر من واجباتها احترام المواثيق الأممية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية والمدنية.
وبما أن تحقيق الإنتقال السلمي للديمقراطية مشروع شعبي سياسي بامتياز، فإن على السلطات السورية القيام بالإجراءات التمهيدية التالية كاعتراف من قبلها بأن الأزمة هي وطنية وليست ذات منشأ مؤامراتي خارجي من جهة، وكتعبير عن حسن النية من جهة أخرى:
1 – وقف كافة الأعمال القمعية ضد الشعب، والتي تتجلى قتلاً واعتقالاً وحصاراً من قبل الأجهزة الأمنية وشبيحتها، والتوقف مباشرة عن توريط وحدات من الجيش في معركة ضد الشعب، وفك الحصار المفروض على عدد من المدن والبلدات السورية.
2- وقف الحملات الإعلامية التضليلية التي تعمل على تشويه صورة التحركات الشعبية وإخفاء طبيعتها السلمية ومطالبها المحقة، وتغيير نهج الإعلام الرسمي إلى إعلام يتعامل باحترام ومصداقية مع الانتفاضة المطالبة بالحرية والكرامة.
3- الإفراج عن جميع الموقوفين منذ انطلاقة الانتفاضة، وعن جميع المعتقلين والسجناء السياسيين قبل هذا التاريخ. 4- تشكيل لجنة تحقيق مستقلة عن كل السلطات، ومكونة من عدد من القضاة والمحامين والمختصين النزيهين، للتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن القتل وإطلاق النار على المتظاهرين.
5- رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية فعلياً وليس لفظيا فقط كما هو الحال حتى اليوم، وسحب المرسوم /55/ المتعلق بتعديل المادة /17/ من قانون أصول المحاكمات، وعدم تقييد الحياة العامة بقوانين أخرى تقوم بالوظائف السابقة ذاتها لقانون الطوارئ.
6- الاعتراف بحق التظاهر السلمي وعدم تقييده بقوانين تسمح في ظاهرها بالتظاهر لكنها تمنعه أو تقيِّده فعليا، وسحب قانون التظاهر الأخير، ومنع الأجهزة الأمنية من التدخل في الحياة العامة، وقيام جهاز الشرطة المدنية حصرا بحماية المواطنين.
يتعاهد شباب 17 نيسان للتغيير الديمقراطي على التعاون والعمل بجميع الوسائل السلمية من أجل عقد مؤتمر وطني عام للحوار يضم الشباب وممثلي كافة القوى السياسية والهيئات والشخصيات العامة ذات الصلة في المجتمع باستثناء من تلطخت أيديهم بدماء السوريين أو الفاسدين، يكرس الوحدة المجتمعية ويهدف إلى الاتفاق على البرنامج والآليات المناسبة للانتقال بالبلاد (خلال مدة يحددها المؤتمر) إلى النظام الديمقراطي المدني المنشود الذي تتحدد ملامحه الرئيسية في :
1 ـ دستور جديد يرسي عقداً اجتماعياً جديداً يضمن الدولة المدنية وحقوق المواطنة المتساوية لكل السوريين بصرف النظر عن المعتقد والعرق والإثنية والجنس، ويكفل التعددية السياسية، وينظم التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ويرشِّد مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية ويحدد عدد الدورات الرئاسية، ويضمن استقلال القضاء والفصل بين السلطات الثلاث.
2 ـ تنظيم الحياة السياسية عبر قانون ديمقراطي للأحزاب، وتنظيم الإعلام والانتخابات البرلمانية وفق قوانين توفر الحرية والشفافية والعدالة والفرص المتساوية.
3 ـ الإلغاء الفعلي لكل أشكال الاستثناء من الحياة العامة، بوقف العمل بجميع القوانين ذات العلاقة بالأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية، وإلغاء جميع القوانين والمراسيم التي تبرِّر للأجهزة الأمنية ممارسة التعذيب والقتل، وعودة جميع الملاحقين والمنفيين قسراً أو طوعاً عودة كريمة آمنة بضمانات قانونية، وإنهاء كل أشكال الاعتقال والاضطهاد السياسي،.
4 ـ ضمان حرية الأفراد والجماعات والأقليات القومية في التعبير عن نفسها، والمحافظة على دورها وحقوقها الثقافية واللغوية، خاصة الأكراد والآثوريين، وإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة وأمن سورية أرضاً وشعباً، بما يضمن المساواة التامة للمواطنين السوريين الأكراد مع بقية المواطنين من حيث حقوق الجنسية والثقافة وتعلم اللغة القومية وبقية الحقوق الاجتماعية والقانونية، وهو الأمر الذي لا يتعارض البتة مع كون سورية جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية يرتبط واقعها ومستقبلها ارتباطاً مصيرياً بها وبقضاياها.
5 ـ تحرير المنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية من وصاية السلطة والهيمنة الحزبية والأمنية، وتوفير شروط العمل الحر والمستقل لها كمنظمات لمجتمع مدني جدير بالتسمية ينظم نشاطاتها قانون عصري للجمعيات.
6- تشكيل هيئة وطنية للمصالحة والإنصاف ورد المظالم من أجل الكشف عن المفقودين السوريين وضمان الحقوق الأساسية الخاصة بالتعويض وإعادة التأهيل لضحايا التسلط والعنف السياسيين.
7- مباشرة إجراءات عودة المال العام المسروق لخزينة الدولة، وإعطاء اهتمام خاص للأحياء الفقيرة والجماعات المهمشة والعاطلة والمستضعفة وصغار صغار الكسبة، والسعي لتأمين حد أدنى للعيش لكل الفئات المظلومة.
لتحقيق هذه الأهداف، ندعو القوة السياسية والشخصيات العامة والهيئات والمنظمات السورية, ومجموعات شباب الانتفاضة للعمل سويه علماً بأنه مهما طال واستفحل استخدام العنف والقمع من قبل النظام، فلن تكون هناك طريق أخرى نحو المستقبل غير الحوار والآليات الديمقراطية والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد لصنع مستقبلهم المشترك ، وستطرح هذه القوى للتغيير الوطني الديمقراطي تصوراته ورؤاه لكيفية التحرك و الانتقال من الواقع القائم في البلاد نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
معا من أجل سورية حرة مدنية ديمقراطية قوية ، وطنا سيدا كريما لكل أبنائها .
حركة شباب 17 نيسان من أجل التغيير الديمقراطي في سوريا
إلى الشعب السوري العظيم
في الثامن عشر من شهر آذار/مارس 2011، انطلقت انتفاضة الكرامة في سورية من أجل الحرية والمساواة والعدالة، متخذة من مدينة درعا نقطة البداية، انطلقت بعفوية الثائر على هدر كرامة الإنسان وحريته، لم يكن لهذه المدينة طريق آخر لنزع الخوف واسترجاع الحقوق المهدورة سوى التظاهر والتجمع متحدين آلة القمع وحالة الطوارئ المفروضة على البلاد والعباد وحالة الفساد المحمي من هذه السلطة. سبق هذه الانطلاقة تحرك شبابي بتاريخ 15 آذار فتح الباب للشباب السوري استنشاق نسيم الحرية وبعثها في كل ربوع سوريا الحبيبة.
كانت الشرارة التي انتقلت بسرعة انتقال المذابح والقتل والوحشية من أجهزة النظام من مدينة إلى مدينة، فما أن حل أسبوع واحد على الإنطلاق، حتى أصبحت كل المدن السورية درعا المنتفضة، استجابت المدن وتعالت الأصوات من منتفضيها كل مدينة تدعم الأخرى وتؤازرها، ومع انتشار كلمة الحرية على ألسنة المنتفضين عممت السلطة همجيتها وأساليبها اللانسانية فمارست القتل والدمار والحصار والخطف والتعذيب والتظليل لقمع وسجن الحرية من ضمير وألسنة المنتفضين .
منذ اللحظة الأولى لشرارة الانتفاضة غيبت السلطة الحلول السياسة والسياسيين إلا ماندر حيث تبين أن الدعوات الوهمية للحوار ليست سوى غطاء للتغول الأمني وكسب الوقت لقمع الانتفاضة، هكذا استحوذت الأجهزة الأمنية على كافة المعطيات الموجودة على الأرض فقبضت على كل مايتعلق بمعالجة الموقف في الوضع السوري بيدها منذ الانتفاضة. وقد تأكد لنا التالي:
1- رفض النظام القيام باصلاح حقيقي يتجاوز المشاريع الشكلية المزيفة، وفي الوقت نفسه تشديد انغلاقه على نفسه وتفرده بالسلطة والقرار وتأكيد جموده السياسي والفكري.
2- تصميم الشعب على الاستمرار في الكفاح حتى تحقيق مطالبه في الحرية، وإقامة سلطة ديمقراطية مدنية من اختياره، مهما كلفه الأمر.
لذلك نحن الشباب السوري في كافة المحافظات ومن كافة مشاربنا السياسية والفكرية والمدنية والأهلية المشاركة في انتفاضة الكرامة نعلن التزامنا بما يلي:
• سوريا دولة مدنية لكل مواطنيها المتساوين بالحقوق والواجبات بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بغض النظر عن الدين والمذهب والجنس والتوجه السياسي. وبناءً عليه فإننا ندين بأشد العبارات ونشجب كل من يطلق أي شعار طائفي أثناء المظاهرات.
• صياغة دستور مدني مواطني يضمن المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع السوريين.
• يعتبر احترام الدستور السوري الجديد، المنسجم مع التزامات سورية في حقوق الإنسان والبيئة، الشرط الأساس لكل نشاط سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي أو مدني.
• المقاومة المدنية من أجل الديمقراطية والكرامة نهج سلمي مبدئي ينبذ العنف بكل أشكاله ومن أي طرف جاء. لقد ولدت الحركة المدنية للتغيير سلمية، ومهمتنا تطويق أي محاولة لجر المواطنين إلى العنف أو تخريب الممتلكات العامة والخاصة أو الإعتداء على الأشخاص. ولن نقبل بوجود المخربين بيننا.
• الشعب السوري، كما الشعوب في باقي الدول العربية الأخرى، مقاوم بطبيعته. وليس هذا الأمر جديداً علينا بل كان جلياً أثناء الحقب الاستعمارية لبلادنا وخلال عشرات السنين من احتلال الكيان الصهيوني للأراضي العربية. أننا سنتابع هذا التاريخ الوطني المشرّف، وسنعمل على تحرير الجولان والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، ومنها إقامة دولته المستقلة. لذا نرفض اتهامنا بشكل مباشر أو غير مباشر بالتهاون في قضية التحرر الوطني باعتبارها في صلب مشروع الحرية والكرامة.
• التدخل الخارجي مرفوض بكافة أشكاله، التحول البناء سيكون سوريا في المعنى والمبنى ونرفض أية وصاية أو وكالة لأي طرف كان. مع التأكيد على القيمة العالمية لحقوق الإنسان والتعاون مع المنظمات العالمية لهذه الحقوق لوضع حد للانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان وللجرائم التي ترتكب بحق شعبنا في كفاحه السلمي لنيل حريته.
• لا يمكن فصل معركة الحرية عن النضال من أجل العدالة الاجتماعية. فقد أفقرت الدكتاتورية وهمشت قطاعات واسعة من المواطنين بحيث صار من الأولويات دعم البنية المجتمعية الأفقر وتوفير فرص العمل للجميع والتوزيع العادل لثروات البلاد بين المناطق وبين شرائح المجتمع المختلفة.
بناءً على ما تقدم، فإننا نؤكد أن الحل السياسي الذي يتشارك فيه كل أبناء الشعب السوري هو الوحيد الذي يمكن أن يوصلنا إلى بر الأمان، ويقطع الطريق على كل المؤامرات والمتآمرين (إن وجدوا) على وطننا. ولا يمكن للعنف المستخدم من السلطة والحلول الأمنية إلا أن تؤدي إلى مزيد من الاحتقان ومزيد من الدماء السورية الأغلى على قلوبنا. إن شعارات الحرية والكرامة ليست ضبابية، ونحن نفهم أبعادها ومتطلباتها جيداً من حيث الحقوق والواجبات. وهي تمر بطريق إعادة بناء النظام السياسي في سوريا على أسس المواطنة والمدنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتوزيع العادل للثروة الوطنية في دولة تعتبر من واجباتها احترام المواثيق الأممية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية والمدنية.
وبما أن تحقيق الإنتقال السلمي للديمقراطية مشروع شعبي سياسي بامتياز، فإن على السلطات السورية القيام بالإجراءات التمهيدية التالية كاعتراف من قبلها بأن الأزمة هي وطنية وليست ذات منشأ مؤامراتي خارجي من جهة، وكتعبير عن حسن النية من جهة أخرى:
1 – وقف كافة الأعمال القمعية ضد الشعب، والتي تتجلى قتلاً واعتقالاً وحصاراً من قبل الأجهزة الأمنية وشبيحتها، والتوقف مباشرة عن توريط وحدات من الجيش في معركة ضد الشعب، وفك الحصار المفروض على عدد من المدن والبلدات السورية.
2- وقف الحملات الإعلامية التضليلية التي تعمل على تشويه صورة التحركات الشعبية وإخفاء طبيعتها السلمية ومطالبها المحقة، وتغيير نهج الإعلام الرسمي إلى إعلام يتعامل باحترام ومصداقية مع الانتفاضة المطالبة بالحرية والكرامة.
3- الإفراج عن جميع الموقوفين منذ انطلاقة الانتفاضة، وعن جميع المعتقلين والسجناء السياسيين قبل هذا التاريخ. 4- تشكيل لجنة تحقيق مستقلة عن كل السلطات، ومكونة من عدد من القضاة والمحامين والمختصين النزيهين، للتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن القتل وإطلاق النار على المتظاهرين.
5- رفع حالة الطوارئ والأحكام العرفية فعلياً وليس لفظيا فقط كما هو الحال حتى اليوم، وسحب المرسوم /55/ المتعلق بتعديل المادة /17/ من قانون أصول المحاكمات، وعدم تقييد الحياة العامة بقوانين أخرى تقوم بالوظائف السابقة ذاتها لقانون الطوارئ.
6- الاعتراف بحق التظاهر السلمي وعدم تقييده بقوانين تسمح في ظاهرها بالتظاهر لكنها تمنعه أو تقيِّده فعليا، وسحب قانون التظاهر الأخير، ومنع الأجهزة الأمنية من التدخل في الحياة العامة، وقيام جهاز الشرطة المدنية حصرا بحماية المواطنين.
يتعاهد شباب 17 نيسان للتغيير الديمقراطي على التعاون والعمل بجميع الوسائل السلمية من أجل عقد مؤتمر وطني عام للحوار يضم الشباب وممثلي كافة القوى السياسية والهيئات والشخصيات العامة ذات الصلة في المجتمع باستثناء من تلطخت أيديهم بدماء السوريين أو الفاسدين، يكرس الوحدة المجتمعية ويهدف إلى الاتفاق على البرنامج والآليات المناسبة للانتقال بالبلاد (خلال مدة يحددها المؤتمر) إلى النظام الديمقراطي المدني المنشود الذي تتحدد ملامحه الرئيسية في :
1 ـ دستور جديد يرسي عقداً اجتماعياً جديداً يضمن الدولة المدنية وحقوق المواطنة المتساوية لكل السوريين بصرف النظر عن المعتقد والعرق والإثنية والجنس، ويكفل التعددية السياسية، وينظم التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ويرشِّد مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية ويحدد عدد الدورات الرئاسية، ويضمن استقلال القضاء والفصل بين السلطات الثلاث.
2 ـ تنظيم الحياة السياسية عبر قانون ديمقراطي للأحزاب، وتنظيم الإعلام والانتخابات البرلمانية وفق قوانين توفر الحرية والشفافية والعدالة والفرص المتساوية.
3 ـ الإلغاء الفعلي لكل أشكال الاستثناء من الحياة العامة، بوقف العمل بجميع القوانين ذات العلاقة بالأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية، وإلغاء جميع القوانين والمراسيم التي تبرِّر للأجهزة الأمنية ممارسة التعذيب والقتل، وعودة جميع الملاحقين والمنفيين قسراً أو طوعاً عودة كريمة آمنة بضمانات قانونية، وإنهاء كل أشكال الاعتقال والاضطهاد السياسي،.
4 ـ ضمان حرية الأفراد والجماعات والأقليات القومية في التعبير عن نفسها، والمحافظة على دورها وحقوقها الثقافية واللغوية، خاصة الأكراد والآثوريين، وإيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في إطار وحدة وأمن سورية أرضاً وشعباً، بما يضمن المساواة التامة للمواطنين السوريين الأكراد مع بقية المواطنين من حيث حقوق الجنسية والثقافة وتعلم اللغة القومية وبقية الحقوق الاجتماعية والقانونية، وهو الأمر الذي لا يتعارض البتة مع كون سورية جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية يرتبط واقعها ومستقبلها ارتباطاً مصيرياً بها وبقضاياها.
5 ـ تحرير المنظمات الشعبية والاتحادات والنقابات المهنية من وصاية السلطة والهيمنة الحزبية والأمنية، وتوفير شروط العمل الحر والمستقل لها كمنظمات لمجتمع مدني جدير بالتسمية ينظم نشاطاتها قانون عصري للجمعيات.
6- تشكيل هيئة وطنية للمصالحة والإنصاف ورد المظالم من أجل الكشف عن المفقودين السوريين وضمان الحقوق الأساسية الخاصة بالتعويض وإعادة التأهيل لضحايا التسلط والعنف السياسيين.
7- مباشرة إجراءات عودة المال العام المسروق لخزينة الدولة، وإعطاء اهتمام خاص للأحياء الفقيرة والجماعات المهمشة والعاطلة والمستضعفة وصغار صغار الكسبة، والسعي لتأمين حد أدنى للعيش لكل الفئات المظلومة.
لتحقيق هذه الأهداف، ندعو القوة السياسية والشخصيات العامة والهيئات والمنظمات السورية, ومجموعات شباب الانتفاضة للعمل سويه علماً بأنه مهما طال واستفحل استخدام العنف والقمع من قبل النظام، فلن تكون هناك طريق أخرى نحو المستقبل غير الحوار والآليات الديمقراطية والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد لصنع مستقبلهم المشترك ، وستطرح هذه القوى للتغيير الوطني الديمقراطي تصوراته ورؤاه لكيفية التحرك و الانتقال من الواقع القائم في البلاد نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
معا من أجل سورية حرة مدنية ديمقراطية قوية ، وطنا سيدا كريما لكل أبنائها .
حركة شباب 17 نيسان من أجل التغيير الديمقراطي في سوريا
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)