إن طموحنا اليوم هو أن نجدد صيغة التسوية الميثاقية الدستورية الإستقلالية التي قام عليها لبنان العربي الإنتماء، وطناً نهائياً لجميع أبنائه، وجمهورية ديموقراطية برلمانية..إن هذا يفرض علينا إعادة تأكيد ثوابت الإستقلال :
1= ان التنوع والتعدد سنة طبيعية في الإجتماع اللبناني ينتج عن الإنتماءات الدينية والمذهبية المتعددة والتكوينات الإجتماعية المختلفة..وهذا الأمر قد يكون غنى وثروة ونعمة إن وُجدت ثقافة وعقلية التسامح والإنفتاح وحق الإختلاف والديموقراطية وحرية الرأي والتعبير..وهو نقمة إن ضاقت مساحة التسامح والإنفتاح وحق الإختلاف والحريات الأساسية..
2= إن تاريخ الإجتماع اللبناني لا تختزله حالات الإنقطاع والإنفصال والنزاع بين المجموعات التي سكنته وساهمت في تأسيس كيانه السياسي وصيغة دولته..فالأهم والأبقى هو حالات الوصل والتواصل والإنفتاح والتفاعل والعيش الواحد بين جماعاته ما سهل عملية بناء التوافقات والتسويات وسعي اللبنانيين الدائم إلى إستئناف عيشهم الواحد بعد كل إختلال..
3= إن لبنان وطن نهائي أي أنه ليس كيان صدفة أو اصطناع محض..كما أنه ليس كياناً أزلياً سرمدياً واجب الوجود لذاته، إنما هو معنى ودور يرتبطان بإرادة أبنائه وبقدرتهم على النهوض بمسوؤلياتهم..إنه أكثر من كيان سياسي قانوني وليس أقل من كيان وطني بمقاييس الدول والأوطان القائمة..وهنا ينبغي حسم تلك الذبذبة بين الوطنية والقومية، ما بين وجود لبنان وإنتماء كيانه إلى الأمة العربية إنتماءً حضارياً أساسه اللغة والثقافة والتاريخ والمصالح المشتركة.
4= إن الإستقلال والسيادة في لبنان متلازمان تلازماً كاملاً مع السلم الأهلي والوحدة الوطنية...ولا يختلف إثنان على أن الإستقواء بالخارج كان مشروع غلبة في الداخل ، كما أن الغلبة في الداخل كانت وما زالت تستجر حتماً التدخل الخارجي..فالعلاقة بين المؤثرات الداخلية والخارجية التي تمنع قيام كيان وطني ومؤسسات وطنية، هي علاقة تفاعل وإرتباط متبادل عنوانها العام دور العصبيات العشائرية-الطائفية كقوى نابذة على صعيد الوطن وكقوى مفككة على صعيد المؤسسات الوطنيات... كما أن الوحدة الوطنية لا تحصل بالغلبة من قبل فئة على فئة وإنما تأتي من خلال البحث الدائم عن تسوية مبنية على التوازن وعلى ما أمكن من العدالة..
5= أثبتت الأيام والأحداث التي عشناها إن أي خلل أو إختلال في الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين يستتبع خللاً وإختلالاً داخل كل طائفة ومذهب، ثم يتوغل داخل الطائفة الواحدة والمذهب الواحد باتجاه تفتت لا ينتهي ولا تُحمد عقباه..إن حماية أي طائفة أو مذهب تبدأ من حماية الوحدة الوطنية وليس من نقضها أو إضعافها..
6= لا يوجد مناص من أن يتفق اللبنانيون على إقامة وطن وبناء دولة يجسدها إتفاقهم هذا وتحافظ عليه..وهذا يستلزم إقامة المساواة التامة بين المواطنين تحت سقف القانون من دون غلبة أو إستقواء بالعدد أو بالخارج..إن قيمة أي فئة إسلامية أو مسيحية هي في ذاتها وليس في عددها أو في من يدعمها..وصيغة الوطن اللبناني هي صيغة نوعية لا كمية وبالتالي فإن معنى لبنان يأتي من إنسجام تنوعه ضمن الوحدة، ووحدته في التنوع والتعدد، ومن دون ذلك لا يكون لبنان إذ يفقد معناه..
7= إن العنف مهما تنوعت أسبابه وحججه ليس سبيلاً لحل الخلافات القائمة في المجتمع اللبناني…فالعنف على المستوى المبدئي لا يمكن القبول به..وعلى المستوى المجتمعي السياسي الخاص بلبنان هو إنتحار جماعي..إذ هو مناقض لطبيعة الإجتماع اللبناني القائم على التسوية والحوار والعيش المشترك..
اللقاء اللبناني للحوار