الخميس، 23 أغسطس 2012
مسلمون ومسيحيون معاً : ضد الهجرة المسيحية من العالم العربي
بيان للتوقيع
يواجه العالم العربي تحولات مجتمعية عميقة بدأت ترسم مصيره لأجيال عديدة قادمة. يتسم بعض هذه التحولات بطابع إيجابي بناء يتمثل في التأكيد على التمسك بقيم العدالة والحرية والديموقراطية وحقوق الانسان . الا ان من هذه التحولات أيضاً ما يتسم بطابع سلبي مقلق وخطير ، يتمثل في الهجرة المسيحية من العديد من الدول العربية .
ان هذه الهجرة وإن كانت بدأت قبل بداية هذه التحولات ، الا انها بما تمثله من خطر على تماسك نسيج المجتمعات العربية المتنوعة ، ومن تشويه لصورة العيش الوطني الواحد التي صاغت هوية هذه المجتمعات على مدى قرون عديدة سابقة ، وبما تسفر عنه من استنزاف وهدر لثروة الأمة العربية من قدرات فكرية وعلمية وتربوية واقتصادية ، تتطلب موقفاً موحداً وعملاً مشتركاً لمواجهتها والتصدي لها بما يصون وحدة المجتمعات العربية واحترام تعددها الديني والمذهبي. فلقد كان هذا التعدد على مدى التاريخ ، المكوّن الأساس لشخصيتها والعمود الفقري الذي قامت وتقوم عليه هويتها القومية .
من أجل ذلك ، تداعت مجموعة من المؤسسات والشخصيات العربية المعنية بالحوار وبالعلاقات الاسلامية المسيحية لإطلاق مبادرة مشتركة تندد بالهجرة المسيحية وترفع الصوت عالياً في وجه أسبابها ومسببيها ، وتؤكد على التمسك بالثوابت الوطنية التي جعلت في السابق ، وتجعل اليوم وغداً من المسيحيين والمسلمين العرب أمة واحدة يواجهون معاً مصيراً واحداً ويصنعون معاً مستقبلاً واحداً أيضاً . فالمسيحيون العرب لا يحتاجون الى تطمين من أخوانهم وشركائهم في الوطن ، ولكن الحاجة الجامعة لجميع المواطنين ، مسلمين ومسيحيين ، هي الاطمئنان الى سلامة العيش الواحد والى سلامة الحريات العامة والى سياة القانون وتثبيت دعائم السلم الأهلي .
وانطلاقاً من هذه القواعد الكلية ، يؤكد الموقّعون على هذا النداء على الثوابت التالية :
اولاً : المسيحيون والمسلمون مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات . ومسؤولون معاً في ، وعن ، أوطانهم ومجتمعاتهم .
ثانياً : التأكيد على صيانة واحترام الحريات الدينية إيماناً وشعائر وممارسة ، والتي كانت الطابع الذي تميزت به المجتمعات العربية على مدى التاريخ .
ثالثاً : رفض كل أنواع التطرف والغلو التي تحاول إنكار الآخر المختلف أو التنكر له أو تجاوزه أو فرض قيود على حرياته .
رابعاً : ادانة كل أنواع الارهاب الجسدي أو الفكري أو الديني ، والتمسك بمبدأ اللاإكراهية في الدين ، على قاعدة الايمان بالله الواحد رب الناس أجمعين .
خامساً : اعتبار الاعتداء على أي مسيحي ، لدينه ، بمثابة اعتداء على كل مسلم . واعتبار انتهاك حرمة أي كنيسة بمثابة انتهاك لحرمة كل مسجد . والتأكيد على حرمة بيوت الله جميعاً وقداستها .
سادساً : التأكيد على ان دعوة المسيحيين الى عدم الخوف وتالياً الى عدم الهجرة، يفترض أن يكون مترافقاً ، بل يجب أن يترافق ، مع دعوة المسلمين الى تجنب تخويفهم باستخدام سلاح الأكثرية العددية أو التلويح باستخدامه . فليس صحيحاً ان الوحدة الوطنية لا تقوم الا على طغيان العدد أو على وحدة المعتقد . لقد قامت الوحدة الوطنية ويجب أن تقوم على أساس قبول التنوع والتعدد ، بما يتطلبه ذلك من احترام للحريات الخاصة والعامة ، المدنية منها والدينية .
ان التحولات العميقة التي تشهدها مجتمعاتنا العربية والتي تعكس طموحات مشروعة من حيث التأكيد على احترام الكرامة الانسانية ، وحقوق المشاركة في اتخاذ القرارات وصناعة الغد الأفضل ، لا يمكن أن تؤتي أكلها اذا غاب أو إذا غُيّب عنها مكوّن أساس من مكوناتها الأصيلة . ولتجنب ذلك يجب التصدي بكل فعالية لموجات الهجرة المسيحية التي بلغت مستويات استنزافية خطيرة . ويتطلب هذا الأمر أولاً وقبل كل شيء ، صيانة الوحدة الوطنية من عبث العابثين ، والارتفاع بها الى مستوى ما تمثله ارادة الله في اختيار هذه المنطقة دون غيرها من مناطق العالم ، لتكون مهبط وحيه ومنطلق رسالاته الى الناس أجمعين .
محمد السماك
سعود المولى
الشيخ الطفيلي: هنالك "بَطَر شيعي" ومن خطف إبن المقداد ليس المعارضة السورية
سلاح المقاومة أصبح مخزياً بعد انغماسه في وحول سوريا والداخل
رأى الأمين العام الأسبق لـ"حزب الله" الشيخ صبحي الطفيلي أن النظام السوري حتما راحل، مشيرا الى أنه لا يجوز ربط الناس وشرائح المجتمع بأمر زائل، مطالبا أهالي باب التبانة وجبل محسن أن يبقوا جيرانا لأنهم سيبقوا بعد زوال النظام.
وأضاف الطفيلي في حديث للـ"المستقبل" أن سوريا تحترق من أقصاها إلى أقصاها والقادم أعظم، لافتا الى أن هناك مسعى من قبل النظام لإستخدام كل من يمكن استخدامه في لبنان.
وقال: "ليس من مصلحة "8 آذار" انفجار الوضع في لبنان لأن ذلك كمن يدمر البيت فوق رأسه فهم من يمسكون زمام الأمور في البلاد، وأتخوف من إمكان حصول "14 آذار" على قدرة عسكريّة قادرة على الوقوف بوجه القوّة العسكري لـ"8 آذار" لأن عندها سيدخل لبنان في حال الحرب".
وتابع الطفيلي: "الإيرانيون لا يريدون حرباً أهليّة في سوريا وإنما يريدون الحفاظ على النظام وهم مخطئون في ذلك لأن هذا النظام ساقط، وجل ما يفعلمونه اليوم هو تأجيج الحرب الأهليّة التي يمكن أن تتجاوز سوريا، وهناك دول من جملتها إيران وبعض الدول في الخليج تعتقد أن من مصلحتها الحرب المذهبية التي إن كانت تشعل المنطقة إلا أنهم يعتقدون أتهم سيسلمون وهذا الأمر قبيح".
وتطرق الطفيلي لقضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا والسوريين والأتراك في لبنان، لافتا الى أنه سمع كلام إبن المقداد، وأن كلامه والتعابير التي استعملها تدل على أن ليس علاقة له بـ"حزب الله" ومن اختطف ابن المقداد يعرف أنه ليس في الحزب وهم قوّلوه ما قال. وقال: "لذا أنا أعتقد أن من فعلوا هذا الأمر ليسوا من المعارضة الكريمة في سوريا والمختطف أحد إثنين إما مجموعة مسلّحة من اللصوص والقتلة المرتبطين بدولة خارجيّة أو مجموعة تابعة للنظام ونحن نعلم أن النظام يرغب في نشر الفوضى في المنطقة لعله يخوّف الداعمين للمعارضة".
وأضاف: "أنا مطمئن أن من خطف إبن المقداد ليست المعارضة السورية وإنما مجموعة تابعة إما لدولة خارجيّة أو للنظام من أجل تأزيم الوضع في لبنان. واللبنانييون المخطوفون في اعزاز بعضهم مع المعارضة السوريّة وأنا أعرفهم جيّداً، وأنا أسأل آل المقداد هل ما تفعلوه يخدم ولدكم؟ إنكم تشجعون الخاطف على خطف المزيد من أجل أن تكبر الفتنة".
وشدّد على أن خطف المواطنين السوريين في لبنان لا يجوز شرعاً وما يحصل ضد الأخلاق حتى لو خالف بعضهم في سوريا الدين وارتكب المحرّم، ويجب أن يفرج عن كل السوريين في لبنان، مضيفا أنه لا يجوز أن تقول الدولة أنها عاجزة، وهو مستعد للذهاب إلى كل الخاطفين من أجل محاورتهم وإقناعهم بتحرير المخطوفين.
وسأل الطفيلي: "إذا صح أن طيران النظام السوري هو من قصف أعزاز فماذا أراد النظام من وراء هذه الفعلة عبر قتل المخطوفيين اللبنانيين؟" هو أراد أن يستثير الناس.
وتابع: "من قصف أعزاز أراد إشعال لبنان، وأقول لأهالي المخطوفين في أعزاز ألا تعتقدون أن تصرفاتكم قد تسبب بمقتل أبنائكم؟ ولا أحد في لبنان لا يعرف أن سبب الرجوع عن إطلاق صراح المخطوفين يوم كان يقال إنهم سيطلقون هو تصرفات بعضنا لأن هناك حال "بَطَرْ" في الشارع الشيعي".
ورأى أنه لا يجوز على حساب دماء أولادنا المخطوفين أن نلعب سياسية، سائلا: "هل يجوز مهاجمة من يعمل على إطلاق أبنائهم؟".
وأشار الى أن هناك "بطر المجنون" وأي تصرّف خاطئ ممكن أن يتم إعادتهم إلى لبنان في أي لحظة، فهناك شيعة أين مكان وإن كانوا يتغنون بـ"الخرطوشتين" اللتين يملكونها فـ"إن بني عمّك فيهم رماح".
أنا لم أسمح بخطف أي رهينة أجنبية وهذا الموضوع لا علاقة لنا به لا جملة ولا تفصيلاً
وتابع: "نحن نسعى ونحاول ما استطعنا وأكرر وأدعو آل المقداد أن يعيدوا النظر ويطلقوا سراح الجميع، لأن هؤلاء مظلومون لجأوا إلى هنا هرباً من الظلم وإن كانوا من "الجيش السوري الحر"، فهذا الجيش يدافع عن نفسه، وأنا لم أسمح ولا للحظة واحدة أن ينغمس "حزب الله" في خطف أي رهينة أجنبيّة، وهذا الموضوع لا علاقة لنا به لا جملة ولا تفصيلاً".
ولفت الى أن "السلاح الذي استخدمناه ضد العدو الإسرائيلي وسمينا نفسنا مقاومة انغمس في وحول الداخل وأنا أتخوّف من انغماسه في الوحول السوريّة ما يزيدنا عاراً وخزية أمام الله".
ورأى أن هناك مقولة في الشارع الشيعي تقول إن "حزب الله" مضطر للوقوف إلى جانب النظام السوري والدفاع عنه والقتال عنه، متمنيا التفكير مالياً. قائلا لأهله وأحبائه: "نحن هنا منذ مئات السنين وسنبقى فالأنظمة راحلة أما الشعوب باقيّة ومسألة أن صلاح الدين والمماليك تعرّضوا للشيعة هنا أم هناك فهي مسألة سياسيّة بامتياز ولها حيثياتها القديمة ويمكن لنا التحدث عنها كي نستبين الحق من الباطل".
وقال: "أنا أعرف أن المعارضة السوريّة حاولت في أكثر من مرّة طمأنة المقاومة مقابل وقوفها فقط على الحياد، وأنا أدرك أن هؤلاء صادقون".
واضاف: "الأقباط في مصر وضعهم أفضل من زمن الرئيس حسني مبارك وقيل الكثير عندما حصلت الثورة في تونس ومصر عن إمكان وصول المتطرفين، هناك استعمال لفزاعة لا وجود لها وهناك من يمسكون برقاب العباد ويحاولون إيخاف الناس كي يكونوا على منأى من الثورة. وأنا أعرف أن مصلحة الأقليات هي في إزاحة هذه الحكومات الظالمة، والديمقراطيات تحمي لأن الحاكم بحاجة الى أصوات".
وتابع الطفيلي: "أنا قلت لإخواني في "حزب الله" أنتم لديكم علاقات جيّدة مع النظام فلما لا تنشئون علاقات مع المعارضة وتدخلون مغيثون إلى المدن وتجدوا حلاً سياسياً للأزمة، لأن الحل العسكري يضر الجميع".
وأشار الى أنه عندما يقول "كونوا مصلحين" فيعني أن هذا الاصلاح يخدم النظام لأنه يطالب بالحوار، موضحا أنه إذا ما دخل "حزب الله" كمعاون في الموضوع فهل في الأمر ضيم؟ وقال: "لنفترض أن الحزب لم يستطع فإن بقي النظام فأنت صديقه وخدمته بما تستطيع وإن أتت المعارضة فهي صديقتك وأنت خدمتها أيضاً".
وأكّد أن في العالم العربي لا دولاً ممانعة حتى النظام السوري، مستذكرا معاناته في المقاومة مع النظام السوري، لافتا الى أنه عانى عندما كان أميناً عاماً لحزب الله، موضحا أن يمكنه أن يكتب ملفات عن الموضوع. وقال: "أنا أتكلم عن المقاومة وهي بحاجة لتتنفس والنظام السوري كان كثير الضغط وكنا نتألم جداً جداً جداً، وإذا سمح الوقت في مكان آخر سنتكلم عن الموضوع".
واضاف: "نعم، النظام السوري سلّح "حزب الله" إلا أنه فعل ذلك بعد انتهاء المقاومة وعندما لم تعد قبلة "حزب الله" هي القدس، وأتمنى أن تتوجه الصواريخ التي عند "حزب الله" إلى مكان غير الداخل اللبناني".
وتابع الطفيلي: "هناك مؤامرة على سوريا وليس في سوريا ثورة، وهذه لغة القيادة الإيرانيّة والكثير من الإخوة في لبنان. هم مع الثورات في الدول العربيّة إلا في سوريا. يقولون إن الأميركي يتدخل وأنا أقول إن الأميركي لم يسمح حتى الآن بتسليح المعارضة وهو دخل إلى العراق بتهليل وتصفيق إيران".
وسأل: "كيف يمكن أن نقبل أن التدخل الأميركي في العراق عمل شريف فيما الدعم الإعلامي لا أكثر للمعارضة السوريّة هو مؤامرة؟ اوليس الأميركي هو من أخرج مصر من العمالة إلى صفوف الأشراف فيما يعيد سوريا من بين أيدي الأحرار إلى صفوف العمالة؟ هذا كلام غير منطقي".
وقال: "أصحاب المشاريع ومن جملتهم إيران يريدون حرق المنطقة وهذا أمر لا يخدم سوى الصهاينة والأميركي، وأنا أحببت الطرح المصري في موضوع الأزمة السوريّة، لأنه لا يجوز أن تبقى الأنظمة التوتاليتاريّة ولا حق لأحد في الدفاع عنها، ويجب تحويل سوريا دولة ديمقراطيّة تحكمها إرادة الشعب".
ورأى أن الإمام الخميني لم يفكر يوماً بعقليّة مذهبية إلا أن النظام الإيرانيّ اليوم يفكّر بعقليّة مذهبيّة بحتة.
وأضاف: "النظام اللبناني بشكل عام نقمة، والطائفية كارثة في لبنان وأدعو الى المواطنية وأن يكون هناك قانون في لبنان أن يخرجنا من كل الطوائف، ولبنان طوائفه عشائر وكل إنسان يستصرخ عشيرته وهذا منطق جاهلي ومن المفترض أن تحكم العدالة وكلنا ضد الظلم والجريمة".
وتابع: "سقوط النظام السوري سيكون له أثر مدوٍّ في لبنان، وستتبدل الأدوار. إن بوابة لبنان على العالم أجمع هي سوريا واي جهة تريد أن يكون لها علاقات غير غربيّة ينبغي أن تمر عبر حدودنا البريّة مع سوريا، لذا يجب أن يفتش اللبنانييون عن علاقة مع الدولة السوريّة أياً تكن هذه الدولة، وإلا فالبديل هو إسرائيل".
وأشار الى أنه يذكر عندما أرادت "القوّات اللبنانيّة" إقامة علاقة مع الغرب قالوا لهم مرّوا عبر إسرائيل، وحتى إيران عندما أرادت أن تشتري قطع غيار في حربها ضد العراق قاموا بإجبارهم على شرائها من إسرائيل. إن القاعدة عند الغرب هي أن بوابة العلاقة معهم هي إسرائيل.
وقال: "أخطأنا جداً عندما دخلنا بيروت بالسلاح في 7 أيار، ونخطئ عندما نتكلم أننا يمكننا أن نحسم الأمور في الداخل بالقوّة لأننا بذلمك ندعوا الجميع إلى التسلح من أجل حماية أنفسهم من سلاحي. ويجب أن يكون في لبنان سلاح واحد هو سلاح الجيش وأن يكون القرار السياسي بيد الدولة إلا أنه ليس في ظل هذه الدولة".
وأضاف الطفيلي: "لبنان أبعد ما يكون عن الدولة الإسلاميّة لطبيعته وتكوينه ونحن لم ننظر بهذه الفكرة وهذا الأمر لا مصداقيّة له. نحن بحاجة لبناء دولة حقيقيّة تحكمها القوانين المواطنين فيها متساوين وهذا الأمر يمكن أن يقوم به أهل الحوار".
وتابع: "ميشال عون وميقاتي وجنبلاط يتدللون و"حزب الله" مضطرون على إرضائهم حتى حليفهم الشيعي، هم يبتزون من الجميع وهم مضطرون على القبول بذلك بسبب سياستهم. ونحن ضيّعنا الفرصة بسبب انغماسنا في المتاهات الطائفيّة و"شكراً سوريا".
ورأى أن "بعد سقوط النظام السوري نحن أمام خيارات أحلاها مرّ، إما أن نحمل سلاحنا للدفاع عن موقعنا، أما أن يحاول الآخر نزع سلاحنا أو تبدأ مرحلة الإضعاف وتقوية الآخرين من قبل الأقوى".
وأشار الى أنه لا يتصوّر أن النظام في مصر سعيد من سياسة "حزب الله" في الأزمة السوريّة، وكذلك الأنظمة الأخرى وأستغرب الإكمال في هذه السياسة المجنونة. هناك من يحاول أن يصبح براكش بالنسبة لأهله وأدعو إلى إعادة النظر بسرعة لأن هذا الأمر لا يجوز.
وأضاف: "الغربة والوطنيّة لها علاقة بالعدل والظلم، وأتمنى على كل مستمع ألا يؤخذ بكلام لا طعم له أنا مطلوب للدولة اللبنانيّة لأنني كنت أدافع عن لقمة عيش الجائعين وقد أجابتنا الدولة على الأمر برصاصها. والحكام في لبنان مجموعة لصوص ونهاب ومجرمين".
ولفت الى أن "كلنا بالهوا سوا" فكل لبنان عشائر، هناك الكثير من آل المقداد في "حزب الله" كما أن الكثير من بينهم ضد الحزب وما يجري من خطف أبرياء في لبنان وسوريا جريمة من قبل الإثنين".
وقال: "من الممكن أن تكون قضيّة توقيف ميشال سماحة هي سبب التوتير في المنطقة، ولا أظن أن شعبة المعلومات كان ليقدم على إلقاء القبض على سماحة لو لم تكن القضيّة محكمة ضده".
وطالب اليوم قبل الغد بانعقاد طاولة الحوار وأن يتم وضع أسس لدولة جديدة مدنيّة لا ريحة فيها للطوائف وتسلم إدارة شؤون الناس، وموضوع تسليم سلاح "حزب الله" هو عملي لأن لا حل آخر لنا.
وختم الطفيلي: "أنا لست طائفياً ولا أتحرك في حياتي من موقعي الطائفي أنا داعية للعدل وأنا أدافع عن المظلوم. ونحن حركة المستضعفين في العالم في المفهوم القرآني، والمسلمون ليسوا مذاهب وإنما هم أمّة واحدة، والمذهبيات صنع السياسة. عودوا إلى قرآنكم من دون سنة وشيعة والسنيّة الحديثة والشيعيّة الحديثة مصطنعة".
City, Empire, Church, Nation:How the West created modernity
Pierre Manent
Pierre Manent is a French political scientist. His essay was translated by Alexis Cornel.
We have been modern for several centuries now. We are modern, and we want to be modern; it is a desire that guides the entire life of Western societies. That the will to be modern has been in force for centuries, though, suggests that we have not succeeded in being truly modern—that the end of the process that we thought we saw coming at various moments has always proved illusory, and that 1789, 1917, 1968, and 1989 were only disappointing steps along a road leading who knows where. The Israelites were lucky: they wandered for only 40 years in the desert. If the will to be modern has ceaselessly overturned the conditions of our common life and brought one revolution after another—without achieving satisfaction or reaching a point where we might rest and say, “Here at last is the end of our enterprise”—just what does that mean? How have we been able to will something for such a long time and accept being so often disappointed? Could it be that we aren’t sure what we want? Though the various signs of the modern are familiar, whether in architecture, art, science, or political organization, we do not know what these traits have in common and what justifies designating them with the same attribute. We find ourselves under the sway of something that seems evident yet defies explication.
Some are inclined to give up asking what we might call the question of the modern. They contend that we have left the modern age and entered the postmodern, renouncing all “grand narratives” of Western progress. I am not so sure, though, that we have renounced the grand modern narratives of science and democracy. We may be experiencing a certain fatigue with the modern after so many modern centuries, but the question of the modern remains, and its urgency does not depend on the disposition of the questioner. So long as self-understanding matters to us, the question must be raised anew. Even if we do not claim to provide a new answer, we should at least have the ambition to bring the question back to life.
When unsure about the nature of something, we sometimes ask when and how it began. Such an approach is legitimate when investigating the question of the modern, but it immediately raises difficulties. Beginnings are, by definition, obscure. The first sprouts are difficult to discern. One can easily be mistaken. In what time period should we look for the beginnings of modernity? In the eighteenth century, the age of the American and French Revolutions? In the seventeenth century, when the notion of natural science was elaborated? In the sixteenth century, the era of religious reformation? These diverse origins are not contradictory, since modernity surely includes a religious reformation, science in the modern sense, and political and democratic revolutions. But what is the relationship between the Lutheran faith and the science of Galileo? Is there a primary intellectual and moral disposition that defines modern man? Or must we resign ourselves to the dispersion of the elements of modernity, which we would then see as held together only by the magic of a word?
Let us start with the one incontestable point in the perplexities just laid out: that we have wanted, and continue to want, to be modern. It is not necessary to know exactly what we want in order to know that, in so wanting, we form a project. Modernity is, first of all, a collective project—formulated in Europe and first applied there but destined for humanity as a whole.
To form a great collective project, ultimately destined for all humanity, demands great faith in one’s own powers. There is something striking in this regard about the beginnings of modern science: Bacon and Descartes, to name just two pioneers, showed extraordinary confidence in the capacity of the new science radically to transform the conditions of human life. What faith—what blind faith—they had, one is tempted to say! For modern science had yet to produce any of its miracles. Descartes, for example, imagined medicine’s prodigiously lengthening human life at a time when it was incapable of curing anything.
Inherent in the idea of a project are the beliefs that we are capable of acting and that our action can transform the conditions of our life. Many analysts of modernity have insisted on the second point, the transformative or constructive ambition of the modern project. But we must not pass over the first point too quickly. We are capable of acting—a world is contained in those words! Human beings have always acted in some way, but they have not always known that they were capable of acting. There is something terrible in human action: what makes us human is also what exposes us, takes us out of ourselves, and sometimes causes us to lose ourselves. In the beginning, human beings gathered, fished, hunted, or even made war, which is a kind of hunting; but they acted as little as possible, leaving much to the gods and tying themselves down with prohibitions, rites, and sacred restraints. Historically, properly human action first appears as crime or transgression. This, according to Hegel, is what Greek tragedy brings to light: innocently criminal action. Tragedy recounts the passage from what precedes action to properly human action.
So modernity may be described as a project of collective action—and the great domain of action is politics, which is action ordered and implemented. It follows that the modern project must be understood in the first instance as a political project; we must situate it, therefore, in the history of European and Western political development.
Modernity is characterized by movement, a movement that never reaches its end or comes to rest. There are great civilizations other than the West, and much has happened in them, but they have not known historical movement. They have chronicles but not a history—at least before the pressure or aggression of the West brought them into history. In the West, by contrast, one finds a singular principle of movement, and this is what characterizes it above all.
The movement of the West began with the movement of the Greek city. Some have said that the Greeks ignored history, that they had a cyclical understanding of time, and that time oriented by history began with Christianity, if not with the modern philosophy of history. That contention does not hold up. The Greeks were well acquainted with the irreversible time of political history. Aristotle was just as capable as Tocqueville of observing that, in his age, democracy was the only regime still possible.
To be more precise, Western movement began with internal and external movements of the Greek city—that is, with class struggle and foreign war. Cities were the ordering of human life that brought to light the domain of the common, the government of what was common, and the implementation of the common. The Greek city was the first complete implementation of human action, the ordering of the human world that made action possible and meaningful, the place where men for the first time deliberated and formulated projects of action. It was there that men discovered that they could govern themselves and that they learned to do it. The Greek city was the first form of human life to produce political energy—a deployment of human energy of a new intensity and quality. It was finally consumed by its own energy in the catastrophe of the Peloponnesian War.
Subsequent Western history was, on the whole, an ever-renewed search for a political form that would recover the energies of the city while escaping the fate of the city—the city that is free but destined to internal and external enmity. The form that followed the city was the empire. Imperial Rome was a kind of continuation of the city, but it deployed such powerful energies that it broke through all limits that had circumscribed cities and took in ever more distant and numerous populations, until it seemed to reach the point of gathering together the entire human race. The Roman Empire renounced the city’s freedom but promised unity and peace.
This promise was not kept, of course, or it was kept incompletely. However, as in the case of the city, political and spiritual energies partially survived the failure of the form. Not only did the imperial idea mark the West through the enduring prestige of the Roman Empire; the idea was reborn in a new form, one that was, again, particular to Europe. This was the Catholic or universal Church, which aimed to reunite all mankind in a new communion, closer than that of the most enclosed city and more extensive than that of the vastest empire. Of all the political forms of the West, the Church extended the greatest promises, since it proposed this community, at once city and empire; but it was also the most disappointing, since it failed to bring about the universal association for which it had awakened a desire.
Though I have just surveyed the history of premodern Europe with the speed and delicacy of Attila the Hun, I have gathered the elements of the situation that will allow me to elaborate the modern project. Europeans were divided among the city, the empire, and the Church. They lived under these mixed and competing authorities, these three modes of human association. The cities that survived or were reborn were in competition with—indeed, often at war with—the Roman Empire (now known as the Holy Roman Empire, in what is today Germany); and the Church was in competition with the cities and the empire, which, in turn, were in competition with it. The disorder was dreadful, a conflict of authorities and of loyalty. It was this confusion that the modern project wanted to allow us to escape—and in this, it succeeded.
The conflicts had to do with institutions but also, more profoundly, with the human type that would inspire European life. Whom to imitate? Did one have to follow the life of humble sacrifice for which Christ provided the model? Or was it better to lead the proud, active life of the warrior-citizen, a life for which Rome had provided the framework and of which Rome was the product par excellence? Should Europeans, surveying the ancient world, admire Cato or Caesar? Europeans no longer knew which city they wanted, or were able, to inhabit; thus they did not know what kind of human being they wanted, or were able, to be. It was in this radical perplexity, and in order to come to terms with it, that the modern project was born.
Finding themselves assailed by prestigious and contradictory authorities—words of the Bible, words of Greek philosophers, words of Roman historians and orators—the Europeans did not know which to follow and which to dismiss. Thus, they did not know how to act; they did not know how to respond to the question, What is to be done? Speech and action were disjoined.
The modern moment crystallized in the effort to attach speech to action more rigorously. This was the work of the Reformation. The authority of the Word of God had been divided between the Scriptures and Church tradition—but the Scriptures were accessible only through the mediation of the Church and in Latin, the language of the Church. Martin Luther wanted to attach Christian faith immediately to the Word of God as found in the Scriptures by rejecting the mediation of ecclesiastical authority and translating the sacred text into the language spoken and understood by the faithful. Sola scriptura, said the Reformers: Scripture alone.
It was Machiavelli, however, who—at exactly the same time as Luther—formulated in the most general terms what lay at the heart of the problem and what would be the principle of the political solution. Both problem and solution appear in Chapter 15 of The Prince:
But since my intent is to write something useful to whoever understands it, it has appeared to me more fitting to go directly to the effectual truth of the thing than to the imagination of it. And many have imagined republics and principalities that have never been seen or known to exist in truth; for it is so far from how one lives to how one should live that he who lets go of what is done for what should be done learns his ruin rather than his preservation.
The reason that Machiavelli decided to write about the way men actually lived, not the way they behaved in those imaginary “republics and principalities,” was the great distance, which we have just noted, between what men said and what they did.
Now, the greatest distance between speech and action is introduced by the Christian Word, which requires men to love what they naturally hate (their enemies) and to hate what they naturally love (themselves). The modern political project, which Machiavelli was the first to formulate, was therefore a response—it began as a response, in any case—to the “Christian situation,” one marked by competition among authorities, disorder of references, anarchy of words, and, above all, the demoralizing contrast between what men said and what they did.
What did Machiavelli mean by considering the “effectual truth of the thing”? He intended to prepare the way for a kind of action entirely liberated from speech, religious or otherwise, that praised or blamed—a kind of action that no speech could fetter, whether the external speech of an institution or opinion or the internal speech of conscience. The speech that has the most weight and that tends most to fetter action is: “This is good, that is bad.” Machiavelli did not seek to nullify this distinction; he did not confuse good and bad. Rather, he encouraged men to prepare themselves to do what was bad, to “enter into the bad,” as he wrote, when necessary. Machiavelli strove to break down the barrier formed by the words that tell us what we should do—which, he believed, give us little guidance, since we follow our natures and not our words, but which nevertheless constrain our freedom of action by limiting the field of possible or conceivable action.
It is difficult to say concretely what new political order Machiavelli imagined. One can say that by delivering human beings from respect for opinion, he prepared them for all possible actions, including the most audacious, the most ambitious, and even the most terrible.
Among the audacious and ambitious actions that have taken place in the theater of Europe, the modern state has conducted the most decisive. As we have seen, Christianity rendered the motives of human action uncertain and the speech that must be authoritative in the city doubtful. The modern state became sovereign by resolving or overcoming that conflict, by taking upon itself the monopoly of authoritative speech—or, more precisely, by producing commandments independent of all opinion (including all religious opinion), commandments that authorized or forbade opinions according to the state’s sovereign decision. At first, it is true, the state, uncertain of its strength, associated itself with religious opinion or speech—with a state religion. As it grew stronger, however, it forbade less and less speech and authorized more and more. Once it reached its full strength, it lifted itself above speech, becoming the “neutral,” “agnostic,” or “secular” state that we know so well.
But the modern secular state was only half of the solution to the problem of the gap between speech and action in the Christian world, precisely because a condition of its effectiveness was that it had no speech of its own. Yet there can be no human life without authoritative speech. Where would the modern state find such speech? It found it in society—by becoming “representative” of society. Representation joined society’s speech to the action of a state lacking its own speech.
The problem of the Christian age was solved, therefore, by the sovereign state and by representative government—that is, by our political regime considered as a whole. My object here is not to describe the mechanisms or, for that matter, to sketch the history of the representative regime. Still, one point must be emphasized. The decisive factor in the reconciliation between speech and action is the formation of a common speech by the elaboration, perfection, and diffusion of a national language. Luther’s Reformation was a spiritual upheaval, but it was also inseparably a political revolution and a national insurrection. Too often forgotten is that even before the modern state was consolidated and became capable of authorizing or prohibiting effectively, the nation had emerged in Europe as the setting for the appropriation of the Christian Word, which the universal Church had proved incapable of teaching effectively. Each European nation chose the Christian confession under which it wished to live and essentially imposed it, after many attempts, on its “sovereign.” Europe assumed its classic form with the “confessional nation,” soon to be crowned by its absolute sovereign, who would later bring about its “secularization”; and this was the form in which it succeeded in organizing itself in the most stable and durable manner. From then on, it was in the framework of a national civic conversation that Europeans sought to link their speech with their actions and their actions with their speech. The national form preceded and conditioned representative government.
So the history of the West unfolded in tension between, on the one hand, the civic operation—which the Greek city brought to light, and which the republican or “Roman” tradition sought to preserve and extend—and, on the other, the Christian Word, which opened up an unmanageable gap between speech and action in political society by proposing a new city where actions and speech might achieve an unprecedented unity, where we might live according to the Word. The practical solution was found in the nation distinguished by its confession, administered by a secular state, and governed by a representative government. The solution has neither the energizing simplicity of the civic form nor the ambitious precision of the ecclesiastical form. And the West will ceaselessly seek a final, complete solution that would bring together the energy of the civic operation and the precision of the religious proposition. The regimes that we call “totalitarian” are those capable of bringing together the most unbridled and terrible action with the most pedantic ideological and linguistic orthodoxy. Do we not see in such regimes the monstrous but altogether recognizable expression of the quest for such a final solution?
Today in Europe, civic activity is feeble, the religious Word almost inaudible. Yet as we noted at the outset, the modern project continues. Is it merely running on its own inertia, or is the ceaseless quest that I have just described still going on? To answer that question, it may be useful to offer a description of Europe’s present situation concerning the relationship between speech and action.
A frequent criticism of representative democracy or of parliamentary regimes is that they produce lots of talk but are incapable of action. Marx spoke of “parliamentary cretinism,” for example, and Carl Schmitt liked to cite Donoso Cortés’s sarcasms against the bourgeoisie, a clase discutidora—an “argumentative class.” In reality, however, a functioning representative democracy or parliamentary regime constitutes an admirable articulation of actions in relation to speech. During an electoral campaign, everyone proposes all sorts of imaginable actions, both possible and impossible. As soon as the election is over, those who have won the majority undertake to act according to their speech, while the minority, abstaining from action, must satisfy itself with talk in order to prepare for the next election. This transference back and forth of power, or the effective possibility of such transference, is essential to the mechanism.
In Europe, this arrangement has weakened considerably and is now almost unrecognizable. We congratulate ourselves for the attenuation of party conflict while oddly treating transfers of power as matters of momentous importance. The political landscape has been leveled. The webs of feelings, opinions, and language that once made up political convictions have unraveled. It is no longer possible to gain political ground by taking a position. This is why all political actors tend to use all political languages indiscriminately.
Political speech has become increasingly removed from any essential relation to a possible action. The notion of a political program, reduced to that of “promises,” has been discredited. The explicit or implicit conviction that one has no choice has become widespread: what will be done will be determined by circumstances beyond our control. Political speech no longer aims to prepare a possible action but tries simply to cover conscientiously the range of political speech. Everyone, or almost everyone, admits that the final meeting between action and speech will be no more than a meeting of independent causal chains.
The divorce between action and speech helps explain the new role of political correctness. Because speech is no longer tied to a possible and plausible action against which we might measure it, many take speech as seriously as if it were itself an action and consider speech they do not like equivalent to the worst possible action. Offending forms of speech are tracked down and labeled, in the language of pathologists, “phobias.” The progress of freedom in the West once consisted of measuring speech by the standard of visible actions; political correctness consists of measuring speech by the standard of invisible intentions.
The features of our political situation that I have highlighted are found in all Western countries but in an especially pronounced form in contemporary Europe. In Europe, what we say as citizens no longer has any importance, since political actions will be decided at some indeterminate place, a place we cannot situate in relation to the standpoint from which we speak. Everyone knows that the most solemn speech that a people can formulate, a vote by referendum, is a matter of indifference for the European political class, which charges itself with the responsibility of leading the necessary process of the “construction” of a united Europe. The supposed necessity of this process discredits and invalidates all political speech in advance.
If this process continues—the financial crisis of the euro has put extraordinary pressure on it—we will soon leave behind the regime of representative government and return to one of speechless commandment. The commandment will no longer be that of the state, which at least occupied a place of a certain elevation, but that of regulations. We do not know the source of regulations—only that we must obey them.
With the end or the weakening of the representative regime, which once joined actions and speech in the national framework, the modern political order is approaching the end of its journey. We are witnessing a deeper divorce between the movement of civilization and our political arrangements. The increasingly complex and constraining character of ordinary life and the tighter network of regulations that we obey with ever-greater docility must not blind us to the increasing uncertainty—the increasing disorder—in the shape of our common life. We are going forward on thinning ice.
In fact, we may be returning to a situation of political indetermination comparable, in a sense, with what preceded the construction of modern politics. Yet there is a major difference. During the premodern era, competing political forms—the city, the empire, and the Church—checked one another, so it was necessary to create the unprecedented form of the nation. Today, the situation is reversed. What we find is not an excess, but a dearth, of political forms. At least in Europe, the nation is discredited and delegitimized, but no other form is emerging. What is more, the reigning opinion, practically the sole available opinion, has been hammering into us for 20 years the idea that the future belongs to a delocalized and globalized process of civilization and that we do not need a political form. Thus, the need for a political joining of speech to action has been lost to view. Technical norms and legal regulations are supposed to suffice for the organization of common life.
Europe produced modernity—and for a long time, Europe was the master and possessor of modernity, putting it to the almost exclusive service of its own power. But this transformative project was inherently destined for humanity as a whole. Today, Bacon and Descartes rule in Shanghai and Bangalore at least as much as in London and Paris. Europe finds itself militarily, politically, and spiritually disarmed in a world that it has armed with the means of modern civilization. Soon it will be wholly incapable of defending itself. It has already been incapable of speaking up for itself for a long time, since it confuses itself with a humanity on the path to pacification and unification.
By renouncing the political form that was its own and by which it had attempted, with some success, to resolve the European problem, Europe has deprived itself of the means of association in which its life had found the richest meaning, diffracted in a multiplicity of national languages that rivaled one another in strength and in grace. What will come next?
قصتان من الماضي القريب
محمد السماك
سأروي قصتين قصيرتين.
القصة الأولى بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري والإمام الراحل محمد مهدي شمس الدين يرحمهما الله.
اقترح الإمام على الرئيس إنشاء مركز للدراسات والأبحاث الإسلامية. تبنّى الرئيس الفكرة. وعلى عادته طلب إعداد مشروع تنفيذي لها.
وُضع المشروع وحُددت أهدافه، وفي مقدمتها أن يكون المركز منبراً للدراسات الإسلامية الحديثة والمتنورة. للإسلام الشامل لكل مدارسه الفقهية، وليس الشمولي الإلغائي لمن يختلف معه والتكفيري لمن يعارضه.
الإسلام الذي يقول بأن للمجتهد أجراً ولو أخطأ.
الإسلام الذي يؤكد على أن المذاهب وجهات نظر، وأن وجهة النظر أياً كان صاحبها لا ترقى الى الحقيقة المطلقة، وأنها، كأي عمل فكري أو اجتهاد إنساني، مفتوحة على الخطأ والصواب.
الإسلام الذي يدعو الى الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق. وليس الى عدم الاختلاف، لأن الاختلاف قائم ومستمر بإرادة الله وحكمته، ولأنه لا يؤدي بالضرورة، بل يجب أن لا يؤدي، الى التفرق. إن الذي يؤدي الى التفرق، هو ثقافة عدم قبول الاختلاف وعدم احترام المختلف معه، وتالياً الزعم باحتكار الحقيقة والطريق اليها.
ثم لأن لبنان مجتمع متنوع، ولأننا نؤمن بالتنوع تعبيراً عن هذه الإرادة الإلهية، فإن من أهداف المشروع أن يكون المركز منبراً للدراسات الوطنية الإسلامية المسيحية أيضاً بحيث ينمي ثقافة العيش الوطني في لبنان ويرفد هذه الثقافة في الدول العربية الأخرى بمزيد من المساهمات الحية ويعكس تالياً رسالة لبنان التي تتجاوز حدوده السياسية.
ولكن مرض الإمام شمس الدين ثم وفاته، جمّد المشروع. وجاء بعد ذلك اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اغتيالاً للمشروع أيضاً.
القصة الثانية بين القيادات السياسية والروحية اللبنانية الإسلامية: الرئيس نبيه بري، والرئيس فؤاد السنيورة، وسماحة المفتي الشيخ محمد رشيد قباني، وسماحة الإمام عبد الأمير قبلان.
في تموز من عام 2006 تمّ التوافق على عقد لقاء للقادة الأربعة في دار الفتوى. وكان الموضوع الوحيد على جدول الأعمال هو إطلاق مبادرة إسلامية لبنانية للمساعدة على وأد الفتنة المذهبية في العراق. أُعدّ مشروع البيان الذي كان سيصدر عن هذا اللقاء وفيه دعوة موجهة الى قيادات عراقية سياسية ودينية، سنية وشيعية، لعقد مؤتمر مفتوح في بيروت للاتفاق على معالجة الاختلافات الطائفية التي تعصف بالمجتمع العراقي والتي نفخ في رمادها الاجتياح الأميركي.
كان الوقت المحدد لاجتماع القادة الأربعة هو الساعة 12 ظهراً من يوم 13 تموز 2006. ولكن العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي بدأ صباح ذلك اليوم، سرعان ما اشتد عنفاً مع ساعات النهار الى أن أصبح عدواناً شاملاً وحرباً مفتوحة.
أصبح الانتقال الى دار الفتوى خطراً. فتقرر تأجيل اللقاء بانتظار انتهاء العدوان. غير أن التطورات السياسية التي فجرتها القراءات المختلفة لكيفية وقف هذا العدوان الذي استمر 33 يوماً ووضع حد لتداعياته التدميرية الخطيرة، باعدت بين أصحاب المبادرة التقريبية والتوفيقية. وبالنتيجة استشهد مع الألف وأربعمائة لبناني من جراء العدوان الإسرائيلي شهيد لم تُقرأ عن روحه الفاتحة، وهو مشروع لقاء القيادات العراقية السنية والشيعية بدعوة من القيادات اللبنانية السنية والشيعية.
بالأمس كنا هناك، محلقين عالياً في طموحات توحيدية. واليوم أصبحنا هنا، غارقين في وحول ترهات الاختلافات المذهبية. نرى الشرّ ونسكت عنه، ونحن نعرف أن السكوت عن الشرّ، شرّ مثله. وأن عدم المبادرة، مبادرة.
لقد كانت الصعوبة دائماً هي في إيجاد علاج يكون أقل سوءاً من الداء، ولكن من سخرية القدر أننا أحياناً نبحث عن الرجل الأمين في ضوء مصباح مسروق.
بالأمس كانت الطائفية واقعاً نخجل منه ونرفع الصوت خجلاً منه.. واليوم أصبحنا، في معظمنا، نفكر طائفياً. ونتصرف طائفياً.. ننظم طائفياً. وننتظم طائفياً.. نبتهج طائفياً. ونحزن طائفياً.. ثم نشتم الطائفية وأهلها.
نعرف أننا مجتمع متنوع، ولكننا غالباً ما نتجاهل الحقيقة، وهي أن كل مجتمع متنوع معرّض لخطر التصدع. وأن هذا الخطر هو جزء أساس في بنية التنوع. ولذلك يمكن القول إن التنوع من دون خطر التصدع هو كالدين من دون الخطيئة أو المعصية. فالدين لا يدعو فقط الى تجنب ارتكاب الخطيئة، ولكنه يساعد مرتكبها على التخلص من معاناة ما بعد ارتكابها بحيث يتمكن من المصالحة مع نفسه، ومع مجتمعه من جديد. وكذلك ثقافة التنوع، فإنها لا تدعو فقط الى تجنب التشرذم والانقسام، ولكنها تساعد النرجسيين المغالين في حب الذات الى التصالح مع أنفسهم ومع مجتمعهم. وما العيش الوطني إلا مصالحة يومية مع الذات ومع الآخر.
إن أهم من قراءة المواثيق هو قراءة الناس. وأهم من إعداد سيارات الإسعاف في قعر الوادي، هو بناء الحواجز التي تمنع السقوط. ومن أولى متطلبات تأصيل ثقافة بناء الحواجز هذه، الانقلاب على ثقافة التبعية والاستتباع. ولعل من تباشير ذلك، هذا التحرك ممثلاً بالاتحاد العلمائي اللبناني وبالمركز العربي للحوار. ويبدو لي أن مؤسسي الحركتين يشاركوننا الإيمان بصحة المثل الصيني الذي يقول: "أنت لا تستطيع أن تمنع الطيور السوداء من أن تحلق فوق رأسك، ولكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشعش في رأسك".
في القرن الماضي كتب أندريه جيد رسالة الى توفيق الحكيم قال له فيها: "ان العقل العربي يحمل قدراً كبيراً من الإجابات أكثر مما يمتلك من الأسئلة".
وفي ظني أن إنشاء الحركتين وتعاونهما يطرح من الأسئلة.. أكثر مما يقدم من الإجابات. وهذا موضع أهميتهما. وهو في الوقت ذاته منطلق تفاؤلنا وإيماننا بالقدرة على صناعة غدٍ أفضل.
حاجتنا لتفكير جديد
د. قدري حفني
لعل أحدا لا يختلف علي حقيقة أن بلادنا تمر بمرحلة لم تشهدها من قبل، و مهما اختلفنا علي إيجابية أو سلبية ما نشهده، فمما لا جدال فيه أنه جديد بكل ما تعنيه الكلمة. من اهتمام غير مسبوق بالسياسة، إلي جرأة قد تصل إلى حد الاجتراء علي ما كان يعتبر التفكير فيه مغامرة غير محسوبة، إلي أضواء كاشفة مبهرة تبدو كما لو كانت تغطي مسرح الأحداث جميعا متناقضة _أو لعلها متناغمة- مع ظلام دامس و غموض كثيف يكتنف ما يجري خلف المسرح بين صناع القرار ، إلي وجهات نظر متضاربة حول تقييم ما كان و ما يجري فضلا عن توقع مسار الأحداث في المستقبل.
إننا جميعا في ظل ما يحيط بنا من متغيرات جديدة متلاحقة نمارس التفكير، و نصل إلي قرارات؛ و لعل غالبيتنا العظمي راضية عن تفكيرها غاية الرضي مقتنعة بقراراتها كأفضل ما يكون الاقتناع لا يداخلها بشأنها أدني شك. و لعل ذلك يجسد القول الشائع عن أن المرء قد يرغب في تغيير ملامحه أو لون بشرته أو حتي محل مولده و لكنه أبدا لن يقبل طوعا بتغيير تفكيره.
و لقد شغلت قضية اتخاذ الإنسان لقراراته في ظل ظروف لم يعايشها من قبل اهتمام العديد من المتخصصين في علم النفس السياسي، و خاصة المتخصصون منهم في سيكلوجية التفكير و اتخاذ القرارات.
لو تصورنا فردًا - أى فرد- في موقف جديد، أى يتضمن مشكلة تتطلب حلاً ، وان الحلول التي سبق أن مارسها في مواقف مشابهة لا تسعفه في حل الموقف الحالي، فإن عليه أن يلجأ إلى التفكير في حلول مبتكرة.
ولعلنا نتساءل ترى ولماذا لا نقدم جميعًا و من البداية علي ممارسة ذلك التفكير الإبتكاري، مادام سيتيح لنا سبلاً أيسر لحل مشكلاتنا؟ أنه الخوف من الابتكار. فالتفكير الإبتكاري يعني الاختلاف، و الخروج عن النمط المألوف المعتاد، و المغامرة بتجربة جديد غير مضمون، وكلها أمور قامت التنشئة الاجتماعية في بلادنا على رفضها والتخويف منها؛ و التحذير من المحاولة و الخطأ و تغليظ العقاب لمن يقدم على ذلك.
كانت عمليات التنشئة الاجتماعية في بلادنا تقوم على تدعيم أنماط التفكير التقليدية القائمة على التلقين، وعقاب من يحاول الخروج عليها. بعبارة أخرى فإننا كنا عادة ندرب أطفالنا - كما تدربنا نحن - على قمع نزعات التفكير الابتكاري لديهم، ونتبع لتحقيق ذلك كافة أساليب الثواب والعقاب. فالطفل المتلقي، الصامت، المنفذ، قليل الأسئلة، المقتنع دائمًا بما يقدم إليه من إجابات، هو طفلنا المفضل المطيع المهذب المؤدب. أما الطفل المتسائل، غير المقتنع، التلقائي، فهو غالبًا طفلنا المشاكس المتمرد الذي يحتاج إلى تقويم. خلاصة القول أننا نرسخ لدي أطفالنا أن التفكير الابتكاري مخاطرة غير مضمونة النتائج في حين أن التفكير التقليدي طريق مضمون آمن. و لسنا في حاجة لسرد أمثلة لمن طالتهم العقوبات الثقيلة ثمنا لاختلافهم مع ما هو سائد فكرا أو ممارسة.ٍ
و رغم رسوخ ثقافتنا التقليدية القديمة فقد أفلت من إسارها شباب أتيحت لهم فرصة الاحتكاك بالعالم الحديث و التفاعل مع أدوات الاتصال المبتكرة، فاندفعوا في محاولة ابتكارية لتغيير عالمنا دون أن يتوقفوا طويلا في محاولة فهمه فكانوا بمثابة القاطرة التي تحاول أن تحرك جبالا من التفكير التقليدي الذي يقدس التكرارية و يجد صعوبة في إدراك الجديد، و يستبعد البدائل، و يميل إلي الأحكام العامة المطلقة، و يحكم علي الحاضر بل و المستقبل بمعايير الماضي الذي ألفه و اطمأن إليه
وغني عن البيان أن التفكير الابتكاري يقوم على النقيض من ذلك كله؛ فالتكرارية بالنسبة للتفكير الابتكاري لا تعني الكثير، بل على العكس فإن الفرد الابتكاري لا يكاد يرى شيئًا مكررًا، حيث يقوم التفكير الابتكاري على إدراك الفروق الكمية البسيطة، ويتمرد على التعميمات المطلقة مؤكدا فكرة البدائل.
و غني عن البيان أننا أصبحنا جميعا مطالبون بأن نتدرب علي مهارات التفكير الابتكاري الذي يكاد أن يصبح رغم قسوته ضرورة حياة في ظل طبيعة الواقع الذي نعيشه في المرحلة الراهنة. و يتطلب ذلك التدريب الالتزام بعدد من القواعد لعل أهمها:
أولا:
محاولة فتح الباب على مصراعيه لتقبل البدائل، بمعنى التأكيد دائمًا على أن الواقع ليس هو الممكن الوحيد، و أن الواقع القائم ليس سوي أحد الاحتمالات العديدة اللانهائية الممكنة.
ثانيا:
أن العالم متغير دومًا وأن الثبات نسبي تمامًا. بعبارة أخرى فإنه لا يوجد شيئين أو أمرين أو لحظتين متطابقتين تمامًا، و أن إدراك الفروق لا يقل أهمية عن إدراك أوجه التشابه، و أنه ينبغي إدراك العالم في كل لحظة باعتباره عالم جديد يستحق إعادة التفكير.
ثالثا:
أن خطأ المحاولة ليس نهاية الطريق، بل انه في حد ذاته يمثل متعة حقيقية. بعبارة أخرى فإنه إذا كان المفكر التقليدي يخشى أكثر ما يخشى الخطأ، فإن المبدع يستمتع بالمحاولة الجديدة ولا يكف عنها ولا يدفعه خطأ النتيجة إلا إلى تعديل المحاولة والعودة من جديد.
تري هل يمكن الاستفادة من ذلك النهج الفكري في أن ندرك أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة 2011 يختلف –رغم التشابه- عن مجلس قيادة الثورة 1952، و أن جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 تختلف رغم التشابه عنها في 2012، و أن هناك تشابه و اختلاف بين ما جري في مصر خلال عام 1919، و 1952، و 2011؟
الستينات و ما أدراك ما الستينات
د. قدري حفني- القاهرة
قال الرئيس مرسي في خطابه الشهيرفي ميدان التحرير، و هو يستعرض تاريخ ما قدمه الشعب المصري من شهداء "وعندما نذكر الشهداء أيها الأحباب الكرام ننظر فى التاريخ أيضا لنعرف أن شجرة الحرية قد بدأ غرسها قد غرس جذورها رجال كرام منذ عشرات السنين. منذ بدايات القرن الماضى غرس الرجال جذورا روتها دمائهم وأحيتها تضحياتهم على مدار العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات والستينيات وما أدراك ما الستينيات وبعد ذلك عقدا بعد عقد الى أن وصلنا بعد ظلم طويل و ليل دام طويلا الى 25يناير 2011 فكان شهداء هذه الثورة أحيى كذلك كل مصابى الثورة العظام وأسرهم …أسر الشهداء والمصابين وكل من قدم لبلده وضحى لوطنه فى سبيل تقدمه يا رجال الثورة الصامدين “
لم يذكر الرئيس صراحة أنه يقصر حديثه علي الإخوان المسلمين، بل أنه أشار إلي شهداء العشرينيات، و الثلاثينيات، و الأربعينيات، و الخمسينيات و هي المراحل التي قدم فيها الشعب المصري شهداء ثورة 1919 ثم شهداء كوبري عباس في الثلاثينات، و شهداء فلسطين في الأربعينيات ثم شهداء مقاومة الاحتلال في قناة السويس من رجال الشرطة و الفدائيين في الخمسينيات؛ و رغم كل ذلك فقد انهالت التعليقات مؤكدة أنه لم يكن يعني سوي إدانة الناصرية. و قد دفعتني تلك التعليقات إلي تساؤل منهجي و ذكريات تاريخية كشاهد علي ذلك العصر.
من الناحية المنهجية ينبغي الحذر من أن يندفع المرء مدافعا عن الجماعة السياسية أو الفكرية التي ينتمي إليها إلي حد ألا يري أخطاءها و أن يبرر خطاياها. و من ناحية أخري فلا ينبغي للمرء أن تدفعه إدانته السياسية أو الفكرية لجماعة سياسية أو فكرية إلي تجريدها من أية إيجابية أو تلويث تلك الإيجابيات. مثل ذلك الموقف لا يعتبر خطأ منهجيا فحسب بل هو أيضا خطيئة سياسية حيث يؤدي عمليا إلي تكريس تقديس رموز بشرية تاريخية، و من ثم تبرير تكرار نفس الخطايا في المستقبل. الدفاع عن الناصرية لا يعني تبرير انتهاك الحريات و تعذيب المعتقلين إلي حد القتل و من ناحية أخري فإن رفض الناصرية لا يعني إدانة الانحياز للفقراء و بناء السد العالي إلي آخره.
تري هل المرء ملزم بالدفاع عن تاريخ جماعته التي ينتمي إليها و تنقية صفحتها مهما شهد ذلك التاريخ من مظالم؟ هل علينا لكي ندافع مثلا عن تاريخنا الفرعوني و نفخر به أن يقتصر حديثنا على ما يحفل به التاريخ الفرعوني من منجزات علمية و حضارية باهرة، دون أن نشير إلي تأليه أجدادنا لحكامهم. و هل انتماءنا للتاريخ الإسلامي أو المسيحي يفرض علينا أن نركز علي روحانية الدين و سمو القيم التي نادت بها الأديان و أن نطمس علي تلك الدماء التي سالت في معارك بين بشر يحملون رايات دينية و يزعمون أن قتالهم إنما هو دفاع عن التفسير الصحيح للعقيدة؟ بعبارة أخري هل ثمة ما يبرر تنزيه بشر عن الخطأ بل و عن الخطيئة؟
لقد كانت تلك الحقبة الستينية حافلة بالإنجازات و الانكسارات. إنها الحقبة التي شهدت قرارات التأميم و إنجاز بناء السد العالي و هي الحقبة التي كرست سلطة الحزب الواحد، و هي ذات الحقبة التي شهدت للمرة الأولي في تاريخ مصر تكريسا رسميا لفصل الذكور عن الإناث في التعليم الجامعي بإنشاء كليات جامعة الأزهر، و هي الحقبة التي شهدت قيام الوحدة المصرية السورية كما شهدت انهيارها، و هي الحقبة التي شهدت أعنف حملات اعتقالات و تعذيب للمنتمين لكافة التيارات السياسية المعارضة كالإخوان المسلمين و الشيوعيين، و هي الحقبة التي شهدت واحدة من المرات النادرة التي خرج فيها الجيش المصري ليقاتل و تسيل دماؤه خارج حدوده الوطنية في اليمن حيث فقدنا ما يزيد عن 15 ألف شهيد، و هي الحقبة التي شهدت أيضا هزيمة 1967 التي سالت فيها علي أرض سيناء دماء ما يقرب من 10 آلاف شهيد. و غني عن البيان أن أعداد شهداء الجيش المصري في انكسارات الستينات يفوق بما لا يقارن أعداد شهداء التعذيب و ضحايا الاعتقال في تلك الحقبة.
تري هل يمكن بعد ذلك اختزال عبارة "الستينات و ما أدراك ما الستينات" في أنها تقتصر علي ما عاناه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين؟ و من ناحية أخرى تري هل يمكن اختزال كل ما شهدته حقبة الستينيات في كلمة إدانة أو كلمة تمجيد؟ و هل من ضير و نحن نتحدث عن الشهداء أن نردد مع محمد مرسي "الستينات و ما أدراك ما الستينات". لعله لو قالها في سياق حديث عن الانفتاح الاقتصادي لكان لها مذاق آخر يحمل نكهة إدانة تدخل الدولة و انحيازها للفقراء. و لو قالها في إطار العلاقات المصرية الأمريكية لكان فيها شبهة إدانة لسعي عبدالناصر لاستقلالية القرار المصري.
تري هل تكون رسالتنا لرئيسنا و للرؤساء القادمين أن لكم أن تعذبونا و تنتهكوا حرماتنا مادمتم تحققون "إنجازات" ثورية؟ أم أن نؤكد للجميع أن إدانة التعذيب و انتهاك الحريات في الستينيات أو في غيرها يعد ضمانا لعدم تكرار ذلك في المستقبل تحت أي ذرائع أو مبررات سياسية أو اجتماعية أو دينية؛ و ما أكثر الذرائع و المبررات التي ما زالت جاهزة للاستخدام حتي الآن.
ميثاق مكة المكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي
طاولة الحوار: الأزمة والحل
سعود المولى
حدث منذ اتفاق الطائف أن تأزمت الأوضاع وحصلت تدخلات خارجية وصراعات داخلية بين طوائف وأحزاب، ولكن ولا مرة وصل فيها الوضع إلى حدّ التهديد بالفوضى والدمار والخراب كما هو حاصل اليوم.. ولا مرة كان هناك طرف يرفع جهاراً نهاراً صوت التهديد والوعيد، وشعار التخوين والتكفير، ويقود حملة التوتير دافعاً بالبلاد نحو حافة الحرب الأهلية، بلا وازع من دين أو ضمير، وبلا رادع من دولة وقانون..
ونحن اليوم أمام هكذا وضع ندعو إلى إعادة الوعي الوطني إلى سويته الطبيعية، وعياً دستورياً ديموقراطياً لا إنقلابياً إرهابياً، وإلى تخليص اللبنانيين من ذلك الوعي الشقي (الذي ما زال يُمثله الجنرال عون) ومن الذاكرة المثقوبة الاستنسابية الدمارية (التي ما تزال خزاناً للشحن الطائفي والمذهبي)..
لقد أخرج الاحتلال السوري اللبنانيين جميعاً من المشاركة في الوطن والدولة، وأخضعهم للوصاية الأمنية الارهابية تحت عنوان "وحدة المسار والمصير" في مواجهة العدو الصهيوني. إلا ان إنجاز التحرير في 25 أيار 2000 جاء ليحرر كل اللبنانيين من هذا الشرط- القيد، وهو ما أعلنه بوضوح البيان الأول للمطارنة الموارنة في 20 أيلول من نفس العام، ومصالحة الجبل في 5 آب 2001، ثم موقف الزعيم وليد جنبلاط ضد قرار التمديد للحود 2004، وصولاً إلى انتفاضة 14 آذار المجيدة.
اليوم يدعو رئيس الجمهورية إلى استمرار الحوار الوطني لتأكيد ما جرى التوافق عليه سابقاً، مع السعي لتجنيب البلاد حالة الحرب الأهلية المتنقلة.
ولكن بعض اللبنانيين ما زال يصر أن علينا أن نكون في صف "المحور" الممتد من طهران الى دمشق مروراً بالضاحية الجنوبية من بيروت، وأن ما سوى ذلك عمالة للأميركان ولإسرائيل. وبهذا الاعتبار يرى هذا الفريق أن موقع الرئاسة يعكس هذا الصراع بين الخطين وأنه كان الأولى وجود رئيس يحافظ على نهج إميل لحود في البقاء تحت ظل الوصاية السورية.. ولذلك نراهم يستهدفون موقع الرئاسة وشخص الرئيس من خلال ما جرى الأسبوع الفائت ومن خلال فضيحة ميشال سماحة... ويبدو من وراء ذلك أيضاً هدف إبقاء موقع رئاسة الجمهورية أسيراً لهم ما يساعد على استمرار حجز حرية رئاسة المجلس النيابي وشلّ المجلس نفسه والحكومة معه. وهذا كله يعني في ما يعنيه نسف النظام الجمهوري البرلماني الديموقراطي وإدخال البلاد في هاوية التفكك والاضمحلال دولة ومؤسسات واجتماعاً مدنياً وأهلياً.
أمام خطر كهذا ينبغي أن نعيد تأكيد أمور أساسية:
1 ـ إن السلم الأهلي والمصالحة الوطنية والتسوية العادلة المتوازنة هي أسس العقد الاجتماعي اللبناني ما يعني نبذ لغة التخوين والتكفير وعمليات نبش الذاكرة واستحضار الماضي استنسابياً.
2 ـ إن العقد الاجتماعي اللبناني يتأسس على مقولة الحياد الإيجابي: نحن قلب العرب ومعهم ولكننا لسنا ساحة أو ملعباً. نحن نلتزم التضامن العربي والاستراتيجية العربية الموحدة، والمشروع العربي الواحد، للسلم كما للحرب، ولإعادة موضعة العرب في عالم اليوم، وفي النظام العالمي الجديد الذي نريده عادلاً متوازناً.
3 ـ إن إعادة تحديد ورسم دور لبنان وموقعه في المعادلة العربية اليوم هو الأساس لصوغ الاستراتيجية الدفاعية التي كثر الحديث عنها. وهذا الأمر يُشارك فيه رئيس الجمهورية ويعكسه.
4 ـ إن سلاح المقاومة صار اليوم موضع نقاش باتجاه حل يعتبر السلاح قوة للبنان تحت سقف الدستور والمؤسسات وفي إطار التوافق الميثاقي. فيكون قرار السلم والحرب قرار الدولة في لبنان ضمن إطار استراتيجيتها الدفاعية.
5 ـ إن طاولة الحوار ، قد تكون محطة لحفظ التسوية على الأسس المذكورة أعلاه. ولكنها قد تكون أيضاً محطة لتدمير التسوية وتدمير لبنان إذا لم يتغلب منطق المصلحة الوطنية والوحدة والوفاق، منطق العقل وبُعد النظر. وبذا فإن طاولة الحوار هي في الآن نفسه عنوان الأزمة وعنوان الحل.
كلمة الدكتور سعود المولى في حفل إفطار المركز العربي للحوار واللقاء العلمائي اللبناني
فندق البريستول غروب الثلثاء 14 آب 2012
السادة أصحاب الدولة والمعالي والسعادة...السادة أصحاب السماحة والفضيلة والسيادة.. أيها الأخوة ، أيتها الأخوات... السلام عليكم جميعاً في هذه الأمسية التي أحببنا أن تكون جامعة لمعنى الوطن الذي نعيش فيه ولمعنى الدولة المدنية التي نطمح أن تكون لنا...
أهلاً بكم جميعاً وتقبل الله صيام الصائمين منكم وطاعاتهم، وحفظكم الله جميعاً مسلمين ومسيحيين، متدينين وعلمانيين، في هذا اليوم الفضيل من أيام الله.
أود بداية أن أحيي باسمكم كل من ساهم بانجاح هذا الحفل وكل من واكب ونظم ودعم..
أحيي معكم أولاً الأخوة في اللقاء العلمائي اللبناني.. وأحيي معكم ثانياً الأخوة والأخوات في المنتديات والتجمعات الثقافية والمدنية في الجنوب والبقاع والضاحية.. وأحييكم جميعاً ثالثاً لأن تلبيتكم هذه الدعوة تقيم علينا الحجة وتلزمنا بالأمانة وبمسؤولية الوفاء.ونحن نعاهدكم بأن نكون معكم على مستوى هذه المسؤولية...
أيها الأخوة، أيتها الأخوات
اليوم تولد شعوبنا العربية من المحيط إلى الخليج ولادة جديدة بعد عقود من الموت والقمع والعقم على يد أنظمة سياسية استبدادية ، جاءت إلى الحكم باسم فلسطين والوحدة فلم تحقق لنا بعد حوالي الستين عاماً من قيامها سوى استباحة كل القيم والمقدسات وأولها وأهمها قيمة الإنسان ذلك المقدس الأساس..
اليوم تتقدم شعوبنا العربية على خط امتلاك وجودها ومستقبلها بنفسها واستعادة حقوقها المستباحة واستعادة إنسانيتها المنتهكة، واستعادة أوطانها المحتلة المغتصبة..
اليوم تعيد الشعوب العربية التي أضناها القمع والاستبداد السلطوي والمافيوي، والانقسام الطائفي والقبلي، والتنازع الحزبي والفئوي، تعيد تشكيل نفسها على أسس جديدة ليست اليوم ناجزة مكتملة ولكنها بداية مخاض حقيقي كان ينبغي أن يحصل منذ النهضة الأولى التي أجهضتها نكبة فلسطين وانقلابات الظباط الأشاوس.. وفي أتون هذه التحولات تغلبت الشعوب على الخوف واليأس والاستلاب والتهميش والمهانة والعطالة والإحباط وفقدان الهوية وضياع الذات..فاكتشفت القوة الحقيقية للوحدة والوعي والتنظيم والقيمة الحقيقية للحق والعدل..
هذه الانتفاضات والتحولات المواكبة لها تعيد تشكيل عالمنا العربي ونظامنا الإقليمي وهي فاتحة عهد جديد عنوانه العام والأساس: صياغة عقد اجتماعي جديد يقوم على حكم القانون والمؤسسات، وعلى إلغاء نظام السلطة المطلقة أو أشكال الحكم الاستبدادية، وعلى إقامة نظم سياسية لا إلغائية فيها ولا فئوية عائلية مافيوية، وعلى إقامة مجالس منتخبة تحقق تمثيل المواطنين ومساهمتهم المتساوية في حياة بلادهم، وعلى تداول السلطة سلمياً، وهي تحولات ذات أفق مفتوح على شتى الاحتمالات.. ويكفي أن المنعطف السياسي الأهم تمثل في مطلب إقامة الدولة المدنية.. لا دولة دينية ولا دولة علمانية، لا دولة فاشية أو شيوعية أو بعثية أو قومية من أي لون... الدولة المدنية... الدولة المدنية هذه هي المسألة والقضية الأساس التي ستحكم المجادلات والسياسات للعقود القادمة... وفي هذا فليتنافس المتنافسون..
ونحن دعاة دولة مدنية لا دين لها، دولة الحق وسيادة القانون والمؤسسات وفصل السلطات واستقلال السلطة القضائية وقانون انتخابي عادل وتمثيلي وقانون أحزاب وطني علماني..وهذه الدولة المنشودة تحتاج إلى جهودنا جميعاً..
لقد نجح اللبنانيون، وفي أحلك الأيام والمحن، وبتصميم قوي على الحياة، في إنتاج صيغة مميزة حفظت لهم استقلالهم وانتماءهم الى محيطهم، كما نجحوا في تجديد هذه الصيغة عند كل المنعطفات. ويكفي هنا أن نستعيد محطات الثوابت الوفاقية الميثاقية وخصوصاً محطة وثيقة المجلس الشيعي 1977 التي قالت أن لبنان وطن نهائي لجميع بنيه، ومحطة الاجتماع الإسلامي في 18 آب 1982 وقد جاء في بيانه الختامي: «لبنان لا يساس بحكم العدد (...) ولو شاء المسلمون أن يحكموا العدد لتبدل وجه لبنان وتبدلت صيغته لئلا نقول هويته». ومحطة بيان الثوابت الاسلامية في 19 أيلول 1983 التي صاغها الشيخان محمد مهدي شمس الدين وحسن خالد..ومحطة وصايا الامام شمس الدين في كانون الثاني 2001.. دون أن ننسى محطات احتضان كل لبنان للمقاومة من اتفاق الطائف 1989 إلى بيان القمة الدينية اللبنانية الجامعة في 2 آب 1993 إلى الموقف الحكومي والشعبي في نيسان 1996 وفي صد اعتداءات 1998 و1999 وفي يوم استعادة الجنوب من الاحتلال عام 2000 وصولاً إلى الموقف الوطني الجامع في يوم 14 آذار 2005 وكذلك في عدوان تموز 2006 حيث أكد لبنان كله موقفه في التصدي للظلم وللعدوان وفي مقاومته بشتى السبل والوسائل، وفي احتضان اللبنانيين لبعضهم البعض من الجنوب والبقاع والضاحية إلى العاصمة والشمال والجبل ...
ونحن دعاة أن لا يكون للشيعة أو لأي مكون من مكونات هذا الوطن نظام مصالح خاصاً به يتناقض أو يتجاوز على نظام مصالح الوطن والدولة الجامعة للجميع..ونحن دعاة أن لا يكون للشيعة أو لأي مكون من مكونات هذا الوطن ما سوى الولاء للوطن وللدولة التي نقيمها معاً. ونحن دعاة مصالحة وطنية شاملة وسلم أهلي دائم وحماية حقوق الجميع والانماء المتوازن والسياسة العادلة للجميع..وأن لا يكون هناك أي احساس بظلم أو غبن أو تهميش لأي فئة ولأي منطقة من لبنان..
ولكن يهمنا اليوم بالتحديد أن نقول بأن على المواطن الشيعي والجماعة الشيعية أن لا تمثل نظام غلبة واستقواء... نقول لكل اللبنانيين وللشيعة خصوصاً: اندمجوا في دولكم، واندمجوا في شعوبكم، واندمجوا في أنظمة مصالح هذه الدول والمجتمعات، لكن لا تنشئوا نظام مصالح خاصاً بكم..التزموا بقوانين بلادكم! وهذا نقوله عن قناعة فقهية دينية اسلامية عامة وشيعية خاصة.. ونقوله عن قناعة وفقاهة سياسية وطنية لبنانية..
الشيعة كائناً من كانوا، أو في أي مكان كانوا، هم ينتمون إلى أوطانهم وقومياتهم وشعوبهم ودولهم، ولا ينتمون إلى دولة ولاية الفقيه أو إلى حزب أو طائفة....الشيعة موجودون في بلدان وأوطان وهم جزء منها ومن شعبها ومجتمعها.. أما على صعيد التمذهب الخاص، فالتمايز موجود، وهو تمايز ثقافي. وهو تمايز ندعو إلى حفظه وصيانة مقوماته، لكن على أساس عدم إنشاء الشيعة نظام مصالح خاصاً بهم داخل الوطن. فنحن نقول بتحطيم هذا النظام من المصالح، وأن يستبدل بنظام مصالح وطني، اقتصادي سياسي تنظيمي، وأن يبقى التنوع الثقافي والتمذهب الخاص.
وفي لبنان وبعد اتفاق الطائف لم يعد هناك من مسوغ لادعاء أو لشكوى الغبن أو التهميش لدى الشيعة أو لدى سواهم... فالمسألة من الناحية السياسية هي من حيث المبدأ في الصيغة الأفضل لما يمكن أن يوجد... وكل اللبنانيين، سواء كانوا شيعة أو سواهم، عليهم أن يلتزموا الدولة الواحدة، ولا يوجد بديل من الدولة.... وفي يومنا هذا فإن منطق أقلية وأكثرية في لبنان بالمعنى الطائفي لا يجوز استخدامه ولا يمكن استخدامه...إن إعادة تكوين مفهوم الدولة المدنية الجامعة المانعة السيدة الحامية والضامنة لأمن لبنان واللبنانيين، هو الأفق الوحيد الذي يتطلع المسلمون الشيعة إليه. وفي سياق هذا السعي الذي يتقاسمونه مع لبنانيين من شتى الانتماءات الطائفية والأهواء السياسية، يبقى اتفاق الطائف، الذي جعله اللبنانيون سبيلاً إلى تحديث نظامهم السياسي، وإلى تأمين العدالة والمساواة في حقوق المواطنة، للجميع وبين الجميع، يبقى الميثاق الملزم لجميعهم، والناظم لشأنهم العام وحياتهم المواطنية وذلك بمعزل عن كونه نصٍّاً يحتمل النقاش والتعديل باتفاق اللبنانيين وبما يلبي طموحات التحديث.
لكن سيادة الدولة ما زالت تصطدم بعائق بنيوي يتمثل في القيد الطائفي الذي يلقي بثقله على مستقبلنا الوطني، ويحول دون بناء نظام فاعل يضمن في آن معاً المساواة بين حقوق المواطنين وبين حفظ التعدد الطائفي. ومثل هذا النظام المطلوب يستجيب لمعنى المواطنة، من خلال مساهمته في جلاء طبيعة العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه حياتنا الوطنية، وفي تعيين طبيعة الدولة التي تستطيع تجسيد هذا العقد.
إن حق لبنان في الدفاع عن نفسه في وجه الإعتداءات مسؤولية وواجب وطني تستلزمه أصلاً مفاهيم سيادته وأمن شعبه، وتضمنه المواثيق الإقليمية والدولية.
إن مهمة الدفاع عن لبنان هي صلاحية سيادية للدولة اللبنانية وسلطاتها المنتخبة التي تمثل الأمة، وبواسطة كافة أشكال العمل السياسي والعسكري ولكن ضمن سقف المصلحة اللبنانية الوطنية المنزهة عن أية مصالح إقليمية أو أجندات أجنبية.
إن تسليح الجيش اللبناني وتعزيز قواه هو أولوية وطنية لحماية لبنان من التهديدات الصهيونية ولصيانة سيادته وسلمه الأهلي.
وإن مساهمة أي تنظيم سياسي لبناني، بالأمس أو اليوم، في الجهد المبذول للدفاع عن لبنان شأن إيجابي يمكن الإستفادة منه والبناء عليه بحيث يكون قوة إضافية للدولة إذا أصبح جزءاً من جهوزيتها وعمل ضمن كنفها وتحت سقف الوطن الواحد.
إن غاية الدفاع عن لبنان وشعبه هو قيام دولةٍ مدنيةٍ تحدد السياسة الدفاعية في عداد ما تخطط من سياساتها.
إن المقاومة واجب ديني وأخلاقي إنساني ووطني في مواجهة الإحتلال وهو ما تكفله المواثيق الدولية كافة..ولكن المقاومة ليست غاية في ذاتها... المقاومة هي أداة أو وسيلة في خدمة هدف أو أهداف الإنسان والمجتمع والأمة.. المقاومة هي وظيفة نضالية محددة محكومة بأسلوب وبضوابط ، وبسقف سياسي واضح من حيث حفظ المصالح وجلبها ومن حيث درء المفاسد وتجنبها.. وفي المعنى الوطني، أو السياسي الوضعي، فان المقاومة، أية مقاومة، هي قوة سياسية مسلحة تلتزم سقفاً ناظماً شاملاً وعميقاً هو ميثاق البلاد ودستورها وما اتفق عليه أهلها من نظام حكم ومؤسسات، وما تعاهدوا عليه من أهداف عليا وغايات..
أيها الأخوة والأخوات: إننا نؤكد لكم التزامنا المسلمين اللبنانيين ووحدتهم وذلك ضمن الالتزام الأعمق بالشعب اللبناني وقضاياه الوطنية .وإن انتماءنا إلى الوسط الإسلامي الشيعي لا يعني اختزال عملنا في الوظيفة المذهبية أو الطائفية الخاصة بل يعني تجاوز المهمة الداخلية الخاصة لحمل هموم الوطن والشعب ومعالجة كل القضايا من موقع وطني جامع وعلى قاعدة الإسلام السمح والتشيع العادل والمواطنة المدنية المتساوية.
إن هدفنا هو تحقيق الاندماج الواعي والقوي ومن موقع إسلامي شيعي في عملية بناء الوطن والدولة وفي عملية إعادة تشكيل الشخصية الثقافية والسياسية للمواطن والمجتمع في لبنان.
إننا ننطلق من كون الطوائف والجماعات المكونّة للمجتمع ، نوافذ ثقافية لا كهوفاً يحتبس فيها أتباعها ، ومن حقيقة أن تنوع وتعدد المجتمع الأهلي هو قوتنا التي لا يجوز التنازل عنها ، كما لا يجوز المبالغة في صنميتها.
إن مسؤوليتنا ليست في الحفاظ على التنوع فهو حقيقة قائمة ، بل أن المسؤولية هي في الحؤول دون تحول هذا التنوع إلى تعدد نزاعي أو إلى أدوات لنزاعات غقليمية أو دولية أو إلى انغلاق فوقي استعلائي. إن واجبنا هو حفظ التنوع في المجتمع الأهلي ووضعه في سياق بناء العيش الواحد والدولة الواحدة والثقافة الوطنية الواحدة.
إن بناء مجتمع سياسي واحد لمجتمع أهلي شديد التنوع لهو مهمة شاقة. إن قيام الدولة المدنية العادلة المتكاملة والمجتمع السياسي الوطني الموحد على أساس المواطنة دون توسيط لمذهب أو طائفة أو انتماء مناطقي أو عائلي في علاقة المواطن بالوطن وبالدولة، يتمثل في قيام صيغة متوازنة للعلاقة بين الدولة والمجتمع وبين الدولة والدين.
إننا جزء من المجتمع الأهلي والمدني ونلتزم حمل هموم وتطلعات اللبنانيين على قاعدة الحق والعدل ، دون الوقوع في نزعات الغائية أو إقصائية. إن إطلالتنا على الشؤون الإسلامية الشيعية الخاصة تتم من موقع وطني جامع يبحث عن العام المدني ولا يغفل الخاص المتفاعل المندمج. وإن إطلالتنا على الشؤون الوطنية تتم من موقع إسلامي شيعي أصيل يعيد إلى التشيع وجهه الحقيقي، وللوطنية الحقة نكهتها المميزة، ضمن الانتماء الإسلامي والقومي العام.
وفقكم الله وسدد خطانا جميعاً لما فيه مصلحة هذا الشعب وهذا الوطن.. عشتم وعاش لبنان..
ماذا تقصد واشنطن في الدعوة الى الشفافية في قضية سماحة؟
د. ناصر زيدان
أغسطس 15, 2012
لا تُبدي السفيرة الاميركية في بيروت مورا كونيلي اية حماسة لإنتصارات الثوار في سوريا، ولا تتحدث عن التقدُّم الذي أحرزوه في مواجهة النظام، وهي تتعمد طمأنت مُحدثيها الى ان الاخبار عن إصابة ماهر الاسد شقيق الرئيس السوري غير صحيحة، وتكتفي بالدعوة الى رعاية شؤون اللاجئين السوريين، وعدم التعرُّض للمعارضين منهم.
يستوقف الهدوء الاميركي في التعاطي مع احداث سوريا حشرية المراقبين، ومنهم مراقبين اصدقاء لواشنطن. وقد زادت نِسبة التساؤول عند هؤلاء، عندما دعت الخارجية الاميركية السلطات اللبنانية الى إعتماد الشفافية في التعامل مع قضية توقيف الوزير السابق ميشال سماحة.
وتوقيف ميشال سماحة جاء على خلفية ضلوعه في مخطط ارهابي يستهدف تفجير الاوضاع في لبنان، من ضمن مشروع رسمته وأعدَّته وموَّلته المخابرات السورية، يستهدف اغتيال قيادات سياسية ودينية واعلاميين، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية ، بهدف حرف الانظار عن الانتهاكات الفظيعة التي يرتكبها النظام في سوريا.
امَّا اوساط رجال الامن والقضاء في لبنان فتُشيرُ الى انَّ الادِلَّة على تورط سماحة دامغة، ولا تقبل التأويل او الشكوك، وقلَّما توفَّقت الاجهزة الامنية والجسم القضائي بمثل هذه الغنيمة لناحية غنى الملف بالبراهين القاطعة، والمؤكدة بالتسجيلات والوثائق والاعترافات، وهي قاطعة، ولا تستطيع شطارة المُحامين، او الحملات السياسية والاعلامية، التبديل في قوَّتِها القانونية او في مكانة عناصر الاثبات الواضحة فيها.
ماذا تقصد واشنطن بالدعوة الى اعتماد الشفافية في قضية توقيف سماحة؟ ولِمَن توجه هذه الدعوة؟
المتعارف عليه في اللغة الدبلوماسية، او في السياق السياسي العام، أن التعليق على موقف او حدث ما، عادةً ما يتضمن تأييد او معارضة او رغبةً معينة في توجيه الاحداث الى المسارات المرجوة، فيما لو كان الامر مثار شكوك او انه ليس على تطابق مع رغبات الجهة المعنية.
تعليق الإدارة الاميركية ظهرَ بالشكل كأنه يحمل شكوك حول طريقة التعامل مع الملف الاحمر من قبل السلطات اللبنانية المعنية، وكان موقفها اقرب الى التصريحات المُرتَبِكة لقوى 8 آذار المؤيدة لنظام الاسد، وأبعد عن تشخيصات القوى الوسطية وقوى 14 آذار. فهل فعلاً ان لدى الادارة الاميركية مخاوف من عدم سلوك الملف – القضائي بإمتياز- الطريق الصحيح؟ وبمعنى آخر هل لهذه الإدارة شكوك في أن يقعَ ظلمٌ على سماحة والمُشتركين معه من القيادات الامنية والسياسية السورية؟ بالتأكيد لا، ولكن هناك شيءٌ آخر غير مُعلن.
لا يوجد ما يُبرر الموقف الاميركي المُستهجن إلاَّ اذا كان هناك خِشية اميركية من أن يُحدِث الملف تأثيراً مباشراً على مسار التطورات في سوريا، خارج وتيرة السياق الهاديء الذي تريده واشنطن لهذه التطورات – اقله لتأجيل حسمها الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفبر القادم – خاصةً ان الملف مُثقل بالادلة الدامغة، وتصل شظاياه الى المس المباشر بشخص الرئيس بشار الاسد، على اعتبار ان سماحة مستشاره الخاص، ولا يمكن ان يُقدم على اي عمل دون اوامر مباشر منه – والادارة الاميركية تتمهل في حسم موقفها من مصير الاسد بإنتظار الاتفاق على البديل الذي يُرضي اسرائيل بالدرجة الاولى، ويؤمن استقرار المصالح الدولية، لاسيما الاميركية والروسية، ولا يوجد تعارض بين الدوليتن العظمتين على ما تُظهره سياق الاحداث.
لعلَّ ما سبق يُبرر معارضة واشنطن إدخال اسلحة متطورة للجيش السوري الحر، خاصة الاسلحة المضادة للطيران، وعدم مفاوضتها لموسكو حول مستقبل الاوضاع. وقد يكفل هذا الحوار الذي تنتظره روسيا إنهاء المأساة السورية في وقتٍ قصير جداً.
التساؤولات عن غموض الموقف الاميركي من توقيف سماحة، مشروعة، لأن إدانة العمل، وتأييد الإجراءات المُتبعة بحقه، كان الموقف الاميركي المُنتظر.
وحشية نظام الاسد طغت على وحشية هولاكو
النص الكامل لكلمة جنبلاط في إفطار مؤسسة العرفان التوحيدية:
”ها هي مؤسسة العرفان التوحيدية تجمع أهل الشوف والاقليم، تجمع أهل الجبل على مختلف مشاربهم الروحية والسياسية في هذا الشهر الكريم، وذلك للتأكيد على التلاقي والتآخي والمصارحة، وعلى العيش المشترك والتنوع والتعدد.
فشكراً لأهل العرفان على هذا التقليد الذي هو جزء من أصالتهم وأصالة القيمين على المؤسسة، وشكراً لأهل الشوف والأقليم والجبل وكافة الفاعليات الامنيّة والاهليّة والاجتماعيّة والبلديّة والسياسيّة والجميع على تلبيتهم الدعوة، وشكراً للحاج جميل بيرم على كل ما قدّم وما يقدم.
إنه اللقاء الثاني بعد الانعطافة السياسيّة التي قمت بها مع رفاقي في جبهة النضال الوطني عام 2011 والتي أملتها ظروف آنذاك بالغة التعقيد وكان الهم الاول فيها منع الفتنة، وقد نجحنا بقيادة الرئيس ميشال سليمان ومساعدة الرئيس نجيب ميقاتي، ولا أنسى ولن أنسى دور الرئيس نبيه بري في تذليل عقبات كبيرة مرّت في مسيرة هذه الحكومة. واذا كان من إنجاز اساسي لهذه الحكومة فهو التزامها تمويل المحكمة الدولية الخاصة بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وللتأكيد على المعاهدة التي تربط لبنان بالامم المتحدة، وأياً كان حجم الاحداث المحيطة الذي كاد ان يطغى على مسار المحكمة إلا ان العدالة لا بد ان تأخذ مجراها ولو بعد حين في المحكمة او في مياه الأنهر، وللذين يدحضون او يشككون بالقرار او القرارات الظنية للمحكمة فخير طريقة لهؤلاء هي في دحض الحجة بالحجة والقرينة بالقرينة امام هذه الهيئة، أي المحكمة.
وفي سياق الثورات العربية، كان للحزب التقدمي الاشتراكي الموقف الطبيعي والموضوعي والمنسجم مع تراث مؤسسه بضرورة إسقاط “السجن العربي الكبير” وبحتميّة إنتصار الشعوب في مطلبها العادل بالعيش الكريم والحر، وفي رفضها لأنظمة القمع والاستبداد والظلم والقهر. وهكذا وقف الحزب الاشتراكي الى جانب الثورات، كل الثورات، من تونس الى اليمن الى ليبيا الى مصر الى البحرين، آخذا بعين الاعتبار الظرف او الظروف الخاصة لكل من تلك الثورات والاقطار.
وفي اذار 2011، في شهر الاستشهاد، إنطلقت الثورة السورية بفعل إنتفاضة أطفال درعا وعمّت كل سوريا تقريبا ولا تزال. وفي حزيران من ذاك العام، إنعتق الحزب وإنعتقت شخصياً من لحظة التخلي التي كانت بالاساس تخلٍ، وسار الحزب مرفوع الرأس مؤيداً الثورة السورية الشامخة الجبارة، وطالبتُ بهذا المجال مراراً وتكراراً في أوج المعارك المفصلية من درعا الى باب عمرو الى حمص الى حلب مروراً بغيرها من المحاور، طالبتُ كل الأندية العربية والدولية التي اعرفها بضرورة تسليح الجيش السوري الحر بالعتاد النوعي المضاد للدروع والطائرات ولا ازال.
إن وحشية هذا النظام تجاه البشر والحجر، نعم تجاه الانسان السوري، تجاه الحضارة السورية الفريدة من نوعها، إن وحشية هذا النظام فاقت كل تصور وطغت على وحشية هولاكو أيام المغول. وصمد الشعب السوري ولا يزال صامداً وسيبقى صامداً، صموداً اسطورياً، من ملحمة الى ملحمة، من مواجهة الى مواجهة، مع نظام الموت المدعوم من التنين الصيني والدب الروسي وقورش الفارسي.
صمد أعزلاً، وتسلح لاحقاً من اللحم الحي، وكل كلام آخر من هنا أو هناك حول سفن او غير سفن تسلّح الثورة كذب ونفاق، لتغطية المال والسلاح والعتاد والبوارج والخبراء والمقاتلين للحلف المشؤوم الذي سبق وذكرته والذي يريد سحق الثورة السورية، لكن أحرار سوريا سينتصرون. لذا، فإن الاسراع في إسقاطه سيوفر على سوريا مزيداً من الدمار والخراب ويوفر علينا الكثير الكثير.
التهى العالم العربي وما يسمى المجتمع الدولي بمبادرة تلوَ المبادرة، ولست لأعلق على كوفي أنان الفاشل أساساً من روندا الى البوسنة الى العراق واليوم سوريا، لكنني أنصح الاخضر الابراهيمي ان لا يقع في فخ مهمة محكومة اساساً بالفشل طالما أن الحلف المذكور المعهود يصر على التسوية مع النظام الحالي.
ويقفُ المرء مشدوهاً حائراً امام هذا التآمر الدولي على الشعب السوري والوطن السوري والكيان السوري والحضارة السورية والتراث السوري. فهل أن اصدقاء الشعب السوري الذين نظّموا المؤتمرات تلوَ المؤتمرات وكلها مؤتمرات فارغة وتافهة، هل أن هؤلاء وفي مقدمهم الولايات المتحدة الاميركية تفاوض مع الحلف الآخر مع اصدقاء النظام السوري مع الكل او مع البعض منه، الله اعلم، لترى كيفية توفيق بين أمن اسرائيل – تذكروا ما قاله رامي مخلوف اما نحن نحمي الحدود الشمالية لأسرائيل او الفوضى!! اذا هل هناك من مفاوضات للحفاظ على أمن إسرائيل ورسم خرائط جديدة للمنطقة ؟! سؤال مشروع ان يُطرح. سبق وذكرت التنين الصيني والدب الروسي، اما الاميركيون فلهم النسر- النسر الاميركي لكنه يبدو كالوطواط اليوم.
ختاماً، وفي السياق السوري، أعلمُ ان المنطقة التي انطلقت منها الثورة السورية في العشرينات قصّرت تقصيراً كبيراً في مواكبة ركب الاحرار في الثورة السورية. عملتُ جاهداً، ولا ازال، مع الذين كلفتهم من الرفاق في الحزب وغير الحزب بالتنسيق مع الجيش السوري الحر والمجلس الوطني والفاعليات المستقلة لمنع الفتنة التي نصبها النظام مرات ومرات. وإذ أحيي الناشطين والناشطات من أهل الجبل وغير الجبل والضباط والافراد الذين التحقوا بركب أحرار سوريا في الجيش السوري الحر والمجلس الوطني وغيرهما من الاندية، اقول لأحرار سوريا، ان الشبيحة مصيرهم الى الجحيم، واستروا يا احرار سوريا ما شاهدتم منّا من تقصير.
لبنانياً، اثمّن عالياً دور الرئيس ميشال سليمان في تصديه مراراً وتكراراً لجهات سياسية أو أجهزة امنية أصرّت على تسليم ناشطين ونشطاء الى الاجهزة السورية – الى الاعدام.
لبنانياً، لا مكان إلا لدولة واحدة هي وحدها تتخذ قرار الحرب والسلم، دفاعاً عن لبنان وفقط لبنان.
لبنانياً، نعم لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بعد تحديد وترسيم الحدود لتلك المناطق وغيرها لا لمنطق التحرير من أجل التحرير خدمة لغير لبنان أو مساومة على لبنان. أما منطق التوازن، توازن الرعب خارج إطار الدولة فلا أنصحُ به، لأنه قد يجر البلاد الى الويلات والدمار.
لبنانياً، لا ينقص الجيش اللبناني، أفراداً وضباطاً ورتباء، لا ينقصهم الكفاءة والحرفية بإستيعاب سلاح المقاومة الموجود تدريجياً وفق خطة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الامنية للمقاومة.
لبنانياً، لا يمكن تحت شعار الجيش والشعب والمقاومة الاستمرار في هذه الشراكة الغامضة على حساب الدولة والجيش والامن والاقتصاد والمصير.
واخيراً، في قانون الانتخاب- والكلام ليس موجهاً للرئيس سليمان الذي نحترم وجهة نظره ونقدرها- أقول، وقد اكون مخطئاً، اذا انتصر الفريق الاخر بعضه أو كله، أي الثامن من آذار بكل مقوماته وحلفائه القدامى والجدد، ولست ادري من سيفرّخ على الطريق، لا أعتقد ان هناك مكان لوسطية أو تعدد أو تنوع، أو مكان لقرار مركزي للحرب والسلم للبنان خارج المحور الايراني وما تبقى من السوري، لا اعتقد ان هناك مكان لدولة القانون وحصرية الامن مع الجيش وقوى الامن، ومكان لقضاء مستقل ورئيس مستقل وجيش مستقل، مكان لدور لبنان غير منحاز وغير ملحق يلتزم فقط مواثيق الجامعة العربية والامم المتحدة واتفاق الهدنة ونصرة القضية الفلسطينية.
إذا إنتصر الفريق الاخر، بعضه او كله، لا مكان للأمل للفرح للاستفادة من طاقات الاغتراب الهائلة، لا مكان لشيء من الطمأنينة. سنبقى في هذه الحالة من التشنج والحرب الدائمة السياسية في الداخل، وعندما يقررون ربما الحرب في الخارج. أقول هذا الكلام لبعض من 8 اذار وليس للكل. بالامس شاهدنا ما جرى مع احدهم، صواريخ “بتطلع” وقنابل تأتي، هذا هو الواقع، هذا هو واقعهم، لكن اقول لرفيقي الشهيد جمال صعب بعد 30 عاماً: مرّت جثة الخصم وانتهت.
واذا انتصر الحزب التقدمي الاشتراكي مع مكونات 14 اذار ومستقلين يبقى أمل في التنوع والتعددية، في الحوار ورفض الالغاء في دولة واحدة، ورئيس مستقل وجيش مستقل، وقضاء مستقل، في شيء من الأمل والاطمئنان على الاقل في دولة قوية بعد الاستيعاب وحكومة وحدة وطنية.
كل عام وانتم بخير والسلام عليكم.
المركز العربي للحوار والعدالة والتنمية والديموقراطية
المركز العربي للحوار والعدالة والتنمية والديموقراطية واللقاء العلمائي اللبناني يطلقان مبادرة حوارية.
خلال الأسبوعين الماضيين، وفي أجواء شهر رمضان الكريم، وفي إطار السعي المنهجي الدؤوب لتعزيز الحوار والتواصل بين اللبنانيين وترسيخ السلم الأهلي والوحدة الوطنية، قام الدكتور سعود المولى، رئيس المركز العربي للحوار والعدالة والتنمية والديموقراطية، والشيخ عباس الجوهري، رئيس اللقاء العلمائي اللبناني، على رأس وفد ضم السيد ياسر إبراهيم والأستاذ عماد قميحة والأستاذ كاظم عكر والأستاذ فادي يونس، بجولة زيارات ولقاءات وطنية شملت على التوالي: الرئيس حسين الحسيني، الرئيس أمين الجميل، الرئيس فؤاد السنيورة، السيدة بهية الحريري، شيخ عقل الموحدين الدروز نعيم حسن، الدكتور حسن منيمنه، حركة التجدد الديموقراطي، الأمانة العامة لقوى 14 آذار، تجمع لبنان المدني، المدير العام لقوى الأمن الداخلي، المدير العام للأمن العام، المديرية العامة لمخابرات الجيش، إلى عدد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية من قادة وكوادر المجتمع المدني اللبناني... وقد جرى خلال هذه اللقاءات والحوارات التركيز على النقاط التالية:
1- إن الحريصين على الحفاظ على الصورة الحقيقية والمتوارثة للشيعة ، باعتبارهم مكوناً أصيلاً وشريكاً في أوطانهم ، مدعوون الى تصحيح المشهد ، لجهة تظهير الموقف الشجاع والصحيح المتعاطف مع انتفاضات الشعوب العربية وحقوقها ، من دون تفريق بين مستبد هنا أو هناك ، وأن يعبروا بشجاعة عن موقف عقلاني، ثوري وواقعي ، آخذين في اعتبارهم أن للشعب السوري حقاً عليهم ، كما هو حقهم عليه ، وأن هذه اللحظة هي لحظة الوفاء بالحقوق ، وهي لا تتحمل تأجيلاً أو تسويفاً أو صمتاً أو تهرباً أو تهوراً ، أو خضوعاً لابتزاز السائد السياسي الشيعي بالقوة ..
2- إن الوضع الراهن يحفل باحتمالات الخطر على سلامة الوجود الشيعي والحضور الشيعي في أي حركة نهوض وطني ، وهذا يؤثر سلبياً على الشيعة وأمثالهم من مكونات الاجتماع الوطني في لبنان والبلاد العربية ..الأمر الذي يقتضي المسارعة إلى تدارك هذه الاحتمالات الخطرة من قبل العقلاء ولدرء المخاطر الوجودية وذلك من خلال التأكيد على الاندماج الوطني الكامل وعدم وجود أي مشروع شيعي خاص وعدم جواز هكذا مشروع وعدم تحمل الشيعة العرب لتبعات هكذا مشروع.
3- من الضروري السعي إلى تحويل سياسة النأي بالنفس الرسمية إلى استراتيجية صحية عنوانها الحياد الايجابي وذلك لتجنيب البلاد انعكاسات الوضع الإقليمي واعلان رفض المحاور والاصطفافات الخارجية التي تجرنا الى سياسات الاستقواء والشعور بالغلبة وقد دفعنا أثماناً باهظة للخلاص منها..
4- إننا نرفض الوقوع في ثلاث خطايا كبرى: أ- محاولة تحقيق الغلبة على الطرف الآخر، وهو ما يناقض أساس العيش المشترك. ب- استخدام العنف وسيلة لتحقيق المطالب السياسية ، وهو ما لا يحل مشكلة في الواقع اللبناني. ج- الاستعانة بالخارج على الخصم الداخلي، وهو ما أدى الى ضياع السيادة والاستقلال، فضلاً عن أن مثل هذه الاستعانة لا يمكن أن تتم الا بشروط الخارج ووفقاً لمصالحه بحيث يكون الداخل مجرد "أداة" للاستخدام.
5- إن الوضع المقبل يحمل الكثير من الأخطار وهو مصدر قلق لنا جميعاً...ولكننا نستطيع أن نجعله مصدر أمل: إذا عرفنا كيف نصون نموذج العيش المشترك الذي اخترناه لأنفسنا؛ وهو نموذج قام أصلاً على قبول الآخر شريكاً مختلفاً، كامل الشراكة، وجزءاً من الذات، ولم يقم على مجرّد المجاورة والمهادنة.
إذا عرفنا كيف ندير الاختلاف بالحوار الدائم، وبالتسويات الحضارية النبيلة.
إذا عرفنا كيف نحصّن أسلوب عيشنا بثقافة الانفتاح والتوسّط والاعتدال، وبقيم الديمقراطية وحقوق الانسان في مختلف الأحوال.
إذا عرفنا كيف نكبح جماح التطرف في بيئتنا، أكانت هذه البيئة سياسية أو مناطقية أو طائفية، فنقطع بذلك الطريق على استنفار عصبيتها ضد البيئات الأخرى، ونحمي بيئتنا من خطر المصادرة الفئوية أو خطر التقوقع، ونؤهلها تالياً لأن تكون جزءاً من المشروع الوطني المشترك.
6- لقد بتنا نعرف، بالاختبار، أن استقلالنا وسيادتنا يتوقفان قبل أي شيء على وحدتنا، وعلى إرادتنا في أن نظل متّحدين. وقد أثبتت تجربة مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وتحرير الجنوب ثم تجربة التضامن الوطني في يوم الرابع عشر من آذار أهمية وحدتنا الداخلية في استعادة سيادتنا الوطنية.
لقد بتنا نعرف مدى حاجتنا المصيرية الى دولة مستقرّة، غير مرتهنة للتغيرات الاقليمية، وغير مقيّدة بالتجاذب الطائفي. دولةٌ لجميع مواطنيها دون تفرقة أو تمييز.
لقد بتنا مقتنعين ومدركين أن صيغتنا الميثاقية التوافقية، في وطن نهائي لجميع أبنائه، هي المنطلق الأفضل لتطور وطننا وتفاعله مع مستجدات العصر في إطار الحرية والديموقراطية، وأن الاحترام العميق لموجباتها يضمن تطوراً آمناً بعيداً عن منطق موازين القوى المتغيرة..
7- من الضروري اليوم إحتضان اخواننا النازحين واللاجئين السوريين والسعي الى توفير أقصى الرعاية والعناية لهم مع حفظ حقوقهم وكراماتهم وذلك التزاماً منا بالمواثيق الدولية وبالمبادئ القانونية والأخلاقية والانسانية وبحقوق الجوار وبواجب التضامن العربي ..
8- من الضروري اليوم الإعلان عن دعمنا لجيشنا الوطني وللأجهزة الأمنية كافة في تطبيق القانون وحفظ الأمن والسلم والاستقرار، ولكن من الواجب أيضاً الاعلان عن نصيحتنا الأخوية بأن زمن الأجهزة والوصاية والفبركات والاستهانة بالحقوق واستباحة الحريات قد انتهى الى غير رجعة ولن نقبل بأي مساس بمقتضيات الحق والعدل وخضوع كافة الأجهزة والمؤسسات للسلطات الدستورية.
9- إننا إذ ندعو الى استيعاب بعض المواقف وتجاوزها من الطرف السوري الحر والى إعادة النظر فيها من الطرف اللبناني المعني ، نؤكد أننا لن نفرط بالوحدة المصيرية ، ونعتبر إطلاق سراح أخوتنا وأهلنا من المحتجزين تطبيقاً لسد ذرائع الفتنة وتجسيداً لشرف قضية الحرية والعدالة والكرامة.
10- على الجميع اليوم الابتعاد عن كل خطاب توتيري وتحريضي يستفز مشاعر ومقدسات ومسلمات الآخرين والحرص على التواضع والتقوى في الله والوطن ودماء وأعراض وكرامات الناس ونبذ كل استعلاء أو شعور بالغلبة والقوة واستعراضات فائض القوة، والسعي الى بلورة خطاب المحبة والتضامن والأمان، خطاب العيش الواحد والسلم الأهلي والثوابت الميثاقية والمشتركات الوطنية والانسانية، لا بلقلقة اللسان وإنما بالممارسة الصادقة المخلصة.
11- السعي الى المشاركة، جميعاً، وكل من موقعه، في اطلاق حوار وطني شفاف صادق مخلص لا حوار التكاذب والنفاق واللغة المزدوجة، لنساهم في بلورة رؤية وطنية جامعة، ومشروع وطني ديموقراطي مشترك، تحت عنوان إقامة الدولة المدنية.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)