فصل الجنسين عملية وحشية وإمامة المرأة جائزة
طرح المفكر الاسلامي جمال البنا وهو الشقيق الاصغر لمؤسس حركة الاخوان المسلمين حسن البنا، آراء حول الحجاب والمرأة والزواج قد تثير جدلا كبيرا لتصادمها مع معظم الاجتهادات الفقية القديمة والمعاصرة. وقال في حوار مع "العربية.نت" أنه لا حاجة الآن للحجاب لأنه يعوق المرأة عن حياتها العملية، وأنه لا يوجد في الاسلام ما يؤكد فرضيته.وأضاف: الحجاب فرض علىالاسلام ولم يفرض الاسلام الحجاب، فشعر المرأة ليس عورة، بل يمكنها ان تؤدي صلاتها بمفردها وهي كاشفة الشعر.واعتبر شعر المرأة ليس عورة قائلا "مطلقا لا أرى ذلك".. مشيرا إلى أن المجتمعات الذكورية التي تخصص المرأة للبيت فقط هي التي تلح على هذه النقطة.واستطرد بأن الاختلاط ضرورة، حتى لو حدثت بعض الاخطاء، فالانسان عندما تصدمه سيارة في الشارع، لا يكون ذلك مدعاة لالغاء السير فيه. أوضح البنا أنه لا يستسيغ عزل النساء عن الرجال، بينما التطورات الحالية تفرض لهن حقوقا سياسية واجتماعية واقتصادية مساوية للرجال، متسائلا: كيف نعزل وزيرة عن بقية الوزراء لأنها انثى.ويفجر مفاجاة جديدة خاصة بالزواج قائلا إن مسألة الشهود توثيقية فقط، فيكفي رضا وتوافق الرجل والمرأة على الزواج وحصول توافق بينهما لتصبح علاقتهما صحيحة، بشرط وجود النية باستمرار هذا الزواج وقبول نتائجه المتمثلة في الانجاب والاقامة في بيت واحد.ولكنه حرص على استثناء العلاقات داخل المدارس والجامعات من هذا الحكم بقوله: تبقى علاقاتهم التي يسمونها زواجا غير شرعية، لأنه ليس هناك بيت يجمع الزوجين والعلاقة بينهما يغلفها السرية، ولا ضمان لديمومتها فالقلوب تتغير وقد يخطف قلب الرجل أو الفتاة طرف آخر.وأكد جمال البنا أن الحجاب أبدا لم يكن عقيدة أو شريعة بل مجرد عادات، إنه موجود من قبل الاسلام بألفي عام، نراه في كتاب حمورابي، وفي أثينا في عهد أفلاطون وارسطو حيث كان ينظر إلى المرأة على أنها من الحريم، كذلك ركزت اليهودية على الحجاب بشكل مكثف وأيدته المسيحية أيضا.وقال: كان الحجاب موجودا في العالم كله على أساس أنها مجتمعات ذكورية خصصت المرأة للبيت والرجل للعمل وكسب الرزق، ولم يكن ذلك مزعجا للمرأة لأنها وجدت في الامومة ما يعوضها، لكن مع تطور الحياة في العصر الحديث ونمو فكرة الانسان وان المرأة انسان ايضا، تغيرت مشاعرها وبدأت تطالب بحقها كانسان، واقتضى ذلك دخول المرأة مجال العمل ومشاركتها في العمل السياسي مثل الرجل تماما، ومن ثم أصبح لا ضرورة للحجاب الذي يحمل معنيين، أن تحتجب في البيت، أو أن تغطي شعرها فقط أو شعرها ووجهها وهو ما يسمى في هذه الحالة بالنقاب.
لا لزوم للحجاب وشعر المرأة ليس عورة
وأضاف أن الحجاب يحول عمليا دون مشاركتها في الحياة العملية، فما دامت الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد غيرت من وضع المرأة، مما يستدعي تغيير المفاهيم بشأنها وما يستتبعها من حجاب أو غير حجاب.وأوضح أن شعر المرأة ليس عورة ولا يوجد أبدا في الكتاب والسنة ما يقول ذلك، وهناك حديث في صحيح البخاري بأن الرجال والنساء كانوا يتوضأون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من حوض واحد في وقت واحد، فكيف اذن تتوضأ المرأة وهي مقنعة مرتدية ذلك اللباس الذي يجعلها شبحا أسود. كيف تغسل وجهها وقدميها ويديها إلى المرفقين، وكيف تمسح على شعرها.لقد استمر هذا الوضع طيلة حياة الرسول وفي جزء من خلاقة أبي بكر الصديق وجزء من خلافة عمر الذي فصل بين الرجال والنساء في الوضوء من مكان واحد.
ليس في القرآن والسنة أمر بالحجاب
السنة ليست كما يتصورون أبدا. ليس في القرآن الكريم أو السنة الشريفة ما يأمر بالحجاب مطلقا. القرآن عندما قال "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" كان ذلك في اطار الحديث عن لباس اجتماعي سائد في ذلك الوقت، فالرجال يلبسون العمائم والنساء تختمر لتقي نفسها من التراب أو من الشمس، وبالتالي فالمسألة لا علاقة لها بالدين، ومن هنا امر القرآن أن تسد المرأة فتحة الصدر بالخمار الذي كانت ترتديه كعادة اجتماعية، لكنه لم يأمرها بان ترتدي الخمار ولم يقل إنه من الضروري أن يغطي الرأس.القرآن ليس فيه آية واحدة تحث على الحجاب إلا بالنسبة لزوجات الرسول، وهو ليس زيا وانما باب أو ستار.وأضاف: الاسلام لا يطلب من المرأة أن تغطي شعرها أو تنزع ذلك الغطاء، هذا ليس شأنه، وإنما يدخل في اطار حقوقها الشخصية.وقال لا أجد حرجا مطلقا في أن تصلي المرأة بشعرها، ومع ذلك لابد أن نفرق بين كونها في الشارع، فلا نرى ضرورة لأن تلبس غطاء على رأسها، وبين أن تكون في الصلاة فترتديه، وإن كنت لا أرى حرجا في أن تصلي بدونه.
ارتداء المرأة للبنطلون أكثر حشمة وسترة
ويرى جمال البنا أن البنطلون الذي ترتديه بعض النساء أكثر سترة وحشمة من الفستان، خصوصا أنها تركب مواصلات عامة وقد تجري وتؤدي أعمالا تناسب البنطلون الذي يستر في هذه الحالة أكثر من أي ملابس أخرى.وقال: لا أجد داعيا لاثارة موضوع الحجاب مع الغرب بين الحين والآخر، انها منتهى الحماقة، فضلا عن ان ذلك يتنافى مع أهمية أن يتعايش المسلمون مع المجتمعات التي يقيمون فيها، وإلا فما الداعي لمعيشتهم فيها، عليهم أن يعودوا لبلادهم الأصلية.وشرح ذلك مستطردا: إن أول أبجديات هذا التعايش ألا يوجدوا فروقا بينهم وبين باقي المجتمع. لقد قلت في كتاب "مسؤولية الدولة الاسلامية في العصر الحديث" والذي حاول الأزهر مصادرته، إذا وجدت المرأة المسلمة في المجتمع الأوروبي حرجا من كشف شعرها، وهذا طبعا ليس له أساس اسلامي كما قلت، ولكن إذا كان عندها هذا الحرج فلتلبس "برنيطة" (قبعة) ولا تلبس ما يسمى بالحجاب الاسلامي الذي سيعزل بينها وبين المجتمع.وأضاف أن الحكمة من الحجاب هي "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" أي يعرف الناس انهن محتشمات فلا يتعرضن للأذى، الآن المحجبات يتعرضن للأذى.
الاختلاط ضروري ومن الطبيعة والفطرة
ووصف جمال البنا الاختلاط بأنه ضروري، ومن الطبيعة والفطرة لأن الفصل بين الجنسين عملية وحشية، فقد عشنا في الثلاثينيات من القرن الماضي مرحلة كان يتمنى فيها أي شاب أن يجلس ولو على البعد مع امرأة، لا يريد أن يفعل شيئا سيئا، ولكن لمجرد أن يتعرف على هذا الكائن الذي كان مجرد الجلوس إليه مستحيل.وقال: ليس حدوث أشياء خاطئة مبررا لأن نمنع بسببها الاختلاط، الشخص يمشي في الشارع مثلا فتصدمه سيارة فهل نحرم المشي في الشارع؟هناك نوع من التوجيهات يراد بها اتقاء ثغرات معينة في أعماق النفس البشرية، فعندما نجد حضا على عدم الخلوة فلا يعني ذلك منع الاختلاط، فالخلوة المقصودة هنا هو المكان الذي يغلق بابه على رجل وامرأة.
رضاء الطرفين وتوافقهما كاف لصحة الزواج
وقال: لا يتم الزواج إلا برضاء المرأة، وهي نفسها التي توقع العقد ولا يوجد شئ اسمه ولي عليها فهي ليست قاصرا، المرأة حرة في اختيار زوجها مهما كان عمرها. ما دامت تتصرف في أموالها واشيائها، فكيف لا تتصرف في عقد الزوجية الذي يقرر مصير حياتها كله.وأضاف أن مسألة الشهود في الزواج ليست مطلوبة تماما، فالغرض منها التوثيق والتأكيد على أن العملية جادة حرصا على الحقوق والواجبات في حالة الطلاق أو الموت كالميراث مثلا او نسبة الأولاد. الشهود لتثبيت ذلك، ولم يكن في العصور الاسلامية الأولى لا توثيق ولا شهود، فقد ذهبت امرأة ورجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالا له زوجنا يا رسول الله، فقال للمرأة: هل تقبلين هذا الرجل زوجا لك، فردت: قبلت يا رسول الله، وسأل السؤال نفسه للرجل فأجابه بالايجاب، فتم الزواج.
لا شهود ولا مهر ولا ولي
واستطرد: اذن هو عقد رضائي من الدرجة الأولى، فلا شهود ولا مهر ولا ولي، وما حصل في الزواج من هذه الأمور عملية تنظيمية لجأ إليها الفقهاء لاحقا. علينا أن نرى أن هناك فرقا بين الاسلام الحر المفتوح وبين لزوم التطورات الاجتماعية التي تجعل اهل الفقه يقومون بتفسير لخطوط عريضة وضعها القرآن الكريم والسنة النبوية يناسب مقتضى الحال والوقت، لكن لا علاقة لهذا بالحلال والحرام، هي اجراءات رأوا وجاهتها لسلامة العقل.وردا على سؤال لـ"العربية.نت" أجاب: لو أن رجلا وامرأة ليسا في حالة موانع شرعية، توافقا على الزواج فانه يصح ، وتجوز علاقتهما، هذا ما أراه، لكن عليهما ان يثبتا ذلك بالشهود والعقد. العامل الأساسي في صحة الزواج هو الرضا من الاثنين وأن ينويا حياة زوجية مستقرة وليست علاقة جنسية لمدة معينة.
لا يقع طلاق الرجل منفردا بدون موافقة زوجته
وبخصوص الطلاق قال البنا: لا يجوز مطلقا للرجل أن يطلق منفردا، لأنه تزوج بصفة رضائية، ولذلك تقتضي صحة الطلاق رضا الاثنين واتفاقهما على الانفصال، ولكن أن يقوم بتخريب بيتها وتدمير حياتها ويحرمها من أولادها فهذا منتهى الاجرام والظلم، وبالتالي مهما حلف بالطلاق من الصباح حتى المساء فهذا لا يعد طلاقا. الطلاق يتم باتفاق تتقبله المرأة.زيجات المدارس والجامعات علاقات جنسية غير شرعيةويستثني جمال البنا ما يحدث في المدارس والجامعات من علاقات طلاب وطالبات على أساس زواج عرفي من صحة الزواج بمجرد الرضا بين الاثنين قائلا: هنا يوجد فارق، فما يحدث بين الطلاب والطالبات ليس نيته الاستمرار، لأن الأساس هنا أن يعيشا مع بعضهما ولو في غرفة وان يتقبلا نتائج الزواج المتمثلة في الانجاب، لكن ما يحدث هو نوع من خطف العلاقات الجنسية.وحتى لو تحجج البعض منهم بانهم ينوون الاستمرار في الزواج بعد التخرج والحصول على العمل، فاننا علينا ان نتوقع أن القلوب قد تتغير، وبالتالي يصبح كل ما مضى من علاقات عاطفية بينهما هي علاقات جنسية عابرة ليست شرعية.الزواج الذي اتحدث عنه بصيغة الرضا بين الطرفين هو ان يكون لهما بيت يعيشان فيه، حتى لو غرفة، وان يحدث استقرار ثم اولاد. وقال إن المرأة تساوي الرجل (شقائق الرجال.. ولهن مثل الذي عليهن وللرجال عليهن درجة) وهذه الدرجة موجودة الآن في امريكا فلا يوجد هناك مساواة كاملة في الوظائف وقيادة الجيش، وتقريبا هذه الدرجة خاصة بالنواحي البدنية.
المرأة الأكثر علما تؤم الرجال في الصلاة
وأضاف يجوز للمرأة أن تؤم الرجال في الصلاة إذا كانت اكثر علما بالقرآن، ولقد ألفت كتاب (جواز امامة المرأة الرجال) وهو يتضمن ذلك. فالامامة عملية تحتاج الى مؤهل وليست حقا فطريا، وقد وضع الرسول (ص) هذا المؤهل وهو العلم بالقرآن، فجعل صبيا يؤم قومه بمن فيهم الشيوخ لأنه كان أعلمهم بالقرآن، وجعل مولى (أي عبداً) يؤم الصحابة كلهم وكان من بينهم أبي بكر وعمر.فإذا كانت المرأة أعلم ممن تؤمهم فهي أحق بالامامة، ولكنها تغطي شعرها، فهي هنا في صلاة جماعة، وبالتالي فان الأمر بالنسبة لغطاء الشعر يختلف فيما لوكانت تصلي بمفردها، فصلاة الجماعة تحتاج الى الضوابط وبالطبع لا توجد من ستصلي اماما بالناس وشعرها مكشوف.وأضاف: قابلت في قطر الدكتورة امينة ودود التي فجرت موضوع قيام المرأة بامامة المصلين، وهي سيدة محتشمة جدا وتغطي رأسها وعلى علم، وأعطيتها نسخا من كتابي حول هذه القضية.