31كانون الثاني/يناير 2013
نظام حكم جمهوري ظاهرياً، لكنه عائلي في الواقع والعمق، تعبِّر عنه عائلة حاكمة تسيطر على كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية.
نظام يرفع شعار "الاشتراكية" مع إدارة مافيوية للاقتصاد واقعياً. ويرفع شعار "الحرية"، لكنه يناهز كل دول العالم في عدد السجون والمعتقلات المفتوحة لكل صاحب رأي. ويعلي من شأن الوحدة العربية، بينما لم يدخر جهداً في الدخول بعداوة سياسية مع كل الأنظمة العربية، وكانت ديماغوجيته تطلب من السوريين على الدوام التصفيق له عندما يعادي دولة عربية ما، على اعتبار أن ذلك "وطنية"، والتصفيق أيضاً عندما يصادق الدولة ذاتها، على اعتبار أن ذلك "حكمة"، بل الأنكى أنه نظام شتّام لدول الخليج في الوقت الذي يبني فيه الشراكات المالية مع أمرائها. نظام الحزب القومي (حزب البعث) في الوقت الذي يدخل فيه فرعا الحزب في سورية والعراق في عداوة أبدية.
نظام حريص على الأمن القومي العربي، وفي الوقت ذاته يرسل قواته للمشاركة مع قوات التحالف لاجتياح العراق. إنه يعلن دائماً أنه ضد التدخل الأجنبي في المنطقة، لكنه لم يتردَّد في تغطية العدوان على العراق في عام 1991.
نظام مناصر للمقاومة، ويختزل المقاومة في حزب محدَّد، ويرى عملياً أن مزارع شبعا أهم من الجولان الذي ما يزال محتلاً منذ خمسة وأربعين عاماً. وهو أيضاً نظام ممانع وصاحب صوت عالٍ، لكنه لا يفعل شيئاً عندما تعتدي إسرائيل على البلد ثلاث مرات.
نظام يعلن عداء ظاهرياً للأميركان والغرب، وهو أكثر المتعاونين أمنياً معهم، وأكثر اللاهثين لرضاهم. وللمفارقة يقيم صداقة تاريخية مع روسية وصداقة في الخفاء مع أمريكا.
نظام يبجِّل "الجيش المغوار" و"حماة الديار"، لكنه يحوِّل الحماة إلى مدمرين وقتلة ولصوص، ويقوم أساساً على أجهزة أمن هي الطرف الأساس في انتهاك أمن الوطن والمواطن.
نظام "علماني"، وأبرز صداقاته مع دول دينية (إيران) وأحزاب دينية (حزب الله)، ويسمح تحت قشرة العلمانية للقبيسيات بالعمل، ويبني معاهد الأسد لتحفيظ القرآن، وينشئ جماعات متطرفة للاستخدام المحلي والخارجي، بينما يمنع المثقفين ويسجنهم. ويرفع شعار "الوطنية" لكنه لا يتردد في استخدام الطائفية والعشائرية من أجل البقاء.
نظام "تحديث وتطوير"، لكنه أدار البلد بعقلية شبيحة السومرية. إنه يحتوي كل هياكل الدول الحديثة (مجلس شعب، وزارات...) لكنها لا تهش ولا تنش، ولا تساوي قشرة بصلة. نظام "السياسة الحكيمة"، ولولا الغباء والغرور لما وصلنا اليوم إلى هذا الوضع.
إن مفارقات النظام وفصاماته لا تنتهي. بالتالي ليس مستغرباً، بعد رحلة نصف قرن من الفصام، أن ترتفع أنغام سمفونية "شبيحة للأبد" في دار الأوبرا، إذ إن جمع المتناقضات واحدٌ من أهم ركائز النظام...