سعود المولى
إن الإصلاح السياسي هو أحد المداخل المهمة للنهضة التى ننشدها والشرط الضروري لتحقيق المصلحة العامة. ولأن الهدف الأساسي لأية عملية تنمية هو البشر فلا يمكن حدوث تلك التنمية دون حفظ كرامة هؤلاء البشر وحقوقهم وحرياتهم. ومن هنا فإن الحريات العامة شرط ضروري لتحقيق النهضة وهي مدخل لا غنى عنه لتفجير طاقات الإبداع والتفكير الخلاق لدى أبناء أي مجتمع.ورغم أن هدف أي إصلاح سياسي ودستوري هو المواطن المنوط به رفعة شأن وطنه وكرامة انسانه، فقد ثبت أيضا بالدليل الواقعي من تجارب دول أخرى أن غياب الديمقراطية يؤدى إلى ضياع الأوطان أو على أقل تقدير إلى وقوعها فى براثن التدخل الأجنبي الذى يتخذ من غياب الديمقراطية ذريعة لتحقيق مآربه الخاصة الدولية والإقليمية... وهذا التدخل الأجنبي لا يراعي – فى جميع الأحوال- خصوصية المجتمع اللبناني، ولا يقيم وزناً لتاريخه السياسي ولا لنضال شعبه الوطني والديمقراطي... ولبنان كان ولا يزال هو المثال والنموذج العربي الوحيد في حماية الحريات وصون الديمقراطية برغم كل التدخلات والوصايات الأمنية والعسكرية والسياسية التي عرفها في الماضي القريب..
ومن هنا فإن إحترام الحريات العامة والفردية وتحقيق الإصلاح السياسي والدستوري من شأنه أن يزيد قوة المجتمع على قوة . كما أن الحرية والديمقراطية تؤدي إلى دعم الاستقرار، وتحمي المجتمع من التعرض لهزات وقلاقل نتيجة استمرار الأوضاع الراهنة.
وهذا ما يدعونا إلى التمسك بالمبادئ والأسس التالية التى هي السبيل نحو النهضة المنشودة:
1- الشعب مصدر جميع السلطات التي يجب الفصل بينها واستقلال كل منها عن الأخرى في إطار من التوازن العام ، وهذا المبدأ يتضمن حق الشعب في أن يشرع لنفسه وبنفسه القوانين التي تحقق مصالحه .
2- المواطنة أساس العلاقة بين أفراد الشعب اللبناني، فلا يجوز التمييز بينهم بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو العرق أو المكانة أو الثروة في جميع الحقوق والإلتزامات وتولي المناصب والولايات العامة وعلى كل المستويات...
3- المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الأهلية السياسية ، والقانونية ؛ فالمعيار الوحيد لتولي المناصب والولايات العامة مثل القضاء والنيابة والوزارة وحتى رئاسة الدولة هو الكفاءة والأهلية والقدرة على القيام بمسؤليات المنصب.
4- احترام الكرامة الإنسانية وجميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، التي نصت عليها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية .
5- احترام حق التداول السلمي للسلطة عبر الانتخاب الحر المباشر، واحترام نتائج الانتخابات وصناديق الاقتراع..
6- التأكيد على مبدأ سيادة القانون وحده ومساواة الجميع أمام القانون..
7- تأكيد التعددية الفكرية والسياسية والتأكيد على احترام حرية الصحافة والإعلام والجمعيات والأحزاب وإلغاء أية قوانين مقيدة لهما.
8- تأكيد حرية الرأي والتعبيرعنه والدعوة إليه . وتعتبر حرية تدفق المعلومات – بما فى ذلك تلك التى تأتي عبر الشبكة الدولية للمعلومات- وإنشاء وسائل الإعلام وتملكها ضرورة لتحقيق ذلك.
9- تأكيد الحق في تشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني كافة، على أن تكون الجهات الإدارية عوناً في أداء مهماتها. ولا يكون لأية جهة إدارية سلطة التدخل بالحرمان من هذا الحق أو تقليصه. وتكون السلطة القضائية المستقلة هي المرجع لتقرير ما هو مخالف للنظام العام والمقومات الأساسية للمجتمع والسلم الاهلي والأمن الداخلي .
10- تفعيل مؤسسات الوطن والمجتمع من اتحادات ونقابات وجمعيات ونوادٍ وغيرها ، بما يعيد التوازن إلى علاقة الدولة بالمجتمع .
11- تأكيد حق التظاهر والإضراب السلميين والاجتماعات العامة والدعوة إليها والمشاركة فيها.
12- التوسع في تولي المناصب بالإنتخاب ، وخاصة المناصب ذات العلاقة المباشرة بجماهير المواطنين [البلديات والهيئات الاختيارية ـ المحافظون والقائمقامون- رؤساء الجامعات- عمداء الكليات...]. والعمل على تحقيق اللامركزية الإدارية الموسّعة بما يضمن حقوق المواطن وخدمته.