الخميس، 31 مايو 2012

مصر.. الديمقراطية ليست الاغلبية فقط

عادل عبد المهدي نرجو ان لا يكون "الاسلاميون"، و"الاخرون" قد وقعوا في الخطأ الذي وقعنا فيه في العراق.. فمن حق "الاخوان" و "الوطنيين" و"الناصريين" وغيرهم ان يخوضوا الانتخابات التشريعية والرئاسية ويفوزوا فيها.. لكنه ليس من حقهم ان يخطئوا في حساباتهم ومعادلاتهم التي تكلمت يوماً عن الاعتدال والاعتراف بالاخر، وعدم استخدام الاغلبية للاستئثار.. والاقلية للتمرد والعصيان. فالله سبحانه وتعالى قادر على ما يشاء، وغني عن رضا الناس، لكنه رحيم بهم، يدفع بعضهم ببعض، والا لفسدت الارض، ولهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد. والرسول صلوات الله عليه وآله، معصوم، بوحي السماء ووعده الجنة، لا يجرمنه شنآن قوم الا يعدل.. يدرء الفتنة.. ويعطي كل ذي حق حقه، حسب ظرفه ووضعه. فالمجتمع المصري، مثلنا، تلاوينه عديدة. لذلك امر طبيعي ان يخاف "الاسلاميين" من يخالفهم.. وامر طبيعي ان يخاف "الاسلاميون" من يخاصمهم. ولاشك ان فوز "محمد مرسي" في الانتخابات سيثير قلقاً شديداً.. كما ان فوز "احمد شفيق" سيثير قلقاً مقابلاً.. والانتخابات لا تكفي بمفردها لتطمين الخواطر.. بل قد تكون سبباً لتفجرها.. خصوصاً اذا شعر من يفوز انه امتلك اغلبية يستطيع عبرها فعل ما يشاء.. فيعبر الحواجز التي كان يقدرها ويراعيها من قبل.. ويبدأ بكسر المعادلات مما قد يدخل البلاد في فتنة، اشد من القتل. فالديمقراطية ليست حكم البلاد عبر الاغلبية فقط.. بل حكم البلاد عبر اغلبية يجب ان تحميها مؤسسات مستقرة تضمن حقوق المواطنين والاغلبية والاقلية بشكل سوي، وبكافة المتطلبات.. بدون تلك المؤسسات والحمايات قد تحول الاغلبية السياسية انتصارها الى اعتى اشكال الدكتاتوريات.. فالاغلبية لن تستحق ديمقراطيتها وشرعيتها ان لم تحمل معها امكانيات تداولها. فاقلية اليوم قد تكون اغلبية الغد.. وما لم يحم الدستور والمؤسسات حقوق الحكومة ويمنحها فرص العمل والنجاح.. ويحمي حقوق المعارضة كاملة، وتداول السلطة، ومراقبة المسؤولين، وقدرة ووسائل التغيير، فان فوز اي طرف سيرعب الاخرين قبل ان يطمئنهم.. فلا تهاني او تبريكات، بل ادانات وطعونات ومؤامرات.. فالخاسرون سيرتعبون ويستنفرون ويشككون بالانتخابات، فيشاكسون ويعطلون ويفسدون، بل ويتآمرون. والفائزون سيصيبهم الغرور.. وسيثيرون الخوف والشكوك من طمعهم لتحويل السلطة الى احدى ادواتهم لترسيخ التفرد والهيمنة.. التي فيها خسارة الجميع حاكمين ومحكومين.. مما قد يجعل من النظام الديمقراطي -بغياب مرتكزاته الاخرى- نظام فتنة وفوضى واستبداد.