عشر سنوات على غياب العَلَم العلامة المجاهد المجتهد
الشيخ محمد مهدي شمس الدين (رضوان الله عليه)..
في العاشر من كانون الثاني تطل علينا الذكرى العاشرة لرحيل الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين (1936-2001) فنفتقد في الليالي المظلمة ذلك البدر الذي كان بحكمته وبصيرته، وبمحبته وانفتاحه، شاطئ أمن وأمان لكل اللبنانيين والعرب: مسلمين ومسيحيين؛ ولكل المسلمين: عرباً وغير عرب... ونتذكر وصاياه ، وخاصة للشيعة الإمامية الإثني عشرية ، في الإندماج الوطني الشفاف وفي عدم التمايز بأي مشروع خاص وتحت أي عنوان من العناوين، وفي تطوير الشراكة الكاملة والمواطنة المتساوية: بين المسلمين والمسيحيين، وبين السنة والشيعة، وبين العرب وغير العرب... في كل أوطانهم...وفي بناء الدولة الوطنية المدنية العادلة المستقلة المتوازنة التي لا دين لها ولا مذهب ولا غلبة فيها ولا استقواء..بل حرية وديمقراطية وعدالة وكرامة ومساواة: للجميع وبين الجميع..
وندعو جميع اللبنانيين والعرب إلى المشاركة في إستذكار مواقفه والسير بها قولاً وعملاً:
" لن يكون لبنان مسيحياً ذا وجه عربي أو إسلامي، ولن يكون إسلامياً ذا وجه مسيحي أو أوروبي... لبنان هو لبنان... هويته تتكوّن من تنوعه"..
"السؤال هو: هل نريد لبنان أو لا نريده ؟ هل نريد نظاماً جمهورياً ديموقراطياً برلمانياً أم لا نريده؟ إذا كنا نريد نظاماً جمهورياً ديموقراطياً برلمانياً وإذا قلنا نعم للبنان، فهذا المشروع (إتفاق الطائف) يأخذ من الكل وفي نفس الوقت يعطي الكل"..
"إن لبنان ليس مكاناً جميلاً فحسب...إنه كرامة وحرية، بيت ورغيف حلال، مدرسة ومستشفى، قدرة على المشاركة في الرأي والقرار، قدرة على التعبير والنقد.. إن لبنان معنى ودور وحوار حياة أنتج صيغة فريدة للعيش المشترك ونمطاً مميزاً علينا حفظهما وتطويرهما"..
"إن لبنان هو معنى لا يكتمل بالمسلمين وحدهم ولا بالمسيحيين وحدهم ، بل يكتمل بهم جميعاً ومعاً"... ..."إن إسلامية المسلم تبقى ناقصة بدون المسيحي، ومسيحية المسيحي تبقى ناقصة بدون المسلم"... ...."أنا أرى أن من مسؤولية العرب والمسلمين أن يشجعوا كل الوسائل التي تجعل المسيحية في الشرق تستعيد كامل حضورها وفعاليتها ودورها في صنع القرارات وفي تسيير حركة التاريخ"...
"إن التزامنا العلاقة الطبيعية المعافاة مع سوريا (المسماة خطأ "علاقة مميزة") لم ولا ينشأ من نقص في التزامنا لبنان وطناً نهائياً سيداً حراً مستقلاً في نظام ديموقراطي برلماني"...
"إن الصيغة التي نريد والدولة التي نريد ليست ولن تكون لطائفة دون أخرى، أو مع فئة ضد أخرى، فضلاً عن أن تكون دولة أشخاص..إنها دولة الجميع وللجميع: عدالة ومساواة وكرامة"...
"إن واجبنا الأول هو أن نزرع في نفوس مواطنينا الثقة والأمل والرجاء، وأن نعزز التلاحم والتضامن،لا أن نخلق الهواجس والمخاوف"...
"ليس للشيعة في لبنان أو في العالم العربي مشروع خاص بهم... الشيعة في لبنان وفي العالم العربي هم جزء من المشروع الوطني العام لبلدانهم ولأمتهم، مشروع الدولة الوطنية والمجتمع الواحد، وليس لديهم أي وَهم في مشروع خاص كما أنهم لا يتحملون مسؤولية أي مشروع خاص"...
"أدعو الشيعة في لبنان والعالم العربي والاسلامي الى الاندماج في أوطانهم، والى أن يكون مشروع الدولة الوطنية هو مشروعهم المشترك مع سواهم من المواطنين..لا يفيدهم في شيء أن يكون لهم مشروع خاص بهم..وعليه ينبغي إنخراطهم في أرقى درجات الإلتزام الأخلاقي بقضايا الوطن والمواطنين والإلتزام بحفظ النظام العام وإطاعة القوانين.".
"الحوار والمصالحات الداخلية والإندماج الوطني هو الطريق السليم لحفظ كرامة الشيعة وتعزيز مكانتهم وليس الإنكفاء والسلبية أو الحالة الهجومية"....
"إن خطاب عاشوراء والحسين هو خطاب العيش المشترك في لبنان، لا بلقلقة اللسان والشعارات الجوفاء، بل العيش الواحد الذي يقوم على ثوابت الكيان اللبناني وثوابت الدولة والمجتمع في لبنان، العيش الواحد الذي يعترف للآخرين بكرامتهم وبحريتهم وبثقافتهم وبكياناتهم الداخلية، لا يهرّج عليهم ولا يهيمن عليهم بشعار القداسة... لا تجعلوا الحسين حجراً تلقمون به أفواه الآخرين أو ترجمون به الآخرين أو تخضعون به الآخرين أو تحاربون به الآخرين
"...."إن ما أراه الخيار الوحيد أمام الشيعة في لبنان والخليج وفي كل مكان ، مع اختلاف الشروط، هو خيار تحقيق الكرامة والحد الأعلى من المصالح ، وحفظ دينهم وفهمهم وحرية سلوكهم وممارستهم بقدر الإمكان في ظل الشروط القائمة فعلا في المنطقة والعالم...إن ذلك لا يمكن أن يحصل إذا كنا مصدر خوف للآخرين..لأن الخوف منا لا يجعلنا متناقضين مع الأنظمة ، بل يجعلنا ، وهذا أسوأ ما يكون ، متناقضين مع الشعوب بالذات، نتناقض مع شركائنا في الوطن...إن علينا نحن الشيعة أن نبني حالة إلفة نفسية بين المجتمع غير الشيعي والشيعة.. وهذا الأمر يحتاج إلى تواصل والى اعتراف متبادل ويحتاج إلى أن لا يكون الشيعي مصدراً للخوف بل مركزاً للأمان ...ليس المطلوب إظهار تشيّع الشيعة، فهذا ظاهر إلى درجة الوجع... المطلوب أن يكون الشيعة مواطنين مندمجين في مجتمعهم ومقبولين في مجتمعهم بشكل كامل...لقد كان هذا الخط ديدن الأئمة وسياستهم ولم يكونوا في ذلك موالين للأنظمة ... تلك كانت رسالتهم السياسية وإدارتهم السياسية ... لأنه ليس المطلوب إحداث فتنة في المجتمع، بل من المحرّم إحداث فتنة في المجتمع"...
"المقاومة المدنية الشاملة هي أسلوب فعّال ولكنه طويل النفس.. ربما نحتاج فيه إلى سنين قبل أن نصل إلى نهاياته. وهو التعبير الخاص بنا عما يسمى في العلوم العسكرية والحربية والتاريخ المعاصر حرب التحرير الشعبية.. فهي مقاومة مدنية أي شعبية وأهلية، وهي سلمية ومسلحة، وكل أنواع المقاومة ضرورية هنا"..
"المقاومة هي مقاومة الشعب اللبناني، كل الشعب اللبناني، لا فئة واحدة منه، وكل المناطق اللبنانية، لا منطقة واحدة منها، وهي مقاومة الدولة والمجتمع والجيش والأهالي والأحزاب.. وكل ذلك تحت سقف، وفي ظل ، المشروع الوطني الذي هو الحصن والحضن والمرجع والمآل... إن المقاومة ليست غاية بحد ذاتها، وليست مشروعاً خاصاً بحد ذاته، ناهيك عن أن تكون حزباً أو فئة خاصة خارج مشروع الدولة والمجتمع في لبنان.. المقاومة أداة ضغط سياسية لها غاية تحرير لا غير، ووظيفتها أن تخدم هدف التحرير الذي يقوم به المجتمع بجميع مؤسّساته السياسيّة والأهليّة.. إنّ هذه الرؤية هي الرؤية الوطنيّة الحقيقيّة للمقاومة".