الجمعة، 11 فبراير 2011

الرجوع إلى الوطن

د. نبيل مرقس
كلمة ألقبت في ميدان التحرير مساء الأربعاء الموافق 9 فبراير في سياق احتفال شباب 25 يناير بذكرى الأربعين لشهداء حادث كنيسة القديسين
.
عندما عاد أمير الشعراء أحمد شوقي من المنفى عام 1920 إلى أرض الوطن بعد انتهاء إحداث ثورة 1919 ، خاطب مصر الثورة التي أضناه الشوق إليها بهذه الأبيات :
ويا وطني لقيتك بعد يأس كأني قد لقيت بك الشبابا
ولو أنى دعيت لكنت ديني عليه أقابل الحتم المجابا
أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا

أظن أننا جميعا شبابا وكهولا نلتقي من جديد بوطننا الحبيب ذا الوجه المضيء الممتلئ حماسا ونضرة وحيوية بعد أن أضنانا جميعا اليأس والركود والانتظار الطويل في غياب لأي بارقة أمل أو رجاء. ميدان التحرير الذي جعلتم منه ميدانا للحرية أضحى اليوم بعد انتفاضتكم المجيدة وجها مضيئا للوطن وقلعة للحرية في مواجهة الطغيان ، وشبابنا الزاهر الذي اختطف مخلصا وهج العصر وجذوة الحداثة من براثن الاستبداد وأضاء بهما حياتنا اليومية المعتمة ، لا بد وأن نعترف به جيلا جديدا مفرحا ولد عملاقا على أياديكم الطاهرة يوم أيقظتم مصر من سباتها العميق يوم طرقتم بغير وجل أبواب العصر وأضأتم بفعلكم المخلص لنا جميعا شعلة الأمل بعد أن انعدم منا كل رجاء. لقد وحدتنا في الأيام الأخيرة شدائد كثيرة وجمع الموت بيننا، فتجاور شهداء ليلة رأس السنة في كنيسة القديسين بالإسكندرية مع شهداء أسبوع الغضب من شباب الانتفاضة مسددين عنّا جميعا ضريبة الحياة الحرة الكريمة. لقد حاولوا بغير جدوى أن يسرقوا منّا روح الوطن ، وضربونا معا مرة بالمتفجرات التي دسّوها في ساحة كنيسة القديسين ومرات بالعصي وقنابل الغاز والرصاص المطاطي والرصاص الحي الذي أصاب صدوركم العارية عندما نطقتم بالحق في وجه حكام الوطن.
لكننا تعلمنا منكم ألا ننحني لسارقي الوطن، وأن نصدح بالحق في وجه كل سلطة غاشمة. تعلمنا منكم أن ندخل التاريخ من جديد بعد أن تخلينا عن دعة حياتنا الخانعة. لقد آن للخوف أن يغادر قلوبنا إلى الأبد ، وآن للطغيان أن يترجل راحلا عن وطننا الأبي ، وآن لشباب 25 يناير أن يعبر بنا إلى مصاف الدول الناهضة بعد أن أعاد الى شعبنا المصري كرامته المسلوبة وحقه الضائع وروحه المطفأة .

تحيا مصر دائما عزيزة أبية ، منيعة عصية ، تجاه كل شر وطغيان . والسلام لكم وبكم وعليكم ورحمة من ألله على كل شهدائنا الأبرار .