أكدت الناشطة الحقوقية رزان زيتونة أن عدد «الشهداء» في سورية وصل حتى صباح امس الى 1970 شخصاً بينهم 53 معتقلاً ماتوا بسبب التعذيب.ولفتت زيتونة الى «جهود حثيثة لايصال قضية ابراهيم قاشوش (مغني الثورة السورية) الى المحاكم الدولية»، مشيرة الى ان المعتقلين يتعرضون للضرب بالعصي المكهربة. واذ شددت على «ضرورة تفكيك النظام»، رأت «أن المجتمع الدولي لا يتعامل مع الملف السوري بشكل واضح».
«الرأي» الكويتية اتصلت بـ رزان زيتونة وأجرت معها الحوار الآتي:
• التقارير حول أوضاع حقوق الإنسان في سورية متضاربة وتحديداً ما يتعلق بعدد الضحايا والمعتقلين. ما المعلومات التي لديك حول عدد الضحايا والمعتقلين؟
فيما يتعلق بعدد الشهداء، فقد وثق مركز توثيق الانتهاكات في سورية بالتعاون مع لجان التنسيق المحلية 1970 شهيداً حتى صباح الجمعة 15 يوليو 2011.
بالتأكيد هذا الرقم ليس نهائياً، وهناك قلق كبير من احتمال ارتفاعه وخصوصاً مع وجود أعداد كبيرة من المختفين قسرياً خلال الثورة، الذين ثبت مقتل بعضهم تحت التعذيب لاحقاً، بالإضافة إلى المقابر الجماعية التي يحتمل اكتشافها في المستقبل.
اما فيما يتعلق بالأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال منذ بداية الثورة، فيقدَّر عددهم بعشرات الآلاف، لا يزال بينهم نحو خمسة عشر ألفاً قيد الاعتقال في مختلف المدن السورية.
• تفيد التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية الدولية بوقوع حالات تعذيب يتعرض لها المعتقلون. هل لديك معطيات حول وسائل التعذيب؟ وكم يبلغ عدد الأشخاص الذين توفوا تحت التعذيب؟
الاعتقالات العشوائية بأعداد كبيرة جداً، وتشمل غالباً عدة أفراد من العائلة الواحدة، يتمّ إخضاعهم لشتى أنواع التعذيب وإساءة المعاملة. النظام يتبع سياسة ممنهجة بهدف الترويع والترهيب وكسر إرادة السوريين. وأكثر وسائل التعذيب المستخدمة حالياً وفق شهادات معتقلين سابقين، هي الضرب المستمر بالكبلات والعصي المكهربة والركل بالأرجل، على مختلف أنحاء الجسم وخاصة الرأس والظهر، والكهرباء على الأصابع والمناطق الحساسة، والحرق بالسجائر، الشبح، المنع من شرب الماء وقضاء الحاجة.
وفقا للمصادر المذكورة سابقاً بلغ عدد مَن قتلوا تحت التعذيب حتى اللحظة 53 معتقلاً.
• شكل قتل ابراهيم قاشوش صدمة للرأي العام. ما معلوماتك حول ظروف قتله؟ وهل ثمة اتجاه من منظمات حقوق الانسان السورية لرفع هذا الملف الى الهيئات الدولية؟
مقتل ابراهيم هو جريمة من مئات الجرائم التي ارتُكبت بحق السوريين وأدت إلى استشهاد نحو ألفي شخص حتى الآن. هناك جهود حثيثة حالياً وخطوات قد اتُخذت بالفعل من أجل تحريك هذا الملف أمام محكمة الجنايات الدولية.
• لماذا يبقي النظام السوري على الخيار الأمني حتى اللحظة؟
بعد نحو ألفي شهيد وعشرات آلاف المعتقلين، الشعب لم يعد يقبل بأقل من إسقاط النظام وتغييره. والنظام يعي تماماً أن فرصة القيام بإصلاحات شكلية قد ولّى زمانها. حاول النظام تخفيف القبضة الأمنية عن بعض المناطق تحت الضغط الدولي، فما كان إلاّ أن زادت أعداد المتظاهرين بشكل هائل كما حصل في حماة أو دير الزور، ومطلبها الوحيد إسقاط النظام.
• بعد غياب أبرز أقطاب المعارضة عن مؤتمر الحوار الذي دعا اليه النظام ما الذي ينتظر سورية؟
ما ينتظر سورية لا يرتبط بغياب أبرز أقطاب المعارضة عمّا يسمى «مؤتمر الحوار» الذي عقد في الوقت نفسه الذي كانت الدبابات تدكّ أحياء في حمص وتحاصر قرى وبلدات في ادلب، بل هو مرتبط بسلوك النظام في الأيام المقبلة، سواء لجهة توسع الاحتجاجات وامتداداتها أو لجهة الضغوط الدولية المتصاعدة وشكل ردود أفعال النظام عليها.
• البيان الصادر عن اللقاء التشاوري وصفه البعض بالمحبط. لماذا لم يخرج اللقاء بنتائج ايجابية؟
لم يتطرق اللقاء التشاوري ثم البيان الصادر عنه لجوهر الأزمة، واكتفى بالدوران حولها أو بتناول مسائل إجرائية كانت تشكل مطالب للسوريين قبل الثورة. وحتى إجراء تعديلات حقيقية فيما يتعلق بقانون الأحزاب أو الدستور لن يُرضي المحتجين. المطلوب تفكيك بنية النظام الأمني الاستبدادي والانتقال بسورية إلى نظام ديموقراطي تعددي ودولة مدنية تُحترم فيها حقوق الجميع.
• هيلاري كلينتون قالت «ان الرئيس الأسد فقد شرعيته» للمرة الأولى منذ بداية الحركة الاحتجاجية في سورية. هل ثمة تحول في الموقف الاميركي تجاه سورية؟
اقتضى من الولايات المتحدة اربعة أشهر لبدء الحديث عن فقدان شرعية النظام. وهذا تحوّل بطيء ويؤشر بشكل عام إلى تقاعس المجتمع الدولي في تعامله مع جرائم النظام.
• يسعى بعض المعارضين السوريين في الخارج الى ايصال ملف حقوق الانسان في سورية لمجلس الأمن. ما رأيك بهذه المحاولات؟
ارتكب النظام جرائم ضد الانسانية وُثقت من نشطاء سوريين ومنظمات حقوقية دولية، ولا يجوز أن تمضي هذه الجرائم بغير محاسبة كما سبق وحصل في عقد الثمانينات.
النظام لا يصدّق أن الزمن تغيّر، وأن قتل الأبرياء والتنكيل بهم ليس فعلة يمكن أن ينجو بها من جديد.