السبت، 16 يوليو 2011

متى ستضمد سورية جراحها ..

ميس الكريدي
كاتبة سورية
سورية تنزف أطفالا...
الشعب يتحلق حول طيف الحرية المتخم بالدم..
النزيف مستمر....
الضجيج يعبر الشوارع نيرانا وصراخا...
لك الله يا شعبا أبيا ينوح على ابواب الموت, ويشرق هتافات و نداءات..
وأنا القتيل الذي ما قتل .......أندفع وسط الجنازات لأتعمد بالوفاء ....لأتعلم انتصار الفكرة....زئير الموت...أغنية الخلود .......وعلى أبواب المقابر..نسيت عيوني..
الخوف...دفق الروح, بعض من صدى الوجدان يناجي الشهيد , يتطلع نحو الصباح.....الليل ينهمر سوادا وموتا..
يا قاتلي...استقم اجلالا لموتي..امسح فوهة البندقية..ابتعد عن دمي حتى لا تتلمس الأرض رائحة جريمتك, وبعض نتف روحي..فتشتعل ثأرا ولو مؤجلا لحين..
الوطن يتدلى على هامش الدمار..الله يحلق بين عينيه...ينام على سفح الخراب متوجا بالتضحية...وبلادي ترحل للسماء...ولو على أنقاض الموت...لكنها وسط مجمع الآلهة ...تقسم أن لا طفل سيبكي بدون أن نحاسب من نهب قلبه, وعينيه..
سينتصر البقاء في صراع الوجود...سيعلن الوطن خرائطه الجديدة من الإنسان للإنسان..وأكبر بالضحايا!!.. سنرمي على بوابات الزمن عظام الأحرار وقود الشعاع المتغلغل فينا..
يا ربيع العالم المولود فينا
يا ربيع الوطن المفقود فينا
يا سنين الذل ألا ارحلي.....ويا حرية على بوابات جهنم تئن رعبا انتظرينا...
قفي سورية على المذبح....فهذا اعترافك الأخير..
اغسلي الخطيئة بالدم...فالماء المقدس لا ينفع عندما تكفنين أبناءك..
اغسلي الخطيئة فقد انهمر القتل سفاحا على بوابة ابليس..
انشري التراب...اعجنيه بالدم.....نشفيه تحت الشمس فهذا قربان الثورة..
ضميني يا بلادي...وبالعشب المخضب ببقايانا البشرية اغمريني
ليمسح الوجدان ويلبس الجراح..ويجلل جبهة الوطن كلما شيع بعضا من أولاده..
إني أختنق بالغدر.......فيا أيتها الأم الباكية ببعض الدمع ارشقيني..
قررت أن أعتصم على عتبة طفل زار الخوف..لعل شموعي تعيد الله لمعبده المغلق برسم القهر..برسم أجهزة أمنية ترى في صرخة الوطن الذي مزق سكوك الإذعان..عدوا..ترى في شباب على أعتاب التاريخ يهدمون الليل والصمت..تمردا وعصيانا..
نعم هذا زمن العصيان..حيث لا أحد بعد سيكتب على دفاتري سواي.....لا أحد سيسرق قدري..لا أحد سيختار خطواتي..ولا أحد سيرمي علي ثقل القيود فأسجد بلا حراك.....لقد حطمت إلى الأبد قيودي..
يا صوتي المنطلق من عتق النواح ونحيبي....ارتسم على هامش القدر شهادة موقعة من سجن ضاق على الأحرار..
إني أنذر للحرية قلبي..فهل ستكون نذوري وفية لسعار الموت في وطني..
إني أنذر للمستقبل لحمي المتفسخ أمام البارود الهائج..فهل أنفاسي الأخيرة تخترق جبين الآثام يا بلاد الألم.. لقد قتلوني اليوم......قتلوني أمس....وغدا سيقتلوني....فمتى يا نداء الوطن ستشق الصواعق رقاب من قتلوني.. يا موت...لم يعد رهابك يعدم الصرخة...لم يعد لهاث الإجرام يسد الحدود في وجه من يقتحمون الأفق بصدر عار..
أنا الحق..أنا العدل..أنا حامل الأغلال في نفسي أصب على الجدران بقايا النذور....وأحرق الجثث لعل الكون يضج برائحة اللحم البشري المحترق..
سأدعو لحملة وطنية لدعم الأطفال في بلدي......برسم اليتم ..برسم الاعتقال..برسم القتل...برسم المستشفيات التي انتفخت من هول ما روعها الوطن رعبا وهدرا ونزيفا بشريا..
سأرسم على جدار وجه أمي....سأمحوه ...ثم أعيد رسمه إلى أن يتطابق مع خرائطي من بانياس ..إلى درعا......من حدود لبنان .....لحدود العراق..من حدود تركية للجولان....وأنا لا أفرط..ولا أسامح .....ولا أصالح...
سترتدي على الرأس يا أمي العلم.....ولن نختلف على الحجاب وأحكام الدين فيه..عندما تكون صورة سورية عباءتي وملاءتي......
سأصلي في الشوارع ركعاتي التي ما تعلمت أداءها عمري....لكني اشتعلت إيمانا يوم سمعت صداها على الأرض..
سأختارك يا صبحا يموج على أكتاف المودعين برتبة شهيد.....إمامي..
سأختارك يا عالي الجبين ......على هامات الشوارع مشروع شهيد لتكون وليا في الفقه...و ربما بركتك تحل علي وعلى الوطن فتهديني..
لم يعد يا قلب طهر الروح بصلاة أو بدون....كلنا في الوطن سواء ..كلنا في العطاء سواء....عندما نقايض عيون الأرض بآخر شهقات الروح.....فلنسجد للبطولة ....
سنشعل الشموع ...فكل حارة في سورية معبد......سنخلع النعال و نصلي طهرا فكل سورية مسجد....سنحمي الطفولة, ما استطعنا فكل سورية جنة من نور سنفتحها على الحب يوما.........سنرفع الجباه ..ونزغرد خلف مواكب الشباب ...ونشيعهم بعرس الحرية فكل الوطن صار مقبرة...