الدولة "رجل اعمال" فاشل
عندما تترهل الدولة، وتحتكر، وتفقد اية معيارية لجدوى اعمالها فانها تتحول الى رجل اعمال فاشل.. وتاجر فاسد.. وصناعي او زراعي او خدمي خاسر. ففي الوضع المعروف تقود الخسائر لتوقف نشاط رجل الاعمال.. اما الدول فهي لا تشهر افلاسها او تُصَادر،الا بمعاني اخرى.
والدولة التي تعتقد ان معيارية الجدوى تحققها الهيئات والرقابة واللجان والتعليمات والضوابط هي كالتاجر الفاشل الغارق في ديونه، يكرر اخطاءه، الى ان يعطله ويطرده الافلاس. فالمعيارية من داخلها لا تكفي.. لابد ان تكون من خارجها. فانت الاول والاطول والاذكى والاقوى عندما تحاكي نفسك.. ولن تعرف حقيقتك الا امام غيرك.. بل لا جدوى في المعيارية ان لم تكشف كيف تنجح واين تفشل في تقدمك وتراجعك عن الاخرين.. لذلك عندما نتكلم عن معيارية خارجية نقصد -من بين امور اخرى- اقتصاديات السوق، والمنافسة الداخلية والخارجية على حد سواء.
وضع الاتحاد السوفياتي -وقتذاك- تسعة معايير لجودة اعماله ونتاجاتها.. ووضعت الصين ضعف ذلك.. فنجحوا في فترات الحماس والرقابة الشديدة.. وحالما ضعفت القبضة الحديدية.. وبدأ الارهاق وامتيازات الدولة والتحايل والكذب وانجازات التقارير الرسمية، حتى انهارت معايير الكفاءة الداخلية.. وتكشفت الكلف العظيمة البشرية والمادية.. والاسس الرخوة التي تقف عليها.. فظهرت عوامل التفكك واضحة في الدولة السوفياتية والكتلة الشرقية معلنة "افلاسها" عبر تفككها، بينما سارعت الصين لتتعلم من التجربة.. فوضعت لاقتصادها -على الاقل- معايير خارجية ليس اقلها المنافسة ومعايير اقتصاديات السوق.. فحققت اعلى معدلات النمو والتقدم.
يخطىء من يعتقد ان الدولة بشكلها الحالي ستقدم حلاً تنموياً، ينقلنا من الترهل والعطل والفساد الى حالة نافعة ومنتجة.. فالدولة ليست مؤسسة حيادية عديمة المصلحة والنفعية لتشكيلات –ظاهرة وخفية- تعمل داخلها وخارجها.. فمنذ ان احتكرت البلاد تحولت الى "الشخص الاقتصادي" المتفرد.. فطردت اية منافسة وفقدت اية معيارية لقياس جدوى اعمالها.. فاشهر "افلاسها" داخلياً ودولياً منذ التسعينات.. واستمرت تراكم الخسائر والفساد والمديونيات.. ليدفع اثمانها وتبعاتها الشعب والاقتصاد والموازنة.. ولتعشعش "اقطاعات ادارية" و "مافيات" انانية، تعرف جيداً مصالحها والفوائد العظيمة التي تحققها من الازمات والحرمان والفوضى والفساد والعطل، لتتاجر بمآسي الناس.. رافعة الشعارات الكبيرة الاصلاحية والوطنية والقانونية.. لتعطل، بوعي او جهل، اي جهد لتصحيح المسارات. فالدولة "رجل اعمال" نافع لقلة داخلها وخارجها.. و"رجل اعمال" فاشل للشعب والبلاد.