السبت، 17 أبريل 2010

13 نيسان... لكي تنذكر ولا تنعاد

سعود المولى
لكي تنذكر ولا تنعاد علينا نحن أن نتذكر وأن لا ننسى وأن نتعلم من دروس 13 نيسان..
لقد اندلعت الحرب الأهلية عند تقاطع عوامل إقليمية ودولية محددة أشعلت فتيل الانفجار وأمدته بالوقود للاستمرار..ولكن هل كانت الحرب لتندلع لولا أن كنا مهيئين لها...
المهم أن الحرب الأهلية انتهت، فهل انتهت عقلية الحرب الأهلية وممارسات الحرب الأهلية ؟
هل انتهى التكفير والتخوين؟ هل انتهى الاصطفاف الطائفي والمذهبي؟ هل انتهى الشعور بالغلبة والاستقواء بالخارج؟ هل انتهى الشعور بالغبن والاستنجاد بالخارج؟ هل تحققت المشاركة الفعلية والتوازن الفعلي بين جميع مكونات هذا الكيان؟ هل تحقق التوازن في العلاقات الخارجية (لا ممراً للاستعمار ولا مقراً له، لا شوكة في خاصرة سوريا ولا تابعاً لها)؟
هل صرنا الى فهم واحد موحد حول العروبة الحضارية الجامعة وحول اللبنانية العربية المنفتحة وحول التسامح والتضامن وحول قبول الآخر والاعتراف به آخراً مختلفاً ؟؟ وهل تحققت المصالحة الوطنية الحقيقية الشاملة للجميع دون استئثار أو نبذ أو إلغاء أو استعلاء أو تشبيح ودون صهر وتطابق وتماهي وفرض وقهر ؟
إننا اليوم وبعد 35 سنة على 13 نيسان نحتاج أكثر من أي يوم مضى الى الانتهاء من لعبة الاستقواء بالخارج، أياً كان هذا الخارج، شقيقاً أو صديقاً أو حتى خصماً أو عدواً..
نحتاج الى الاقتناع بأن القوة الحقيقية هي في الوحدة الداخلية أولاً ، ثم في التعاون والتضامن مع الأشقاء العرب ثانياً، ثم في العلاقات الطبيعية والمعافاة مع سوريا ثالثاً....لقد حسم اتفاق الطائف المسألة السياسية المركزية: لبنان عربي الهوية والانتماء،لا توجد أدوار سياسية-أمنية-عسكرية متناقضة بين لبنان وسوريا (سلماً أم حرباً) ولن يكون لبنان مقراً للتآمر على سوريا أو ممراً للهجوم عليها..وتكرس مبدأ الندية والاعتماد المتبادل وآليات التعاون والتنسيق في المجالات التي تهم البلدين وتطورهما المشترك..وما نحتاجه هو إعادة التأكيد على هذه المبادئ التي شكلت أساس الطائف..
نحتاج الى الشراكة الحقيقية وهي تكمن في صدق القول والفعل، لا بلقلقة اللسان، وإنما بالإعتراف للآخر بحقوقه الكاملة وبثقافته المميزة، وبخصوصياته كلها، ضمن إطار الوطن الواحد والديمقراطية البرلمانية والنظام التوافقي... ونحتاج الى الاعتراف بأن الغلبة الحقيقية هي في تغليب الحق والعدل ولو على النفس أو ذي قربى،وأن التوازن الحقيقي هو في تحقيق العدالة والكرامة والمساواة للجميع وبين الجميع، وعلى اساس النزاهة والكفاءة والشفافية والرقابة والمحاسبة..
نحتاج الى بناء دولة وطنية ديمقراطية حقيقية: دولة لا تكون غائبة عن الوعي ولا مغيبة عن الحضور، دولة لا تكون ضائعة ما بين تركة ثقيلة وتصفية حسابات وما بين تسيب وتردد وفساد كارثي..دولة تحقق الانماء المتوازن الذي نتحدث عنه منذ العام 1920..دولة تحقق الفصل الفعلي للسلطات والتوازن بينها...دولة تنهض بالجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي والخدمات الاساسية للمواطن من ماء وكهرباء وطبابة ...
نحتاج الى نقد ذاتي حقيقي ومراجعة فكرية عميقة، لتجديد الحياة السياسية وتجديد الثقافة السياسية وتجديد النخب السياسية، مراجعة لا تصادر تاريخ الآخرين ومشاعرهم، ولا تتعامل مع الآخر تعامل المنتصر مع مهزوم أو تعامل وطني مع عميل، بحيث يكون واجب الآخر تقديم الاعتذار والتوبة في حين ننتفخ نحن غروراً وزهواً حاملين مفاتيح الجنة وموزعين صكوك الوطنية ..
نحتاج الى جرأة المصارحة العارية ونبل الوجدان والضمير...
والحال أن الشعور بالمسؤولية عن هذا الوطن وشعبه والحرص على مستقبل البلاد والعباد، يدعونا الى استعادة أنصع وأجمل ما في تراثنا الحضاري المشترك وتاريخنا الوطني المشترك من قيم انسانية نبني عليها حوارنا الدائم ونعمر بها حياتنا لنفتح ابواب الأمل أما الأجيال القادمة..
وإلا فلا معنى لكل ما نكتبه أو نقوله في مناسبة 13 نيسان...