بقلم سعود المولى
في 18 نيسان 1996 ارتكبت دولة اسرائيل العنصرية أبشع الجرائم بحق الانسانية وبحق المجتمع الدولي قاطبة حين قصفت طائراتها ومدفعيتها مركزاً للأمم المتحدة كانت تختبئ فيه عشرات العائلات التي هربت من قراها وهي تظن أن علم الامم المتحدة يحميها من جنون العنف الوحشي الإجرامي الذي برع به الصهاينة منذ وطأوا أرض فلسطين... لم تكن مجزرة قانا هي الأولى ولا الأخيرة في تاريخ المجازر الصهيونية ضد الفلسطينيين واللبنانيين والعرب..ولكن حرب نيسان 1996 تميّزت بثلاث مجازر أخرى ضد الأطفال والنساء: في سحمر يوم 12 نيسان وفي المنصوري يوم 13 وفي النبطية يوم 17.. ولم تنفع صور الظباط والجنود من قوات الطوارئ الدولية وهم يبكون أثناء رفعهم أشلاء الجثث المحترقة للأطفال والنساء والشيوخ في قانا، ولم تنفع صور مراسلي التلفزة العالمية وهم يبكون ويرتجفون أمام هول ما كانوا يصورون في المنصوري وسحمر والنبطية، لم ينفع ذلك كله ولا غيره في إثارة عطف المجتمع الدولي على تلك الضحايا البريئة وهي تذوي وتحترق على مذبح الحقد والهمجية التوسعية العنصرية...
والحال أن الضمير الإنساني في أوروبا واميركا معطل في ثلاجة الهولوكوست ومعاداة السامية..
كلما ارتكب العدو مجزرة وجدوا له ألف سبب تخفيفي وألف عذر حربي (من النوع الذي تبرع به عسكريتاريا الدول الاستعمارية في كل عصر وكل أرض).. فلم يفعل الصهاينة شيئاً لا أو لم تفعله أميركا أو فرنسا أو بريطانيا في مسيرتها الاستعمارية الطويلة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية...لم يفعل الصهاينة أكثر من تكرار مذابح النازية والحلفاء في الحرب العالمية الثانية...نعم الحلفاء وليس فقط النازية والفاشية.. نعم تلك الدول الديمقراطية التي أحرقت الحرث والنسل في المانيا واليابان تحقيقاً لشهوة الانتقام والإذلال ضد من قاتلوها وهزموها..وإلا فكيف نفسّر قصف وتدمير وإبادة مدينة دريسدن الألمانية بعد استسلام ألمانيا( 350 ألف قتيل)؟؟ وكيف نفسر قنبلتي هيروشيما وناكازاكي بعد استسلام اليابان ؟؟ وكيف نفسر مجزرة سطيف بحق الجزائريين الذين خرجوا يحتفلون بانهزام النازية في الحرب (سقدط فيها 45 الف شهيد)؟؟؟ وكيف نفسر القاء الفرنسيين لمئات الجزائريين في نهر السين حين خرجوا بتظاهرة باريسية تطالب بالاستقلال ؟؟ وكيف نفسر مجازر الانكليز في الهند والعراق وفلسطين ، ومجازر الفرنسيين في جزائر المليون شهيد وفي الهند الصينية كما في دمشق وجبل الدروز وجبل عامل والبقاع؟؟ وكيف نفسر مجازر فيتنام وكمبوديا وأفغانستان والعراق المجانية ؟؟
حين يصبح مسموحاً لدول الديمقراطية أن تفعل ما فعلته بحجة التمدين والدمقرطة فكيف لا يغض هؤلاء الطرف عما يفعله الصهاينة؟؟
منذ العام 1917 (تاريخ وعد بلفور المشؤوم) والصهاينة لا يُسألون عما يفعلون، فكيف يستقيم صيف وشتاء تحت سقف واحد؟ كيف سيقتنع الناس بأن العقوبات على إيران هي بسبب مسعاها لامتلاك سلاح نووي في حين يعرف القاصي والداني أن البلد الوحيد في الشرق الأوسط المدجج بالرؤوس النووية هو اسرائيل؟ كيف سيقتنع الناس بمكافحة الارهاب في حين أن الدولة الوحيدة في العالم التي تمارس الارهاب علانية هي اسرائيل التي تتبجح بعملياتها لاغتيال قادة فلسطينيين في كل مكان؟؟ كيف سيقتنع الناس بادانة الشيشان والداغستان والقاعدة وطالبان ممن قاموا ويقومون باعمال قتل ارهابية اجرامية إن لم تتم إدانة ومعاقبة اسرائيل على جرائمها الارهابية كما في قانا وأخوات قانا؟؟؟
إننا من هذا المنبر نوجه الدعوة لجميع العرب والمسلمين ولجميع الشرفاء والمناضلين وخصوصاً في الكنائس المسيحية المحبة للسلام والعدالة، للعمل معاً على بناء حركة عقوبات عالمية ضد الكيان الصهيوني تعمل بوحي من حركة الحصار العالمية ضد الأقلية البيضاء العنصرية في جنوب أفريقيا ، ومن أجل العدالة والسلام..فقط وليس إلا.. ولا غير العدالة والسلام لشعوب أضناها القهر والظلم والعدوان والاستباحة الوقحة لكل القيم الانسانية..