الجمعة، 16 يوليو 2010

الحجة مفحمة

عباس بيضون
السفير- الخميس 15تموز 2010
قبل أن تطالبوا بحقوق الفلسطينيين أعطوا اللبنانيين حقوقهم. أعطوا اللبنانيين كهرباء 24 على 24 ساعة. طبقوا الضمان الصحي عليهم جميعاً، وفروا لكل منهم مسكناً، جنسوا لبنانيي المهجر. وبعد ذلك، بعد ذلك كله، عودوا للنظر في مطالب الفلسطينيين. الحجة مفحمة وتواطأ عليها كل من عارض إعطاء أي شيء للفلسطينيين، ينبغي الاعتراف بأنها تلمس عرقا لدى كل لبناني. سيقول ببراءة كبراءة هذه الحجة وبتجرد كتجردها: أعطوني حقوقي وبعد ذلك أعطوا الآخرين. إذا أخذنا في الاعتبار البارانويا اللبنانية، أو أخذنا في الاعتبار الشكاوى اللبنانية المتأرثة نعلم أن ما من لبناني واحد يقر بأنه حصل على حقوقه كاملة، بمن في ذلك الذين يأكلون حقوق الآخرين. الحجة مفحمة ولا يستطيع أحد أن يقارعها، مع ذلك فإن حال الفلسطينيين لا تطاق وظروفهم ليست للبشر لكن ماذا في اليد لنفعل لهم، قلوبنا معهم لكننا لا نملك ما نعطيهم. ما عندنا لا يكفينا فماذا نجد لغيرنا، هل تظنون أن لوبان الفرنسي بلا حجة. هل تحسبون أن موسوليني كان بلا حجة او حتى ستالين او هتلر. جميعهم كانت لهم حجج مفحمة ولا تزال لهم حجج مفحمة. إذا سمع اللبناني ما يقال فهل سيفكر أن أحداً ما لا يطالب بـ24 ساعة كهرباء للفلسطينيين بل أن يكون لهم الحق في الكهرباء وبسعرها بالطبع. ان أحداً لا يطالب بتطبيق الضمان على كل الفلسطينيين بل على هؤلاء الذين يدفع أرباب عملهم عنهم للضمان. ان أحداً لا يطالب بتوفير مسكن للفلسطيني بل الحق بأن يكون له مسكن. ان أحداً بالطبع لا يطالب بتجنيس الفلسطينيين حتى نتذكر هنا تجنيس لبنانيي المهجر الذين لا يجادل أحد في حق من يريد أن يتجنس (أو تستعيد جنسيته) منهم.
حجة مفحمة تليها أيضاً حجج مفحمة. لكن النتيجة ستكون أن الفلسطيني لن يحصل على شيء بقدر ما سيمر بحمام كراهية عامة، سيعاد ذكره كمغتصب محتمل وسارق محتمل للأرض، والهوية، سيعاد التذكير، ولو بالإيماء، بالحرب وحزازاتها وإضغانها. سيجد الفلسطيني نفسه مجدداً نفسه الموضوع الوحيد للمتاجرة الوطنية، لن يهتم أحد من المحرضين الوطنيين بأن مبادلة السلاح بالحقوق قد تكون الخطوة الأولى لحل المسألة الوطنية. سيفضلون على هذا كلاماً نهايته بالطبع «الترانسفير». ستكون مناسبة لا للكلام عن مستقبل الفلسطيني بل عن حاضره، سيقال ماذا يفعل هنا الآن ليخرج، أرضنا لا تسعه، إمكانياتنا لا تسعه. لا اعرف ما هي الفحوى الاقتصادية لهذا الكلام لكني أجد اننا نفتح بهذا النقاش مدرسة للفاشية. عندئذ أفهم أكثر ما يقال عن أن لبنانيي فرنسا يصوت أكثرهم للوبان.....