السبت، 20 أغسطس 2011

حزب الله والعدالة في سجن مشيمش والحسيني

لن يفلح الحزب في اختصار فكرة المقاومة و"الشيعة" بحزب واحد
علي الأمين
منع قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا المحاكمة عن السيد محمد علي الحسيني وتركه حراً لعدم كفاية الادلة،. وقد جاء قرار أبو غيدا مخالفاً لمطالعة النيابة العامة العسكرية التي ميزته، وبانتظار البتّ بالقرار، يبقى العلامة الحسيني موقوفاً. وجاء القرار بعد نحو 3 أشهر من اعتقال الحسيني، وهو رجل دين شيعي، بتهمة "التعامل مع العدو".
وكانت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني اعتقلت الحسيني وتولت بعض وسائل الاعلام القريبة من حزب الله الترويج لثبوت تهمة العمالة عليه، أسوة بما جرى مع امام بلدة كفرصير الشيخ حسن مشيمش الذي لم يزل معتقلا منذ 13 شهرا في السجون سورية بإيعاز من حزب الله. وبعد تهاوي التهم بـ"العمالة للعدو"، بحق الشيخ مشيمش والسيد الحسيني، يبقى الرجلان في السجن فقط لأن من عمل على تركيب التهم بحقهما لا يريد ان يفرج عنهما، وهو في هذه الحالة اي حزب الله، كما تؤكد اوساط قريبة من عائلتيهما.
هاتان الواقعتان المتصلتان برجلي دين شيعة معروفين بأنّهما يتبنيان مواقف لا تنسجم مع مواقف حزب الله السياسية او الفكرية، تظهران مدى الضيق الذي يصيب الحزب وقيادته حيال اي تعبير سياسي او اجتماعي مخالف لتوجهاتهما. وعلى قاعدة "عدم الاختباء خلف الاصابع" كما عبر الامين العام للحزب في اطلالته الرمضانية الاخيرة، يمكن الجزم بمسؤولية الحزب عن اعتقالهما التعسفي وترويج الاتهامات الكاذبة بحقهما من دون ان يرف جفن لأيّ من مسؤوليه. ولا احد يستطيع ان يتصور أنّه في لبنان يمكن ان يقوم جهاز امني لبناني باعتقال رجل دين شيعي بتهمة العمالة لاسرائيل، من دون ايعاز من قبل حزب الله، وفي الحد الادنى "استئذانه"، قبل القيام بهذه الخطوة. اما قضية الشيخ مشيمش فكل من حاول، من سعاة الخير، لدى الاجهزة السورية للافراج عنه او لتبيان اسباب اعتقاله، كان الجواب: "تابعوا القضية مع حزب الله"، هذا من دون ان يصدر بحق الموقوف اي اتهام، بل جرت تبرئته اخيرا، وانتقل من سجنه الانفرادي، حيث قضى عاما كاملا، على ما يؤكد ذووه، الذين سمح لهم قبل شهر بزيارته اسبوعيا.
سجن مشيمش والحسيني ظلما وعدوانا يكشف ميزان "عدالة" الحزب
هذان الرجلان المظلومان من قبل حزب الله، على سبيل المثال لا الحصر، كما تبين لاحقا، واللذان لاكت الالسن سيرتهما في عمالة مفبركة للعدو، ظلما وعدوانا، وبتشجيع وتحريض حزبيين، يكشفان الميزان الذي تقيس به قيادة الحزب الظلم والعدل.
إذ حين تتهم المحكمة الدولية بعض عناصره بجريمة اغتيال رفيق الحريري، يريد حزب الله من كل الناس ان تجاريه بقناعاته حيال براءتهما، لا بل يتهم كل من يدرج هذا الاتهام في سياق قانوني وعدالة دولية، بانه متآمر ليس على عناصر في الحزب فقط، بل على المقاومة التي لا يمكن لحزب او رجل ان يختصرها في تاريخ لبنان والعرب والعالم، ولا في تاريخ الشيعة ايضا. وفي نموذج مشيمش والحسيني سؤال اخلاقي مشروع عن معايير العدل والظلم: أليس هذا النموذج تأكيد على ان القوة هي المعيار والظلم ليس الا ضريبة يدفعها الضعفاء، بنظر الظالم؟
لكأن الخطاب الخشبي ايضا بات وسيلة لتثبيت السلطة، من هنا يمكن ان نتلمس بثقة كيف ان خطاب التخوين بات اداة الهجوم والتهجم على كل مختلف ومتمايز. وبهذا المعنى يمكن ان نتلمس كيف الغى الامين العام لحزب الله اي تمايز بين الشيعة والمقاومة وحزب الله في خطابه الاخير. لم يتحدث السيد نصرالله باسم حزب الله، وربما لم يرد في خطابه هذا، كلمة حزب الله، بل وردت كلمتا "المقاومة" و"الشيعة" كطرفين مقصودين، من دون لبس على ما يوحي، في القرار الاتهامي.
لم ترد كلمة حزب الله لكنها في الواقع كانت تحاول ان تختصر الشيعة والمقاومة في الحزب. اختصار المقاومة كإرادة وتاريخ وتراث ممتد ومتنوع وخلاق، واختصارالشيعة كمذهب محكوم بالاجتهاد والتنوع بحزب واحد أحد: "الغالبون"