الجمعة، 9 مارس 2012

فشل ونجاح القوى السياسية في بناء الدولة والمجتمع

عادل عبد المهدي

اذا جارينا "فوكوياما" الكاتب الاكثر مبيعاً، ومؤلف "نهاية التاريخ والانسان الاخير"، في كتابه الاخير "اصول النظام السياسي"، واذا اجتهدنا وتصرفنا في بناءاته.. فان نجاح النظم المعاصرة يتطلب توفير ثلاثة مرتكزات رئيسية.. "الدولة المتماسكة".. و"النمو الاقتصادي".. و"التعبئة الاجتماعية".. مرتكزات ستوفر القاعدة الحاملة والمتينية لعمل الشروط الاخرى وهي.. "الديمقراطية" و"سيادة القانون".. و"الشرعية".. و"احترام الحقوق" و"العامل الدولي".. فتتكامل العناصر الـثمانية لتشكل "النظام" بدوافعه وحقوقه المنسابة ذاتياً، اي.. (1) "الدولة" الخادمة للمواطنين، المقتدرة، التي تتجاوز حكم الحزب والطائفة والميليشيا والمافيا والاقطاعية والقبلية.. و(2) "المجتمع المعبأ" بشعبه المسؤول، المُسائل، المستفيد، الذي يمنح الشرعية والتمثيل والذي يحاسب الدولة وبعضه بعضاً عبر الرأي العام والحريات والاعلام، والمرجعيات، والاحزاب، ومؤسسات المجتمع المدني.. و(3) "التطور الاقتصادي" الشامل والمستدام الذي يستثمر قدرات الامة داخلياً وخارجياً والملبي للحاجيات والناهض بالوطن ومصالحه وحاجياته وكرامته.. و(4) "الديمقراطية" التي عبر ضوابطها ومؤسساتها تقنن وتولي وتداول وتراقب.. و(5) "الشرعية" وتفويضاتها الشعبية على المستوى السيادي والمحلي وثوابتها الدينية والوطنية.. و(6) "نظام الحقوق" العامة والخاصة، المعنوية والمادية والحياتية وانماط الملكية باشكالها.. و(7)"سيادة القانون".. المستندة لدستور قبلته الامة، تترسخ مبادئه في الضمائر والنفوس والسلوكيات، ويطبق بمساواة وانصاف بغض النظر عن الدين والمذهب والقومية والمركز.. فتستقر العلاقات الداخلية وتتضح المصالح الوطنية مما يوفر حسن التعامل مع (8) "العامل الاقليمي والدولي" الذي بات ضرورة لكافة البلدان.
فاذا كانت هذه شروط نهضة الامم بغض النظر عن دينها وعقيدتها وقوميتها وفلسفتها.. واذا كان العراق بحاجة لهذه المستلزمات لبناء نفسه، والعودة لركب الحضارة، والخروج من حالة التخلف والتمزق، فلابد للمسميات من مطابقة الاسماء.. ليتطور "التحالف بجناحيه، دولة القانون والائتلاف " و"العراقية والكوردستاني" وغيرهم في الحكومة وخارجها نحو دولة المواطن القوية والتطور الاقتصادي والديمقراطية الحقيقية.. والمجتمع المملوء حيوية وحركة وثقة.. في ظل قانون يوفر العدل والامان، والاعتراف بالحقوق وبالشرعيات.. بما يوفر عناصر الاخصاب والعطاء والتراكم، وولادة عراق جديد، عادل، متماسك ومتطور.. يستعيد مكانته المفقودة في محيطه وعالمه. بخلافه اذا حجز التعصب والرؤى الضيقة عملية استكمال عناصر السلسلة الثمانية، فان الامر لن يعني سوى جهد ضائع.. والعودة لتجديد الضعف والتخلف والصراع والعصبيات الغبية التي تهين الدين بمقاصده السامية.. والوطن بتاريخه وامكانياته المهدورة.. والانسان بحقوقه الضائعة وعقله الراشد.