21 أيار- مايو 2012
أدلى رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي مما جاء فيه:في إنتظار أن تُسرّع خطوات بعض الدول الكبرى التي تسير كالسلحفاة في تعاطيها مع الأزمة السورية من خلال التأكيد على الحل السياسي الانتقالي لترحيل النظام كخيار وحيد متاح لانقاذ سوريا من الدمار والتشرذم والانقسام، وفي إنتظار تبلور مناخات داخليّة مؤاتية لاستئناف الحوار الوطني دون شروط مسبقة لاعادة تكريس الثوابت من خلال حل سياسي يفضي إلى الاستيعاب التدريجي للسلاح في إطار الدولة في الظروف الملائمة وعدم إستخدام السلاح في الداخل، ومن خلال الابتعاد عن محاولة تهميش الآخرين عبر إستخدام لغة “السلفية” أو سواها وإتاحة المجال لحرية التعبير عن الرأي، وفي ظل الانقسام اللبناني الحاد بين مؤيد للثورة السورية ومؤيد للنظام؛ فقد يكون من الممكن للبنانيين التقدم نحو تفاهم على الحد الأدنى لتمرير هذه المرحلة الحساسة من خلال النقاط التالية:
أولاً: إحتضان الجيش، فلقد قامت المؤسسة العسكرية بإحتضان المقاومة أثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان في العام 2006، وواجهت ببسالة تنظيم “فتح الاسلام” في مخيم نهر البارد في العام 2007، ولقيت بدورها الاحتضان آنذاك من أهل عكار. ونشيد بإنجازها تحقيقات سريعة لمحاسبة المسؤولين عن مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ومرافقه في عكار، وهذا كله يؤكد ضرورة الالتفاف حول الجيش اللبناني أكثر من أي وقت مضى لحماية الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي للحيلولة دون الانزلاق نحو الفتنة أو الاقتتال الداخلي.
ثانياً: رفع مستوى التنسيق بين الأجهزة الأمنية، لا سيما بعدما رأينا كيف أن المسرحيات التي قامت بها بعض الأجهزة قد أدخلت طرابلس والشمال في مناخات من التوتر الشديد من خلال تخطي أصول التوقيف لأحد الأشخاص وتنفيذ عملية بوليسية بدل إستدعائه وفق ما تنص عليه القوانين، ومن خلال تبرئة أحد القطريين الذي كان متهماً بالارهاب، فإذا به يبرأ ويسافر عائداً إلى بلاده؟ ألم تعرض هذه الخطوات غير المدروسة علاقات لبنان العربية، ولا سيما مع دول الخليج، التي تحتضن عشرات الآلاف من اللبنانيين في مؤسساتها الاقتصادية، وها هي تحذر رعاياها من المجيء إلى لبنان؟ ثم ما هذا التناقض المعيب في تصريحات وزيري الدفاع والداخلية حول وجود تنظيم “القاعدة” في لبنان؟ ألا يستطيع وزير الدفاع التعبير عن عبقريته السياسية والعسكرية إلا من خلال الترويج لوجود القاعدة في لبنان بأي ثمن؟
ثالثاً: مسألة داتا الاتصالات التي تبقى ضرورية للحيلولة دون وقوع المزيد من الانكشاف الأمني على ضوء تجدد مرحلة الاغتيالات السياسية كما يقولون وبعد هروب مجموعة قيل أنها “سلفيّة” من مخيم عين الحلوة، ناهيك تسخيف لمفهوم العمالة، والترحيب بالعملاء الذين يحملون على الأكتاف وتقام لهم المهرجانات الشعبيّة؟ ألا يفسح كل ذلك المجال أمام إسرائيل للتغلغل مجدداً في الداخل اللبناني وإستكمال عملها في زرع الشبكات التجسسيّة هنا وهناك؟
رابعاً: تصدير النظام السوري لأزمته الداخليّة نحو لبنان وقد مهدت لها وأكدتها تصريحات بشار الجعفري في الأمم المتحدة وفيصل المقداد، وذلك من خلال السعي لاستباحة الأرض اللبنانية لا سيما عند الحدود لتحويل لبنان مجدداً إلى ساحة مفتوحة؟
خامساً: الزيارة المشؤومة والمشكورة للسيد أحمد جبريل جاءت في السياق ذاته، فهي مشؤومة لأنها تحمل في طياتها تهديدات ورسائل، ومشكورة لأنها جاءت لتذكرنا بمقررات الحوار الوطني التي إتخذت بالاجماع ومنها سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، والمحكمة الدولية التي، للتذكير، أقرت أيضاً بالاجماع.
المطلوب من كل القوى السياسية اللبنانية في هذه اللحظة الحساسة وقفة مع الذات، لعلنا ننجح في تنظيم الخلاف السياسي بدل تفجيره وإدخال البلاد في الفوضى.
وتبقى كلمة إلى أهالي الطريق الجديدة، كما توجهنا إلى أهالي طرابلس وعكار بالأمس، حيال ضرورة تفويت الفرصة على بعض المندسين لاغراق لبنان في الفوضى، والحفاظ على أصالة بيروت العربية والوطنية التي واجهت الاحتلال الاسرائيلي وعدم الانزلاق مجدداً إلى حروب الشوارع والأزقة، كما يريد لها البعض من وراء الحدود.
أخيراً، نعبر عن شجبنا ورفضنا لأي تهديد يطال أي إنسان، عادياً أم شاعراً أم مفكراً، كما حصل مع الشاعر أدونيس، لكن كنا نتمنى لو أن الشاعر إياه الذي إعتبر نفسه في مرتبة بابلو نيرودا وناظم حكمت ومحمود درويش، لم يهرب بإتجاه الهجوم على السلفية بدل أن يدين أعمال النظام السوري.