الاثنين، 6 يوليو 2009

استاذنا عبد الوهاب المسيري

استاذنا عبد الوهاب المسيري

في 3 تموز-يوليو من العام الماضي 2008 توفي الصديق والرفيق الحبيب والكبير الدكتور عبد
الوهاب المسيري وهو في قمة عطائه الفكري والسياسي..هذه تحية له....

الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري، مفكر عربي إسلامي. وُلد في دمنهور في اكتوبر 1938 وتلقى فيها تعليمه الابتدائي والثانوي (مرحلة التكوين أو البذور). التحق عام 1955 بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وعُين معيدًا فيها عند تخرجه، وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1963 حيث حصل على درجة الماجستير عام 1964 (من جامعة كولومبيا) ثم على درجة الدكتوراه عام 1969 من جامعة رَتْجَرز Rutgers (مرحلة الجذور). وعند عودته إلى مصر قام بالتدريس في جامعة عين شمس وفي عدة جامعات عربية من أهمها جامعة الملك سعود (1983 – 1988(، كما عمل أستاذا زائرًا في أكاديمية ناصر العسكرية، وجامعة ماليزيا الإسلامية، وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970-1975) ومستشارًا ثقافيًا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 – 1979). و عضو مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بليسبرج، بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستشار التحرير في عدد من الحوليات التي تصدر في ماليزيا وإيران والولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا (مرحلة الثمر).
كان الدكتور عبد الوهاب المسيري يمتلك شخصية هادئة، وكان يتقبل أي نقد يوجه إليه مهما بلغت حدته، ولم يشاهد قط في حياته منفعلا أو عصبيا. و كانت الإبتسامة الهادئة الواثقة لا تفارق وجهه الذى كان يتسم بالبراءة.
الأعمال المنشورة بالعربية
نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفـكر الصهيوني (مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، القـاهرة 1972؛ المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1979). في عام 1972 جاء هذا الكتاب قبل 28 عاما من تأليف المفكر الأميركي فرانسيس فوكوياما لكتاب يحمل نفس العنوان. لكن الفرق بين النظرتين أن رؤية فوكوياما تعتبر أن نهاية التاريخ تعني انتصار الولايات المتحدة على الاتحاد السوفياتي، بينما يرى المسيري أن نهاية التاريخ فاشية اخترعتها الدول الغربية للسيطرة على العالم.
موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية: رؤية نقدية (مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، القـاهرة 1975).
العنصرية الصهيونية (سلسلة الموسوعة الصغيرة، بغداد 1975).
اليهودية والصهيونية وإسرائيل : دراسة في انتشار وانحسار الرؤية الصهيونية للواقع (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1975).
مختارات من الشعر الرومانتيكي الإنجليزي: النصوص الأساسية وبعض الدراسات التاريخية والنقدية (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1979).
الفردوس الأرضي : دراسات وانطباعات عن الحضارة الأمريكية (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1979).
الأيديولوجية الصهيونية : دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة (جزءان، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عالم المعرفة، الكويت 1981 ـ طبعة ثانية في جزء واحد 1988).
الغرب والعالم: تأليف كيفين رايلي (ترجمة بالاشتراك) (جزءان، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عالم المعرفة، الكويت 1985).
الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية : دراسة في الإدراك والكرامة (منظمة التحرير الفلسطينية، تونس 1987؛ المطبعة الفنية، القاهرة 1988؛ الهيئة العامة للكتاب، القاهرة 2000).
افتتاحيات الهادئ: تأليف ستيفن سوندايم وجون ويدمان (ترجمة بالاشتراك) (وزارة الإعلام، سلسلة المسرح العالمي، الكويت 1988).
الاستعمار الصهيوني وتطبيع الشخصية اليهودية : دراسات في بعض المفاهيم الصهيونية والممارسات الإسرائيلية (مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت 1990).
هجرة اليهود السوفييت : منهج في الرصد وتحليل المعلومات (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 1990).
الأميرة والشاعر : قصة للأطفال (الفتى العربي، القاهرة 1993).
الجمعيات السرية في العالم : (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 1993).
إشكالية التحيز : رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد (تأليف وتحرير) (جزءان، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة 1993؛ جزءان، واشنطن 1996؛ سبعة أجزاء؛ القاهرة 1998).
أسرار العقل الصهيوني : (دار الحسام، القاهرة 1996).
الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ : رؤية حضارية جديدة (دار الشروق، القاهرة 1997 ـ 1998 ـ 2001).
من هو اليهودي؟ : (دار الشروق، القاهرة 1997 ـ 2001).
موسوعة تاريخ الصهيونية : (ثلاثة أجزاء، دار الحسام، القاهرة 1997).
اليهود في عقل هؤلاء : (دار المعارف، سلسلة اقرأ، القاهرة 1998).
اليد الخفية : دراسة في الحركات اليهودية، الهدامة والسرية (دار الشروق، القاهرة 1998؛ الهيئة العامة للكتاب، القاهرة 2000؛ دار الشروق 2001).
موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية : نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات، دار الشروق، القاهرة 1999).
فكر حركة الاستنارة وتناقضاته : (دار نهضة مصر، القاهرة 1999).
قضية المرأة بين التحرر والتمركز حول الأنثى : (دار نهضة مصر، القاهرة 1999).
نور والذئب الشهير بالمكار : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 1999).
سندريلا وزينب هانم خاتون : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 1999).
رحلة إلى جزيرة الدويشة : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2000).
معركة كبيرة صغيرة : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2000).
سر اختفاء الذئب الشهير بالمحتار : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2000).
العلمانية تحت المجهر : بالاشتراك مع الدكتور عزيز العظمة (دار الفكر، دمشق 2000).
رحلتي الفكرية ـ في البذور والجذور والثمار : سيرة غير ذاتية غير موضوعية (الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة 2001).
الأكاذيب الصهيونية من بداية الاستيطان حتى انتفاضة الأقصى : (دار المعارف، سلسلة اقرأ، القاهرة 2001).
الصهيونية والعنف من بداية الاستيطان إلى انتفاضة الأقصى : (دار الشروق، القاهرة 2001).
فلسطينيةً كانت ولم تَزَلِ : الموضوعات الكامنة المتواترة في شعر المقاومة الفلسطيني (نشر خاص، القاهرة 2001).
قصة خيالية جداً : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2001).
العالم من منظور غربي : (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 2001).
الجماعات الوظيفية اليهودية: نموذج تفسيري جديد (دار الشروق، القاهرة 2001).
ما هي النهاية؟ : قصة للأطفال - بالاشتراك مع الدكتوره جيهان فاروق (دار الشروق، القاهرة 2001).
قصص سريعة جداً : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2001).
من الانتفاضة إلي حرب التحرير الفلسطينية : أثر الانتفاضة على الكيان الإسرائيلي (عدة طبعات: القاهرة ـ دمشق ـ برلين ـ نيويورك ـ نشر إلكتروني، 2002م).
أغنيات إلى الأشياء الجميلة : ديوان شعر للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2002).
انهيار إسرائيل من الداخل : (دار المعارف، القاهرة 2002).
الإنسان والحضارة والنماذج المركبة : دراسات نظرية وتطبيقية (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 2002).
مقدمة لدراسة الصراع العربي ـ الإسرائيلي : جذوره ومساره ومستقبله (دار الفكر، دمشق 2002).
الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان : (دار الفكر، دمشق 2002).
اللغة والمجاز : بين التوحيد ووحدة الوجود (دار الشروق، القاهرة 2002).
العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة : (جزءان، دار الشروق، القاهرة 2002).
أغاني الخبرة والحيرة والبراءة : سيرة شعرية، شبه ذاتية شبه موضوعية (دار الشروق، القاهرة 2003).
الحداثة وما بعد الحداثة : بالاشتراك مع الدكتور فتحي التريكي (دار الفكر، دمشق 2003).
البروتوكولات واليهودية والصهيونية : (دار الشروق، القاهرة 2003).
الموسوعة الموجزة : (مجلدان، دار الشروق، القاهرة 2003).
الأعمال المنشورة باللغة الإنجليزية
A Lover from Palestine and Other Poems (Palestine Information Office, Washington D.C., 1972
Israel and South Africa: The Progression of a Relationship (North American, New Brunswick, N.J., 1976;
Second Edition 1977; Third Edition, 1980; Arabic Translation, 1980).
The Land of Promise: A Critique of Political Zionism (North American, New Brunswick, N.J., 1977(.
Three Studies in English Literature: (North American, New Brunswick, N.J., 1979(.
The Palestinian Wedding: A Bilingual Anthology of Contemporary Palestinian Resistance Poetry (Three Continents Press, Washington D.C., 1983).
A Land of Stone and Thyme: Palestinian Short Stories (Co-editor) (Quartet, London, 1996).
الأعمال المترجمة :
صهيونيسم: ترجمة لواء رودباري، ترجمة إلى الفارسية لكتاب موسوعة تاريخ الصهيونية (طهران، مؤسسة جاب وانتشارات، جمهورية إيران الإسلامية، 1994).
Israel-Africa Do Sul: A Marcha Deum Relacionamento ترجمة إلى اللغة البرتغالية لكتاب إسرائيل وجنوب أفريقيا: تطور العلاقة بينهما (ريو دي جانيرو، البرازيل، 1978).
Daha kapsamli ve aciklazici bir sekularizm paradigmasina dogru: Modernite, ickinlik ve cozulme iliskisi uzerine bir calisma ترجمة إلى اللغة التركية لدراسة طويلة باللغة الإنجليزية بعنوان «نحو نموذج أكثر شمولية وتركيباً للعلمانية»، نُشرت موجزة في كتاب عن العلمانية في الشرق الأوسط Secularism in the Middle East, ed. John Esposito and Azzam al-Tamimi, (Hurst, London, 2000. (استانبول، تركيا، 1997).
وقد تُرجمت العديد من المقالات التي كتبها الدكتور المسيري إلى لغات أخرى مثل الفرنسية والبهاسا.
دراسات عن أعمال المؤلف
ندوة عن الكتابات الفكرية: (أي التي لا تتناول موضوع الصهيونية) في لندن (12 يناير 1998).
مجلة الجديد (عمان، ملف خاص، شتاء عام 1998 ـ العدد العشرين).
ندوة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة عن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (29 ـ 31 مارس 2000).
في عالم عبد الوهاب المسيرى كتاب حواري، قام بتحريره د. أحمد عبد الحليم عطية (أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة) حول أعمال المؤلف، اشترك فيه عدة مفكرين من بينهم: محمد حسنين هيكل ـ محمود أمين العالم ـ محمد سيد أحمد ـ جلال أمين (يناير 2004).

شهادات تقدير وجوائز محلية ودولية
شهادة تقدير من رابطة المفكرين الإندونسيين (1994).
شهادة تقدير من جامعة القدس بفلسطين المحتلة (1995).
شهادة تقدير من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا (1996) .
(1996)(بالإنجليزية: International Educators' Hall of Fame).
شهادة تقدير من نقابة أطباء القاهرة (1997).
شهادة تقدير من محافظة البحيرة (1998).
شهادة تقدير من اتحاد الطلبة الإندونسيين (1999).
شهادة تقدير من كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات عن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (1999).
شهادة تقدير من جريدة آفاق عربية بالقاهرة (1999).
شهادة تقدير من مؤتمر أدباء البحيرة (1999).
جائزة سوزان مبارك لأحسن كاتب لأدب الطفل (2000).
جائزة أحسن كتاب، معرض القاهرة الدولي للكتاب: عن كتاب رحلتي الفكرية (2001).
شهادة تقدير من منظمة فتح الفلسطينية (2001).
جائزة سلطان العويس بالإمارات العربية المتحدة عن مجمل الإنتاج الفكري (2002).
شهادة تقدير من مؤتمر أدباء مصر السابع عشر في الإسكندرية (2002).
شهادة تقدير من نقابة الأطباء العرب (2003).
جائزة سوزان مبارك أحسن كاتب لأدب الطفل (2003)
جائزة أستاذ الجيل من جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي الخامسة بمملكة البحرين (2007)
مقالات في الجرائد والمجلات والحوليات
كتب الدكتور المسيري شتى المقالات باللغتين العربية والإنجليزية : الأهرام ـ الحياة ـ الشرق الأوسط ـ الشعب ـ منبر الشرق ـ الإنسان ـ قراءات سياسية ـ شئون فلسطينية ـ العربي .
New York Times - Journal of Arabic Studies - Journal of Palestine Studies - Al-Ahram Weekly, etc. وفي جرائد ومجلات وحوليات عربية وبريطانية وأمريكية أخرى.
من أقواله
««إنّ الايمان لم يولد داخلي إلا من خلال رحلة طويلة وعميقة، إنه إيمان يستند إلى رحلة عقلية طويلة ولذا فانه إيمان عقلي لم تدخل فيه عناصر روحية فهو يستند إلى عجز المقولات المادية عن تفسير الإنسان وإلى ضرورة اللجوء إلى مقولات فلسفية أكثر تركيبية»»
««إن الطبيعة الوظيفية لاسرائيل تعني أن الاستعمار اصطنعها لتقوم بوظيفة معينة فهي مشروع استعماري لا علاقة له باليهودية»»
الجملتان من تقرير نشر بوكالة أنباء الشرق الأوسط بعد وفاة المسيري[1]
««كما أن أي إنسان ثوري لا يمكن إلا أن يؤمن بالعقل التوليدي القادر على تجاوز الواقع المادي القائم» (من كتاب رحلتي الفكرية)»
"المثقف .. لابد ان يكون في الشارع" في أحد المقابلات الصحفية
وفاته
توفي فجر يوم الخميس 29 جمادى الآخرة 1429 هـ الموافق 3 يوليو/تموز 2008 بمستشفى فلسطين بالقاهرة عن عمر يناهز السبعين عاما بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وشيعت جنازته ظهرا من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة. وشارك في صلاة الجنازة آلاف المصريين، إضافة إلى عشرات العلماء والمفكرين، وعلى رأسهم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والمفكر المصري المعروف فهمي هويدي والدكتور محمد سليم العوا والداعية عمرو خالد.




كان الدكتور عبد الوهاب المسيري في مقدمة المفكرين العرب والمسلمين الذين عملوا على إنجاز مشروعهم الثقافي والفكري. والمتتبع لكتابات المسيري المختلفة يجد هذا المشروع متميزا، ويعبر عن اتجاه جديد في الفكر العربي والإسلامي المعاصرين.
وما يميز أطروحات المسيري هو زعزعتها للمعتاد من الأفكار، والتزامها منهجا جديدا في مقاربة مختلف الإشكالات التي تؤرق الفكر العربي والإسلامي، يضاف إلى ذلك الاستقلال الذي يتميز به جهازه المفاهيمي، والجدة الذي تطبع معجمه المصطلحاتي.
ولا شك أن العمل الإسلامي أثناء نقده للنموذج الغربي كان يعتمد بدرجة كبيرة على ما يكتبه في إطار هذه المدرسة أو تلك؛ وهي كتابات في معظمها لم تستطع نقد هذا النموذج من الداخل وبشكل عميق. وقد احتاج الأمر إلى انتقال مجموعة من الفعاليات الفكرية إلى أرضية الإسلام كي تستثمر تجربتها الطويلة مع المرجعيات الغربية بشقيها الاشتراكي والرأسمالي، من أجل توظيفها في عملية تطوير الخطاب الإسلامي.
ومن أبرز هؤلاء الفلسطيني منير شفيق والعراقيين عادل عبد المهدي وفاضل رسول والمصريين عادل حسين وعبد الوهاب المسيري واللبنانيين حسن الضيقة وسعود المولى ووجيه كوثراني..
وانتقال المسيري من المرجعية المادية إلى المرجعية الإسلامية قد منح الخطاب الإسلامي المعاصر أدوات ومناهج جديدة في نقد النموذج الغربي. ويمكن اعتبار المسيري مكسبا من مكاسب العمل الإسلامي بشكل عام؛ لأن نقد المفكر الموسوعي يتميز بالعمق والدقة؛ فهو صادر من رجل اختبر أبرز الأرضيات الفكرية قبل أن ينتقل إلى أرضية الفكر الإسلامي.
وكان المسيري يرفض أن يصنف كمتخصص في الدراسات الصهيونية؛ لأن المشكلة في العالم العربي، كما صرح بذلك، أن التصنيف لا يتم حسب المنهج والاتجاه الفكري، وإنما حسب الموضوع الذي يكتب فيه.
في ذي الحجة 1427هـ/يناير 2007م تولى الدكتور عبد الوهاب المسيري منصب المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، وهي الحركة المعارضة لحكم الرئيس حسني مبارك، والساعية لإسقاطه من الحكم بالطرق السلمية ومعارضة تولي ابنه جمال مبارك منصب رئيس الجمهورية من بعده.
التحول الفكري
يمكن القول إن تجربة عبد الوهاب المسيري واحدة من أهم تجارب التحول الفكري في النصف الأخير من القرن الماضي. ويمكن استيعاب ذلك مع الإشارة إلى الحجم الفكري للمسيري، وطبيعة الاتجاهات الواقعية التي يعبر عنها. فالمسيري صاحب إنتاج فكري متنوع وغزير، وهو مساهم أساسي في ابتكار المنظومات والمفهومات الفكرية في الوقت الراهن، كما أنه يمثل ظاهرة احتجاجية فريدة من نوعها على المستوى السياسي والثقافي.
ومن أهم الملامح التي تمثلها شخصية المسيري الفكرية عشرة ملامح، منها الأصالة التي تستصحب ممارسة حداثية فاعلة، تؤمن بأن القديم لا يموت كله. وهناك النقد الذاتي المتجدد وديمومة التفاعل والتجلي؛ وهو ما يعبر عنه التحول الفكري الذي قطعه المسيري نحو الإيمان. وكذلك أبعاد الموسوعية والإحاطة العلمية عند المسيري، حيث أسهم في النقد الأدبي والفلسفة وتحليل الخطابات، وبحث في مختلف القضايا المعاصرة، وسيرته الفكرية تختلط فيها الاجتماع بالاقتصاد والفلسفة والفن وغير ذلك.
موسوعة اليهود واليهودية
هي عمل موسوعي ضخم قام على إعداده وتقديمه الدكتور عبد الوهاب المسيري وذلك في 8 مجلدات كبيرة الحجم. والموسوعة عن الأحوال الاجتماعية والسياسية التي صاحبت الجماعات اليهودية منبداية التاريخوحتى العصر الحديث. وتناول الدكتور عبد الوهاب المسيري كافة الشئون الحياتية لهذه الجماعات منذ العبرانيين وانتهاء بدولة إسرائيل، وذلك بالتركيز على أحوال هذه الجماعات في البلدان التي تواجدوا فيها ودراسة الظروف المحيطة بهم، كما تضمنت الموسوعة دراسة الشخصيات التي أثرت في التاريخ اليهودي من غير اليهود من أمثال نابليون بونابرت وهتلر، وتطرقت أيضا إلى شعائر الديانة اليهودية وتأثرها بالديانات المختلفة.
ويهدف هذا العمل الموسوعي إلى وجود دراسة ورؤية تاريخية واضحة تقوم على أسس علمية سليمة وصحيحة تقوم على الحياد لمعرفة التاريخ اليهودي بشتى أنحاء العالم في إطار التاريخ الإنساني، ووضع تعريف دقيق لكافة المصطلحات والمفاهيم والأعراف السائدة والتأريخ لها من وجهة نظر جديدة مختلفة عما طرح في الماضي وكذلك النظر من مداخل أكثر مما يساعد على تقريب وتوضيح الصورة حول الجماعات اليهودية أكثر من ذي قبل.
وتتكون الموسوعة من 7 مجلدات متوسط صفحات المجلد الواحد منها نحو 450 صفحة، كل مجلد يتناول موضوعا منفردا. المجلد الأول يضم الإطار النظري الخاص بالموسوعة وقضايا المنهج، والمجلدات من الثاني إلى الرابع تتناول موضوع الجماعات اليهودية، ويتناول المجلد السادس الصهيونية، والمجلد السابع يتناول إسرائيل.
يضم كل مجلد عدة أجزاء في حين يحتوي الجزء على أكثر من باب وللباب عدة مداخل. ويبلغ عدد مداخل الموسوعة قرابة 2300 مدخل.



مواقف للمسيري من قضية بروتوكولات حكماء صهيونية ونظرية المؤامرة اليهودية



أكد المفكر الإسلامي د. عبد الوهاب المسيري مؤلف موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" أن كتاب "برتوكولات حكماء صهيون" الذي يثبت أن اليهود خططوا للهيمنة على العالم وثيقة مزيفة ليست يهودية، موضحاً أن إصرارنا على نسبتها لليهود يأتي في إطار "فكر المؤامرة" التي تسيطر علينا وتفسر الواقع من خلال حقيقة أن هناك مؤامرة تُحاك ضدنا، وأن اليهود وراء كل ما يحدث لنا من مشاكل.
وقال المسيري في ندوة عقدت بمقر شبكة "إسلام أون لاين.نت" بالعاصمة المصرية القاهرة السبت 11-1-2003 حول كتابه الصادر مؤخراً "البرتوكولات واليهودية والصهيونية": "أي قراءة لنصوص البرتوكولات تبين على الفور أنها ليست يهودية، وأن كاتبها غير يهودي".
وأكد المسيري أن الإيمان بالبرتوكولات شرك بالله؛ لأنها تعطي لليهود صفة الآلهة وأنهم قادرون على فعل كل شيء. وأشار المسيري إلى أن من بين ما جاء في البرتوكولات ويضفي على اليهود صفة الإله المتحكم والمسيطر في كل شيء النص التالي: "نحن أقوياء جداً، فعلى العالم أن يعتمد علينا وينيب إلينا، والحكومات لا يمكنها أن تبرم أية معاهدة ولو صغيرة دون أن نتدخل فيها سراً".
ويقول المسيري: إن الإيمان بما جاء في البرتوكولات عملياً مضرٌّ وغير مفيد لنا، موضحاً أن الإيمان بصحة ما جاء في البرتوكولات يقود مجتمعاتنا وشعوبها إلى الكسل الفكري، ويجعلنا غير قادرين على رؤية الواقع والآخر ورؤية مشاكلنا نحن بصورة صحيحة؛ "فالبرتوكولات توحي لنا أن اليهود وراء كل شيء يحدث لنا".
ويضيف أن ذلك يجعلنا نغفل عن حقيقة أن الولايات المتحدة هي الداعم الأكبر لإسرائيل "فمنذ عام 1973 حتى الآن قدمت واشنطن لإسرائيل مبالغ تصل قيمتها إلى حوالي 1600 مليار دولار أمريكي".
ويرى المسيري أن الإيمان بالبرتوكولات يبث الرعب في قلوبنا؛ فيجعلنا نخسر أي مواجهة حربية مع "اليهود" قبل أن تقوم؛ لأن البرتوكولات تصف اليهود بقدرات خرافية لا أمل لنا في مواجهتها، وأعطى مثالا على ذلك قائلاً: "تخيلوا أن استشهاديا فلسطينيا يتوجه إلى مستوطنة يهودية لتنفيذ عملية فدائية وتذكّر القدرات الخرافية التي تدّعي البرتوكولات أنها موجودة في اليهود فهل سينفذ العملية؟؟.. سيعود ولن ينفذ العملية بالطبع… الإيمان بالبرتوكولات يصب في مصلحة إسرائيل".




وأشار المسيري إلى أن الإيمان بالبرتوكولات يجعلنا نؤسس عقيدة الجهاد على أساس كره اليهود، ويرى أن الواجب أن نؤسس عقيدة الجهاد على أساس مواجهة الظلم "فمن يظلمنا نجاهده"، موضحاً أن تأسيس الجهاد على أساس الكره "سيجعلنا نكرة اليهود اليوم والمسيحيين غدًا ونكره من لا يتفق معنا بعد غد".
ويرى أن تأسيس جهادنا ضد اليهود على أساس دفع الظلم أفضل لنا من تأسيسه على أساس الكره؛ فـ"نحن بهذا التوجه نستطيع أن نتحد مع الأطراف العلمانية والقومية التي تحارب ظلم اليهود لا أن نجاهدهم وحدنا".
ويشير المسيري إلى أن كره اليهود يصب في إطار مصلحة الصهيونية التي اعتبر أنها حركة معادية لليهود أرادت تخليص أوروبا منهم ودفعهم إلى فلسطين.
وأوضح المسيري أن البرتوكولات كتبت باللغة الروسية، موضحاً أن يهود روسيا كانوا لا يعرفون الروسية، وأنهم كانوا يتحدثون اللغة "الليدشية"، وقال: "أي جماعة سرية تريد أن تكتب أسرارا فليس من المعقول أن تكتبها بلغة يعرفها الكثير من البشر مثل الروسية فلماذا لم تكتبها بلغتها الليدشية؟‍".
ويشير المسيري إلى أن الرأي السائد في الأوساط العلمية الآن أثبت أن البرتوكولات أُخذت من كتيب فرنسي لا علاقة له باليهود كتبه صحفي يدعى "موريس جولي" يسخر فيه من نابليون الثالث بعنوان "حوار في الجحيم بين ميكافيللي ومونتسيكو أو السياسة" في القرن التاسع عشر.
وأكد المسيري أن ما جاء في وثيقة برتوكولات صهيون شيء مضحك، مشيراً إلى أن من بين ما جاء فيها ما يزعم أن اليهود هم الذين قاموا بكل الثورات، ومن ضمنها الثورة الفرنسية، وما يزعم أن اليهود هم مؤسسو الرأسمالية والاشتراكية "فهل هذا يعقل؟".
ويرى المسيري أن نبرة وأسلوب كتابة البرتوكولات يدلان على أن هناك جهة ما كتبتها وأرادت أن تنسبها لليهود، وقال: "من أسلوب كتابتها التأكيد على تعبير (نحن اليهود) فعلنا كذا وكذا".


رفض الكاتب المصري الدكتور عبد الوهاب المسيري فكرة "المؤامرة الصهيونية على العالم"؛ إذ ينطلق في دراساته لما يصفه بالظاهرة الصهيونية من قراءة أبعادها المتعددة، ويسعى إلى إضفاء الصفة البشرية على أعضاء الجماعات اليهودية وفقا لوكالة "رويترز" للأنباء.
وفي مقابلة مع "رويترز" نفى المسيري مقولة "المؤامرة اليهودية العالمية" قائلا إنها أكذوبة "تلائم معظم الأطراف فإسرائيل تستفيد كثيرا من هذا الفكر التآمري؛ لأنه يضفي عليها من القوة ما ليس لها، ويجعلها تكسب معارك لم تخضها، كما تفسر الحكومات الأمريكية المختلفة للزعماء العرب عجزها عن مساعدة الحق العربي بتعاظم النفوذ الصهيوني في الكونجرس".
وتابع "كما تفسر الحكومات العربية تخاذلها وهزيمتها على أساس (هذه) الأسطورة المريحة، وبالتالي يجد كل أطراف الصراع تفسيرا يبدو معقولا ومقبولا لوضعه أمام نفسه وأمام جماهيره".
وأصدر المسيري عددا من الدراسات عن إسرائيل خلال 30 عاما، وصدرت له مؤخرا موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية) عن (دار الشروق) بالقاهرة و(مركز زايد للتنسيق والمتابعة) بدولة الإمارات العربية ويضمها مجلدان في نحو 1055 صفحة. وكان المسيري أصدر موسوعة بالعنوان نفسه عام 1999 في 8 أجزاء.
مخطط وليس مؤامرة
وقال المسيري: "إنه حتى ممارسات إسرائيل في فلسطين والاحتلال الأمريكي للعراق ليس مؤامرة ولكنه مخطط يستخدم القابلية للمؤامرة في تنفيذ إستراتيجياته". وتابع "هذا النمط متكرر داخل الفكر العنصري الغربي"، وشدد على ضرورة التعامل مع الجماعات اليهودية كبشر لا شياطين حتى يمكن "دراستهم وفهمهم والتمييز بين الخير والشر فيهم".
وأضاف أنه من السذاجة افتراض وحدة وتجانس أعضاء الجماعات اليهودية "وأنهم يتسمون بالشر والرغبة في التدمير، وأن سلوكهم تعبير عن مخطط جبار وضعه العقل اليهودي الذي يخطط ويدبر منذ بداية التاريخ لتخريب النفوس حتى تزداد الشعوب ضعفا بينما يزدادون قوة".
وتابع "هذه النظرة القاصرة تحملهم (اليهود) المسؤولية في كل الأزمنة عن كل الشرور من إراقة دم المسيح إلى الضغط على الإمبراطورية البريطانية لتصدر وعد بلفور وضرب المفاعل الذري العراقي وغزو لبنان وقمع الانتفاضة".
وقال: "إن الإيمان بأن اليهود وحدة صلبة متماسكة لا تقهر أو بأن إلحاق الهزيمة بهم في حكم المستحيل فكرة تروج لها الدعاية الصهيونية الواعية والدعاية المعادية لليهود غير الواعية".
مثل الشيطان
ونقلت "رويترز" السبت 22-5-2004 عن المسيري أن "الوثيقة المسماة (بروتوكولات حكماء صهيون) يكمن وراءها مفهوم يصور اليهود على أنهم شياطين"، وتابع "هذه فكرة تفترض وحدة اليهود عبر التاريخ وأنهم يمتلكون قوة سحرية تماما مثل الشيطان؛ ولذا فهم لا يقهرون أو لا يمكن قهرهم إلا باللجوء إلى الحلول السحرية؛ إذ لا يهزم السحر إلا السحر كما لا يمكن هزيمة الشياطين بالجهد البشري العادي.. جهادا كان أو اجتهادا".
وأوضح أن معظم المتدينين في إسرائيل "ليسوا متدينين ومعظم العلمانيين ليسوا علمانيين وأن هناك فريقا صغيرا من اليهود يرفضون الدين اليهودي ولا يقبلون الصهيونية، أو يقبلون صيغة صهيونية يمكن تصنيفها على أنها صيغة علمانية وهم يمثلون جماعات صغيرة مثل حركة حقوق المواطن و(الناشط من أجل السلام) أوري أفنيري".
وقال: إنه لا يمكن الرهان على هؤلاء في الصراع العربي الإسرائيلي، مشددا على أن يكون الرهان "على الولايات المتحدة بأن نرهقها باستنزاف إسرائيل حتى تسحب تأييدها لها". وتابع: "إسرائيل مثل كل المجتمعات الاستيطانية في التاريخ تكتسب أسباب بقائها من خارجها".
وأشار إلى أن "صيغة الانتفاضة تحقق هذا الاستنزاف (لإسرائيل) حيث اعترف (المحلل العسكري الإسرائيلي مارتن) فان كريفلد بوجود مأزق إسرائيلي في حالة نجاح المقاومة الفلسطينية أو فشلها".