الخميس، 21 أكتوبر 2010

آداب الحوار والمناظرة عند الأقدمين...فهل نتعلم؟

إعداد سعود المولى
قال الكفوي في الكليات: "المناظرة هي النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهاراً للصواب. والمجادَلة:هي المنازعة في المسألة العلمية لإلزام الخصم سواء كان كلامه في نفسه فاسداً أم لا. وإذا علم بفساد كلامه، وصحة كلام خصمه فنازعه فهي المكابرة، ومع عدم العلم
بكلامه وكلام صاحبه فنازعه فهي المعاندة، وأمّا المغالطة: فهي قياسٌ مركّب من
مقدمات شبيهة بالحق، ويسمى سفسطة، أو شبيهة بالمقدمات المشهورة، ويسمى مشاغبة،
وأما المناقضة ـ في علم الجدل ـ فهي منع مقدمة معينة من الدليل إما قبل تمامه
وإما بعده. والمعارضة هي في اللغة عبارة عن المقابلة على سبيل الممانعة
والمدافعة." (الكليات:معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي،مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1998).

وقد أورد ابن وهب الكاتب (أبي الحسين إسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب) في كتابه (البرهان في وجوه البيان) ( تقديم وتحقيق حفني محمد شرف، القاهرة، مكتبة الشباب، 1969)
مبادىء القدماء في (أدبيات الحوار) أو (أدب الجدل) ، وهذه أهمها:
1ـ على المرء ألا يفرط في الإعجاب برأيه، وما تسوّل لـه نفسه، حتى يُفضي بذلك
إلى نصحائه، ويلقيه إلى أعدائه فيصدقونه عن عيوبه، ويجادلونه. ويقيمون الحجة
عليه فيعرف مقدار ما في يده إذا خولف فيه.‏
2ـ أن يكون منصفاً غير مكابر؛ لأنه إنما يطلب الإنصاف من خصمه، ويقصده بقوله
وحجته. فإذا طلب الإنصاف بغير الإنصاف فقد طلب الشيء بضده.‏
3ـ أن يتجنب الضجر وقلة الصبر، لأن عمدة الأمر في استخراج الغوامض، وإثارة
المعاني، وعماد كل ذلك الصبر على التأمل والتفكر.‏
4ـ وأن يحلم عما يسمع من الأذى والنبز.‏
5ـ أن يتحرز من مغالطات المخالفين، ومشبهات المموهين.‏
6ـ وألا يشغب إذا شاغبه خصمه، ولا يرد عليه إذا أربى في كلامه، بل يستعمل
الهدوء والوقار، ويقصد مع ذلك، لوضع الحجة في موضعها.‏
7ـ وألا يستصغر خصمه، ولا يتهاون به، وإن كان الخصم صغير المحلّ في الجدال، فقد
يجوز أن يقع لمن لا يؤبه به لـه الخاطر الذي لا يقع لمن هو فوقه في الصناعة.‏
8ـ وأن يصرف همته إلى حفظ النكت التي في كلام خصمه مما يبني منها مقدماته
ويُنتج منها نتائجه، ويصحح ذلك في نفسه، ولا يشغل قلبه بتحفظ جميع كلام خصمه،
فإنه متى اشتغل بذلك أضاع ما هو أحوج إليه منه.‏
9ـ وألا يجيب قبل فراغ السائل من سؤاله، ولا يبادر بالجواب قبل تدبره، واستعمال
الروية فيه.‏
10ـ وأن يعتزل الهوى فيما يريد إصابة الحق فيه، فإن الله، عز وجل، يقول: (ولا
تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله).‏
11ـ وألا يجادل ويبحث في الأوقات التي يتغير فيها مزاجه ويخرج عن الاعتدال؛ لأن
المزاج إذا زاد على حد الاعتدال في الحرارة كان معه العجلة، وقلة التوقف، وعدم
الصبر، وسرعة الضجر، وإذا زاد في البرودة على حال الاعتدال أَوْرَث السهو
والبلادة، وقلة الفطنة، وإبطاء الفهم, وقد قال جالينوس: إن مزاج النفس تابع
لمزاج البدن.‏
12ـ وألا يستعمل اللجاج والمَحْك، فإن العصبية تغلب على مستعملها فتبعده عن
الحق وتصده عنه.‏
13ـ وأن يتجنب العجلة، ويأخذ بالتثبت، فإن مع العملِ الزلل.‏