كان على الحركة الصفوية ورجال الدين المرتبطين بها أن يعملوا كل ما من شأنه التوفيق بين القومية الإيرانية والدين الإسلامي، ولتبدو الوطنية والقومية الإيرانية بوشاح ديني أخضر ، وفي هذا الصدد أعلن بين عشية وضحاها أن الصفويين– أحفاد الشيخ صفيّ – هم (سادةٌ) من حيث النسب 6/6 أي أحفاد للنبي محمد! وتحول المذهب الصوفي فجأة إلى مذهب شيعي، وصار الفقيه والمحدث بدائل عن المرشد والبديل ، وتلبس الصفويون بلباس ولاية علي ونيابة الإمام والانتقام من أعداء أهل البيت .. وفي ظل كل هذه المحاولات كان الهدف الأصلي هو إضفاء طابع مذهبي على الحالة القومية ، وبعث القومية الإيرانية وإحياؤها تحت ستار الموالاة والتشيع . في ضوء ذلك يمكن أن نفهم سر تركيز أجهزة الدعاية الصفوية على نقاط الإثارة والاختلاف إلى نقاط خلاف أو يفرغها عن قدرتها على أن تكون أرضية صلبة لموقف مشترك بين الفريقين .. وكنتيجة لهذا الفصل المذهبي حصل فصل اجتماعي وثقافي تبعه فصل على الصعيدين القومي والسياسي وبشكل بارز جداً .
لقد حرصت الحركة الصفوية على تعطيل أو تبديل الكثير من الشعائر والسنن والطقوس الدينية وإهمال العديد من المظاهر الإسلامية المشتركة بين المسلمين . جدير ذكره أن مراسيم اللطم والزنجيل والتطبير وحمل الأقفال دخيلة على المذهب وتعتبر مرفوضة من وجهة نظر إسلامية ولم تحظ بتأييد العلماء الحقيقيين بل أن كثيراً منهم عارضوها بصراحة لأنها لا تنسجم مع موازين الشرع ، مع ذلك فإنها مازالت تمارس على قدم وساق منذ قرنين أو ثلاثة ، مما يثير الشكوك أكثر حول منشئها ومصدر الترويج لها ، ويؤكد أن هذا المراسيم تجري بإرادة سياسية لا دينية وهذا هو السبب في ازدهارها وانتشارها على الرغم من مخالفة العلماء لها ، وقد بلغت هذه المراسيم من القوة والرسوخ بحيث أن كثيراً من علماء الحق لا يتجرأون على إعلان رفضهم لها ويلجأون إلى التقية في هذا المجال!!