لقد درج نفر من أبناء الطائفة الدرزية في لبنان على حشر أنفسهم في الشأن السوري، يدفعهم الى ذلك منافع شخصية ضيقة، فهؤلاء كما يحاولون شق الطائفة في لبنان، خدمة لأجندات إقليمية‘ فهم يحاولون نقل ذلك إلى الطائفة في سورية. نريد أن نقول لهم إن بضاعتكم فاسدة ولن تجد من يشتريها من الشعب السوري الذي ينشد حريته وكرامته، وهي مردودة على صانعيها ومسوقيها في آن معاً.
إن توريط مشايخ من طائفة الموحدين الدروز في لبنان في زواريب السياسة ومستنقعاتها أمر غير محمود وغير مسبوق، ولم يعوّدنا أصحاب العمائم البيضاء الظهور على عتبات السلطان وذلك حفاظاً على نقاوة وطهرية عمائمهم ومواقفهم، وليبقوا على مسافة تمكنهم من القيام بدورهم كـ"مصلاح خير" عند اللزوم.
ولكن زيارة المشايخ الأفاضل إلى سورية فعلت غير ذلك، فقد أريد لهم أن يحشروا في لعبة التكاذب، ما ينسف أول ركن في العقيدة: الصدق، ويصب الزيت على النار المشتعلة في سورية، والتي يراد لها أن تكون طائفية ليستقيم لمشعليها استمرار القتل، ويحرّض على الشحن الطائفي، في لعبة دنيئة مستمرة منذ عدة عقود، يحتقرها الشعب السوري وينبذها.
نريد أن نذكّر أهلنا في لبنان أن اللعبة الطائفية لم تكن من مفردات طائفة الموحدين الدروز في سورية يوماً من الأيام، لا بل كانت الطائفة رائدة في جمع الكلمة حول وحدة الأرض السورية ووحدة الشعب السوري وتعايش طوائفه ودياناته وقومياته بعيداً عن الأغراض الصغيرة والمرامي الكيدية للبعض، وكان شعار "الدين لله والوطن للجميع" الذي رفعته الثورة السورية1925 الراية التي انضوى تحتها جميع السوريين وما زالوا. وإذا أبطن البعض غير ذلك وما زال يذكي الفتنة الطائفية ويؤججها إلى اليوم، فالطائفة الدرزية في سورية لا ولن تربط مصيرها بمصيرهم.
إننا لا نبتغي تعليم أحد ما يجب أن يفعله ببلده، ولا نريد ان ننوه عن عدم النضوج السياسي للبعض من إخوتنا في لبنان وعدم تحررهم من التبعية؛ ولكننا نؤكد أننا لا نرغب بتلقي دروس فيما علينا أن نفعله ببلدنا، فنحن ناضجون كفاية لتدبر أمورنا، أما للذي يظهر علينا بين حين وآخر ليؤسس ميليشيا طائفية على غرار ما يقوم به في لبنان خدمة لشياطين الطائفية عبر وسائل رخيصة وخطاب رذيل وبذاءة موصوفة، فلا بد له من أن يسقط في شر أعماله.
إننا نهيب بمشايخنا الأفاضل وهيآتنا الروحية أن ينأوا بأنفسهم عن المزالق التي يحاول أن يوقعهم بها المشتغلون على الصغائر. وأن يشفقوا على نزاهة العقيدة من ارتكاب الخطأ أو التحريض على الفتنة والقتل، فهذه العمائم يجب أن تبقى بيضاء نقية كنقاء عقيدتهم وبياض قلوبهم. وليتحمل أصحاب المآرب وحدهم عواقب أفعالهم.