الأحد، 26 أغسطس 2012
بيان السيدين وخزعبلات التفوق
سناء الجاك – ملحق النهار- الأحد 26 آب 2012
بين مواقف "حزب الله" التي تصدر بشكل رسمي في خطب أمينه العام السيد حسن نصر الله، وبيان السيدين محمد حسن الامين وهاني فحص مسافات ومساحات. واذ يطيب لبعض المحللين المجتهدين ان يُنذروا من لم يفهم بعد، ان هناك من بدأ جدياً بالعمل لتكريس انفلات كامل وشامل للوضع في لبنان، نجد ان السيدين يدعوان أبناء الطائفة الشيعية إلى "الانسجام مع أنفسهم في تأييد الانتفاضات العربية والاطمئنان إليها والخوف العقلاني الأخوي عليها، وخاصة الانتفاضة السورية المحقة".
هناك من يقول للبنانيين ان ما شهدناه حتى ساعتنا من آل المقداد و"كتيبة المختار الثقفي" سيصبح نسمة ربيعية امام ما يمكن ان نشهده ويشهده مناصرو المعارضة السورية سواء على صعيد الانظمة او الناس العاديين، سواء في لبنان او حيث تصل أيديهم ليعيثوا فتنة وفساداً، والسبب الوحيد هو تأييد النظام الأسدي المجرم لأن لمرجعية الحزب الايرانية مصلحة في ذلك.
هذه المصلحة جعلت للعشائر أجنحة ومجالس، خارج النطاق العشائري المعهود، وجعلت البشر طرائد، ووظفت فائض القوة والقدرة على التحرك وتكريس الفلتان الأمني فشة خلق محقة لعشيرة لها أجنحتها التي تحط وتطير بمعزل عن السلوكيات العشائرية الموروثة من بطون العادات العربية.
لذا لا أحد في مأمن من التداعيات، ولا حظوة لـ"الرعايا"، سواء أكانوا لبنانيين أم خليجيين أم اتراكاً أم أجانب من دول العملة الصعبة. لا تسألوا الحزب الإلهي عن الموضوع، فهو مشغول من خلال مواسم التهديد والوعيد وعرض العضلات، ببث الرعب في قلوب الصهاينة على أمل ان ينقرضوا نتيجة اصاباتهم بالجلطة او السكتة القلبية او يحفروا الارض ويكملوا ما بقي من حياتهم في سراديب مظلمة حتى لا تصيبهم الصواريخ المكدسة.
ولا يهم اذا بقي من لبنان جهاز رسمي او جيش او درك او إدارة ترضى بالعمل من تحت الدلف الى تحت المزراب.
بالطبع يستطيع حلفاء النظام السوري هذه الأيام نسف البلد ومن فيه، ما دام هناك من تجرأ وكشف مستور النظام الأسدي المجرم ومتفجراته، وحدد بالاسم المسؤولين المباشرين ومَن خلفهم، وادعى عليهم. بعد ذلك، لا بد من تكبير الخطر الاسرائيلي واستثماره واستهلاكه لتغطية الجرائم الفعلية في انتظار الخطط "أ" و"ب" و"ت". لا يهم اذا اقتصر التضخيم والكلام المكرر على المنابر للتداول الاعلامي وتحسين الصورة، في حين تتواصل العمليات الانتحارية على الأرض لتخريب البلد بغية خلط الأوراق، ويتواصل العمل حثيثاً حيث أمكن لإقحام كل العوامل لفتح كوة للنظام السوري الذي ينازع، حتى لا يخرّ صريعاً بضربة شعبه القاضية.
بعيداً من طق الحنك في شأن الأجنحة العسكرية العشائرية والخطف الذي لا يجد من يقول لمن يرتكبه: "ما أحلى الكحل في عينك"، ليس صعباً الاستنتاج ان كل ما يتحرك له مرجعيته. وليس صحيحاً ما قيل ان عمليات الخطف التي يقوم بها مجلس العشيرة خارجة على سيطرة الحزب الإلهي. فلا عفوية او ردود فعل في كل ما نشهده. يشي بذلك الشريط التي تم الترويج له وعرضه على اساس انه قنبلة الموسم لـ"معارض سوري" في "ضيافة" العشيرة المقدادية، ولم يكن الا نسخة سيئة الصنع والمضمون لما نشاهده على شاشتي "الاخبارية السورية" و"الدنيا". الصحيح ايضا ان الفتنة الطائفية تجاوزت الخطوط الحمر بين شيعة وسنّة، بفضل الاطماع الايرانية والنظام الأسدي الذي لم يوفر جريمة او مذبحة لإثارة الأحقاد والغرائز وايقاظ الشياطين واستدراجها الى ساحته، حتى يجعل مسيرة الثورة دموية قد تهدد الكيان السوري برمته، مع انه بغبائه لن ينجو منها.
في هذا الإطار ومن منطلق هذا الخوف، يأتي بيان السيدين محمد حسن الأمين وهاني فحص من باب الضرورة القصوى التي يحتاجها السنّة والشيعة معاً، حتى يصار الى سماع صوت عاقل وعادل، ربما يحسب البعض ان صوتهما قد يضيع في خضم القرف الذي يحاول فريق الاستقواء بالسلاح فرضه. لكن بين بيان السيدين وخزعبلات التفوق لشعب الله المختار، لن يصح الا الصحيح.