الأحد، 26 أغسطس 2012

أوليغارشية" ومحاصصة.. أم افضل تمثيل ممكن؟‏

عادل عبد المهدي

النظام التمثيلي ليس مجرد اغلبية واقلية تتداول السلطة.. بل الحرص ايضاً على فتح الفرص -وليس حجزها- لكل من يقف خارج التكتلات المغلقة والقوى الكبرى، وفي التقليل من الاصوات الضائعة، ومنع الواطئة -المحمية بقوائمها- ان تأخذ اصوات من يفوقها كفاءة وعدداً. فينعكس ذلك على اخلاقيات السياسيين وطرق صعودهم، واداء البرلمان وواقعه التمثيلي.. ولنمنع التطور لـ"اوليغارشية" الاحزاب الكبرى التي قد تبدأ بشرعية وتمثيلية عالية، لتفقدها بالتدريج.. فتصبح اغلبية بقوانينها فقط، عازلة نفسها عن غالبية المواطنين وتوجهاتها ومصالحها. لم نتطور بعد لنظام "اوليغارشي" بتوصيفات افلاطون وارسطو، لانتخاب الحكام من الاقلية المالكة.. او تطوراته المعاصرة لحكم العوائل او المافيات او الاحزاب المتشرنقة حول بعضها بعيداً عن حراك الشعب وواقعه. لكننا نختزن استعداداً لذلك، بعد تحول المحاصصة لعلة شبه وحيدة لحركة النظام وفاعليته. فشهية القوى الكبيرة لضمان الفوز، واستيلائها على ما يفوق حاجتها من المقاعد، يعكس الخلفية "الاوليغارشية" او "التحاصصية" التي تحكم الطبقة السياسية. فحرصاً على هذه القوى وتاريخها المشرف، والشرعية التي بنتها بدمائها الغالية واصواتها الحقيقية.. نرى اهمية مراجعة فلسفتها وخلفياتها، لتواكب التطورات. ففوز قوى والوان كبيرة ومركزة ضرورة وشرط لاي نظام ديمقراطي، لكن حضور الالوان الاخرى لا يقل اهمية. كذلك فان ضياع نسبة من الاصوات هو امر طبيعي، لكن النظام الجيد هو الذي يقلل من ذلك، لا الذي يزيده. يتحجج البعض بتجارب انظمة الحزبين.. متناسياً التاريخ الطويل لهذه الاحزاب.. وتبنيها تقاليد عمل داخلية شفافة.. وتحالفات واجنحة.. واطارات مفتوحة ومرنة، تجعلها اقرب للبرلمانات المصغرة، تسمح للكفاءات والمستقلين والاطياف المختلفة للوصول عبرها لمواقع التمثيل. تقابلها قوائمنا واحزابنا المأسورة بساحاتها.. المحجوزة بفئوياتها.. الوارثة لتقاليد فترات المعارضة.. والمغلقة على كوادرها ومنتسبيها. مما يوصد الابواب امام جزء مهم من مراكز الحراك الشعبي الايجابي والفعال ليجلس في مواقع التمثيل والتعبير. فان لم نراجع الامور وعياً، فسيصدمنا الواقع قسراً. فحسب الظرف والوقائع، لابد من توازنات صحيحة تقودنا لمرحلة اكثر نضجاً وتقدماً. توازنات تشجع –اولاً- اللملمة في احزاب وتكتلات كبرى بابعاد وطنية، وبجمهور عابر لحواجزها.. وتسمح –ثانياً- للتيارات والكفاءات والاطياف بتمثيل يحرمها منه القانون، يوازي مكانتها وتأثيراتها الاجتماعية/السياسية. فهدف الطبقة السياسية والاحزاب الكبرى –بكلماتها ذاتها- اصلاح النظام وتمثيل الشعب، كل الشعب، وليس مجرد حكم البلاد.