الأربعاء، 15 أبريل 2009

التيارات الشيعية الكويتية..التشكلات والمسارات

التيارات الشيعية الكويتية..التشكلات والمسارات

رجب الدمنهوري / 11-03-2009
الشيعة لهم حضور قوي في الكويت
تعود جذور الشيعة الذين وفدوا إلى الكويت خلال القرون الثلاثة الماضية -كما يؤرخ لذلك الباحث الكويتي الدكتور فلاح المديرس– إلى أصول عربية وأخرى إيرانية، وينحدر الشيعة ذوو الأصول العربية من المنطقة الشرقية بالسعودية، ويطلق عليهم اسم "الحساوية" نسبة إلى منطقة الإحساء، والبعض الآخر من البحرين ويطلق عليهم "البحارنة"، وفريق ثالث جاء من جنوب العراق، ويطلق عليهم "البصاروة" أو "الزبيرية"، نسبة إلى البصرة أو الزبير بالعراق.
أما ذوو الأصول الإيرانية فيطلق عليهم اسم "العجم" ويشكلون نسبة كبيرة من شيعة الكويت، وقد توالت هجرة هذه الجماعات منذ القرن التاسع عشر، وأبرزها عائلات معرفي وبهبهاني وقبازرد، وقد شجع الاستعمار البريطاني آنذاك هذا النوع من الهجرة لأسباب سياسية واقتصادية، غير أن وكيل المراجع الشيعية في الكويت محمد باقر المهري ينفي أن تكون أغلبية الشيعة من أصل إيراني قائلا إنهم في الغالب وفدوا من المدينة المنورة.

وقد حرص معظم الشيعة الوافدين من إيران على تعريب ثقافتهم واكتساب الجنسية الكويتية، وبينما تخلصت نسبة بسيطة منهم من ثقافتها الفارسية، وما زال معظمهم يحتفظ بكثير من عناصر هذه الثقافة، خاصة اللغة واللهجات العامية والفلكلور الفارسي.

وتكاد الدول الخليجية، وفي قلبها الكويت، تتشابه في خلفيات تشكل التجمعات الشيعية، سواء جاءوا من شرق الجزيرة العربية، أو بفعل الهجرة الإيرانية، وإن تفاوتت النسب بين دولة وأخرى، غير أنه من العوامل الإضافية التي جعلت الكويت منطقة جذب للسنة والشيعة على السواء، هو السعي وراء الرخاء المأمول بعد اكتشاف النفط، كما وفدت الأيدي العاملة الإيرانية إلى الكويت مستفيدة من الامتيازات الممنوحة لكبار التجار الإيرانيين.

لا توجد إحصاءات دقيقة ورسمية يمكن اعتبارها يقينية فيما يخص نسبة الشيعة من التركيبة السكانية للكويت، وهناك تقديرات ترد في بعض التقارير تشير إلى أن الشيعة يشكلون30 % من إجمالي عدد المواطنين البالغ تعدادهم قرابة المليون نسمة وفق تقرير الحرية الدينية في العالم لعام2006 م (لا توجد إحصائية رسمية معلنة في هذا الشأن)، وذلك في مقابل 70 % هم تعداد الكويتيين السنة، إضافة إلى المواطنين المسيحيين الذين لا يتجاوزون 200 كويتي، وتشير مصادر أخرى إلى أن أعداد الكويتيين الشيعة تتراوح بين 20-30 %.

الخريطة المذهبية

ومن الناحية المذهبية يتوزع الشيعة في الكويت –كما تشير المصادر- بين حزمة تيارات ينتسبون إلى مرجعيات دينية، وأئمة جاءوا إلى البلاد من هنا وهناك، ويغلب عليهم الاتجاه المحافظ، ويميلون في الغالب إلى المعارضة، وقوى أخرى علمانية، تميل غالبا إلى جانب الحكومة، ومنهم طبقة التجار في الدولة، ويغلب عليهم التوجه الليبرالي والعلماني المعارض لسيطرة الدين على النشاط الشيعي، وقد ظهرت مواقفهم جلية في رفض تأسيس هيئة للأوقاف الجعفرية مستقلة عن وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، والتي كانت مطلبا أساسيا للتيار الديني الشيعي، وتعود نشأة هذه التيارات إلى خلفيات ومواقف عدة تجلت فيما يلي:

أولا: الإخبارية، وهم "البحارنة" الذين وفدوا من البحرين، وهم من مقلدي ميرزا إبراهيم جمال الدين، الذي يعد إمام الشيعة البحارنة، وأهم العائلات التي تنتمي إلى هذه المجموعة: القلاف، والخياط، ومكي جمعة، وحجي حامد.

ثانيا: الشيخية، ويطلق عليهم اسم "جماعة الميرزا" وإمامهم الميرزا حسن الإحقاقي، ويعتبر مسجد الإمام الصادق في قلب العاصمة الكويتية مركز تجمعهم ونشاطهم، ومعظم مقلدي الميرزا من ذوي الأصول الحساوية، ومن العائلات الكويتية المحسوبة على هذا المذهب: الأربش، وخريبط، والشواف، والوزان، والشيخية فرقة انفصلت عن تيار الإثنا عشرية في القرن التاسع عشر ميلادي على يد الشيخ أحمد الإحسائي؛ حيث أقام أحد شيوخها، وهو الميرزا في الكويت سنوات عدة، وكانت مجموعة من شيعة الكويت يقلدون والده لقرب الكويت من العراق، خاصة كربلاء التي تعد أحد مقرات هذه الطائفة.

ثالثا: الأصولية، ويمثلها التيار العام للشيعة الإثنا عشرية مقابل الإخبارية، وينتشر أتباعها بين شيعة العراق وإيران ولبنان والكويت.

رابعا: الخوئية، وهم يمثلون شيعة الكويت من أصول إيرانية، ومن المقلدين للمرجع الشيعي أبي الحسن الخوئي الذي كان يعيش في النجف.

واللافت للنظر أن هذه التقسيمات لا تبدو ظاهرة في طقوس وممارسات الشيعة، إذ لا يعرفها إلا الشيعة أنفسهم، والمتخصصون في دراسة الحركات والتيارات الإسلامية والسياسية، لكن هذا الفرز يبدو أكثر وضوحا في مواسم الانتخابات والمنافسات السياسة، وآية ذلك أن انتخابات مجلس الأمة لعام 2008 شهدت عدة قوائم انتخابية متنافسة لأبناء الشيعة، ولم تفلح محاولات التحالف لجمعهم تحت مظلة تنسيقية واحدة.

استبعاد الشيعة من أول مجلس استشاري

ونظرة تاريخية على طبيعة مسار المشهد السياسي الشيعي في الكويت توضح كيفية تنامي هذا التيار، وتكشف عن أدواره وممارساته السياسية، فقد شهد عام 1921 تأسيس أول مجلس استشاري في البلاد، إذ بالرغم من أن ميثاق المجلس كان ينص على وجود ممثلين اثنين لذوي الأصول الإيرانية، إلا أنه لم يتم اختيار أحد منهم، ويرجح الباحث فلاح المديرس أن السبب وراء استبعاد الشيعة يعود إلى حالة عدم الرضا إزاء الموقف الذي اتخذه الكويتيون من أصول إيرانية، والذي تمثل في امتناعهم عن المشاركة في معركة الجهراء في عام 1920؛ لصد هجمات أعداء الكويت؛ حيث ذهبت مجموعة منهم إلى المقيم السياسي البريطاني، وعبروا له عن عدم استعدادهم للمشاركة في هذه الحرب على أساس أنهم إيرانيون وليسوا مواطنين كويتيين.

وفي سنة 1938، رفع الشيعة صوتهم –حسب ما ورد في كتاب الحركة الشيعية في الكويت للمديرس- مطالبين بأن يكون لهم تمثيل في المجلس التشريعي، والمجلس البلدي، وطالبوا بفتح مدرسة خاصة بهم، وإقامة محكمة خاصة لفض منازعاتهم، لكن المجلس التشريعي رفض هذه المطالب، وعلى إثر ذلك تقدم عدد كبير من الشيعة المنحدرين من أصول إيرانية، إلى المقيم السياسي البريطاني في الكويت بطلب منحهم الجنسية الإنجليزية، والذي اعتبره المجلس التشريعي تحديا لهيبة المجلس؛ مما أدى إلى أن يصدر المجلس التشريعي قرارا بإبعاد كل كويتي يتجنس بجنسية أجنبية، وأن يغادر الكويت خلال شهرين مع حرمانه من كافة حقوقه، بعد ذلك اتجه الشيعة للتحالف مع الأسرة الحاكمة والإنجليز والمحافظين من كبار العائلات السنيّة للإطاحة بالمجلس التشريعي، بعدها تم افتتاح مدرسة إيرانية جلبت مناهجها الدراسية من إيران.

الشيعة ودستور 1962

من المناخات السياسية المهمة التي استفاد منها الشيعة سياسة الانفراج التي انتهجها الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم حاكم الكويت في مطلع الستينيات؛ حيث كفل قانون الانتخاب الذي وضع في ظل دستور 1962، والذي ما زال معمولا به حتى الآن، حق التصويت والترشيح لكافة الكويتيين بغض النظر عن انتمائهم الطائفي، وقد مثل الشيعة في المجلس الذي تلا وضع الدستور مباشرة نائبان.

وكان هذا الإجراء أول خطوة نحو وجود علني للتنظيم الديني الشيعي في الكويت، وتقول المصادر إن الشيعة وقفوا حينئذ في صف السلطة لمواجهة حركة القوميين العرب، التي كانت تتزعم المعارضة في الكويت آنذاك وترفض الهجرة غير القانونية للبلاد، بعد أن أشاع بعض الشيعة أن مواقف القوميين تستهدف جميع الكويتيين الشيعة، وليس فقط المهاجرين غير القانونيين الذين يأتون من إيران بإيعاز من حكومة الشاه.

الثورة الإيرانية وشيعة الكويت



امتد تأثير الثورة الإيرانية إلى شيعة الكويت

رغم اندماج أبناء الطائفة الشيعية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتفاعلهم مع جميع فصائل الدولة، وسعيهم الدائم لإثبات ولائهم للدولة الكويتية أولا وأخيرا، وتنصلهم من أي ولاءات أخرى، إلا أن هذه المواقف لم تبدد مخاوف السلطات الرسمية بالكلية، وقد تجلى ذلك في تصريحات المسئولين التي تحذر في غير مناسبة من انعكاسات الصراع الطائفي في المنطقة على الكويت.

ومع نجاح الثورة الإيرانية بدأت تسود في أوساط الشيعة في العالم العربي روح التغيير الثوري، ولم تكن الساحة الكويتية بعيدة عن هذه الموجة، وفي هذا السياق انقسم الشيعة إلى تيارين: تيار محافظ تمثله الطبقة الأرستقراطية من التجار، ومرتبط مع السلطة بمصالح خاصة، وتمحور الهدف الرئيس لهذا التيار حول تحسين وضع الشيعة الديني والاجتماعي، وآخر ثوري تشكل من الشباب، خاصة المنتمين إلى الطبقة الوسطى، وكان يسعى إلى تغيير النظام الحاكم متأثرا بفكر الثورة الإيرانية، وقد نجح هذا التيار في إزاحة نظيره الشيعي المحافظ الذي سيطر على جمعية الثقافة الاجتماعية، وشكل وفدا إلى إيران بعد الثورة برئاسة عباس المهري لتهنئة القيادة الإيرانية بانتصار الثورة.

حركة مسجد شعبان

ويشير فلاح المديرس إلى النشاط الثوري لأحد مساجد الشيعة الشهيرة في الكويت، والمعروف بمسجد شعبان قائلا "واتصفت حركة مسجد شعبان في بداية تحركها بطابع طائفي، سواء بنسبة الحضور الذي اقتصر على بعض المجاميع الشيعية في الكويت، أو بنسبة الموضوعات التي طرحت في هذه الاجتماعات مثل المطالبة بفتح مزيد من المساجد والحسينيات، وإعطاء حريات أكثر"، ويعد هذا المسجد تاريخيا موطن تمركز الشيعة في الكويت.

لكن هذا المسجد تحول فيما بعد إلى منبر لليساريين والقوميين من أعضاء "حركة القوميين العرب" - فرع الكويت، وقد عزا المديرس ذلك إلى أن التيار القومي قد أخذ في التحول تدريجيا بالنسبة لموقفه من الكويتيين من أصول إيرانية في عام 1970، متأثرا بالأفكار الماركسية اللينينية التي بدأت تغزو تنظيمات الحركة بعد هزيمة 1967، الأمر الذي أدى إلى شيء من التقارب بين الطرفين، وكان أحمد الخطيب، وهو من رموز اليسار المعروفين في الكويت، وأحد الذين يلقون الخطابات، ويحاضرون في هذا المسجد.

الشيعة وحرب الخليج الأولى

مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية سنة 1980، ووقوف الكويت إلى جانب العراق شهدت المنطقة انقساما طائفيا حادا، وبدأ الشعور الطائفي يبرز بشكل واضح في الكويت، بحكم اتساع هامش الحرية السياسية، إذ اشترك بعض الكويتيين الشيعة متطوعين في القتال ضد العراق، وكان شيعة الكويت -كما أوردت المصادر- الورقة التي استخدمتها إيران ضد بلادهم بسبب مساعدتها للعراق.

وسرعان ما نظّم الشيعة صفوفهم خلف إيران، ونسبت إليهم في تلك الأثناء تفجيرات السفارات الأجنبية سنة 1983، ومحاولة اغتيال أمير البلاد سنة 1985، واختطاف طائرتين مدنيتين كويتيتين، وتوزيع منشورات تحريضية ضد النظام الحاكم، وتنفيذ تفجيرات في أماكن مختلفة بالمنطقة، الأمر الذي قاد الكويت إلى اتخاذ حزمة قيود واضحة على الحياة السياسية، من بينها حل جمعية الثقافة الاجتماعية لسان حال الشيعة، وسط اتهامات لهم بأنهم يؤدون الدور نيابة عن الإيرانيين.

الشيعة واحتلال الكويت



غزو الكويت قارب بين السنة والشيعة

وما أن جاء الغزو العراقي للكويت، أو ما عرف بحرب الخليج الثانية (1990-1991) حتى أصبح أمام شيعة الكويت فرصة تاريخية لإعادة علاقتهم مع السلطة، وإعادة المياه إلى مجاريها مع الدولة، ومعالجة حالة التوتر التي شابت العلاقة خلال حرب العراق، لاسيما أن المعتدي على بلادهم هذه المرة نظام صدام حسين الذي كان يحارب إيران قبل سنوات قليلة.

ولا شك في أن هذه الأزمة وحدت المواقف الكويتية، واتخذ السنة في الكويت والشيعة موقفا شبه متطابق تجاه الغزو، وهنا حدث مجددا تقارب بين الشيعة والسلطة.

وبعد وفاة قائد الثورة الإيرانية الخميني عام 1989م وتولى هاشمي رفسنجاني رئاسة الدولة بدأت دول خليجية، وأخرى عربية، ومنها الكويت، تحسين علاقاتها مع إيران، وتطوير سبل التعاون الاقتصادي، وتوقيع اتفاقيات وبروتوكولات تعاون في مجالات مختلفة، وقد أدى تطور العلاقات الكويتية الإيرانية إلى دعم القوى الشيعية في البلاد، في ظل ما اتخذته إيران من موقف داعم للإطاحة بغريمها اللدود النظام العراقي السابق سنة 2003.

القوى السياسية الشيعية


ورغم أن العديد من أعضاء مجلس الأمة الكويتي على اختلاف توجهاتهم الأيديولوجية قدموا مشاريع قوانين إلى البرلمان للعمل بنظام الأحزاب السياسية، إلا أن الحكومة ترفض هذا التوجه، كما هو الحال في جميع الدول الخليجية، متذرعة بأن إشهار الأحزاب لن يزيد المجتمع إلا انقساما وتشظيا، واضعة في الحسبان مساوئ الحركة الحزبية العربية، غير أن الحكومة تتسامح في الوقت نفسه مع تشكيل التجمعات والتحالفات والتكتلات السياسية على تنوع مشاربها.

ولأن الشيعة -كما أسلفنا– يمثلون واحدا من كل ثلاثة مواطنين، فقد أسسوا عددا من التجمعات والتكتلات بعد عودة الحياة السياسية للكويت، إثر تحريرها من العدوان العراقي في عام 1991م، وتحمل هذه التيارات في أجندتها -كما هو حال نظيراتها الإسلامية السنية- رؤى تعبر عن توجهاتها في التغيير، تلتقي مع الحكومة أحيانا، وتعارضها أحيانا أخرى، وقد يدخلون مع بعض النواب السنة في تنظيمات مشتركة، إذ انضموا إلى تجمع نواب التكتل الشعبي، يضاف إلى ذلك أنها تتبنى مطالب الطائفة الشيعية، ويرى محمد باقر المهري أنه لا اختلاف بين تيارات المذهب الشيعي حول الأصول العامة، وإنما قد يكون هناك اختلاف في القضايا السياسية، سواء منها الداخلية أو الخارجية، وقد قامت هذه التجمعات في ظل ظروف وتطورات جديرة بالرصد والتسجيل وبيانها كالتالي:

أولا: التحالف الوطني الإسلامي:

يأتي هذا التحالف امتدادا لجمعية الثقافة الاجتماعية التي أنشئت عام 1963 م لتكون واجهة حركية قانونية للشيعة في الكويت على غرار جمعية الإصلاح الاجتماعي التي تمثل تيار الإخوان المسلمين، وجمعية إحياء التراث الإسلامي المعبرة عن التيار السلفي، وقد عرف هذا التيار الشيعي في أوساط الشعب الكويتي، والمتابعين للحراك السياسي بحزب الله الكويتي.

ومنذ تأسيس جمعية الثقافة تمحور نشاطها في المطالبة بإنشاء المزيد من المساجد الشيعية والحسينيات، غير أنه في عام 1989م أصدرت الحكومة قرارا بحل الجمعية على خلفية اتهامات بالعنف تورط فيها منتمون للجمعية، كما أوضحنا خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية.

ومن أبرز رموز هذا التيار النائبان في مجلس الأمة عدنان عبد الصمد وأحمد لاري، وأمين عام التحالف الشيخ حسين المعتوق ووزير البلدية والأشغال الحالي الدكتور فاضل صفر، والنائبان السابقان الدكتور ناصر صرخوه، والدكتور عبد المحسن جمال، وأمين عام سابق للتحالف الحاج صالح الموسى، ويجري تعيين الأمين العام وأعضاء المكتب السياسي والشورى منذ فترة؛ لأن الانتخابات داخل التحالف مجمدة بشكل موقت.

وبعد 20 عاما من قرار حل الجمعية وخلال الأيام القليلة الماضية، أصدر وزير الشئون بدر الدويلة قرارا أفرج بموجبه عن حرية الجمعية، وهو القرار الذي استقبله المراقبون بارتياح حذر، إذ تمنوا أن يكون السماح بإعادة نشاط الجمعية الثقافية توجها رسميا لدعم حريات المجتمع المدني، وليس استجابة لواقع سياسي تمليه التحالفات السياسية.

ثانيا: تجمع العدالة والسلام:

ويعرف بتيار صادق الشيرازي، ومن أبرز وجوهه النائب صالح عاشور، والناشط السياسي عبد الحسين السلطان، والدكتور عبد الواحد الخلفان، وأمين عام التجمع الحاج حسن نصير والناشطة السياسية فهيمة العيد، ويضم تجمع العدالة في تركيبته أمانة عامة، وهيئة تنفيذية، ومكتبا سياسيا، وأعضاء أمانة عامة، ولجانا انتخابية، وأخرى خيرية ودينية واجتماعية، وتجرى انتخابات الأمانة العامة، والهيئة التنفيذية، والمكتب السياسي كل عامين تقريبا.

وتتبع فضائية الأنوار النائب صالح عاشور والمتداول بين الشيعة أنها قناة تيار الشيرازي، وقد استطاعت هذه القناة اكتساب ثقة الكثير من الشيعة داخل الكويت وخارجها، كما تتبع للتجمع مكتبة الرسول الأعظم، وكثير من الحسينيات التي أسسها المرجع الديني الشيرازي، وعدد من حملات الحج، والمخيمات الشبابية، واللجان الخيرية، وقد بدأ نشاط جماعة الشيرازي في السبعينيات بعد أن أبعد عن العراق، وأقام في الكويت تسع سنوات (1971-1980).

ويعتبر الشيرازي الأب الروحي لمنظمة العمل الإسلامي في العراق، وكثير من مقلديه كانوا من مؤسسي جمعية الثقافة الاجتماعية الذين خرجوا من الجمعية بعد الثورة الإيرانية.

وقد نشطت جماعة الشيرازي في مجال الفعاليات الثقافية والدينية؛ لجذب الشباب الشيعي إلى صفوفهم، لكن هذا التيار لم يستطع السيطرة على الشيعة في الكويت؛ بسبب خلافاته مع جمعية الثقافة، وتشتت الشيعة في مناطق مختلفة؛ بسبب التوسع العمراني، والهجوم الحاد الذي تعرض له الشيرازي من قبل المرجع الأعلى للشيعة آنذاك الخوئي، واعتباره غير أهل للمرجعية ولا الاجتهاد، وهو الأمر الذي انتهى بإبعاد الشيرازي من الكويت في بداية الثمانينيات.

ثالثا: تجمع الميثاق الوطني:

ويعرف هذا التجمع بتيار دار الزهراء، أو تيار المرجع الديني اللبناني محمد حسين فضل الله، ومن أبرز وجوهه الحاج كاظم عبد الحسين مؤسس دار الزهراء، والأب الروحي للدار، ولا يشغل أي منصب داخل التجمع لكن له حضوره بسبب تاريخه في العمل الديني والاجتماعي والخيري، والدكتور يوسف الزلزلة أكاديمي، ووزير سابق، ونائب سابق، تحالف مع صالح عاشور في انتخابات 2003، وفاز بمقعد عن الدائرة الأولى، غير أنه لم يفلح بالفوز في انتخابات 2006، وأمين عام التجمع محمد جواد كاظم، والأمين العام السابق للتجمع، والوزير السابق عبد الهادي الصالح.

ويحظى تجمع الميثاق بدعم شريحة كبيرة من التجار، ووجهاء الشيعة بحكم علاقاته القوية، ويضم التجمع مكتبا سياسيا، ولجانا خيرية وانتخابية ودينية واجتماعية، وإحدى حملات الحج، ومخيم الهدى، وبعد خلاف طويل مع التحالف الوطني الإسلامي عاد تجمع الميثاق لينسق معه في الأمور الدينية بعدما تم تجاوز الخلافات التي استمرت ما يقارب العقدين.



بعض التقديرات تجعل من الشيعة 30% من سكان الكويت

رابعا: تجمع الرسالة الإنسانية:

يعرف بجماعة الميرزا أو تيار الحساوية، وقد برز هذا التجمع بعد ظهور عدد من التجمعات الشيعية، ووفاة الميرزا عبد الرسول الإحقاقي، المرجع الديني للحساوية، والتي تسببت في وفاته بحدوث انشقاق بين الحساوية على خلفية الخلاف بين جماعة الميرزا الذين كانوا محيطين به، وميرزا آخر دعا لمرجعيته، بينما أعلنت جماعة الميرزا مرجعية ابن الميرزا عبد الله عبد الرسول الإحقاقي لكن هذا الخلاف لم يدم طويلا، وتم تجاوزه، وطويت هذه الصفحة.

ويسعى تجمع الرسالة الذي يتبع جامع الإمام الصادق إلى إعادة لم شمل جماعة الحساوية، وتتمتع هذه الجماعة بثقل اقتصادي جيد، وعلاقات متداخلة مع جميع التيارات، وتمتلك عددا من المساجد والحسينيات، ومن أبرز رموزه أمينه العام الدكتور صالح الصفار، ونائب الأمين العام حمد طاهر بوحمد، وهو من وجهاء وتجار الشيعة الحساوية، وتعتبر أصواتهم مرجحة للفوز في أي انتخابات للمرشحين الشيعة في أي انتخابات برلمانية أو بلدية.

خامسا: حركة التوافق الوطني الإسلامية:

أسست هذه الحركة وظهرت إلى العلن في يناير عام 2003 بعد انشقاق أعضائها عن التحالف الوطني الإسلامي؛ بسبب بعض الخلافات في آليات العمل والاختلاف في بعض الرؤى السياسية.

ومن أبرز قيادات ومنظري الحركة أمينها العام زهير المحميد، ورئيس المكتب السياسي شيبة إبراهيم بن شيبة، ورئيسة المكتب العقائدي خالدة محمد علي، ومن أبرز وجوه العمل النسوي الشيعي الناشطة والأكاديمية الدكتورة خديجة المحميد.

وتنشط الحركة في مجال المؤتمرات والندوات، وإذا كانت الأقل انتشارا لحداثة تأسيسها فإن نشاطها الإعلامي يعد الأوسع انتشارا؛ بسبب كثرة مؤتمراتها وندواتها حول القضايا الداخلية والخارجية، وتتميز بهيكلتها المنظمة التي تضم الأمانة العامة، والمكتب السياسي، والمكتب العقائدي، ولجانا شبابية، وأخرى اجتماعية، كما يوجد لديها حملة حج، وأنشطة أخرى عديدة.

سادسا: تجمع علماء الشيعة:

هذا تجمع أعلنه وكيل المراجع الشيعية، وأمينه العام محمد باقر المهري، ويعد من أبرز وجوهه، بالإضافة إلى الشيخ أحمد حسين يعقوب الذي يحتل منصب نائب الأمين العام، وتقتصر عضويته على علماء الدين، وله نشاط إعلامي واسع؛ بسبب ظهور أمينه العام المتكرر في وسائل الإعلام والفعاليات السياسية والدينية وإصداره بيانات شبه أسبوعية في الأحداث السياسية والدينية الواقعة داخل وخارج الكويت، يراها كثيرون أنها مثيرة للجدل، وكثيرا ما تؤدي إلى نشوب معارك سياسية وإعلامية بسبب لغتها الحادة في الهجوم على الآخرين، ورغم تصريحات رموز هذا التجمع بأنه يتحدث باسم الشيعة في الكويت، إلا أن العديد من رموز الطائفة يرون أنه لا يمثل إلا نفرا محدودا من الشيعة.

سابعا: علماء الشيعة:

يضم عددا من علماء الشيعة وليس له توجه سياسي معين، يقتصر عمله على الاجتماعات الأسبوعية للتنسيق في الأمور الشيعية والأحداث التي تقع على الساحة الإسلامية الداخلية والخارجية، ويجري خلالها إصدار بيانات استنكارية وغيرها، وفي بعض الأحيان لا يوقع كل العلماء الحاضرين على البيان بسبب تحفظ البعض، ويضم هذا الاجتماع التنسيقي علماء من كل الجهات السياسية والدينية، والمتابع لنشاط هذا التجمع يرى أن بياناتهم تصدر بشكل متأخر نوعا ما، وعلى فترات متباعدة.

ثامنا: ائتلاف التجمعات الوطنية:

وعلى غرار تجمع الليبراليين في الكويت تحت مظلة التحالف الوطني الديمقراطي، والذي يضم التجمع الوطني الديمقراطي، والمنبر الديمقراطي، والعديد من الشخصيات السياسية والاقتصادية والفكرية الليبرالية المستقلة، أسست خمس تجمعات شيعية سياسية ودينية قبل 3 أعوام، وهى حركة العدالة والسلام، وتجمع الميثاق الوطني، وحركة التوافق الوطني الإسلامية، وتجمع الرسالة الإنسانية، وتجمع علماء الشيعة ائتلاف التجمعات الوطنية، وبينما أعلن هذا الائتلاف أنه يهدف إلى تنسيق المواقف بين هذه الحركات في الشئون السياسية والانتخابية وغيرها، رأى مراقبون أن تأسيسه جاء للحد من سيطرة التحالف الوطني الإسلامي على الساحة السياسية الشيعية والتضييق على نشاط حزب الله الكويتي أو جماعة الجمعية الثقافية، لكن هذا الائتلاف تراجع دوره بعد دخول التحالف في عمليات تنسيق بشأن الانتخابات، لاسيما مع تجمع الميثاق الوطني، وتجمع العدالة والسلام، وتتعاقب كل سنة على الأمانة العامة للائتلاف حركة أو تجمع من المشاركين فيه.

نشاط سياسي ملحوظ

والخلاصة أن الشيعة لهم نشاط سياسي ملحوظ في جميع مؤسسات الدولة فهم يولون مجلس الأمة والمجلس البلدي اهتماما خاصا؛ حيث يمثلهم داخل البرلمان خمسة نواب عدنان عبد الصمد، وأحمد لاري، وحسس جوهر، وحسين القلاف، وصالح عاشور، ويرى المراقبون أنه كلما زاد ممثلو الشيعة في مؤسسات الدولة، خاصة في البرلمان، اكتسب أبناء الطائفة حصانة خاصة بوصف ممثليها هم حماة مكتسباتهم.

وعلى صعيد العلاقة مع السنة من الملاحظ أن أحاديث التقارب بين الشيعة والسنة لا تروج داخل الساحة الكويتية، كما تروج في بلدان عديدة في العالمين العربي والإسلامي، ويمكن عزو ذلك إلى العلاقة المستقرة وسيادة روحية التعايش بين الشيعة والسنة داخل الكويت والاندماج داخل التركيبات المؤسسية للدولة، صحيح أن الساحة الكويتية لا تخلو تماما من بعض التوترات التي قد تحدث على خلفيات مذهبية لكنها تبقى عارضة واستثنائية.


--------------------------------------------------------------------------------

صحفي وباحث مصري مقيم بالكويت