الحديث عن المادة الثانية ينذر بـ"فتنة"
خرج شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عن الصمت الذي أحاط بمؤسسة الأزهر خلال فترة المظاهرات والاحتجاجات التي انتهت بالإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، وأوضح العديد من النقاط التي تخص موقف الأزهر من تلك الأحداث، وموقفه من الجدل الدائر حول تغيير المادة الثانية من الدستور المصري، التي تنص على أن الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة، ورأيه حول كيفية اختيار شيخ الأزهر.
وأوضح الدكتور الطيب في حلقة من برنامج "مصر بعد مبارك" بثتها قناة العربية الخميس 3-3-2011، أن الأزهر مؤسسة علمية وتعليمية، وليس مؤسسة سياسية، لأن تحويلها لمؤسسة سياسية يعني خضوعها لسلطة أو جهة ما داخل الدولة، وأن دور الأزهر ليس أن يكون جزءا من النظام أو ثائرا عليه.
وقال الدكتور الطيب إن الأزهر كان له دور رائع في مقاومة الطغيان إذا تعلق الأمر باحتلال أو عدوان خارجي على البلاد، وإنه إذا حدث مثل هذا الأمر فسيكون أول من يتصدى له، ولكن إذا تعلق الأمر بمسألة داخلية فالأمر يكون ختلفا تماما، نافيا أن يكون الأزهر قد تملق أو داهن النظام السابق خلال أيام المظاهرات، مشيرا إلى أن المتحدث الرسمي باسم الأزهر كان يشارك في المظاهرات، ويخطب في المحتجين في ميدان التحرير، وأنه رفض الاستقالة التي تقدم بها، ما يعني أن الأزهر كان مساندا للثورة وليس للنظام.
وحول بيانه في يوم الجمعة الأخير الذي سبق سقوط مبارك، قال شيخ الأزهر إنه كان يخشى أن تقع مواجهة بين الشباب الثائرين والجيش، ونفى أن يكون السبب وراء البيان تملق النظام، لأنه ببساطة لم يكن هناك نظام في ذلك الوقت، حتى يتملقه، وأن البيان كان دافعه الخوف على دماء الشباب.
وقال الشيخ الطيب إن الأزهر فوق الثورة وفوق السلطة الماضية وفوق السلطة المقبلة، فهو مؤسسة تعلو كل تلك الاعتبارات.
وتطرق شيخ الأزهر لمسألة المادة الثانية من الدستور المصري، وقال إن مصر تاريخيا دولة إسلامية المرجعية والحضارة والثقافة، ومن حق مصر أن تكون لها تلك الخلفية، مبينا أن دساتير العديد من الدول الغربية تنص على الدين في موادها، متسائلا لماذ يرفض البعض أن تكون لمصر نفس الحق.
وشدّد على أنه يرفض تغيير تلك المادة، محذرا من أن الحديث عن تلك المادة يهدف لفتنة جديدة، وعبر عن سعادته لموقف البابا شنودة الذي حث المسيحيين على عدم الحديث عن تغيير تلك المادة، وأن لايطالبوا بتغييرها، لأن ذلك يستفز المسلمين، مبينا أن النص لا يعني أن مصر دولة دينية، لأنه ليس في الإسلام دولة دينية، فحتى الخلفية الأول في الإسلام جاء بالانتخاب.
وقال إن من حق المسيحيين في مصر الاحتكام لشرائعهم، وأن ينص على ذلك في الدستور المصري, وهذا يمثل حلا لمشلكة المادة الثانية.
وحول الاختلاف مع جماعة الإخوان، قال إن هناك خلافات كبيرة معهم، وأولها أن الأزهر يختلف مع التوجه السياسي للجماعة, فالأزهر ليس له حزب ولن يكون حزبا، وأضاف أنه إذا تم تأسيس دولة مدنية في مصر بالمفهوم الغربي، فسوف يكون الأزهر أول من يتصدى لها.
وحول خطاب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أثناء الثورة المصرية، وعدم وجود خطاب مماثل من الأزهرن قال الشيخ الطيب إن ذلك سببه التزام بقيم وضوابط الأزهر، فمرجعية إيران غير الأزهر، لأن المرجعية الإيرانية تتحدث باسم عشرة بالمئة من المسلمين، بينما يتحدث الأزهر باسم تسعين بالمئة من المسلمين، فحديثه أكثر تأثيرا من المرجع الإيراني، وأنه لو فعل الأزهر وأصدر بيانا يكون قد تخندق ودخل في خانة مع أو ضد.
ونفى شيخ الأزهر أن يكون تريثه وقت المظاهرات سببه أنه معين من الدولة، فهو لم يأت راغب سلطة، ولا يخشى فقد منصب أو وظيفة، وبالتالي فهو غير مسيس.
وتحفظ شيخ الأزهر على فكرة اختيار شيخ الأزهر عن طريق الانتخاب، لأن المال يمكن أن يلعب دورا في الاختيار، مشيرا إلى أن منصب شيخ الأزهر لم يكن أبدا بالانتخاب كما يتردد، وقال إن نظام الانتخاب له عيوب، والتعيين له عيوب أيضا، وأن الأفضل من وجهة نظره أن يتم شغل المنصب بالتعيين على أن يمنح شيخ الأزهر بعد تعيينه الاستقلال الكامل عن الدولة.
وحول سبب تخوفه من دور المال في انتخاب شيخ الأزهر، قال الطيب إنه يوجد حاليا إسلام سياسي ممول، وحركات إسلامية ممولة، ودعاة لديهم أموال، فما الذي يمكن أن يحدث لو انتخب أحد هؤلاء شيخا للأزهر, وأضاف أنه لو أصبح للمجتمع الأمانة في الانتخاب، فسوف يكون مقتنعا بفكرة الانتخاب.