عندما تلقيت الدعوة للانضمام للمجلس الاستشاري كان ردي أن الوطن يمر بمرحلة حرجة جدا من تاريخه ، وأنه ينبغي علينا جميعا أن ندعم اي جهد يساعد في تأمين ما تبقى من الفترة الانتقالية حتى يتم تسليم السلطة بكاملها من المجلس العسكري إلى السلطات المدنية المنتخبة بسلام.
ومما ساعدني على قبول العضوية ما أكده لي أعضاء من المجلس الاستشاري أثق بهم وبأحكامهم ، وأحترم أراؤهم ورؤاهم السياسية، بأن المجلس العسكري جاد في طلب المشورة وأنه سيكون جادا في تنفيذ ما يتفق عليه معنا من توصيات.
كان أملي من الاشتراك في المجلس الاستشاري أن نستطيع أن نجمع الفرقاء في هذا الوطن معا في حالة من التوافق الوطني يعالج ما هو قائم بالفعل من صدام بين قطاع كبير من الشباب من ثوار التحرير والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ويمنع ما يتوقعه الجميع من صدامات قادمة .
وفي أول جلسة رسمية للمجلس ، تلك التي عقدت منذ خمسة أيام، طلبت رسميا أن يكون على رأس جدول أعمالنا حل الأزمة القائمة بين ثوار التحرير و المجلس العسكري ، وقلت حرفيا " إن هذا لغم موقوت سينفجر وأن علينا تفكيكه عبر حل مشاكل المصابين وأسر الشهداء وإطلاق سراح المعتقلين ووقف المحاكمات الاستثنائية ومد جسور الحوار مع الثوار الراديكلين "
وعندما حدثت الاعتداءات العنيفة على معتصمي مجلس الوزرا ء تخيلت أن المجلس الاستشاري والمجلس العسكري سيتعاونان في تحويل هذه الكارثة إلى فرصة لحل الصدام حلا نهائيا يراعي طلبات المعتصمين ويحسن من صورة المجلس العسكري لدي الثوار ويحرر الحكومة من مشكلة مزمنة تعرقل عملها.
وفي صباح يوم الجمعة كنت أول طلب من الأمين العام الدكتور محمد نور فرحات إدراج الأحداث على جدول أعمال المجلس في أقرب فرصة وساهمت في سلسلة من المشاورات التليفونية إلى أن تحددت الجلسة الاستثنائية للمجلس والتي دعي إليها من يمثل المجلس العسكري.
وما أن بدأ الاجتماع حتى بدا واضحا ان هناك اختلاف في توصيف الأحداث على الأرض وفي تشخيص الأسباب وفي تصور العلاج. وبدا واضحا أن الرواية الرسمية تتحدث فقط عن عنف يمارس ضد القوات المسلحة وتنفي تماما استخدامها لأي شكل من أشكال العنف ، كان هذا في الوقت الذي وصلتنا معلومات عن سقوط شهداء جدد وازدياد في اعداد الجرحى.
عند هذه النقطة كتب الاستاذ - زياد علي - خطاب الاستقالة الذي وقعه ثمانية أعضاء كنت أحدهم. وعندما علم المجتمعون بهذه الاستقالة وافقوا على اقتراح تقدم به السيد عمرو موسى بتقديم توصيات محددة للمجلس العسكري وتعليق أعمال المجلس الاستشاري لحين الاستجابة للتوصيات.
وبناءا على هذا الاقتراح قررت وأخرون اعطاء فرصة أخيرة بتجميد الاستقالة لمنح المجلس الفرصة لتنفيذ ما اتفقنا فعلا عليه وهو إيقاف العنف فورا وبصورة نهائية والاعتذار والتحقيق.
غير أنه على مدى الساعات التالية لم يقف العنف بل زادت حدته وخرج من سارع مجلس الشعب ليجتاح ميدان التحرير ، وخرج علينا بيان المجلس العسكري لـ"يأسف" عما حدث .
لم أحضر الاجتماع الاستثانئي الذي جرى يوم السبت للنظر في رد المجلس العسكري على المجلس الاستشاري ولكل من يتساءل عن موقفى الحالي من المجلس الاستشاري فأنا الآن في عداد المستقيلين .
18/12/2011