الثلاثاء، 29 مايو 2012

عادل عبد المهدي:المجلس الاعلى.. من رحم الاخفاقات تولد النجاحات.. والعكس صحيح

برز "المجلس الاعلى" منذ ثمانينات القرن المنصرم كاهم قوة سياسية عراقية.. فاتجهت اليه الانظار.. والتفت حوله جموع كبيرة.. وخشيت منه وخاصمته اخرى. فاز "المجلس" بانتخابات مجالس المحافظات الاولى.. وكان حجر الزاوية في فوز "الائتلاف العراقي" في انتخابات الجمعية، وفي الدورة التشريعية الاولى.. وتصدر العمل لاعداد الدستور.. وتشكيل اولى الحكومات.. وتصور ان هذه النجاحات قد وفرت له رصيداً متواصلاً، وتسرب الغرور والكسل الى جوهر مناهجه وتنظيماته.. ولم يستوعب كلياً التطورات الجديدة.. وتفككت بعض طروحاته.. فجاء اداؤه في انتخابات 2009 (المحافظات) مخيباً للامال.. وبدت تشكيلاته قديمة، مفككة، فاقدة المبادرة، عاجزة عن تجنيد جمهورها، ناهيك عن جمهور الوطن. ولم يستوعب ان الثوابت شيء ومناهج العمل شيء اخر.. وان تكرار النظريات والثوابت والمبادىء بمفردها لا تبني حركية سياسية.. وان طروحات المعارضة قد انتهت.. والاوضاع بحاجة للتجديد والتعامل مع منطق الدولة وبناء المجتمع. وان تعبئة الشعب وبناء التحالفات والنظريات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والخارجية تختلف عن رفع السلاح ومعارضة الدكتاتورية. بدا لكثيرين ان طروحات "المجلس الاعلى" قد ذبلت وانتهت.. وهي انطباعات وجدت صداها داخل "المجلس" وقياداته وجماهيره العريضة. فبدا كل شيء في تراجع الا صلابة النواة.. وتقوى العمل امام الله والمرجعية والمواطنين.. والامانة لدماء الشهداء،.. والتي امامها تنحني القامات.. وتعترف بالاخطاء.. وتراجع نفسها.. وتستعد للاصلاحات.. وتتجرأ في تجديد الافكار وتغيير الدماء، وفقاً لسنن الحياة.. لتعتمد الروحيات الشابة فكراً ونشاطاً، والعمل والانتاج معياراً.. ولتأكيد ما برهنت الحياة صحته ونبذ البالي والمستهلك. فاصدر بيانه العلني الجريء في 2/2/2009 مهنئاً الفائزين واعداً بمراجعة اخطائه، وببدء حملة اصلاحات تنظيمية ومنهجية كبيرة. لم يتخلص "المجلس" من عوامل العطل والعرقلة كاملة.. لكنه يمتلك اليوم ما يكفي للتدليل بانه يتقدم متجاوزاً عوامل التراجع.. وانه ليس جزءاً من الماضي فقط.. بل هو جزء واعد من المستقبل ايضاً.. وان خطاب رئيسه النافذ، ومؤتمره الاخير، والجموع الغفيرة لتنظيماته التي احيت "يوم الشهيد"، خير دليل على عودة الحيوية لبنيته وافكاره.. والمطلوب الاستمرار بتطويرها. والخطر الذي يهدده اليوم هو ان يتوقف عند هذا النجاح الجزئي.. ليأخذه الغرور مجدداً.. فالنجاح باب من ابواب الهزيمة، ان لم تدرس عوامله ومخاطره ومغرياته في آن واحد.. لاستثمار الاولى.. ومواجهة الثانية.. والتصدي للثالثة.