الأحد، 10 يونيو 2012

عادل عبد المهدي: الفيدرالية ليست لعبة للتمترس.. بل لضمان الحقوق ووحدة البلاد

في مفاوضات الدستور اظهر الائتلاف (التحالف الشيعي) حماساً شديداً للفيدرالية.. لكن "التوافق" (السنة العرب) اعترض واعتبرها بداية للتقسيم. مورست ضغوط امريكية وبريطانية لالغاء المواد المتعلقة بتشكيل الاقاليم.. اطراف "الائتلاف"، اي المجلس، وبدر، والدعوة بجناحيها، والفضيلة، ومستقلون تمسكوا بالمواد، بعد ان وقعوا جميعاً وثيقة "مبادىء وسياسات" الائتلاف المتضمنة اقامة اقليم الوسط والجنوب، مع تحفظ "الصدريين" مهمشين "بعد انهاء الاحتلال".. لعب "خليل زاده" دوراً مكوكياً واقترح مع السفير البريطاني حذف المواد من الدستور مقابل تعهد مكتوب بعدم تدخل البلدين لمنع البرلمان اصدار القانون.. والذي تعهد الطالباني والبرزاني بتأييده كتابة.. وان ينص الدستور على استثناء القانون من موافقة "مجلس الرئاسة" وحق الفيتو (المادة 134/خامساً/أ).. وتم تسلم التعهدات اعلاه، واقر قانون الاجراءات التنفيذية لتشكيل الاقاليم في الجلسات الاولى للبرلمان. واجهت اطروحة اقليم الوسط والجنوب هجوماً قاسياً حتى ممن ايدوها سابقاً من "الائتلاف".. لهذا ربط البعض بين تراجع شعبية "المجلس" في انتخابات المحافظات والمطالبة بالاقليم.... ومع ازدياد تركز الحكم بيد جهة واحدة، نظمت "الفضيلة" استفتاء لتحويل البصرة الى اقليم.. وبدأت المحافظات الجنوبية والوسطى والغربية ونينوى بمطالبات مشابهة.. واخيراً، وامام حملة قوى "اربيل والنجف" بسحب الثقة، دعا محافظو "دولة القانون" لاقامة اقليم الوسط والجنوب. في سبعينات القرن الفائت، اقرت بغداد الحكم الذاتي لكردستان.. الذي بدا كاريكاتوريا انذاك.. لكن الفكرة يغذيها الواقع او يرفضها. وان استمرارها وتطورها يؤكد مع الاعترافات والمطالبات الجماعية اعلاه، ان الفيدرالية حل ونظام للحماية وتوزيع السلطات والقدرات والفك بين المشاحنات. فالمشكلة العراقية في جوهرها هي الدولة التي تتمركز سلطاتها وصلاحياتها وامكانياتها بيد واحدة.. مسببة الانفجارات المتلاحقة والشكوك. المركز يدين ويتهم.. والاطراف –بغياب الفيدرالية المتكاملة- تسعى لحماية نفسها باجراءات صحيحة او متطرفة. فالفيدرالية واقع سيفرض نفسه.. ولانها كذلك فلابد من تنظيمها بدل تركها للاهواء والظروف.. اما المناورة بها واستخدامها عند الحاجة، فسيزرع الشك والارتباك بقدرتها كنظام يخرجنا من التقسيم الواقعي واحتكار السلطة.. فهي ملائمة تماماً لحسن ادارة البلاد، ويمكنها ان تستبطن حلولاً للمشاكل القومية والمذهبية وغيرهما... خلاف المخاوف التي لا تصنع نظاماً.. او تبرير منطق احتكار السلطة الذي قدمنا اغلى التضحيات للتخلص منه. والازمة الحالية بعض افرازات غياب الفيدرالية كنظام متكامل، نؤكد كنظام متكامل.