الأحد، 6 مايو 2012

تطمين مخاوف المكونات بضمان مصالحها

عادل عبد المهدي احد عوامل الضعف في بلداننا هو ان وعينا وتركيبتنا الجمعية ونوعية اعمالنا ومفرداتنا تقوم الى حد كبير على نظام المخاوف دون نظام فعال للمصالح، رغم اهمية وجود سلوكيتين مترابطتين في اية منظومة لاي كيان حي، اكان نباتاً او حيواناً او انساناً، او انظمة وحضارات، الخ. السلوكية الاولى تحرص في الدفاع عن النفس والتحصن ومنع الاختراق.. والسلوكية الثانية تبحث عن العيش والتكاثر والمصالح المادية والمعنوية والبقاء والتفوق. فهناك اذن نظام تراتبي عميق في التربية والنفوس والسلوك والتقاليد يشكل نظام المخاوف ولدفع الضرر والمفسدة.. ونظام يوازيه مرتبط به للارتقاء وجلب الفائدة والمنفعة. وعموماً يتقدم نظام المخاوف على المصالح. فالاول مسؤول عن البقاء، والثاني عن التطور.. ولاشك ان الاولوية عند اي تهديد ستكون بالخوف على النوع واللجوء للدفاعات من اجل البقاء. النظامان متلازمان وضروريان لعمل بعضهما.. واي تفرد او استغراق سيقود اما الى التخلف والتعطل، او الى التفكك والانفراط.. فاذا ما اخترق نظام المخاوف كامل البنية واصبح هو البداية والنهاية، والمؤسس والهدف فانه سيبدأ باعطاء عكس النتائج المخصص لها. كذلك اذا استغرق نظام المصالح كامل المنظومة ولم تعد له ارض يقف عليها او نسيج يتلبس به او شخصية ينعكس فيها فسيذوب في اخر لا يحفظ بالضرورة مصالحه. والمثالان لهما مصاديق تاريخية كبيرة، والتطرف في احدهما قاد الى نتائج مضادة. فيقود الانغلاق المفرط الى تحلل يوازيه.. والانفتاح المفرط الى انغلاق وانكفاء يوازيانه. يمثل اولهما الكثير من القبائل الافريقية او الامازونية وما يعرف بالهنود الحمر وحضارات كثيرة آلت للانقراض.. لان الاخرين سبقوها واخترقوها بل واستعبدوها.. فانهارت مقاوماتهم واستمراريتهم.. وما بقي منها مجرد عينات ومحميات كنوع من المتاحف التاريخية التي تستجذب السواح اكثر منها كانماط عيش قادرة على البقاء.. والمثال الثاني مثلته الدول والجماعات اليهودية التي غرقت في المصالح.. فتفككت وضاعت وضعفت واستضعفت عبر التاريخ.. لتعود وتحاول ان تؤسس لها دولة متعصبة مغلقة سالبة لحقوق الاخرين. والعراق ان غرقت مكوناته في نظام المخاوف، وجعلت الخوف اساس علاقتها بالمكون الاخر، ونسيت مصالحها المشتركة، او غرق هو نفسه في رؤيته للاخر وفق المخاوف ونسي المصالح، فسيدفع ثمناً باهضاً، بل هو يدفعه فعلاً.. وهذه من اسباب ازمته التاريخية مع نفسه ومع شروطه التاريخية.