الاثنين، 9 يوليو 2012

الحواريون وأخوة المسيح في المصادر الانجيلية

سعود المولى
في الأناجيل القانونية (أي المعتمدة رسمياً وهي أربعة: متى، مرقس، لوقا، يوحنا) يصل عدد الحواريين إلى أربعة عشر، وهذه هي اللائحة: في انجيل متى هم: أندراوس وبطرس-سمعان ويوحنا ويعقوب ابنا زبدي ، و"فيليبُس وبرثولماوس وتوما ومتى العشّار ويعقوب بن حلفى ولباوس الملقب تداوس وسمعان القانوني (الغيور) ويهوذا الإسخريوطي الذي سلّمه" . وفي انجيل مرقس هم: " بطرس- سمعان، ويوحنا ويعقوب ابنا زبدي (وجعل لهما اسم بوانرجس أي ابني الرعد) وأندراوس وفيلبس وبرثولماوس ومتى وتوما ويعقوب ابن حلفى وتداوس ( لا يذكر اسمه الآخر الذي ذكره متى: لباوس) وسمعان القانوني (أو الغيورZealot) ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه" . وفي انجيل لوقا هم: سمعان- بطرس وأندراوس أخوه ويعقوب ويوحنا (لا يذكر أنهما أبناء زبدي) وفيلبس وبرثولماوس ومتى وتوما ويعقوب بن حلفى وسمعان الذي يدعى الغيور (يسميه الغيور فيما بقية الأناجيل تسميه القانوني والمقصود غيرته على تطبيق القوانين أو ناموس موسى) ويهوذا أخو يعقوب ويهوذا الإسخريوطي"..فنجد هنا عدم ذكر تداوس أو لباوس المذكور عند متى ومرقس، كما نجد اضافة اسم "يهوذا أخي يعقوب" (بحسب النص العربي المترجم، وفي الأصل اللاتيني واليوناني يسمى يهوذا المنسوب الى يعقوب = Judas de Jacques). وفي انجيل يوحنا هم: أندراوس وأخوه سمعان-بطرس وهما بحسب الإنجيل ابنا يونا، ومعهما نثنائيل (الذي كان من قانا الجليل وهو واندراوس كانا من تلامذة يوحنا المعمدان، ونثنائيل هذا غير مذكور في الأناجيل الأخرى) ويوحنا ويعقوب ابنا زبدي وفيلبس (من صيدا الجليل) وتوما (يقول عنه: الذي يسمى التوأم) ويهوذا الإسخريوطي (ويسميه يهوذا سمعان الإسخريوطي) ويهوذا "ليس الإسخريوطي" (هكذا يسميه ولعله يهوذا من يعقوب المار ذكره) ، فيكون العدد عند يوحنا تسعة حواريين... وهو في حادثة الصلب يتحدث عن تلميذين يسميهما: "التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه"، و"يوسف من الرامة وهو تلميذ يسوع ولكن خفية" . فالمشترك بين انجيل يوحنا والأناجيل الأخرى المسماة الإزائية 6 فقط من أصل 12 هم: أندراوس وأخوه سمعان-بطرس، ويعقوب وأخوه يوحنا ابنا زبدي، وتوما ويهوذا الإسخريوطي..وهناك 2 يرد اسمهما في انجيل ولا يرد في غيره.. فلنر إلى أولئك الذين لا يحظون بالاجماع أولاً.. فهناك تداوس ويسميه مرقس لباوس أيضاً ولا يذكره يوحنا ولوقا..وهناك يهوذا "أخو يعقوب" الذي يذكره لوقا هكذا، ويذكره يوحنا بأنه ليس الإسخريوطي، ولا يذكره متى ولا مرقس... ولكن يرد اسمه في أعمال الرسل .فهل هو نفسه تداوس؟ ولكن لماذا يحمل اسماً عند مرقس ومتى واسماً آخر عند لوقا ويوحنا، علماً أن العلماء يتفقون على كون لوقا يأخذ كل معلوماته من نفس مصدر معلومات متى أساساً ثم مرقس.. وعلماً أيضاً بأن عبارة "يهوذا الذي من يعقوب" تعني ابن يعقوب بخلاف ما ذهبت اليه الترجمة العربية .. ولا يذكر متى ومرقس اسم يعقوب ابن حلفى.. ويوحنا وحده يذكر نثنائيل الذي من قانا الجليل.. ويعقوب ابن حلفى هو أخو لاوي- متى العشار بحسب مرقس فيكون متى هو أيضاً ابن حلفى.. والغريب أن نثنائيل الذي يرد ذكره في انجيل يوحنا في رواية طويلة تُظهر أهميته وتعاطف عيسى معه، لا يحظى بأدنى ذكر في بقية الأناجيل.. في القرن الخامس للميلاد صدر مرسوم البابا جيلاسيوس الذي حدد الأناجيل القانونية بأربعة فقط وألغى أو أخفى البقية (التي صارت تُعرف باسم الأناجيل المخفية أو الأبوكريفا)..وبدءاً من القرن التاسع انتشرت قصة تُماهي بين نثنائيل وبرثولماوس من خلال القول بأن الاسم الأخير هو لقب أصله بار ثولماي وتعني ابن ثولماي.. ولا يوجد ما يؤكد هذا الزعم علماً أنه من غير المفهوم أن يلجأ انجيل يوحنا لذكره بالاسم وكذلك أعمال الرسل، في حين تذكره بقية الأناجيل باسم أسرته أو لقبه؛ ما يدل على هشاشة هذا الاستنتاج المتسرع.. أما يهوذا أخو يعقوب، فهو في الحقيقة وبحسب الأناجيل (الأصول اليونانية واللاتينية) ابن يعقوب.. أما مصدر القول بأنه أخو يعقوب فيعود الى رسالة في الأناجيل منسوبة الى يهوذا "عبد يسوع المسيح وأخو يعقوب" .. ولكننا هنا نقع على اشكالية أخرى تتمثل في الكلام عن أخوة للمسيح هم يعقوب وسمعان ويوسي ويهوذا كما يرد حرفياً في انجيل متى، وفي انجيل مرقس. كما يؤكد يوحنا أن كلمة أخوة يجب أن تؤخذ حرفياً، فهم فعلاً أخوة عيسى أبناء يوسف النجار. وبحسب الانجيل الأبوكريفي المسمى بالانجيل البدئي ليعقوب protoevangilium والمسمى أيضاً "انجيل ولادة مريم" (كما في غيره من الأناجيل والرسائل الأبوكريفية ومنها قصة يوسف النجار )، فإن يوسف كان متعلماً وعالماً في فقه الشريعة وكاهناً في المعبد إضافة الى ممارسته لمهنة نجار خشب.. وكان تزوج وهو في سن الأربعين ثم صار أرملاً وله ستة أولاد: أربعة بنين (يهوذا، يعقوب، يوسف، وسمعان) وبنتان (ليديا وآسيا) .. أما مريم فقد نذرها أبواها لخدمة الرب في المعبد منذ كانت طفلة في الثالثة من عمرها.. وحين بلغت الثانية عشرة اجتمع الكهنة في الهيكل ليدرسوا وضعها "خوفاً من أن تعاني قداسة هيكل الرب دنساً ما"... ونزل عليهم ملاك الرب يخبرهم باستدعاء الأرامل ليختاروا واحداً منهم بالقرعة ليكون زوجاً لها ليحفظها..فوقع الاختيار الرباني على يوسف الذي اعترض قائلاً: "لي أولاد وأنا شيخ بينما هي فتية جداً".. ومن الأناجيل الأبوكريفية أيضاً أن عمر يوسف حين ترمل كان 89 سنة وحين تزوج مريم كان عمره 90 سنة. . وفي الأناجيل القانونية تأكيد على وجود أخوة لعيسى من يوسف النجار... ففي انجيل متى نقرأ على لسان أهل قرى الجليل الفلسطيني: "أليس هذا ابن النجار. أليست أمه تدعى مريم وإخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا. أوليست أخواته جميعهن عندنا" .وفي مقطع سابق يقول متى: "وفيما هو يكلم الجموع إذا أمه وأخوته قد وقفوا خارجاً طالبين أن يكلموه" .. ونجد نفس الإشارة عند مرقس "فجاءت حينئذ إخوته وأمه ووقفوا خارجاً وأرسلوا اليه يدعونه" . وقد حاول البعض القول بأن الأخوة هنا تعني التلاميذ ولكن يوحنا بدد هذا الزعم حين ميّز بوضوح بين الأخوة والتلاميذ: "وبعد هذا انحدر الى كفرناحوم هو وأمه وإخوته وتلاميذه" .