بعد اشهر من الاختبارات والمقابلات تسنى للجنة الخبراء البرلمانية اختزال العدد من اكثر من 7500 مرشح الى عدة مئات.. ليستقر على عدد برقمين.. من الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية والمهنية، (بمعايير الامم المتحدة). وكالعادة تسير الامور جيدة الى ان تصل الى المحاصصة.. فتطرح مطالبات لزيادة العدد لارضاء الاحزاب؟ وحصة هذه الطائفة وتلك القومية وهذه القائمة؟ بل لعل لبعضها حسابات في التاثير على سير الانتخابات عبر ايصال عناصر مطيعة لها تسعى للتلاعب بالانتخابات وتزويرها. فيعطل انتخاب المفوضية وتحديد مواعيد الانتخابات. فالمحاصصة غطاء لمصالح ذاتية.. وهي كاذبة وقاتلة وتؤسس للفساد والتخندق والتعطيل.. وعلى حساب التوازن المطلوب الذي يؤسس لنفسه من داخل المهنية والكفاءة والاستقلالية.. ويخدم جمهور الوطن مع انصاف كل ساحة على حدة.
اول عنصر لنزاهة الانتخابات هو نزاهة واستقلالية المفوضية.. باختيار مفوضين.. لا ولاء لهم لغير قانون المفوضية وضميرهم ومهنيتهم.. وليس اقل من ذلك استقلالية الموظفين خصوصاً لبعض المواقع الحساسة.. القادرة على التلاعب بالارقام، خصوصاً داخل القائمة الواحدة.. اما التزوير في الارقام الكلية، فيأتي اساساً من القوى النافذة الرسمية وغير الرسمية، ومن المراكز المغلقة والمناطق المسيطر عليها احادياً، والتي تستطيع التلاعب بالسجلات.. وملىء الصناديق باسماء مرشحيهم.. بعيداً عن رقابة منافسيهم.. وبالتواطؤ مع الموظفين المحليين.
فالمفوضون والموظفون المستقلون الاكفاء، يديرون العملية ويؤشرون الاخطاء بمهنيتهم ويمارسون دورهم الحيادي التحكيمي.. مع دور رقابي لا يرقى –بالتأكيد- لدور القوائم والمتنافسين انفسهم.. الذين عبر عشرات الاف المراقبين من انصارهم.. يتواجدون في المراكز الوطنية والفرعية.. وعند كل صندوق، فيمنع المتنافسون –عموماً- بعضهم بعضاً من التزوير.. ويتابعون العد اليدوي في المحطات ويحصلون على النتائج المصدقة.. والتي يشكل مجموعها النتائج التقريبية التي تصبح شبه معروفة بعد سويعات من انتهاء الاقتراع.. على الاقل في الساحة التي تغطيها شبكة مراقبيها.
لن تجري اية انتخابات ما لم يتم الاسراع في اختيار اعضاء المفوضية خلال الايام والاسابيع القادمة.. او التمديد للمفوضية الحالية لدورة جديدة. لاسيما والبلاد مقبلة على شهر رمضان المبارك والاعياد. وان تعطيل الانتخابات (كما يحصل مع انتخابات كركوك وكردستان والاقضية والنواحي وتناقص احتمالات انتخابات مجالس المحافظات)، هو تهديد خطير لشرعية النظام والياته. فالامر خطير ويتحمل مسؤولية تداعياته السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية والقوى السياسية، وبلا استثناء.